واحدة من أسعد دول العالم، هي دولة تتشكل من مجموعة صغيرة من الجزر تقع في وسط المحيط الهادئ، ولا يتجاوز تعدادها السكاني 300 ألف نسمة.
الدولة هي جمهورية فانواتو، التي تضم أكثر من 80 جزيرة على بعد ألفي كيلومتر شرق أستراليا، حيث حلت في المرتبة الرابعة بقائمة أسعد دول العالم، وتعد الأسعد خارج الأمريكتين، وفقًا لمؤشر “هابي بلانيت” الذي ينظر في مستوى رفاهية الشعوب ومتوسط العمر المتوقع وفجوة الدخل إلى جانب الظروف البيئية.
لكن ما الذي يميز هذه الدولة الصغيرة عن غيرها من البلدان ذات الإمكانات الاقتصادية الهائلة؟ بحسب هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، فإن أحد الأسباب هو عودة ملكية الأراضي في فانواتو إلى السكان الأصليين إذ لا يمكن بيعها للأجانب، منذ استقلال البلاد عن الحكم الفرنسي البريطاني المشترك عام 1980.
ووفقًا لدراسة استقصائية أجراها المكتب الوطني للإحصاءات في فانواتو، فإن الأشخاص الذين يمتلكون القدرة على امتلاك الأراضي يشعرون بساعدة أكثر من أولئك الذي لا يمتلكون هذا الحق.
ويعيش اليوم نحو ثلاثة أرباع مواطني فانواتو البالغ عددهم 298 ألف نسمة، في المناطق الريفية، وأغلب سكان الجزر يحصلون على الأراضي التي يمكنهم العيش فيها وزراعتها للحصول على طعامهم.
لكن هناك مصادر أخرى للسعادة في هذا البلد، مثل ارتباط السكان الشديد بالتقاليد والمناظر الطبيعية المتنوعة للأرخبيل، والتي تشمل جبال صخرية وشعاب مرجانية، كما يتحلى المواطنون بفهم قوي لدورات الزراعة التقليدية، والتاريخ وأهمية النباتات والحيوانات المحلية.
ومع ذلك، لا يزال يواجه البلد بعض التحديات، إذ تقع فانواتو في ما يعرف بـ”حلقة النار في المحيط الهادئ”، وهي معرضة بدرجة كبيرة للكوارث الطبيعية، وفي السنوات الأخيرة، تعرضت الجزر لتهديد بفعل ارتفاع منسوب سطح البحر وتغير أنماط الطقس.
في الحقيقة، يعد هذا الأرخبيل من بين أكثر دول العالم تعرضًا للمخاطر الطبيعية، وفقًا لتقرير صادر عن جامعة الأمم المتحدة –الذراع البحث والأكاديمي للمنظمة- في عام 2014.
وفي عام 2015، اجتاح الجزر إعصار بام، ما تسبب في أضرار جسيمة وتشريد 75 ألف شخص، لكن رغم الدمار الشديد، بدأ السكان سريعًا إعادة إعمار القرى، ما يعكس مرونة الدولة والمجتمع في الاستجابة للصعاب.
من بين الأمور الأخرى التي تميز فانواتو، هي الاجتماعات التي يعقدها السكان المحليون للجزر لمناقشة قضايا المجتمع المختلفة وحل النزاعات والتخطيط للمناسبات، وهي أمور يقول موقع “هابي بلانيت” إنها تبقى المجتمعات المحلية متماسكة.
وتشير دارسة لمكتب الإحصاء إلى أن مثل هذه الاجتماعات المنتظمة، تشكل عامل رئيسي في توطيد الراوبط الاجتماعية ودعم الأوضاع المادية والعاطفية، الأمر الذي من شأنه تعزيز مستوياته الرفاهية بين السكان.
كما تتميز فانواتو ببصمة بيئية منخفضة نسبيًا، ويرى “هابي بلانت” أن البلاد في وضع مناسب للاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة في ظل وفرة المصادر الكهرومائية والرياح والشمس وأيضًا مصادر الوقود الحيوي.
وفي عام 2011، ولدت البلاد 34% من الطاقة المستهلكة في البلاد عبر مصادر الطاقة المتجددة، وتخطط فانواتو إلى توليد 100% من الطاقة عبر هذه المصادر بحلول عام 2030.
المصدر: سبوتنك