بعض الأطفال يحبون الحديث منذ الصغر، وبعد أن يبلغ الطفل سن الرابعة، تترسخ فيه هذه الصفة فيصبح كثير الحديث والأسئلة، وفي طريق العودة إلى المنزل، قد يحدثك طفلك عن تفاصيل يومه المدرسي والسيارات وكلب الجيران وحتى أحذية صديقه.
ثرثرة مستمرةوفي المنزل مثلما هو الأمر في المدرسة، لا يتوقف ابنك عن الحديث لدرجة تجعلك تملين من أحاديثه الكثيرة، فينتهي بك المطاف إلى عدم الاستماع إليه.
ووفقا للاختصاصي في علم النفس ستيفان فالنتين، “يحتاج الطفل بالتأكيد لمشاركة ما يحدث معه خلال اليوم، ومن المهم الاستماع إليه. لكن يجب على الطفل ألا يحتكر انتباه والديه. ويتعلق الأمر بتعليم الطفل قواعد التواصل والحياة الاجتماعية المتمثلة باحترام وقت كل شخص”.
فهل طفلك ثرثار؟ وهل يعود سبب ذلك لشعوره بالسعادة أو خوف خفي؟ من الأفضل فهم مصدر هذه الحاجة للتعبير عن الذات حتى تضمني حسن توجيهها، كما تقول الكاتبة دوروتي بلنشوتون في تقرير نشرته مجلة “باران” الفرنسية.
لفهم أسباب ذلك، يجب الانتباه لما يقوله طفلك وكيف يفعل ذلك. ففي الواقع، يمكن للثرثرة أن تخفي قلقا ما. وتساءل فالنتين عما إذا كان طفلك عصبيا حين يتحدث، أو غير مرتاح، وعن اللهجة التي يستخدمها، والمشاعر التي تصاحبه أثناء الحديث.
وبحسبه تعتبر هذه المؤشرات مهمة لمعرفة ما إذا كان الأمر يتعلق بمجرد رغبة قوية في التعبير عن الذات، أم رغبة نابعة عن سعادة، أو قلق كامن. وإذا لاحظت القلق في حديثه، فإنه يتعين عليك محاولة فهم سبب قلقه وطمأنته.
قد تكون الثرثرة ناتجة عن رغبة في إثارة الاهتمام. وأشار فالنتين إلى أن “السلوك الذي يزعج الآخرين يمكن أن يصبح إستراتيجية لجذب الانتباه، لكن حين يتعرض الطفل للتوبيخ، فإنه قد نجح بذلك في إثارة اهتمام الكبار”.
وفي هذه الوضعية، يجب العمل على منح الطفل مزيدا من الوقت للحديث على انفراد. وأيا كان سبب الثرثرة، فإنها يمكن أن تكون ضارة للطفل. وبالتالي، سيقل تركيزه في المدرسة وينبذه رفاقه ويُعاقبه المدرس.
وعند هذا المستوى، تظهر الحاجة لمساعدته على توجيه تدخلاته عن طريق فرض حدود معقولة لحديثه. وهكذا، سيعرف متى يحق له التكلم وكيف يُشارك في محادثة. ينبغي على الوالدين تعليم الطفل الثرثار كيفية التعبير عن نفسه دون مقاطعة الآخرين، وأن يستمع إليهم، ويمكنك اقتراح ألعاب الألواح عليه لحثه على احترام الجميع وانتظار دوره.
ويساعده النشاط الرياضي أو المسرح الارتجالي على التعبير عن نفسه، لكن يجب توخي الحذر وعدم تحفيزه على ذلك كثيرا.
وأورد الأخصائي فالنتين أن “الملل يمكن أن يكون إيجابيا لأن الطفل سيجد سلاما داخليا، وسيكون أقل حماسا، الأمر الذي من شأنه أن يؤثر على هذه الرغبة المستمرة في الكلام”.
وأخيرا، يجب تخصيص بعض الوقت للطفل للتحدث معنا، مع الحرص على أن نكون على استعداد للاستماع إليه. وبذلك، ستكون المناقشة خالية من التوتر.
المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية