أكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري أن سورية مصممة اليوم أكثر من أي وقت مضى على مكافحة ما تبقى من شراذم المجموعات الإرهابية في إدلب وغيرها وعلى ممارسة حقها القانوني بالدفاع عن النفس لطرد كل القوات الأجنبية الغازية من أراضيها.
وقال الجعفري خلال جلسة لمجلس الأمن أمس لمناقشة التقرير الثامن والخمسين للأمين العام للأمم المتحدة حول الوضع الإنساني في سورية: إن لدى سورية حكومة وشعبا وجيشا صورة واضحة جدا حول من هو عدو ومن هو صديق كما أنها تعرف حق المعرفة أن مواجهتها للإرهاب هي حرب يفرضها عليها رعاة الإرهاب لاستنزاف طاقاتها بغية تمرير مخططاتهم الظالمة في المنطقة وفي مقدمتها تصفية القضية الفلسطينية وإغراق شعوب المنطقة في ظلامية دموية وقودها الفكر الوهابي المتطرف والجهل والعمالة لأجندات الخراب والدمار مشددا على أن سورية ستفشل كل المخططات التي تستهدفها فنجاح مشروع رعاة الإرهاب والدمار وقتلة القانون الدولي في غير مكان لا يعني أبدا أن مشروعهم في سورية سيمر ونعد هؤلاء بإفشال مخططاتهم ومؤامراتهم.
وجدد الجعفري التأكيد على أن سورية ماضية بإعادة تأهيل المناطق التي خربها الإرهابيون وإعادة الحياة إلى طبيعتها كي يستطيع أبناء الشعب السوري أن ينعموا بالحياة التي اعتادوا عليها قبل فرض الحرب الإرهابية عليهم وبما يمكن المواطنين السوريين من العودة إلى وطنهم الذي غادروه بسبب الإرهاب والإجراءات الاقتصادية أحادية الجانب التي استهدفتهم في أساسيات حياتهم وفي لقمة عيشهم.
وأوضح الجعفري أن مجلس الأمن عقد مئات الاجتماعات الرسمية وغير الرسمية حول الوضع الإنساني في سورية واعتمد العديد من القرارات لكن السؤال هل الهدف من هذه التقارير والجلسات والقرارات هو فعلا تحسين الوضع الإنساني في سورية أم أن البعض يسعى من خلالها فقط إلى ممارسة الضغط السياسي على الحكومة السورية واستخدام معاناة السوريين سلعة للاتجار السياسي الرخيص مؤكدا أنه إذا كان الهدف كما يدعي البعض هو تحسين الوضع الإنساني في سورية فإن المطلوب اليوم ليس اصدار قرارات جديدة أو عقد اجتماعات استعراضية بل مساعدة الحكومة السورية على مكافحة ما تبقى من شراذم المجموعات الإرهابية التي كانت السبب الرئيسي لنشوء الأزمة الإنسانية وتفاقمها.
الأزمة الانسانية
لم تنشأ إلا في المناطق
التي دخلت إليها
التنظيمات الإرهابية
وأشار الجعفري إلى أنه يمكن لأي متابع حريص فعلا على رفاه السوريين أن يلاحظ أن الأزمة الانسانية لم تنشأ إلا في المناطق التي دخلت إليها التنظيمات الإرهابية وتلك التي توجد فيها قوات أجنبية بشكل غير شرعي داعيا مجلس الأمن إلى الاضطلاع بمسؤولياته من خلال التحرك الجاد والفوري لوقف الاعتداءات والمجازر والتدمير الممنهج للبنية التحتية في سورية والتي يرتكبها التحالف غير الشرعي الذي تقوده الولايات المتحدة والعمل على إلزام دول ذلك التحالف بأحكام ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن التي تؤكد على رفض جرائم العدوان والتدخل في الشؤون الداخلية للدول وتقويض السلامة الاقليمية للدول الأعضاء.
وجدد الجعفري مطالبة سورية بالرفع الفوري للإجراءات القسرية أحادية الجانب التي اتخذتها بعض الدول ومنها دول أعضاء في مجلس الأمن بحق الشعب السوري والتي أضرت بشكل كبير بالأوضاع المعيشية للمواطنين السوريين لافتا إلى أن استمرار هذه التدابير يمثل العائق الأبرز حاليا أمام تعزيز تأمين احتياجات السوريين الأساسية ودعم وضعهم الإنساني والمعيشي وتأمين المتطلبات الأساسية في سياق تهيئة الظروف المناسبة لعودة المهجرين السوريين إلى مناطقهم وحياتهم الطبيعية.
ودعا الجعفري إلى التوقف عن تسييس الشأن الإنساني في سورية بما في ذلك التوقف عن تقديم معلومات وأرقام مضللة والتوقف عن تجاهل الوقائع والتغيرات على الأرض والعمل على زيادة الدعم الإنساني الدولي للاستجابة لاحتياجات السوريين وخاصة في ظل المستوى الحالي للتمويل الإنساني الذي لا يزال دون المأمول منه وفي ظل ربط المانحين في مؤتمراتهم الاستعراضية تمويلهم بشروط سياسية تتعارض مع مبادئ العمل الإنساني ورفضهم دعم إعادة تأهيل المرافق الخدمية السورية الأساسية لدعم صمود السوريين وعودة المهجرين داخليا إلى مناطقهم بكرامة وأمان.
وقال الجعفري: إن تمديد مفاعيل قرار مجلس الأمن رقم 2165 لا يعكس التطورات الحاصلة على الأرض منذ اعتماده بتاريخ 14 تموز 2014 نظرا لانتفاء الحاجة لتسيير قوافل المساعدات الإنسانية عبر الحدود بعد استعادة جميع المناطق التي كانت مصنفة على أنها محاصرة أو صعبة الوصول لافتا إلى أن إصرار بعض أعضاء المجلس على تمديد أحكام القرار وتجاهلهم المتعمد للملاحظات الجوهرية التي تقدمت بها سورية إلى جانب أعضاء آخرين في المجلس بشأن تمديد أحكام القرار لا ينفي بأي حال من الأحوال العيوب التي شابت هذا القرار وتنفيذه منذ اليوم الأول لاعتماده.
مركز العمل الإنساني
المتعلق بالأزمة
في سورية ينطلق
من دمشق وليس
من مكان آخر
وأكد الجعفري أن مركز العمل الإنساني المتعلق بالأزمة في سورية ينطلق من دمشق وليس كما يسعى القرار للترويج له بأنه من مكاتب غازي عنتاب التركية أو أي مكان آخر وأن الحصول على موافقة الحكومة السورية قبل ادخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود هو مبدأ أساسي بموجب قرار الجمعية العامة 46/182 ويجب ألا يقتصر الأمر على إخطارها فقط كما ينص القرار.
وأوضح الجعفري أن آلية الرصد الأممية لا تستطيع بل هي عاجزة عن التحقق من وصول المساعدات المرسلة عبر الحدود إلى مستحقيها حتى تاريخه حيث أن النسبة العظمى من هذه العمليات تجري حالياً عبر الحدود السورية/التركية وهي موجهة إلى مناطق انتشار المجموعات الإرهابية التي تصادر هذه المساعدات وتقوم بتوزيعها على عناصرها وعائلاتهم إضافة إلى أن الآلية وقفت عاجزة على مدار السنوات الأربع الماضية أمام سوء استخدام هذه المعابر من قبل بعض دول الجوار التي استغلتها لتقديم الدعم للمجموعات الإرهابية ولتهريب ما نهبته هذه المجموعات من مصانع وآثار ومواد نفطية إلى داخل أراضيها فضلا عن أن جدوى المساعدات عبر الحدود كانت ولا تزال محدودة مقارنة بالمساعدات الموزعة من داخل الجمهورية العربية السورية.
وبين الجعفري أن القائمين على مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا” لم يراعوا معايير الشفافية ولم يتمكنوا من إيجاد الضمانات اللازمة لإقناع المجتمع الدولي بأن المساعدات المرسلة عبر الحدود تصل إلى مستحقيها وليس للمجموعات الإرهابية ولم يقدموا حتى الآن إيضاحات كافية بشأن ما يسمى “شركاء وشركات مستقلة” من طرف ثالث تم التعاقد معها للتحقق من وصول المساعدات إلى المستودعات والمستحقين على الرغم من طلبات سورية المتكررة.
“هيئة تحرير الشام”
المصنفة إرهابية
على قوائم مجلس الأمن
فرضت إتاوات على المساعدات
التي تدخل عبر الحدود وتحديدا
عبر معبر باب الهوى على
الحدود السورية التركية
الأمر الذي يعد تمويلا
مباشرا للإرهاب
ولفت الجعفري إلى أن “هيئة تحرير الشام” المصنفة إرهابية على قوائم مجلس الأمن فرضت إتاوات على المساعدات التي تدخل عبر الحدود وتحديدا عبر معبر باب الهوى على الحدود السورية/التركية الأمر الذي يعد تمويلا مباشرا للإرهاب في خرق لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة ولا سيما القرارات 2178 و2253 و 2396 تماما مثلما فعلت حكومة قطر عندما دفعت ملايين الدولارات لتنظيمي “داعش” وجبهة النصرة الإرهابيين بذريعة دفع الفدى لإطلاق سراح رهائن محتجزين لدى هذين التنظيمين الإرهابيين بما يشكل انتهاكا صريحا لمضمون قرار مجلس الأمن رقم 2368.
وجدد الجعفري التأكيد على أن الحكومة السورية هي الأحرص على تقديم كل أنواع المساعدات الإنسانية لجميع مواطنيها أينما وجدوا على كامل الأراضي السورية وهي تقوم بهذا الواجب خير قيام بالتعاون مع الهلال الأحمر العربي السوري وستبقى ملتزمة به وهي حريصة أيضا على التعاون والتنسيق مع الأمم المتحدة وشركائها الإنسانيين وفقا للمبادئ التوجيهية الناظمة لتنسيق وتعزيز العمل الإنساني والتي تشدد على احترام سيادة الدول واستقلالها وعلى دور الدولة المعنية في الإشراف على توزيع المساعدات الإنسانية داخل أراضيها وعلى احترام مبادئ الحياد والنزاهة وعدم التسييس.
وفي رده على مندوبي الدول الأعضاء قال الجعفري: ما يلفت الانتباه في بيانات مندوبي الدول الغربية أن ما يهمها هو تمديد العمل بالقرار 2165 لإيصال المساعدات عبر الحدود في حين أنها تغافلت عن واقع أن هذه العمليات المسماة عبر الحدود تغطي فقط أقل من خمسة بالمئة من المساعدات الإنسانية التي يتم تقديمها للسوريين بينما يتم تقديم 95 بالمئة من المساعدات من داخل سورية وليس عبر الحدود لافتا إلى أن النظام التركي استخدم المعابر الموجودة على الحدود مع سورية لتهريب السلاح والإرهابيين بدلا من المساعدات الإنسانية وهناك عشرات الأتراك في السجون من ضباط جمارك وقضاة تم زجهم في السجون التركية لأنهم كشفوا هذا الواقع يعني أن السيارات التي ترسل من المعابر لا تحمل مساعدات إنسانية وإنما سلاح.
واستغرب الجعفري التضليل الذي تقوم به بعض الدول حول عدد القوافل التي تقدمها الحكومة السورية للمحتاجين مبينا أن الهلال الأحمر العربي السوري أرسل وحده خلال العام الحالي 182 قافلة وليس كما يدعي منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارك لوكوك بأنه تم إرسال أربع أو خمس قوافل فقط لافتا إلى أن المنظمات الدولية عندما ترسل قوافل إلى الركبان ومنطقة التنف فإنها تصل إلى الإرهابيين في التنف ولا تصل إلى أولئك الـ 50 ألف مدني في المنطقة.
واعتمد أعضاء مجلس الأمن في وقت سابق قرارا بتمديد العمل بالقرار 2165 لعام إضافي والخاص بإدخال المساعدات الإنسانية للسوريين سواء عبر العمليات التي تتم داخل سورية من خلال خطة الاستجابة وبتنسيق بين الحكومة السورية و”الأوتشا” أو عن طريق ما يسمى من قبل ترويكا سفراء مجلس الأمن “العمليات عبر الحدود” وامتنعت روسيا والصين عن التصويت.
المصدر: وكالة سانا - سوريا