ركزت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الخميس 19-12-2019 في بيروت العديد على تراجع الرئيس سعد الحريري عن الاتفاق مع الرئيس نبيه بري على خريطة طريق تكليفه لرئاسة الحكومة، في خطوة إضافية من الخطوات الأميركية الرامية إلى الانقلاب على نتائج الانتخابات النيابية، والتي بدأت باستقالة وزراء القوات من الحكومة. كان متوقّعاً أن يُسمى الحريري لترؤّس الحكومة بعد الاستشارات اليوم، إلا أن تراجعه دفع بتحالف 8 آذار – التيار الوطني الحر إلى ترشيح الوزير السابق حسان دياب…
الأخبار
حسان دياب رئيساً للحكومة بـ70 صوتاً اليوم؟
واشنطن تُخرج الحريري من السباق
تناولت جريدة الأخبار الشأن الداخلي وكتبت تقول “بعد يوم واحد من اتفاقه مع الرئيس نبيه بري على خريطة طريق تكليفه لرئاسة الحكومة، تراجع سعد الحريري عن الاتفاق، في خطوة إضافية من الخطوات الأميركية الرامية إلى الانقلاب على نتائج الانتخابات النيابية، والتي بدأت باستقالة وزراء القوات من الحكومة. كان متوقّعاً أن يُسمى الحريري لترؤّس الحكومة بعد الاستشارات اليوم، إلا أن تراجعه دفع بتحالف 8 آذار – التيار الوطني الحر إلى ترشيح الوزير السابق حسان دياب.
لم يعد السيناريو الأميركي سرّاً. فقد خرجت به الولايات المتحدة يوم أمس إلى العلن. فالانقلاب على نتائج الانتخابات النيابية، الذي بدأ باستقالة وزراء حزب القوات اللبنانية، وهم الأداة الأسهل والأكثر التزاماً بالأوامر الأميركية – السعودية، وتلته استقالة مفاجئة لرئيس الحكومة سعد الحريري لشلّ البلد ومؤسساته؛ استكمل بحرق الحريري عبر تجريده من الصوت القواتي وإجباره على عدم الترشح مجدداً إلى رئاسة الحكومة. والمصادفة هنا أن رئيس الحكومة المستقيل كان قد تفرّغ خلال الشهر الماضي لحرق كل مرشح غيره بمساعدة دار الإفتاء، ولما أتمّ مهمته لدى الأميركيين، أحرقوا حظوظه هو الآخر. لم يعد سرّاً أيضاً أن الولايات المتحدة الأميركية، بسلوكها الحالي، تدفع نحو المواجهة الداخلية والفوضى، وتجهد لتغيير المشهد السياسي اللبناني والانقلاب على نتائج الانتخابات النيابية التي حدّدت القوى السياسية وأحجامها وتشكلت الحكومة بناءً عليها.
خط التوتر الأكثر خطورة في البلاد هو خط التوتر السني – الشيعي، لذلك، سعى حزب الله وحركة امل، بحسب مسؤولين في 8 آذار، منذ لحظة استقالة الحريري للتمسك بالتفاهم مع الأخير، «لا لسبب سوى لأنه الأكثر تمثيلاً للطائفة السنية ولا تندرج المحاولات الحثيثة للتفاهم معه أو مع من يسميه إلا لحماية البلد من فتنة طائفية يخطط لها أعداء لبنان»، إذ يندرج «إحراق» اسم الحريري يوم أمس ودفعه إلى التنحي في خانة الأهداف الأميركية لمنع أي تنسيق بين الطرفين الأكثر تمثيلا ًللطائفتين السنية والشيعية.
القرار الأميركي ليس جديداً بل أعلن عنه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو عبر الطلب من الشعب اللبناني رفض وجود حزب الله. اتضحت معالمه أكثر يوم أمس. ففي اليوم السابق، زار الحريري عين التينة، حيث أكّد لرئيس مجلس النواب نبيه بري أنه «ماشي» بخيار رئاسة الحكومة. لاقاه بري «في منتصف الطريق» عبر اقتراح حكومة من 18 وزيراً، 14 من التكنوقراط و4 من الأحزاب السياسية، بحسب مصادر مطلعة على الزيارة. واقتضى الاتفاق أن يبذل الحريري جهداً باتجاه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والقوات اللبنانية، لمحاولة الحصول على أصواتهم للتسمية، في موازاة سعي بري لتأمين نحو 60 صوتاً للحريري، عبر إقناع حزبي الطاشناق والسوري القومي الاجتماعي والنائب إيلي الفرزلي وغيرهم بالتصويت لمصلحته… كان الرئيسان متوافقين، إلا أن رئيس الحكومة المستقيل «أبلغ وزير المال علي حسن خليل والحاج حسين الخليل، أمس، بقراره عدم الترشح لرئاسة الحكومة، قبيل نحو نصف ساعة من إصدار بيانه». وعندما طُلِب من الحريري تسمية مرشّح من قبله، رد بالقول: «القصة عندكم. انتم حلّوا المشكلة».
لدى قوى 8 آذار والتيار الوطني الحر معلومات بأن الأميركيين يدفعون باتجاه تسمية السفير السابق نواف سلام لرئاسة الحكومة. القوات اللبنانية التي انتقلت من تأييد الحريري إلى رفض تسمية أحد، سعت لإقناع الحريري نفسه بالتصويت لسلام الذي يستحيل أن يقبل به تحالف 8 آذار – التيار الوطني الحر. أمام هذه الوقائع، قرر التحالف المذكور المضي في الخيارات البديلة. كان اسم الوزير السابق حسان دياب أحد تلك الخيارات. استقبله رئيس الجمهورية أول من أمس. وبعد التشاور بين الحلفاء أمس، عاد واستقبله مرة ثانية، ليؤكد دياب استعداده للقبول بالتكليف، «في حال كان ذلك سيؤدي إلى خفض التوتر في البلد».
وإذا لم تحصل مفاجآت صباحية، فإن دياب سيُكلَّف تأليف الحكومة بأكثرية ربما ستصل إلى نحو 70 نائباً. هل هذا الخيار هو حصراً لإحباط تسمية نواف سلام، ومنح الحريري فرصة إضافية للتفلّت من الضغوط الأميركية والقبول بـ«حكومة شراكة»؟ تنفي مصادر 8 آذار ذلك، مؤكدة أن خيار دياب جدّي، وهدفه «لمّ الأمور بالبلد». وتعوّل المصادر على عدم رفض دياب من قبَل الحريري، الذي رجّحت مصادره ألا يسمّي أحداً في الاستشارات اليوم.
وكان الحريري قد أعلن في بيان «سعيه منذ استقالته لتلبية مطلب الشعب بتأليف حكومة اختصاصيين»، لكن «المواقف التي ظهرت في الأيام الماضية من مسألة تسميتي غير قابلة للتبديل، فإنني أعلن بأنني لن أكون مرشحاً لتشكيل الحكومة المقبلة». وأعلن دعوته كتلة المستقبل للاجتماع صباح اليوم لتحديد موقفها من مسألة التسمية، وتوجهه «للمشاركة في الاستشارات النيابية على هذا الأساس، مع إصراري على عدم تأجيلها بأي ذريعة كانت». الجملة الأخيرة أثارت غضب رئيس الجمهورية ميشال عون والتيار الوطني الحر، فردّ مستشار الرئيس سليم جريصاتي بتغريدة متوجهاً إلى الحريري بالقول: «لا يعود لك أن تصر على إجراء الاستشارات وعلى عدم تأجيلها مهما كانت الذريعة، ذلك أن هذا الاختصاص، بحسب الدستور، هو حصراً لرئيس الجمهورية، وأنت تشكو دوماً من تجاوز مزعوم لصلاحيات رئيس الحكومة». بدوره، أصدر المكتب الإعلامي لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل بياناً انتقد فيه «استنسابية» الحريري في التعامل مع الاستشارات النيابية كما حصل سابقاً عبر طلبه تأجيلها أو فرض إجرائها كما يريد «فيما هي صلاحية حصرية لرئيس الجمهورية يستعملها بحسب ائتمانه على المصلحة العامة والدستور». من جهة أخرى أشاد باسيل «بالموقف المسؤول الذي اتخذه سعد الحريري وأنه ذاهب إلى الاستشارات النيابية الملزمة». ورأى فيه «خطوة إيجابية نتمنى أن يستكملها بأن يقترح من موقعه الميثاقي شخصية موثوقة وقادرة ليعمل على التوافق عليها والتفاهم معها حول تشكيل حكومة، تحظى بثقة الناس وتأييد الكتل البرلمانية الوازنة فضلاً عن ثقة المجتمعين العربي والدولي».
على خطّ آخر، أثار بيان ستريدا جعجع حفيظة تيار المستقبل. فبعد أن نوّهت نائبة بشرّي بـ«موقف الحريري الوطني بعد ما سمعنا منه رفضه تولي رئاسة حكومة من غير الاختصاصيين»، معلقة على من يرددون أن القوات «لم تكن وفية»، بالقول: «اتصلت بدولة الرئيس ليل الأحد – الاثنين لأخبره أن كتلة الجمهورية القوية لن تسميه». وتابعت جعجع أن قرار القوات أدى «إلى تأجيل الاستشارات وانسحاب الحريري في ما بعد من قبول التكليف، وهذا ما أدى أيضاً وأخيراً إلى صيانة الخط السياسي الوطني الذي يقوده». كلام الأخيرة، استدعى رداً من الوزير غطاس خوري اعتبر فيه أن جعجع «لم تحسن قراءة بيان الحريري وبخاصة قوله إن قراره نتج عن المواقف التي ظهرت في الأيام القليلة الماضية من مسألة تسميته، رغم أنه كان أثبت التزامه القاطع بحكومة اختصاصيين». وعلّق مقربون من الحريري على كلام جعجع بالقول: «اللهم اكفني شرّ أصدقائي، أما أعدائي فأنا كفيل بهم».
اللواء
مفاجأة الإستشارات: الأكثرية تتوافق على حسان دياب
الحريري يعزُف عن الترشُّح والتسمية.. وإجراءات جديدة لمصرف لبنان خلال أيام
بدورها تناولت اللواء الشأن الداخلي وكتبت تقول “هل يخرج الرئيس سعد الحريري من لعبة التسميات، والتكليف والتأليف؟ وبالتالي يرمي الكرة بكاملها إلى الطرف الآخر، الذي خرج، منفرداً، من تسوية العام 2016، المعروفة بالتسوية الرئاسية؟
أما مسألة صلاحيات تثبيت موعد الاستشارات اليوم أو تأجيلها كصلاحية لرئيس الجمهورية أم لا، فالقضية تتخطى هذا الجانب الذي لا لبس فيه، وسط مفاجآت بالغة التعقيد: فهل تؤجل الاستشارات لمعرفة ما يحمل الزائر الأميركي عندما يُقابل الرؤساء الثلاثة غداً الجمعة، بدءاً من بعبدا، أم هل يستبق الرئيس ميشال عون الدبلوماسي الأميركي المكلف الملف اللبناني بكل أبعاده، بما في ذلك ملفات النفط والغاز، والمناطق البحرية الخالصة، أو المتنازع عليها.
المعلومات حسمت ليلاً على النحو التالي:
1- المفاجأة أن الأكثرية النيابية المؤلفة من التيار الوطني الحر وحزب الله وأمل واللقاء التشاوري (سنة 8 آذار) توافقت على المشاركة ككتل كاملة والحضور في الاستشارات وفقاً للروزنامة المقررة، على أن تسمي وزير التربية والتعليم العالي السابق حسان دياب لتكليفه رئاسة الحكومة الجديدة وتأليفها.
2- المعطيات تُشير إلى امتناع الكتل الأخرى عن التسمية.
3- وتأتي هذه التطورات، بعد أن اتصل الرئيس الحريري بالرئيس نبيه برّي، قبل إعلان بيانه انه لم يعد مرشحاً لتشكيل الحكومة المقبلة، وبعدما زاره ليلاً، المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله الحاج حسين خليل في بيت الوسط، في محاولة، لم يكتب لها النجاح، وتقضي بعدم العزوف، أو دعم المرشح الذي يمكن تسميته، حرصاً على دور الرئيس الحريري في المسار الحكومي الجديد.
لقاءات هيل
ويصل مساء اليوم إلى بيروت مساعد وزير الخارجية الاميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل، وتحددت لقاءاته وفقا للبرنامج التالي: عند الحادية عشرة والنصف يلتقي الرئيس عون ثم يصرّح بعد اللقاء.
وينتقل من بعبدا إلى عين التينة حيث يلتقي الرئيس برّي عند الساعة 12 ونصف ظهراً ويتحدث إلى الصحافيين بعد المحادثات، على ان تكون المحطة الثالثة في بيت الوسط، حيث يتناول الغداء إلى مأدبة الرئيس الحريري، من دون الإدلاء بأي تصريح.
بالتزامن مع هذه التطورات علمت «اللواء» ان إجراءات جديدة سيتخذها حاكم مصرف لبنان ريّاض سلامة، خلال الأيام القليلة المقبلة، من شأنها ان تساعد في التخفيف من الأوضاع المالية الصعبة.
عزوف الحريري
وفي تقدير مصادر سياسية ان إعلان الرئيس الحريري عزوفه عن ان يكون مرشحاً لتشكيل الحكومة المقبلة، قلب الطاولة بوجه القوى السياسية، من دون ان يقاطع وكتلته النيابية الاستشارات الملزمة التي يجريها اليوم رئيس الجمهورية، على ان تجتمع كتلة «المستقبل» في التاسعة والنصف من صباح اليوم لتقرير الموقف من التسمية، والذي يرجح ان يكون سلبياً، بمعنى عدم تسمية أي بديل عن الرئيس الحريري، الأمر الذي سيترك للكتل النيابية الأخرى، التداول في أسماء شخصيات تكون قريبة من تيّار «المستقبل» أو غير مستفزة له.
وأوضح الحريري في بيان عزوفه، انه سعى جاهداً للوصول إلى تلبية طلب اللبنانيين واللبنانيات بحكومة اختصاصيين، لكن المواقف التي ظهرت من مسألة التسمية كانت غير قابلة للتبديل، وعلى هذا الأساس لن أكون مرشحاً لتشكيل الحكومة المقبلة، مع اصراري على عدم تأجيلها بأي ذريعة كانت». واشعلت هذه العبارة الأخيرة، جملة ردود من «التيار الوطني الحر» إذ أعلن الوزير جبران باسيل ان تأجيل الاستشارات أو اجرائها هي صلاحية حصرية لرئيس الجمهورية يستعملها بحسب ائتمانه على المصلحة العامة والدستور.
وفور إعلان الحريري عزوفه، جرت اتصالات بين «التيار الوطني» وحركة «امل» و«حزب الله» للاتفاق على اسم لتكليفه بتشكيل الحكومة، مع الإشارة إلى ان الرئيس الحريري كان قد اتصل بالرئيس نبيه برّي وابلغه موقفه قبل إصدار بيان العزوف، فيما أكدت مصادر «القوات اللبنانية» انها حتى اللحظة متمسكة بموقفها في عدم تسمية أحد.
وبحسب المعلومات، فإن الرئيس برّي كان أبلغ الحريري في غداء عين التينة، بأنه كان يُمكن تخطي مسألة ميثاقية الأصوات بدعم سليمان فرنجية ومستقلين بينهم الحزب القومي، وان كتلته النيابية ستسميه في الاستشارات وانه في الإمكان تأمين 64 صوتاً، لكنه طرح عليه في المقابل، صيغتين حكوميتين الأولى من 18 وزيراً تضم 6 سياسيين والباقي من الاختصاصيين، والثانية من 14 وزيراً تضم 4 سياسيين فقط وان تطلق يده في تسمية المستقلين أو التكنوقراط، وطلب منه التمهل في الجواب حتى ظهر امس، وهو ما حصل، ولكن بشكل سلبي.
بورصة الأسماء
واوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» ان الصورة الاوضح لمسار تكليف شخصية تشكل الحكومة الجديدة يتوقع لها ان تتبلور في ساعات الصباح الاولى او ربما قبيل انطلاق موعد الاستشارات وبالتالي لا كلام عن اسماء نهائية مرشحة لأن تجري المشاورات بوتيرة نشيطة معلنة ان القصر الجمهوري انجز كل الاستعدادات للاستشارات اليوم ولرئيس الجمهورية الحق الأوحد في اتخاذ القرار بإرجاء الاستشارات بعد تقييمه الوضع وما اذا كانت الظروف تستوجب اتخاذ قرار من هذا القبيل.
وتضمنت بورصة الأسماء المتداولة أسماء مثل النائب السيدة بهية الحريري، والوزيرين الاسبقين حسان دياب والدكتور خالد قباني، والدكتور غالب محمصاني والسفير نواف سلام، وحتى الرئيس تمام سلام الذي سبق وأعلن عزوفه ايضا بسبب الشروط الموضوعة على الرئيس المكلف، إضافة إلى تداول اسم النائب فؤاد مخزومي الذي زار دار الفتوى، وأعلن ان «الدار مفتوحة لأي رئيس حكومة مكلف والمجتمع الدولي يوجه لنا رسالة انه إذا لم نشكل حكومة تكنوقراط لن نحصل على قرش واحد».
وإذا صدقت التوقعات، فإن دياب سينال من الكتل الأربع 55 صوتاً، ويمكن ان يرتفع العدد إلى 64 صوتاً بتأييد كتلة نواب الأرمن وكتلة ضمانة الجبل ونائب رئيس المجلس ايلي الفرزلي.
اما السفير نواف سلام فهو مرشّح كتلة نواب الكتائب (3 اصوات) والنائب ميشال معوض، في حين لم تعرف مواقف كتلة «اللقاء الديموقراطي» (9 نواب) وكتلة الوسط المستقل الرئيس ميقاتي (4 نواب)، والكتلة القومية (3 نواب)، مع العلم ان النائب البير منصور أعلن انه لن يُشارك في الاستشارات، مثل النائب ميشال المرّ، وكذلك النواب المستقلين: اسامة سعد، وجميل السيّد، وادي دمرجيان وفؤاد مخزومي وبولا يعقوبيان.
تدابير أمنية استثنائية
أمنياً، اتخذ الجيش اللبناني تدابير استثنائية اعتبارا من ليل أمس، في كل المناطق، منفذاً انتشاراً واسعاً وحواجز في مختلف المناطق.
تهدئة الجنون
وعلى خط آخر، بقيت «حفلة الجنون» التي كادت ان تشغل فتنة مذهبية، في منطقة بربور مساء أمس الأوّل، على خلفية بث شريط فيديو جديد يُسيء إلى أهل السنة، موضع معالجات سياسية وروحية، بين المراجع المعنية، ولا سيما بين الرئيس نبيه برّي ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان اللذين شددا في اتصال هاتفي بينهما على «ضرورة التنبه من الوقوع في فخ الفتن المتنقلة»، وأكدا على وحدة المسلمين ضمن الوحدة الوطنية ووحدة اللبنانيين». وأكّد برّي على انه «يعطي أوامر بأن ننتحر ولا نعطي أوامر بالفتنة».
وحذر امام لقاء نواب الأربعاء في عين التينة، من المشاهد المخيفة والشعارات المذهبية والمناطقية، ومن المندسين والمتلاعبين بمصير النّاس والوطن، داعياً الأجهزة الأمنية والقضائية للقيام بملاحقة مثيري الفتنة ومؤججيها، مؤكداً على ان «لا غطاء سياسياً وتنظيمياً على كل من يُسيء إلى الوحدة الوطنية والسلم الاهلي».
وكان المفتي دريان أجرى أمس سلسلة اتصالات بالرئيس برّي وبرئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان وشيخ عقل الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن، مؤكداً على «وحدة الصف وجمع الكلمة والوعي والحذر مما يخطط له لتمزيق وحدة المسلمين واللبنانيين».
وأعلن المكتب الإعلامي في دار الفتوى عن رفض الدار لكل ابواق الفتنة وكل معاني التحريض الطائفي والمذهبي، الذي يتم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي من سفاهة لا طائفة ولا دين لها. وأكّد المكتب بأن «الدار لا تسمح وما تمثل بالمس بموقع مفتي الجمهورية الحريص على وحدة اللبنانيين والمسلمين».
وفي السياق، أعلن مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار انه عفا عن الشبان الذين احرقوا غرفة الحرس في منزله، وأوضح ان ما حدث في طرابلس ومناطق متعددة هو نتيجة توتر وردات فعل غاضبة، لأن المسؤولين ليسوا واعين لمطالبهم، مؤكداً رفض أهالي طرابلس إحراق شجرة الميلاد، معتبرا انه «تعبير خاطئ عن الغضب»، مبدياً خشيته من ان يفقد الحراك مضمونه وسلميته، ومن طابور خامس يأتي إلى الساحات لتشويهها.
ومساء، تسلم المفتي الشعار الشبان الأربعة الذين اوقفهم الجيش وقام بتسليمهم إلى ذويهم. وسجل مساء ايضا قيام مجموعات من الحراك بالتجمع امام أحد مداخل مجلس النواب في وسط بيروت بالقرب من الجامع العمري، للتعبير عن ابتهاجهم بخروج الرئيس الحريري من السباق الرئاسي، وهتفوا للتغيير والمحاسبة.
وكانت مجموعات شبابية نفذت اعتصامات امام التفتيش المركزي ومجلس الخدمة المدنية في شارع فردان وديوان المحاسبة في القنطاري، للتعبير عن دعمهم لمؤسسات الرقابة الإدارية، لكنهم انتقدوا النقص في الطاقم البشري في تلك المؤسسات، وطالبوا بتفعيل عمل الإدارات، وعلى ضرورة تعيين كفوئين.
الحسن
وفي السياق، كشفت وزيرة الداخلية في حكومة تصريف الأعمال ريّا الحسن في حديث إلى محطة LBCI عن ان هناك قراراً سياسياً لقمع الثورة، لكن هذا القرار ليس من جهة الوزارة، لافتة إلى وجود اجندات لتأجيج الوضع وأخذ لبنان إلى مكان آخر وقالت ان تطوّر الأمور استدعى طلبها من المتظاهرين السلميين الخروج من الساحات خوفاً على سلامتهم.
وأوضحت ان هناك جهات معينة تعمل بأجندات تخريبية، بدأت الوزارة بتحديد هوياتهم والتحقيقات جارية وسنجري التوقيفات وفقا لنتائج التحقيقات. وأشارت إلى ان الشعب المنتفض يطالب بتغيير المنظومة السياسية، ويجب أخذ هذا الموضوع بعين الاعتبار من خلال حكومة اختصاصيين وتسمية رئيس الحكومة لكنها لفتت إلى ان الثورة لا تمثل كل الشعب اللبناني.
الجمهورية
عزوف الحريري يُربك الإستحقاق الحكومي.. والإســتشارات مُهدَّدة بالتأجيل
وكتبت الجمهورية تقول “اذا صحّ ما شاع ليلاً من معلومات فإنّ الاستشارات النيابية الملزمة التي «تحررت»، إذا جاز التعبير، من ترشيح الرئيس سعد الحريري بفعل إعلانه عزوفه الثاني عن هذا الترشيح، ستشهد حال عدم تأجيلها منافسة بين مجموعة اسماء، أبرزها نواف سلام أو خالد قباني من جهة، والوزير السابق حسان دياب من جهة ثانية، وسط معلومات سرت ليلاً ومفادها انّ الحريري وكتلة «المستقبل» سيسمّيان سلام أو قباني الى جانب كتل كانت سمّت سلام، وربما انضمّت اليها كتلة «القوات اللبنانية» التي كانت اعلنت انها لن تسمّي أحداً. وذلك في مقابل تسمية كتل «لبنان القوي» و«التنمية والتحرير» و«الوفاء للمقاومة» وغيرها من الكتل الحليفة، للمرشّح دياب، او ربما لإسم آخر يمكن ان يبرز في ربع الساعة الأخير قبل انطلاق الاستشارات التي تبدو وكأنها تسابق وصول الموفد الاميركي ديفيد هيل الى لبنان مساء اليوم، في زيارة يطرح كثيرون علامات استفهام كثيرة حول اهدافها وابعادها والخلفيات.
بدا المشهد أمس كوميديا سوداء تعرض مسرحية هزلية بفصول مملّة تبدو فيها الامور وكأنها عملية تبادل كرة نار ما بين المتحكمين بالاستحقاق الحكومي، بين مشهد سابق أفضى الى تأجيل استشارات فُسِّر «لكمة» وجّهت الى رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري، وبين مشهد الامس بعزوف الحريري مجدداً عن الترشيح لتأليف الحكومة، بما فسّر ايضاً «لكمة» رداً على اللكمة. يأتي ذلك في وقت تتفاقم الازمة الاقتصادية والمالية ومعها السياسية بما يهدد مصير البلاد، في الوقت الذي يتلهى المسؤولون ومختلف الأفرقاء السياسيين في البحث عن مصالحهم بين ركام ما هدمته ايديهم في بنيان البلد وحياة مواطنيه الذين بدأوا يتعرضون يومياً للاذلال في كل نواحي حياتهم.
توقيت العزوف
وتوقفت مصادر معنية بالملف الحكومي عند التوقيت الذي اصدر فيه الحريري بيان عزوفه الثاني عن الترشح لرئاسة الحكومة، حيث جاء قبل ساعات قليلة من الاستشارات الملزمة التي ستنطلق اليوم، إن لم يصدر بيان رئاسي بتأجيل ثالث لها.
وبمعزل عمّا اذا كان التوقيت مقصوداً أم غير مقصود، فإنّ النتيجة واحدة، وهي حَشر القوى السياسية جميعها عشيّة الاستشارات، بعزوف يفرغ نادي المرشحين لرئاسة الحكومة، من أي أسماء، خصوصاً انّ الحريري كان المرشح الوحيد في هذا النادي حتى صدور بيان عزوفه.
ويبدو جلياً انّ بيان الحريري، وبحسب مصادر مواكبة لحركة الاتصالات، جاء نتيجة لفشل ما سمتها «محاولات اخيرة»، جرت قبل صدور بيان العزوف، لإعادة «تجسير» العلاقة بين الحريري و«التيار الوطني الحر»، بما يحول أصوات تكتل «لبنان القوي» نحو تسميته في الاستشارات. وكذلك جاء نتيجة لحركة اتصالات أجراها الحريري في الساعات الماضية، لتسويق الافكار التي طرحها عليه رئيس المجلس النيابي نبيه بري خلال اللقاء الذي جمعهما امس الاول في عين التينة.
وتبعاً لهذا الفشل، تضيف المصادر، ذهب الحريري الى قرار العزوف، علماً أنه قبل إعلان عزوفه أبلغ الى بري بتوجّهه.
وعلمت «الجمهورية» انّ بيان الحريري، اطلق بعد صدوره حركة مشاورات مكثفة على اكثر من خط، تركزت بين عين التينة و«بيت الوسط»، وبين الثنائي الشيعي، وكذلك بين الثنائي و«التيار الوطني الحر» بالتوازي مع تواصل على خط الرئاستين الأولى والثانية.
وبحسب المعلومات، فإنّ موقف الحريري احدث إرباكاً سياسياً عارماً، وأرخى ظلالاً من الشك حول الاستشارات وما اذا كانت ستستمر في موعدها، خصوصاً في ظل عدم التوافق على اسم بديل للحريري. وهو امر متعذّر الوصول اليه في فترة الساعات القليلة الفاصلة عن موعد الاستشارات.
والملاحظ بعد صدور البيان، اعتصام تيار «المستقبل» بالصمت حيال موقفه النهائي من الاستشارات، سواء ما اذا كان سيسمّي شخصية بديلة للحريري، ام انه سيدخل الى هذه الاستشارات بلا مرشّح، وبالتالي عدم التسمية. وهو أمر إن حصل، سيوقع الاستشارات في وضع حرج يخضعها لاحتمالات عدة، إن للتأجيل أو لحدوث مفاجأة في التكليف بحيث يأتي بشخصية أخرى لا تكون محل توافق بين الكتل النيابية.
كل ذلك، يفترض ان يتوضّح مع ما ستقرره كتلة تيار المستقبل التي ستجتمع صباح اليوم، علماً انّ بعض المصادر تحدثت عن تداول جرى مساء امس بعدد من الاسماء، من بينها اسم النائب بهية الحريري، وكذلك الرئيس تمام سلام.
لكن مصادر واسعة الاطلاع، ابلغت الى «الجمهورية» انّ كتلة «المستقبل» قد تذهب الى عدم تسمية اي شخصية بديلة للحريري، ورجّحت ان يكون الثنائي الشيعي في جو موقف «المستقبل» لجهة عدم تسمية اي شخصية غير الحريري لا من تيار «المستقبل» ولا من خارجه.
سيناريوهان
الّا انّ مصادر اخرى رسمت عبر «الجمهورية» سيناريوهين:
ـ الاول ان تشارك كتلة «المستقبل» في الاستشارات الملزمة ومن دون ان تسمّي احداً، ومن شأن هذا الامر اذا حصل ان ينسحب على مواقف الكتل الاخرى، ولاسيما منها تلك التي اعلنت انها مع الحريري او من يسمّيه، وعدم التسمية معناه ان اي مرشح آخر ليس حاظياً بالغطاء السني، وبالتالي يصبح احتمال تأجيل الاستشارات وارداً جداً.
ـ الثاني، أن يفاجئ الحريري القوى السياسية ليس بعدم تسمية أحد من تيار «المستقبل»، بل أن يخرج عن التزامه الذي قطعه لمَن تواصَل معه امس بأنه لن يسمّي احداً، وان يفاجئ الجميع بتسمية نواف سلام، وهذا الامر، بحسب المصادر، من شأنه ان يحدث نقلة نوعية في هذه الاستشارات بما يعني لجوء حركة «امل» و»حزب الله» و»التيار الوطني الحر» وحلفائهم من تيار «المردة» الى الحزب السوري القومي الاجتماعي و»اللقاء التشاوري» ومجموعة من المستقلين الى تسمية شخصية غير صدامية، بل مقبولة سنياً وتصنّف بأنها معتدلة كالوزير السابق حسان دياب مثلاً، وذلك لقطع الطريق على وصول نواف سلام، علماً انّ هناك اقتراحات أُرسلت الى الحريري لتبنّي تسمية الوزيرة ريا الحسن، الأمر الذي لم يقبله.
وافتراضاً انّ معارضي وصول نواف سلام نجحوا في ايصال دياب أو غيره الى التكليف، فهذا الاخير سيجد نفسه ايضاً أمام مسألة حساسة جداً، بمعنى هل يُكمل من دون غطاء سني أو يعتذر لتعود بعدها دوّامة الاتصالات فالاستشارات مجدداً، وهذا سيكون معناه العودة الى الدوران في الحلقة المفرغة، وبالتالي يُبقي احتمال ان يصبح الحريري في الاستشارات المقبلة مرشحاً اساسياً ايضاً.
روايات أخرى
وكشفت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» مساء أمس انّ كتلة «المستقبل» التي دعاها الحريري الى اجتماع استثنائي التاسعة والنصف قبل ظهر اليوم ستسمّي نواف سلام، وهو ما تبلّغه المعنيون بالملف. واعتبرت انّ هذا الترشيح يرضي الحراك ويُنهي معظم ملاحظاته. فيما تحدثت معلومات عن أنّ النواب المستقلين سيسمّونه الى جانب كتلة نواب الكتائب، حيث انّ المكتب السياسي الكتائبي إجتمع إستثنائياً مساء امس وانتهى الى تأكيد موقفه تسمية سلام.
