ساعات حاسمة تعيشها بريطانيا قبل بدء التصويت في استفتاء على مغادرتها الاتحاد الأوروبي Brexit، ومعه ترتفع حدّة التصريحات ويزداد الكلام عن مخاطر مثل هذه الخطوة سياسيّاً واقتصاديّاً على بريطانيا والاتحاد الاوروبي عموماً. وقبل 16 ساعة على بدء التصويت تتزايد بشكل كبير نسب البريطانيين الذين يعارضون خروج بلادهم من الإتحاد الاوروبي، وذلك بعد التقارير التي تقدمت بها بروكسل وبرلين والتي تؤشر بشكل واضح الى حجم الخسائر والإضطرابات التي ستصيب الإقتصاد الاوروبي نتيجة هذه الخطوة، وأظهرت نتائج استطلاعات الرأي أن 55% على الأقل من البريطانيين يؤيدون البقاء تحت مظلّة إتفاقيّة بروسكل، مقابل 45% من المؤيدين لخروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي. أمّا بالنسبة لعدد النواب المؤيدين لخروج بريطانيا فهو لا يتجاوز 70 نائباً من أصل 650، وبالتالي فإنّ جميع المؤشرات تبدوا ايجابيّة لمؤيدي البقاء داخل الإتحاد.
مؤشرات إقتصاديّة كارثيّة
في حال التصويت لصالح خروج بريطانيا فإن المتضرر الأكبر سيكون الإقتصاد الأوروبي بشكل عام، على اعتبار أن المانيا وبريطانيا تمتلكان الإقتصاد الأهم داخل الإتحاد الأوروبي وفي حال خروج لندن ستكون برلين أمام ضغوط كبيرة، لأنّها ستتحمّل الأعباء وحيدةً في ظل تدهور إقتصادات كلّ من اليونان والبرتغال، وعدم قدرة الإقتصاد الاسباني على الثبات في نسبة الدين العام مقابل الناتج المحلي، ويضاف الى ذلك تراجع الإقتصاد الفرنسي بشكل دراماتيكي مع وصول نسبة البطالة الى أكثر من 10%. كلّ هذه التحديّات تبقي المانيا وحيدة أمام حمل إقتصاد الإتحاد، وخروج بريطانيا يمكن أن يؤدي الى غرق أوروبا بأكملها، حتى ان لندن لن تسلم من ذلك نتيجة ارتباط اقتصادها ومصارفها وتبادلاتها التجارية حتى اليوم مع الدول الأوروبية، وبلغة الأرقام فإنّ أكثر من 15% من البريطانيين تربطهم علاقات تجارية وأعمال بباقي دول اﻻتحاد الأوروبي.
هذا وترى مصادر ان خروج بريطانيا من الإتحاد سيؤدي إلى هبوط سعر الجنيه الاسترليني بنسبة 15 إلى 20%، وإلى تضخم بنسبة 5%، وزيادة في كلفة العمل، فيما سيتراجع النمو حوالي 1,5%.
استقلال اسكتلندا
الاستفتاء على بقاء بريطانيا أو خروجها من الإتحاد يمكن أن يؤدي أيضاً الى استقلال اسكتلندا، وفي هذا الاطار فان رئيسة وزراء اسكتلندا – المتمسكة بالبقاء في الاتحاد – قد تلجأ في حال التصويت لصالح خروج بريطانيا الى تنظيم استفتاء جديد حول الاستقلال عن المملكة المتحدة، وتنشق اسكتلندا هذه المرة، مبتعدة عن بلد اختار الخروج من البناء الأوروبي.
وبالإضافة الى ذلك فإن الأعداد الكبيرة من الأوروبيين الذين يعملون على الأراضي البريطانية سيخضعون لشروط جديدة في الاقامة والعمل والسفر، وهو الأمر نفسه الذي سيحصل مع البريطانيين الذين يعملون في دول الإتحاد الأوروبي. وبالإضافة الى ذلك سياسيّاً أيضاً فإن الحكومة الحالية برئاسة دايفيد كامرون لن تستطيع الاستمرار وستكون البلاد أمام انتخابات جديدة.
تقف بريطانيا إذاً أمام مفترق خطير سيحدد مستقبل المنطقة الأوروبيّة بأكملها وليس فقط مستقبلها، وذلك لما سيترتب إقتصاديّا وسياسيّا على انفصالها عن الإتحاد الاوروبي، على الرغم من أنّ المؤشرات تميل لصالح عدم خروجها من تحت مظلة اتفاقية بروسكل إذا ما تمّ الاستناد لاستطلاعات الرأي والجو العام للسياسيين والإقتصاديين داخل البلاد وخارجها.
المصدر: موقع المنار