ركزت افتتاحيات الصحف الصادرة في بيروت اليوم السبت 16-7-2016 على الانقلاب الفاشل الذي هز عرش اردوغان ولم يسقطه ، ما ادخل مستقبل تركيا في نفق مجهول، بعد محاولة عسكريين إطاحة نظام أردوغان، والاخير يتعهّد بالرد ويتهم غولن وجماعته ويتوعدهم بتدفيعهم الثمن غالياً مستغلاً هذه الفرصة لتنقية الجيش من خصومه “الخونة والغير وطنيين” وفق تعبيره.
* السفير
الجيش يعلن البيان الرقم 1.. والرئيس يستنجد بأنصاره.. وبداية اشتباكات في الشوارع
زلزال إقليمي: الانقلاب لم يكتمل وتركيا إلى المجهول
مجهولة هي الساعات التي ستطل هذا الصباح، بالنسبة للجميع وخصوصا الاتراك. هل سيكون رجب طيب اردوغان قيد الاعتقال؟ ام هاربا من «عدالة» الانقلابيين في الجيش؟ ام ستكون الشوارع التركية مجبولة بالدم بعدما ظهرت شرارات الصدام الداخلي المسلح منذ ان اعلن ضباط الجيش انقلاب الليل على الرئيس التركي؟
ولعل المشهد سيكون معكوسا بالكامل، وسيكون اردوغان متربعا في قصره، وقادة الانقلاب الذين لم تتضح هوياتهم حتى ساعات الفجر الاولى، قيد الاعتقال. ومهما يكن، فان ما يجري يشكل الخطر الاكبر الذي يضرب الحكم الاردوغاني، وهيمنة حزب العدالة والتنمية على السلطة في تركيا منذ 14 سنة.
ومما يعزز المشهد المشوش تسارع الانباء فجراً عن فشل الانقلاب، وإعلان رئيس الوزراء بن علي يلديريم ان رئيس هيئة الأركان وقادة الجيش يسيطرون على الوضع، وتأكيد المخابرات ان الانقلاب في طريقه نحو الفشل.
ان الجهل بأجوبة هذه التساؤلات هو بالضبط صورة المشهد التركي الغامض. اردوغان «المخلوع» الذي تردد انه كان في منتجع مرمريس عندما اعلن ضباط الجيش الانقلاب، لم يجد امامه سوى دعوة انصاره للنزول الى الشارع لمواجهة الانقلابيين، ما يعني اندلاع مواجهات بين مؤيديه وقوات الجيش التي كانت بسطت سيطرتها على مدينتي انقرة واسطنبول ومقار حكومية وامنية وعسكرية في انحاء البلاد، بما في ذلك محطات تلفزة.
ليس انقلابا عاديا هذا. ان هزاته الارتدادية اذا اكتمل، ستكون واسعة، وتطال الاقليم كله. هذه دولة «اطلسية»، وهي لاعب اقليمي كبير متهم بالتورط في كل النزاعات والحروب التي اشتعلت في المنطقة خلال السنوات الست الماضية. سوريا قد تتبدل الاحوال فيها تبدلا كبيرا بعدما ظل اردوغان الحاضن الاقليمي الاول للفصائل المسلحة خصوصا في الشمال السوري. ايران تتابع بالتأكيد وبقلق تطورات الاحداث المتسارعة. الرئاسة الايرانية دعت الى اجتماع عاجل لمجلس الامن القومي. الكرملين من جهته، والذي بالكاد اعلن عن مصالحة مع انقرة قبل ايام قليلة، اعلن انه ينظر بقلق كبير الى تطورات الموقف. العراق، مصر، السعودية، قطر، ليبيا، قبرص وغالبية دول الاتحاد الاوربي، واللائحة تطول للدول التي ستتأثر بهذه الهزة الاقليمية الكبرى.
وللدلالة على الحال التي وصل اليها حكم اردوغان، لم يتمكن الرئيس التركي من الظهور علانية ولا عبر وسائل الإعلام سوى من خلال اتصال عبر السكايب مع مقدمة احدى البرامج التلفزيونية التركية ليخاطب الشعب التركي ويحرض الناس على احباط الانقلاب ضده. الا ان التطورات التي شهدتها الساعات الاولى من الانقلاب، لم تظهر حسما كاملا من جانب الحركة الانقلابية في ضبط المشهد لمصلحتها، خصوصا انه لم تتضح ولاءات قطاعات الجيش المختلفة، ولم يتم اعتقال كل القادة السياسيين في حكم اردوغان بما في ذلك رئيس الحكومة بن علي يلديريم.
وفي هذه الاثناء، كان ضباط الانقلاب يتحدثون باسم الجيش ويعلنون البيان الرقم واحد، فيما مقاتلاتهم الجوية تحلق في سماء البلاد، وقواتهم تقطع جسري اسطنبول، وتهاجم مقار للمخابرات، وتحاول فرض حظر التجول في المدن الكبرى، وتخوض اشتباكات مع عناصر حكومية مسلحة، وانما بشكل متفرق ومحدود، من دون ان يتضح ما اذا كانت الاشتباكات ستتخذ في الساعات المقبلة شكلا اكثر خطورة واتساعا.
على ان من بين المؤشرات التي يتحتم التوقف عندها المواقف الصادرة من الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي. اذ بالكاد سمع صوت مندد بالانقلاب المفترض. ردود الفعل الاولية سواء من وزير الخارجية جون كيري او غيره من المسؤولين في اوروبا، كانت اما منصبة على التعبير عن القلق على الوضع في تركيا، او الاشارة الى اهمية الحفاظ على الدستور واستقرار البلاد. ونقلت تقارير عن مصادر اميركية تأكيداتها انها تجهل هوية الانقلابيين ولم تكن على اطلاع مسبق على خطط إطاحة اردوغان. وغالب الظن ان مسؤولي الاتحاد الاوروبي، من جهتهم، لن يستطيعوا اخفاء فرحتهم برحيل اردوغان، بغض النظر عما سيؤول اليه الوضع في تركيا.
واعتبر اردوغان أن «منفذي محاولة الانقلاب» لن ينجحوا، قائلا لقناة «سي أن أن تورك» في اتصال عبر هاتف محمول: «لا أعتقد أبداً أن منفذي محاولة الانقلاب سينجحون»، مشدداً على أنه سيظل الرئيس والقائد الأعلى للقوات المسلحة في البلاد وأن الانقلابيين سيدفعون «ثمناً باهظاً جداً».
الجيش التركي
بدت تصريحات قادة الجيش التركي متضاربة أمس، بين من أقروا بالانقلاب وتعاملوا على أساسه أمنياً، وبين من اعتبر أنّ الانقلاب محاولة من قبل فصيل صغير و «لا يوجد مبرر للقلق».
وأعلن الجيش التركي أنه استولى على السلطة وفرض حظر التجول والأحكام العرفية على عموم الأراضي التركية، بينما حلقت مروحيات في سماء العاصمة أنقرة بعدما سبقتها مقاتلات حربية حلقت على علو منخفض.
وقال الجيش في بيان بثه التلفزيون الحكومي، صدر عن «مجلس السلم في البلاد»، الذي قال إنه شكله إثر الانقلاب: «لن نسمح بتدهور النظام العام في تركيا. تم فرض حظر تجول في البلاد حتى إشعار آخر»، مؤكداً أنه «تولى السيطرة على البلاد».
وقال الجيش في بيان أرسل بالبريد الإلكتروني وأذاعته قنوات تلفزيونية تركية إنه تولى السلطة من أجل حماية النظام الديموقراطي وحقوق الإنسان، وأنه سيحافظ على جميع العلاقات الخارجية للبلاد، وأن الأولوية ستكون لسيادة القانون.
وأظهرت لقطات تلفزيونية مركبات عسكرية تغلق الجسرين الرئيسيين فوق مضيق البوسفور في اسطنبول وانتشار دبابات في المطار الرئيسي بالمدينة. وفي العاصمة أنقرة حلقت طائرات حربية وطائرات هليكوبتر في سماء المدينة.
وذكرت وكالة «الأناضول» التركية الرسمية، التي تديرها الدولة، أنّ رئيس هيئة الأركان التركية محتجز مع آخرين «رهائن» في العاصمة أنقرة. وذكرت قناة «سي إن إن تورك» أنّ الرهائن محتجزون في مقر قيادة الجيش.
وفي المقابل، قال قائد الجيش الأول في تركيا وهو جزء من القوات البرية مسؤول عن اسطنبول ومناطق في غرب البلاد إن من قاموا بمحاولة الانقلاب فصيل صغير وإنه «لا يوجد مبرر للقلق».
وأضاف قائد الجيش الأول لـ «الأناضول»: «إنهم يمثلون مجموعة صغيرة داخل مقر الجيش الأول».
* النهار
تركيا في فوضى بعد محاولة عسكريين إطاحة النظام وأردوغان من “مكان آمن” يتعهّد الرد ويتهم غولن
قادت وحدات من الجيش التركي محاولة انقلاب ضد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان واعلنت الاستيلاء على السلطة وتعليق الدستور، بينما قال اردوغان من مكان “آمن” ان الانقلابيين لن ينجحوا واتهم بالمحاولة موالين للداعية الاسلامي فتح الله غولن الذي يتخذ الولايات المتحدة مقراً له. وكان الوضع لا يزال غامضاً حتى فجر اليوم.
وأصدر الانقلابيون بياناً باسم الجيش أرسل بالبريد الإلكتروني وبثته قنوات تلفزيونية تركية مفاده أنه تولى السلطة من أجل حماية النظام الديموقراطي وحقوق الإنسان. وأضاف أنه سيحافظ على جميع العلاقات الخارجية للبلاد وأن الأولوية ستكون لسيادة القانون.
وأفادت وكالة “أنباء الأناضول” التركية شبه الرسمية أن رئيس هيئة الأركان التركية الجنرال خلوصي آكار محتجز مع آخرين “رهائن” في العاصمة أنقرة. وبثت شبكة “سي إن إن تورك” أن الرهائن محتجزة في مقر قيادة الجيش.
