مشهد قطع الشريط الفاصل بين بلدتي عين التينة المحررة ومجدل شمس المحتلة، في هضبة الجولان السوري، ما يزال يراود أذهان الكثيرين ممن خاضوا هذه الواقعة، منهم من دخل الأراضي السورية في الجانب المحتل، ومنهم من كان يرصد الأحداث، الآلاف قطعوا ما يعرف بـ “وادي الصيحات أو الوادي المحرم”، رغم مخاطر حقول الألغام، وانتشر عبر وسائل الإعلام العبرية في اليوم التالي عنوان لخبر يقول “أن شباباً أتوا من سورية واحتلوا مجدل شمس لمدة ست ساعات”، بينما الحقيقة أن هؤلاء الشبان الواصلين من دمشق حرروا جزءا من بلادهم رغماً عن الاحتلال وقاوموا مع الاهالي السوريين في المجدل خلال ذلك الوقت.
لم يكن مستغربا يومها دخول الشبان الفلسطينيين والسوريين، متسلحين بما يختزن في قلوبهم ودمهم، الذي سال يومها خلال مواجهات بالحجارة ضد رصاص وغاز الصهيوني الفزع من هجوم كالسيل لم توقفه أسلاك شائكة، سيل امتزج يومها ببحر من وطنية تنبع بين بيوت مجدل شمس، وكانت حينها ساحة البلدة الرئيسية حيث تمثال القائد سلطان باشا الأطرش أشبه ببوتقة تؤكد انتماءهم وتمسكهم بالوطن السوري.
تصريح دونالد ترامب حول ضم الجولان السوري المحتل إلى الكيان، يعيد للأذهان صورة أحداث 2011 في ذكرى النكبة، التي شكلت صفعة لكيان العدو، إذ أنه تأكد من حقيقة قلوب السوريين جميعاً خاصة أهالي الجولان، حين ساندوا أشقاءهم القادمين عن طريق دمشق- القنيطرة – مجدل شمس، اقتحموا وحرروا، عزّلاً من السلاح، يتدرعون بانتماء الجولان إلى سورية.
مواجهة أهالي مجدل شمس لغطرسة العدو الصهيوني، ومحاولاته كبح هجمة المدنيين ممن يريدون تحرير الضفة المحتلة من وطنهم آنذاك، أعاد إلى الذاكرة أحداثاً كثيرة توثّق عزم المواطن على انتماءه السوري.
نضال أهالي المجدل عبر سنوات طويلة من أجل التحرر، أصبح واقعاً وقراراً يلغي كل قرارات الاحتلال، فمشهد 2011 أحيا مشاهد تكررت منذ 1981، شملت انتفاضات ومواجهات دائمة ضد كيان الاحتلال، منذ صدر عن الكنيست الصهيوني قرار يقضي حينها بضم هضبة الجولان إلى خارطة الكيان، وهنا توالت أحداث العصيان والمجابهة، من اهالي الجولان الرافضين للهوية الاسرائيلية والمتمسكين بوطنهم الام ضد الاحتلال.
كل هذه الوقائع والمواجهات عبر السنوات ومنها ما جرى أثناء حصار المسلحين عدد من البلدات في ريف القنيطرة والتابعة لهضبة الجولان في الجانب المحرر من البلاد، حيث انتفض أهالي الجولان في بلدة مجدل شمس، ووقفوا مع أشقائهم السوريين، وشكلوا ضغطا على الكيان الداعم للمجموعات التكفيرية آنذاك.
وللإضاءة أكثر على هذا التصريح الاميركي بخصوص ضم الجولان السوري المحتل للكيان، تحدث مدير مكتب الجولان في رئاسة الحكومة السورية، الأسير المحرر مدحت صالح وهو ابن الجولان السوري المحتل، وأكد لموقع المنار أن الرفض لهذا المشروع هو موقف ثابت لأهلنا في الجولان السوري المحتل، وها هم يعبّرون يومياً عن تمسكهم بهويتهم ووطنهم الأم سورية وبمحور المقاومة، يقاومون بشكل يومي، حيث يوجد الكثير من الأسرى والشهداء في سبيل التحرر من الكيان الغاصب.
ووضّح مدير مكتب الجولان أن القرار الذي يأتي في سياق تكريس ضم الجولان السوري المحتل إلى كيان الاحتلال، ما هو إلا إعلان حرب على سورية وسيادتها على الجولان، مؤكداً وجوب التصدي له بكافة الأشكال واولها المقاومة الشعبية في الجولان، والمقاومة السورية لهذا القرار لأن اسرائيل لا تفهم إلا لغة القوة، حيث استشهد بالمقاومة اللبنانية التي أذلت الاحتيال الصهيوني في لبنان على يد المقاومين في حزب الله عام 2000 و2006.
ولا يمكن تحرير الجولان والأراضي المحتلة الا عبر المقاومة، والحراك الشعبي في الجولان هو جزء من هذه المقاومة، وهنا لا بد من تكامل المحور، في كل أركانه للتصدي لهذا الكيان ومشروعه غير الشرعي.
ونوه صالح إلى ان اهالي الجولان مستعدون لتقديم التضحيات لتحريرهم من هذا الكيان. وهذا الحراك الشعبي هو جزء من منظومة التحرك الذي تقوم به سورية وحكومتها من اجل تحرير الجولان، انطلاقا مما نص عليه القانون الدولي ووصولاً إلى أي طريقة تتيح تحرير الأراضي المحتلة.
لا يخلو منزل في سورية من رفض واضح وظاهر لموقف ترامب الذي يعلمون أنه عدوان جديد على سيادة بلادهم، ويؤكدون أن الجولان السوري المحتل هو جزء لا يتجزأ من الدولة السورية متجذر فيها تاريخياً وجغرافياً، أما ما أقدم عليه ترامب حيال الجولان، جعل الكثيرين يستذكرون ما نوه إليه الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، في أحد خطاباته حين قال “سيكون الجولان في وسط سورية وليس على حدودها الجنوبية” وهذا ما بات المواطن في سورية يتطلع إلى ضرورة تنفيذه.
صور لمجدل شمس في الجولان المحتل بعدسة الزميل خليل موسى من اعلى تلة الصيحات في عين التينة:
المصدر: موقع المنار