رأى السيد علي فضل الله في خطبة الجمعة ان لبنان، الذي لم تفلح فيه الحركة السياسية التي جرت أخيرا في إخراج الحكومة من عنق الزجاجة، في ظل إصرار القوى السياسية على مواقفها، فلم تبد أي من القوى السياسية استعدادا للتنازل عما تعتبره حقها من الحصص الوزارية، فيما الحديث عن الأحجام لا يظهر إلا المشهد الخارجي، وحقيقة الصراع أن لا ينعكس تبدل موازين القوى داخل المجلس النيابي، والمتغيرات التي أفرزتها الانتخابات، على مشهد الحكومة القادمة وطريقة تعاطيها مع الاستحقاقات القادمة على هذا البلد على المستوى الداخلي، أو تلك التي تتعلق بمجريات المنطقة، ولذلك، لن نشهد تبدلا قريبا في المواقف، حيث الأفرقاء على مواقفهم، وستبقى سياسة الانتظار وعدم الاستعجال والإجازات العائلية وغير العائلية طابع هذه المرحلة، وستسعى القوى السياسية خلال هذه الفترة إلى الاستفادة من أي تغييرات جارية قد تجري في المنطقة لتحسين واقعها”.
وتابع “إننا أمام ذلك، نرى أن من حق القوى السياسية أن تأخذ بعين الاعتبار مواقعها ونظرتها إلى مستقبل هذا البلد، ولكن عليها في الوقت ذاته أن تثبت الأرض التي تقف عليها، بأن تأخذ بعين الاعتبار مصالح الناس الذين فوضوها أمرهم أو تنطق باسمهم، حيث الحديث المتزايد والواقعي عن الوضع الاقتصادي المترهل، وما ينتظر البلد على هذا الصعيد”.
واعتبر السيد فضل الله ان “كل يوم يمر يقرب البلد من الهاوية، التي كانت بداية تمظهراتها في الجسم التربوي، فيما تتفاقم أزمات المواطن على الصعيد المعيشي والحياتي، حيث تزداد نسب الفقر والبطالة والمصروفين من أعمالهم، والتي من الطبيعي أن تولد حالات من الإحباط والقلق واليأس، وتفرز المزيد من التوترات التي نرى تداعياتها في ارتفاع مستوى الجريمة والسرقات والانتحار والإدمان على المخدرات وغير ذلك”.
وقال “وفي الإطار نفسه، لا بد من أن نلفت إلى قضية نخشى تداعياتها إن لم تعالج، ويسعى إلى حلها، هي قضية القروض السكنية بعدما توقفت الدولة عن دعمها، والتي تترك أثرا كبيرا في الشباب وفي الطبقات الفقيرة والمتوسطة، حيث كانت الملاذ لهؤلاء لتأمين سكن في ظل ارتفاع الأسعار وغلاء الإيجار وحتى وفي عدم توفره، وهي أزمة لها انعكاسات سلبية على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية”.
واضاف”في هذا الوقت، وعلى صعيد قضية النازحين السوريين، نقدر كل الجهود التي تبذل من قبل كل الجهات السياسية والأمنية وغيرها، لمعالجة هذه القضية، والمساعدة على حلها، للخروج من حديث التمنيات إلى العمل الجاد، رغم كل الصعوبات التي تعترض سبل الحل، وكلنا أمل بأن هذه الجهود سوف تتطور إلى خطة وطنية شاملة لمعالجة هذه القضية من دون أن تكون على حسابها”.
أما على الصعيد الدولي، فقال “إن الأزمة الإيرانية الأميركية تتجه نحو التفاقم، بعد القرار الأميركي الجائر بالعمل على منع إيران من تصدير نفطها، والمواقف التي ردت من خلالها القيادات الإيرانية، بأن أحدا لن يتمكن من تصدير نفطه إذا لم تتمكن إيران من ذلك، ردا على سياسة الحصار الاقتصادي الخانق التي تمارس عليها، وهو تطور، إن استمر، فقد يهدد بانفجار واسع في المنطقة، إن هذا التصعيد يستدعي من كل الحريصين على السلام العالمي أن يقفوا في وجه سياسة الرئيس الأميركي ترامب، التي بات يتم وصفها عالميا بالخرقاء، ولن تنتج سوى المزيد من التوتر في هذا العالم، وستكون دول الخليج أكثر المتضررين منها”.
وشكر السيد فضل الله “الأحبة، على مشاركتهم الكثيفة في الذكرى الثامنة لرحيل الأب المجدد المرجع السيد، التي عبرتم من خلالها عن وفائكم وتأكيدكم الالتزام بنهج خطه لنا، هو نهج الإسلام المنفتح على الآخر وعلى العصر والحياة، والتمسك بوطن أراده عزيزا كريما، وبأمة حية وفاعلة في هذا العالم، فشكرا لكم من القلب”.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام