خليل موسى موسى – دمشق
سيناريوهات متعددة تحيط بمحافظة إدلب، فضلا عن الأحداث التي تدور داخلها مع رحى اقتتال يحصد المئات ممن تجندوا ضمن مجموعات تكفيرية أخذت تسمياتها المتعددة تزيد المشهد تعقيداً لجهتين، الأولى الدول المشغلة، والثانية المصير المجهول والمتخبط حتى اللحظة. فبعد انحسار البيئة التكفيرية التي اجتاحت سورية من كل حدب وصوب في العالم، اجتمعت المجموعات المسلحة بعد تسويات كثيرة في تلك البقعة الجغرافية المحاصرة من جهاتها ثلاث بعديد من الجيش السوري، ومن جهتها الرابعة تحاصرها عمالتها للأتراك ومن لف لفيفهم.
وضع المجموعات التكفيرية في إدلب وخلافاتهم..
للحديث عن إدلب كان لا بد من الوقوف مع الباحث الاستراتيجي الدكتور علاء الدين الأصفري، وهو الخبير بوضع إدلب عن كثب، حيث وصل عدد المجموعات التكفيرية فيها إلى اكثر من 110 مجموعات على رأسها حركات جبهة النصرة ونور الدين الزنكي وأحرار الشام، وهذه المجموعات كلّها متنوعة التبعية للسعودية وقطر وتركيا.
يقول الأصفري أن تركيا حاولت منذ أيام تحييد النصرة لوضعها على قائمة الإرهاب، وأحدثت بدلاً عنها “جبهة التحرير الوطنية” تضم حتى هذه اللحظة بين 40 حتى 50% من مجموع الفصائل التكفيرية المتناحرة التي تحاول تركيا توحيدهم.
رغم الصبغة التكفيرية العامة لهذه الفصائل المتواجدة في إدلب، إلا ان لكل فصيل إيديولوجية مختلفة في التعامل مع الآخر، والقتل فيما بينهم بَلَغ أوجه حتى اليوم، حيث وصل منذ عام تقريباً إلى 1500 قتيل، واشتدت وطأته في الفترة الأخيرة، ليسجَّل على رأس قوائم القتلى قيادات من الصف الاول، ما ينفي احتمال نجاح تركيا في دمج التكفيريين ضمن فريق واحد.
وهذه الخلافات التي تشعل فتيل الاقتتال بين الفصائل في إدلب، فنّدها ضيف موقع قناة المنار بنقاط عدة، أولها اختلاف طريقة التفكير فيما بينهم، واختلاف التمويل وبالتالي التبعية الدولية أو الإقليمية، ومن هذه النقطة يأتي بند التوجيهات من الدول المشغلة بأنهم يجب أن يكونوا أقوياء، بالتالي تلعب “العَصَى وجزرة المال” دورها في تحريكهم لمهاجمة أي نقطة لتوسيع انتشار كل فصيل على حساب الآخر، كما يزيد من اقتتالهم، واختلافهم على اقتسام ما يسمى الغنائم التي يسرقونها من أهالي وقرى المنطقة، ليتعمق أكثر مستنقع الاقتتال التكفيري كلما لعبت بؤرة العنصرية المناطقية دورها، حيث من المعروف أنه نتيجة التسويات ورحيل التكفيريين من المدن السورية كافة نحو إدلب، حيث يرى ابن مدينة إدلب أن له الأفضلية في انتقاء البقعة الجغرافية التي يشاء، فيتعامل بفوقية مع بقية الفصائل التي جاءت من خارج إدلب.
السيناريوهات المتبقية أمام المجموعات التكفيرية في إدلب..
يؤكد الباحث الاستراتيجي علاء الدين الأصفري وجود مفاوضات بين الحكومة السورية ووحدات حماية الشعب الكردي لانتشار الجيش السوري في تلك المناطق، مشيرا الى “ان احد السيناريوهات يقضي بترحيل كافة الأجانب ويقدر عددهم بـ 15 ألف إرهابي من جميع الجنسيات إلى بلادهم لتتم محاكمتهم كل في بلده، ذلك عن طريق التعاون والتنسيق مع الامم المتحدة”.
اما بخصوص الارهابيين الذين يحملون الجنسية السورية يرى الأصفري، ان من رفض المفاوضات سابقا وفضّل الانتقال إلى إدلب من الصعب جداً ان يقبل رمي السلاح الآن إلا بالقوة او بتسوية كبرى.
وهنا يؤكد انه مهما حاولت تركيا وبقية الدول المشغلة للإرهابيين أن تلتف على الموضوع في أستانة او غيرها من المؤتمرات التفاوضية، فلن يكون المصير إلا تحرير إدلب على يد الدولة السورية بمكونها السياسي أو العسكري. لتبقى النتيجة النهائية والحتمية، وضوح قرار حازم هو ما أقرته الحكومة السورية بانتشار الجيش السوري على كافة مساحات البلاد الجغرافية دون انتقاص.
الحلم التركي بدأ يتبدد بشكل نهائي..
بعُمق عشرين كيلو متراً على طول الحدود بين سورية وتركية، هي المنطقة العازلة التي كانت تحلم بها تركيا، انتقصت رويداً رويدا مع تحرير الجيش السوري لحلب، وانتشار وحدات كردية في مناطق أخرى، بالتالي مهمة الوالي التركي لإدلب وحلب والذي يتمركز في ريف حلب المتاخم لإدلب، بدأت تفقد قيمتها بعد فشل فرض التعامل بالليرة التركية في حلب، ذلك الوالي الذي عينته أنقرة على حلب وإدلب معاً، كما ينوه علاء الدين الأصفري، في إشارة لفظية واضحة منه للجنون والتفكير الشيزوفرني التركي كما يؤكد، خاصة بعد ما تمت السيطرة التركية على عفرين السورية، التي تحاول تركيا توطين الإرهابيين الذين وضعتهم فيها بدل الغالبية الكردية، ليكونوا شوكة في الخاصرة الشمالية لسورية.
هنا يتحدث الأصفري عن التعزيزات السورية عبر ريف حماه وصولا إلى إدلب، هذه جبهة وجبهة ثانية أيضا فيها تعزيزات سورية، عبر ريف اللاذقية، وهذا ما يُحتّم فشل المشروع التركي.
ويشير الباحث الاستراتيجي علاء الدين الأصفري الى المفاوضات التركية الروسية بحثاً عن حلٍّ نهائي لادلب، بعد فتح معبر للمدنيين الذين تجاوزت أعدادهم 5000 خرجوا بشكل آمن من إدلب إلى المناطق التي عادت للسيطرة الدولة السورية، عبر أبو الضهور، وتحت ضمانات روسية.
المصدر: موقع المنار