ألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان خطبة الجمعة، في مسجد الإمام الحسين، في برج البراجنة، استهل شقها السياسي بحديث لأمير المؤمنين حيث قال: “أشقى الرعاة من شقيت به رعيته وأسعد الرعاة من سعدت به رعيته”، هذا القول لأمير المؤمنين إذا حاولنا ترجمته على واقعنا، لاكتشفنا أننا لسنا أشقياء فحسب، بل تعساء إلى أبعد الحدود، وأن رعاتنا ومسؤولينا هم السبب في كل ما نعانيه ونؤاسيه من أوضاع وظروف قد يعجز كل مواطن لبناني عن وصفها، كونها وصلت به إلى حدود المعاناة، في حين أن من يفترض بهم أن يكونوا معنيين ومسؤولين عن إدارة شؤون الناس ورعايتهم، غافلون لا بل متجاهلين عما نحن فيه، وعما قد يؤول إليه حال البلد، طالما بقي الصراع قائما، والتحدي السياسي والمناكدة على هذه الوتيرة، التي لم نعد نفهم لمصلحة من كل هذا التأخير في تشكيل الحكومة، ولماذا كل هذا العناد والتعنت والإصرار على إقصاء هذا وذاك، في الوقت الذي يرفع فيه شعار حكومة الوحدة الوطنية، وشعار الشراكة، وشعار المصالحة، وشعار المسؤولية المشتركة! أسئلة تطرح وتساؤلات لا تعد ولا تحصى، تجول في خواطر الناس، ولكن لا أجوبة لدى هذه الطبقة السياسية التي أطنبت في الخداع والنفاق، واستشرهت في نهب البلد وتجويع الناس وتكبير المديونية وتعميم الفساد في مؤسسات الدولة وإداراتها، حتى طاول الماء والهواء والدواء والغذاء، وأما الكهرباء وما يحوم حولها من فضائح وصفقات فلا داع للحديث فيها وعنها، فهي (فالج لا تعالج)، وبالخصوص عندما يطلب النور من أهل العتمة، والعدالة من ممتهني الظلم، والحرية من عشاق السلطة والتسلط.
اعتبر المفتي الجعفري الممتاز الشيخ احمد قبلان اننا في لبنان “يوجد فيه أقلية لا تتعدى أصابع اليد الواحدة، فيما الآخرون مجرد أعداد على ورق. هذا هو الواقع السياسي، وهذا هو حال الدولة المنهوبة، وكل من يقول العكس فهو يخادع، ويضلل الناس الذين باتوا يعرفون كل شيء وبالأسماء، وهم يتساءلون لماذا حكومة من ثلاثين وزيرا؟ ولبنان كله لا يحتاج إلى أكثر من عشرة وزراء، يكونون من أهل الكفاءة والمعرفة والمشهود لهم بالعفة والنزاهة! فهل الحكومة جوائز ترضية لهذا وذاك! لماذا كل هذا التصنيف تحت عنوان هذا فريق وذاك فريق، هذا حصته كذا وذاك حصته كذا، هذا له معيار وآخر معياره مختلف، في أي بلد نحن؟ وعن أي وحدة نتكلم؟ وعن أي مشاركة وشراكة نتحدث؟ فيما الخزينة خاوية، والبطالة مستفحلة، وفرص العمل غير متوفرة، إلا للأتباع والمحاسيب!
وأسف المفتي قبلان لأن “الحلول مؤجلة، والحكومة إلى أجل غير مسمى، فيما البلد على شفير الهاوية، وهذا ما يردده أكثر من مسؤول وراع في هذا البلد، ولكن لا حياة لمن تنادي، في ظل غياب الضمير الوطني، وانعدام الأخلاق السياسية، التي من دونها تصبح السياسة فنا من فنون السلب والالتفاف على القانون وتعطيل الدستور. من هنا وحرصا على الوطن وعلى سلامة أبنائه وعلى حقوقهم في العيش بأمن وأمان واستقرار وضعي ونفسي، ندعو الجميع إلى وقفة تأمل ومراجعة ضمير، ينكفئون من بعدها عن غيهم وغاياتهم، وينطلقون معا يدا بيد، وكتفا بكتف، نحو مسيرة جامعة ورؤية واحدة لانتشال البلد من لعبة المغانم والمصالح والطوائف والمذاهب قبل أن نغرق جميعا”.
وبارك المفتي قبلان للفلسطينيين انتصارهم وقال “رغم التضحيات والأذيات التي تلحق بالإخوة الفلسطينيين، لا يسعنا إلا أن نبارك لأهل غزة وفلسطين نصرهم، وعظمة مقاومتهم، ونقول للعالم بأسره: لقد ولى زمن العربدات الصهيونية، فاليوم يوم فلسطين، يوم المجاهدين الأبطال والانتصارات المؤزرة.
أما في ما خص اليمن، فقد دعا المفتي قبلان “إلى وقف هذه الحرب البشعة فورا، وإيقاف هذه المجزرة الرهيبة التي يتعرض لها أطفال ونساء وشيوخ أهل اليمن المظلوم، لأنه لا ضمير ولا وجدان ولا دين ولا شرع يقبل بما يجري في اليمن، وقد بات من الشائن جدا، بل من المعيب أن يبقى العرب والمسلمون وكل المؤسسات الأممية والأوروبية والأمريكية ساكتين على أفظع جريمة ترتكب، ليس بحق أهل اليمن فحسب، وإنما بحق الإنسانية قاطبة”.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام