تناولت الصحف الصادرة في بيروت صباح الجمعة 18-5-2018 العديد من الملفات المحلية والإقليمية، أبرزها اللقاء الذي جمع الرئيس فلاديمير بوتين والرئيس بشار الاسد في سوتشي، بالاضافة الى موضوع التحضير لتشكيل الحكومة الجديدة في لبنان، وغيرها من المواضيع.
البناء:
أوروبا تقرّر آليات قانونية لحماية شركاتها ومصارفها من العقوبات الأميركية على إيران
الأسد وبوتين: لإطلاق عملية سياسية تعجّل بانسحاب القوات الأجنبية… بعد الانتصارات
حزب الله مطمئن لمسار الحكومة وتنقية الأجواء بين الحلفاء… ولا يكترث بالعقوبات
وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة “البناء” اللبنانية “تقول مصادر إيرانية مطلعة إنّ نتائج جولة وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف في أوروبا كانت مثمرة. فالموقف الإيراني الذي ربط الخروج من التفاهم النووي أو البقاء ضمن أحكامه بالموقف الأوروبي العملي وليس السياسي والإعلامي، حصد النتيجة المرجوة وفقاً لمعادلة، أنّ إيران ستعود لتخصيب اليورانيوم المرتفع النسبة، وتوقف جولات مفتشي وكالة الطاقة الذرية عندما تتعثر عمليات التجارة بالنفط، خصوصاً والتبادل المصرفي مع أوروبا، بسبب العقوبات الأميركية. وأمس أعلنت فريدريكا موغيريني مفوضة شؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي أنّ الآليات القانونية لحماية الشركات والمصارف الأوروبية ستوضع موضع التنفيذ اليوم الجمعة، بوجه مخاطر العقوبات الأميركية على هذه الشركات والمصارف.
بالتوازي واصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب تغريداته وتصريحات الناطق بلسان البيت الأبيض، للتأكيد على الاستعداد لعقد القمة التي يفترض أن تجمعه بزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ اون، فيما بقي الموقف الكوري متريّثاً ينتظر توضيحات رسمية كورية جنوبية وأميركية، حول المناورات التي جمعت جيوشهما قبالة السواحل الكورية الشمالية، بالإضافة لطلب كوري بسحب تصريحات مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون باعتبار النموذج الليبي صالحاً لحلّ الأزمة الكورية، ولم تقبل كوريا بمجرد تصريح للبيت الأبيض ينفي أن يكون المثال الليبي معروضاً على كوريا في مفاوضات القمّة.
في موازاة الارتباك الأميركي على جبهتي المواجهة والتفاوض مع إيران وكوريا، شهدت سوتشي لقاء قمة جمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس السوري بشار الأسد، لتقييم ما شهده مؤتمر أستانة الأخير بغياب أميركي، بالتوازي مع الانتصارات التي يحققها الجيش السوري. وقد أوضحت تصريحات الرئيسين بوتين والأسد الاستعداد لإطلاق العملية السياسية مجدداً، وقال المتحدّث باسم الكرملين إنّ الخطوة الأولى ستتمّ عبر تحريك اللجنة التي يقودها المبعوث الأممي للحوار حول الدستور، بينما قال الرئيس بوتين إنّ التقدّم في العملية السياسية سيمهّد لخروج القوات الأجنبية من سورية، بينما قال الرئيس الأسد إنّ هناك دولاً لا تريد للحلّ السياسي أن يتقدّم، وقالت مصادر متابعة لمحادثات أستانة، إنّ موسكو تعتقد بأنّ الموقف الذي أظهرته تصريحات المفاوضين باسم المعارضة توحي بإيجابية تستدعي اختبار حدود الموقف التركي، وتموضعه ضمن عملية أستانة، عبر فتح الباب للبحث بحكومة موحّدة في ظلّ الرئيس السوري والدستور الحالي تمهيداً لدستور جديد وانتخابات، ما يفترض أن يخلق دينامية تفرض نفسها على مناطق الشمال والجنوب السورية وتضع الأميركيين أمام معادلة جديدة.
لبنانياً، وبعد الحملة الإعلامية الخليجية التي رافقت العقوبات الأميركية الخليجية على قيادات حزب الله، بدا أنّ التشويش على الاتصالات المرافقة لمسار ما بعد الانتخابات النيابية هو المطلوب. وقد أكدت مصادر مطلعة على قراءة حزب الله للمسار السياسي بعد الانتخابات، أنّ الحزب مرتاح لوضعه ومطمئن لسلاسة سير الاستحقاقات الرئيسية سواء انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبه أو تسمية رئيس جديد للحكومة، والبدء بالتباحث حول تفاصيل التشكيلة الحكومية ودوره فيها ونوع وحجم تمثيله وطبيعة مسؤولياته، مع تحديد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أولوية الحزب في مكافحة الفساد وبناء الدولة. وأضافت أنّ الشوط الذي تمّ قطعه على طريق تنقية الأجواء بين الحلفاء كبير وهام، خصوصاً العلاقة بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب وعبرهما بين حركة أمل والتيار الوطني الحر كحليفين رئيسيّين لحزب الله. وقالت المصادر إنّ حزب الله لا يقيم حساباً لحملة العقوبات، لكنه يقرأ أهدافها جيداً.
شروط أميركية خليجية على الحريري قبل التأليف
في وقت حافظت البلاد على المناخ السياسي الإيجابي الذي فرضته الزيارات والتفاهمات على خط بعبدا – عين التينة وبيت الوسط – معراب استعداداً لإنجاز سلسلة للاستحقاقات المقبلة، ارتسمت مؤشرات خارجية سلبية باتجاه لبنان تمثّلت بقرار العقوبات الأميركي والذي اتُبِع بقرارات خليجية بحق قيادات في حزب الله.
ومساء أمس، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية في بيان فرض عقوبات جديدة على شخصين على صلة بحزب الله. وأعلنت واشنطن فرض عقوبات على 4 كيانات تربطها باللبناني محمد إبراهيم بزي. وأكد وزير الخزانة الأميركي «أننا سنكشف ونعطل شبكات حزب الله وإيران بما فيها تلك المرتبطة بالبنك المركزي الإيراني».
وإن كانت هذه القرارات مجرّدة من مفاعيلها المالية على حزب الله، غير أن أوساطاً سياسية محلية تترقّب أبعادها وتداعياتها على المستوى الداخلي لا سيما وأنها جاءت عقب إنجاز الاستحقاق الانتخابي وعشية انطلاق الاستشارات النيابية الملزمة في بعبدا لتكليف رئيس لتشكيل الحكومة جديدة. ومن الملاحظ إشارة الأميركيين والخليجيين في متن قرارات العقوبات الجديدة إلى الفصل بين الجناحين العسكري والسياسي في حزب الله، فهل هذا تمهيد لوضع فيتو على مشاركة الحزب في الحكومة الجديدة؟ وقد كانت لافتة دعوة مسؤول أميركي عقب نشر قرارات العقوبات الحكومة اللبنانية الجديدة الى الالتزام بسياسة النأي بالنفس وبالقرارين 1559 و1701، ما يعني تقييد الحكومة الجديدة بجملة شروط قد يعجز أي رئيس مكلّف عن تنفيذها كإبعاد الحزب عن الحكومة وبيان وزاري لا يأتي على ذكر المقاومة ووضع سلاح المقاومة في التداول وتوسيع مفهوم النأي بالنفس بهدف تقييد حركة حزب الله في سورية والجنوب في أي حرب مقبلة في المنطقة، ما اعتبرته مصادر شروطاً إسرائيلية تهدف إلى تصعيد الموقف الداخلي.
ما يطرح التساؤل التالي: هل يندرج هذا التصعيد في إطار رفع السقف التفاوضي في تشكيل الحكومة للحدّ من تمدّد حزب الله وحلفائه في الحكومة وبيانها الوزاري، أم يهدف إلى تقييد الحريري وإحراجه لإخراجه ودفعه لإعلان فشله واعتكافه عن تشكيل الحكومة؟ وهل لا يزال القرار الدولي الإقليمي بتحييد لبنان عن صراعات المنطقة قائماً؟
وإذ لم يخرج موقف رسمي من حزب الله حيال العقوبات الجديدة، أشارت مصادر مطلعة لـ «البناء» الى أن «الإجراءات الأميركية الجديدة ضد قيادات من حزب الله ليست بجديدة، بل سبق واتخذت عقوبات مالية بحقّ مسؤولين بحزب الله وطاولت بعض المتموّلين ورجال الأعمال في بيئة المقاومة لا علاقة لهم بحزب الله»، مؤكدة أن «لا مفاعيل لهذه العقوبات على حزب الله الذي أكد أمينه العام السيد حسن نصرالله أكثر من مرة أن ليس لدى الحزب أي حسابات مصرفية ولا يتعامل بالنظام المصرفي ولا يتلقى تحويلات مصرفية من دول خارجية»، واضعة هذه العقوبات في إطار الضغط المعنوي والسياسي على حزب الله وإيران لأسباب داخلية تتعلق بفوز حزب الله وحلفائه في الانتخابات النيابية والقلق من ترجمة هذه الأكثرية في الحكومة الجديدة وأسباب خارجية تتعلّق بموقف حزب الله ودوره في المنطقة لا سيما في سورية وفلسطين إلى جانب الضغط على إيران بحليفها حزب الله»، غير أن المصادر حذّرت من أن يكون الهدف خلف هذا الضغط الأميركي الخليجي تغيير المعادلة الداخلية التي أفرزتها الانتخابات من خلال وضع عقبات وشروط سياسية أمام الرئيس سعد الحريري تتعلّق برفض إشراك حزب الله في الحكومة. الأمر الذي اعتبرته المصادر تهديداً للاستقرار الداخلي»، لافتة الى أن «إخراج الحزب من الحكومة كان مطلباً قديماً وشبه مستحيل أما وقد أفرزت الانتخابات واقعاً نيابياً جديداً، فبات مستحيلاً»، موضحة أن «حكومة بلا حزب الله يعني حكومة بلا حركة أمل وكل الحلفاء الذين يمثّلون ثلث المجلس الجديد ما يجعل أي حكومة غير ميثاقية الأمر الذي لن يقبل به رئيس الجمهورية ميشال عون».
وإذ استبق الأميركيون والخليجيون البيان الوزاري بوضع عناوين وشروط له، جزمت المصادر بأن فريق المقاومة لن يقبل بأي بيان وزاري من دون تضمينه عبارة واضحة للمقاومة، وتوقّعت التوافق على صيغة للبيان الوزاري مشابهة لصيغة الحكومة الحالية»، متوقعة أن يُبدي حزب الله مرونة في موضوع النأي بالنفس، حيث أكد سابقاً بأن لا علاقة له بالحرب في اليمن، أما في سورية فلا يشملها النأي بالنفس، حيث قال رئيس الجمهورية إن مشاركة حزب الله في سورية وعودته منها مرتبطان بالحل الدولي والإقليمي للأزمة في سورية وبالتالي سيبقى حزب الله حيث يجب أن يكون».
وتوقعت مصادر «البناء» أن «تفرض سلة عقوبات جديدة تطال البيئة المقاومة للضغط على حزب الله، محذرة من تماهي بعض المصارف اللبنانية مع أي عقوبات تطال أفراداً أو شركات لبنانية»، مشيرة الى أن «العقوبات الجديدة بمثابة تعويض معنوي للسعودية و»إسرائيل» بعد فشلهما في سورية واليمن»، واضعة ذلك في «إطار الصراع العسكري والأمني والسياسي الدائر بين محورين في المنطقة في أكثر من ساحة ومنها لبنان»، لكنها أشارت الى أن «لا قرار خارجي بتفجير الساحة الداخلية، بل إن المصلحة والضرورات الغربية للحفاظ على الاستقرار الأمني والسياسي في لبنان لا تزال مفاعيلها جارية».
وانتقد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف «مواكبة الرياض لواشطن في فرض عقوبات على حزب الله »، معتبراً ذلك «أمراً مخزياً للسعودية». وفي تصريح له عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أضاف: «الردّ السعودي على أعتاب شهر رمضان ؟ التضامن مع أميركا في فرض الحظر على أول قوة تمكّنت بتحريرها أراضي عربية من تحطيم أسطورة إسرائيل التي لا تُقهر وخزي بعد خزي».
الى ذلك سجلت أمس، زيارة للسفير الايراني محمد فتحعلي الى رئيس الحكومة سعد الحريري في السراي الحكومي.
سلامة: الليرة مستقرة
الإجراءات الأميركية الخليجية الجديدة والوضع النقدي في البلاد وعمل المصرف المركزي في المحافظة على الاستقرار النقدي، عناوين حضرت في اللقاء بين رئيس الجمهورية وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة في بعبدا، وأوضح سلامة أنه «أطلع رئيس الجمهورية على أن إجراء الانتخابات النيابية في موعدها كان له الوقع الإيجابي في الاوساط المالية العالمية وسُجلت ردود فعل إيجابية حيالها، مؤكداً استقرار الليرة اللبنانية». وأشار الى أنه بحث مع الرئيس عون أيضًا السبل الأفضل الواجب اعتمادها لمعالجة مسألة ارتفاع أسعار الفوائد العالمية وأسعار النفط. وقال إن «مصرف لبنان حافظ على احتياطه المرتفع من العملات الأجنبية، مسجلاً نموًا للودائع في القطاع المصرفي».
ارتفاع أسهم الفرزلي
ووسط التصعيد الخارجي ضد لبنان، تتّجه الأنظار الى استحقاق انتخاب رئيس جديد للمجلس النيابي ونائب له وهيئة المكتب في جلسة تعقد الأربعاء المقبل في المجلس النيابي، وقد استقبل الرئيس نبيه بري عدداً من رؤساء الكتل النيابية التي أعلنت ترشيحها الرئيس بري لرئاسة المجلس، وأبرزهم رئيس حزب الاتحاد عبد الرحيم مراد والنائب عدنان طرابلسي والنائب طوني فرنجية الذي أعلن عن تشكيل كتلة نيابية تضمّ 7 نواب.
لكن يبدو أن منصب نائب الرئيس سيشهد معركة داخل تكتل لبنان القوي الذي لم يحسم خياره حتى الآن بين عضويه إيلي الفرزلي والياس بو صعب. ومن جهة ثانية بين التكتل وكتلة القوات اللبنانية التي أكد النائب أنيس نصار الذي كشف بأن ترشيحه تمّ بالتوافق بين رئيس القوات سمير جعجع والرئيس الحريري في لقائهما الأخير، لكن بحسب مصادر «البناء» فإن أسهم الفرزلي ارتفعت في ظل اتجاه لدى تكتل لبنان القويّ الى توزير أبو صعب في الحكومة، ما يعني حصر التنافس بين نصار والفرزلي الذي يحظى بتأييد الرئيس بري وفريق المقاومة.
وأعلن المكتب الإعلامي لوزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل أن «التكتل يعقد اجتماعه الدوري الثلثاء المقبل ويبحث فيه في جملة أمور سياسية، ومنها انتخابات رئيس مجلس النواب ونائبه وهيئة مكتب المجلس، حيث سيُصار الى تحديد موقف التكتل في هذا الخصوص، مؤكداً أن كل ما عدا ذلك، من تحليل أو اجتهاد أو تسريب أو تكهّن أو موقف، يبقى خارج إطار الموقف الرسمي للتكتل».
تجدّد السجال على جبهة المختارة خلدة
إلى ذلك وبعد الهدوء الحذر الذي خيّم على جبهة المختارة خلدة خلال الأيام القليلة الماضية، تجدّد السجال الإعلامي أمس، فبعد تصريحات عضو اللقاء الديموقراطي النائب وائل أبو فاعور على شاشة «أو تي في» الثلاثاء الماضي التي انتقد فيها بشدّة رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان، ردّ الأخير على رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط قائلاً: «وعدتك يا وليد بيك بالمؤتمر الصحافي الأخير بعد اشتباك الشويفات، بأن كل من يتهجم عليّ من أحد الأوباش عندك سأردّ عليك شخصياً. وهل تتذكّر يا بيك التوسّل الذي قام به عبرك لعدم جرّ والده «الفتنة المتنقلة» في قضاءي حاصبيا وراشيا الى القضاء العدلي بتهمة التحريض على قتل الشيخ التقي أبو غالب إبو إبراهيم في بلدته الخلوات. والكل يعرف هذه الحقيقة في المنطقتين».
كلام أرسلان استدعى رداً من جنبلاط عبر مواقع التواصل الاجتماعي قائلاً: «عذراً يا مير لماذا هذا الاستنفار الدائم واستخدام كلمات لا تليق بالتخاطب السياسي. كم من مرة هاجموني ولم أرد. واعذرني أن أقول لك إنني لا أرافق ما تسميهم بالأوباش. ثم لماذا تصنيف الناس ومَن نحن لنصنّف الناس. فلنفكر سوياً كيف نخلق فرص عمل، كيف نُنهي جرح الشويفات بعد تسليم المطلوبين. شكراً». فعاد أرسلان وردّ قائلاً: «لن أقبل بأيّ شكل من الأشكال تضييع البوصلة وتضليل الرأي العام، هنالك مسبّب ومحرّض هو الذي أشعل الفتنة في الشويفات وأتمنى عليك يا بيك أن تضع إصبعك على الجرح من دون محاولة إخفاء الأدلة الدامغة والمصوّرة والتي لا تحمل أي اجتهاد. وشكراً لرحابة صدرك»”.
الجمهورية:
واشنطن تتدرّج بالعقوبات وتُحرِج التكليف والتأليف.. و«الحزب» يُعلِّق: لا قيمة لها
وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة “الجمهورية” اللبنانية “في خضمّ التحضيرات للاستحقاقات الدستورية والحكومية والمشاورات الناشطة للوصول بها إلى بر الأمان، ظلّت الأوساط اللبنانية على كلّ مستوياتها منشغلة بقراءة أبعاد تداعيات التصعيد الأميركي والخليجي ضد «حزب الله» والمتمثل بفرض عقوبات على قياديين فيه، وكذلك على شركات بتهمة تمويل الإرهاب، ومراقبة مدى تأثيراتها على الساحة اللبنانية عموماً والانطلاقة النيابية والحكومية الجديدة التي ستكون بدايتها الأسبوع المقبل خصوصاً. فيما بَرز دولياً أمس لقاء في سوتشي بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيرِه السوري بشّار الأسد. وقال ديميتري بيسكوف السكرتير الصحافي لبوتين إنّ الأخير هنّأ الأسد بالنجاح بمكافحة الإرهاب، وشدّدا على «ضرورة تهيئة ظروف إضافية لعملية سياسية كاملة الشكل في سوريا». فيما أكّد الأسد «استعداده لبدء عملية سياسية في البلاد».
كان جديد التصعيد الأميركي ضد «حزب الله» أمس إعلان وزارة الخزانة الأميركية فرض عقوباتٍ على شخصين و5 مؤسّسات على صِلة به.
وقالت الوزارة في بيان لها «إنّ العقوبات تفرَض على عبدالله صفي الدين، ممثّل «حزب الله» في طهران وابنِ عم الأمين العام للحركة حسن نصرالله، وكذلك على رَجل الأعمال اللبناني محمد إبراهيم بزّي، الذي عملَ لمصلحة «حزب الله» وإيران».
وأدرَجت الوزارة 5 شركات، مسجّلة في دول أوروبا وغربِ أفريقيا والشرق الأوسط، ومرتبطة بصفي الدين وبزّي.
واتّهم وزير الخزانة الأميركي ستيف منوشين بزّي بـ«الضلوع في تبييض الأموال وتهريب المخدرات». وأشار إلى «أنّ بزّي كان يتعاون مع رئيس غامبيا السابق يحيى جامي الذي فرَضت الولايات المتحدة عقوبات عليه في عام 2011.
وحسب بيان وزارة الخزانة، فإنّ بزّي «كان يقدّم الدعم والمساعدة المالية والمادية والتقنية والخدمات المالية لـ»حزب الله»، وهو من أبرز المسؤولين عن التعاملات المالية للحزب الذي اكتسَب ملايين الدولارات من خلال نشاطه. كما تعاملَ بزّي وصفي الدين مع البنك المركزي الإيراني الذي سبقَ للولايات المتحدة أن فرَضت عقوبات عليه».
وتضمّنت العقوبات المفروضة على صفي الدين وبزّي والشركات الخمس، تجميد كافة الأصول التابعة لها في الولايات المتحدة وحظر أيّ تعاملات معها.
توقّعات تشنّجات
وإلى ذلك توقّعت مصادر وزارية «أن ينعكس التصعيد الأميركي الخليجي ضد «حزب الله» تشنّجاتٍ، ليس على تشكيل الحكومة بمقدار ما سينعكس على الإعداد مسبَقاً لبيانها الوزاري، لأنّ القضية هذه المرّة ليست قضية اسماء وحقائب، بل اسماء وحقائب وسياسة.
فصدور العقوبات في هذه اللحظة السياسية المحلية والاقليمية والدولية جاء بمثابة رسالة بأنّ المشاريع الإنمائية والاستثمارية الواردة في مؤتمر «سيدر 1» وغيرها من المساعدات، قد تصبح مرتبطة بشكل الحكومة وببيانها الوزاري، خصوصاً إذا استمرّ وجود الحزب في الحكومة. قد يساهم ذلك في تخفيف الشروط التي سيضعها الحزب.
وهي رسالة الى من يشكّلون الحكومة، أكانوا في الرئاسة الاولى أم الثانية، تقول لهم مَهْلاً، أياً كانت المتغيرات النيابية لا تستطيع أن تؤثّر على موقع لبنان في المجتمعَين الدولي والعربي، وبالتالي لا تستطيع ان تُترجم في الحكومة لا مقاعد، ولا سياسة عامة».
ورأى المصدر «أنّ إحراج الرئيس سعد الحريري سيؤخّر الحكومة أو سيُعدّل في تشكيلها لكي تأتي وسطية، وسيفرض على البيان الوزاري السير بين الألغام والنقاط». وقال: «إذا اعتقد أحد أنه يستطيع أن «يُشقلب» سياسة لبنان رأساً على عقب لأنه أخَذ كم مقعد زيادة أو بالناقص فهذا أمر لم يعد وارداً».
ووفق مصادر سياسية متابعة، فإنّ العقوبات «ستُحرِج الحريري بالتأكيد، لأنه سيكون امام مشكلة جديدة مع المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الاميركية في حال ترَأسَ حكومةً يشارك فيها «حزب الله» الذي صنّفته واشنطن ودولُ مجلس التعاون الخليجي بأنه بشقّيهِ العسكري والسياسي «منظمة إرهابية».
وترى المصادر أنّ الحريري الذي استقبل أمس السفير الايراني محمد فتحعلي، يسعى من خلال التغييرات الادارية في تيار «المستقبل» الى إبعاد من هاجَموا المملكة بُعيد استقالته، فلا يمكن أن يتحدّى الدول العربية والدول الغربية التي يعوّل على دعمها السياسي والاقتصادي من خلال توزير «حزب الله».
كذلك فإنّ «القوات» وتيار «المستقبل» اللذين وعَدا المملكة بسياسة استيعاب رئيس الجمهورية و«التيار الوطني الحر» واجتذابهما الى منطقةٍ وسط بينهما وبين «حزب الله» سيكونان محرَجين في المشاركة في حكومة تغطّي الحزب بدلاً من حكومة تُحجّمه وتُقلّص من دوره ومِن الغطاء الممنوح له، خصوصاً في ظلّ معلومات عن نصائح إقليمية تلقّاها كلّ من الحريري وجعجع بوجوب ترتيبِ الامور بينهما وبين كلّ منهما ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وحزب الكتائب والمستقلّين الذين يُعتبَرون من صلب ١٤ آذار على الرغم من عدم تمثيلهم في مجلس النواب».
«حزب الله» لـ«الجمهورية»
في هذا الوقت، أكّد مصدر في «حزب لله» لـ«الجمهورية» أنّ القرارات والعقوبات ضد قيادة الحزب «لن يكون لها أيّ تأثير على آلية العمل السياسي الراهن المتمثلة بانتخاب رئيس مجلس نواب ونائبه وهيئة مكتب المجلس، ولا على الاستشارات النيابية، ولا حتى على تشكيل الحكومة المتوقّع». واعتبَر «أن لا قيمة لهذه القرارات ولا مفاعيل سياسية لها، وهي لن تجد صدى عند الشعوب والدول الحرّة في المنطقة والعالم».
وأضاف: «لقد اتُّهِمنا ووُضِعنا على لوائح الإرهاب في الماضي بسبب التزامنا بالمقاومة ضد العدو الإسرائيلي وتحرير أرضنا من رجسِه ودعمِنا لحركات المقاومة ضد الاحتلال وعدوانه، واليوم نُتهَم مجدداً بسبب مقاومتِنا الجادة ضد الإرهاب التكفيري في المنطقة وتحقيقنا نجاحات كبيرة في مواجهته وتحقيق محور المقاومة انتصاراتٍ مهمّة في أكثر من منطقة.
ومِن المفارقات تزامُن صدورِ هذا القرار مع الانتصارات الواسعة التي حقّقتها المقاومة وحلفاؤها وأصدقاؤها في الانتخابات اللبنانية، الأمر الذي أزعجَ الولايات المتحدة الأميركية وحلفاءَها وأتباعَها فعبّروا عن سخطهم بهذا البيان الذي لن يكون له أيّ تأثير على اللبنانيين المتمسكين بوحدتهم وتنوّعِهم وآليات عملهم السياسية».
الوضع المالي… والعقوبات
وارتدت زيارة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمس أهمية استثنائية بالنظر إلى الأوضاع المالية المستجدّة المقلِقة. وأوضَح سلامة أنه بَحث مع رئيس الجمهورية «السبل الأفضل الواجب اعتمادُها لمعالجة مسألة ارتفاع أسعار الفوائد العالمية وأسعار النفط». وأوضَح «أنّ البحث تطرّق أيضاً إلى التطورات التي استجدّت في العقوبات الاميركية بعد انضمام دول الخليج إليها.
وفي هذا السياق، هناك قلقٌ حيال الضغوطات التي قد تتسبّب بها تطوّرات مستجدة، على المالية العامة. إذ بعد إعلان الرئيس الأميركي الانسحابَ من النووي الايراني، تعرّضَت سندات اليوروبوند اللبنانية في الاسواق العالمية لضغوطٍ أدّت الى تراجعِ أسعارها بنِسبٍ لا يُستهان بها.
ومن ثم جاءت مسألة ارتفاع أسعار الفوائد على الدولار عالمياً، والتي من شأنها ان تزيد منسوب الصعوبات المالية بسبب ارتفاع كلفة الاقتراض في لبنان، بالإضافة الى ارتفاع اسعار النفط، والتي ستؤدي الى زيادة العجز في الخزينة لدعم الكهرباء. وأضيفَت الى هذه العوامل السلبية، قضيةُ العقوبات التي فرَضتها الولايات المتحدة ودول الخليج على كيانات وأشخاص في «حزب الله».
كلُّ هذه العوامل تأتي في توقيتٍ حسّاس، قد يتحوّل كارثةً في حال انعكست أجواء التصعيد على الوضع السياسي، وأدّت الى تأخير ولادة الحكومة الجديدة الموعودة.
الاستحقاق النيابي
في هذه الأجواء، تتكثّف الاستعدادات لإنجاز الاستحقاق النيابي المتمثل بانتخاب رئيس مجلس النواب ونائبه وهيئة مكتب المجلس، لتنطلقَ بعدها المشاورات الرئاسية تمهيداً للتكليف فالتأليف.
وكانت سبحة انطلاقِ ترشيح رؤساء الكتل النيابية للرئيس نبيه بري لرئاسة المجلس النيابي الجديد قد كرّت. فبعدما رشّحه الرئيس نجيب ميقاتي وكتلة «الوفاء للمقاومة»، قال النائب المنتخب طوني فرنجية من عين التينة أمس إنه سيكون أوّل المؤيدين لبري. أمّا تكتّل «لبنان القوي» وكتلة «المستقبل» فسيحدّدان موقفَهما الثلاثاء المقبل.
«بيت الوسط ـ المختارة»
وفيما الإيجابيات تُظلل جبهة «بيت الوسط» ـ معراب، علمت «الجمهورية» أنّ محاولات تجري حالياً لإعادة وصلِ ما انقطع بين «بيت الوسط» والمختارة، يقودها النائبان غطاس خوري ووائل ابو فاعور. وتفيد المعلومات أنّ حواراً بدأ بالفعل عبر الوسيطين لكنّه لم يصل الى نتائج بعد، وأنّ أيّ لقاء بين الحريري والنائب وليد جنبلاط مرتبط بنتائج هذا الحوار.
وفيما تؤكّد أوساط جنبلاطية «أنّ السلوكيات التي رافقت الانتخابات صارت وراءنا»، تلفت إلى «أنّ الحوار ما زال في بداياته والنقاش مستمرّ ويستند الى تجربة السنتين ونِصف للحكومة لناحية الأداء والإنتاجية والعلاقة الثنائية بين الطرفين وتوازن السلطات واتّفاق الطائف». وتذهب الأوساط الى حدّ التأكيد «أنّ هناك موازين قوى جديدة يجب أن تُؤخَذ بالاعتبار خصوصاً خلال مشاورات تأليف الحكومة وأن لا يكون هناك أيُّ تجاوز للقوى التي كرّسَت الانتخابات حيثيتها».
وتشدّد أوساط جنبلاط على «أنّنا لن نقبل الإضعافَ أو التهميش أو المحاصَصة على حسابنا. ونيلُ حصتِنا وفق حجمنا خط أحمر، ولن نقبل بالتنازل تحت أيّ ظرف».
هكذا، وفي حكومة من 30 وزيراً، يطالب جنبلاط، وفقَ أوساطه بثلاثة وزراء دروز يُسمّيهم هو بنفسه، وفي حال المطالبة بوزير درزي من حصتِه سيُطالب جنبلاط في المقابل بوزير غير درزي. أمّا في حكومة من 24 وزيراً فسيتمسّك بوزيرَين درزيَّين، من دون التوقّف عند نوعية الحقائب «لكن بالطبع لن نقبل بالفتات ولن نرضى بوزارات هامشية». (راجع ص 4-5)
قلق على المصير
إلى ذلك، قال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي خلال ترؤسِه اجتماعاً في الصرح البطريركي في بكركي للمؤسسات المارونية، «ينبغي أن نخطوَ خطوةً الى الأمام، فيما شعبُنا يتطلّع الى هذا الكرسي البطريركي، وهو في حال قلقٍ على المصير بسبب الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمعيشية. شعبُنا يعاني البطالة والفقر والحرمان، وشبابُنا وقوانا الحيّة تهاجر وتفرغ الوطن إلى بلدان تحترم الإنسان، وتفسِح له في المجال ليحقّق ذاته، ويُحفّز مواهبَه وقدراته.
