غالبا ما ينظر إلى الذبابة بأنها حشرة ليست ذات قيمة، وأنها ناقلة للعدوى والأمراض المميتة، لكن عالمة عربية كشفت مؤخرا عن أنها “وسيلة علاج للإنسان”.
وأكدت الأستاذة المساعدة بقسم العلوم في كلية التربية الأساسية بـ”التطبيقي”، والباحثة في علم الحشرات، بالكويت، دكتورة جنان الحربي، إلى أن لـ”الذبابة فوائد عديدة”، بحسب صحيفة “الأنباء” الكويتية.
وأشارت “الحربي” إلى أن أبحاثا علمية، أكدت فاعلية يرقات الذباب الأخضر في علاج الجروح والغرغرينا، متوقعة أنه في المستقبل ستكون أكياس اليرقات المعقمة هي البديل في علاج التقرحات وجروح السكر المستعصية.
وقالت: “منذ سنوات، بدأت بعض المراكز العلاجية العالمية في استخدام أنواع من الذباب لعلاج الجروح المستعصية والمزمنة، ومنها الذباب الأخضر “لوسيليا سيريكاتا”، والذباب الأزرق المعروف بـ”العنتر”، “كاليفورنيا فوميتوريا”، وينتمي هذا النوع من الذباب الى عائلة الخوتعيات، ويطلق على الذبابتين عادة اسم “ذباب الجيف” أو “ذباب الجثث”، لأن الغذاء المفضل لدى يرقاتهما بجميع الأعمار هو اللحوم والجثث المتعفنة والحيوانات النافقة والبول والبراز، أما الذبابة البالغة فهي تتغذى عادة على رحيق الأزهار.
وتابعت دكتورة جنان الحربي، أن أول من لاحظ فائدة يرقات الذباب الأخضر والأزرق في علاج الجروح، هو “أبو الجراحين” الجراح الفرنسي أمبرواز باريه، أثناء حرب 1510، وجاء من بعده الفرنسيون عام 1829، وبعدها بدأ الأمريكيين في استخدام اليرقات في علاج الغرغرينا، لكن توقف استخدام اليرقات بعد اكتشاف دواء البنسلين.
وأردفت: “لكن عاد علماء الحشرات بإنشاء أول مزرعة ليرقات الذباب في بريطانيا عام 1995، التي قامت بتصنيع وبيع اليرقات المعقمة للمختصين والمراكز الصحية، وأثبت أحد الأطباء في مستشفى بيتيجهايم بيسينجن الألمانية، أن العلاج في يرقات الذباب المعقمة يتميز بفعالية جيدة في تسريع التئام الجروح وتنظيفها.
وذكرت دكتورة جنان، أن شركة “بيومد” الألمانية التي تأسست في عام 2002، تعد هي الأولى المتخصصة في تصنيع أنسجة خاصة مشبعة بالمواد المستخلصة من يرقات الحشرات الحية المعقمة لكي تستعمل كمضادات للجروح.
وعن طريقة العلاج بيرقات الحشرات، شرحت دكتورة جنان الحربي أنه “بوضع 10- 100 يرقة معقمة على كل 1 سنتيمتر من الجرح، وتثبت بشاش ليمنعها من الهروب، ويعتمد عدد اليرقات المستخدمة في العلاج على حسب مساحة وعمق الجرح وعدد الجلسات، بعد ذلك تبدأ اليرقات في تنظيف الجرح عن طريق إفراز إنزيمات مذيبة مثل “كولاجيناز”، التي تذيب النسيج الميت لكي تستطيع أن تلتهمه وتتغذى عليه، وبعد الانتهاء من التنظيف تبدأ عملية التطهير عن طريق إفراز الأمونيا، التي بدورها ترفع من قلوية الجرح فيمنع من تكاثر البكتيريا الموجودة، ثم بعد ذلك تلتهم اليرقات البكتيريا الموجودة على الجرح المفتوح وتقتلها بمضادات ميكروبية تفرز في أمعائها، وأخيرا تقوم اليرقات بتحفيز الجهاز المناعي للإنسان عن طريق تنشيط خلايا “الفايبروبلاست” الصانعة للأنسجة بواسطة محفزات نمو لتكوين نسيج جديد الذي يعمل في العادة على تسكير الجرح العنيد واندماله.
وبسبب اشمئزاز بعض المصابين من حركة الدود أو اليرقات على أجسامهم الذي يشعرهم بالغثيان، قامت إحدى الشركات الطبية الألمانية بتصنيع بيوباغ “Biobag”، أو الأكياس الحيوية الشبيهة في التغليف لأكياس الشاي، ولكنها تحتوي على يرقات حية.
وتمت الموافقة على العلاج باليرقات رسميا من قبل هيئة الغذاء والدواء في عام 2004، وكذلك من هيئة الخدمات الصحية الوطنية.
وبحسب صحيفة “ديلي ميل” البريطانية، فقد تم إقرار مشروع بدعم من الولايات المتحدة وهولندا لإقامة مختبرات تكنولوجية طبية ميدانية تقوم بإنتاج يرقات طبية آمنة على صحة الإنسان، على أن تتواجد هذه المراكز في سوريا وجنوب السودان، ويعتبر هذا المشروع من أهم المشاريع الحديثة للعلاج باليرقات، وهو مدعوم من وزارة التنمية الدولية في أمريكا ومن بريطانيا.
المصدر: سبوتنيك