عندما تقرر الجمهورية الاسلامية السماح للقاذفات الروسية الانطلاق من قاعدة همدان الجوية لتنفيذ ضربات ضد الارهابيين في سوريا فإن ذلك سيكون حتما بمثابة خطوة ضخمة الى الامام لها اثار ميدانية وهي تأتي ترجمة لتعزيز التنسيق والاتصالات في الفترة الاخيرة حول التعاون الاستراتيجي ازاء سوريا . وقد شكل التعاون الروسي الايراني في الميدان السوري ضد الارهاب في السنوات الماضية عنوانا فعالا وكبيرا في ضرب الارهابيين.
هذه الخطوة الروسية الايرانية الجديدة اليوم تثير الحنق الاميركي لكن روسيا عبر تفعيل دورها الجوي تواصل تصعيد دورها ضد الارهاب في سوريا بشكل يحرج الاميركيين مجددا دون ان يتمكنوا من اتخاذ ردود فعل في فترة هم مشغولون فيها بالانتخابات. الاحراج الاميركي ياتي جراء كون هذه الخطوة تشكل مددا اضافيا للدور الروسي في سوريا والمنطقة وهو ما يقلق واشنطن والسبب الثاني هو ان اميركا تناور في موضوع الارهابيين ولم تتخذ اي خطوة جدية كبرى ضدهم.
تطور عسكري استراتيجي هام يبدو انه سوف يكون احد العناوين المهمة للمرحلة المقبلة عبر اثاره الميدانية التي ستظهر ، في وقت علق المحللون والخبراء في الغرب على هذه الخطوة على اعتبارها خطوة اضافية يتخذها بوتين “لملء فراغ” يتركه الغرب.
لليوم الثاني مجموعة من قاذفات روسية تقلع من مطار همدان حاملة على متنها الحمولة القصوى من القنابل شديدة الانفجار ودمرت مركزيْ قيادة ومعسكريْ تدريب كبيرين لإرهابيي “داعش”، ما أدى إلى تصفية 150 مسلحا. وكانت القاذفات وجهت يوم أمس الثلاثاء أول سلسلة غارات في أرياف حلب ودير الزور وإدلب.
صحيفة الديلي تلغراف نشرت مقالاً اليوم حول هذا التطور بعنوان ” قرار الغرب بالإحجام عن التدخل في سوريا ترك فراغاً لبوتين لملئه”.
وقالت الصحيفة إنه ” في ذروة الحرب العالمية الثانية تحالفت روسيا مع بريطانيا لغزو إيران وطرد الشاه المؤيد لألمانيا”، مضيفاً أنه ” للمرة الأولى منذ ذلك الوقت، أي عام 1941 تعود القوات الروسية لإيران لشن ضربات جوية على سوريا”.
وأوضح المقال أن ” إيران لم تسمح لأي قوى أجنبية بشن عمليات عسكرية من أراضيها منذ الثورة الإسلامية”.
وأشار كاتب المقال إلى أن “مكان وجود هذه القاذفات، يمثل دليلا واضحا على أن قرار الولايات المتحدة الإحجام عن التدخل في سوريا، ترك فراغاً، استغله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين”.
وختم بالقول إنه ” في الوقت الذي تراجع فيه اهتمام الغرب بمنطقة الشرق الأوسط، فإن روسيا وإيران سارعتا إلى تعزيز موقعهما في المنطقة”.
وفي تقرير حول هذا الموضوع بعنوان “ماذا يعني انطلاق قاذفات روسية من إيران لسوريا؟” يقول موقع “سي ان ان” الاميركي ان استخدام قاذفات جوية روسية لقواعد جوية إيرانية، اثار ضجة كبيرة باعتبارها خطوة هي الأولى من نوعها تسمح فيها طهران لطائرات أجنبية مقاتلة باستخدام منشآتها العسكرية منذ ثورة العام 1979.
يشير التقرير الى اثر هذه الخطوة في 3 امور:
– المحللون يرون انه تطور استراتيجي كبير لموسكو ويوطد قدمها في منطقة الشرق الأوسط.
-المسافة هي إحدى الميزات التي يضيفها استخدام المقاتلات والقاذفات الروسية للقواعد الإيرانية باعتبار أن القاذفات كانت تستغرق رحلة مدتها ساعتان للوصول من قواعدها في روسيا إلى الأهداف بسوريا ولكن الآن تستغرق الرحلة 30 دقيقة فقط.
-قصر المسافة ومدة التحليق يعني وقودا أقل وبالتالي اتاحة المجال لتحميل القاذفات بقنابل وأسلحة أكثر وما يعكسه ذلك من توفير قدرات أكبر على تنفيذ عمليات جوية أكثر كثافة.
وتعتبر ايران أن هذا التعاون يأتي من اجل تعزيز جهود الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الحرب على الإرهاب وان هذا التعاون يتم بناء على قرار المجلس الأعلى للأمن القومي ولا يخالف الدستور، حيث أن قاعدة همدان الجوية لم تصبح قاعدة روسية ولم تتموضع فيها طائرات مقاتلة.
محاولة تضليل وتشويش اميركية صهيونية برزت ازاء هذه الخطوة تظهر الحنق والقلق بعد ان نشرت مواقع صهيونية اخبارا كاذبة حول طبيعة التموضع الروسي فيما حاولت واشنطن التلطي بالقرار 2231 لتوجيه السهام الى الخطوة. ونفى رئيس لجنة الامن والسياسة الخارجية في ايران علاء الدين بروجردي الاخبار التي تناقلتها مواقع صهيونية حول نصب منظومات اس 400 روسية في قاعدة همدان الجوية وقال إن المواقع الصهيونية نشرت اخبارا كاذبة ولم تتموضع أي قوات روسية في أراضي الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
وازاء المحاولة الاميركية للتشويش على الخطوة اكدت موسكو عبر وزير الخارجية سيرغي لافروف أنه لا أساس لاتهام روسيا بخرق القرار الدولي 2231 على خلفية نشر القاذفات .
المصدر: موقع المنار