وعلّق الانقلابيون العمل بالدستور الحالي في تركيا وفرض الأحكام العرفية على كامل أراضي البلاد، مشيراً الى إطلاق عملية إعداد دستور تركي جديد قريبا.
وقال الانقلابيون في بيان صدر عن “مجلس السلم في البلاد” الذي قال انه شكله اثر الانقلاب: “لن نسمح بتدهور النظام العام في تركيا … تم فرض منه تجول في البلاد حتى اشعار آخر”، مشيراً الى انه “تولى السيطرة على البلاد”.
وطمأن الانقلابيون الى ان “كل اتفاقاتنا والتزاماتنا الدولية لا تزال صالحة ونامل ان تستمر علاقاتنا الجيدة مع الدول الاخرى”.
وتحدثت وسائل إعلام تركية عن سيطرة الانقلابيين على مقري حزب العدالة والتنمية الحاكم في اسطنبول وأنقرة.
وتحدثت قناة تلفزيونية عن اقفال الجسرين فوق البوسفور في اسطنبول جزئيا في اتجاه واحد من آسيا الى أوروبا.
كما اقفلت قوى الامن الشوارع الرئيسية في اسطنبول وخصوصاً تلك المؤدية الى ساحة تقسيم في وسط المدينة، في ظل انتشار كثيف للشرطة في الشوارع.
وسمعت أصوات اطلاق نار في اسطنبول بعد نزول حشود معارضة للانقلاب. وتوجهت الحشود الى مطار أتاتورك الدولي اسطنبول المقفل شأن المطارات الأخرى.
واسقطت مقاتلة تركية طائرة هليكوبتر عسكرية يستخدمها مدبرو الانقلاب فوق أنقرة.
وقالت وكالة “أنباء الأناضول” إن طائرات هليكوبتر عسكرية تركية اطلقت النار على مقر وكالة الاستخبارات الوطنية في أنقرة. واضافت ان 17 شرطياً قتلوا في مواجهات في العاصمة.
ونشر الجيش التركي دبابات أمام مبنى البرلمان في انقرة. وسمع دوي انفجارين قويين في العاصمة بينما حلقت طائرات حربية بشكل مستمر في سمائها.
اردوغان
وردا على هذه التطورات، دعا أردوغان في اتصال عبر تطبيق إلكتروني مع قناة تلفزيونية تركية الشعب التركي للنزول إلى الساحات والشوارع. وقال إنه سيتوجه إلى العاصمة التركية أنقرة. وأضاف : “من خلال قوى الأمن سنرد بقوة… وأقول للجيش أن كل ضابط وكل جندي عليه أن يحترم الشرعية وعدم التعاون مع هؤلاء الخونة”. وصرح في اتصال هاتفي مع شبكة “سي ان ان تورك”: “لا اعتقد اطلاقا ان منفذي محاولة الانقلاب سينجحون”، وتوعد ب”رد قوي جدا”. وشدد على انه سيظل الرئيس والقائد الاعلى في البلاد.
وشدد مصدر رئاسي على ان اردوغان في “مكان آمن”.
وقال رئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم عبر “تويتر” إن قوى الأمن ستثأر ممن يقومون بمحاولة الانقلاب وإنها ستقوم بكل ما يلزم حتى إذا سقط قتلى. وتحدث عن حصار مبان مهمة، لكنه لم يحددها. وحض الشعب على التزام الهدوء قائلاً إن أي تحركات ضد الديموقراطية لن يسمح بها. واضاف انه لا ينبغي لأحد أن يشعر بقلق وان الحكومة لا تزال في السلطة. وأكد أن القيادة العسكرية أمرت كل الجنود بالعودة إلى قواعدهم. ووصف الانقلابيين بانهم خونة. وكرر الدعوة لانصار الحكومة للنزول الى الشوارع.
وصرح مسؤول حكومي تركي كبير بأن الفصيل العسكري التركي الذي حاول قلب نظام الحكم سيطر على بعض الدبابات وأمر قواته بمحاولة السيطرة على الشوارع، لكنه عجز عن ذلك في مناطق عدة. وقال إن من المرجح أن يستمر إنعدام الأمن خلال الساعات الـ24 المقبلة، لكنه لن يدوم .
وحذر قائد القوات الخاصة التركية الجنرال زكائي أقسقالي من أن القوات المسلحة لن تتغاضى عن هذه الأفعال، وسبق للجيش التركي ان نفذ محاولات انقلابية اعوام 1960 و1971 و1980 و1997.
ردود الفعل
وتعليقاً على التطورات المتسارعة في تركيا، أفاد البيت الابيض ان “فريق الامن القومي أطلع الرئيس على تطورات الاحداث في تركيا والرئيس سيواصل الاطلاع بشكل منتظم على التطورات”.
وأعرب وزير الخارجية الاميركي جون كيري من موسكو عن الامل في حل الازمة في تركيا والحفاظ على السلام والاستقرار واحترام “استمرارية” السلطة في هذا البلد.
وقال البيت الأبيض إن أوباما تحدث هاتفيا مع كيري للبحث في الوضع في تركيا واتفقا على ضرورة دعم جميع الأطراف في تركيا الحكومة.
وحضّ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مؤتمر صحافي مشترك مع كيري على تجنب “اي سفك للدماء” في تركيا، وقال إن “المشاكل يجب ان تحل بموجب الدستور”.
واعرب الكرملين عن “القلق البالغ” لموسكو من الوضع في تركيا. وقال إن روسيا تريد لتركيا العودة الى مسار الاستقرار والوضوح والأمن.
ودعت الممثلة العليا للاتحاد الاوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الامنية فيديريكا موغيريني الى “التهدئة واحترام المؤسسات الديموقراطية”.
وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في حسابه بموقع “تويتر”: “الاستقرار والديموقراطية وسلامة الشعب التركي أساسية والوحدة والحذر لا زمان”.
وقال مصدر حكومي في أثينا إن الحكومة اليونانية “تتابع باهتمام وهدوء الوضع” في تركيا المجاورة حيث تجري محاولة انقلاب.
* الاخبار
عرش أردوغان يهتزّ… ولا يسقط
ليلة حالكة مرّت على رجب طيب أردوغان أمس. لم يتوقّع أكثر المتشائمين من فريقه التعرّض لانقلاب عسكري. مرّت ساعات وبقيت الصورة ضبابية عند الرئيس وحكومته والدول الغربية. بدأت المسألة بـ«تمرّد مجموعة صغيرة» لتظهر أنها محاولة انقلاب جدّية أُجهضت مع ساعات الصباح الأولى. في النتيجة تبيّن أن «السلطان» أثبت أنّه روّض جيلاً من الضباط الأوفياء… رغم أنه كان يعتقد أنّه ممسك بكل مفاتيح اللعبة. «ثمرة» أتاتورك ظهرت في عدد من «الانتحاريين» الذين قرروا العودة بتركيا إلى «عهد العسكر»… لكن الكلمة الأخيرة كانت للحاكم الأوحدإيلي حنا
عام 2014 صدر حكم بالسجن مدى الحياة لقائد انقلاب عام 1980 الجنرال كنعان افرين مع قائد القوات الجوية الأسبق تحسين شاهين كايا لدورهما في انقلاب عسكري و«قلب النظام الدستوري».
لم ينسَ الرئيس رجب طيب أردوغان معاقبة جميع العسكريين «الكماليين». واصل المحاكمات و«طهّر» (حسب تعبير مؤيديه) مؤسسة الجيش من مناوئيه، وعيّن مقرّبين منه في «هيئة الأركان». ساد الاعتقاد أنّ القائد الأوحد سيُخلَّد ذكره كساحق للأفكار «الكمالية» المعادية في الجيش. مراحل حسّاسة مرّت فيها البلاد كان متوقعاً في خلالها تدخّل الجيش، من صراع الهوية الذي جرى بين الإسلاميين والعلمانيين، إلى تأكيد أخبار لقاءات سرية بين قادة من حزب العمال الكردستاني وقيادات تركية، إلى سياسات أنقرة الخارجية. لكن ما ظهر أن الجيش مكبّل ويأتمر بإمرة «السلطان» الأوحد. يضرب حينما يشاء «الكردستاني»، ويتدخّل في العراق، ويخطّط وينفذ بإمرة المخابرات في سوريا.
مع ساعات الفجر الأولى كانت السلطة توحي بأنّ الأمور سترجع إلى طبيعتها ما حصل أمس، يأتي خارج السياق الطبيعي في تركيا منذ تسلّم حزب العدالة والتنمية الحكم، وتمتين أردوغان قبضته. أحداث ليل تركيا الطويل تعني أنّ لَبِنة أساسية داخل المؤسسة العسكرية ما زالت تعادي المجموعة الحاكمة، وهي قادرة ــ على ما ظهر ــ على تنفيذ محاولة انقلاب ممنهج ومنسّق يشلّ مفاصل البلاد، رغم انقسام الجيش والمؤسسات الأمنية.
الضغينة داخل من تشّرب عقيدة مصطفى كمال أتاتورك القائمة على العلمانية وسطوة الجيش في جميع مناحي الحياة السياسية في البلاد، بدت أنها حاضرة… وأكثر من ذلك، بدت مستعدة للمغامرة بعمل عسكري قد ينتهي بإعدام جميع المشاركين منهم.
فهؤلاء يتذكرون جيداً الضربة التي تعرضوا لها في نيسان 2007، بعد أن نشرت قيادة الجيش على صفحتها الإلكترونيّة إنذاراً يُحذّر فيه حزب العدالة والتنمية من دعم عبد الله غول الإسلاميّ (الذي تلبس زوجته الحجاب) في انتخابات الرئاسة. يومها أوصل الحزب غول إلى المنصب وتعرّض نفوذ الجيش لضربة قاسيّة، بعد «الانقلاب الإلكتروني»، ليزداد التصويت لمصلحة «العدالة والتنميّة» بنسبة كبيرة ويستفيد من التفاف جماهيري في مواجهة تدخّل الجيش في «حياة المسلمين الاجتماعية».
الليلة الماضية تذكّر بالانقلابات السابقة (1960- 1980 – 1971 – 1997)، بعضها كان ناعماً، لكن في غيرها عُلّقَت المشانق (أُعدم رئيس الوزراء عدنان مندريس بعد انقلاب 1960)، وأخذت البلاد منحى جديداً. «القضم» البطيء للمراكز الرئيسية مثل الجسور والمطار ومقرّ التلفزيون ثمّ البرلمان… يُظهر أنّ مجموعة «محدّدة» من الجيش تؤدي دورها في الانقلاب، لكنها استطاعت أن تشلّ مؤقتاً حركة القيادة العسكرية، خصوصاً بعد احتجاز قائد هيئة الأركان خلوصي آكار.
الصورة كانت ضبابية إلى درجة أن الولايات المتحدة الأميركية تجنّبت اتخاذ أي موقف في الساعات الأولى، متحدّثة عن صعوبة تحديد المنتصر. وزاد من الغموض اتهام أردوغان ومؤيديه للانقلابيين بأنهم موالون لفتح الله غولن، الشريك السياسي والديني السابق للرئيس التركي. وغولن يعيش في واشنطن، وسعى أردوغان في السنوات الأخيرة إلى استئصال نفوذه من الجيش والأمن والشرطة والقضاء والسياسة.
ومع ساعات الفجر الأولى، كانت السلطة الحاكمة توحي بأنّ الأمور سترجع إلى طبيعتها و«مجموعة الخونة» التي تنفذ الانقلاب ستحاكم. لكن يبدو أنّ الفوضى هي ما ظهر مع نزول المواطنين الذين دعاهم أردوغان للتصدّي إلى الانقلاب مقابل «المهلّلين» له. فوضى سيجري وأدها في حال حَسْم أحد الطرفين لـ«الصراع»، إذ تاريخياً لم يكن لـ«الجمهور» في أي انقلاب سابق أيّ دور، بل كانت السلطة تحكم قبضتها على مفاصل الحياة في البلاد.
«الانقلاب الغريب» لم ينجح في احتجاز أي مسؤول سياسي في الحكومة أو البرلمان. ظهر معظمهم على شاشات التلفزة مذهولين من الحدث، وهم في الوقت ذاته يتواصلون مع جنرالات عسكرية مؤيدة لهم. لم يطل اختفاء أردوغان الذي كان خارج العاصمة. ظهر على شاشة هاتف، ليخاطب الشعب. صورته كانت تهتز، لكنه، بثقته المعهودة، أكّد أنه عائد إلى أنقرة، وأنه سيحاسب المتمردين. القوى السياسية، وبينها المعارضة جذرياً لـ»السلطان»، لم تحتضن الانقلابيين. كان ذلك مؤشراً على أن المحاولة ستفشل. لكن اليقين صدر من البيت الأبيض، حيث أعلن باراك أوباما دعم «الحكومة المنتخبة». هذا في السياسة. أما ميدانياً، فبدا جلياً أن ما فعله أردوغان طوال سنوات حكمه داخل القوات المسلحة أثمر جيلاً من الضباط المطيعين، سواء في الاستخبارات أو الشرطة أو القوات الخاصة أو في سلاح الجو، وهي القطعات التي استند إليها أمس لإحباط محاولة وضع حد لمغامرته السياسية التي بدأت قبل نحو عقدين من الزمن.
عملياً، دخلت تركيا نفقاً جديداً قد تخرج منه أقلّ مناعة إزاء ملفات عديدة، وهي كانت قد بدأت استدارتها الاقليمية. لكن هذه المرّة الداخل هو الأكثر اهتزازاً والمسألة ليست في «كيف ندير سياستنا الخارجية»… قوّة في الجيش ما زالت لها كلمتها، لكن نتيجة فشل المحاولة أن مناوئي أردوغان العسكريين قد «يتبخّرون» قريباً، لينتهي، ولو إلى حين، الدور السياسي الداخلي للمؤسسة العسكرية التركية… أو سيكون ما حدث جزءاً من عمل تراكميّ لمحاولة جديدة في جمهورية من الخوف.
* البناء
تركيا العثمانية تسقط بالضربة القاضية… وأردوغان ينازع ليربح بالنقاط
الجيش يسيطر على أنقرة واسطنبول ولم يبقَ للرئيس التركي إلا الرسائل الهاتفية
نيس مضرَّجة بدماء الضحايا… وفرنسا تلقى التعاطف… وتبحث عن خارطة طريق
كتب المحرّر السياسي
… فاجأ الجيش التركي العالم بنبأ عاجل، إعلان السيطرة على السلطة في البلاد واعتقال رئيس الأركان، وهرب الرئيس التركي من العاصمة متوجّهاً إلى اسطنبول كما قال حزبه، فيما لم يبق للرئيس رجب أردوغان إلا الرهان على ما يستطيعه حزبه في الشارع، بعدما أرسل بواسطة الهواتف المحمولة رسالة صوّرها بهاتفه الشخصي يدعوهم فيها إلى التحرّك السريع، وفيما الجيش يبث البيانات المتتالية من وسائل الإعلام الرسمية، ويؤكد السعي إلى وضع دستور جديد، واعتبر أنّ الحكم الحالي أضرّ بالنظام العلماني وحكم القانون، ما ينفي أن تكون هوية قادة الانقلاب محصورة بأنصار الداعية فتح الله غولن كما قال رئيس الحكومة علي يلدريم، ويأتي الانقلاب تتويجاً لمسار الإحباطات والأزمات والمخاطر التي جلبها الرئيس التركي على بلده والاستقرار فيه ونموّه الاقتصادي، بتوريط الدولة الإقليمية الكبرى التي تمثلها تركيا في حروب صغيرة، بتطلّعاتها، بحجم تسليم الإخوان المسلمين الحكم في دول المنطقة، وصولاً إلى خسارة كلّ الصداقات التي تربط تركيا بروسيا وإيران، وإفساد العلاقات النامية مع سورية والعراق، والعبث بعلمانية الدولة ومؤسساتها وصولاً إلى الجيش والقضاء، وترتيب أعباء اقتصادية أدخلت السوق في ركود والسياحة في جمود، والتتويج كان باللعب مع التنظيمات الإرهابية، وتمكينها من الإمساك بمواقع ومفاصل خطيرة في المجتمع والجغرافيا التركيتين. وتبدو مسارات المواجهة بين الجيش من جهة وأردوغان وحزبه من جهة مقابلة تتجه نحو الحسم لصالح الجيش وفقاً لمؤشرات بعد منتصف ليل أمس، دون أن يعلم مصير أردوغان ورئيس حكومته، فيما توقعت بعض المصادر المقرّبة من أردوغان أنّ أنقرة سقطت بيد الجيش، لكن اسطنبول ستكون ساحة المواجهة، ما يعني أنّ تركيا سقطت بيد الجيش بالضربة القاضية، وأنّ أردوغان يسعى إلى الربح بالنقاط.
قبل الحدث التركي كانت فرنسا مسرحاً للحدث الأهمّ مع حادثة الدهس الدموية التي نفذها أحد المهاجرين المنتمين لأصول مغاربية، وكانت حصيلتها قرابة المئة من الضحايا، حصلت إثرها فرنسا على موجة عارمة من التضامن ضدّ الإرهاب دون أن ترى الضوء في نهاية النفق، في كيفية الفوز في الحرب على الإرهاب، أو تمتلك خارطة طريق لذلك، وسط تعالي موجات عنصرية في الشارع الفرنسي ستتكفل بضخ مناخات من التعبئة لصالح المتطرفين الإسلاميين الذين يشكلون البيئة الحاضنة لتنظيم «داعش» وسائر تشكيلات «القاعدة».
أردوغان خارج القصر والجيش تسلّم السلطة
عاشت تركيا أمس، تطورات دراماتيكية مفاجئة أشبه بزلزال سياسي وأمني أدخلها في نفق مظلم غير واضح متى وكيف تخرج منه، تمثل بانقلاب عسكري أقدم عليه ضباط، بعضهم تابع للمعارض فتح الله غولن في أنقرة، ما يضع تركيا أمام مرحلة من اللاستقرار السياسي والأمني ستترك تداعياتها الاستراتيجية على مستوى المنطقة وعلى مسار الأزمة السورية.
وأعلن الجيش التركي في بيان تولي السلطة في تركيا، مشدداً على أن «الأولوية للحفاظ على سيادة القانون». كما سيطر الجيش التركي على مقر التلفزيون الرسمي الذي توقف عن البث. وأصدرت القيادة العامة للجيش التركي بياناً أعلنت فيه رسمياً السيطرة على السلطة وإصدار الأحكام العرفية وحظر التجوال وإغلاق المطارات، مؤكدة أنه «سيتم إعداد دستور جديد للبلاد في وقت قريب ومجلس السلام سيتولى السلطة في البلاد وحماية مصالح المواطنين». وأفادت المعلومات عن خروج الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من القصر الرئاسي إلى منطقة آمنة. وأفادت وكالة «الأناضول» عن احتجاز رئيس هيئة الأركان العامة بالجيش التركي الجنرال خلوصي آكار من قبل الانقلابيين.
وفي المواقف الرسمية إزاء التطورات المتسارعة في تركيا، اتصلت قناة «CNN Turk» بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان عبر موقع «سكايب»، حيث أكد أردوغان أنه القائد العام للجيش والقوات المسلحة، و»إذا حصل شيء فيجب أن يكون بعلمي». ودعا أردوغان الشعب التركي للنزول إلى الشارع للدفاع عن الديمقراطية وأن يكون الى جانبه و»ضد الانقلابيين». وشدّد على أن قوة الشعب ستتصدّى لانقلاب الجيش، متوعداً «محاولي الانقلاب على الديمقراطية بأنهم سيدفعون الثمن»، معتبراً أن «الانقلابيين لم ينجحوا على مر التاريخ في المحاولات التي قاموا بها»، معلناً أنه «سيتوجّه الى العاصمة أنقرة».
وأعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أن «عملية عسكرية تتم حالياً من دون موافقة القيادة العامة»، مشيراً الى أنه «لا يمكن أن نسمّي ما يجري بأنقرة بأنه محاولة انقلاب ولن نسمح بهذا». وأكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو «أننا أصحاب السلطة الديمقراطية ولا يستطيع أحد إزاحتنا».
وفي أولى انعكاسات الانقلاب، أصدرت قيادة الجيش أوامر للقوات التركية للخروج من العراق.
مسلسل الإرهاب حطّ في «نيس»
حطّ مسلسل الإرهاب الذي يضرب أوروبا والعالم في مدينة «نيس» الفرنسية حاصداً معه 84 قتيلاً بعملية إرهابية بأسلوب جديد لم يُستعمل من قبل، كما في هجوم مسرح «باتاكلان» في باريس وأحداث بروكسل والولايات المتحدة وتفجيرات الرياض وتمادي الإرهاب في سورية الذي وصل إلى ذروته الشهر الماضي وغيرها من الأعمال الإرهابية لم تكن كافية ليعتبر الغرب من سياساته على مدى خمس سنوات على قاعدة المكابرة في الموقف السياسي على حساب دول المنطقة وجيوشها لتحقيق غايات جيوستراتيجية. أول من أمس جاء الحادث في مدينة نيس الفرنسية ليعطي دلالة مضاعفة عن فشل السياسات الأوروبية في المنطقة خاصة أن أداة التنفيذ يجب أن تدفع الغرب لاستدراك حالة الانهيار المنهجي في دوله التي تسمح للإرهاب أن يخرق بيئته ومدنه ومجتمعاته. والرسالة الأخطر الذي حملها الحادث هي أن الذئاب المستوحشة، كما يصفها الغرب، أصبحت في قلب مجتمعاته بعد رسالة أبو محمد العدناني في مطلع رمضان الماضي الذي دعا علناً إلى قتل الفرنسيين. أما اللافت فهو ابتكار وسيلة جديدة للارهاب الذي استخدم شاحنة قتلت 84 فرنسياً من دون الحاجة إلى خلية أو منظومة إرهابية ما يؤكد جدية التحذيرات التي وجّهتها دول حلف المقاومة وروسيا منذ سنوات لا سيما العراق وسورية اللذين دفعا ثمن الاستثمار الغربي على الإرهاب.
.. وعلى الغرب التسليم بالحقيقة
آن الأوان لكي يستفيق الغرب من سباته العميق وأن يعي أخطار السياسات التي يتبعها في المنطقة، وتحديداً في سورية، وألا يبقى كالنعامة التي تدس رأسها في التراب. وبالتالي عليه التسليم بالحقيقة التي يعلمها وهي أنه ساهم بتربية الأفاعي وإطلاقها من جحورها واليوم يُلدغ منها، وأول المخاطر هو انهيار مجتمعاته وسقوط ما يفتخر به من قيم التعايش والتنوع في مجتمعاته التي تحوّلت الى بؤر للارهاب.
حادث نيس وضع إرث شمالي إفريقيا وشرق المتوسط على سكة الخطر في ظل إرهاب تكفيري معلّب يُصدّر كتب التكفير من دولة معروفة يصل تأثيره إلى المجتمعات الغربية ليتحوّل مواطنو بعض المدن من شعوب مسالمة أتت للارتزاق إلى قنابل إرهابية موقوته قادرة على تفجير مجتمعاته كلها. هذا كله من أخطاء السياسات الغربية وتحديداً فرنسا التي عليها التقاط لحظة تغيير سياسة الالتحاق المصلحي الرخيص والارتهان للمال الخليجي.
سقوط منطق 14 آذار
بعد حادثة نيس سقط المنطق السياسي لقوى 14 آذار وظهر أن الإرهاب لا يميز بين منطقة وأخرى أو بلد وآخر ولا ينتظر من يستجلبه إلى أراضيه بل يضرب في أي مكان تصل يداه. كما أن الإرهب ليس فعلاً فقط بل منظومة فكرية ومنهجه هو الوهابية ينتج عند حليفة 14 آذار السعودية ويصدَّر إلى أنحاء العالم كافة، في حين شكل الخطاب السياسي لهذا الفريق غطاءً سياسياً غير مباشر للعوامل الإرهابية في أكثر من منطقة، وعرسال نموذج حي. أما الخوف الأكبر فهو أن تتحوّل مخيمات النزوح السوري وبعض المخيمات الفلسطينية إلى عوامل كامنة للإرهاب تحضر إلى لحظة معينة يجري التخطيط لها لضرب الأمن والاستقرار الداخلي تنفيذاً لمخططات خارجية.
العين على عين الحلوة
حادث نيس ثبت بأن الإرهاب في أوروبا لا يختلف عن الإرهاب في سورية أو العراق أو ليبيا أو الإرهاب الموجود في الداخل اللبناني في قلب الحواضن على شكل خلايا نائمة، وسط معلومات وصلت إلى الأجهزة الأمنية الرسمية عن عمليات إرهابية يجري التحضير لها من خلايا في مخيم عين الحلوة التي تراقبه العين الأمنية بدقة، لضرب أهداف داخل المخيم وفي خارجه. وعلمت «البناء» أن الجيش اتخذ إجراءات وتدابير احترازية ووقائية على مداخل المخيم وكثف دورياته في الطرقات والشوارع المؤدية للمخيم.
اجتماع بين حمود واللجنة العليا
وأكدت مصادر في اللجنة الأمنية العليا في المخيم لـ «البناء» أن «هناك توافقاً فلسطينياً بين كل القوى والفصائل على رفض أي عمل إرهابي في المخيم أو منه إلى الخارج»، لافتة إلى أن «وسائل الإعلام عملت على تضخيم هذه المعلومات»، لكنها أوضحت أن «استخبارات الجيش تواصلت أول من أمس مع اللجنة الأمنية العليا في المخيم، للسؤال عن حقيقة هذه المعلومات التي وصلت إليها وعلى الأثر عُقد اجتماع جمع رئيس فرع الجنوب في مخابرات الجيش العميد خضر حمود واللجنة الأمنية العليا وجرى التداول بالمعلومات واتفقوا على زيادة التنسيق واتخاذ إجراءات احترازية في داخل ومحيط المخيم».
وأشارت المصادر إلى أن «القوة الأمنية المشتركة في المخيم ستضرب بيد من حديد أي محاولة لزعزعة أمن المخيم أو استخدامه لضرب المحيط»، لافتة الى أن «اللجنة أخذت تعهداً من جميع الفصائل من بينها القوى الإسلامية في المخيم وأكدت جميعها الحرص على أمن المخيم والجوار». واستبعدت المصادر «وقوع أي عمليات إرهابية في لبنان تنطلق من المخيم، مشيرة إلى وجود حالات متطرفة فردية في المخيم وليس ضمن مجموعات أو خلايا وتنظيمات إرهابية».
.. ومواقف مستنكرة
وأرخى حادث «نيس» بظلاله على الحركة الداخلية واقتصرت على ردود فعل مندّدة ومستنكرة للعمل الإرهابي، معلنة الوقوف الى جانب فرنسا. وفي السياق، أبرق الى الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند معزياً رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة تمام سلام الذي أكد «أن لبنان الذي هالته هذه الجريمة البربرية يقف بأكمله إلى جانب فرنسا في هذا الوقت العصيب». وفي موازاة ذلك، أفادت وزارة الخارجية والمغتربين أن لا إصابات حتى الساعة في صفوف أبناء الجالية اللبنانية بين ضحايا الاعتداء الإرهابي الذي طال مدينة نيس.
جلسة مالية للحكومة الإثنين
أما الملفات المحلية الساخنة وفي مقدمها المال والنفط، فتنتظر ما ستحمله ثلاثية جلسات مجلس الوزراء الأسبوع المقبل والتي تبدأ بجلسة الإثنين المخصصة لمناقشة الوضع المالي واستكمال دراسة التقرير المالي لوزير المال علي حسن خليل.
وقال مصدر وزاري لـ «البناء» إن «تقرير خليل يتضمن أرقاماً ومؤشرات لتقييم الوضع المالي والاقتصادي في لبنان ستصل اليوم الى الوزراء على أن تصل اقتراحات المعالجة لاحقاً».
دي فريج لـ «البناء»: الملف ينتظره مسار طويل
وعلمت «البناء» أن أعضاء اللجنة الوزارية المختصة بملف النفط «لم يتلقوا حتى الآن أي دعوة من رئيس الحكومة للاجتماع».
واستبعد وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دي فريج «إقرار المرسومين المتعلقين بالنفط والغاز في مجلس الوزراء في القريب العاجل، موضحاً أن هذا الملف ينتظره مسار طويل من الخطوات ولا يمكن التكهن متى سيبدأ استثمار النفط والغاز كما ولا يمكن اختصار الموضوع بمكونين في الحكومة بل يحتاج الأمر إلى بحث ونقاش في مجلس الوزراء ويحتاج أيضاً إلى تواقف سياسي».
وأوضح دي فريج أن إقرار المرسومين في مجلس الوزراء لا يعني أن الأمر انتهى بل على وزارة المالية إرسال قانون الضرائب النفطي الى مجلس الوزراء الذي يرسله بدوره الى المجلس النيابي ويحيله رئيس المجلس إلى اللجان المختصة كلجنة المال والموازنة التي ترسله لاحقاً إلى الهيئة العامة لإقراره». لكنه تساءل: «هل أحد الأطراف التي أعلنت اتفاقها على موضوع النفط مستعدّ للنزول الى المجلس النيابي لإقرار القوانين المتعلقة بالنفط والغاز؟ وهل هو جاهز للتنازل عن شرطه بعدم النزول إلى المجلس النيابي إلا بعد انتخاب رئيس للجمهورية وإقرار قانون انتخاب؟ وبالتالي هل هناك تواقف بين جميع الأطراف على فتح المجلس النيابي؟». وشدد على أن «انتخاب رئيس للجمهورية يحل كل المشاكل في البلد ويسرع وضع ملف النفط والغاز على السكة الصحيحة».
المصدر: صحف