أكد المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان على “ضرورة عدل السلطة، وشرعية مصالحها، عن طريق تنظيفها من الفساد والفاسدين، ومن العقليات الطائفية البغيضة، والسياسات الضيقة، ومن كل مشاريع الربح الذاتي، والصفقات العائلية والمناطقية. وندعو إلى ضرورة حفظ هذا البلد، على قاعدة الشراكة الوطنية، والسلم الأهلي، وحقوق المواطنة، والأولويات الاجتماعية والتنمية البشرية والدعم التربوي والسكاني والحماية الأخلاقية، فالناس تعيش الآن أسوأ ظروفها، وواقعها المعيشي مدمر، وسوق العمل يكاد يكون معدوما ومسيطرا عليه، إما بالاحتكار أو عبر اليد غير اللبنانية”، لافتا إلى أن “قدرة اللبناني على الصمود باتت معدومة، ونسبة الجريمة هي الأسوأ، والفقر يجتاح كل الطوائف وبأرقام مخيفة، والقيمة الشرائية منهارة، والحماية المهنية غير موجودة، واللعب بالأسعار في أعلى مستوياته، والكثير من السلع فيها مواد مسرطنة بشهادة أكثر من وزير وإفادة أكثر من مختص، والقطاع الزراعي والصناعي يعيش منافسة غير متكافئة، فضلا عن ضعفه وعشوائيته، فالناس بأسوأ أوضاعها صحيا وتربويا واجتماعيا ودون ضمانات”.
وفي خطبة عيد الفطر المبارك التي القاها في مسجد الإمام الحسين (ع) في برج البراجنة، دعا قبلان كل القيادات “في صبيحة هذا العيد المبارك، إلى مضاعفة الجهود، ورفع وتيرة التعاون والتوافق والتشارك من أجل الوصول إلى حكومة تضم الجميع، وتكون قادرة ليس على إدارة الأزمة، بل على إيجاد الحلول لكل المشاكل التي تحول دون تثبيت الاستقرار، وتحصين السلم الأهلي، وتعزيز الفرص التي تسمح بانطلاقة وطنية واثقة نحو إعادة بناء الدولة، وتطوير مؤسساتها، وتفعيل إداراتها وهيئاتها الرقابية، بما يتوازى مع حجم التحديات، التي لا يمكن تخطيها، طالما أن الرؤى الوطنية لدى البعض يشوبها الكثير من التشويش والتحريف الذي لا يخدم المصلحة العامة”.
كما أكد أن “المسيرة الوطنية ليست بالأمر الهين، ولن تكون سهلة، وهي بحاجة إلى تضحيات الجميع وترفعهم عن صغائر الغايات الخاصة والمكاسب الآنية، فالوطن ينادي الجميع، واللبنانيون يأملون بأن تتحول سياسة الكيد والتحدي إلى تعقل ومنطق، كي نبدأ معا مسيرة سوية، خالية من التكاذب والمقايضات السياسية والمصلحية، فالبلد لم يعد يحتمل، والأوضاع المالية والاقتصادية والاجتماعية وما يستتبعها من تلوث بيئي واختلالات في البنى التحتية من ماء وكهرباء، وفلتان في الأمن هنا وهناك قد بلغت حدودا مخيفة، الأمر الذي لم يعد يسمح بهرطقات سياسية ولا بألاعيب مشبوهة ولا بارتهانات لهذه الدولة أو تلك، فالجميع مدعوون إلى وقفة وطنية وإنقاذية بأسرع ما يمكن، وإلا فإن الأمور إلى استفحال، والحلول إلى المزيد من التعقيد والتأزم”.
هذا وطالب بـ “التوصل السريع إلى تشكيل الحكومة، وعدم وضع العراقيل بعناوين الحصص أو ما يسمى بوزارات سيادية وخدماتية، لأن الأمر دقيق وحساس جدا، وهامش المناورة والمزايدة أصبح ضيقا، ولا يسمح بأي دلع في طرح المطالب. وعلى القيادات السياسية إدراك هذا الواقع، والتنبه لتداعياته الخطيرة والمأساوية على الصعد كافة، وبالخصوص في مسألة النزوح السوري الذي تحول إلى مصدر مقلق وخطير جدا، إذا لم نسارع جميعا إلى اتخاذ المواقف الجريئة والإجراءات العملية، وفق خطة مبرمجة وممنهجة ومنسقة مع الحكومة السورية، قاطعين الطريق أمام ما يسمى بمفوضية الأمم المتحدة وخططها التوطينية المشبوهة، إذ يكفي اللبنانيين ما دفعوه من فواتير سياسية وديمغرافية وسياحية، وباتوا يرفضون بشدة التلاعب بمصيرهم ومصادرة قرارهم مقابل جوائز شخصية، وتأمين مصالح إقليمية على حساب سيادة لبنان وخياره المقاوم”.
أما في ما يتعلق بالوضع الإقليمي فقد رأى قبلان أن “أمتنا ليست بخير، ولن تكون، طالما سوريا مستهدفة، وطالما العراق غير مستقر، واليمن وليبيا في حروب شعواء، وفلسطين بقدسها وأقصاها تحت الاحتلال، وغزة بشيبها وشبابها ونسائها وأطفالها تدفع الضريبة، فيما العالم بأسره يتفرج، لا بل يشجع على العدوان، ويناصر عليه، ويقف إلى جانب الكيان الصهيوني في المحافل الدولية، داعما ومؤيدا، ظنا منه بأن الأمة ستحبط، وأن إرادتها ستكسر. لهذا العالم المنحاز والظالم نقول: لن نقبل بتهويد القدس، ولا بإمرار صفقة القرن، ولا بتغيير ميزان القوة الذي أكدته أرجحية المقاومة، ورسخته صلابة الممانعة، ونسأل الله العلي القدير، ونحن في يومه وعيده، أن يهدينا ويهدي أمتنا ودولنا العربية والإسلامية، وفي المقدمة المملكة العربية السعودية وتركيا وإيران إلى لقاء قمة أخوة صادقة وحقيقية، تبحث فيها كل القضايا الخلافية، وتحل فيها كل المشاكل المصطنعة، وتوحد فيها كل القوى التي تمكننا من مواجهة التحديات، وإسقاط المشروع الأميركي الصهيوني الذي خرب المنطقة، وأدخل شعوبها في فتنة الدم، وتهديم الأوطان”.
المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام