استكملت المحكمة العسكرية الدائمة برئاسة العميد حسين عبد الله، في جلسة مطولة، محاكمة 38 شخصا بين موقوفين ومخلى سبيلهم وفارين من العدالة، في التفجيرين الإنتحاريين اللذين استهدفا منطقة عين السكة في برج البراجنة، ونتج منهما استشهاد 43 مواطنا وإصابة أكثر من 200 بجروح مختلفة، أبرزهم الموقوف ابراهيم الجمل الذي كان متجها الى تنفيذ تفجير انتحاري في منطقة جبل محسن في طرابلس، وابراهيم رايد الذي تولى نقل الإنتحاريين من البقاع الى مدينة طرابلس ومن ثم الى بيروت مع الذخائر والأسلحة المتفجرات.
ويحاكم هؤلاء بجرائم “الانتماء الى تنظيم “داعش” الإرهابي بقصد القيام بأعمال إرهابية، والإشتراك والتدخل في التفجير المزدوج الذي وقع في محلة عين السكة- برج البراجنة، في 12 تشرين الثاني 2015، عبر إقدام شخصين انتحاريين على تفجير نفسيهما وسط جموع المواطنين، ما أدى الى مقتل العشرات وجرح أكثر من 200 آخرين، وتخريب ممتلكات عامة وخاصة، وإثارة الرعب في نفوس المدنيين، والتخطيط للقيام بتفجيرات وعمليات إنتحارية في مناطق لبنانية أخرى”.
استهلت الجلسة بتأكيد العميد عبدالله أن التفجيرين اللذين وقعا في برج البراجنة، هما من أكبر الكوارث الإرهابية التي ضربت لبنان، مشيرا الى أن “أهم ما حصل أن الأجهزة الأمنية تمكنت من كشف هذه الشبكة بسرعة قياسية، وبالتالي يجب السير بالمحاكمة والانتهاء منها بسرعة”.
وذكر رئيس المحكمة بأنه “تم القبض على المتهم ابراهيم الجمل الذي كان متجها لتنفيذ عملية انتحارية في جبل محسن، وذلك فجر اليوم الذي وقع فيه تفجيرا برج البراجنة”.
وأوضح أن الشبكة “يرأسها أبو البراء العراقي أحد قياديي تنظيم “داعش” في مدينة الرقة السورية، يعاونه عبادة ديبو المعروف بإسم “أبو البراء السوري”، وهذان الشخصان إختارا إبراهيم الجمل لتنفيذ العملية الإرهابية في طرابلس”.
وذكر رئيس المحكمة المتهم الجمل بإعترافاته التي أدلى بها خلال استجوابه في الجلسة السابقة، وكيفية ذهابة الى سوريا ودخول الرقة وتلقي التعليمات من قياديي “داعش” وتكليفه عملية انتحارية، ثم شرعت في استجواب المتهم ابراهيم رايد، وأبلغته بما أسند اليه وكيف تولى مهمة لوجستية قضت بنقل الإنتحاريين والمتفجرات لصالح الإرهابيين.
وأفاد رايد أن “القصة بدأت مع تعرفه في بلدته عرسال على السوري سطام الشتيوي، ولما توطدت العلاقة بينهما طلب منه الأخير نقل شخص من البقاع الى طرابلس تبين أنه ابراهيم الجمل لقاء مبلغ 500 دولار أميركي، ثم عمل على تأمين مواد متفجرة من صواعق وديناميت وذخائر، اشتراها من تاجر الأسلحة في بريتال دريد صالح، الذي كان يوضبها في مخابئ سرية داخل سيارة “فان” وينقلها الى طرابلس حيث سلمها الى المتهم بلال البقار”.
واعترف رايد بأنه “تسلم الانتحاري (السوري) أو الوليد (مجهول باقي الهوية) من سطام الشتيوي، ونقله الى طرابلس وكان الأخير يخبره أن الأشخاص والمتفجرات سينقلون الى سوريا من خلال معبر غير شرعي قريب من منطقة وادي خالد. وأقر أيضا بأنه عاد ونقل “أبو الوليد” بطلب من الشتوي من طرابلس الى بيروت وتركه تحت جسر الدورة، لكن لم يكن على علم أن هؤلاء الأشخاص أوالمتفجرات، قيد التحضير لعمليات ارهابية في لبنان.
وردا على سؤال رئيس المحكمة، كيف قبل بنقل متفجرات على دفعات وأشخاص يعرف أنهم يتنقلون بطريقة ملتبسة، أجاب رايد: “ليس في إمكاني رفض طلبات الشتيوي، لأنه كان قادرا على تصفيتي، خصوصا أن بلدتي عرسال باتت محتلة من السوريين، والكل يعرف الظروف التي كنا فيها إبان سيطرة الجماعات المسلحة على المنطقة”.
وبعد الانتهاء من إفادة رايد، استجوبت المحكمة تاجر الأسلحة الذي اعترف صراحة بأنه ورث مهنة تجارة الأسلحة عن والده، ومنذ نشأته وهو يعمل في هذه التجارة. وقال: “لا نية لدي لبيع السلاح لقتل الناس، بل لكسب المال، ومنذ أن كشفت هذه التفجيرات تركت هذا العمل نهائيا”.
وأوضح أنه باع أسلحة ومتفجرات وصواعق للمتهم رايد بنحو سبعة آلاف دولار أميركي، وكان يؤمن الديناميت من فايز الدبس، وأوضح الأخير أنه صاحب مقلع صخور ويقتني الديناميت والصواعق من أجل تفجير الصخور. وأكد أنه لا يبيع هذه المواد المتفجرة لأحد، إنما أعطى كمية منها للمدعى عليه دريد صالح بتوصية من أحد مخاتير المنطقة.