هل واجهتك يوما مشكلة لم تستطع حلها فتركتها حتى اليوم التالي، ثم عرفت الحل بمجرد استيقاظك؟ إن حصل معك ذلك فهذا ليس مصادفة، فهناك الكثير من الأدلة على أن النوم يفيد كل أنواع التعلم، كما أظهرت دراسة أجرتها جامعة هارفارد أن القيلولة من ستين إلى تسعين دقيقة يمكن أن تؤدي المهمة تماما بمثل فعالية النوم طوال الليل.
وفي دراسة أخرى حلل ستيفان غيس وزملاؤه في جامعة لوبيك الذاكرة التقريرية (القدرة على تذكر الحقائق)، فوجدوا أن الطلاب الذين أغمضوا عيونهم لبرهة بعد تعلم مفردات معينة تذكروا تلك الكلمات بشكل أفضل.
وفي جامعة بارانا في البرازيل درس فيليب بيجاميني وزملاؤه قدرة المشاركين على حل المشاكل المنطقية قبل النوم وبعده، وأخذ بعض المشاركين غفوة بعد محاولة حل مشكلة بلعبة فيديو، في حين أخذ آخرون استراحة، لكنهم لم يناموا، وبعد إعادة اختبارهم كان الذين أخذوا غفوة أكثر قابلية بنحو الضعف لحل المشكلة. كما يمكن للنوم أن يعزز حل المشكلات التناظري، وهي مهارة تتيح لنا أخذ المعلومات التي تعلمناها في نطاق واحد وتطبيقها بفعالية على مناطق أخرى.
وخير مثال على ذلك دراسة أجراها هيوان لاو وزملاؤه في جامعة سيتي في نيويورك، حيث علّموا المشاركين المعاني الإنجليزية لبعض الأحرف الصينية، ثم تحدوهم في تطبيق ما تعلموه على أحرف صينية أخرى مشابهة لغويا، فكان الذين أخذوا غفوة قبل بدء التحدي أفضل من الآخرين.
وعلى الرغم من أن الأمثلة السابقة تعتبر مجموعة مقنعة من الأدلة فإن هناك قيودا، وذلك أن جميع الدراسات السابقة كان المشاركون فيها على دراية بما يفترض أن يتعلموه، لكن هل يمكن أن يساعدنا النوم على الاحتفاظ بالمعلومات التي لا ندرك أننا نحتفظ بها؟
يبدو ذلك ممكنا وفقا لدراسة جديدة من جامعة بريستول، فقد قدمت الدراسة للمشاركين مهمتين مختلفتين، الأولى “مهمة تحكم” والأخرى “مهمة تحضيرية خفية”، واختبرتهم بعد غفوة لمدة تسعين دقيقة، وفي مناسبة أخرى بعد تسعين دقيقة من الاستيقاظ التام.
في المهمة الأولى طلب من المشاركين ببساطة الرد بمجرد رؤيتهم مربعا أحمر أو أزرق على الشاشة، في حين طلب من أفراد المجموعة الثانية أن يقرروا ما إذا كانت الكلمات التي عرضت عليهم لفترة وجيزة “جيدة” أو “سيئة”، وما لم يعرفوه هو أنه قبل أن يشاهدوا كلمة الاختبار عرضت عليهم كلمة أخرى بسرعة لدرجة أنهم لم يكونوا على دراية بها.
وباستخدام المقاييس الفيزيولوجية لنشاط الدماغ ودرجات الاختبار اكتشف الباحثون أن المشاركين كانوا يعالجون تلك الكلمات “التحضيرية” أثناء غفوتهم، وهي كلمات لم يكونوا يعلمون أصلا أنهم شاهدوها.
وتوفر هذه الدراسة مزيدا من الأدلة على قيمة القيلولة أو الغفوة بعد تعلم شيء تأمل الاحتفاظ به.
المصدر: دلي تلغراف