ماذا جرى في معركة “كسر الحصار عن مدينة #حلب”؟ – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

ماذا جرى في معركة “كسر الحصار عن مدينة #حلب”؟

الجيش السوري
الجيش السوري يصد هجوما الارهابيين في ريف حلب الجنوبي

أطلقت المجموعات المسلحة عبر وسائل التواصل الإجتماعي وبعض الفضائيات معركة أسمتها جبهة النصرة ـ فرع تنظيم القاعدة في بلاد الشام ـ “كسر الحصار عن مدينة حلب” يوم السبت 9-7-2016. وعلى المواقع نفسها، بدأ إعلان إنتصارات مزعومة والحديث عن تقدم باتجاه مواقع ونقاط انتشار الجيش السوري في مزارع الملاح الجنوبية تمهيداً لفتح طريق الكاستيلو شمال حلب بعدما تمكن الجيش السوري من قطعه نارياً بشكل كامل.
جماعات “جبهة النصرة”، “حركة نور الدين الزنكي”، “فيلق الشام”، وعدة فصائل من “الجيش الحر” بدأت هجومها عند الساعة السابعة من مساء السبت، بتمهيد ناري على جميع جبهات حلب خصوصاً عند نقاط الجيش السوري على المحور الجنوبي لمزارع الملاح.

وكعادتها، بدأت جبهة النصرة الهجوم بدفع آليتي “بي ام بي” مفخختين لكسر دفاعات الجيش السوري عند المحور الجنوبي للمزارع بالتزامن مع قصف مكثف لمنطقة المزارع الشمالية، في محاولة منها لفتح محور إشغال للجيش السوري عن المزارع  الجنوبية التي كانت هدفاً للهجوم. لكن الجيش السوري كان على دراية كاملة بالوضع الميداني من خلال جهوده الاستخباراتية المكثفة ورصده ومتابعته الدائمة لتحركات المسلحين في المنطقة، فنصب الكمائن وأعدّ الخطط الدفاعية، فيما كانت الصواريخ الموجهة جاهزة لاستهداف أي تحرك في محيط منطقة مزارع الملاح، وكان الجنود جاهزون لصدّ أي محاولة تقدم باتجاه نقطاهم.

عند الساعة الثامنة والنصف، ضجّت تنسيقيات المسلحين على مواقع التواصل بأخبار الانتصارات والتقدم والسيطرة على قسم كبير من المزارع الجنوبية! وما هي إلا ساعات قليلة حتى خفت حدّة الاشتباكات في منطقة مزارع الملاح، لتعلن قناة “الجزيرة” القطرية الهزيمة، وعزتها إلى أسباب عسكرية بحسب مصدر مسؤول في النصرة، في محاولة منها للتخفيف من وقع الهزيمة المعنوية والنفسية لدى المسلحين، الذين وقعوا في كمائن محكمة، وفق خطة عسكرية مرسومة، أذهلت المتابعين والمحللين العسكريين.

أُحبطت معركة فك الحصار في مهدها وسقطت اهدافها، وتلقت الدول الداعمة والممولة لهذه المعركة صفعة مدوية خصوصاً انها وضعت ثقلها فيها ودفعت معظم فصائل الشمال السوري للمشاركة في هذا الهجوم. وكان بارزاً مشاركة فصائل “الجيش الحر” كـ “تجمع فاستقم” و”كتائب الصفوة” و”فرقة السلطان مراد”، “جيش المجاهدين”، والفصائل التي لم تشارك بالهجوم، اُسند اليها القصف المدفعي والصاروخي “كأجناد الشام”  و”كتائب ثوار الشام” و”الجبهة الشامية” التي كانت تعمل على فتح محاور اشغال في حلب.

وفي منطقة العمليات التي كانت تعج بمئات المسلحين، بادرهم الجيش السوري والحلفاء بنيران لم يعهدوها من قبل، وضرب الجيش تحشدات المسلحين وغرف عملياتهم المتنقلة والمرتبطة بأخرى مركزية في إدلب والاحياء الشرقية لمدينة حلب، حيث تم استهداف غرفة عمليات بمنطقة الجندول أخرى للنصرة في الايلغانس وتدمير مقر عمليات في بلدة عندان؛ في وقت تولى سلاح الجو مهمة استهداف الخطوط الخليفة وتم تدمير راجمات صواريخ ومدافع ميدانية وآليات مجهزة برشاشات ثقيلة بالإضافة لتدمير جرافة واعطاب أخرى، وذلك بالتزامن مع قصف مدفعي طال خطوط الجبهة الخلفية والامامية بينما تولت وحدات الجيش القريبة التعامل مع النسق الاول للهجوم، عبر استهدافهم بالأسلحة الرشاشة الثقيلة والمدفعية المباشرة والصواريخ الموجهة.

* نشرت تنسيقيات المسلحين فيديو رصده الإعلام الحربي المركزي، يظهر دقة إصابة الوسائط النارية للجيش.

ساعات قليلة وانجلى غبار المعركة عن هزيمة مدوية للفصائل المشاركة في الهجوم في حين لم تستطع قياداتهم زجّ النسق الثاني الذي تفكّك معظمه في الخلف.

واعترفت تنسيقيات المسلحين بمقتل 75 مسلحاً من مختلف الفصائل بينهم7 مسؤولين ميدانيين وعسكريين خلال الاشتباكات مع الجيش السوري في محيط مزارع الملاح بريف حلب الشمالي، وقد اعد ّ الاعلام الحربي المركزي لائحة بأسماء القتلى والجرحى، التي اعترفت بها التنسيقيات.

وبالإضافة الى الهزيمة العسكرية، سُجّلت هزيمة اعلامية للمجموعات المسلحة وبدا التخبط واضحاً خصوصاً لدى قناة “الجزيرة” القطرية الراعية الرسمية لهذا الهجوم. فقد روّجت القناة لانتصارات وهمية وتحدثت عن كسر خطوط دفاع الجيش السوري، وسيطرة المسلحين على نقاط جنوب المزارع واعادة فتح طريق الكاستيلو وتأمينه، لكنها سرعان ما وقعت في شرّ اعمالها اذ تسببت بمقتل عدد منهم وجرح آخرين وهو ما لم تستطع تنسيقيات المسلحين او مواقعهم الالكترونية تجاوزه. فتحدث “المرصد المعارض” عن إصابة بعض الأشخاص وتعريضهم للخطر بعد إذاعة الخبر، فيما قالت تنسيقيات إن شخصاً قتل وأصيب عدد آخر، لدى محاولتهم الخروج من حلب بعد ترويج اخبار عن فتح الطريق.

واعرب العديد من الناشطين لدى المجموعات المسلحة عن غضبهم واستيائهم من أداء “الجزيرة”، وأطلق هؤلاء هاشتاغ #الجزيرة_تكذب، واتهموا القناة بالترويج لتنظيم القاعدة، بعدما روجت لداعش، وأنها نسبت “الاقتحامات والانتصارات” إلى جبهة النصرة، والانسحابات إلى ما تسميه “المعارضة المسلحة”. وهاجم المشاركون في هذا الوسم السياسة التحريرية للجزيرة، واتهموها بالكذب والتلفيق، وبالتبعية لأجهزة المخابرات.

هذه الحملة ضد الجزيرة، دفعتها إلى إصدار بيان توضيحي اعتبرت فيه أنها تتعامل مع الأخبار من كافة المصادر، وتعتمد على شبكة مراسلين في سوريا، لكن يبدو أن هذا التوضيح لم يرق لمؤيدي المسلحين، الذين واصلوا حملتهم، خصوصاً ضد مدير عام القناة بالتحديد، واتهموه بالعمالة للمخابرات الاردنية وبمبايعة جبهة النصرة.

وبعد فشل الهجوم، وكعادتها، تقاذفت الجماعات المسلحة اتهامات الخيانة والتخاذل على مواقع التواصل الاجتماعي، في حين حاول مسؤول “الجبهة الشامية” المقدم المنشق “أبو رياض حمادين” دفع الاتهامات عنه، وأعلن فتح جميع الجبهات التي يتواجد فيها مسلحيه ضد الجيش السوري في حركة استعراضية واعلامية، لكن هذه الدعوة لم تترجم في الميدان، وبقيت أيضاً على مواقع التواصل الاجتماعي.

https://youtu.be/dcgfhLneCu0

كما نشبت خلافات بين الفصائل المسلحة بسبب استغلال المعركة للخروج من احياء حلب الشرقية، باتجاه ادلب من قبل بعض قادة المسلحين وعائلاتهم معظمهم من جنسيات اجنبية. وسألت عدة تنسيقيات للمسلحين عن غياب السعودي عبدالله المحيسني وعدم حضوره في الخطوط  الامامية هذه المرة، واشارت الى انه لو كان هناك انتصار، لوجدناه امام عدسات الكاميرات ينسب النصر اليه! وتعد هذه المعركة انجازاً نوعياً للجيش السوري وقدرة جنوده على الثبات في ارض المعركة بأصعب الظروف العسكرية وهنا لا بد من التنويه بضباط الجيش وقدرتهم العملاتية في التحكم والسيطرة على مجريات المعركة ووجودهم في الخطوط الامامية لإعطاء دفع معنوي كبير لجنودهم البواسل.