إتفاق على دياب
وفي المقابل علمت «الجمهورية» انّ «التيار الوطني الحر» وحركة «أمل» و»حزب الله» والحلفاء إتفقوا ليل أمس على تسمية دياب، وتولى الوزير علي حسن خليل التواصل مع الحريري الذي أكد له أنه لن يسمّي احداً.
واكدت مصادر مشاركة في الاتصالات «انّ الوقت لم يعد للمراهنات والمناورات، وأنّ معادلة «ما بكون وما بسَمّي» لم تعد تمشي، ولا يمكن ترك الامور هكذا لمزيد من التسويف والممطالة. وقالت «انّ اسم نواف سلام مطروح في وضوح، وهذا ما دفع الكتل الى حسم خيار ثان».
وعن إمكانية ان يكون الاسم المرشح قادراً على الانقاذ، قالت المصادر: «لا احد يستطيع قيادة المرحلة، نحن دخلنا في دهليز كبير وفي مهوار وعلى الجميع تحمّل المسوولية والعمل معاً».
«القوات»
من جهتها مصادر «القوات اللبنانية» أكّدت لـ«الجمهورية» أنّها ستشارك في الإستشارات اليوم، إذا لم تؤجّل، مشيرة إلى أنّها «لن تسمّي أحداً، كما أعلنت في بيانها الذي صدر عن الإجتماع الإستثنائي لتكتّل «الجمهورية القوية» مساء الأحد، إنطلاقاً من العنوان الأساس الذي تركّز عليه، وهو الوصول إلى حكومة اختصاصيين وتقنيين ومستقلّين، حيث تعتبر «القوّات» أنّ جوهر المشكلة في لبنان هو في الحكومة التي يجب تأليفها بين من يقول حكومة سياسية تحت مسمّى «تكنو- سياسية» وبين من يقول حكومة إختصاصيين مستقلّين».
وشدّدت المصادر على أنّ «القوات تعتبر أنّ المدخل الإنقاذي للوضع المالي والإقتصادي في لبنان هو حكومة اختصاصيين». وقالت إنّها «ربطت مسألة الثقة بالحكومة وليس بالتكليف، لأنّها مصرّة على هذا العنوان الإنقاذي في هذه المرحلة».
بيان العزوف الثاني
وكان الحريري رد على ما سمّي الكمين الذي نصبه له باسيل عشية الاستشارات الاولى بإعلان انّ تكتل «لبنان القوي» لن يسمّيه لرئاسة الحكومة، بكمين تمثيل بإعلان عزوفه عن الترشيح لرئاسة الحكومة وعدم تسمية أحد لهذا الموقع في الاستشارات المقررة اليوم.
وكتب الحريري في تغريدة «تويترية» جاءت بمثابة بيان تلقّفته سريعاً كل وسائل الاعلام، وفيه:
«منذ أن تقدمتُ باستقالتي قبل خمسين يوماً تلبية لصرخة اللبنانيين واللبنانيات، سعيتُ جاهداً للوصول الى تلبية مطلبهم بحكومة اختصاصيين رأيت انها الوحيدة القادرة على معالجة الازمة الاجتماعية والاقتصادية الخطيرة التي يواجهها بلدنا.
ولمّا تبين لي انه رغم التزامي القاطع بتشكيل حكومة اختصاصيين، فإن المواقف التي ظهرت في الأيام القليلة الماضية من مسألة تسميتي هي مواقف غير قابلة للتبديل، فإنني أعلن انني لن أكون مرشحاً لتشكيل الحكومة المقبلة. وإنني متوجّه غداً للمشاركة في الاستشارات النيابية على هذا الاساس، مع إصراري على عدم تأجيلها بأي ذريعة كانت. وقد دعوت كتلة «المستقبل» النيابية للاجتماع صباح الغد (اليوم) لتحديد موقفها من مسألة التسمية».
وفي معلومات «الجمهورية» انّ الرئيس سعد الحريري ابلغ الى الخليلين صباح امس عدم رغبته الاستمرار في الترشح «لأن الظروف التي دفعته الى طلب تأجيل الاستشارات الاثنين الماضي لم تتغير، فلا «القوات اللبنانية» بدّلت موقفها، ولم يحصل تواصل مع رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، والعلاقة مع رئيس الجمهورية متوترة. لكنّ الخليلين استمهلاه لإجراء بعض الاتصالات وأبقيا على نقل التمسّك به كمرشح، وحصلت اتصالات عدة بين الحريري وبري حاول فيها رئيس المجلس ثَنيه عن موقفه، لكنّ الحريري وبعد ان وصل الى افق مسدود إتخذ قراره بالانسحاب والاعتذار، وأبلغ انّ كتلته «ستمتنع» عن التسمية اليوم في الاستشارات.
باسيل «يُقدّر»
ولاحقاً، صدر عن المكتب الاعلامي لباسيل البيان الآتي:
«نقدّر الموقف المسؤول الذي اتخذه دولة الرئيس سعد الحريري بالإعلان أنه لم يعد مرشحاً لرئاسة الحكومة المقبلة، وأنه ذاهب إلى الإستشارات النيابية الملزمة غداً (اليوم)، ونرى في هذا الموقف خطوة إيجابية نتمنى أن يستكملها الرئيس الحريري بأن يقترح من موقعه الميثاقي شخصية موثوقة وقادرة ليُعمَل على التوافق عليها والتفاهم معها حول تشكيل حكومة تحظى بثقة الناس وتأييد الكتل النيابية الوازنة، فضلاً عن ثقة المجتمعين العربي والدولي، من دون ان يضع البلد والناس امام المجهول كما حدث في استقالته الأخيرة، وذلك بتحديد خياره في اللحظة الأخيرة قبل الاستشارات النيابية الملزمة وبطلب تأجيلها أو بفرض إجرائها حسبما يريد ويستنسِب لمصلحته الخاصة فيما هي صلاحية حصرية لرئيس الجمهورية يستعملها بحسب ائتمانه على المصلحة العامة والدستور».
حرب شائعات
اقتصادياً، وفي موازاة الأزمة المالية الخانقة التي يعانيها اللبنانيون، تبرز مشكلة الشائعات التي تنتشر يومياً مثل النار في الهشيم، بسبب حال القلق السائدة، والتي تساهم في دفع المواطنين الى تصديق كل ما يُقال وينتشر على وسائل التواصل الاجتماعي.
واضطرت جمعية المصارف امس الى إصدار بيان لتنفي «الاخبار المتكاثرة والمتناقلة عبر وسائل التواصل الاجتماعي حول إقفال المصارف بعد فترة الاعياد، وحول التوقّف عن إجراء عمليات الدفع نقداً «الكاش» بالعملات الاجنبية». واكد البيان انّ هذه الاخبار «هي محض اشاعات وعارية من الصحة تماماً».
الكهرباء
الى ذلك، وكأنّ أزمات النقص في المواد الغذائية والسلع المتوقعة بدءاً من مطلع العام الجديد لا تكفي، حتى تُضاف اليها «كارثة» الكهرباء المتوقعة، كما يشير مصدر في مؤسسة الكهرباء لـ«الجمهورية».
ويكشف المصدر انّ المؤسسة بدأت حالياً مرحلة من التقشف الاضافي بحيث أصبح معدل التغذية اليومي حوالى 8 ساعات ونصف. لكن المشكلة الحقيقية ستظهر بدءاً من العام 2020، حيث لم يتم تخصيص سوى 1500 مليار ليرة للكهرباء. وهذا يعني انّ المؤسسة مضطرة الى اعتماد برنامج تقنين دائم بمعدل 8 ساعات يومياً. لكنّ ساعات التغذية ستقل عن هذا المعدل في فترة الصيف، حيث يبلغ الطلب على الطاقة الذروة. وبالتالي، سترتفع فاتورة المولد لدى المواطنين. ومن المعروف انّ تعرفة كهرباء المولد تساوي 3 أضعاف أو اكثر تعرفة كهرباء الدولة.
لكنّ الخبر الاسوأ، انّ موازنة 2020 كما بات معلوماً تعاني نقصاً كبيراً في الايرادات، بما يعني انّ الدولة ستكون مضطرة الى اعادة توزيع الاموال وفق الاولويات. وبما اّن الرواتب ستكون اولوية، قد يؤدي ذلك الى خفض الانفاق على الابواب المتبقية، ومن ضمنها الكهرباء. وفي هذا الوضع سيكون المواطن أمام تقنين قاس جداً، وهو بالكاد سيشعر بوجود كهرباء الدولة، وسيعتمد بشكل كامل على المولّد، وسيدفع فاتورة مضاعفة في ظل هذه الضائقة المالية التي تطوّق الجميع.
البناء
الغالبية النيابية تنجح بتفادي «كسر الجرّة» مع الحريري وبيئة «المستقبل»… وعزوفه بوجه «القوات»
مرشّح الوصاية الأميركيّة نواف سلام ومشروع التدويل الأمنيّ مقابل التدويل الماليّ
الاستشارات اليوم: 68 صوتاً لحسان دياب رئيساً للحكومة وترجيح امتناع مستقبلي اشتراكي
صحيفة البناء كتبت تقول “ظنّ الأميركيون أن جعل سقف المطلوب لمشروعهم في لبنان في الربع الأخير من ساعة المواجهات في المنطقة، هو عزل لبنان عن سورية ومدّ سلطة اليونيفيل للبحر والجو والحدود السورية اللبنانية، فيتم ضمناً عزل حزب الله عن سورية تسليحاً وحضوراً ودوراً، كبديل عن التفكير بخطة مستحيلة لنزع سلاح المقاومة، ويتمّ تحت المظلة الأممية فرض خط أزرق على حقوق لبنان في النفط والغاز بدلاً من تورّط حكومة لبنانية بترسيم الحدود بتنازلات يصعب الدفاع عنها، ويصعب تمريرها. ولهذا ظنّوا أن أخذ لبنان نحو الانفجار المالي بتجفيف التحويلات بالعملات الأجنبيّة وفق خطة سنوات مضت وبلغت أهدافها، يتيح فتح ملفات الفساد والفشل ويفجّر غضب الشارع تحت تأثير الاختناق المعيشي، ويتيح لقيادات جرى إعدادها وتدريبها وتنظيمها وتمويلها وتجهيزها لمهمة قيادة الانتفاضة الشعبية، سيتيح طرح تشكيل حكومة جديدة تشكل نهاية لمرحلة القيادات التقليدية التي حكمت لبنان طائفياً وسياسياً منذ ثلاثة عقود، ومن بينها مَن اعتمدت عليهم واشنطن في سياساتها وما عاد بمقدورهم تخديم هذه السياسات، وصارت إطاحتهم شرطاً لإبعاد خصوم السياسات الأميركية. ولا مانع عندها أميركياً من معادلة بقاء الرئيس سعد الحريري خارج الحكم إذا كان هذا يضمن بقاء حزب الله والوزير جبران باسيل خارجه أيضاً. وجاء شعار «الحياد خيار استراتيجي للازدهار»، الذي أطلقته خيمة رئيس الجامعة الأميركية فضلو خوري في ساحة العازارية، مناسباً لتتويجه بترشيح شخصية تملك خبرة ونظرية تنفيذ هذا البرنامج وتأتي من الوسط الأكاديمي والقانوني والدبلوماسي، هي السفير السابق نواف سلام.
المفوّض السامي الذي سيحلّ مكان كل من رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري وحاكم المصرف المركزي، كمعتمَدٍ من واشنطن، كان في الحساب الأميركي سهل العبور، بالضغط على الحريري ليمنحه أصواته منذ استقالته، ويقدّمه كمرشح وحيد بديل لترؤس الحكومة، وعندما طرح الحريري الاسم ووجد الرفض عَدل عنه، ومضى يفاوض بأسماء بديلة تمهيداً لإعادة طرح اسمه، ليصيب الخطة الأميركية إصابة بالغة استدعت عقاباً مناسباً برفع الغطاء عن الحريري كمرشح ودفعه نحو الاعتكاف، بعدما قالت القوات اللبنانية تصريحاً وتلميحاً بأن الحريري لم يعُد يحظى بتغطية دولية وإقليمية لتسميته رئيساً للحكومة وأن هذه التغطية متاحة لنواف سلام.
الضغط متواصل على الحريري ليعلن تسمية سلام حتى صباح اليوم، رغم قرار الامتناع عن التسمية ليلاً، ويمكن أن يتغيّر الموقف صباحاً كما يمكن أن ينضمّ إليه موقف النائب السابق وليد جنبلاط، لضمان تسمية راجحة لسلام، والضغط على الحريري متواصل للإعلان أن أي تسمية لغير سلام ستشكل خرقاً للميثاقيّة لكونه موضوع تبنٍّ من الكتلة الأوسع تمثيلاً في طائفته، على أمل أن يشكل ذلك رادعاً للغالبية النيابية عن تسمية المرشح الذي حسمت منحه تصويتها، الوزير السابق حسان دياب الذي ينتمي لموقع قريب من الرئيس الحريري، وتربطه علاقة جيدة بالرئيس نجيب ميقاتي، ويشتغل الأميركيون مباشرة وبالواسطة على كل الكتل للتحذير من خطورة تسمية غير سلام، ملوّحين بعقوبات على أي حكومة يترأسها سواه أملاً بحشد أوسع تصويت لحساب اسمه؛ فيما تبدو الصورة بعد نجاح الغالبية بتفادي كسر الجرّة مع الحريري، عبر استمرار الحوار معه أملاً بتوفير فرص توليه رئاسة الحكومة، مقابل الخديعة التي توّجت بطعن القوات اللبنانية له في الصميم، كما ألمح تعليق مستشار الحريري الوزير السابق غطاس خوري على تصريح النائبة ستريدا جعجع الذي أشاد بالحريري بعد إعلان اعتكافه، حيث قال خوري، يبدو أن جعجع لم تقرأ جيداً كلام الحريري.
الحصيلة المتوقعة للاستشارات حتى ما بعد منتصف ليل أمس وفجر اليوم، تقول إن تسمية دياب ستنال على الأقل 68 صوتاً، وإن تسمية نواف سلام بدون الحريري وجنبلاط ستكون باهتة عند حدود الـ20 صوتاً ومعهما ستبلغ 48، فيما ستتوزّع أصوات المستقلين تباعاً بين الاسمين والامتناع وتسميات هامشية أخرى دون أن يغيّر تصويتها في حصيلة المشهد.
أعلن الرئيس سعد الحريري أنه لن يكون مرشحاً لتشكيل الحكومة المقبلة، وقال في بيان: «لما تبين لي أنه رغم التزامي القاطع بتشكيل حكومة اختصاصيين، فإن المواقف التي ظهرت في الأيام القليلة الماضية من مسألة تسميتي هي مواقف غير قابلة للتبديل، فإنني أعلن أنني لن أكون مرشحاً لتشكيل الحكومة المقبلة، وإنني متوجّه غداً للمشاركة في الاستشارات النيابية على هذا الأساس، مع إصراري على عدم تأجيلها بأي ذريعة كانت».
ويترأس الحريري صباح اليوم اجتماعاً لكتلة المستقبل النيابية لتحديد موقفها من مسألة التسمية. ورجّحت مصادر مستقبلية لـ»البناء» أن لا تسمّي الكتلة أحداً كما استبعدت أن يتم تكليف رئيس للحكومة في استشارات اليوم إلا إذا نجحت الاتصالات بالاتفاق على اسم بديل عن الحريري. وقد تمّ التداول بمجموعة أسماء منها الوزيران حسان دياب وخالد قباني. فيما أشارت مصادر المستقبل الى أن «التيار لن يسير بنواف سلام لأنه مرفوض من الرئيس ميشال عون وثنائي أمل وحزب الله». وأكدت أوساط بعبدا أن «الاستشارات النيابية قائمة حتى الساعة ولا اتجاه لتأجيلها. وشدّدت على أن قرار التأجيل عند رئيس الجمهورية ميشال عون فقط، واليوم يقدّر عون الظروف وإذا كانت استثنائية تقتضي التأجيل فسيؤجل».
وأعلن رئيس التيار الوطني الحر في بيان تقديره للموقف المسؤول الذي اتخذه الحريري، ورأى باسيل أنه «خطوة إيجابية نتمنى أن يستكملها الرئيس الحريري بأن يقترح من موقعه الميثاقي شخصية موثوقة وقادرة ليُعمل على التوافق عليها والتفاهم معها حول تشكيل حكومة تحظى بثقة الناس وتأييد الكتل البرلمانية الوازنة فضلاً عن ثقة المجتمَعين العربي والدولي، دون أن يضع البلد والناس أمام المجهول، كما حدث باستقالته الأخيرة، وذلك بتحديد خياره في اللحظة الأخيرة قبل الاستشارات النيابية الملزمة وبطلب تأجيلها او بفرض إجرائها حسبما يريد ويستنسب لمصلحته الخاصة فيما هي صلاحية حصرية لرئيس الجمهورية يستعملها بحسب ائتمانه على المصلحة العامة والدستور».
وفيما يتم التداول باسم نواف سلام بشكل لافت، قالت أوساط إعلامية بأن «اللقاء الأخير بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والحريري لم يصل إلى نتائج»، لافتةً إلى أن «الحريري لم يعطِ إجابة إن كان هو مرشحاً أم لا أم أنه سيرشّح غيره أم لا». ووفق «المصادر»، فإن «حزب القوات اللبنانية تعمّد إبلاغ الحريري موقفه بعدم تسميته قبل ساعات قليلة جداً من بدء الاستشارات الإثنين»، مُضيفةً بأن «القوات نقلت للحريري كلاماً من دولة خارجية كبرى أنه ليس رجل المرحلة وأن المرشح هو نواف سلام ويجب دعمه». ورأت أن «نواف سلام سيكون بنظر فريق المقاومة مرشح مواجهة»، مُشدّدةً على أن «القوى المؤيدة للمقاومة في لبنان بشكل عام ستتعامل مع سلام باعتباره مرشحاً أميركياً للمواجهة».وأكد الرئيس بري، كما نقل عنه النائب علي بزي خلال لقاء الأربعاء النيابي، «أن لا غطاء سياسياً لكل من يُسيء للوحدة والسلم الأهلي، ونحن لا نعطي أوامر للفتنة». وشدّد على «ان الاستشارات النيابية مكانها الطبيعي عبر المؤسسات وليس عبر تفجير الساحات»، مناشداً الجميع الإقلاع عن سياسة الإنكار والهوبرة والعمل بمسؤولية وطنية وعدم التقليل من خطورة الوضع إذا بقي على حاله»، وحذّر «من الواقع المرير والمشاهد المُخيفة والمندسّين».
المصدر: الصحف