ذكر موقع “Nordic Monitor” التابع لمركز ستوكهولم للحريات أن القضاء التركي أكد صحة تسجيل صوتي مسرب تحدث فيه مسؤولون أتراك رفيعون عن إمكانية تدخل عسكري في سوريا بذريعة مفبركة. ويوثق التسجيل الصوتي، الذي أصرت السلطات التركية على تكذيبه على مدى سنوات، كلا من وزير الخارجية آنذاك، أحمد داوود أوغلو، ووكيل وزارته، فريدون سينيرلي أوغلو، ونائب رئيس جهاز الاستخبارات “MIT”، هاكان فيدان، ونائب رئيس هيئة الأركان، الجنرال يشار غولر، وهم يتحدثون في مقر الخارجية يوم 13 مارس 2013 عن شن عمليات عسكرية في سوريا.
وأوضح موقع “Nordic Monitor”، الأربعاء، أن التأكيد القضائي لصحة محتوى التسجيل “الفاضح” تم “عن طريق الصدفة” عندما حقق المدعي العام في تهم التجسس على اجتماع ضم مسؤولين كبارا في حكومة رئيس الوزراء آنذاك، رجب طيب أردوغان. وأكدت السلطات رسميا صحة التصريحات المسربة في قرار أصدرته محكمة الجنايات العليا الـ4 في أنقرة يوم 16 يناير 2019.
وجاء في نص القرار، الذي أورده “Nordic Monitor”: “استضافت وزارة الخارجية اجتماعا سريا للغاية بمشاركة الوزير ووكيله ونائب رئيس جهاز MIT ونائب رئيس هيئة الأركان. وتم تسجيل الحديث في الاجتماع بطريقة غير شرعية لأسباب تجسس سياسي وعسكري، وجرى نشر التسجيلات إلكترونيا. وفتحت النيابة العامة في أنقرة قضية تجسس يوم 27 مارس 2014 في إطار ملف تحقيق 2014/47602”.
وشدد القضاء التركي على أن التسجيل الذي استمر 7 دقائق و7 ثوان تم الحصول عليه بفضل رقابة صوتية للاجتماع، مضيفا: “من الواضح أن الأحاديث الموجودة في التسجيل تمثل معلومات من الضروري إخفاؤها وتعتبر سر دولة”. ورغم أن مكتب المدعي العام فتح التحقيق في قضية التجسس عام 2014، إلا أنه أصدر اتهاماته في عام 2016، فيما اتخذت المحكمة قرارها في 2017 لكنها أجلت الإعلان عنه حتى يناير 2019.
وفي يوليو 2015 نشرت مجلة “فوكس” الألمانية تقريرا بشأن التسجيل الصوتي، قالت إنه يتعلق باجتماع أمني عالي المستوى في مقر وزارة الخارجية التركية، لمناقشة كيفية التدخل العسكري في سوريا التي تشهد حربا أهلية. وبعدما تسرب التسجيل الصوتي، حظرت السلطات موقع “يوتيوب”، في حين اتهمت المعارضة حكومة أردوغان بالتخطيط للتدخل في سوريا.
ولاحقا أكد مسؤولون أتراك مبدئيا وجود التسجيل، وحملوا المسؤولية عن تسريبه تنظيم “فيتو” التابع للمعارض فتح الله غولن، لكنهم قالوا إنه جرى التلاعب في جزء منه، فيما صرح أردوغان في كلمة ألقاها أمام حشد في مدينة ديار بكر بأن التنصت على مكتب وزير خارجيته كان “غير أخلاقي وجبان”.
وبدورها، أصدرت وزارة الخارجية التركية بيانا بشأن التسجيل الصوتي، أكدت فيه نبأ عقد الاجتماع، لكنها قالت إن المسؤولين كانوا يناقشون مسألة حماية قبر سليمان شاه، جد مؤسسة الدولة العثمانية، عثمان الأول، حال تعرض هذا الموقع التاريخي لهجوم، لكن وثائق المحكمة في يناير 2019 لم تشر إلى وجود تلاعب في التسجيل الصوتي.
وتطرق المسؤولون الأتراك بالفعل في الحديث إلى موضوع حماية القبر، لكن باعتباره مسألة تتيح التدخل العسكري في سوريا، وقال داوود أوغلو في الاجتماع: “رئيس الوزراء (أردوغان) أكد أنه يجب اعتباره فرصة في هذه المرحلة”. وقبل أسبوعين من تسريب التسجيل اندلعت اشتباكات بين “الجيش السوري الحر” المعارض وعناصر من تنظيم “داعش” الإرهابي قرب المكان.
وعندما سأل فيدان عن سبب إصرار المسؤولين الآخرين على قضية الهجوم على القبر،قال داوود أوغلو إن الذريعة للتدخل في سوريا يجب أن تكون مقبولة للمجتمع الدولي، مضيفا: “دون ذريعة قوية لا يمكننا أن نخبر وزير الخارجية الأمريكي (جون) كيري أننا بحاجة إلى اتخاذ إجراءات استثنائية”. ورد فيدان بالقول: “إذا لزم الأمر، سأرسل 4 رجال إلى سوريا، ثم سأطلب منهم إطلاق 8 قذائف هاون على الجانب التركي من الحدود، وخلق بالتالي ذريعة للحرب، كما يمكننا أيضا جعلهم مهاجمة قبر سليمان شاخ”.
سينيرلي أوغلو، نائب وزير الخارجية التركي ومندوب البلاد حاليا لدى الأمم المتحدة، أشار بدوره إلى أن الأمن القومي التركي تحول إلى مادة رخيصة للاستهلاك السياسي الداخلي، فيما حذر الجنرال غولر: “ما نعتزم القيام به سبب مباشر لحرب”.
المصدر: روسيا اليوم