في جزيرة ساوث غولبرن الصغيرة التي تقع قبالة الساحل الشمالي لأستراليا، هناك منطقة تُسمى “وارويو” يعيش فيها حوالي 500 شخص يتحدثون فيما بينهم بتسع لغات، في واحدة من الأماكن الأخيرة في أستراليا وربما في العالم حيث توجد الكثير من اللغات الأصلية.
وإضافة إلى اللغة الإنجليزية، هناك أيضا لغة تسمى ماونغ وأخرى تسمى بيننج كوونوك وثالثة تدعى يولنغو ماثا ورابعة نجيبانا وغيرها الكثير، ورغم تعدد اللغات في هذه المنطقة يفهم الجميع بعضهم بعضا، لأنهم يفهمون بعض أو كل اللغات، ولكن لا يتحدث الجميع بها، لأسباب اجتماعية وشخصية.
ويفسر العلماء المتخصصون في التعددية اللغوية هذا الأمر بأنه يتعلق بالتعرض لهذه اللغات، حيث يستطيع العديد من الأشخاص الذين يتحدثون الإنجليزية والذين يعيشون في الولايات الحدودية الأميركية، على سبيل المثال، من قراءة وفهم القليل من اللغة الإسبانية بفضل التعرض لها، كما يتعلم عدد لا حصر له من الأطفال المهاجرين اللغة التي يتحدث بها البلد المضيف بينما يحتفظون في الوقت نفسه بالقدرة على فهم لغات والديهم.
روث سينغر، عالمة في التنوع اللغوي بالجامعة الوطنية الأسترالية، كتبت مقالا في مجلة “اللغة والاتصال” عام 2006 عن التعددية اللغوية في وارويو، بناء على واحدة من رحلاتها للعمل الميداني في ساوث غولبرن، حيث لاحظت كيف أن الناس هناك يستخدمون لغات مختلفة في التواصل بينهم.
ويبدو أن صعوبة الانتقال إلى لغة مشتركة لسكان تلك المنطقة تتعلق بأن هناك تكاليف اجتماعية وشخصية للقيام بذلك. حيث تصر بعض العائلات على أن يتحدث أطفالها لغتها فقط.
كما أن هذه اللغات ترتبط بقطع معينة من الأرض أو الإقليم في الجزيرة، وتطالب العشائر بملكية تلك الأرض، لذلك تعتبر اللغات أيضا ملكا للعشائر. لذلك يمكن للمرء أن يتحدث فقط اللغات التي ينتمي إليها، ويمكن أن يُنظر إلى كسر هذا التقييد على أنه علامة على العداء.
المصدر: نيويورك تايمز