اعتبرب السيد علي فضل الله، في خطبتي صلاة الجمعة ان “الحكومة في لبنان تقف على عتبة امتحان جدي حيث كل من في الداخل والخارج ينتظر الأسلوب الذي ستتعامل به الحكومة مع استحقاقات مصيرية سواء منها ما يتعلق بسداد الدين المعجل، حيث تقف الحكومة أمام خيارات أحلاها مر أو في نوعية الحلول التي ستطرحها لمعالجة الأزمات المالية والاقتصادية والاجتماعية والمعيشية، وكيف ستتعامل مع ملفات شائكة كملف الكهرباء والنفايات والارتفاع المتزايد لسعر الدولار وودائع الناس في المصارف والنجاح في هذا الامتحان لن يكون سهلا لحجم الملفات المتراكمة على هذه الحكومة، فهي تحمل على كاهلها أزمات العقود السابقة والتي أوصلت البلد إلى حد الانهيار، وتتحرك في ظل تعقيدات الداخل سواء من القوى السياسية المعارضة للحكومة حتى ممن يواليها أو الشارع الذي عاد لينتفض مجددا في وجهها ولم يعطها الثقة أو لضغوط الخارج الذي لا يزال يرسم علامات الاستفهام حولها وهو بالتالي لن يقدم لها مساعدات، وإن قدم لها فلن تكون كافية للخروج من أزماته”.
وتابع “بالطبع، فإن هذه الأوضاع الضاغطة لا تفرض عليها الاستسلام بقدر ما تدعوها إلى المزيد من العمل وبذل الجهد لمعالجة كل الملفات التي تواجهها بجدية وبعيدة من كل المحاصصات والحسابات الخاصة، وهي كفيلة إن حصلت أن تفرض نفسها على الداخل والخارج وترد على الأصوات المشككة بها”.
ونوه السيد فضل الله بالإجراءات الأخيرة التي أخذتها الحكومة من رفع السرية المصرفية على كل الذين يمارسون عملا عاما، وأمل “أن تأخذ هذه الإجراءات طريقها إلى التنفيذ وأن تتبعها إجراءات مماثلة تعيد ثقة المواطنين بالدولة بعدما فقدوا الثقة بها”.
وقال”في إطار الحديث عن المعالجات، فإننا ندعو الحكومة ألا تكون على حساب أغلبية المواطنين الذين لم يعودوا قادرين على تحمل أعباء يبشرون بأنها ستطال مواردهم وأرصدتهم وحاجاتهم الإنسانية، بل أن يتحملها كل الذين أثروا على حساب ثروات الشعب وإمكاناته، في عملية نهب وفساد غير مسبوقة في تاريخ هذا البلد، والتي كان نظام المحاصصة، الغطاء الأبرز لتمريرها بدون أي رقيب أو حسيب وبتواطؤ واضح بين القوى السياسية والمالية”.
وتابع “في هذا الوقت، برزت إلى الواجهة أزمة المصارف في ظل القرار الذي صدر بحقها وبعيدا عن صوابية هذا القرار أو عدمه، فإننا ندعو إلى معالجة هذا الملف بكل حكمة وجدية، والذي بات من الواضح تداعياته على المواطنين، فإن كان القرار القضائي الآخر قد جمد هذا الملف فإنه لا يعني أن يغلق على زغل، فمن حق المواطنين أن يعرفوا ماذا حصل، سواء في ما يتعلق بودائعهم التي يخشون من ضياعها، أو ما يتعلق بالمال المهرب إلى الخارج”.
وأضاف “في مجال آخر، وفي إطار الأزمة الصحية التي لا تزال تعصف بلبنان أسوة ببقية العالم، والتي بات من الواضح أنها تتطلب المزيد من الإجراءات التي ينبغي للدولة بكل أجهزتها القيام بها لمعالجة تداعيات هذا المرض وتأمين كل المستلزمات لمواجهته، وأن لا يمنعها عن ذلك حاجزا أو رفضا من هنا وهناك.. بعد أن بتنا نسمع عن ممانعة من قبل قوى سياسية وغير سياسية في بعض المناطق لتجهيز مستشفيات حكومية بما يجعلها قادرة على استقبال حالات قد تحصل في هذه المناطق أو خارجها”.
وأردف “وفي الوقت نفسه، فإننا نهيب باللبنانيين أن يكونوا على مستوى المسؤولية لمنع انتشار هذا المرض بالالتزام بإجراء العزل المنزلي لمن المطلوب منهم العزل، والأخذ بسبل الوقاية إن من ناحية النظافة الشخصية أو بتفادي السلام بالأيدي أو التقبيل أو الاكتظاظ حيث لا تدعو الحاجة الماسة إليه، وكما أشرنا سابقا فإن هذه المسؤولية ليست خيارا بل هي واجب ديني ووطني وإنساني وتجاه النفس والآخرين. ونحن في هذا الوقت، وكما ندعو إلى الوقاية الصحية ندعو إلى توقي الأخبار غير الدقيقة التي تنتشر على بعض مواقع التواصل سواء التي تهول من هذا المرض أو تلك التي تقدم أخبارا مغلوطة عن أعداد المصابين أو عن طبيعة هذا المرض والرجوع في ذلك إلى ذوي الاختصاص الذين يؤكدون أن هذا المرض بحد ذاته ليس خطيرا ولكن مشكلته تكمن في عدم اتخاذ إجراءات الوقاية وفي سرعة انتشاره”.
ولفت السيد فضل الله الى انه “في هذا الوقت، تطل علينا في الثامن من هذا الشهر ذكرى مجزرة بئر العبد التي سقط فيها المئات من الشهداء والجرحى بهدف اغتيال رجل كان هو عنوان المرحلة في الوعي والموقف الصلب تجاه العدو ومن وراءه، وقد حمى الله السيد فضل الله آنذاك ليؤدي دوره الرسالي ويقود حركة الوعي والمواجهة في الأمة على مختلف المستويات. إننا عندما نستذكر هذه المحطة نؤكد على الجميع أن يستعدوا لمزيد من الوعي وتحمل المسؤولية تجاه الذين صنعوا المأساة في الماضي وما زالوا يصنعونها في الواقع. وأخيرا، نتوقف عند مناسبة عيد المعلم، لنهنئ المعلمين والمعلمات في عيدهم، ولنعبر عن التقدير والشكر لدورهم في تنمية العقول، وتربية الأجيال”.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام