أمين أبوراشد
كما عادته في صناعة “الأكشن”، عقد الرئيس الأميركي دونالد ترامب مؤتمراً صحفياً مُفاجئاً منذ بضعة أيام، للإعلان أن الله قد اختاره ليخوض الحرب التجارية مع الصين، وألمح الى أسلافه من رؤساء أميركا وقال: ” أحدٌ ما كان عليه أن يقوم بهذه المهمة” ونظر الى السماء وأضاف: “أنا هو المختار”، وبصرف النظر عن هذا المُصطلح الصهيوني، فإن شخصية الشيطان ترامب، يُتوقَّع منها كل ما هو غريب لدرجة إعلان “النُبُوَّة” يوماً ما.
لسنا في وارد استعراض “إنجازات” ترامب الخارجية، التي يستكمل من خلالها الحروب وصناعة الموت التي يتداولها الرؤساء الأميركيون خَلَفاً عن سَلَف، ولو أن ترامب يتميَّز عنهم ببراغماتية التاجر الوَقِح، سواء عبر الجرأة في فرض الصفقات، أو الفلتان من كل القوانين الدولية في فرض العقوبات، والداخل الشعبي الأميركي مُرتاح لهذه السياسات، طالما أن أميركا التي بُنِيَت على عظام الهنود الحُمر، تشهد نُموَّاً غير مسبوق على حساب الآخرين، حتى ولو على لقمة الجار المكسيكي، أو ابتزاز نواطير النفط الخليجي، ووصولاً الى تجويع وتشريد وقتل الملايين من نساء وأطفال وعَجَزَة اليمن في مسلسل جرائم واختبارات الأسلحة.
نتوقَّف فقط عند جزئية من حفلة جنون ترامب الأخيرة، في تصريحٍ للمُعلِّق الإذاعي المُحافظ “واين آلن روت” في قوله: “الرئيس ترامب هو أفضل رئيس بالنسبة لليهود ولإسرائيل في تاريخ البشرية، واليهود في إسرائيل يعشقونه كما لو كان ملك إسرائيل”.
نترك الحرب التجارية التي ينوي ترامب خوضها مع الصين – رغم الديون الأميركية المُستحقة للصين – ونتساءل، ماذا يُمكن أن يُقدِّم ترامب لإسرائيل أكثر مما قدَّم لها أسلافه من دعم مادي وترسانات أسلحة، وكيف يحميها طالما أن كل مُنشآتها الحيوية والإستراتيجية متواجدة في منطقة لا تتعدَّى مساحتها 1200 كلم مربع، ومن السهل استهدافها وتدميرها وبالتالي تدمير الوجود الكياني لما تُسمَّى إسرائيل.
وإذا كان “واين آلن روت” قد توَّج ترامب مَلِكاً على إسرائيل، فمِن أين يأتي له بشعبٍ لهكذا مملكة شبيه بتركيبة الشعب الأميركي (مزيج عجيب غريب من الإتنيات)، مع فارقٍ أساسي، أن الشعب الأميركي يتعايش بأمان، والشعب الإسرائيلي لن يعرف الأمان سوى خارج إسرائيل، وأن سيل الهُجرة من إسرائيل لا يتوقَّف أمام التحدِّيات الوجودية التي يواجهها اليوم وسوف يواجهها مستقبلاً.
إننا إذ نُبارك للشعب “الإسرائيلي” بالمّلِك اليهودي الجديد، فهو يُصلِح ربما لأن يمتلِكهُم في الداخل الأميركي، لكن اليهود الذين يحتلُّون فلسطين، فإن رئيساً أميركياً بذهنية ترامب سوف يكون وبالاً عليهم بِرُعونة سياساته، وهُم ليسوا أكثر من سِلَع يُتاجر بها اليوم كما يُتاجر بِسواهُهم في حملته الإنتخابية لولاية ثانية، ومن حق اليهود في أميركا التصفيق لترامب في حربه بمواجهة دولة بمستوى الصين، ولو أنها خاسرة، لكن عليهم “اللَّطم” متى تجرأت إسرائيل ومعها أميركا وكل عملاء الخليج على أية مواجهة مع محور المقاومة في أية بقعة من الشرق الأوسط…
المصدر: موقع المنار