مدينة النور باريس تعاني النزيف، إذ يهجرها كل عام نحو 12 ألفا من سكانها لمناطق أخرى، في هجرة مستمرة منذ عدة سنوات، ومن المتوقع أن تدوم حتى عام 2025.
وحسب المعهد الوطني الفرنسي للإحصاء والدراسات الاقتصادية (إنسيي)، فإن باريس فقدت بين 2011 و2016 نحو ستين ألفا من ساكنيها، الذين يقدر عددهم بمليونين و190 ألف نسمة، ويمكن تشبيه الوضع بهجرة كل سكان المنطقة الخامسة من باريس دفعة واحدة، وفقا لصحيفة لوباريزيان الفرنسية.
وأفادت الصحيفة بأن عدد الولادات تناقص في العاصمة على غرار كل المناطق، مشيرة إلى أن عدد المواليد في باريس كان نحو 32 ألفا في العشرية الأولى من هذا القرن، في حين أنه لم يتجاوز 28 ألف وليد إلا قليلا في عام 2016.
ويعزى هذا النقص إلى ميل الباريسيات إلى عدم الإنجاب قبل سن 33، وفي الوقت نفسه إنجاب عدد أقل من الأطفال، مما أدى إلى نسبة ولادات لا تتجاوز 13% في باريس مقابل 14% في منطقة “هو سور سين”، بل و17.9% في منطقة “سين سان ديني”.
ومع نقص المواليد، فإن غلاء العقارات بالعاصمة في تزايد مضطرد، لأن عدد الشارين أكثر من عدد البائعين في هذه السوق المزعجة.
وحاليا، فإن سعر المتر المربع عام 2018 بلغ 9500 يورو (10893 دولارا)، في حين لم يكن يتجاوز 5650 يوروا (6478 دولارا) عام 2006، والغلاء نفسه وقع للإيجار، واستنتجت الصحيفة أن الأسر الباريسية عندما يكون لديها عدة أطفال تلجأ إلى الضواحي، بل وتتجه إلى الأرياف لإيجاد مساحة أوسع وأنسب بوسائلها المتاحة.
وعزت الصحيفة تعقيد سوق العقارات وغلائه في باريس إلى منصات التأجير السياحي التي أصبحت تحتكر السوق، مشيرة إلى أن وسط باريس يعطي مثالا صارخا على ذلك، مستشهدة بقول مدير “إنسيي” أوليفيي ليون إن “الإيجار السياحي قصير المدة يحد من إمكان الحصول على السكن”.
ففي عام 2015 تم الإعلان عن 65 ألف شقة في باريس على منصة “أير بي إن”، والمشكلة أصبحت كبيرة لدرجة أن البلدية تجعلها أولوية لهذا العام.
ويدين النائب إيمانويل غريغوار هذا الوضع قائلا “لقد وصلنا إلى مستوى التأهب؛ هذه الإيجارات تؤثر على نسبة المساكن، ولها تأثير يزيد من التضخم في أسعار الإيجارات، وتدعو للمضاربة على المبيعات لأن مردوديتها كبيرة للغاية، وهي بالتالي تسلب العقارات من سكانها لصالح المستثمرين”.
المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية