نظم “حزب الله” مسيرة حسينية، بعد ظهر اليوم، في مدينة النبطية، بمناسبة اليوم الثالث عشر من محرم، تحت شعار “ما تركتك يا حسين”. وانطلقت المسيرة التي ضمت مجسمات من وحي المناسبة، من أمام النادي الحسيني، تتقدمها الفرقة الموسيقية التابعة لكشافة “الإمام المهدي”، وحملة الأعلام اللبنانية والفلسطينية ورايات “حزب الله” والرايات السوداء والخضراء، التي كتب عليها “يا حسين”، وسار خلفهم “فرق الفتية” في كشافة “الإمام المهدي”، الذين رفعوا أعلاما كشفية ورايات حسينية وصورا للامام الراحل الخميني والإمام المغيب السيد موسى الصدر والسيد علي الخامنئي والأمين العام ل”حزب الله” السيد حسن نصرالله ولشهداء المقاومة الإسلامية وقادتها.
وسارت خلفهم “مواكب اللطيمة”، الذين ارتدوا ثيابا سوداء وخضراء وصفراء، وعصبوا جباههم برايات كتب عليها “لبيك يا نصرالله”، “يا حسين”، “يا ثار الله”، ورددوا الندبيات الإسلامية والحسينية وشعار “الموت لأميركا”، إضافة إلى حشود من “الهيئات النسائية” وعوائل الشهداء وأمهاتهم، اللواتي حملن صور أبنائهن.
وشارك في المسيرة نائب الأمين العام ل”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم، رئيس “كتلة الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد، محافظ النبطية القاضي محمود المولى، إمام مدينة النبطية الشيخ عبد الحسين صادق، قائد سرية درك النبطية العقيد توفيق نصرالله، مسؤول مكتب مخابرات الجيش في النبطية بالوكالة الرائد سامر حمادي، آمر مفرزة صيدا القضائية العقيد الركن أحمد حمدان، المدير الإقليمي لمديرية أمن الدولة في محافظة النبطية المقدم الركن محمد شريم، مسؤول المنطقة الثانية في “حزب الله” علي ضعون، رئيس بلدية النبطية الدكتور أحمد كحيل، حشد من الشخصيات والفاعليات وعلماء الدين وآلاف المواطنين.
وجابت المسيرة الشوارع الرئيسية للنبطية، وسط حشود المواطنين، الذين اعتلوا شرفات المؤسسات والأبنية، ووقفوا إلى جوانب الطرقات، فيما اتخذت وحدات من الجيش وقوى الأمن الداخلي وعناصر من انضباط “حزب الله” إجراءات أمنية مشددة، واتجهت إلى ملعب الحسين، الذي أحيط بالأعلام اللبنانية ورايات المقاومة. بعد كلمة تعريف من الزميل عماد عواضة، ألقى قاسم كلمة، فاعتبر أن “عاشوراء هي القلب. عاشوراء هي الحياة. عاشوراء هي التي نقلتنا من الذل إلى العز، ومن الاستسلام إلى الموقف. عاشوراء علمتنا، والحسين قادنا، وأهل بيته وأصحابه قدموا الكثير الكثير ليعطونا التنوع في مسؤولياتنا عبر التاريخ، وعاشوراء انتجت أعمدة الثورة نحو الكمال الإنساني”.
وقال: “ننطلق من شعار هيهات منا الذلة، هذا الشعار هو شعار عاشوراء من أجل كربلاء، لتصدح في الآفاق عبر الزمن، ونحن اليوم نحمله بكل صفاته ومعانيه وتضيحاته لنقول للعالم بأسره: هيهات منا الذلة. ولقد تزودنا بأعمدة الكمال الإنسانية السبعة من عاشوراء، لنتخذ مواقفنا الثابتة، التي أعلناها ونعلنها دائما، وليفهم العالم أين نحن، وما نؤمن به وما هي أهدافنا:
أولا: نلتزم الإسلام دينا منظما للحياة الطيبة والسعيدة، بعيدا عن العصبية والأهواء، انسجاما مع قول الله تعالى “وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين”.
ثانيا: نؤمن بالوحدة الإسلامية، ونعمل لها، فمنطلقاتنا واحدة، وإلهنا واحد، ونبينا واحد، وقرآننا واحد، وحسيننا سيد شباب أهل الجنة واحد، بإجماع المسلمين، أنه سيد شباب أهل الجنة. فالحسين لنا جميعا، ونحن عندما نحيي ذكراه، إنما نحييها ضد الظلمة لأي فئة انتموا، ولا نحييها كمذهب مقابل مذهب، فالحسين هوالإسلام وليس المذهب، حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسينا.
أما التكفير، فلا يمثل إلا الاتجاه الصهيوني الأميركي الشيطاني الظالم، لأنه خارج عن الإسلام، وهو أداة تخريب المنطقة وتحريف الإسلام، وهنا نحيي كل الأيادي الشريفة من مختلف أنحاء العالم، سواء أكانوا دولا، أم شعوبا أم منظمات، الذين تكاتفوا تحت لواء محور المقاومة، ليواجهوا التكفيريين في العراق وسوريا ولبنان، ويعملوا على قطع دابرهم. ونقول لهؤلاء التكفيريين، ومن وراءهم، إن كنتم تظنون أنكم بأعمالكم التخريبية في الأهواز، تستطيعون أن تغيروا شيئا، أو تحدثوا أمرا جديدا، فأنتم واهمون، نحن مع إيران الإسلام ومع سوريا، ومع كل القوى الحية، سنبقى خندقا واحدا وصفا واحدا في مواجهة التكفيريين، بلحمة حقيقية، لننهي هذه المهزلة، التي يرعاها الاستكبار والصهاينة وبعض دول الخليج.
ثالثا: نؤمن بالوحدة الوطنية في نظم أمورنا السياسية والعملية، لما يحفظ حقوق المواطنين بمساواة وعدالة، ومن هنا حرصنا على تشكيل حكومة وحدة وطنية لحماية الاستقرار السياسي، وتأمين مصالح الناس، من دون أن تشعر أية قوة إن شعبية أم سياسية، باستبعادها، ولكن التأخير مضر للجميع، وندعو إلى عدم استغلال عدد الوزراء للتعبير عن الحجم السياسي والشعبي للمراكمة عليه، فالحكومة ليست مسرحا للتباهي، والحكومة ليست معبرا لأطماع، الحكومة لها وظيفة، ومن الخطيئة إدخالها مطية وتعطيل تشكيلها وتفويت الفرصة للاسراع في معالجاتها للازمات الاقتصادية والاجتماعية، وكل ما يحتاجه المواطن. لقد قدم حزب الله وحركة أمل كل التسهيلات من اليوم الأول للاسراع في تشكيل الحكومة ولا ننصح بلعبة عض الأصابع أو الاستقواء بالخارج رحمة بالناس، فما يمكن أن نصل إليه بعد أسبوع أو شهر أو أشهر، قادرون أن نصل إليه اليوم، مع بعض الحكمة في كيفية التصرف.
رابعا: فلسطين هي المحور وهي القضية المركزية، ونحن مع شعبها ومقاومتها لتحريرها، ولا حل لا بالتسوية ولا بالرعاية الأميركية ولا بالاعتماد على مجلس الأمن الممسوك أميركيا وإسرائيليا، بل باستمرار المقاومة ودعمها والعمل على الوحدة الداخلية الفلسطينية.
خامسا: أصبحت مقاومة حزب الله تمثل ثلاثي النور والحرية بقواعد ثلاثة ثابتة، التحرير والاستقلال والحماية. ونحن نعمل من أجل تحرير كل الأراضي المحتلة، ونؤكد ضرورة أن نكون مستقلين عن أي تبعية أجنبية مهما كان لونها أو صفتها، وأن نؤكد ونؤدي تجهيز الحماية الكافية بكل الإمكانات والوسائل، لنمنع إسرائيل وغير إسرائيل من أن يعتدوا علينا، ولنحمي ساحتنا ونردع عدونا بقدرتنا دفاعية لا حدود لها، بقدر استطاعتنا وإمكاناتنا. هذا الثلاثي النور، مدعوم بثلاثي القوة الجيش والشعب والمقاومة، ومقاومتنا ستكون دائما مصيرا لشعوب المنطقة والمحور المقاوم، نتقوى بهم ويتقوون بنا، لأن الأهداف متماهية والمشاريع واحدة والتحديات الظالمة للمستكبرين وأتباعهم الصغار واحدة أيضا.
سادسا: منذ اليوم الأول دعونا إلى الحل السياسي في سوريا، وقلنا بأنها مؤامرة، ولقد ثبت اليوم ما قلناه بالأمس، وراهن بعض العرب على تقاطع مصالحهم مع أميركا وإسرائيل، لتدمير هذا البلد وإنهاء الاتجاه المقاوم، ففشلوا فشلا ذريعا- كل الإمكانات على تنوعها- والآن لا عودة إلى الوراء، فلم تعد سوريا مجالا لاستثمارها في مؤامرة الشرق الأوسط الجديد.
سابعا: العدوان على اليمن جريمة العصر الموصوفة، والعالم كله يتحدث عن أسوأ كارثة إنسانية معاصرة بسبب الأميركي والسعودي، ألم تتأكدوا بأن الشعب اليمني لن يستسلم ولن يتراجع؟ ألم تتأكدوا من جرائمكم البشعة، التي تقتل الأطفال والنساء والشيوخ؟ ألا تتوقعون انهيار اقتصاداتكم وخراب مستقبل أجيالكم في الخليج وغيره؟ هل تستمرون بالمراهنة على أميركا الظالمة وإسرائيل المحتلة؟ إنكم تطيلون زمن ارتكاب المجازر، ولكنكم لن تحصدوا إلا الخيبة، فنحن نعرف هذا الشعب اليمني المجاهد، كيف يقف وكيف يصمد”.
وختم “في عاشوراء، التحية إلى كل القادة الشرفاء، وكل المجاهدين والمجاهدات، الذين أخذوا من الحسين قدرتهم وحركتهم واتجاههم، والتحية لكل من سار على درب الحسين صادحا واقفا قويا وقلب المعادلة، التحية لروح الإمام الخميني، وللامام الخامئني، وللامام موسى الصدر، والتحية إلى كل شهداء المقاومة بأجمعهم، وخاصة شهداء المقاومة الإسلامية، التحية إلى السيد عباس الموسوي والشيخ راغب حرب والحاج عماد مغنية وكل عوائل الشهداء والأسرى والجرحى”.
المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام