ركزت افتتاحيات الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الاثنين 8-10-2018 على مواضيع عديدة كان ابرزها، الملف الحكومي محليا والعديد من الملفات الاقليمية سواء ما يتعلق بالوضع في ادلب بسوريا او بخصوص تورط النظام السعودي بقتل او اختفاء الاعلامي جمال الخاشقجي، بالاضافة الى غيرها من المواضيع.
البناء:
سورية تراقب نهاية مهلة إدلب… والفصائل بين الرفض والانشقاقات وتركيا تؤكد التزامها
قضية الخاشقجي تتفاعل… وفلسطين ترفع البطاقة الحمراء للاستيطان… وبومبيو في كوريا
الحريري سيسمع ردود باسيل كما أبلغه بالتفاؤل تلفزيونياً… ومع الضيف الثالث… صار الوقت؟
تحت هذا العنوان كتبت صحيفة البناء اللبنانية “فيما تؤكد سورية بلسان رئيسها الدكتور بشار الأسد التمسك بتفاهمات إدلب، وتراها مدخلاً لاستعادة وحدة سورية وإنهاء سيطرة التشكيلات الإرهابية على جزء من جغرافيتها، تتابع الجهات الدبلوماسية والعسكرية في سورية بالتفاصيل مجريات تطبيق تفاهمات إدلب ميدانياً عشية نهاية مهلة الشهر المتفق عليها في سوتشي بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب أردوغان، حيث يجب أن تكون الأسلحة الثقيلة والمتوسطة أصبحت خارج المنطقة منزوعة السلاح، وسط تجديد تركيا تعهداتها مع تمديد المهلة حتى منتصف الشهر، وتعلن العديد من الفصائل رفضها للتفاهمات، وتشهد العديد منها تشققات وصراعات حول التنفيذ بينما الحملة الدولية التي تشكلت تحت شعار منع عملية عسكرية في إدلب قد تفكّكت، والممانعة التركية ستفقد فعاليتها مع نهاية المهلة بالعجز عن تنفيذ التعهدات.
دولياً وإقليمياً، ارتباك إسرائيلي متواصل بمصدر القلق الذي سببته صواريخ الـ«أس 300» الروسية التي صارت سورية، والالتفاف على المأزق لا تفيد فيه مساعي التواصل الإسرائيلية بموسكو التي عبر عنها ما عمّمه مكتب رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو عن تفاهم على اللقاء مع الرئيس الروسي، للإيحاء بإيجابيات على خط العلاقة الروسية الإسرائيلية قد تغيّر المشهد، بعدما كانت موسكو واضحة في قرارها بتجميد أي لقاء مع قادة الكيان حتى يكتمل تسليم وتوضيع الـ«أس 300» بيد الجيش السوري منعا لأي أوهام حول جدية القرار الروسي، بينما جاءت العملية النوعية للمقاومة في عمق فلسطين المحتلة ونجاحها بقتل إثنين من المستوطنين لتؤكد لمجتمع الاستيطان أن أمنه سيبقى بخطر ما دام الاحتلال، وأن التوهم بقلق على الأمن مصدره الخارج مجرد وهم.
يتساند الإرباك الإسرائيلي بإرباك أميركي مماثل، بعدما شكلت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب المتلاحقة في إهانة الملك السعودي إحراجاً كبيراً، وصار البحث عن تلميع صورة الإدارة عشية الانتخابات النصفية للكونغرس يستدعي براعة وزير الخارجية مايك بومبيو في استحضار الأرانب من أكمامه، فكانت رحلته إلى كوريا الشمالية استعادة لمشهد قديم مستهلك، وظيفته الوحيدة الحديث عن تقدّم إيجابي وإنجازات، لا تلبث تغريدات جديدة للرئيس الأميركي بالتكفل بتبديدها.
القيادة السعودية المرتبكة بتصريحات ترامب، كان ينقصها الإرباك الناتج عن سلوك أرعن في التعامل مع الزيارة التي قام بها إلى القنصلية السعودية في إسطنبول الصحافي السعودي المنتمي لفريق الحكم وخطه السياسي بكل ما فيه من فضائحية في حروب سورية واليمن والموقف من المقاومة وإيران أصلاً، والمختلف حول زوايا تفصيلية تتصل بخلفيته الإخوانية. وجاء اختفاء الخاشقجي والمعلومات عن مقتله ليتسببا ببدايات أزمة تركية سعودية، تبعتها لاحقاً مواقف غربية تشير لمأزق كبير سيلاحق قيادة الرياض كلما بدا أن رواية خطف الخاشقجي أو قتله خصوصاً، صارت الأقرب إلى الواقع.
لبنانياً، تبدو عملية تشكيل الحكومة بعيداً عن التحليلات والمعلومات موضوعاً ترويجياً تلفزيونياً، حيث لا تدور المواجهات والتجاذبات ولا المشاورات حول العقد التي تفصل الضوابط التي حددها رئيس الجمهورية للرئيس المكلف بتشكيل الحكومة كشرط لتوقيعه على التشكيلة الحكومية، عن الضوابط التي رسمها الرئيس المكلف للتشكيلة التي يمكن له تقديمها معدلة، بل صار على اللبنانيين النظر إلى ما يسمعونه من شاشة التلفزيون وخصوصاً من برنامج الإعلامي مرسال غانم، كل ليلة خميس، ويستمع معهم الخصوم والأصدقاء من السياسيين كمنبر لتوجيه الرسائل، بعدما افتتح الرئيس المكلف سعد الحريري إطلاق التفاؤل كحرب إعلامية استباقية، تعاونه في الضغط على التيار الوطني الحر ورئيسه، فردّ رئيس التيار وزير الخارجية جبران باسيل في اليوم الثاني بمؤتمر صحافي مخاطراً بتحميله مسؤولية العرقلة، يبدو أن الرئيس المكلف نفسه سيستمع مع اللبنانيين بالطريقة ذاتها إلى عروض باسيل لحلحلة العقد الحكومية، ليصير على اللبنانيين التساؤل عن الضيف الثالث للبرنامج نفسه والذي قد يكون النائب السابق وليد جنبلاط، لمعرفة ما إذا كانت عملية تذليل العقد في التشكيلة الحكومية ستعلن على الهواء، أم أن مهلة العشرة أيام التي حدّدها الرئيس المكلف تكون قد انتهت وزاد عليها خمسة أيام فتسقط نهائياً؟
فيما ينشغل الأتراك والسعوديون مع الولايات المتحدة بقضية الصحافي السعودي المعارض جمال خاشقجي الذي أعلن مستشار الرئيس التركي ياسين أقطاي أنه قتل في القنصلية السعودية في اسطنبول، وأنّ سلطات بلاده ترجّح أن تكون العملية تمّت بمشاركة «15 سعودياً»، في موازاة اعتبار الوزير السعودي المفوّض وليد البخاري أنّ «مسرحية اغتيال خاشقجي مؤامرة ومكيدة استخبارية دبّرت بإحكام بغرض النيل من سمعة السعودية والإساءة إليها»، ينشغل لبنان بملف التأليف الحكومي الذي يبدو أنّ أفقه الإيجابي لا يزال بعيد المنال رغم الأجواء التفاؤلية التي بثها الرئيس المكلف سعد الحريري ليل الخميس.
وبينما تؤكد مصادر مطلعة على الملف الحكومي لـ «البناء» أنّ الأجواء إيجابية وأنّ هناك تقدّماً في المفاوضات لا سيما بعد ما لاقى طرح الرئيس المكلف إعطاء حزب القوات 3 حقائب خدمية ومنصب نائب رئيس مجلس الوزراء من دون حقيبة، تأييداً من رئيس الجمهورية.
وبينما لفتت مصادر معنية لـ«البناء» الى فيتو عوني على تولي تيار المردة وزارة الأشغال، شدّدت المصادر على أنّ حزب الله لن يرضى أن تسحب هذه الحقيبة من تكتل لبنان الحر الموحد، لتسند للاشتراكي الذي بدأ يطالب بها بعد سحب التربية منه وإعطائها للقوات. مع تشديد المصادر على أنّ حزب الله مصرّ على تولي حقيبة الصحة ولن يتراجع عن مطلبه الذي لا يلقى في الأصل أية معارضة محلية.
أما على خط القوات اللبنانية، فإنّ مصادرها حتى الساعة لا تزال تنفي تلقيها أية صيغة حكومية، مشيرة إلى أنّ الوزير باسيل لا يزال يمارس لعبة التعطيل لألف سبب وسبب، مشدّدة في حديث لـ«البناء» على انّ معيار التأليف يحدّده الرئيس المكلف بالتعاون مع رئيس الجمهورية، وما يقوم به الوزير باسيل هو تعدٍّ على صلاحيات الرئاسة الثالثة وتجاوز للرئيس المكلف، لافتة الى انّ المعيار الذي وضعه باسيل لن يرى النور، مشيرة الى أنّ حزب القوات يمثل ثلث الوجود المسيحي، وبالتالي من الطبيعي أن يحصل على ثلث المقاعد الوزارية المسيحية من دون أية منة من أحد، مستغربة كيف أن باسيل يلجأ بين الفينة والأخرى الى اللعب بالأرقام والإحصاءات وفقاً لمصلحته.
في موازاة ذلك، تصرّ المصادر العونية لـ «البناء» على انّ التيار الوطني لم ينسف مؤتمر الحريري إنما جاء تكاملياً معه، مشيرة الى انّ حزب القوات أصبح محشوراً في الزاوية لا سيما أنه بات المعطّل الوحيد للتأليف. فهو يرفض حقيبة الدولة لنائب رئيس مجلس الوزراء، وهذا الأمر لا يصحّ، لا سيما انّ الحقائب المعروضة عليه مهمة وهي التربية والشؤون الاجتماعية والثقافة. وترى المصادر أنّ النائب السابق وليد جنبلاط تعاطى بإيجابية مع كلام وزير الخارجية ودعا الى دراسة عرضه، الأمر الذي يستدعي التوقف عنده.
وكان جنبلاط كتب على «تويتر»: «لا بدّ من دراسة معمّقة وتدقيق موضوعي في العرض الأخير الذي قدّمه الوزير باسيل دون أن نسقط أهمية الطرح الذي قدمه الشيخ سعد الحريري، آخذين بعين الاعتبار انّ عامل الوقت ليس لصالحنا في التأخير. الامر الذي يصرّ عليه وينبّه من خطورته الرئيس بري ونشاركه القلق والقلق الشديد».
واعتبر النائب هادي أبو الحسن أننا «اقتربنا من الوصول إلى النتائج في الملف الحكومي، ورغم المشهد السوداوي نحن في الشوط الأخير من مسار تشكيل الحكومة ويمكن الوصول إلى نتيجة بمرونة من دون المسّ بالثوابت».
وعن موضوع رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال ارسلان، قال: «عدم توزير أرسلان يبدو ثابتاً في المعادلة». وأضاف: «لهذا السبب نُبدي مرونة ونستطيع أن نعطي ولا يُؤخذ منّا ونشارك بتسوية ولا تُفرض علينا تسوية قسرية».
وقال النائب نواف الموسوي إن منع تشكيل الحكومة في وقت قليل، هو عمل تقوم به جهة معروفة من أجل دفع لبنان إلى التوتر والاضطراب، خصوصاً في ما يتعلق بموضوع الكهرباء، لأنه عندما تصبح هناك أزمة كهرباء واسعة، فعلينا أن نتوقع أن تصبح هناك اضطرابات شعبية، ولذلك ضرورة الانتباه من جميع المعنيين بتشكيل الحكومة وعلى رأسهم رئيس الحكومة».
من ناحية أخرى، بدا مؤكداً أمس أنّ «أوعا خيك» ذهب أدراج الرياح وأنّ ما يُحكى عن حماية اتفاق معراب في ما خصّ المصالحة المسيحية المسيحية بدّده الخلاف الذي حصل في بلدة الفرزل البقاعية بين مناصرين لحزب القوات اللبنانية من جهة، ونجل النائب ميشال الضاهر من جهة أخرى. وأكد عضو تكتل لبنان القوي في مؤتمر صحافي له في دارته في الفرزل « رفض إقامة النصب التذكاري للقوات أمام منزل العائلة في الفرزل، لأنّ المسألة أصبحت مسألة تحدٍّ وليست مسألة وضع نصب»، معتبراً أنهم «يريدون تكسير رأس ميشال ضاهر ورأس ميشال ضاهر لا يتكسّر».
وعلّق النائبان جورج عقيص وسيزار المعلوف على كلام ضاهر، مؤكدين أنّ «القوات ليست في وارد استفزاز أحد وأنّ الوقائع ثابتة ودامغة والضغوط التي مارسها على بلدية الفرزل خلفيتها الأساسية أنه لا يريد ان تزيد القوات من حضورها في الفرزل». ولفتا إلى أنّ حزب القوات لا ينتظر مكرمة النائب ضاهر الذي يحاول تعبئة فراغه السياسي من خلال الظهور بمظهر الندّ للقوات اللبنانية في منطقة زحلة».
هذا وتمّ الإفراج عن شباب القوات الذين أوقفوا في ثكنة أبلح باستثناء رئيس مركز القوات في الفرزل يوسف سيدي.
أما على خط عودة النازحين، فقد أفاد مركز استقبال وتوزيع وإيواء اللاجئين التابع لوزارة الدفاع الروسية بأن «نحو 93 سورياً عادوا إلى ديارهم من لبنان أول أمس عبر معبري جديدة يابوس وزمراني من بينهم 27 امرأة و48 طفلاً، كما عاد نحو 302 نازح إلى أماكن إقامتهم الدائمة داخل البلاد»”.
اللواء:
إشكال الفرزل: حرب إلغاء باردة بين «التيار» و«القوات»
«إجازة أسبوع» جديدة مع سَفَر الحريري وباسيل.. وتأكيد عوني على العمل مع الرئيس المكلّف
وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة “اللواء” اللبنانية “باطمئنان كامل، بالإمكان اعتبار الأسبوع الطالع، حكومياً، وكأنه واحد من الأسابيع الماضية، التي دارت ايامها، برحى المشاورات من دون طحين، وإن كثر العجانون والطباخون.
فالرئيس ميشال عون يتوجه بعد غد الأربعاء إلى أرمينيا، تلبية لدعوة رسمية على ان يعود الجمعة المقبل إلى بيروت.
والأبرز إقليمياً ما ابلغته مصادر دبلوماسية للمسؤولين اللبنانيين ان موسكو تعتبر التهديدات الإسرائيلية للبنان، لا تعدو كونها من نوع التهويل.
وفي وقت ينشغل فيه وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، بنقل رسائل رئاسية إلى دول الخليج، تبدأ بالكويت اليوم للدعوة إلى المشاركة في قمّة التنمية الاقتصادية التي تعقد في بيروت في 19 الجاري.
مع العلم ان الرئيس سعد الحريري سيزور في الأيام القليلة المقبلة لندن، في زيارة كشف عنها في اطلالته التلفزيونية الأخيرة، وهي اجتماعية وخاصة، في هذا الوقت، بدا المشهد بين التيار الوطني الحر و«القوات اللبنانية» متوتراً وكأن البلاد امام حرب باردة جديدة.
واستمرت الاتصالات، وكشف مصدر مطلع في التيار الوطني الحر ان النائب إبراهيم كنعان زار «بيت الوسط» بعد المؤتمر الصحفي للوزير جبران باسيل.
وأكد عضو تكتل «لبنان القوي» النائب ابراهيم كنعان «اننا اعتبرنا ان القانون النسبي يقضي بأن يكون هناك معيار موحد في تشكيل الحكومة«.
وأوضح كنعان «اننا بالمربع الأخير من تشكيل الحكومة وهذا هو الجو»، لافتاً الى «أنني مع «أوعى خيك» ع رأس السطح ومع «أوعى خيك» مع كل لبناني بين كل الأفرقاء».
وأشار الى ان «ما أقوله هو الواقع وهناك رئيس حكومة مكلف يجري الاتصالات ويقول أنه لديه أجواء إيجابية من كل الكتل»، لافتاً الى ان «رئيس»«التيار الوطني الحر»« جبران باسيل أعطى وجهة نظره في مؤتمره الصحفي.
وأكد كنعان أن «المؤتمر الصحفي الذي عقده باسيل مقرر منذ أكثر من أسبوع وهو أعطى رأيه بالمعيار الذي تتشكل على أساسه الحكومة، ووضع نفسه بتصرف رئيس الحكومة المكلف بحال انطلب منا أي شيء وتمنع باسيل عن اي مبادرة حتى لا ينفهم انه تعدي».
وشدد على «أننا مع سعد الحريري بما يقوم به ونحن مستعدون لمساعدته عندما يطلب منا ذلك، ونتمنى من الجميع ان يساعدوا على تشكيل الحكومة».
أسبوع الاتصالات
وفي تقدير مصادر سياسية، ان الأسبوع الطالع ليس الأسبوع الحاسم بالنسبة لمسار تأليف الحكومة، وفق حسابات الرئيس المكلف، الذي ان حدّد لنفسه مهلة تتراوح بين أسبوع وعشرة أيام، يفترض ان تنتهي الأحد المقبل في 14 تشرين الحالي.
ووفق هذه الحسابات، فإن الأسبوع، يفترض ان يكون حاشداً بالنسبة للاتصالات والمشاورات التي سيجريها الرئيس الحريري، في ضوء المواقف الأخيرة، على صعيد العقد المتحكمة بمسار التأليف، بالنسبة للتمثيل المسيحي والدرزي في الحكومة، بقصد حلحلة هاتين العقدتين، على الرغم من ان المعطيات التي طرأت في الأيام الأخيرة لا تُشير إلى إمكانية وجود حلحلة، وبالتالي فإنه لا بدّ مثلما اشارت «اللواء» من أن تكون هناك مفاوضات جديدة مع الأطراف المعنية، قد تتمثل بلقاءات سيجريها الرئيس الحريري مع كل من رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، ومع الرئيس نبيه برّي أيضاً، قبل اللقاء المرتقب مع رئيس الجمهورية، ميشال عون، بعد عودته من يريفان الجمعة المقبل، لتقديم صيغته النهائية للحكومة الجديدة.
وكان لافتاً للانتباه على هذا الصعيد، ما نقلته قناة «المنار» التابعة لـ«حزب الله» عن مصادر وزارية قولها بأن «طريق الحكومة صار مفتوحاً أمام التشكيل، وان المعطى الإقليمي يُشير إلى إمكانية التشكيل».
وأضافت نقلاً عن مصادر مطلعة، بأن الأجواء التفاؤلية التي عبر عنها الحريري مؤخراً لم تنطلق من فراغ، بل مصدرها اللقاء الذي حصل الاسبوع الماضي مع الرئيس عون، في إشارة إلى التقدم الذي حصل بالنسبة لإعطاء مقعد نائب رئيس الحكومة «للقوات اللبنانية»، بعد ان تنازل عنه الرئيس عون.
ولفتت المصادر المطلعة إلى ان الطرح المقدم «للقوات» والذي يتلخص بإعطائها منصب نائب رئيس الحكومة مع حقيبتي التربية والشؤون الاجتماعية ووزارة دولة، جدي، رغم ان «القوات» لم تتسلمه رسمياً، مما قد يفتح ثغرة في اتجاه التأليف.
وقالت ان التصعيد الذي شهدته الساحة السياسية، نهاية الأسبوع الماضي بين «التيار» و«القوات»، قد يكون الفصل الأخير قبل إنجاز التأليف، على قاعدة المثل الذي كان يردده الرئيس الشهيد رشيد كرامي دائماً: «اشتدي أزمة تنفرجي».
وقالت مصادر مواكبة لعملية تأليف الحكومة لـ«اللواء» ان ثمة حركة حكومية استكشافية او استطلاعية مرتقبة في بداية الاسبوع مع العلم ان اي تطورات لم تسجل في اليومين الماضيين. واكدت ان هذا الاسبوع يحفل بسفر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى ارمينيا لترؤس وفد لبنان الى القمة الفرانكوفونية كما انه من المتوقع ان يسافر رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري وكذلك وزير الخارجية جبران باسيل لتسليم دعوات الى القمة الاقتصادية التنموية في بيروت.
ورأت المصادر ان هناك حراكا يفترض به ان يقوم و يندرج في سياق التوظيف للملف الحكومي وذلك للاسبوع الذي يلي هذا الاسبوع. وتحدثت المصادر نفسها عن اشارات مشجعة الى حد ما صدرت من النائب السابق وليد جنبلاط وليونة قواتية بشأن الحقائب، مشيرة الى وجود جو يدفع الى الاعتقاد بأن السقوف العالية التي سجلت مؤخرا حركت التشاور وجعلت كل فريق يعمل على وضع القليل من المياه في نبيذه والعودة الى الحديث في الواقع.
واوضحت انه على الرغم مما صدر من مواقف في الايام الماضية فإن الحديث عن تشكيل حكومة جديدة قبل نهاية الشهر الجاري لا يزال واردا.
استراحة المساعي
وكانت عطلة نهاية الاسبوع شهدت استراحة المساعي والاتصالات لتشكيل الحكومة، ويبدو ان هذه الاستراحة ستستمر حتى يوم الجمعة المقبل، حيث يعود رئيس الجمهورية من زيارة رسمية الى ارمينيا تبدأ بعدغد الاربعاء، خاصة اذا ارتبط الرئيس المكلف سعد الحريري ايضا بسفر قصير هذين اليومين حسبما اعلن في مقابلته التلفزيونية الخميس الماضي. وإن لم يسافر فهو سيواصل اتصالاته ولقاءاته من اجل معالجة اسباب التصعيد في مواقف طرفي ازمة التمثيل المسيحي اولا، ليضع الرئيس عون في نتائجها فور عودته من يريفان.
لكن يبدو ان المواقف التي اعلنها الرئيس الحريري ومن ثم رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل و«القوات اللبنانية» نهاية الاسبوع الماضي، تركت انطباعات متناقضة لدى المعنيين، ففي حين اعتبرت مصادر «تيار المستقبل» ان باسيل و»القوات» رفعا السقف كثيرا ما قد يبدد جو التفاؤل الذي اشاعه الحريري ويؤخر الاتصالات، كتب رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط امس الاول السبت عبر حسابه على «تويتر» قائلا: «لابد من دراسة معمقة وتدقيق موضوعي في العرض الاخير الذي قدمه الوزير باسيل، من دون ان نسقط اهمية الطرح الذي قدمه الشيخ سعد الحريري، أخذين بعين الاعتبار ان عامل الوقت ليس لصالحنا في التأخير، الامر الذي يصر عليه وينبه من خطورته الرئيس بري ونشاركه القلق والقلق الشديد».
وتبعه عضو اللقاء الديمرقراطي النائب هادي ابو الحسن بالقول في حديث تلفزيوني امس: أننا «اقتربنا من الوصول إلى النتائج في الملف الحكومي وبرغم المشهد السوداوي نحن في الشوط الأخير من مسار تشكيل الحكومة ويمكن الوصول إلى نتيجة بمرونة من دون المسّ بالثوابت. والحكومة يجب ان تتشكل هذا الشهر».
وعن موضوع توزير رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال ارسلان او من ينتدبه، قال: «عدم توزير أرسلان يبدو ثابتاً في المعادلة، ولهذا السبب نبدي مرونة، ونستطيع أن نعطي ولا يُؤخذ منّا، ونشارك بتسوية ولا تُفرض علينا تسوية قسرية».
تسوية درزية
وبحسب مصادر قريبة من الحزب الاشتراكي، فإن جنبلاط فهم من العرض الذي قدمه باسيل في مؤتمره الصحفي الأخير، عمّا سماه «المعيار العادل» أي وزير لكل خمسة نواب، بمثابة إسقاط لمسألة توزير النائب أرسلان، على اعتبار ان الكتلة النيابية الأخيرة (كتلة ضمانة الجبل) لا تضم سوى أربعة نواب.
كما ان جنبلاط فهم من طرح الرئيس الحريري بالنسبة لضرورة تقديم تنازلات، بأن تكون هذه التنازلات متبادلة، وهو ما شدّد عليه عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب وائل أبو فاعور أمس، عندما تساءل: «لماذا لا تكون هناك تسوية على قاعدة العدالة وعلى قاعدة التنازلات المتبادلة».
إلا ان مصادر الوزير باسيل، نفت أمس، عن ان «التيار الحر» مستعد للتنازل عن عدم توزير أرسلان، مقابل منح التيار حقيبة الاشغال.
وعلى الرغم من ذلك، فإن مصادر رسمية رأت ان موقف جنبلاط من طروحات باسيل يُبنى عليه إيجاباً، لجهة معالجة موضوع التمثيل الدرزي، كما ان الحريري يراهن على حصول تقدّم ما مع جنبلاط، على أساس ان يكون الدرزي الثالث مشتركاً بين الرجلين، وقالت ان «البحث وصل إلى حدّ تسمية الشخص الذي يُشكّل نقطة الالتقاء».
لكن يبقى كيف سيعالج الرئيس المكلف مطالب «القوات» التي لازالت تعلن انها لم تتلقَ اي عرض رسمي وان كل ما يتم تسريبه في الاعلام عن حصتها الوزارية ونوع الحقائب التي يمكن ان تحصل عليها لا يعنيها.
وفي مجال آخر وتعبيرا عن استمرار المصالحة بين «التيار الحر والقوات»برغم الاختلاف حول تشكيل الحكومة، نشر عضو «تكتل لبنان القوي» النائب حكمت ديب امس الاول، صورة تجمعه بوزير الاعلام (القواتي) ملحم الرياشي ومجموعة من الأصدقاء، وأرفقها بالعبارة الآتية: «عشاء قواتي – عوني والطبق زعتر وزيت».
وسألت «اللواء» الوزير رياشي عما استجد من اتصالات؟ فقال: «لا شيء على الاطلاق حتى الآن».
اشكال الفرزل
الا ان الاشكال الذي حصل مساء أمس الأوّل، في بلدة الفرزل في قضاء زحلة، على خلفية إقامة نصب تذكاري لشهداء «القوات»، زاد من منسوب التوتر مع «التيار الحر»، بعد ان تدخل نجل النائب العوني ميشال الضاهر لمنع إقامة هذا النصب، بحجة انه قريب من منزله، مما أدى الى تضارب بين مناصري الطرفين، تخلله إطلاق نار في الهواء، تدخل على اثره الجيش وفض النزاع بعد توقيف 6 أشخاص اخلي منهم خمسة لاحقاً، وبقي موقوف واحد هو يوسف سيدي مُنسّق الفرزل في «القوات» التي دعت إلى اعتصام في السادسة من مساء اليوم امام تمثال «شهداء زحلة» من أجل المطالبة باطلاقه، والإعلان عن الخطوات اللاحقة.
وأصدر نائبا القوات في زحلة جورج عقيص وسيزار المعلوف، بياناً تحدث فيه عن خلفيات الاشكال والوقائع التي تخللته، متهماً نجل النائب الضاهر بأن إطلاق النار تمّ من منزله، وانه تخلل الاشكال اعتداء متعمد على النائب المعلوف الذي كان مع العناصر التي حاولت وضع النصب التذكاري في المكان المرخص له من قبل البلدية، وان «ذلك رسالة لا يمكن التغاضي عنها».
وخلص إلى المطالبة بتوقيف مطلق النار من منزل النائب الضاهر وإطلاق سراح يوسف سيدي، وان لا مساومة لا من قريب ولا من بعيد على إقامة النصب.
واتهم البيان الضاهر بأنه «افتعل الاشكال عن سابق تُصوّر وتصميم وانه حاول الايقاع بين الجيش وشباب «القوات»، لكن الضاهر ردّ بمؤتمر صحفي، اعتبر فيه ان المسألة أصبحت مسألة تحد وليست وضع نصب، وان «القوات» تريد تكسير رأسه غير القابل للكسر.
وقال ان اعتراضه هو على الموقع الذي يبعد عشرة أمتار عن منزل العائلة، وان موافقة البلدية كانت مشروطة بعدم اعتراض الأهالي، نافياً ان يكون حصل إطلاق نار، مبدياً استعداده لشراء قطعة أرض من حسابه لوضع التمثال في مكان آخر.
عودة إلى الظلمة
في غضون ذلك، ارتسم في الأفق، خوف جدي من العودة إلى «عصر الظلام» في ضوء الصرخة التي أطلقها عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب نواف الموسوي، عندما نقل عن وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال سيزار أبي خليل، من انه لا يوجد لديه مادة المازوت، وبالتالي فإن مؤسسة الكهرباء متجهة نحو تخفيض إضافي للتغذية بالتيار الكهربائي.
وقال: «نحن مقبلون على مشكلة جدية بالتغذية، وبدأت الصيحات من الآن تخرج في أكثر من المناطق اللبنانية، مع العلم ان منطقة الجنوب كانت لا تأخذ حقها في التوزيع العادل من التيار الكهربائي على عكس مناطق اخرى».
وفي المعلومات المتداولة، ان السبب المعلن للأزمة هو تأخر وزارة المال في دفع السلفة لمؤسسة كهرباء لبنان لشراء مادة الفيول، في حين يتردد في الكواليس، ان السبب قد يكون للضغط على المعنيين للتجديد لمهمة الباخرة التركية «اسراء» التي تغذي الآن مناطق كسروان وجبيل، مع اقتراب انتهاء العقد الموقع معها ومدته ثلاثة شهور، إضافة إلى النية في عدم التجديد لامتياز كهرباء زحلة، فضلاً عن الخلاف المستعر بين وزارة الاقتصاد وأصحاب المولدات من دون الوصول إلى حل حتى الآن على التسعيرة وتركيب العدادات، الأمر الذي يتخوف الخبراء حياله من ان يصل التقنين إلى 18 ساعة يوميا”.
الجمهورية:
تفاؤل الحريري «مُصطنع»… سقط بضربة باسيل القاضية
وتحت هذا العنوان كتبت صحيف “الجمهورية” اللبنانية “لا يُحسد رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري على لحظته الراهنة. فهو يقف في منزلة بين اثنتين: حرصه على عدم دخول مدار الاشتباك مع رئيس الجمهورية، مع ما يعني ذلك من أخذ «دفتر الشروط» الذي يضعه الرئيس ميشال عون لتأليف الحكومة، بعين الاعتبار… واقتناعه بأنّ ظروف التسوية الرئاسية قد تبدّلت بفعل تبدّل علاقته بالمملكة العربية السعودية، مع ما يعني ذلك من متغيّرات فرضت نفسها على الأجندة الحكومية.
في هذا السياق بالذات، كانت إطلالات الحريري الإعلامية الأخيرة. يلتزم المسافة الفاصلة عن خط أحمر يحول دون وقوفه على منبر المواجهة مع الرئيس عون، وبالتالي هو محكوم بمنطق الإيجابية ولو المصطنعة. إذ لا خيار أمامه سوى تفاؤل مفتعَل يبعده من الصدام. لكن الحريري يدرك في الوقت عينه أنّ التسهيلات التي قدّمها في حكومته الأولى في العهد العوني، أكل الدهر عليها وشرب. لذا، لا بدّ من مقاربة جديدة، لا تجد حتى الآن آذاناً صاغية.
يقول أحد المطّلعين على مواقف رئيس الحكومة إنّ تصوير الخلاف الحكومي على أنّه أكمل دورة نضوجه وبات على أمتار قليلة من خط النهاية، وانّ لمسات بسيطة تنقص الحكومة الجديدة، مُبالغ فيه جداً.
صحيح أنّ الحريري حاول التقليل من أهمية العراقيل التي تحول دون انتقاله إلى السراي الحكومي كرئيس حكومة «كامل الصلاحية»، لكنه يعرف تمام المعرفة أنّ المشوار لا يزال طويلاً وبعيداً، وكل الأطراف بحاجة لتبادل التنازلات لجعل مهمة التأليف ممكنة.
ويضيف هؤلاء أنّ الرجل بنى تفاؤله على معطيات قد تذلّل العقبات، لعل أهمّها تلميح رئيس الجمهورية خلال لقائهما الأخير، إلى إمكانية تجيير موقع نيابة رئاسة الحكومة إلى «القوات» من جديد ولكن ضمن لوحة حكوميّة متكاملة تُقنع رئيس الجمهورية. على هذا الأساس، منح الحريري نفسه هامشاً تفاؤلياً قد يساعد على دفع بقية الأطراف إلى خفض سقوفها وتليين مواقفها… لعل وعسى!
لكنّه في مطلق الاحوال لم يتوقع أن يأتيه الردّ صاعقاً من رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، مطيحاً بالآمال التي يحاول الحريري البناء عليها، وبَدت في لحظة «التفجير البرتقالية»، تلك الآمال قصور رمال سرعان ما سقطت بالضربة القاضية.
ولكن، بالنسبة للمطلعين على موقف الحريري، لا يزال المشهد معقّداً. يقولون إنّ عقداً كثيرة لا تزال «حيّة ترزق» على رغم الإيحاء بأنها ماتت. وبالتالي، إنّ فتح الباب أمام صياغة تسوية مع «القوات» على أساس منحها موقع نيابة رئاسة الحكومة، لا يكفي لتجهيز البزّات البيضاء لالتقاط الصورة التذكارية.
يضيفون أنّه لن يكون سهلاً على رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الانحناء أمام عاصفة العهد، تحت شعار احترام التعددية الدرزية، واقتطاع مقعد درزي من الثلاثية التي يعتبرها من حق حزبه بعد حملة الردود التي خاضها بالصوت والصورة.
وبالتالي، فإنّ سجّادة التسوية التي أعربَ الرجل عن استعداده لحياكتها، لا تعني أبداً أنّ الطريق باتت معبّدة، ولا تعني أبداً قبوله بمبدأ المقايضة بوزير مسيحي، بلا إعطاء رأيه بالوزير الدرزي الثالث. فالتراجع بالنسبة لـ بَيك المختارة مكلف جداً على رغم الهامش الذي تتيحه زعامته.
كذلك الأمر بالنسبة لحقيبة وزراة الصحة. صحيح أنّ الحريري لم يعترض على تولّي وزير من «حزب الله» الحقيبة، لكنه حذّر من وقف المساعدات وبرتوكولات التعاون مع الدول والمنظّمات الدولية، ما يعني أنّ الإشكالية لا تزال قائمة.
كما أنّ حقيبة الأشغال العامة لا تزال موضع تجاذب قوي في ضوء الحملات التي يشنّها «التيار الوطني الحر» ضدّ كل ما له صِلة بمطار رفيق الحريري الدولي، ما يعني أنّ رئيسه جبران باسيل مستمر في مسعاه لضمّ هذه الحقيبة أيضاً إلى حصّته.
يقول هؤلاء إنّ هذه الاشكاليات هي مؤشرات كافية ليُستدلّ منها على أنّ الأزمة أبعد من خلاف على مقعد من هنا أو حقيبة من هناك. في رأيهم، يلعب الجميع على الحافة ويقتربون من الهاوية شيئاً فشيئاً من دون أن يبادروا إلى تبادل التنازلات التي فرضتها التطورات السياسية.
ويضيفون: إنّ تبدّل ظروف التسوية الرئاسية التي بَدت أشبه بـ»تهريبة سياسية» أفضَت إلى انتخاب الجنرال ميشال عون رئيساً للجمهورية، هو الذي أنتج المعايير السياسية للتأليف. فهاجس «الرئاسة القوية» يحول دون إقدام رئيس الجمهورية على أي تنازل جديّ، فيما هاجس الدفاع عن مقتضيات «الطائف» يمنع رئيس الحكومة عن تقديم مزيد من الخطوات إلى الأمام، أمّا الثنائي الشيعي فيحاول الحفاظ على ما كسبه في الانتخابات النيابية.
ولذا، يعتقدون أنّ الخلاف السياسي حول استراتيجة لبنان الخارجية هو العائق غير المرئي الذي يؤجّل التأليف ويعلّق الأسباب على شمّاعة الخلافات على الحقائب. لكنّ الأزمة أبعد وأعمق من ذلك، وما التصعيد الأخير الّا صورة منقّحة عن مشهد عودة المشاورات إلى مربّعها الأول”.
الاخبار:
لغز اختفاء خاشقجي: الحلقة المفقودة في يد الرياض
وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة “الأخبار” اللبنانية “لا خيط «حقيقي» يكشف مصير جمال خاشقجي. التصريحات التركية والسعودية، على حد سواء، زادت من غموض مصير الصحافي السعودي المختفي منذ الثلاثاء الماضي، عقب دخوله قنصلية بلاده في إسطنبول.
وحدها بعض التسريبات الإعلامية أفضت إلى «الكشف» عن مقتل الرجل. تسريبات معظمها جاء من الجانب التركي، بينما رئيس البلاد رجب طيب أردوغان قال إن لديه توقعات «إيجابية» في شأن مصير خاشقجي، مؤكداً أن نتائج التحقيق ستعلن إلى العالم «مهما كانت».
لا جديد في حديث أردوغان أمس. رد الفعل التركي يفسّر على نحوين، الأول أن السلطات بالفعل ليست لديها معلومات كافية لإدانة الرياض، وأن لا معطيات أكيدة لديها للتحدث بناءً عليها في سياق واضح وكامل أمام الرأي العام العالمي، والثاني، أن أنقرة، ارتأت إعطاء مزيد من الوقت للسعوديين، للخروج بسيناريو مشترك ينهي القضية بحفظ ماء الوجه.
يفسر الاحتمال الأول، تضارب المعلومات في تركيا، التي تُبقي على أسئلة مفتوحة من دون إجابة، لليوم السابع على التوالي، إذ تتعارض توقعات أردوغان «الإيجابية»، مع تأكيدات مستشاره، ياسين أقطاي، بأن «خاشقجي قُتل في القنصلية السعودية في إسطنبول»، بناءً على معلومات الشرطة التركية، التي تفيد بأن مجموعة من 15 سعودياً، «بينهم مسؤولون» و«عناصر الشرطة السعودية»، وصلت إسطنبول بطائرتين، يوم الثلاثاء الماضي، وتوجهت إلى القنصلية، عندما كان خاشقجي موجوداً في داخلها، قبل أن يعودوا في اليوم نفسه، إلى البلد الذي قدموا منه، في حين، تكشف تسجيلات الكاميرات الخارجية، أن خاشقجي لم يغادر أبداً الممثلية الديبلوماسية، التي كان قد زارها بغرض الحصول على ورقة تفيد بأنه طلّق زوجته السابقة، حتى يتمكن من الزواج من خطيبته التركية، خديجة آزرو، التي ذهبت معه إلى القنصلية وانتظرته في الخارج، لكنها لم تره يغادر منها.
الرد السعودي، اقتصر في المقابل، على نفي مقتل خاشقجي داخل القنصلية، أو وجوده في الرياض، إذ لم ترُد على اتهامات الشرطة التركية، في شأن ضلوع مجموعة السعوديين، بل اكتفوا بالإعلان عن وصول «وفد أمني» آخر، أول من أمس، إلى إسطنبول، مكون من «محققين سعوديين، وصلوا بناءً على طلب الجانب السعودي، وموافقة الجانب التركي… للمشاركة في التحقيقات»، بحسب ما أعلن مصدر مسؤول في القنصلية، لكن الوفد المعلن عنه، ليس هو نفسه الذي تتحدث عنه الشرطة التركية، لأن الأخير غادر يوم اختفاء خاشقجي.
الحلقة المفقودة
بعد سبعة أيام على اختفاء الرجل، تبدو الكرة في ملعب أنقرة التي عليها أن تكشف ملابسات القضية، لأن الغموض الذي يكتنف القضية، يشي بعجز الاستخبارات التركية عن كشف مصير رجل اختفى في مكان محدد، إذ إن دخوله موثق بشهادة خطيبته، وبتسجيلات الكاميرات الخارجية التي لم تسجل خروجه، بحسب ما يقول المسؤولون الأتراك، في حين تأكد أخيراً عدم وجوده داخلها، بعدما فتح القنصل السعودي، محمد العتيبي، أول من أمس، الأبواب أمام صحافيي وكالة «رويترز»، للتجول في أرجاء القنصلية المكونة من 6 طوابق، بعد أربعة أيام على اختفاء خاشقجي داخلها.
تبقى الحلقة المفقودة، بناءً على ما سبق، في ما حصل داخل القنصلية خلال الأيام الأربعة، وكيفية خروجه منها، خصوصاً أن القنصل السعودي، محمد العتيبي، قال إن «القنصلية مزودة بكاميرات، لكنها لم تسجل أي لقطات لخاشقجي»، ومن ثم من غير الممكن استخراج صور لدخوله أو مغادرته للقنصلية، فيما اعتبر أقطاي، أن ذلك الزعم «ليس صادقاً»، فلو كانت هذه التسجيلات في متناول يد السلطات التركية، لكان أمر كشف مصير خاشقجي يسيراً.
سيطرت اتهامات متبادلة على المشهد في محاولة للتشويش على مسؤولية الرياض
الحلقة المفقودة هذه، تجعل من احتمال مقتله داخل القنصلية، في عملية مدبرة، أكثر ترجيحاً، وهو ما تعتقد به الشرطة التركية، لكن في ظل إصرار السعودية على نفي مقتله داخل القنصلية، تبقى الرياض «بريئة»، قانونياً، حتى تثبت أنقرة إدانتها بالدليل القاطع.
وبعيداً عما حصل داخل القنصلية، ثمة سؤال آخر يفرض نفسه بإلحاح على السلطات التركية: كيف خرج من القنصلية؟ سواء كان حياً أو مقتولاً. وكيف مرّ عبر المطار، إذا كان قد نُقل إلى السعودية؟ الروايات التي تجيب على هذه التساؤلات، في انتظار انتهاء التحقيقات التركية التي ستشمل فحص تسجيلات كاميرات المراقبة، وحركة الطائرات كما قال أردوغان، أمس. وهنا، ثمة من يطرح سيناريوات متعددة، بعضها صادمة، آخرها تحدثت عن أن سيارة ذات زجاج داكن، خرجت من المدخل الخلفي للقنصلية، قد يكون نقل خاشقجي فيها عقب اختطافه، إلى مكان مجهول، فيما نقلت صحيفة «نيويورك تايمز»، وموقع «ميدل إيست آي»، عن مسؤولين أتراك وعرب، أن «خاشقجي قُتل وشوّهت جثته»، بل نقل الأخير، عن مسؤول في الشرطة التركية، أنه «عُذّب قبل أن يُقتل وتقطع جثته»، مضيفاً أنه من المرجّح أنه «جرى تصوير كل شيء من أجل تأكيد أن المهمة قد تمّت، وقد نُقل الشريط المصوّر إلى خارج البلاد» بحسب «ميدل إيست آي». لكن ما سبق، يبقى ادعاء، أكد رئيس «جمعية بيت الإعلاميين العرب في تركيا»، توران كشلاكجي، أمس، أنه «يجري التحقق منها».
«سرب تويتر» يكشف «المؤامرة»!
وفي انتظار التحقيقات، سيطرت على الساحة الإعلامية اتهامات متبادلة، طاولت قطر، في محاولة سعودية إلى أخذ القضية إلى مكان أبعد، تشويشاً على ردود الفعل الدولية، والاتهامات للرياض بالوقوف وراء اغتيال خاشقجي. قرر ولي العهد، محمد بن سلمان، تحريك أضلع آلته الإعلامية الثلاثة: الديبلوماسيون ووسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي. وعبر تغريدة للقائم بأعمال السفارة السعودية في لبنان، وليد البخاري، في «تويتر»، تحت وسم «مسرحية جمال خاشقجي»، اعتبرت الرياض أن اغتيال خاشقجي «مؤامرة ومكيدة استخباراتية دبرت بإحكام بغرض النيل من سمعة السعودية والإساءة إليها». وعلى نحو مشابه انخرطت وسائل الإعلام السعودية شبه الرسمية، إذ وصفت صحيفة «عكاظ»، التي تعمل وفق تعليمات الديوان الملكي، الاتهامات للرياض بالوقوف وراء اختفائه، بـ«هجمة إعلامية شرسة بلغات عدة، تستهدف تشويه صورة المملكة»، معتبرة أن ثمة «تنسيقاً مسبقاً» لدى «الإعلام المعادي، الذي يحمل الملامح الإخوانية والقطرية». وفي تقرير آخر، أمس، ذهبت الصحيفة إلى إحراج تركيا أمنياً، تحت عنوان «هل إسطنبول آمنة للسعوديين؟»، مبادرة إلى الإجابة، بأنه «مع لغز اختفاء المواطن جمال خاشقجي، المثير للجدل، تزيد مخاوف مواطنين سعوديين، من ما آل إليه مستوى الأمن التركي في الحفاظ على سلامة زائري أهم المدن السياحية في البلاد»، فضلاً عن «حوادث الاعتداء على السياح وارتفاع حالات النشل والتحايل» كما تقول.
الحملة الإعلامية الرسمية رافقتها تغريدات لصحافيين ونشطاء، تولوا الكشف عن «المؤامرة التركية والقطرية». فبحسب المحامي والقانوني عبدالرحمن اللاحم (كان نايف قد سجنه ومنعه من السفر حينما كان وزيراً للداخلية، وازداد نشاطه منذ الانقلاب على محمد بن نايف)، قرر «النظامان القطري والتركي تصفيته» (لخاشقجي)، بعد أن «انتهت صلاحيته»، في حين كان مدير مكتب «العربية» في الرياض سابقاً، خالد المطرفي، قد لمح، بعد يومين فقط من اختفاء خاشقجي، إلى مقتله في تركيا، بالقول إن «اختفاء جمال خاشقجي… يعيد إلى الأذهان، السعودي محمد المفرح، الذي توفي في تركيا في ظروف غامضة (وكان يتزعم ما يعرف بحزب الأمة الإخواني)، عندما بدأ يُلمح أنه سيعود للمملكة، كتلميحات خاشقجي الأخيرة!». أما الهستيريا «التويترية» السعودية، فتجسدت في مقطع مصور بثه في «تويتر»، الإعلامي السعودي، عبدالله البندر، وضع خلاله عملية اغتيال خاشقجي، في إطار سلسلة عمليات اغتيال «نفذها تنظيم الحمدين» بحسب زعمه، لرؤساء سابقين، كمعمر القذافي وعلي عبدالله صالح، من بينهم «والدهم خليفة بن حمد آل ثاني»، الذي «وضعوه في إقامة جبرية إلى أن مات»، فيما اتهم الأتراك بسلسلة أخرى من الاغتيالات، بدأت بالسفير الروسي أندريه كارلوف، ورئيس نقابة المحامين التركية، طاهر ألجي، والإعلامي السوري زاهر الشرقاط.
تغريدات ما باتوا يوصفون بـ«المطبلين» في المملكة، جاءت مصحوبة بآلاف التغريدات لـ«الذباب المبرمج» في «تويتر»، مروجين إلى أن ولي العهد، محمد بن سلمان، دحض ترجيحات المسؤولين الأتراك، بأن خاشقجي قد قتل داخل القنصلية، ناشرين صوراً لمقتطفات من مقابلته الأخيرة مع وكالة «بلومبيرغ»، علماً أن ابن سلمان، بدا في إجاباته غير ملم بتصريحات مسؤوليه (أو غير مهتم بالقضية)، بقوله إنه «على حد معرفتي، إنه (جمال) دخل القنصلية، وخرج منها بعد دقائق معدودة، أو ساعة، لست متأكداً”.
المصدر: الصحف اللبنانية