كثيرٌ من الكلام تلا حادثة القاع. فبالرغم من أن ما جرى يحمل في الظاهر مسمى “عملية ارهابية” استهدفت بلدة لبنانية وادّت الى استشهاد خمسة مواطنين، إلا أن هذه العملية حملت عدداً كبيراً من الأسئلة، عن حقيقة الأسباب والخلفيات والأهداف، خصوصاً أن استهداف ثمانية انتحاريين في يوم واحد لهذه البلدة الصغير النائية بدا أمراً مستغرباً، في ظل عمليات ارهابية اخرى سبق أن شهدها لبنان أظهرت حرص الجماعات التكفيرية على احداث أكبر قدر ممكن من الخسائر خصوصاً في صفوف المدنيين وهو ما يفسره استهداف الأماكن المكتظة في أكثر من تفجير ارهابي. فهل كانت القاع وجهة الانتحاريين الثمانية حقاً؟ وما علاقة هؤلاء بـ”صيد ثمين” القي عليه القبض من قبل مخابرات الجيش في الفترة الماضية، وكشفت التحقيقات معه عن “مخطط خطير وكبير، كان سيهز الأمن اللبناني بأكمله في حال تنفيذه”، بحسب ما أفاد مصدر أمني لموقع المنار.
ينطوي بيان الجيش اللبناني الصادر اليوم والذي يتحدث عن “عمليتين إرهابيتين على درجة عالية من الخطورة” على بعض فصول الحكاية. يؤكد المصدر الأمني للموقع أن الانتحاريين الثمانية الذين قضوا في القاع كانوا أنفسهم جزءاً من مخطط ارهابي كبير يستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت، وبيروت الكبرى، والبقاع، في يوم واحد. القصة بدأت، بحسب المصدر، بالقاء القبض على “أبو محمود التدمري” وهو “رأس المخطط” الذي تمّت الإشارة اليه في بيان الجيش. يقول المصدر إن التحقيقات مع هذا الرأس والارهابيين الآخرين الذين تمّ القاء القبض عليهم، ادّت الى احباط المخطط “الذي كان يقوم على ارسال كتيبة انتحاريين تضم عشرين شخصاً، من المفترض أن يدخل هؤلاء الى لبنان، ويقوموا بتنفيذ مجموعة من العمليات على امتداد الساحة اللبنانية”، متابعاً أن “ما حدث هو أن عشرة من العشرين قدموا باتجاه القاع، على أن يلتحق بهم العشرة الآخرون في ما بعد، وأن ينفذوا العملية كما يلي: جزء منهم كان من المفترض أن يتوجهوا الى كازينو لبنان، وجزء آخر كان من المفترض أن يتوجهوا الى الضاحية الجنوبية لبيروت، وهاتان هما العمليتان المشار اليهما في بيان الجيش، ويستهدف جزء منطقة بيروت الكبرى والبقاع”، ونافياً ما تمّ اشاعته عن أن مطار بيروت هو أحد الأهداف.
ما الذي حدث اذاً؟ هنا يتحدث المصدر عن انجاز الجيش المتمثل بالقاء القبض على “الرأس المخطط” وعدد من الارهابيين معه، “الأمر الذي ادّى الى احداث ارباك في صفوف الانتحاريين، الذين فجر أربعة منهم أنفسهم في القاع عند الرابعة صباحاً، بعد كشفهم من قبل المواطن شادي مقلد، مما أحدث ارباكاً أكبر في صفوف الستة الآخرين، الذين بقوا متوارين عن الأنظار دون مأوى وفي حال من الضياع خصوصاً بعد تطويق القوى الأمنية المنطقة، فوجدوا التجمع التضامني أمام الكنيسة فرصة لتنفيذ عملية ارهابية جديدة، في ظل عدم القدرة على التحرك”.
هنا يلفت المصدر الى أن مصير الانتحاريين المتبقيين لا يزال مجهولاً حتى اللحظة، “فمن المستحيل وجودهم حتى الآن في القاع نتيجة عمليات التفتيش المكثفة”. فرض موضوع “الانتحاريان الطليقان” استنفاراً أمنياً عكسه الغاء عدد من المناسبات آخرها “ليلة القدر في مجمع سيد الشهداء (ع)”، في السياق يؤكد المصدر الأمني أن لبنان “يعيش حرباً جدية لا يجب التهاون بها”، لكن اجراءات مكثفة يقوم بها الجيش والأجهزة الأمنية بالتعاون مع المقاومة لمعرفة مصير الانتحاريين الطليقين اولاً و ” اتخاذ كافة التدابير على كافة المنافذ التي يمكن دخول الانتحاريين العشرة الذين تم ذكرهم في التحقيقات”، بحسب المصدر.
فهل يفرض هذا الاستحقاق الأمني الذي يلقي بظلاله على لبنان، عملا عسكريا ما في الأسابيع القادمة باتجاه الجرود، لاغلاق الباب أمام أي مخططات ارهابية قادمة؟
المصدر: موقع المنار