كشف وزير الدولة اللبناني لشؤون التجارة الخارجية حسن مراد عن وجود اتصالات تجري مع أكثر من دولة عربية، ولا سيما سوريا، لمساعدة لبنان على تخفيض كلفة النقل البري لصادراته، خصوصاً أن كلفة النقل عبر معبر نصيب عند الحدود السورية-الأردنية ما زالت مرتفعة. وقال مراد، في مقابلة مع وكالة “سبوتنيك”، “صحيح أن معبر نصيب قد فُتح، ولكن كلفته كمعبر بري من لبنان إلى أسواق الخليج عالية”.
وأضاف “هناك تواصل، لا يزال خجولاً، مع دول الخليج، لمراعاة وضع لبنان فيما يتعلق برسوم النقل البري، وفي الوقت ذاته، يتم التواصل مع سوريا، حيث قمت بزيارتها أكثر من مرة”. وتابع “في الحقيقة، أنا ذهبت إلى سوريا وأشعر ببعض الخجل، لأنني أطلب من السوريين مساعدة لبنان، وفي ظهري ثمة من لا يكن لهم مشاعر الود، ولكنني أعلم أن سوريا دولة كبيرة، وأثبتت نفسها وحضورها، وبالتالي فإنها لا تنظر إلينا من نفس المنظار، ولذلك فإنني أراهن على مساعدتها للبنان، وتجاوبها مع بعض مطالب المزارعين والصناعيين عبر التخفيف من الأعباء المتصلة بمعبر نصيب، بما يفيد الميزان التجاري اللبناني”.
من جهة ثانية، رأى وزير الدولة اللبناني لشؤون التجارة الخارجية أن زيارة الرئيس ميشال عون إلى روسيا “تكتسب أهمية كبيرة في المجال الاقتصادي، بما في ذلك الجانب السياسي منها، والمتصل بعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، خاصة بعدما بات اللجوء السوري يشكل عبئاً كبيراً على الاقتصاد اللبناني”. وقال مراد، في مقابلة مع وكالة “سبوتنيك”، “على الرغم من زيادة التبادل التجاري بين لبنان وروسيا بشكل تدريجي عاما بعد عام، إلا أن حجم التجارة البينية يبقى دون المأمول”، حيث ما زالت الزيادة تقاس بملايين الدولارات”.
وأردف أنه على الرغم من هذه الزيادة، “فلا يزال وضع لبنان مظلوماً قليلاً في هذه العلاقة التجارية، إذ يستورد من روسيا سلعاً بنحو 570 مليون دولار، ويصدّر بقيمة 6 إلى 7 ملايين دولار. ولكن الآمال معقودة على زيارة الرئيس عون، والقمة المرتقبة مع الرئيس فلاديمير بوتين”. وأضاف “في الوقت ذاته، فإننا نترقب النتائج السياسية للزيارة، ونراهن كثيراً عليها، لا سيما فيما يخص ملف النازحين السوريين، باعتبار أن حل هذا الملف يفيد لبنان اقتصادياً، لأنّ النزوح بات يشكل عبئاً اقتصادياً كبيراً علينا”.
وأشار مراد إلى أنه “روسيا موجودة منذ سنوات عديدة في قطاع النفط البحري، والعلاقة بين لبنان وروسيا تعدّ استراتيجية في هذا الإطار، وبالتالي فإنّ ثمة رهاناً كبيراً على زيارة الرئيس عون لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية”. ولفت مراد إلى أن “ثمة أفكاراً كثيرة مطروحة لفتح هذا الخط بين لبنان وروسيا، والاستفادة من نشاط رجال الأعمال الروس في لبنان، والعكس صحيح، وفي الوقت نفسه توطيد العلاقات التجارية أكثر بين البلدين وتعزيزها، عبر توقيع اتفاقات تفصيلية سواء على الصعيد الحكومي، أو على مستوى غرف التجارة والتجّار بشكل عام، لكي نحقق ما فيه فائدة للبلدين على المستوى الاقتصادي”.
وحول مجالات التبادل بين لبنان وروسيا، قال مراد إن “هناك بشكل أساسي السلع الزراعية، بالإضافة إلى بعض السلع الصناعية. يملك لبنان بعض المنتجات الزراعية التي يمكن تصديرها إلى روسيا، بعد التوقيع على الاتفاقيات ونتفق على الضريبة المتبادلة، وهناك بعض المواد الغذائية الصناعية، مثل زيت الزيتون والعسل والنبيذ وغيرها”. ولفت الوزير اللبناني إلى أن “ثمة حاجة إلى العمل اكثر على حل المشاكل المرتبطة باستحصال اللبنانيين على التأشيرة إلى روسيا، فتسهيل الحركة تساهم في زيادة التبادل الاقتصادي، لا سيما في قطاع السياحة”.
وشدد وزير التجارة الخارجية اللبناني على ضرورة إيجاد حل لمعوقات التبادل التجاري ولا سيما تلك المتصلة بشهادات المنشأ والمواصفات بشأن جودة المنتج، موضحاً أنه “في بعض الأحيان، تكون المطالب أكبر بكثير من الواقع، ونحن نسعى إلى تخفيض هذه المطالب لكي تراعي الواقع اللبناني”. وتعقد الثلاثاء، لقاء قمة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره اللبناني ميشال عون، حسبما أعلن الناطق الرسمي باسم الكرملين دميتري بيسكوف الخميس الماضي. يذكر في هذا السياق أن الرئيس عون هو أول رئيس لبناني يزور روسيا منذ استقلال لبنان عام 1943.
من جهة ثانية، أكد مراد أن لبنان يتطلع إلى أن يكون بوابة لعملية إعادة الإعمار في سوريا، مشيراً إلى الحاجة لمساعدة دولية لتأهيل البنية التحتية التي تسمح بتحقيق هذا الهدف. وقال مراد، إن “طموح لبنان أن يكون بوابة العبور لإعادة الإعمار في سوريا، وموقعه الجغرافية يجعل سوريا بوابة لبنان إلى العالم العربي، وبالتالي فإنّ لا غنى عن العلاقة بين لبنان وسوريا اقتصادياً واستراتيجياً”.
وفي سياق منفصل، أكد مراد أن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو لم يتلق من المسؤولين اللبنانيين الأجوبة التي كان يريد سماعها بشأن حزب الله، مشدداً على أن لبنان أثبت قدرته في هذا الإطار على ممارسة سيادته. وقال مراد إن “ما سمعته خلال زيارة بومبيو إلى لبنان يجعلني أقول إنه لم يتلقّ الأجوبة التي كان يريد أن يسمعها من المسؤولين في لبنان”. وأضاف “كان هناك تأكيد في كل اللقاءات التي أجراها (بومبيو) على أن حزب الله جزء من النسيج اللبناني، وشريك في الحكومة اللبنانية، ومنتخب من قبل الشعب اللبناني، وأن لا أحد يستطيع يلغيه”.
وطمأن مراد إلى أنه لا خطر على الانسجام الحكومي في لبنان، موضحاً أن الحكومة الحالية هي “حكومة عمل وإجماع على العمل، والكل يعلم أن المشروع الخارجي التدميري ليس لمصلحة أحد، وأستطيع القول إنه ليس من مصلحة الأميركيين أو الأوروبيين، فهناك عدد كبير من اللاجئين السوريين في لبنان، وإذا تمّ تفجير الأوضاع فأين سيذهب هؤلاء؟”. وشدد الوزير اللبناني على أن “لا أحد في لبنان يستطيع تحمّل مشاريع من هذا القبيل، فنحن عند مفترق طرق، والوضع الاقتصادي في لبنان خطير جداً، وكل الأحزاب تتحرك في الاتجاه الاصلاحي، ومعركة الفساد ووقف الهدر بدأت، ولا أحد مستعد للتراجع عن ذلك”. وأضاف “نحن نعلم أنه عندما يشعر أحد بالخطر من هذا التوجه يستطيع بالشيطان لإحداث الفتنة والدمار، ولكن طالما أن أحداً لا يشعر بالخطر، ولا يرغب في تعطيل هذا الملف، فإنّ الأمور ستسير في الاتجاه السليم”.
المصدر: وكالة سبوتنيك الروسية