لم تقتصر تأثيرات الحرب العالمية الثانية على الدمار الذي أحدثته على الأرض، وما أحدثته من ندوب في حياة الشعوب في كثير من دول العالم، بل تعدتها إلى الفضاء، بحسب دراسة علمية حديثة.
فقد أفادت الدراسة بأن تأثير الغارات الجوية بواسطة القاذفات العملاقة خلال الحرب العالمية الثانية، وتحديدا تلك الغارات على ألمانيا، بلغت تخوم الفضاء وأضعفت الطبقات العليا للغلاف الجوي للأرض، المعروفة باسم “الأيونوسفير” أو “الغلاف الأيوني”، الذي يمتد من ارتفاع 50 إلى 1000 كيلومتر فوق سطح الأرض.
ويعتقد أن من شأن هذه النتيجة التي توصلت إليها الدراسة، التي أجراها الاتحاد الأوروبي لعلوم الأرض وهي منظمة دولية غير نفعية، أن تفسر الطرق الغامضة التي تؤثر فيها الكوارث الطبيعية، كالزلازل والبراكين والعواصف، على الغلاف الأيوني للأرض، وهو الغلاف الذي يتأثر بفعل الإشعاعات القادمة من الشمس والفضاء.
وأثبتت الدراسة أن التأثير قد يأتي من الأسفل، أي من الأرض نفسها، وبالتالي فالزلازل والبراكين والعواصف قد تؤثر بنفس الطريقة.
وأضعفت الغارات الجوية على ألمانيا الطبقة الأيونية للغلاف الجوي، حيث عملت على تقليل تركيز الإلكترونات في الطبقة الأيونية، وهو أصلا ما تحدثه الأشعة الكونية أو أشعة الشمس. إذ وفقا للدراسة المتعلقة بتأثيرات الحرب العالمية الثانية، فقد كانت الغارات الجوية على ألمانيا كثيفة للغاية، وتسببت بتغيير الغلاف الجوي للأرض، فأثناء عمليات القصف، كانت الطائرات القاذفة تحلق على ارتفاع عال جدا، يصل إلى 1000 كيلومتر عن سطح الأرض، الأمر الذي تسبب بإحداث تغييرات جوهرية في الغلاف الجوي للأرض.
وأوضحت الدراسة، المستندة على السجلات اليومية لمحطة الأبحاث الراديوية في ديتون بارك بالقرب من بلدة سلاو في باركشير بإنجلترا، أن أمواج الصدمة الناجمة عن عمليات القصف الهائلة أضعفت الطبقة العليا المتأينة للغلاف الجوي.
يشار إلى أن الضرر في الغلاف الأيوني يهدد سكان الأرض لأن ذلك الغلاف ضروري للتقنيات الحديثة مثل اتصالات الراديو وأنظمة تحديد الموقع العالمي والمراصد الفلكية الراديوية ورادارات الإنذار المبكر، غير أن طريقة تغيره على وجه التحديد مازالت غير معروفة.
واستندت الدراسة على عمليات القصف الجوي الروتينية التي شنتها طائرات الحلفاء ضد المدن الألمانية بين عامي 1943 و1945، ودمرت مدنا بأكملها وسوتها بالأرض مثل دريسدن وهامبورغ.
خلال الغارات، أضعفت عمليات القصف الجوي الشحنة الكهربائية بحسب ما أفاد فريق علماء جامعة ريدينغ البريطانية، المشاركون في الدراسة، حيث أن كل غارة كانت تطلق من الطاقة ما يعادل 300 صاعقة.
وقال أستاذ فيزياء الفضاء والغلاف الجوي، كريس سكوت “إنه لمن المذهل رؤية كيف يمكن أن تؤثر الأمواج الناجمة عن تفجيرات من صنع البشر على تخوم الفضاء.. كل غارة كانت تطلق من الطاقة ما يعادل 300 صاعقة”.
وشملت الدراسة 152 غارة جوية ألقي خلالها ما بين 100 و900 طن من المتفجرات يوميا على مدن ومصانع وأهداف عسكرية ألمانية.
وتبين الدراسة، التي هدفت إلى “دراسة مقاييس الطبقة الأيونية الفريدة من أجل تحديد ما إذا كان أي من المتغيرات المرئية له علاقة بحملات القصف الجوي على أوروبا” كيف أن الحروب الحديثة تشكل قوة من قوى الطبيعة ضد نفسها.
المصدر: سكاي نيوز