تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الثلاثاء 01-10-2019 في بيروت العديد من الملفات المحلية والإقليمية، وجاءت افتتاحياتها على الشكل التالي..
الأخبار
كارتيل النفط يهدّد: أرباحنا أو الإضراب المفتوح
تناولت جريدة الأخبار الشأن الداخلي وكتبت تقول “قبل ساعات من صدور تعميم مصرف لبنان حول آلية تمويل استيراد المشتقات النفطية والدواء والقمح، استعاد مستوردو المشتقات النفطية لهجة الكارتيل المعتادة وقرّروا عقد اجتماع عند الساعة الخامسة من بعد ظهر اليوم لدرس التعميم. يقول أحد المستوردين: «إذا لم يأتِ كما نرغب، فسنلجأ إلى التوقّف عن الاستيراد». أما رغبتهم فأن يؤمّن مصرف لبنان الدولارات اللازمة لتسديد ثمن البضاعة المستوردة من دون أن يمسّ بالأرباح المحقّقة للشركات، عبر الفرق الزمني البالغ ستة أشهر بين مبيع الكميات المستوردة وتسديد الاعتمادات.
منذ إعلان مصرف لبنان عزمه إصدار تعميم يوم الثلاثاء (اليوم) يحدّد فيه آلية تمويل استيراد المشتقات النفطية والدواء والقمح بالدولارات اللازمة، عاد الهدوء إلى سعر الصرف في السوق الموازية وتراجع شراء الدولار لدى الصرّافين إلى 1570 ليرة مقارنة مع 1630 ليرة المسجّلة يوم الجمعة الماضية (وربما أكثر). إلا أن هدأة السوق، قد لا تستمر طويلاً في ظل بيان مستوردي النفط أمس الذي يلوّح بالتصعيد في حال لم تأت الآلية ”على خاطره“ وسط حديث متداول بين عدد من المستوردين عن إمكان اللجوء إلى الإضراب المفتوح والتوقّف عن الاستيراد في اجتماع يُعقد اليوم عند الخامسة من بعد الظهر لدرس آلية التعميم. ويشير هؤلاء إلى أنه في حال إصرار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على إصدار التعميم وفق الآلية التي أبلغها رئيس الحكومة سعد الحريري للمستوردين الأسبوع الماضي، فإن الأمر غير مقبول لأنه يمسّ جزءاً من الأرباح.
الآلية التي اقترحها رئيس الحكومة على المستوردين تتضمّن الآتي: التمويل بالدولار الأميركي بالسعر المحدّد من مصرف لبنان، يشمل حصراً ثمن البضاعة المستوردة لأن المكوّن المحلي من مبيعات النفط يشكّل 22% من مبيعات النفط في السوق المحلية. وعملية تنفيذ التمويل ستكون محصورة بين مصرف لبنان والمصارف بالاستناد إلى وثائق ثبوتية عن الشحنات والبيانات الجمركية وسواها مما يثبت سعر البضاعة من المنشأ، وبمعنى آخر فإن المصارف ستكون مسؤولة عن التأكّد من الاعتمادات المفتوحة للمستوردين وكمياتها عبر وثائق الجمارك وسواها. كما أن المصارف ملزمة بأن تفرض على المستوردين إيداعهم لديها مسبقاً ضمانة بنسبة 15% من قيمة الاعتمادات بالدولار الأميركي، وأن تُودع المبالغ التي تُجمع من مبيعات المشتقات النفطية في حساب مستقلّ يتم تحويله إلى الدولار عند استحقاق الاعتمادات.
لفهم هذه الآلية، يشير بعض المصرفيين إلى أن مصرف لبنان حذر جداً في التعاطي مع المستوردين، لأنه على دراية بسلوكهم في الاستفادة من النموذج النقدي القائم. فالمستوردون كانوا يعملون على أكثر من خط يوفّر لهم أرباحاً كبيرة على الشكل الآتي:
– يعمد المستوردون إلى فتح اعتمادات لدى المصارف المحلية تستحق كحدّ أقصى بعد 180 يوماً. خلال شهر أو أكثر قليلاً، يكون المستوردون قد باعوا كل الكمية، ويعمدون إلى إيداعها لدى المصارف مجمّدة على فترات قصيرة ويستفيدون من فوائدها كأرباح إضافية فوق الأرباح التي يحققونها من المبيعات والمنصوص عليها في آليات تسعير مبيع المشتقات النفطية الصادرة عن وزارة الطاقة.
– في السابق كان المستوردون يقترضون من مصارف أجنبية في الخارج بالدولار الأميركي بفوائد متدنية تصل إلى صفر في المئة، ثم يودعون المبالغ بالليرة اللبنانية ويقبضون عليها فوائد السوق المحلية، ما يحقق لهم أرباحاً إضافية. توقفت هذه العملية عندما ارتفعت المخاطر على ثبات سعر صرف الليرة مقابل الدولار وبات المستوردون عُرضة للخسارة إذا واصلوا هذه العمليات، وبالتالي فإن مصرف لبنان يأخذ في الاعتبار إمكان قيامهم بأمر مماثل في حال توفير الدولارات اللازمة للاستيراد.
– عندما بدأت أزمة شحّ الدولارات في السوق، عمد المستوردون إلى تحميل الجزء الأكبر من كلفة الفرق بين سعر الصرف الرسمي وسعر الصرف في السوق الثانوية (لدى الصرّافين)، إلى الموزّعين الذين حمّلوها بدورهم إلى أصحاب المحطات ما أدّى إلى تآكل جعالة أصحاب المحطات بقيمة 300 ليرة على كل صفيحة بنزين من أصل جعالة إجمالية بقيمة 2000 ليرة. يقول بعض المستوردين: إنهم تحمّلوا الجزء الأكبر من الفرق، لكن عند احتساب مجمل السوق يتبيّن أن أصحاب المحطات هم الخاسر الأكبر في هذه العملية.
– يحصر مصرف لبنان عملية تمويل الدولارات للمستوردين بثمن البضاعة المستوردة من دون الأجزاء الأخرى المتعلقة بضريبة القيمة المضافة والأرباح ونسب التبخّر وسواها التي يمكن أن تشكّل نزفاً إضافياً في احتياطيّاته بالعملات الأجنبية.
الحديث عن هذه الأجزاء من آلية التمويل هو ما كان واضحاً أمس، إلا أن المستتر في هذه المسألة هي الكميات التي سيموّلها مصرف لبنان. يقال بأن مصرف لبنان سيموّل حاجة السوق، لكن هل لديه الأدوات المناسبة لمعرفة حاجات السوق بالتحديد؟ وهل يملك المستوردون أدوات تحايل على مصرف لبنان من خلال عمليات التخزين؟
لا توجد لدى العديد من المعنيين إجابات واضحة على هذه الأسئلة بسبب تسييس المسألة وتقاطعها مع مسألة التهريب إلى سوريا. هناك من قال إن المازوت المستورد إلى لبنان يُهرّب إلى سوريا، ما يعني تهريب الدولارات إليها. وهناك من قال إن حاجة السوق المحلية من المازوت ترتفع وتنخفض بكميات كبيرة، تبعاً لمجموعة عوامل متغيّرة وعوامل طارئة. من بين العوامل المتغيّرة الأساسية، هي حاجة المصانع إلى المازوت، وحاجة مولدات الأحياء إلى المازوت، وهذا الأمر مرتبط بعدد ساعات انقطاع الكهرباء. أما التهريب إلى سوريا، فهو أمر غير دقيق للأسباب الآتية:
– بعض شركات الاستيراد في لبنان تُعيد تصدير بضائعها إلى سوريا بشكل غير مباشر، أي عبر شركات وسيطة، وتقبض الثمن بالدولار الأميركي نقداً وفق آلية الدفع المسبق. وبالتالي فإن مبيع المشتقات النفطية إلى سوريا لا يُسبب نزفاً في الدولارات إلى سوريا، إلا أنه قد يُسبب ارتفاعاً في الكميات المستوردة أو انخفاضاً فيها. وبحسب مصادر رسمية فإن الكثير من عمليات إعادة التصدير حصلت بشكل شرعي وفق إجازات شراء صادرة عن وزارة الطاقة – مديرية النفط.
– لا يخفى أن عمليات تهريب المازوت من لبنان إلى سوريا وبالعكس موجودة منذ سنوات طويلة، وهي مرتبطة بعنصرين: انقطاع هذه المادة في سوريا والفرق بين أسعارها هناك وأسعارها في السوق المحلية. فإذا كان السعر المحلي أعلى من السعر في سوريا، فليس هناك ما يبرّر التهريب، إلا إذا اعتبرنا أن المهرّبين يسعون إلى تسجيل الخسائر من جيوبهم بدلاً من تحقيق الأرباح، والثابت أن الأسعار في سوريا ليست أعلى من الأسعار في لبنان. سعر صفيحة المازوت في سوريا محدّد بقيمة 183 ليرة لليتر الواحد، اي 3660 ليرة للصفيحة، أي ما يوازي 7 دولارات وفق سعر الصرف الرسمي (515 ليرة سورية مقابل الدولار الواحد) وأقل من 6 دولارات وفق سعر الصرف في السوق السوداء في سوريا (637 ليرة سورية مقابل الدولار)، علماً بأن السعر الرسمي في لبنان لصفيحة المازوت يبلغ 17700 ليرة، أي 11.7 دولاراً بالاستناد إلى سعر الصرف الوسطي المحدّد من مصرف لبنان بـ1507.5 ليرات مقابل الدولار الواحد.
وتاريخياً، إن مسألة التهريب بين لبنان وسوريا غير ثابتة، فهذا الأمر كان يحصل بالاتجاهين منذ عقود، ما يجعل تحديد حاجة السوق المحلية إلى كميات المازوت غير واضحة وغير دقيقة. في السنوات السابقة كان التهريب من سوريا إلى لبنان عبر الحدود البقاعية والشمالية في تزايد مستمرّ، لأن الدولة السورية كانت تدعم سعر المازوت هناك. والتهريب مرتبط أيضاً بالأوضاع الجغرافية للمناطق الحدودية والقدرة على التهريب منها، إلا أنه في كل الأحوال لا يمكن أن يقوم أي مهرّب بقبض ثمن البضاعة بغير الدولار لأنه يدفع ثمنها أيضاً بالدولار.
أما بالنسبة إلى ما قيل عن ارتفاع استيراد المازوت إلى لبنان بنسبة 40% وفق أرقام الجمارك اللبنانية، انطلاقاً من كون الكميات الإضافية قد تُهرّب إلى سوريا، فإن هذا الأمر يندرج ضمن العوامل الطارئة. فالنائب نقولا نحاس، أجرى اتصالاً بالمدير العام للجمارك بدري ضاهر سائلاً إياه عن سبب ارتفاع كميات المازوت المستوردة إلى لبنان في الفترة الأولى من السنة الجارية، فأجابه بأن هناك كميات دخلت إلى لبنان في الفترة التي أُقرّت فيها زيادة على ضريبة القيمة المضافة من 10% إلى 11%، لكن حصل خلاف على إخضاعها لهذه الضريبة الإضافية ”1%“ (بسبب تعقيدات متصلة بانتقالها من حسابات الائتمان إلى حسابات المصادقة)، واستمرّ هذا الخلاف حتى حسم في مطلع عام 2019 وتم تسجيل دخول كميات كبيرة في مطلع عام 2019، علماً بأنها دخلت عام 2018، ما سبّب تضخماً اصطناعياً في الكميات المستوردة في الفصل الأول من السنة الجارية.
الصناعيون: شمولنا بالتعميم يُخفّف الطلب على الدولار
دخل على خط المطالبة بالاستفادة من تمويل مصرف لبنان بالدولارات للاستيراد، الصناعيون. فقد أصدر أمس رئيس جمعية الصناعيين فادي الجميل، بياناً يشير فيه إلى أنه ”في ظلّ الظروف الاقتصادية الصعبة وشحّ النقد النادر في لبنان، يُجمع الجميع على زيادة الصادرات وخفض الاستيراد قدر الإمكان، والصناعة قادرة على تلبية حاجات الأسواق في قطاعات عدة، لكن بعض المصانع تبيع إنتاجها بالليرة اللبنانية وتستورد موادّها الأولية بالعملات الصعبة، وبالتالي هي بحاجة إلى أن تتأمّن لها الدولارات وإلا ستضطر الى شراء العملة من الصرّافين بأسعار مرتفعة، ما سيزيد من كلفة إنتاجها». لكنّ الصناعيين ينظرون إلى الأمر بشكل مختلف، لأن تمويل الصناعيين بالدولارات سيزيد من قدرتهم على تأمين حاجات السوق المحلية من السلع، ومن قدراتهم التصديرية أيضاً، ما يخفّف نزف الدولارات إلى الخارج في كلتا الحالتين، لذا يطالب الصناعيون بشمول استيراد المواد الخام للصناعة بتعميم مصرف لبنان المنتظر اليوم… و«من شأن هذا الأمر أن يُخفّف من الطلب على الدولار إلى حدود 30%».
اللواء
هدوء في أسواق القَطْع.. وبعبدا تلوِّح بالملاحقة
حزب الله يسأل سلامة: كيف تأمنت الدولارات… وغضب متنقِّل على أوتوستراد الجنوب وطريق المطار والحمراء
بدورها تناولت اللواء الشأن الداخلي وكتبت تقول “يُمكن وصف النشاط الرسمي أمس بأنه لملمة لتداعيات نهاية الأسبوع، سواء في ما خصَّ أزمة الدولار أو الحركة الاعتراضية في الشارع أمس الأول.
وترجمة الحدث السياسي- المصرفي، الذي تمثل بزيارة حاكم مصرف لبنان إلى قصر بعبدا، ولقاء المكاشفة مع الرئيس ميشال عون، ستكون بمضمون تعميم المصرف في ما خص توفير الدولار بسعر الصرف الرسمي الذي لا يتجاوز الـ1507.50 ليرة لكل دولار أميركي، لتوفير السلع الضرورية لحياة اللبنانيين (نفط، قمح، أدوية..) والتي كانت وراء تحركات الأحد الماضي، التي فرضت تعميماً رئاسياً حول مواد في قانون العقوبات، تمنع التعرّض للرئيس ولهيبة الدولة.
والأهم في السياق، ترجمة ما أعلنه الحاكم سلامة، بعد لقاء بعبدا: نؤمن حاجات القطاعين العام والخاص بالعملات الأجنبية، وسنصدر اليوم تعميماً يُخفّف الضغط على الدولار وينظم توفير السيولة للمصارف.
وكان اللافت ما ذكرته قناة «المنار» الناطقة بلسان «حزب الله»، في نشرتها مساء أمس: «تزامُناً، ارتقابٌ لصدورِ تعميمٍ عن حاكمِ مَصرفِ لبنان رياض سلامة حولَ تحديدِ سعرِ صرفِ الدولار. تعميمٌ قال سلامة عنهُ بعدَ لقاءِ رئيسِ الجمهورية العماد ميشال عون اِنَهُ سيُنَظِمُ عَبرَهُ تامينَ الدولارِ بالسعرِ الرسميِ لتامينِ البنزينِ والطحينِ والدواء. فكيفَ سيَتِمُ التأمينُ بين ليلةٍ وضُحاها؟ وإن كانت موجودةً، وهي موجودةٌ، فلماذا حُجِبَت عن الاسواقِ التي وصلَت حدَّ الغليان، ومعَها المواطنُ الذي ليسَ له عندَ هؤلاءِ ايُ حساب؟ سؤالٌ برسمِ الأيام».
هدوء بعد العاصفة
باستثناء قطع طريق الجنوب عند مفرق بلدة الغازية، بالاطارات المشتعلة احتجاجاً على الوضع الاقتصادي، لم تسجل أمس أية تحركات احتجاجية على غرار «انتفاضة الاحد». في حين تراجع سعر صرف الليرة في مقابل الدولار لدى مكاتب الصيرفة من 1570 ليرة إلى 1540واقفل على 1520، وهو تقريباً يماثل سعر الصرف الرسمي لدى البنك المركزي، ما يؤشر إلى عودة الهدوء إلى سوق العملات.
وفي انتظار طبيعة التعميم الذي ستتخذه حاكمية مصرف لبنان اليوم بشأن توفير الدولار الأميركي للمصارف بالسعر الرسمي لتأمين البنزين والأدوية والطحين ضمن آلية سيرد شرحها في طيات التعميم، دعت مصادر نقابية الحكومة إلى مصارحة الشعب بحقيقة الوضع المالي، وتوضيح أسباب ما جرى في الأسابيع الماضية، ومن هي الجهات المسؤولة عن فقدان الورقة الخضراء من الأسواق؟ ومن هي الجهات التي تقف وراء المضاربة على الدولار؟ وهل صحيح انه كان يهرب إلى سوريا، ومن كان يقوم بهذا العمل.
وفي تقدير هذه المصادر ان رسالة الشارع، عبر الحركات الاحتجاجية التي جرت، جاءت شديدة اللهجة للحكم والمسؤولين، بضرورة المبادرة إلى اتخاذ خطوات سريعة لإنقاذ الوضع الاقتصادي من الانهيار، وهذا ما يفترض ان يظهر في مجلس الوزراء الذي سيعاود جلسات درس موازنة العام 2020 عصر اليوم، بعد ان يكون الرئيس الحريري قد عاد من باريس ليلاً، بعدما مثل لبنان في مراسيم دفن الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك، وكذلك خلال جلسة لجنة الإصلاحات التي ستنعقد قبل مجلس الوزراء.
ودعت هذه المصادر إلى عدم الاستهانة من ابعاد التحرّك العفوي الواسع للناس في كافة المناطق اللبنانية، والذي قد يتكرر على نطاق اشمل هذه المرة، لافتة إلى ان الأمور مرشحة لمزيد من التأزم والتعقيد على كافة المستويات إذا تجاهل المسؤولون مطالب الفئات الشعبية وهيئات المجتمع المدني التي تؤكد بأن الكيل طفح جرّاء لا مبالاة السلطة وتغاضيها عن واجباتها، خصوصاً وانها كانت تلقت تحذيرات من أكثر من جهة، وكان آخرها الصورة السوداء التي رسمتها وكالات التصنيف الائتماني وسفير «سيدر» بيار دوكان لناحية عدم القيام بالاصلاحات التي اشترطتها الدول المانحة لتقديم مشاريع استثمارية للبنان بـ11 مليار دولار، يفترض ان تعيد حركة النمو المتوقف عند حدود الصفر منذ سنوات.
من المستهدف؟
وبحسب هذه المصادر فإن تحركات الأحد لم تكن تستهدف فريقاً سياسياً بعينه، لا عهد الرئيس ميشال عون ولا غيره، بقدر ما كان يستهدف الحكومة مجتمعة ومعها العهد والمجلس النيابي المنتخب منذ سنة، وهؤلاء يشكلون مجتمعين ما يُمكن تسميته السلطة القائمة، أو فريق الحكم القائم، بدليل ان هتافات المتظاهرين دعت إلى إسقاط العهد والحكومة والمجلس معاً، تعبيراً عن وجعهم نتيجة انهيار الوضع المعيشي، وبدليل ما حصل في طرابلس من تمزيق صور وشعارات سياسية.
غير ان مصادر مقربة من بعبدا، لا تستسيغ هذه القراءة، وتعتبر ان تحركات الأحد كانت استهدافاً للعهد، وذلك استناداً إلى ما تمّ ضخه من شائعات عن انهيارات وأزمات وتحميل رئيس الجمهورية مسؤولية ذلك، ما يؤكد بحسب هذه المصادر وجود «اوركسترا منظمة» غايتها الوحيدة الإساءة إلى العهد وكأنه المسؤول عمّا حصل ويحصل، في حين ان تردي الوضع الاقتصادي هو نتيجة تراكمات، ومع ذلك يسعى إلى المعالجة فور عودة رئيس الجمهورية من نيويورك حيث باشر الرئيس عون بمتابعة المعطيات المتصلة بموضوع الدولار، مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، سيستكملها بلقاء اليوم مع وزير المال علي حسن خليل.
وكشفت هذه المصادر انه في خلال لقاء الرئيس عون مع حاكم مصرف لبنان تم عرض الأرقام والوقائع وكل ما يملكه المصرف المركزي من معطيات، وقد طلب رئيس الجمهورية من سلامة المساعدة في ممارسة المصرف دوره في المساهمة في معالجة الوضع الذي نشأ، وقد اطلع الحاكم الرئيس عون على الخطوط العريضة للتعميم الذي سيصدره اليوم وكيفية عمل الآلية وفتح اعتمادات بالدولار من أجل الأمور الأساسية من قمح وبنزين وادوية. وعلم ان الآلية تقنية. وذكرت انه برز تشديد على دور المصارف في طمأنة اللبنانيين للحقيقة خلافا للشائعات التي زرعت في هذه الفترة ودور المصارف في المساعدة من خلال الاجراءات التي تتخذ بالتنسيق مع مصرف لبنان.
انفراجات تدريجية
وتوقعت المصادر حصول انفراجات تدريجية في الوضع المالي، وتحدثت عن إجراءات تحصل اليوم وأخرى لن يعلن عنها إلا بعد حصولها، معيدة إلى الذاكرة بأن هناك نظاماً يرعى عمل الصيارفة ويجب ان يطبق القانون لهذه الناحية. وفي هذا السياق كان لافتاً للانتباه تعميم مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية نصوص مواد في قانون العقوبات تجيز ملاحقة مرتكبي جرائم النيل من مكانة الدولة المالية.
والملاحظ ان هذه المواد، ولا سيما المادة 209 عقوبات تعتبر وسائل نشر الأعمال والحركات والكلام أو الصراخ سواء جهر بهما أو نقلاً بالوسائل الآلية، والكتابة والرسوم واللوحات والصور والإعلام والشارات إذا عرضت في محل عام أو مكان مباح للجمهور أو معرض للانظار أو عرضت للبيع أو وزّعت على شخص أو أكثر، في حين يشمل نص المادة 319 كل من أذاع بإحدى الوسائل المذكورة وقائع ملفقة أو مزاعم كاذبة لاحداث التدني في أوراق النقد الوطنية أو لزعزعة الثقة في متانة نقد الدولة وسنداتها وجميع الاسناد ذات العلاقة بالثقة المالية العامة.
اما الماد 320 فتنص علىانه يستحق العقوبات نفسها كل شخص تذرع بالوسائل عينها لحض الجمهور اما على سحب الأموال المودعة في المصارف والصناديق العامة أو على بيع سندات الدولة وغيرها أو على الإمساك عن شرائها».
وكان مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية قد حرص على الرد على ما تداولته مواقع الكترونية من معلومات منسوبة إلى مصادر مقربة من قصر بعبدا، تتحدث عن ان حل الأزمة الراهنة يكون باستقالة الحكومة، وهو الأمر الذي اعتبره اعلام الرئاسة لا أساس له من الصحة، لا سيما وان رئيس الجمهورية أكّد أكثر من مرّة دور الحكومة في المرحلة الراهنة وضرورة تفعيلها.
كذلك نفى المكتب ما ورد في بعض وسائل الإعلام عن مداولات تتعلق بلقاء الرئيس عون مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في نيويورك، ولا سيما ما يتعلق بما نسب إلى الرئيس عون عن العلاقة مع الرئيس سعد الحريري، مؤكداً ان مثل هذه الاخبار وغيرها تندرج في سياق الشائعات التي تكاثرت في الآونة الأخيرة والتي تكذبها الحقائق الثابتة.
يُشار إلى ان الحاكم سلامة كان قد أكّد بعد لقاء عون أن مصرف لبنان يؤمّن حاجات القطاعين العام والخاص بالعملات الأجنبية، وسيستمر في ذلك وفقاً للأسعار الثابتة التي يعلن عنها المصرف المركزي من دون تغيير، معلناً انه سيصدر غداً (اليوم) عن حاكم مصرف لبنان تعميم ينظم توفير الدولار للمصارف بالسعر الرسمي المعلن عنه من المصرف المركزي لتأمين استيراد البنزين والأدوية والطحين ضمن آلية سيرد شرحها في التعميم، مع التشديد على أن علاقة مصرف لبنان هي مع المصارف فقط، وهو لا يتعاطى مع المستوردين مباشرة. واكد إن مصرف لبنان سيتابع تحفيز التمويل للقطاعات المنتجة والسكن، وكان أعلن منذ أسبوع عن تحفيزات جديدة لقطاعات الصناعة.
ورداً على سؤال قال سلامة: لا يتعاطى مصرف لبنان تاريخياً بالعملة الورقية، ولن يتعاطى بها حالياً أو مستقبلياً لاعتبارات عدة، إلا أن التعميم الذي سيصدر غداً (اليوم) سيخفف حكماً الضغط على طلب الدولار لدى الصيارفة.
الى ذلك، اكد الرئيس عون امام وفد «اميركان تاسك فورس فور ليبانون» الذي زاره في بعبدا ان لبنان يقوم بالعديد من الاجراءات الاقتصادية بدءا من العمل على اقرار موازنة تقشف للسنة الحالية والسنة المقبلة، وفرض ضرائب على الاستيراد بالاضافة الى محاربة الفساد واطلاق الاصلاح في القطاعات المختلفة، معتبرا «ان ما نقوم به اليوم لم يكن احد ليجرؤ على القيام به من قبل». وشدد على ان لبنان ينظر الى الولايات المتحدة كصديق وهو لذلك يتطلع الى المزيد من دعمها على الصعد المختلفة.
ومن جهته، غرد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عبر «تويتر» مقترحاً فرض نسبة 50 في المائة على المتعهدين عمالة لبنانية باجر يفوق أجور الأجانب في مجالات البناء وورش الصيانة لوزارة الاشغال وغيرها لاستيعاب البطالة وخلق ورش مهنية مناطقية في كل المجالات، مشيراً إلى انه قام بتجربة متواضعة على المستوى الشخصي ممكن تعميمها.
ووصف جنبلاط في تغريدته ما حصل الأحد بأنه «غضب شعبي مشروع»، ودعا إلى تدابير حكومية جدية في ضبط الحدود والتهرب الضريبي وإقرار الضريبة التصاعدية الموحدة والحد من امتيازات الطبقة الحاكمة واقفال السفارات المنتشرة دون جدوى والإفادة من الأملاك البحرية وضبط الفساد جدياً واعتماد مناقصات شفافة لردع الرأسمال المشبوه، كما دعا إلى العودة إلى التجنيد الاجباري لترسيخ الوطنية، معتبراً انتظار حلول «سيدر» وهمية بعيداً عن نظريات النمو الكاذبة والوهمية.
غضب متنقل
إلى ذلك، افيد ليلاً ان شباناً تجمعوا مساء في شارع الحمرا وجابوه سيراً على الاقدام، واطلقوا هتافات احتجاجاً على الوضعين الاقتصادي والاجتماعي. وعملت القوى الأمنية على مواكبة المحتجين وتأمين سير المواطنين.
وسبق ذلك، اقدام عدد من الشبان الغاضبين على قطع أوتوستراد الجنوب عند مفرق الغازية مقابل تعاونية العاملية، بالاطارات المشتعلة، احتجاجاً على تردي الوضع الاقتصادي، لكن القوى الأمنية عملت لاحقاً على فتح الطريق. وفي طرابلس جابت مسيرة سيّارات شوارع المدينة وهي تبث اغاني واناشيد ورفعت اعلاماً دعماً لتيار «المستقبل» والرئيس الحريري، في ما يشبه الرد على ما حصل الأحد.
وفي النبطية، عمد شبان إلى إفراغ كميات من النفايات المكدسة في المستوعبات الموجودة إلى جانب الطريق وسط الطريق العام الذي يربط بلدة حاروف الجنوبية بالنبطية وبلدة جبشيت، تعبيراً عن استيائهم مما وصلت إليه الأمور من عدم جمع النفايات ولا مبالاة المسؤولين. وغطت النفايات الشارع العام في حاروف فيما تجمع الشبان على جوانبه، وقطعت الطريق تماماً امام السيّارات. وليلاً، ذكرت الوطنية أن شباباً تجمعوا على طريق المطار وحاولوا قطع الطريق، إلا أن القوى الأمنية متفهم.
إلى ذلك، نسب موقع الكتروني (لبنان 24) إلى مصادر مطلعة قولها أن «حزب الله» تمنى من الحزبيين التابعين له عدم المشاركة حالياً في الإحتجاجات التي تحصل في الشارع. وأشارت المصادر إلى أن الحزب ترك الحرية ولم يصدر قراراً يمنع بموجبه أي من هؤلاء العناصر المشاركة في التحركات واكتفى بالتمني. ولفتت المصادر إلى أنه في المقابل ترك الحزب الحرية المطلقة لبيئته الحاضنة للمشاركة من عدمها، إذ إن التمني سابق الذكر لا يشمل الحزبيين.
البناء
سورية والعراق يُسقطان الخط الأحمر بفتح «البوكمال»… واللجنة الدستورية في 30 تشرين 1
الوضع المالي الهشّ في لبنان بين غضب الشارع وقلق العارفين والمعالجات السطحيّة
محاولات لابتزاز عون بخياراته… وحردان لحال طوارئ اقتصادية و الورقة القوميّة
صحيفة البناء كتبت تقول “في خطوة تحدٍّ نوعيّ للخط الأحمر الأميركي الإسرائيلي المعلن منذ سنوات، أعلنت حكومتا بغداد ودمشق في سياق احتفالي فتح معبر البوكمال الحدودي بين العراق وسورية، ليكون الطريق بينهما مفتوحاً أمام تدفق حر وآمن للبضائع والأفراد تحت سلطة ورقابة وإشراف الجيشين الوطنيين السوري والعراقي، خالياً من أي وصاية أو رقابة أو تدخل لأي قوة أجنبية، وهو ما يعتبره الخبراء في الشأن الإقليمي سواء من الغرب أو من الشرق، نهاية مرحلة وبداية مرحلة وتحولاً نوعياً في التوازنات السائدة على ساحة المساحة الممتدة من البحر المتوسط حتى إيران، ولم تخفِ واشنطن وتل أبيب خلال سنوات تحذيراتهما العلنية من تواصل الجغرافيا السورية العراقية، واعتباره خطاً أحمر بذل الأميركيون و الإسرائيليون الكثير لمنعه، وشكل تخطّي التهديد والفوز بالتكامل الاستراتيجي الذي يؤسس له الإعلان، توفير فرص اقتصادية ونفطية وتعاون أمني، يتواصل مع الانفتاح الموازي بين العراق وإيران، ومشروع سكة الحديد التي تربط البلدان الثلاثة، ما يوجّه صفعة قاسية للغة العقوبات والحصار، بمثل ما يؤمن التواصل الاستراتيجي بين أطراف محور المقاومة الأمر الذي يؤرق تل أبيب ويربك واشنطن. وقالت مصادر اقتصادية لبنانية، إن لبنان الرسمي يجب أن يسارع للتواصل مع الحكومة السورية بعد اكتمال عقدتي معبر نصيب ومعبر البوكمال، لتوفير أعلى درجات التعاون اللبناني السوري بما يفتح بوابات التصدير والترانزيت أمام الاقتصاد اللبناني الذي يعيش أسوأ أيامه، وتقوم الحكومة بإخضاع مصالحه الحيوية وحاجاته الوجودية لحسابات سياسية ضيقة، تتصل بأحقاد السياسيين والتزاماتهم الخارجية، عكس المصلحة اللبنانية العليا التي يفترض أن تكون هي المحرّك الوحيد لمواقف كل من يتولّى المسؤولية الحكومية.
على الطريقة ذاتها بإدارة الظهر للفرص المتاحة، إدارة ظهر للمشاكل القائمة، والمعالجات الحكومية سطحية كما قالت مصادر مالية، فتعميم مصرف لبنان ينظم السحوبات، لكنه لا يحل المشكلة، والتفاعل الحكومي بارد وباهت مع الأزمة الناتجة عن نقص عرض الدولار الذي شحت مصادره، سواء بسبب تراجع المال السياسي ومال الاغتراب او ضعف السياحة، خصوصاً ضعف التصدير. وقالت المصادر إنه من الصعب الرهان على خطط تنجح في المدى القريب بضخ موارد من العملات الصعبة في الأسواق، باستثناء أموال مؤتمر سيدر، التي ستبدأ بالربيع بالتدفق إلى الأسواق إذا سار كل شيء كما يجب، علماً أن اموال سيدر ديون جديدة سيرتفع معها الدين ويتراجع الاقتصاد، ويزداد حجم الدين بالنسبة للاقتصاد، ورغم ذلك تبقى سنداً مفيداً في البعد المتصل بميزان المدفوعات وما يتصل بالضغط على العملات الصعبة. وأضافت المصادر أن ما يجب فعله حتى ذلك التاريخ هو تخفيض الطلب على الدولار طالما العرض سيبقى شحيحاً، وطالما ليس مطلوباً ضخ ما لدى مصرف لبنان وإضعاف الليرة وتعريضها لضغوط المضاربين، فإن تشجيع التصدير وتخفيض فاتورة الاستيراد يجب أن يشكلا الأولوية. وهذا يستدعي الإسراع للاستثمار على فرصة التصدير إلى سورية والعراق وعبرهما من جهة، وإلى دراسة جداول المستوردات ومواكبتها بجداول ضرائبية تهدف للحدّ من تضخم هذه الفاتورة عبر تشجيع البدائل المنتجة محلياً. وتساءلت المصادر طالما أن مصرف لبنان سيتولّى تأمين العملات الصعبة بطريقة مدروسة وغير عشوائية لحاجات الدولة واستيراد المحروقات، وطالما أن حاجات تشغيل الهاتف الخليويّ وتشغيل المولدات الخاصة التي تبيع الكهرباء للبنانيين، تدخل ضمن هذا السياق، فلماذا لم تبادر الحكومة إلى حسم أمر فرض تسعير خدمات الخليوي وتسعير بيع المشتقات النفطية وتسعير فواتير المولدات بالليرة اللبنانية تحت طائلة العقوبات الجزائية. وهذه الفواتير التي يبلغ حجمها الشهري نصف مليار دولار أي خمسة مليارات دولار سنوياً، ومَن يقوم بتسديدها مباشرة هم لبنانيون دخلهم بالليرة اللبنانية، ويضطرون لشراء الدولارات من أسواق الصرافين لتسديد فواتيرهم، فلماذا لا يتمّ تسعيرها بالليرة اللبنانية. وهو أمر يكفي لسحب هذا الفتيل المالي المتفجّر، ولا يحتاج إلا إلى قرار حكومي حاسم يبدو أن مصالح غير مرئية لا تزال تحول دون صدوره.
وفي الملف المالي أيضاً توقفت مصادر متابعة أمام محاولات التصويب على رئيس الجمهورية، الذي يتشارك مع التيار الوطني الحر الممثل بقوة نيابياً وحكومياً، وقالت إن رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة مسؤولون بالتأكيد عن معالجة الأزمة بقدر مسؤوليتهم عن تفاقهمها، كل ضمن حدود سلطاته وصلاحياته، وكذلك فإن التيار الوطني الحر الموجود في الحكم بأشكال متعددة منذ أكثر من عشر سنوات، مثله مثل حزب الله وحركة أمل وتيار المستقبل والقوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي مسؤولون جميعاً عن معالجات بحجم الأزمة، ويتوزعون مسؤولية الأزمة كل بقياس يتناسب مع حجم حضوره وتاريخ هذا الحضور، لكن التصويب على رئيس الجمهورية وتعميم نظريات العهد الفاشل جاءت برأي المصادر منفصلة عن هذا السياق، وهي مرتبطة برسائل داخلية وخارجية أعقبت كلام رئيس الجمهورية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، عن نياته تجاه المبادرة للتعاون مع الحكومة السورية مباشرة في ملف عودة النازحين، وعلى خلفية موقفه الداعم للمقاومة الذي تضمنه بيان المجلس الأعلى للدفاع وكرره رئيس الجمهورية من نيويورك، والحملة التي استهدفت الرئيس وتسعى لابتزازه تحت شعار تحميله مسؤولية التردي المالي، عبر عنها الذي ينقلون تعليمات السفارات إلى وسائل الإعلام، بقولهم إن مواقف رئيس الجمهورية ستنعكس سلباً على لبنان مالياً، وهذا هو بيت القصيد.
وفي الملف المالي تحدث رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي أسعد حردان أمام وفود شعبية في الجنوب، رافضاً كل المعالجات التي تقوم بتحميل الطبقات الفقيرة المزيد من الأعباء، داعياً لمعالجة جدية محورها إعلان حال الطوارئ الاقتصادية وفقاً لمضمون يعالج جوهر المشكلة، كما نصت الورقة القومية التي قدمت للمشاركين في لقاء بعبدا الاقتصادي والمالي.
أعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بعد لقائه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في بعبدا أن «المصرف سيُصدر اليوم تعميماً ينظم توفير الدولار للمصارف بالسعر الرسمي المعلن عنه من المصرف المركزي لتأمين استيراد البنزين والأدوية والطحين ضمن آلية سيرد شرحها في التعميم، مع التشديد على أن علاقة مصرف لبنان هي مع المصارف فقط، وهو لا يتعاطى مع المستوردين مباشرة». ورداً على سؤال قال: لا يتعاطى مصرف لبنان تاريخياً بالعملة الورقية، ولن يتعاطى بها حالياً أو مستقبلياً لاعتبارات عدة. إلا أن التعميم الذي سيصدر غداً سيخفّف حكماً الضغط على طلب الدولار لدى الصيارفة».
وتوقّعت مصادر مطلعة لقناة «المنار» أن «تبدأ اليوم انفراجات في سوق الصيرفة بعد لقاء عون سلامة »، مؤكدةً ان «العمل يجري على ملاحقة مطلقي الشائعات التي ضخّمت الأزمة ورمتها بوجه الرئيس عون». ولفتت القناة الى أن «الآلية المتوقع أن يطرحها سلامة عبارة عن تفاهم بين مصرف لبنان والمصارف يتمّ من خلاله تحديد عدد الشركات المستوردة للسلع الثلاث بالاستناد إلى لوائح أعدّتها وزارة الاقتصاد كما القيمة المالية للاستيراد لكل شركة منها»، مشيرةً إلى أن «أهميّة هذا التعميم تكمن بربطه استخدام الدولار فعلياً بالمستوردات الخارجية والتي يتمّ تسديد ثمنها بالعملة الصعبة وكل حلقات البيع والتوزيع الداخلية فتتمّ بالعملة اللبنانية على أساس السعر المحدّد بمصرف لبنان».
وعمّم مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية نص المادة 209 من قانون العقوبات التي تحدّد ماهية النشر، والمادتين 319 و320 من القانون نفسه والتي تحدد العقوبات التي تنزل بمرتكبي جرائم النيل من مكانة الدولة المالية.
وفي سياق ذلك، أكد رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الإجتماعي النائب أسعد حردان خلال استقباله في دارته في راشيا الفخار، وفوداً شعبية وحزبية وفاعليات من مختلف قرى وبلدات منطقة حاصبيا والعرقوب، أنّ الوضع دقيق جداً، والمعالجات يجب أن تكون سريعة وجذرية، وأن لا تُحمّل الناس أعباء إضافية وضرائب جديدة، لا المباشر ولا بغير المباشر، والمسؤولية الوطنية تقتضي تبديد هواجس اللبنانيين الذين يشعرون أنهم مستهدَفون بلقمة عيشهم. ولفت حردان إلى أنّ العقوبات الأميركية التي تستهدف المؤسسات والأفراد في لبنان، تستهدف الاقتصاد اللبناني بشكل عام، ما يعني أنّ البلد كله مستهدَف باستقراره الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وشدّد على ضرورة وضع خطة طوارئ اقتصادية، تعتمد العناوين التي تقدّمنا بها إلى لقاء بعبدا الاقتصادي، ليتمكّن لبنان من مواجهة العقوبات وإفشال أهدافها. وشدّد على أنّ الدولة هي المسؤولة عن حماية مواطنيها والدفاع عن مصالحهم، وهي مُطالَبة باتخاذ كلّ الإجراءات لمواجهة مفاعيل العقوبات التي تستهدف المواطنين واقتصاد البلد.
ودعا حردان إلى اعتماد مقاربات واضحة وعملية حول الوضع الاقتصادي وسبل المعالجة، وأن يترجم هذا الاتجاه في مواقف الحكومة والمسؤولين والقوى السياسية، للحدّ من الهلع الاقتصادي الذي تتسبّب به حملات التهويل المترافقة مع العقوبات الأميركية. ورأى حردان أنّ تحقيق الأمن الاجتماعي والاقتصادي أولوية وطنية، والكلّ مطالب بحماية الاستقرار وتحصين الوحدة والحفاظ على السلم الأهلي، والالتفاف حول معادلة الجيش والشعب والمقاومة، في مواجهة كلّ الأخطار والتحديات.
في غضون ذلك لم يسجّل الشارع أمس، أي احتجاجات أو تحرّكات بعد توتر ساد مختلف المناطق اللبنانيّة يوم الأحد الماضي، باستثناء بعض التحركات في صيدا والجنوب، حيث أقدم عدد من الشبان الى إقفال طريق صيدا – الزهراني في منطقة الغازية ، قرب حلويات «السلطان» بالإطارات المشتعلة بعد فتحها لبعض الوقت وذلك احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصاديّة والمعيشية».
وانشغلت الأوساط السياسيّة والأمنيّة بتحليل خلفيات التحركات ومَن يقف خلفها والشعارات التي رفعتها وأعمال الشغب التي رافقتها لكشف أهدافها، إذ يجري وبحسب معلومات «البناء» التحقيق مع عدد من الموقوفين من المتظاهرين لمعرفة مَن حرّكهم ودفعهم للنزول الى الشارع وافتعال الشغب. ولاحظت مصادر في التيار الوطني الحر وجود هجمة ممنهجة على العهد لاستهداف رئيس الجمهورية وتحميله مسؤولية تردي الأوضاع بسبب مواقفه السياسية والوطنية إضافة الى إثارة الخلافات السياسية بين أطراف الحكومة، وأشارت المصادر لـ»البناء» الى أن الحملة مكشوفة ولن تنجح والرئيس عون مستمر في تحمّل مسؤوليته والحكومة لتطبيق ورقة بعبدا لإنقاذ واصلاح الوضع ولو تدريجياً». وأشارت مصادر عونية إلى أن «هناك جهات استخدمت التحركات الشعبية لتحقيق أهدافها السياسية».
وضجت الأوساط الشعبية والسياسية في مدينة طرابلس بما وصفته مصادر بالانتفاضة الشعبية على زعماء المدينة، لا سيما على رئيس الحكومة سعد الحريري وحرق صور له وإزالة صور المستقبل وأيضاً الرئيس نجيب ميقاتي، إلا أن مصادر ميقاتي قللت من أهمية الاحتجاجات على ميقاتي، مشيرة الى أنها «عرضية ولا تضاهي الحملة على الرئيس الحريري ورئيس الجمهورية»، وأكدت لـ»البناء» أن «الاحتجاجات انتهت ولم تحصل اي تفاعلات أمس»، واوضحت أنها «ليست اننفاضة على زعماء المدينة بل فشة خلق علماً أن تردي الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية في المدينة وكل المناطق اللبنانية تستأهل انتفاضة ضاغطة على السلطة لإصلاح الوضع، لكن حتى الآن لا يمكن اعتبارها مظاهرة شعبية إذ لم تُعرف هوية وقيادة هذه الحراك الذي لم يتجاوز عشرات الأشخاص».
الى ذلك يعقد مجلس الوزراء عصر اليوم جلسة في السرايا الحكومية لمتابعة درس مشروع موازنة 2020. واشارت قناة «أن بي أن» الى أن « وزارة المالية انكبت على درس الاقتراحات المقدمة من التيارات السياسية وخصوصاً التيار الوطني الحر و القوات وعملت على تلخيصها لطرحها ونقاشها بموازاة الموازنة حتى إذا ما حصل توافق حول بعضها يصار إلى تقديمها بصيغة قوانين أو مراسيم».
المصدر: صحف