تستمر الولايات المتحدة في التدخل بشؤون الدول المحيطة بروسيا من جمهوريات الإتحاد السوفياتي السابق سعياً لتضييق الخناق وفرض ظروف جيوسياسية جديدة تُجبِر موسكو على التخلي عن سياسة إستقلالية عن قرارات الهيمنة الأميركية الغربية في أكثر من منطقة في العالم.
وعلى غرار ما قامت به الولايات المتحدة في أوكرانيا فهي تسعى عبر سفاراتها ومنظماتها وشركاتها للتحضير لثورات ملونة جديدة وخلط أوراق تعزيزاً لنفوذها في الفضاء السوفياتي السابق كأرمينيا وكازخستان وغيرها من دول آسيا الوسطى ودول مجموعة بحر قزوين (التي تضم روسيا وأذربيجان وإيران وكازاخستان وتركمانستان) التي هي على وشك توقيع إتفاقية تحدد تقاسم خيرات هذا البحر وإستخداماته.
وسعت الولايات المتحدة للقيام بإنقلاب ناعم في أرمينيا عبر الإنتخابات الأخيرة التي فَشِلَ فيها الرئيس الأسبق المُقرَب لروسيا سيرج سارغسيان من تولي الحكم لولاية ثالثة ليحل مكانه أرمين ساركيسيان ويتولي باشينيان الشخص الذي قاد الإحتجاجات منصب رئاسة الوزراء.
و بحسب مصادر مطلعة على أروقة برلمانية كشفت مخططات الولايات المتحدة للإمساك بالمفاصل الأمنية و العسكرية والسيطرة على جمهورية تشكل بعداً إستراتيجياً روسيا عبر تورط مسؤولين حكوميين منهم وزير الدفاع الجديد تونونيان د. ( وزير حالات الطوارئ سابقاً أثبت التفتيش قيامه بسرقة أموال الوزارة و تسجيل موظفين وهميين و تقاضي رواتبهم و إتلاف صوري لمعدات تم بيعها بالجملة). تونونيان شَغِلَ من قبل منصب ممثل أرمينيا لدى حلف شمال الأطلسي الناتو وهو مقرب من الغرب تم إقتراحه لتولي منصب وزير الدفاع من قبل وزير الخارجية الأميركي عبر سفير الولايات المتحدة في يريفان ريتشارد ميليس الذي قدم الدعم و الغطاء للوزير الأرمني و غيره من المسؤولين.
ولطالما كانت أرمينيا تُعتبَر من الدول المؤيدة لسياسات موسكو وفيها قاعدة عسكرية روسية، إنضمت للحلف الأوروآسيوي ومنظمة معاهدة الأمن الجماعي. وكانت تنوي الإنضمام للإتحاد الجمركي لروسيا وبيلاروسيا وكازاخستان إضافة للمشاركة في الإتحاد الإقتصادي الأوروآسيوي.
من ناحية أخرى أبلغَت روسيا السلطات الأرمنية والكزخية على لسان وزير خارجيتها سيرغي لافروف عن قلقها من نشاط مختبرات أميركية بيولوجية تنشط على أراضي تلك الدول بتمويل من البنتاغون تشكل تهديداً لروسيا في الوقت الذي لا يُسمَح للخبراء الروس من الكشف على تلك المختبرات.
كلام الوزير لافروف جاء خلال إجتماع وزراء خارجية دول منظمة معاهدة الأمن الجماعي في ألماتا الكزخية يوم الإثنين 11 حزيران الجاري، طارحاً على يريفان توقيع وثيقة تسمح للخبراء الروس بالإطلاع والكشف على تلك المختبرات.
يُذكَر أن الولايات المتحدة بدأت منذ العام 2010 بفتح مختبرات بيولوجية ذات إمكانية إستخدامات مزدوجة في أوكرانيا وجورجيا وأرمينيا وأذربيجان ومولدوفا وكازاخستان وأزبكستان بينما لا تقوم بهذا العمل على أراضي دول غرب أوروبا.
في سياق متصل بتغلغل النفوذ الأميركي في دول وجمهوريات الإتحاد السوفياتي السابق الذي يُشَكِّل خطراً على روسيا ويأتي توقيع كازاخستان على إتفاقية تتيح لقطعات وسفن البحرية الأميركية إستخدام موانيء بحر قزوين الكزخستانية بحجة نقل وعبور الشحنات الأميركية من وإلى أفغانستان ليعزز خشية روسيا من ظهور قواعد أميركية عسكرية في هذا البحر المقفل.
هذه بعض الشواهد على مخططات أميركية لسلب روسيا حلفاء طبيعيين لها وتقويض نفوذها على تخوم حدودها الشرقية والغربية بعد أن فشلت مخططات واشنطن في منافسة النفوذ الروسي ضمن حلف يضم إيران ويستقطب تركيا وباتت الصين شريكاً في رعايته على مسرح الجغرافية السورية.
المصدر: موقع المنار