ركزت افتتاحيات الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح ليوم الثلاثاء 3 آذار 2020، على خطاب الرئيس دياب امام وفد من السلك القنصلي في السراي الحكومي، ومصارحته اللبنانيين بالحقائق والافات التي تكبل الدولة في انطلاقتها والمتمثلة بالطائفية والفساد، ورغم جسام التحديات والصعاب آثر الرئيس دياب على حمل كرة النار وتحمل المسؤولية للعبور بالبلاد الى بر الامان، فاتحاً كوة في جدار الامل من خلال زيارة رسمية حملت وزيرالسياحة والشؤون الاجتماعية رمزي المشرفية الى سورية والتباحث مع المسؤولين السوريين في كيفية وضع الاسس السليمة لعودة النازحين السوريين الى بلدهم والانتهاء من هذا الملف الضاغط على اقتصاد البلد وامنه الاجتماعي والاقتصادي والصحي ليتم التفرغ للبحث في باقي الشؤون التي تهم البلدين وتطوير العلاقات الثنائية بينهما…
* الاخبار
ثلاثي أمل ـ حزب الله ـ الوطني الحرّ يدعم عدم دفع الدين العام
المصارف تعلن الحرب على «إعادة الهيكلة»
لم يعد الحديث عن إعادة هيكلة الدين العام محرّماً، بل إن القوى الكبرى في البلاد باتت ترى في هذا الخيار حلّاً وحيداً لمعالجة أزمة الدين العام. لكن يبدو أن الطريق نحو هذا الخيار لن يكون سهلاً، وخاصة أنّ تجمّعاً مصرفياً أعلن الحرب عليه، بذرائع تقنيّة وقانونيّة، مطالباً بسداد الديون
للمرّة الأولى، يبدو البحث في إعادة هيكلة الدين العام اتجاهاً جديّاً لدى القوى السياسية الممثّلة في الحكومة ورئيسها حسان دياب. فمع اقتراب موعد استحقاق سندات اليوروبوندز مطلع الأسبوع المقبل، تتسارع النقاشات في السرايا الحكومية، ولا سيّما اجتماع أمس، الذي حفل بنقاش مهم لحلّ أزمة الدين العام والاستحقاقات المتتالية، في اتجاه واضح نحو إعادة الهيكلة الكاملة للدين العام وليس عبر إعادة الجدولة وحسب. وحضر الاجتماع، أمس، إلى جانب رئيس الحكومة، أعضاء جمعية المصارف وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وزراء: المال غازي وزني، الصناعة عصام حب الله، الاقتصاد راوول نعمة، الأشغال ميشال نجار ووزير المال السابق علي حسن خليل.
وفيما من المتوقّع أن تستمر الاجتماعات في السرايا وتستكمل اليوم وخلال الأيام المقبلة للوصول إلى خطّة واضحة قبل نهاية الأسبوع، تخلّل الاجتماع نقاشات مهمة، أعلن خليل خلالها موقف حركة أمل وحزب الله والتيار الوطني الحرّ، على ضوء الاجتماع الثلاثي الذي ضمّ خليل إلى النائب جبران باسيل والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين الخليل.
وبحسب المعلومات، فإن موقف ثلاثي أمل ــــ حزب الله ــــ التيار الوطني، أوّلاً يدعم الاتجاه نحو عدم دفع الفوائد وعدم دفع أصل الدين، وقد حصل الاتفاق بين القوى الثلاث على هذا الموقف بعد نقاشات طويلة، خلصت إلى ضرورة دعم الحكومة لاتخاذ قرار بهذا الاتجاه. ثانياً، ترفض هذه القوى أن تتحمّل الدولة أي عبء مالي للخروج من الأزمة الحالية، لأن هذه الأزمة هي مسؤولية المصارف بالدرجة الأولى، إذ إن السبب الأبرز في مفاقمة أزمة اليوروبوندز، هو قيام المصارف ببيع سنداتها للجهات الخارجية. ومن خلال النقاش في السرايا الحكومية، جرى عرض طرح على وفد جمعية المصارف، لكي تقوم باسترداد الغلبة في نسبة سندات الدين بالدولار التي تحملها، وأن تتحمّل مسؤولياتها بأن تشتري من الجهات الأجنبية ما يمكّنها من الاستحواذ على 76% من السندات المستحقة، لإفقاد الجهات الخارجية حق الفيتو (الاتفاق مع حاملي 75 في المئة من السندات يصبح ملزماً لجميع الدائنين) في أي مفاوضات مع الدولة بعد إعلانها قرار التوقف عن سداد الديون. وبحسب الحسابات التي أجريت في اجتماع السرايا أمس، فإن المصارف تستطيع القيام بهذه العملية من خلال شراء سندات بقيمة إجمالية تصل إلى نحو 300 مليون دولار.
وهنا أثار هذا الطرح جدلاً بين المصرفيين، الذين وافق بعضهم على هذا الاقتراح مثل الرئيس التنفيذي لبنك عوده سمير حنّا، الذي اقترح أن يقوم كل بنك بالمساهمة بمبلغ 20 مليون دولار، فيما اعترض آخرون على الدفع. واقترح أحد المصرفيين أن تقوم المصارف بشراء السندات، على أن تلتزم الدولة بدفع الفوائد، إلّا أن هذا الاقتراح رُفض لأن الدولة ستتكبّد مبالغ طائلة.
وخلال النّقاشات، توجّه وزير المال السابق إلى أصحاب المصارف، سائلاً عن السيولة. وقال خليل: «أنتم بعتم السندات لجهات خارجية في الأسابيع الأخيرة، بحجّة أنه ليس لديكم سيولة، فأين السيولة التي حصلتم عليها جراء هذه الصفقة؟ تركتموها في الخارج وتشغّلونها هناك». وحول اقتراح إصدار سندات جديدة، بالاتفاق بين الدولة والمصارف، أشار خليل إلى أن «هذا الأمر يعتبر من الناحية القانونية تحايلاً بين لبنان وحاملي السندات اللبنانيين قبل الاتفاق مع حاملي السندات في الخارج، ولا يمكن القيام به الآن. أنتم مسؤولون عن الذي حصل وأنتم تتحمّلون عبء البحث عن حل».
دياب يرفض دفع «أي دولار من أموال المودعين»
ويطالب المصارف بتحمّل
مسؤوليّاتها
وعلى ما علمت «الأخبار»، فإن المصارف ستعقد اجتماعاً اليوم وتبلّغ رئيس الحكومة ردّها على اقتراح شراء سندات إضافية بنحو 300 مليون دولار. لكن جمعية المصارف تشهد انقساماً حاداً، إذ يشهر عدد من أصحاب المصارف سيف رفض اقتراح شراء سندات إضافية، بذريعة أن خطوة مماثلة ربما ستُعدّ تحايلاً. وقالت مصادر مصرفية إن أرقام مصرف لبنان تشير إلى أن حاملي السندات الأجانب باتوا يستحوذون على أكثرية السندات، بعدما باعت المصارف اللبنانية أكثر من نصف ما كانت تحمله. ويزعم المعترضون على خطوة الشراء أن المصارف لا تملك أي سيولة تتيح لها معالجة هذا الأمر.
رئيس الحكومة الذي يكرر رفضه «دفع أي دولار من ودائع اللبنانيين لسداد الديون أو الفوائد»، استدعى مصرفيين على حدة وبحث معهم ضرورة إقناع بقية زملائهم ورياض سلامة بضرورة التصرف وتحمّل المسؤولية.
من جهته، نقل زوّار عين التينة عن الرئيس نبيه برّي أمس، كلاماً قاسياً حول ضرورة عدم الدفع، مشيراً إلى أنه «في حال لا تريد البنوك والشركات الأجنبية التعاون معنا في التخلّف عن الدفع بشكل منظّم، وتفهّم وضعنا، فساعتها ليس لدينا ما نخسره. أهم شيء هو الحفاظ على ودائع الناس وعلى الأموال اللازمة للأمن الغذائي والصحي».
من جهة ثانية، وفي زيارة هي الأولى من نوعها منذ تشكيل الحكومة، زار وزير السياحة والشؤون الاجتماعية رمزي مشرفية العاصمة السورية دمشق، حيث التقى عدداً من الوزراء، وجرى بحث في ملفات النازحين والسياحة. ولا تكسر زيارة مشرفيّة الوتيرة التي حدثت بها زيارات وزراء في الحكومة الماضية لدمشق، إذ إن تفعيل العلاقات يحتاج في المرحلة الحالية إلى خطة حكومية واضحة وزيارة تأسيسية لرئيس الحكومة لدمشق، تتبعها خطوات تفعيل العلاقات التي يحتاج إليها البلدان في هذه الظروف أمسّ الحاجة.
خليل: نرفض الدفع… ولم نسعَ إليه والمسؤوليّة تتحمّلها المصارف
نفى وزير المال السابق علي حسن خليل أن يكون قد ناقش مع رئيس الحكومة حسان دياب وفريقه كيفية دفع لبنان للديون المستحقة عام 2020. وقال خليل إنه لا يتدخل في عمل الحكومة الحالية، ولا في عمل وزير المال الحالي غازي وزني، بل ربما يكون على تباين معه في بعض المواقف، منها رفض خليل قرار دفع مبلغ الـ 71 مليون دولار من الفوائد الخاصة بالمستحقات من اليورو بوند.
خليل قال ان النقاش بشأن السياسات المالية والنقدية قائم منذ فترة طويلة. وقد تجدّد بعد تشكيل الحكومة وبدء البحث في كيفية التعامل مع ملف السندات، موضحاً أنه أدلى برأيه للمرة الأولى في الاجتماع غير المعلن الذي عقد في مقر إقامة رئيس مجلس النواب نبيه بري مع رئيس الحكومة وفريق معني، وأن رأيه انطلق من فكرة أن الحكومة تقول بأنها أمام ثلاثة خيارات: إما الدفع وهي فكرة مرفوضة، وإما عدم الدفع وهناك بحث حول نتائج هذه الخطوة، بينما جرى النقاش حول احتمال وجود خيار ثالث أو مخرج مختلف.
وقال خليل إن موقفه هو موقف حركة أمل وقائم على رفض فكرة دفع الديون طالما أن هذه الخطوة ستأتي على بقية أموال المودعين، لافتاً الى أن من الأفكار التي جرى تداولها احتمال أن تقوم المصارف بإعادة شراء السندات التي باعتها لمصارف كاسرة في الفترة الأخيرة، وأن على المصارف أن تتحمّل المسؤولية عن هذه الأزمة، وأن تستخدم أموالها «الخاصة» (لا أموال المودعين) لإعادة شراء الكمية الكافية التي تسمح لها بالصوت الغالب عند وجوب اتخاذ قرار بكيفية التعامل مع الدولة اللبنانية إن قررت وقف الدفع. وقال خليل إن البحث كان يتركّز على هذه الفكرة، وليس على فكرة الدفع، مشدداً على أن موقفه كما موقف الفريق الذي يمثل، يرفض بصورة مطلقة دفع الدين لا أصله ولا فوائده.
وأوضح خليل أن هناك من يحاول تحميله أو تحميل الفريق الذي ينتمي إليه مسؤولية أمر ليس مطروحاً، وأن النقاش تركّز مع الفريق القانوني والمالي لرئيس الحكومة حول الآليات الممكن القيام بها لأجل إقناع المصارف بإعادة شراء السندات والحصول منها على ضمانات بعدم بيعها من جديد، وأن النقاش اقتصر على هذا الحد لا أكثر. ونفى بصورة مطلقة أن يكون قد تطرّق الى فكرة توفير 8 مليارات دولار لأجل أن تقوم المصارف أو غيرها بشراء السندات. وقال إن نقاشاً حصل، لكن من دون نتيجة نهائية حول إمكانية إصدار الحكومة سندات جديدة.
وكان خليل قد أصدر بياناً ردّ فيه على ما نشر في «الأخبار» أمس، قال فيه:
«كنا من الناس المرتاحين لصدور جريدة بخلفية وطنية لتكون الصوت الحر الصادق والمسؤول، ولكن تكرار التجنّي والتهم غير المبرّرة، آخرها هذا الموقف الذي يجافي حقيقة موقفنا من القضية المطروحة، الأمر الذي جعلنا مضطرين إلى الردّ، علّه يكون موضحاً للحقيقة والعودة الى الأصل.
1- إن الوزير غازي وزني قام عند تولّيه الوزارة بدوره كاملاً في اختيار وتنظيم فريق عمله ومستشاريه وفق رؤيته واستطاع أن يواكب بسرعة كبيرة التحديات التي تواجهها الحكومة ويكون جاهزاً لتقديم الصيغ المطلوبة ولم أسأل أو أتدخل يوماً في هذا الأمر.
2- أما السيناريو حول تدخّلي وتقديم اقتراح بتأمين ثمانية مليارات دولار فهو أمر خيالي قرأناه للمرة الأولى في المقال وهو محض اختلاق ولا أساس له ولم يرد في أي اجتماع عقد والموقف الثابت بالنسبة إلينا هو عدم دفع مبالغ استحقاقات اليوروبوند أو فوائدها على حساب حقوق المودعين في المصارف الذين يعانون للحصول على أبسط حقوقهم وعلى حساب من هرّب أمواله وسنداته إلى الخارج. وهذا الموقف هو ما أكده يومياً خلال الفترة الماضية دولة الرئيس نبيه بري وبشكل مباشر وصريح وما تحدثنا به على وسائل الإعلام أول من أمس.
3- يعرف رئيس الحكومة وفريقه الموقف الحقيقي والصريح الذي طرح معهم بأن القاعدة الثابتة والمتفق عليها هي عدم دفع السندات والفوائد بأي شكل والبحث هو في تحميل من تسبب بتهريب سندات اليوروبوند الى الخارج مسؤولية خسارة النسبة التي تحمي الدولة وتجنبها أي تبعات قانونية وفق رأي الاستشاري المالي والقانوني ومن أموالهم الخاصة وعبر أي صيغة يمكن الدفاع عنها قانونياً. والمستغرب أن فحوى المقال يحاول التصويب على الدور الذي يريد حماية هذا الموقف وتحصينه.
ونذكّر هنا، بأننا أول من كان له جرأة في تحدّي السياسات المالية والبدء بالإصلاحات الضريبية لتطاول المستفيدين من المصارف والمؤسسات المالية من إعفاءات عديدة، وأول من طرح قبل فترة طويلة الحاجة الى بحث هيكلية الدين العام ورسم خطة لمعالجته بعد تصاعد كلفته على حساب الدولة واستقرار ماليتها.
4- أما بما يتعلق بالتعيينات فنردّه الى الموقف الثابت والمعروف باحترام آليّة التعيينات وهو موقف ربما كنا ككتلة نيابية الأكثر جرأة في الدفاع عنه سابقاً وحالياً».
سرّ أرقام مصرف لبنان عند الحاكم وحده
لم يطلب رئيس الجمهورية ميشال عون من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بعد، تزويده لائحة ارقام احتياطي المصرف، ناهيك بالمبالغ المحولة الى الخارج. سبق لرئيس الحكومة حسان دياب ان طلب الارقام نفسها، فاستمهل سلامة اسبوعين يبدو انهما لن ينتهيا
سر الارقام عند الحاكم وحده. إما يكتمها لأنها اضحت مرعبة ومدعاة لمزيد من الذعر ليس له الافصاح عن خطورتها، وإما ان لا ارقام لديه يعلنها بعدما باتت اسوأ مما اعتقد وبرر. اضحت خزنة مصرف لبنان خاوية او شبه خاوية. لذا صارت معضلة الارقام سبباً لتعذر الوصول الى المشكلات المتفرعة منها، في وقت تعد الحكومة نفسها بوضع خطة انقاذ قبل انقضاء مهلة المئة يوم منذ نيلها الثقة، وبدأ عدادها في 12 شباط، ويكاد ينتهي الربع الاول منها.
ينظر اركان الحكم الى الارقام الضائعة، او لعلها المخبأة، على انها اخفت معها سياسة نقدية قادت البلاد – الى الاسباب السياسية والتناحر والمحاصصة والاهدار والفساد – الى القعر. لذا يتحدث بعضهم عن ضرورة اعادة النظر في السياسة النقدية برمتها بعدما اضحى القطاع المصرفي جزءاً لا يتجزأ من المشكلة. اصبح هؤلاء اكثر يقيناً بعدم تسديد سندات اليوروبوند في 9 آذار، على ان يترافق التأجيل مع هيكلة شاملة، اضف الانفتاح على التعاون مع صندوق النقد الدولي دونما التسليم بكل ما يقترح، بل درسه والتحقق من ملاءمته مع القدرات اللبنانية على تحمّل وزره.
لكن اركان الحكم يصرون ايضاً على الاطلاع على الارقام. لم تكن خافية عليهم ملامح امتعاض بعثة صندوق النقد الدولي الى بيروت الاسبوع الماضي، حينما اكتشفت ان ليس في لبنان ارقام نهائية ومحسوبة. بل متضاربة. لم تستطع البعثة الحصول على لائحة بها، فغادرت كي تعد تقريراً بما أمكنها الوصول اليه من معطيات. بيد ان قرار حكومة دياب، قبل بلوغ اكثر من المساعدة التقنية من صندوق النقد، التوصل الى معالجة اول امتحان تجبهه هو السندات الدولية.
في الارقام المتوافرة لدى مراجع رسمية، ان عشرة مصارف أخرجت من الودائع الى الخارج بعد 17 تشرين الاول ما يقرب من 6 مليارات دولار، وزّعت على فئات مختلفة. من بين المصارف العشرة، ثلاثة هي اليوم الاكثر انتحاباً على ما آل اليه الوضع النقدي في البلاد، الا انها شاركت في تحويل ما يسميه مسؤولون «الاحتياط القومي» بالعملة الصعبة الى الخارج. صار الى تحويل هذا المبلغ بعد 17 تشرين الاول، وعلى اثر صدور تعميم من مصرف لبنان بمنع التحويل الى الخارج، وفرض المصارف من ثم قيوداً على السحوبات النقدية وصلت الى ادنى الارقام. فإذا 6 مليارات تقفز من فوق الجميع دفعة واحدة، رغم تجاهل مصرف لبنان وخصوصاً حاكمه رياض سلامة معرفته بما حدث، والذي لا يمكن حدوثه من دون موافقته.
لعل الاطلاع على ارقام التحويلات المالية الى الخارج ما بعد 17 تشرين الاول وحجمها يفصح عن حجم هذا الارتكاب، مع ان الحاكم يفضل ترك ارقامه لنفسه تحت وسادته:
1 – انخفضت الودائع خلال عام 2019 بنحو 16 ملياراً و89 مليون دولار، مضافاً اليها 11 ملياراً و300 مليون دولار كفوائد مقدرة، اي ما يوازي مجموعه 27 ملياراً و400 مليون دولار. مؤشر خطير يحدث خلال سنة واحدة.
2 – انخفضت الودائع بعد 19 تشرين الاول 9 مليارات و200 مليون دولار، ما يشير الى نقص بلغ نحو 60% من الودائع بعد ذلك التاريخ، مضافة الى الودائع المخفوضة الـ27 ملياراً و400 مليون دولار.
3 – مع ان حاكم مصرف لبنان يقول ان السحوبات النقدية بلغت 5 مليارات دولار مودعة في البيوت، بيد ان هذا المبلغ ليس وحده المسحوب من المصارف بعد 17 تشرين الاول. القسم الاكبر من الـ5 مليارات مسحوب قبل 17 تشرين الاول. من مجموع 16 ملياراً ثمة اموال سُحبت نقداً، واخرى سداداً لديون توازي 6 مليارات دولار، وسحوبات لاعمال تجارية، وتحويلات الى الخارج.
4 – انخفضت ودائع الاشخاص الذين ينتمون الى شرائح تزيد عما يوازي مليون دولار بنحو 15 ملياراً و300 مليون دولار من اصل 15 ملياراً و600 مليون دولار ما بين 31 كانون الاول 2018 و28 كانون الاول 2019. يشكل هذا الانخفاض 98% من النقص في ودائع الزبائن لعام 2019، ما يشير الى ان هذه النسبة الكبيرة هي لاصحاب الثروات التي تزيد على مليون دولار يملكون هذا الحجم من الودائع، في مقابل 2% من المودعين يملكون ما يقل عن مليون دولار.
يكاد ينتهي ربع المئة يوم قبل ابصار خطة الانقاذ النور
5 – اخضعت التحويلات الى الخارج الى انواع ثلاثة تكمن فيها ما يصح وصفه بـ«فضيحة» ما حدث بعد 17 تشرين الاول، مع انها بدأت قبلاً واستمرت لاحقاً:
اولها، العقود الائتمانية التي يحوط بها تكتم شديد ويُرفض الافصاح عنها وكشف حساباتها نظراً الى ارتباطها بتلاعب بين اصحاب اموال يخرجونها من لبنان ثم يعيدونها اليه باسم مصرف اجنبي كإسم مستعار للمبلغ، مع فائدة مرتفعة لصاحب المال وعمولة خدمة اقرب الى سمسرة للمصرف الاجنبي. في نهاية عام 2018 كان حجم العقود الائتمانية ما يوازي 4 مليارات و100 مليون دولار، وفي عام 2019 حتى 17 تشرين الاول اصبحت 3 مليارات و300 مليون دولار بعدما أُخرج من هذا المجموع 700 مليون دولار قبل 17 تشرين الاول. سرعان ما انخفض هذا الرقم بين 19 تشرين الاول و28 كانون الاول الى ما يوازي ملياراً و200 مليون دولار. اي ما يوازي 64% من الودائع ذات منشأ العقود الائتمانية قد تدنت في مدة قياسية هي شهران ونصف شهر.
ثانيها، لغير المقيمين ودائع بلغت نحو 34 ملياراً و400 مليون دولار، انخفضت بعد 19 تشرين الاول الى 32 ملياراً و500 مليون دولار بعدما أُخرج مليار و800 مليون دولار قبل 17 تشرين الاول. ما بين 17 تشرين الاول و28 كانون الاول أُخرجت 3 مليارات و200 مليون دولار اضافية. ما يعني اخراج اموال مودعين غير مقيمين وازى 4 مليارات دولار ونصف مليار.
ثالثها، تدنت ودائع اللبنانيين وغير اللبنانيين المقيمين بعد 17 تشرين الاول ما يقارب 4 مليارات و800 مليون دولار، بينهم اصحاب ثروات وسحوبات نقدية وسداد ديون وتحويلات الى الخارج. ليس كل هذا المبلغ حُوّل الى الخارج موزعاً على هذه الفئات التي عمدت الى السحوبات. الا ان الارقام تتحدث عما يقارب ملياراً او ملياراً ونصف مليار حٌوّلت الى الخارج.
ما يعني في الحصيلة العامة ان نحو 6 مليارات دولار حُوّلت من لبنان الى الخارج بعد 17 تشرين الاول.
وزير الاتصالات يناور: استرداد الخلوي يخسّر الدولة
عِوض أن يكون الهدف الأوّل لوزير الاتّصالات طلال حواط استرداد قطاع الاتّصالات من الشركتَين المُشغلتين، بعد انتهاء تمديد عقدهما السابع، يُحاول البحث عن «تخريجة» يُقدّمها للرأي العام، يُقنعه فيها بجدوى التمديد لشركتَين مُشتبه بهما بهدر المال العام والفساد. إلّا أنّ مصادر الوزارة، تُصرّ على أنّ جميع الخيارات مطروحة، ولن يكون القرار إلا قانونياً!
لماذا لم يستردّ وزير الاتصالات طلال حواط إدارة قطاع الخلوي من شركتَي «أوراسكوم» (ألفا – ميك 1) و«زين» (تاتش – ميك 2)؟ لأنّه «يبحث عن الطريقة المُثلى لإقناع الرأي العام بضرورة تمديد العقد مُجدّداً»، تقول مصادر معنيّة بالملف. وتُضيف بأنّ «طيف الوزير السابق، محمد شقير، لا يزال يُهيمن داخل الإدارة». المقصود من الكلام هو العقلية القديمة السارية في هذا الوضع الاستثنائي، و«النهج التدميري» لقطاع الاتصالات، من خلال المشاريع التي كان يسير بها رئيس الهيئات الاقتصادية. استمرار عمل شركتَي الخلوي، يُشكّل مخالفة صريحة للقانون ولتوصية لجنة الاتصالات النيابية ولرأي هيئة الاستشارات والتشريع في وزارة العدل، ولموقف رئيس الجمهورية ومعظم الكتل النيابية. خاصة أنّ الشركتَين اللتين لا تزالان مؤتمَنَتين على القطاع، أي «أوراسكوم» و«زين»، إدارتاهما مُشتبه بهما بملفات هدر مال عام وفساد. وعوض أن يتمّ إبعادهما عن دائرة القرار، ريثما يصدر الحكم النهائي بالقضية، كما يحصل في معظم الشركات التي تُجري تحقيقات داخلية، «يُفرض» التمديد لهما بحكم الأمر الواقع، من دون الأخذ بعين الاعتبار أنّها ستكون المرة الثامنة التي يُجدّد لهما (وُقّع العقد مع «زين» في 2008 ومع «ألفا» في 2009، وجُدّد للمرّة الأولى عام 2012)، رغم الشكوى الدائمة من تراجع الإيرادات واستخدام «الداتا» في مقابل الارتفاع بالنفقات التشغيلية والاستثمارية.
التجديد السابع للشركتين، انتهى في 31 كانون الثاني 2019. يومها، أرسل شقير رسالة إلى كلّ من نجيب ساويرس («أوراسكوم») وبدر الخرافي («زين») يُخبرهما فيها أنّه «في ضوء القرار رقم 165/1، وفقاً للمادة 31 من عقد التشغيل، يجب أن يتمّ التسليم للدولة اللبنانية خلال الستين يوماً التالية لموافقة مجلس الوزراء على إجراءات التسلّم والتسليم»، بعد أن فشل شقير في انتزاع التمديد للشركتين من الحكومة، بعدما رفض الرئيس ميشال عون، في كانون الأول الماضي، التوقيع على المرسوم الاستثنائي الذي يُمدّد عقد شركتَي الخلوي. في 2 كانون الثاني، راسل شقير رئاسة مجلس الوزراء، طالباً «بغياب الحكومة ونظراً إلى ضرورة تسيير المرفق العام واستمرار خدمة الهاتف الخلوي، الموافقة الاستثنائية بالسرعة القصوى على عدم تمديد هذين العقدين وإدارة الشركة بطريقة مباشرة». يُسهّل الإقدام على هذا الإجراء، أنّ كلّ موظفي الشركتين (باستثناء 5 في «أوراسكوم» و2 في «زين») يحصلون على رواتبهم من الدولة، ومعظمهم كانوا يعملون في «ميك 1» و«ميك 2» قبل أن يتمّ نقلهم إلى الشركتين المُشغّلتين. يُضاف إلى كتاب شقير، ردّ هيئة الاستشارات والتشريع في وزارة العدل، التي أجابت في 5 شباط عن سؤال رئيس لجنة الاتصالات النيابية حسين الحاج حسن إن كان استرداد القطاع بحاجة إلى قرار من مجلس الوزراء، وجدت «الهيئة» أنّه على وزارة الاتصالات «ممثلة بشخص الوزير أن تُبادر، وبشكل فوري وتلقائي، ومنذ الساعة الصفر ليوم الأربعاء الواقع فيه 01/01/2020، إلى اتّخاذ الإجراءات الإدارية والعملية كافة لتسلّم إدارة القطاع الخلوي، على أن تتولّى وزارة الاتصالات بواسطة المديرية العامة للاستثمار والصيانة مهمّة الإدارة، من دون الحاجة إلى أي ترخيص أو موافقة يصدران عن أي مرجع آخر سواء في السلطة التنفيذية، القضائية أو التشريعية. بعد التنفيذ، يجوز لوزير الاتصالات أن يرفع كتاباً إلى مجلس الوزراء يطلب فيه إجراء مناقصة جديدة لإدارة القطاع أو يطلب إجراء مزايدة وفقاً لدفتر شروط تُعدّه الهيئة المنظّمة للاتصالات لمنح الترخيص».
بين يدَي طلال حواط كلّ «أوراق القوة» ليستردّ القطاع من دون مناورة، كما يفعل حالياً. ولكن مشكلته الحقيقية في أنّه لا «يؤمن» بأنّ الدولة يجب أن تُدير الاتصالات. فخلال جلسة لجنة الإعلام والاتصالات في 25 شباط، أخبر حواط النواب الحاضرين ما معناه أنّ «قيمة الشركتين والمداخيل ستتدنى في حال استردادها من قِبل الدولة، لأنّها مُدير سيئ»، مُتحجّجاً بأنّ الوضع الاقتصادي «سينعكس على مداخيل القطاع، لذلك يجب تخفيض المصاريف». لم يُقدّم الوزير جواباً واضحاً حول ما ينوي القيام به، «بل اكتفى بالحديث عن استراتيجية يعمل على وضعها، وبأنّه أتى ليستمع إلى النواب ويُكوّن تصوّراً بناءً على مداخلاتهم». إلّا أنّ مسار كلامه يُشير إلى خياره بالمضي قدماً بالتمديد، فذكّر بما «فعلته الشركتان من أجل لبنان»، وأنّ «التمديد هو مصلحة للدولة قبل أن يكون لهما، خاصة إذا تمكّنت الوزارة من تغيير شروط العقد وفرضت مثلاً هدفاً على الشركتين أن تُحققاه وإلا تخسران من مداخيلهما». وواحدة من أفكاره مُستقاة من دفتر الشروط الذي وضعه شقير، وهي إعادة المصاريف التشغيلية إلى كنف الشركات المُشغّلة، «على أن يُطلب من كلّ شركة شطب مبلغ 50 مليون دولار من هذه المصاريف»، عبر صرف موظفين مثلاً، بحجّة أنّه «توظيف غير مُجدٍ». بناءً على أيّ دراسة علمية جرى تحديد رقم 50 مليون دولار؟ وما الوفر الذي سيُحققه؟ كيف سيتم ضمان حقوق الموظفين المصروفين؟ ماذا عن باقي المصاريف التشغيلية والاستثمارية؟ وما هي استراتيجية الدولة للقطاع، بالتوازي مع تخفيض عدد الموظفين؟ لا جواب لدى الوزير، ولكنّ فكرة الصرف «لقيت صدى إيجابياً لدى إدارة تاتش»، استناداً إلى المصادر. أمّا الهدف البعيد المدى الذي أفصح عنه حواط، فهو تطبيق القانون 431 الصادر سنة 2002، ويختصّ «بتنظيم قطاع خدمات الاتصالات، وقواعد تحويله أو تحويل إدارته كلياً أو جزئياً إلى القطاع الخاص، بما في ذلك دور الدولة في هذا القطاع»، مع ما يتضمن ذلك من تشكيل الهيئة الناظمة للاتصالات وتأسيس شركة «اتصالات لبنان». تقول المصادر إنّ دون هذه الخطوة «عقبات سياسية وإجرائية. فضلاً عن أنّ القانون 431 لا يُمكن أن يُطبّق بعد 18 سنة من إقراره من دون تعديلات، بسبب التطور الذي شهده القطاع». إذاً ما العمل؟ «المماطلة من قِبَل الوزارة، وتمديد مُقنّع للشركتين، ريثما يُطبق الـ431».
الهدف البعيد المدى لحواط ه
و تطبيق القانون 431
اتصلت «الأخبار» بحواط لتسأله عن صحة نيّته التمديد للشركتين، طالبة توضيح نقاط عدّة يُتّهم بها، فردّ بأنّه سيعقد مؤتمراً صحافياً في حال كان لديه شيء ليقوله، من دون أن يجد نفسه معنيّاً بإيضاح كلّ ما يُقال عنه. بقي مُصرّاً على عدم الحديث، رغم سؤاله عن اتّهامه بعقد اتفاق مع نائب رئيس مجلس إدارة «زين» ورئيسها التنفيذي بدر الخرافي. وحول النقطة الأخيرة، الكثير من علامات الاستفهام، و«الأقاويل» بأنّ الاتفاق «بعيد المدى» يمتدّ بينهما إلى ما بعد انتهاء ولاية مجلس الوزراء الحالي، والتجسيد الأبرز لهذا الاتفاق سيكون على شكل التمديد للشركتين. يوضح أحد المسؤولين في وزارة الاتصالات أنّ «حواط قابلَ الخرافي في السرايا الحكومي مع رئيس مجلس الوزراء حسّان دياب، وكان الحديث حول ما يُمكن أن تُقدّمه «زين» للبنان، في ما خصّ المساعدة في تخفيض المصاريف ومداخيل الشركة الخاصة، مقابل رفع الإيرادات للخزينة العامة. لا يوجد اتفاق خاص». أمّا في ما خصّ التمديد للشركتين، فيقول المسؤول إنّ «جميع الخيارات القانونية مطروحة أمام الوزير، في النهاية سيُقرّر ما هو الأنسب لوضع البلد، ويحفظ القطاع من كلّ الجهات»، مع التأكيد أنّه سيُعلن «الخطة في الأيام القليلة المقبلة، والخيار يجب أن يكون قابلاً للتطبيق قانونياً».
* الجمهورية
دياب ينعى الدولة: قرار مفصلي وشيك… وبري: ودائع المواطنين قبل كل شيء
عدّاد «كورونا» يسجّل مزيداً من الاصابات بهذا الفيروس الخبيث وارتفاعاً رهيباً في منسوب القلق لدى جميع اللبنانيين، أمّا عدّاد الإنجازات الإصلاحية الموعودة والخطوات الإنقاذية من الأزمة الاقتصادية والماليّة المتعاظمة، فمُعطّل حتى الآن، ولا يمرّك سوى مزيد من هدر الوقت الى حدّ بات يُخشى مع جموده، أن يأكله الصدأ، قبل أن تبادر الحكومة الى إدارة مفتاحه والشروع في ما وعدت به.
كل حواس البلد السياسية مركَّزة على الشأن الاقتصادي والمالي، وكانت لافتة للانتباه أمس الصورة السوداوية التي رسمها رئيس الحكومة حسان دياب حول الوضع الداخلي، وعكست ما يشبه النعي للبلد.
دياب
كلام دياب جاء أمام السلك القنصلي، حيث قال: «بكل صراحة، لم تعد هذه الدولة، في ظل واقعها الراهن، قادرة على حماية اللبنانيين وتأمين الحياة الكريمة لهم. وبكل شفافية، فقدت هذه الدولة ثقة اللبنانيين بها. وبواقعية، تراجَع نبض العلاقة بين الناس والدولة إلى حدود التوقف الكامل. اليوم نحن أمام معضلات كبرى، بينما آليّات الدولة ما تزال مكبّلة بقيود طائفية صَدئة، وجنازير فساد محكمة، وأثقال حسابات فئوية متعددة، وفقدان توازن في الإدارة، وانعدام رؤية في المؤسسات».
وإذ لفت دياب الى «انّ الايام المقبلة ستشهد حسم النقاش باتخاذ قرار مفصلي لهذه الحكومة، وهو قرار حسّاس ودقيق ندرسه بعناية شديدة لما يشكّل من أهمية لرسم معالم لبنان المقبل»، قال: لقد جاءت هذه الحكومة وهي تعلم انّ حملها ثقيل، ولكننا مصمّمون على تفكيك التعقيدات والانتقال بلبنان الى مفهوم الدولة ومعالجة المشكلات المزمنة.
تساؤلات
وفيما أثار كلام رئيس الحكومة عن «القرار المفصلي الحساس والدقيق» تساؤلات في الاوساط السياسية، لم تَشأ أوساط السراي الحكومي توضيح المقصود بذلك، الّا انها قالت لـ«الجمهورية»: كلمة رئيس الحكومة امام السلك القنصلي هي بحدّ ذاتها كلمة مفصلية، وتتضمن مجموعة رسائل سياسيّة ينبغي قراءتها بتمعّن».
توضيح
ومساء، صدر عن المكتب الإعلامي لدياب بيان، أوضح فيه أنّ دياب «صارحَ الناس بواقع وحقائق عن نظرة الناس إلى الدولة، لكنه قال بالفم الملآن، تكراراً وإصراراً، إنه سيحمل مع الحكومة كرة النار، وإنه مصمّم على معالجة المشكلات المزمنة والانتقال بلبنان إلى مفهوم الدولة».
وأضاف البيان: «يبدو أنّ الأوركسترا نفسها انتبهَت الى أنّ مفهوم الدولة لا يناسبها، لأنها تريد الاستمرار في تدمير ما تبقى من ركائز الدولة كي تحمي نفسها وتستبيح البلد، لكنّ دولة القانون ستقوم حتماً».
اليوروبوند
يأتي ذلك، في وقت تكثفت الاجتماعات الوزارية والمالية، في السراي الحكومي امس، لبلورة الموقف الذي سيتخذه لبنان حيال سندات «اليوروبوندز» التي صار استحقاقها على مسافة ايام قليلة، وسط اجواء تؤشّر الى انّ هذا القرار سيصدر قبل نهاية الاسبوع الجاري.
ونقل عن رئيس الحكومة قوله، القرار حول اليوروبوندز سيتخذ يوم الجمعة او السبت، وعلى نحو يحفظ حقوق المودعين الصغار ومتوسطي الحال ومصلحة لبنان. وذكرت مصادر مواكبة لهذه الاجتماعات ان هذا الموضوع قد يكون على طاولة مجلس الوزراء في الجلسة التي بدأ التحضير لعقدها يوم غد الخميس، بين الدوائر المعنية في القصر الجمهوري والسراي الحكومي.
بري: قدس الأقداس
وكان موضوع السندات الى جانب الوضع الاقتصادي والمالي العام، محلّ بحث في لقاء عقد في عين التينة مساء امس الأول بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة حسان دياب ووزير المال الدكتور غازي وزنة.
وفي السياق ذاته، عكست أجواء عين التينة مساء امس إصراراً من قبل الرئيس بري على عدم الدفع، وضرورة أن يأتي القرار المنتظر حول سندات اليوروبوندز في هذا الإطار.
وقال بري انّ «الاولوية يجب ان تكون لتحصين البلد والذهاب الى التفاوض مع الدائنين. فإعادة هيكلة الدين بشكل منظّم هي الحل الأمثل لذلك». وشدد في الوقت ذاته على انّ اولى الاولويات ايضاً، هي حماية ودائع المواطنين لأنها قدس الاقداس بالنسبة الينا، قبل اموال المصارف وقبل اي شيء آخر.
قرار مصيري
وقالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية»: انّ القرار في هذا الشأن لم يتبلور بشكل كامل بعد، وثمة مجموعة خيارات قيد الدرس لناحية ايجابياتها او سلبياتها، خصوصاً انّ القرار الذي سيتخذ هو قرار مصيري للبلد في السنوات المقبلة.
وإذ جزمت المصادر انّ لبنان متّجه الى عدم الدفع، لفتت الى انّ ما يمكن التأكيد عليه هو انّ لبنان في هذه الحالة امام خيارين، أي بين السيئ والأسوا، السيّئ ألّا تدفع السندات والأسوأ ان تدفعها. وتبعاً لذلك فإنّ إمكانية دفع السندات صعبة. علماً أنّ بعض الجهات الحاملة للسندات ما زالت تشدّ في اتجاه دفعها، وخصوصاً بعض المصارف المحليّة.
ولفتت المصادر الى أنّ المؤسسات التي استشارتها الحكومة اللبنانية في ما خَصّ السندات ما زالت تحضر الاحتمالات والدراسات التي ستتخذ الحكومة القرار على أساسها، ويفترض ان نتلقى «الفتوى» في غضون ايام.
الصندوق
وكشفت مصادر واسعة الإطلاع لـ«الجمهورية» انّ صندوق النقد الدولي ليس في وارد تقديم تقرير حول ما يمكن القيام به للخروج من المأزق اللبناني، وانه ينتظر ورقة عمل شاملة تغطي الأزمة الاقتصادية والنقدية من مختلف جوانبها، بما فيها تلك التي ستعتمد في طريقة التعاطي مع «سندات اليوروبوندز»، والتي باتت من مهمة فريقي الاستشاريين المالي والقانوني المعتمدين من جانب الحكومة اللبنانية وخارج مهمة الصندوق، لكنها تدخل في إطار الخطة الشاملة التي سيعطي الصندوق رأيه فيها، بالإضافة الى طريقة معالجة التقنين في العملات الأجنبية ومعالجة حجم الدين العام وكيفية تأمين كلفته والإصلاحات المقترحة لاستعادة التوازن المفقود في المالية العامة، وتحديداً على مستوى معالجة الميزان التجاري وتصحيح ميزان المدفوعات.
يعملون ليلاً ونهاراً
وأبلغ مصدر مقرّب من الحكومة اللبنانية الى وكالة «رويترز» قوله: إنّ المستشارين الماليين والقانونيين للبنان يُجرون محادثات مع حملة الديون المقومة بالدولار بشأن إعادة الهيكلة، لكنهم لم يتوصّلوا إلى اتفاق.
وأشار المصدر الى انهم «يعملون ليلاً ونهاراً للتوصّل إلى اتفاق بشأن إعادة هيكلة منظمة»، مضيفاً أنه سيجري الإعلان عن قرار لبنان بشأن السندات الدولية المستحقة في 9 آذار بحلول السابع من الشهر الحالي.
وقالت مصادر، نقلاً عن بيانات «بلومبرغ نيوز» حتى نهاية 2019، إنّ مجموعة أشمور لإدارة الاستثمار في الأسواق الناشئة جذبت الانتباه في لبنان بتجميعها أكثر من 25 في المئة من الديون السيادية البالغة 2,5 مليار دولار المستحقة في 2020، بما في ذلك في استحقاق التاسع من آذار البالغ 1,2 مليار دولار.
«الكابيتال كونترول»
في سياق متصل، كشفت مصادر حكومية لـ«الجمهورية» انّ مسودة مشروع القانون المتعلّق بـ«الكابيتال كونترول» أصبحت شبه منجزة، على أن تطرح على مجلس الوزراء في جلسة قريبة لإقرارها وإحالتها بصيغة مشروع قانون الى المجلس النيابي.
وقال مشاركون في صياغة المسودة لـ«الجمهورية»: انّ التركيز هو على وضع الضوابط المشددة والحؤول دون الاستنسابية والعشوائية.
ولفتَ هؤلاء الى انّ هذا الموضوع على جانب كبير من الأهمية، ولو سبق وتمّت قَوننته مع بدايات الازمة التي نعانيها، لَما كان حصل ما حصل، ولَما كانت هناك عشوائية في التصرّف، بفعِل ما يتضمّنه من ضوابط مشددة تحكم عملية التحويلات.
وأوضح المشاركون في صياغة المسودة انه لو تمّت قوننة «الكابيتال كونترول» بشكل رسمي مع بداية الازمة، لَما كانت هناك عشوائية ولا استنسابية في التحويلات، ولما استطاع مَن حَوّل أمواله بملايين الدولارات الى الخارج، أن يقوم بذلك، في وقت انّ الشريحة الساحقة من اللبنانيين لم تستطع ان تسحب بضع مئات من الدولارات.
ولفت المشاركون الى انّ هذا القانون إذا اقرّ في مجلس النواب، يجعل الجميع سواسية، وينظّم التحويلات بطريقة مشددة، ومن شأن ذلك أن يريح السوق ويطمئن الناس. وهذا القانون يعدّ توطئة الى الخطوات التالية التي ينبغي على الحكومة ان تقوم بها على طريق معالجة الازمة الاقتصادية والمالية.
إخلال بوعد
في بيانها الوزاري، حدّدت الحكومة نهاية شباط الماضي سقفاً زمنياً لوضع خطة طوارىء لمواجهة الاستحقاقات، ومَرّ شهر شباط ولم يلمس اللبنانيون هذه الخطة، كما انّ الحكومة نفسها لم تعلن ما اذا كانت تضع هذه الخطة فعلاً، وأين أصبحت في إعدادها، علماً انّ أوساط السراي اكتفت بالقول لـ«الجمهورية»، رداً على سؤال حول هذا الموضوع: «الحكومة لم تتأخر، والخطة قد أنجزت».
هذا الاخلال الحكومي، بالوعد الذي مَنّت به اللبنانيين، وكانت جازمة عندما قَطَعه رئيس الحكومة، في انّ نهاية شباط الماضي، ستحمل خطة الطوارىء التي تحدثت عنها، تَوازَى مع خطوة ثانية الى الوراء، تجلّت في تأخير إصدار موازنة العام 2020، مع ما رافق ذلك من عودة الى الصرف على القاعدة الاثني عشرية، على أساس موازنة 2019 المضَخّمة والمشكو ممّا تُرتّبه من أعباء. وبالتالي، حرمان الخزينة من مبالغ كبيرة كان يفترض ان تدخل إليها، مع نشر قانون موازنة 2020.
لا تظلموها
على انّ القوى السياسية التي تغطي الحكومة، ما زالت تحثّ على إعطائها الفرصة وعدم الاستعجال في الحكم عليها.
وقالت مصادر سياسية مؤيّدة للحكومة لـ«الجمهورية»: لم تكمل الحكومة بعد الشهر من عمرها الفعلي بعد نَيلها الثقة من المجلس النيابي في 11 شباط الماضي، أي منذ نحو 20 يوماً، ومن هنا الدعوة الى عدم ظلمها والتعاطي معها من منطلق المكايدة والمعارضة العمياء وعلى طريقة «عنزة ولو طارت». والسعي الى تعطيلها وعرقلتها وحتى إسقاطها، كل ذلك كمَن يطلق النار على رجليه.
وأشارت المصادر الى انّه في شهر آذار ينبغي للحكومة ان تظهر للجميع «عزماً ومصداقية»، لأنّ أزمة لبنان هي أزمة ثقة ومصداقية، ولا بد للحكومة من أن تبرهن عن جديتها واستعدادها لهذا الامر.
وقالت المصادر: كل العالم من دون استثناء يُبدي الاستعداد لمساعدة لبنان، ويعلن انه لا يريد أن يقاطع لبنان، ولكنه يقول في الوقت نفسه انه يريد أن يرى ماذا يريد ان يفعل لبنان، فإذا كان لبنان جديّاً في التعاطي وأخذ مبادرات وقرارات جدية، سيكون المجتمع الدولي الى جانبه بالكامل، وسيشجّعه ويدعمه. وكما انّ العالم يريد ان يلمس عملاً جدياً، كذلك الامر بالنسبة الى المواطن اللبناني، الذي يريد ان يشعر بأنّ حكومته بدأت تعمل وتنتج وتتخذ خطوات وإجراءات إنقاذية.
الأولويات المُلحة
وإذ أكدت المصادر ضرورة تجنّب هدر الوقت، على غرار ما كان يحصل في السابق، والذي كلّف الدولة مبالغ هائلة، شدّدت على انّ المسار الانقاذي يفترض بداية إقفال حنفيات العجز المفتوحة، وهذا يوجب بالدرجة الاولى وضع الملف الكهربائي على سكة المعالجة:
– بداية، عبر وقف النزيف في معملي دير عمار والزهراني والانتقال من المازوت الى الغاز الذي يوفّر فوراً 400 مليون دولار سنوياً، والمُسارعة الى إعادة بناء مؤسسة كهرباء لبنان من خلال تشكيل مجلس ادارة مستقل، حتى تتمكن المؤسسة من إعادة بناء نفسها وتسترجع استقلاليتها بدل ان تبقى مُسَيطراً عليها من قبل الوزير.
– الشروع فوراً بالتعيينات الادارية، فكل الدولة شغور، ولا توجد مؤسسات. في المصرف المركزي شغور، في الاسواق المالية شغور، في قطاع الاتصالات شغور ولا توجد هيئات ناظمة لا في الكهرباء ولا في الطيران المدني ولا في الاتصالات.
– أن تسارع الحكومة الى بدء التفاوض لزيادة الانتاج، ومن أجل العمل على موضوع النقل والتوزيع في الكهرباء. والمعلوم هنا انّ البنك الدولي يعرض 480 مليون دولار لشبكات النقل والتوزيع، الّا انّ شرطه الأساس هو ان تكون العملية الاصلاحية قد بدأت.
هدر الوقت
واذا كانت جهات سياسية تتهم الحكومة بهدر الوقت، ولم تستفد من تجارب الحكومات السابقة التي احترفت هذا الامر، من دون ان تقدّم إنجازاً يمكن ان تذكرها من خلاله، فإنها تُدرج عدم نفاذ موازنة 2020 حتى الآن، في سياق هدر الوقت المكلّف في هذه الفترة.
والمعلوم في هذا السياق، انّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، امتنع عن توقيع قانون موازنة 2020 وبالتالي عن نشره في الجريدة الرسمية. ورَدّ ذلك الى عدم تصديق المجلس النيابي على قطوعات الحسابات، التي وعدت حكومة الرئيس سعد الحريري عند إقرار موازنة 2019 في أواخر تموز من العام الماضي، أن تقدمها خلال 6 أشهر. علماً انّ الأشهر الستة الماضية كانت حافلة بالتطورات السلبية في البلد وبالحراكات الشعبية المتتالية بدءاً من تشرين الاول، والتي تعطّل خلالها البلد بشكل كامل ودخل في أزمة خطيرة اقتصادياً ومالياً. وجاء إقرار موازنة 2020 خلالها في جلسة بالكاد أمكنَ عقدها وسط حصار لمحيط مجلس النواب في ساحة النجمة.
وبمعزل عمّا اذا كان عدم نشر قانون الموازنة من قبل رئيس الجمهورية مبرّراً او غير ذلك، فإنّ ذلك لم يعد اكثر من تسجيل موقف من قبل رئيس الجمهورية، خصوصاً انّ قانون موازنة 2020 سيصبح نافذاً بعد أيام قليلة، لانقضاء المهلة الدستورية المحددة بشهر لرئيس الجمهورية لتوقيعها ونشرها أو ردّها الى المجلس النيابي.
عمليّاً، لم يدخل الى خزينة الدولة أي قرش خلال شهر كانون الثاني على اساس موازنة 2020، إذ انّ شهر كانون الثاني كان شهراً ميتاً نظراً لأنّ هذه الموازنة لم تكن قد أقرّت قبله، بل أقرّت في آخره، كما لم يدخل قرش خلال شهر شباط الذي كان شهراً ضائعاً، بسبب عدم نشرها ونفاذها، علماً انّ هذه الموازنة تتضمن إعفاءات لتشجيع المواطنين على الدفع. مرّ شهر شباط، وتمّ الصرف فيه على القاعدة الاثني عشرية على أساس الموازنة السابقة، ومن دون ان تتقاضى الدولة اي مبالغ، لأنّ هؤلاء المواطنين ينتظرون نشر الموازنة للاستفادة من الاعفاءات الواردة فيها، ليباشروا الدفع بناء على ذلك.
المصارف أمام القضاء
الى ذلك، وفي سابقة لم يشهدها لبنان في تاريخه الحديث، مَثُل أمس عدد من رؤساء مجالس إدارة او ممثلي مصارف لبنانية امام القضاء، للاجابة عن اسئلة لاستكمال تحقيق قضائي يهدف الى التأكّد من عدم خرق المصارف للقوانين المرعية الإجراء، في قرارات وخطوات أقدمت عليها في الفترة الأخيرة، وأثارت الالتباس لدى الرأي العام اللبناني.
وقد استمع النائب العام المالي اللبناني القاضي علي ابراهيم الى إفادات 14 مسؤولاً مصرفياً ورئيس جمعية المصارف سليم صفير. وحتى الساعة لا يُعدّ رؤساء مجلس ادارات المصارف، الذين تمّ الاستماع إليهم، ملاحقين قضائياً، لأنّهم لم يخالفوا القانون.
ووفق مصادر قضائية، شملت التحقيقات: أسباب تحويل الأموال الطائلة العائدة الى أصحاب المصارف إلى الخارج، والقيود المصرفية التي تفرضها المصارف منذ أيلول، والإجراءات المتشدّدة على العمليات النقدية وسحب الأموال خصوصاً الدولار، وعدم تمكين المودعين من السحب من حساباتهم بالدولار الأميركي والعملة الأجنبية، في حين أنّ هذا الحظر لا يسري على النافذين».
وتطرّق التحقيق أيضاً إلى «عدم تمكين المودعين من إجراء تحويلات إلى الخارج ، بالإضافة إلى موضوع الهندسات المالية وبيع سندات «اليوروبوندز» اللبنانية إلى الخارج.
وقالت مصادر مصرفية لـ«الجمهورية»: إنّ المصارف مطمئنة لعدم اتخاذ أي إجراءات قضائية بحقها، على اعتبار انّ التحويلات التي حصلت لم تخرج عن السياق القانوني، ولا توجد أي مخالفة في هذا الاطار.
* اللواء
دياب ينتظر المفاوضات مع حملة السندات.. ويجدِّد السجال مع «الأوكسترا»
القضاء يدخل «حرم المصارف»: أسئلة حول التحويلات والتهريب وعدم المساواة وتجارة «اليوروبوندز»
أمضت الحكومة ما يُمكن اعتباره ثلث الفترة الزمنية التي طلبتها (100 يوم) لبدء المحاسبة أو المعاقبة، أو حيازة الثقة الشعبية، وهي تدرس وتبحث، وتجتمع وتتحفز، في وقت تمضي الأسعار، وسعر صرف الدولار بالإنهيار والارتفاع، فيما هجوم «الكورونا» الجرثومي يكشف عجز الاستعداد «الصحي» وتتراكم مؤسسات السياحة والصناعة الآخذة بالأفول والإقفال، في وقت استمع فيه المدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم لرؤساء وأعضاء مجالس إدارة عدد من المصارف حول تهريب أموال إلى الخارج، وعدم حفظ أموال المودعين الذين يطالبون باستعادتها».
وفي خضم هذا الاضطراب، قال الرئيس حسان دياب ان «الايام القليلة المقبلة ستشهد حسم النقاش لاتخاذ قرّار مفصلي» كاشفاً ان «معالجة موضوع اليورويوندز سيتخذ الجمعة أو السبت بقرار يحفظ حقوق المودعين الصغار والمتوسطي الحال».
وفي الوقت الذي كانت الاجتماعات تعقد بين الرئيس دياب والهيئات المالية والاقتصادية للتفاهم على الخطوة، التي تتجه بدفع استحقاق 9 آذار، والتريث بالاستحقاقين الباقيين، في نيسان وتموز، وكان زوّار السراي الكبير ينقلون عن رئيس مجلس الوزراء تأكيده انه اختار أن تحمل حكومته كرة النار، كي لا تحرق الأخضر واليابس، واصفاً القرار بشأن «اليوروبوند» بأنه «حساس ودقيق، ويشكل محطة هامة نحو رسم معالم لبنان المقبل».
انتهى يوم الانتظارات والآمال، ببيان صدر عن المكتب الإعلامي للرئيس دياب يتهم ما وصفه بـ«الاوركسترا نفسها بالتزوير واجتزاء الحقائق للتشويه والتحريض.. لأنها تريد الاستمرار بتدمير ما تبقى من ركائز الدولة» كي تحمي نفسها وتستبيح البلد.. لكن الدولة القانون ستقوم.
كل ذلك بانتظار نتائج محادثات «المستشارين الماليين والقانونيين مع حملة الديون المقومة بالدولار، بشأن إعادة الهيكلة من دون التوصّل إلى اتفاق».
قرار «اليوروبوند» بين الجمعة والسبت
وكان رئيس الحكومة حسان دياب، باشر اجتماعاته التي كشفت عنها «اللواء» أمس، وتستمر خلال الأيام المقبلة، من أجل اتخاذ القرار بشأن تسديد أو تأجيل تسديد سندات «اليوروبوند»، والذي ينتظر الإعلان عنه بين يومي الجمعة والسبت المقبلين، أي قبل يومين من موعد الاستحقاق، (كما ذكرت «اللواء» أمس)، بحسب ما نقل رئيس المجلس الوطني للاعلام عبد الهادي محفوظ عن الرئيس دياب، على ان يحفظ القرار النهائي حقوق المودعين الصغار ومتوسطي الحال ويحفظ مصلحة لبنان».
اما الرئيس، فقد أبلغ أعضاء السلك القنصلي الذين التقاهم قبل ذلك في السراي، بأن «القرار سيكون مفصلياً»، واصفاً اياه بأنه «قرار حسّاس ودقيق ندرسه بعناية شديدة، لأنه يُشكّل محطة هامة نحو رسم معالم لبنان المقبل».
ولم يزد رئيس الحكومة على هذه النقطة أكثر من ذلك، لكن المراقبين استوقفتهم مقاربته لوضع الدولة، لا سيما قوله: «انها وبكل صراحة لم تعد قادرة على حماية اللبنانيين وتأمين الحياة الكريمة لهم»، وانها «فقدت ثقة اللبنانيين بها..» و«تراجع نبض العلاقة بين النّاس والدولة إلى حدود التوقف الكامل»، لافتاً إلى ان «آليات الدولة ما تزال مكبلة بقيود طائفية صدئة، وجنازير فساد محكمة، واثقال حسابات فئوية متعددة، وفقدان توازن في الإدارة، وانعدام رؤية في المؤسسات».
وفي تقدير هؤلاء المراقبين، ان الرئيس دياب أراد تكبير صورة الهريان في الدولة وتعظيم ضعفها إلى حدود العجز عن حماية الناس من أجل تعظيم كرة النار التي تحملها حكومته وانها «تعمل على التخفيف من لهيبها كي لا تحرق التراب بعد ان احرقت الأخضر واليابس»، وبالتالي الوصول إلى الخاتمة التي ارادها وهي انه «ليس من خيار امامنا الا السير على طريق الجلجلة مهما كان الوجع».
ومساءً، ردّ مكتبه الإعلامي على ردود الفعل التي أثارها كلامه عن «ضعف الدولة عن حماية اللبنانيين»، معيداً إلى الأذهان عبارة «الاوركسترا» التي رددها قبل الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء.
وقال المكتب الإعلامي للرئيس دياب في بيان ان هذه «الاوركسترا» نفسها لجأت إلى التزوير واجتزاء الحقائق للتشويه والتحريض، وللأسف، فإنّ البعض ينجرف، طوعاً أو جهلاً، فيُصدر مواقف تدلّ عن سوء نيّة أو عن تواطؤ أو عن ببغائية في ترداد ما يسمع من دون أن يقرأ».
واضاف: «إنّ رئيس مجلس الوزراء صارح الناس بواقع وحقائق عن نظرة الناس إلى الدولة، لكنّه قال بالفم الملآن، تكراراً وإصراراً، أنه سيحمل مع الحكومة كرة النار، وأنّه مصمّم على معالجة المشكلات المزمنة وعلى الإنتقال بلبنان إلى مفهوم الدولة.
إنّ الأوركسترا نفسها يبدو أنّها انتبهت أنّ مفهوم الدولة لا يناسبها لأنّها تريد الإستمرار بتدمير ما تبقى من ركائز الدولة كي تحمي نفسها وتستبيح البلد. لكن دولة القانون ستقوم حتماً، دولة المواطن الذي يدفع اليوم ثمن تدمير الدولة».
ممنوع المس بالذهب
أما أبرز تلك الاجتماعات التي انعقدت في السراي، كان اجتماع الرئيس دياب مع أعضاء جمعية المصارف وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، في حضور وزراء المال غازي وزني، والصناعة عصام حب الله، والاقتصاد راؤول نعمة والاشغال ميشال نجار، وشارك في جزء منه وزير المال السابق النائب علي حسن خليل، ووصف الاجتماع بأنه حاسم في تحديد الموقف من السندات.
واكد سلامة، بعد انتهاء الاجتماع «انه من غير الوارد المس باحتياطي الذهب، موضحا ألاّ قرار له بموضوع «اليوروبوند» والقرار تتخذه الحكومة.فيما نقل عن حسن خليل قوله انه حضر بصفة استشارية وممثلا للرئيس نبيه بري. وان موقفه هو عدم دفع السندات الان.
وقال الوزير وزني بعد الاجتماع ان التوجه هو لعدم دفع الاستحقاق نظرا لاوضاع لبنان الاقتصادية والمالية المعروفة، والقرار سيتخذ خلال ايام قليلة.
وأوضحت مصادر السراي الحكومي ان الهدف الاستراتيجي للرئيس حسان دياب, هو وضع الدين العام على سكة المعالجة وليس فقط استحقاق اليوروبوند في اذار او حتى استحقاق العام ٢٠٢٠.
وبحسب المصادر فان اي قرار سيكون مصيريا وخطيرا وحساسا وسيراعي حتما جملة من الاعتبارات: مصلحة القطاع المصرفي حرصا على عدم انهياره، مصلحة المودعين الكبار والصغار، الظروف الاجتماعية على مختلف مستوياتها.
وأكدت المصادر ان لا شيء محسوما بعد، وأنه اذا كان التوجه للتفاوض حول ديون لبنان فهناك رأي مرجح بسداد استحقاق اذار والتفاوض على ما بعد اذار، اي على اجمالي الدين.
وفي السياق، نقلت «رويترز» عن مصدر مقرّب من الحكومة اللبنانية، قوله ان المستشارين الماليين والقانونيين للبنان يجرون محادثات مع حملة الديون المقومة بالدولار في شأن إعادة الهيكلة لكنهم لم يتوصلوا إلى اتفاق.
وقال المصدر: «يعملون ليلا ونهارا» للتوصل إلى اتفاق في شأن إعادة هيكلة منظمة»، مضيفا أنه سيجري الإعلان عن قرار لبنان في شأن السندات الدولية المستحقة في التاسع من آذار بحلول السابع من الشهر الجاري. وقالت مصادر، نقلا عن بيانات «بلومبرغ نيوز» حتى نهاية 2019، إن مجموعة أشمور لإدارة الاستثمار في الأسواق الناشئة جذبت الانتباه في لبنان بتجميعها أكثر من 25 في المئة من الديون السيادية البالغة 2.5 مليار دولار المستحقة في 2020، بما في ذلك في استحقاق التاسع من آذار البالغ 1.2 مليار دولار.
الى ذلك، علمت «اللواء» ان الرئيس دياب سيقوم بعد اتخاذ القرار حول السندات وتلقي نتائجه، بجولة عربية واوروبية يستهلها بزيارة دول الخليج العربي ودول عربية اخرى ربما تكون من بينها مصر، ثم يزور فرنسا. ويُرتقب ان تكون الجولة اعتباراً من منتصف الشهر الحالي. وتجري دوائر السرايا الاتصالات مع هذه الدول لجدولة برنامج الزيارة.
ونقل زوار السرايا معلومات مفادها ان دياب سيستفيد من مواقف الدول التي سيزورها والتي اعلنت ان الابواب مفتوحة له ساعة يريد. وان الرئيس دياب مرتاح للجو العربي الدولي المساعد للبنان.
المصارف امام القضاء: هزّ عصا
وفي سياق متصل، استمع النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم والمحامون العامون الماليون، أمس إلى رئيس جمعية المصارف سليم صفير ورؤساء مجالس الإدارة وممثلين لـ 14 مصرفا لبنانيا، حول موضوع تحويل الأموال إلى الخارج، بعد السابع عشر من تشرين الأول الماضي، والتي قاربت 2.3 مليار دولار أميركي وملفات مالية أخرى من ضمنها بيع سندات اليوروبوند.
ويستكمل القاضي إبراهيم الاستماع خلال هذا الأسبوع، إلى مسؤولي بقية المصارف، ويطلع النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات على نتائج التحقيقات لاتخاذ الإجراءات المناسبة.
وتركز التحقيق على أمور أخرى، أبرزها عدم تمكين المودعين من السحب بالدولار من حساباتهم ووقف عمليات التحويل إلى الخارج للمودعين كافة، والتثبت مما إذا كانت المصارف التزمت بزيادة رأس مالها لدى مصرف لبنان، إضافة إلى موضوع الهندسات المالية وبيع سندات اليوروبوند اللبنانية إلى الخارج.
ووصفت مراجع قضائية ما جرى أمس على صعيد الاستماع إلى أصحاب ومديري المصارف بأنه عملية «هز عصا» في وجه المصارف، إذ لم تتكون لدى القضاء ان ما قامت به المصارف لجهة بيع سندات «اليوروبوند» يخالف القانون وكذلك الأمر لجهة التحويلات المالية إلى الخارج، ولا سيما بعد 17 تشرين الأوّل، وربما يحتاج تثبيت هذه القناعة، إذا وجدت، المزيد من جمع المعلومات من اصحاب المصارف وجهات الرقابة المالية، ومن جهات دولية معينة، لكن ما جمع حتى الآن لم يسمح بعد بأي مسار لملاحقات قضائية.
مشرفية في دمشق
سياسياً، كانت المفاجأة، على هذا الصعيد، قيام وزير الشؤون الاجتماعية والسياحة رمزي مشرفية بزيارة خاطفة إلى دمشق استمرت بضع ساعات، التقى خلالها وزراء الإدارة المحلية والبيئة المهندس حسين مخلوف والشؤون الاجتماعية والعمل ريما القادري والسياحة المهندس محمّد رامي مرتيني، وتكمن أهمية الزيارة، بأنها طرحت تساؤلاً حول ما إذا طريق دمشق أصبحت مفتوحة امام باقي وزراء حكومة الرئيس دياب، خصوصاً وانه كان أوّل رئيس حكومة منذ العام 2005 يفتح السراي الحكومي امام السفير السوري.
وذكرت مصادر مطلعة على الزيارة ان الوزير مشرفية مكلف متابعة ملف النازحين السوريين من قبل الحكومة، وكان من الطبيعي ان يباشر خطوات تنفيذ الشق المتعلق بالنازحين من البيان الوازري، عبر التوفيق بين التنسيق والتعاون مع المنظمات الدولية التي ترعى شؤون النازحين، وبين البلد الام للنازحين اي سوريا، وهذا امر طبيعي، تفرضه المنطلقات الوطنية والمصلحة اللبنانية التي تعمل لها الحكومة في معالجة هذا الملف بعيداً عن المناكفات السياسية.
واشارت الى ان البحث تناول الخطوات العملية الممكن اتخاذها لتسهيل وضمان عودة آمنة للنازحين وان خطوات التنفيذ ستبحث لاحقاً.
الحريري لتعامل مرن
في سياق متصل، كان وفد من اتحاد العائلات البيروتية، يزور الرئيس سعد الحريري، ويسمع منه ان «متغيرات حالية ومقبلة حدثت بعد 17 ت1، وأصبح هناك رأي للشباب والمواطنين، وعلينا كأحزاب ومسؤولين ان نستمع لهذه المطالب لأي جهة انتمى هؤلاء، والتحاور والتشاور معهم وصولاً إلى نقاط مشتركة».
سأله أحد الحاضرين: عن إمكانية التعامل مع رئيس الحكومة والوزراء كون المصلحة العامة لبيروت، تقتضي ذلك؟ فأجاب التجارب السابقة اكسبتنا خبرة بعدم اتخاذ مواقف حادّة من الحكومة الحالية وسنحكم عليها من خلال ادائها.
اضاف: المطلوب جمع كل العائلات البيروتية وتفعيل عمل الاتحاد لأن دوره أساسي في بيروت والبدء بالتحضير لمواجهة استحقاقات الانتخابات التي ستجري في العام 2022.
وفي سياق المعالجات، اعتبر كبير المتخصصين في مجال الطاقة في البنك الدولي سامح مبارك ان تسمية مجلس إدارة الكهرباء والهيئة الناظمة تدل على جدية الحكومة في معالجة الكهرباء، وهي تحت المراقبة، داعياً إلى زيادة التعرفة وذلك قبل عودة وفد صندوق النقد الدولي في الأيام القليلة المقبلة.
«كورونا» إلى ازدياد
في غضون ذلك، سجل عداد الإصابات بفيروس «كورونا» المزيد من الحالات، بحيث أصبح العدد الإجمالي للمصابين 13 مصاباً، بعدما أعلنت وزارة الصحة عن تسجيل 3 حالات جديدة مثبتة مخبرياً، وهي لأشخاص مخالطين لاحدى الحالات التي تمّ تشخيصها سابقاً، وكانوا في الحجر المنزلي.
وبحسب النشرة اليومية التي تصدرها مستشفى رفيق الحريري الجامعي، فإن الحالات الثلاث التي تمّ تشخيصها أمس، كانت على احتكاك مباشر مع المريض الذي ادخل منذ أيام إلى المستشفى وهو من التابعية السورية.
وأوضح التقرير اليومي للمستشفى انه استقبل خلال الـ24 ساعة الماضية 41 حالة في قسم الطوارئ المخصص لهذا الغرض، واحتاج 23 منها إلى دخول الحجر الصحي، استناداً إلى تقييم الطبيب المراقب، فيما التزمت البقية الحجر المنزلي.
وأشار إلى ان فحوصاً مخبرية اجريت لـ44 حالة جاءت نتيجة 41 منها سلبية و3 حالات ادخلت إلى وحدة العزل و3 حالات إيجابية، وغادر 11 شخصاً كانوا متواجدين في منطقة الحجر الصحي في المستشفى بعد ان جاءت نتيجة الفحص المخبري سلبية.
ولفت التقرير إلى ان حالة المريض المصاب بالفيروس وهو من التابعية الإيرانية، ما زالت حرجة، في حين ان وضع باقي المصابين مستقر.
ونفت إدارة المستشفى الاخبار التي تناقلتها بعض وسائل التواصل الاجتماعي حول وضع موظفي في المستشفى في الحجر الصحي للاشتباه باصابته بالفيروس، وأكدت ان الخبر عار عن الصحة، موضحة بأن الإدارة طلبت من الموظف العودة إلى منزله بعد ظهور عوارض رشح حرصاً على سلامة المريض والعاملين، رغم انه ليس على تواصل مع أي من مرضى الكورونا.
وكانت المدارس والجامعات قد أقفلت أبوابها، التزاماً بقرار وزير التربية، واتخذت سلسلة إجراءات وقائية في مختلف الأماكن العامة والرسمية والقضائية، ولا سيما في قصر عدل بعبدا، تفادياً لتفشي الفيروس، وتم إلغاء الرحلة التي كان من المقرّر وصولها من طهران إلى بيروت عبر مطار رفيق الحريري الدولي، فيما وصلت ليلاً طائرة ثانية آتية من مدينة مشهد وعلى متنها 178 راكباً، سمح لهم بالمغادرة بعد ان أثبتت الفحوصات عدم ظهور اعراض مرضية بينهم، بحسب ما أفادت الوكالة الوطنية للاعلام، والتي أفادت أيضاً بأن الفريق الطبي التابع لوزارة الصحة، على معبر القاع- حمص اشتبه باصابة فتاة آتية من سوريا على متن باص ينقل 30 راكباً، فاتخذ على الفور قراراً بإعادة الباص إلى سوريا، وقامت البلدية على الأثر بتعقيم الممر، على ان تقوم لاحقاً بحملة مماثلة في الأماكن العامة والمدارس والكنائس وحافلات النقل ومخيمات النازحين، وستقيم على مداخل البلدة حواجز لتعقيم السيّارات الداخلة وموزعي المأكولات وحاجيات النّاس.
احتجاجات على كلام دياب
وعلى صعيد الحراك الشعبي، أفادت غرفة التحكم المروري مساء أمس عن قطع السير على تقاطع برج الغزال- جسر الرينج، من قبل ناشطين في الحراك، فيما اعيد فتح السير على اوتوستراد الجية بالاتجاهين، كما اعيد فتح السير على طريق عام البحصاص- طرابلس، وتقاطع المدينة الرياضية – الكولا.
وتردّد ان الدافع للتحرك كان للاحتجاج على كلام رئيس الحكومة، بأن الدولة لم تعد قادرة على حماية اللبنانيين، وكذلك لتوقيف مخابرات الجيش في صيدا أحد الناشطين في المدينة، حيث ما لبثت ان أطلقت سراحه.
* البناء
سراقب ترسم توازنات ما بعد الانسحاب الأميركيّ… وأردوغان يلتقي بوتين طلباً لمخرج
دياب: دولتنا مكبّلة بالطائفيّة وينخرها الفساد… لكننا مصمّمون على حمل كرة النار
مشرفيّة يفتتح التوجّه نحو دمشق في ملف النازحين… ورسائل سياسيّة بقطع الطرقات
كتب المحرّر السياسيّ
كل شيء في المنطقة يرتبط بكل شيء. فالتشابك الكبير بين المعارك وبين اللاعبين الكبار، يجعل كل تطوّر بارزاً بأبعاد متعددة. وهذا هو حال الاتفاق بين الإدارة الأميركيّة وحركة طالبان، وما أشار إليه من نيات أميركية لمغادرة المنطقة عسكرياً، فالذي يستعدّ للمواجهة مع إيران ويحتفظ لهذا الغرض بوجوده في العراق وسورية والخليج يدرك أن الخاصرة الأهم لهذه المواجهة، التي قرّر دخولها لهذا الاعتبار هي أفغانستان. والذي يغادر أفغانستان يستعدّ لمغادرة سواها، لكنه ينتظر تبلور الشروط المناسبة، ومثل تفاهمات أفغانستان، معارك إدلب وخصوصاً مصير مدينة سراقب حيث تتقاطع خطوط الجغرافيا مع رسم التوازنات الاستراتيجية ومشاريع ملء الفراغ بعد الانسحاب الأميركي والتطلعات التركية لحصر إرث بالتركة الأميركية في سورية والعراق بدءاً من الفوز بامتحان الأهليّة الذي رسبت فيه أمس، وعنوانه تعطيل خطة فتح الطرق الدولية بالإمساك بالعقدة التي تشكلها سراقب. ولهذا كانت كل عيون العالم تتجه نحو سراقب، بما فيها عيون العرب وخصوصاً في مصر والسعودية والإمارات لقياس القدرة على الدخول على الخط وفتح قنوات التواصل الرسمي مع سورية، بجس النبض للجهوزية الأميركية، لتقبّل هذه الفرضية، ومثل العرب كذلك كان الأوروبيون وفي طليعتهم فرنسا وألمانيا المتضرر الأول من عبث الرئيس التركي رجب أردوغان في ملفي الإرهاب والنازحين، لكن المتريّث الأول بانتظار ضوء أخضر أميركي، بينما موسكو الداعم الرئيسي لسورية في معركة تحرير سراقب ومواصلة القتال لتحرير ما تبقى من طريق اللاذقية حلب. فتقف مع إيران في منطقة الحصاد السياسي لنتائج النصر العسكري، بانتظار قمة ثنائية روسية تركية يريدها أردوغان باحثاً عن مخرج بعد الفشل، تليها قمة ثلاثيّة روسية تركية إيرانية تعيد تعويم تفاهم استانة الذي خطط أردوغان لإعلان دفنه.
في قلب هذه المتغيرات ترسم الحكومة خطواتها نحو الخارج، سواء بترقب ما ستكون عليه الأجوبة على طلبات رئيس الحكومة القيام بجولة عربية تتضمن زيارة عواصم الخليج وخصوصاً الرياض، أو ما ستكون عليه المواقف الأوروبية وخصوصاً الفرنسية من طلب الحكومة تصوراً لتفعيل مؤتمر سيدر. وجاءت زيارة وزير الشؤون الاجتماعية والسياحة الدكتور رمزي مشرفية لدمشق كخطوة حكومية أولى نحو سورية، محاولة للتأسيس لخطوات لاحقة تبدأ بملف النازحين وتنتظر تبلور الموقف العربي من سورية، والتفاعل العربي مع الحكومة، وبالانتظار تحدّث رئيس الحكومة أمام السلك القنصلي فكشف عن نظرته لخراب الدولة بسبب ثنائية الطائفية والفساد، مقابل عزمه وحكومته على تحمل المسؤولية لرد الإعتبار لمفهوم الدولة، وحمل كرة النار. وبينما الحكومة على أعتاب عملية تعيينات إدارية واسعة أهمها ما يتصل بتعيين نواب حاكم مصرف لبنان ورئيس وأعضاء لجنة الرقابة على المصارف، وما يتصل بالأمر من بقاء أو تغيير الإدارة المالية، تصاعدت ضغوط القوى القلقة من التعيينات، وتوّجت باستعارة شعارات الحراك ليلاً لتنظيم عملية قطع طرقات في بيروت والمناطق كان واضحاً من خريطتها الجغرافية أن تيار المستقبل يقف وراءها، في رسالة سياسية واضحة حول التعيينات.
على الصعيد المالي يستعدّ رئيس الحكومة لبلورة موقفه النهائي يوم غد الأربعاء من التصورات الموضوعة أمامه حول الملف المالي بكل تعقيداته، على أن يقوم بتنسيق الموقف مع رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب قبل صدور الخطة بقرار عن مجلس الوزراء وإطلاقها على مستوى الرأي العام وإبلاغها للجهات الدولية. وتوقعت مصادر مالية أن ترتكز الخطة على وضع خيارات أمام الدائنين، خصوصاً أمام المصارف اللبنانية، وأن تجيب على موضوع حفظ حق اللبنانيين بالتصرف بودائعهم، وعلى قضية سعر صرف الدولار وعدم توافره في الأسواق، كما على قضية الأموال المهربة إلى الخارج، وقضية الكهرباء.
ونقل رئيس المجلس الوطني للإعلام عبد الهادي محفوظ عن رئيس الحكومة حسان دياب أن القرار سيتخذ بين يومي الجمعة والسبت المقبلين، أي قبل يومين من موعد الاستحقاق.
وعقد اجتماع مالي موسّع في السرايا الحكومية وصف بالحاسم ضم دياب ورئيس وأعضاء جمعية المصارف وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة بحضور وزراء المال غازي وزني والصناعة عماد حب الله والاقتصاد راوول نعمة والاشغال ميشال نجار وحضور وزير المال الأسبق علي حسن خليل.
وقال الوزير وزني بعد الاجتماع إن التوجه هو لعدم دفع الاستحقاق في موعده نظراً لأوضاع لبنان الاقتصادية والمالية المعروفة، والقرار سيتخذ خلال أيام قليلة. فيما نُقل عن حسن خليل قوله إنه حضر بصفة استشارية وممثلاً للرئيس نبيه بري. وإن موقفه هو عدم دفع السندات الآن.
ولفتت مصادر “البناء” الى توافق بين الرؤساء الثلاثة ميشال عون ونبيه بري ودياب على القرار السيادي بعدم دفع الديون المستحقة والركون الى حصيلة التفاوض بين الشركة الممثلة للدولة اللبنانية والشركة الممثلة للدائنين. ونقلت قناة “المنار” عن مصادر السرايا الحكومية أنّ “دياب في هذه المرحلة لا يركّز فقط على كيفيّة تجاوز لبنان لاستحقاق آذار المالي، بل يبحث بكيفيّة مواجهة كلّ الاستحقاقات الماليّة، ووضع الدين العام على سكّة المعالجة”.
وأعلن مصدر مقرب من الحكومة أن المستشارين الماليين والقانونيين للبنان يجرون محادثات مع حملة الديون المقوّمة بالدولار في شأن إعادة الهيكلة لكنهم لم يتوصلوا إلى اتفاق. وقال المصدر: “يعملون ليلاً ونهاراً” للتوصل إلى اتفاق في شأن إعادة هيكلة منظمة”، مضيفاً أنه سيجري الإعلان عن قرار لبنان في شأن السندات الدولية المستحقة في التاسع من آذار بحلول السابع من الشهر الحالي. وقالت مصادر، نقلاً عن بيانات بلومبرج نيوز حتى نهاية 2019، إن مجموعة أشمور لإدارة الاستثمار في الأسواق الناشئة جذبت الانتباه في لبنان بتجميعها أكثر من 25 في المئة من الديون السيادية البالغة 2.5 مليار دولار المستحقة في 2020، بما في ذلك في استحقاق التاسع من آذار البالغ 1.2 مليار دولار.
في المقابل يستمر “اللوبي المصرفي” بسياسة التهويل على الحكومة إذا اعتمدت قرار عدم الدفع ويحاولون استدراج الحكومة الى قرار استبدال السندات (swap)، حيث بدأ رئيس جمعية المصارف سليم صفير التسويق له بشكل لافت. إضافة الى خبراء يدورون في فلك «لوبي المصارف» يستندون في التسويق لهذا الخيار الى أن «لبنان اليوم يعاني من أزمة اقتصادية صعبة، وهذا الأمر يُجبرنا على اللجوء الى الخيارات الصعبة، وبالتالي يحتم علينا العمل بالمدخرات التي نملكها، وإن كان البعض يعتقد اننا لا نعاني أزمة فنحن لسنا بحاجة الى اعادة الهيكلة”، فيما ذهب بعض الخبراء للمطالبة بتسييل الذهب الموجود في مصرف لبنان لسداد الديون سارع الحاكم سلامة الى نفي ذلك مؤكداً عدم المسّ بالاحتياط الذهبي. فيما نقل عن سلامة قوله في الاجتماع المالي إن قرار سداد الديون من عدمه ليس عنده بل عند الحكومة. فيما علمت “البناء” أن المصارف تضغط بشكل مكثف لإقناع الحكومة بخيار دفع جزء من الديون أي لحاملي السندات الأجانب التي سبق وباعتها المصارف بأسعار منخفضة، وذلك لتعويض خسائرها على حساب ودائع المواطنين واحتياطات البنك المركزي.
وكان عدد من أصحاب المصارف على موعد مع القضاء المالي، حيث استمع النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم والمحامون العامون الماليون إلى رئيس جمعية المصارف سليم صفير ورؤساء مجالس الإدارة وممثلين لـ 14 مصرفاً لبنانياً، حول موضوع تحويل الأموال إلى الخارج، بعد السابع عشر من تشرين الأول الماضي، والتي قاربت 2.3 مليار دولار أميركي وملفات مالية أخرى من ضمنها بيع سندات اليوروبوند. ويستكمل القاضي إبراهيم الاستماع خلال هذا الأسبوع، إلى مسؤولي بقية المصارف، ويطلع النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات على نتائج التحقيقات لاتخاذ الإجراءات المناسبة.
وتركز التحقيق على عدم تمكين المودعين من السحب بالدولار من حساباتهم ووقف عمليات التحويل إلى الخارج للمودعين كافة، والتثبت مما إذا كانت المصارف التزمت بزيادة رأس مالها لدى مصرف لبنان، إضافة إلى موضوع الهندسات المالية وبيع سندات اليوروبوند اللبنانية إلى الخارج.
لكن خبراء تساءلوا لماذا لم يتخذ القضاء قراراً حتى الآن بمنع المصارف من بيع السندات الى مستثمرين وشركات أجنبية ومنع المصارف أيضاً من تحويل الاموال الى الخارج؟
وكان دياب اعتبر خلال استقباله أعضاء السلك في السرايا “أن الأيام المقبلة ستشهد حسم النقاش لاتخاذ قرار مفصلي لهذه الحكومة، وهو قرار حساس ودقيق، ندرسه بعناية شديدة، لأنه يشكل محطة هامة نحو رسم معالم لبنان المقبل. صحيح أنكم تمثلون دولاً عديدة في لبنان، لكنكم لبنانيون أولاً، وهذا ما يجعلنا نطمئنّ إلى أنكم ستساهمون في ورشة إنقاذ لبنان، كل من موقعه، سواء القنصلي أو الاقتصادي أو الشخصي، فجميعنا مسؤولون عن بناء مستقبل أفضل لأجيالنا المقبلة”.
وشنّ دياب حملة عنيفة على منتقدي الحكومة. واعتبر عبر بيان لمكتبه الإعلامي مساء أمس، انه “مرّة جديدة، تلجأ الأوركسترا نفسها إلى التزوير واجتزاء الحقائق للتشويه والتحريض، وللأسف، فإن البعض ينجرف، طوعاً أو جهلاً، فيُصدر مواقف تدلّ عن سوء نيّة أو عن تواطؤ أو عن ببغائية في ترداد ما يسمع من دون أن يقرأ”.
ولفت المكتب الى أن “رئيس مجلس الوزراء صارح الناس بواقع وحقائق عن نظرة الناس إلى الدولة، لكنه قال بالفم الملآن، تكراراً وإصراراً، إنه سيحمل مع الحكومة كرة النار، وإنه مصمّم على معالجة المشكلات المزمنة وعلى الانتقال بلبنان إلى مفهوم الدولة، والأوركسترا نفسها يبدو أنها انتبهت أن مفهوم الدولة لا يناسبها، لأنها تريد الاستمرار بتدمير ما تبقى من ركائز الدولة كي تحمي نفسها وتستبيح البلد، ولكن دولة القانون ستقوم حتماً، دولة المواطن الذي يدفع اليوم ثمن تدمير الدولة”. ولفتت مصادر “البناء” الى أن صراعاً خفياً يدور بين دياب والمنظومة الحريرية المالية والقضائية والأمنية والإدارية المتجذرة في مفاصل الدولة ومؤسساتها، مشيرة الى أن الحريري يريد إفشال حكومة دياب وإسقاطها وهدم أسس الدولة لأهداف شخصية وسياسية وخارجية.
على صعيد أزمة كورونا، اعلنت وزارة الصحة عن 3 اصابات جديدة سجلت امس، في المستشفى الحكومي، فيما أقفلت المدارس والجامعات أبوابها واتخذت سلسلة إجراءات في مختلف الاماكن العامة القضائية والرسمية والشعبية تفادياً لتفشي الفيروس.
وأمس، وصلت الى مطار بيروت طائرة إيرانية آتية من مدينة مشهد الإيرانية على متنها 178 راكباً، واتخذ الفريق الطبي التابع لوزارة الصحة العامة التدابير والإجراءات الوقائية اللازمة للركاب، كما تمت تعبئة الاستمارات الخاصة بهم، من دون تسجيل أي أعراض مَرَضية بينهم.
المصدر: صحف