وما يؤلم شعبَنا كثيراً هو الركود الاقتصادي في كلّ قطاعات الاقتصاد، لسببين أساسيَّين، بالإضافة الى عدمِ الاستقرار في العالم العربي، وهما: غياب خطة اقتصادية واعية ومسؤولة تؤمّن النموّ، والفساد المتزايد الظاهر في نهبِ المال العام»”.
اللواء:
محاولة رئاسية لتجاوز العقبات.. ووضع الحكومة على سكة التأليف
«القوات» تنافس التيار على نيابة الرئيس .. وباسيل: الأمر في التكتل لي
وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة “اللواء” اللبنانية “على الرغم من ان المسؤولين اللبنانيين المعنيين بإدارة المرحلة المقبلة، التزموا الصمت إزاء العقوبات الاميركية- الخليجية على قيادة حزب الله، فإن سلسلة العقوبات، الذي تصفه مصادر الحزب بالقديم- الجديد- استمر فصولا، إذ قالت الخزانة الأميركية في بيان لها انها فرضت عقوبات على محمّد إبراهيم بزي، الذي وصفته واشنطن بأنه «ممول حزب الله، وعلى ممثّل الحزب في إيران عبد الله صفي الدين».
وأضافت وزارة الخزانة الاميركية أنها أدرجت على القائمة السوداء أيضا مجموعة خدمات الطاقة البلجيكية جلوبل تريدينج جروب وشركة المنتجات البترولية يورو أفريكان جروب ومقرها جامبيا، وعلى ثلاث شركات مقرها لبنان.
وقال وزير الخزانة ستيفن منوتشين في بيان «لا يمكن التغاضي عن الأفعال الوحشية والشريرة لأحد أبرز ممولي حزب الله».
وأضاف «هذه الإدارة سوف تفضح وتفكك شبكات الإرهاب لحزب الله وإيران في كل مكان، بما في ذلك تلك التي لها علاقة ببنك إيران المركزي».
ولئن ارتبطت العقوبات الأميركية بانسحاب الرئيس الاميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي مع إيران، فإن توقيت الخطوة قبل تشكيل الحكومة الجديدة، يضيف عقبات إلى العقبات المحلية القائمة على المطالبة بالحقائب، أو الحصص، في ضوء تشكّل تكتلات نيابية جديدة، فقد اعلن النائب المنتخب طوني فرنجية في عين التنية ان فريقه «بصدد تشكيل كتلة نيابية خاصة، يُمكن ان تؤلف من سبعة نواب ويعلن عنها في اليومين المقبلين».. للمطالبة بمقعد وزاري أو أكثر، في ظل معلومات عن تجاذب بين التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية الذي قرّر عبر النائب المنتخب أنيس نصار الترشح لنيابة رئاسة المجلس مقابل تمسك التيار العوني برئاسة الوزير جبران باسيل بالسعي لانتزاع نائب رئيس الحكومة من «القوات اللبنانية» في الحكومة الجديدة.
وتتفق أوساط بعبدا وعين التنية وصولا إلى بيت الوسط على ضرورة الإسراع بمشاورات تكليف وتأليف الحكومة الجديدة لقطع الطريق على التأثيرات الممكنة لأية تغيرات أو تداعيات في ما خص ما يجري في المنطقة.
وكان لافتا مطالبة الرئيس ميشال سليمان من السراي الكبير بالإسراع بتأليف الحكومة، متمنيا بإعادة تكليف الرئيس الحريري برئاسة الحكومة العتيدة.
وفي تقدير مصادر سياسية، ان العقوبات التي فرضتها الإدارة الأميركية، ومعها المملكة العربية السعودية وبعض دول الخليج، على قيادات كبيرة في «حزب الله»، من بينها أمينه العام السيّد حسن نصر الله شخصياً، قد اضفت مزيدا من الضابية والارتياب عى المشهد السياسي العام في البلاد، مما اثير مخاوف من ان تعقد هذه العقوبات مجددا انطلاقة البلاد نحو وضع أفضل، بعد الانتخابات النيابية التي أقرّ جميع الأطراف بنتائجها رغم الخسارات الكبرى التي أصابت بعض الأطراف.
ولئن بقي «حزب الله» معتصماً بالصمت، ولم يصدر حتى الساعة أي موقف رسمي، عن أي مسؤول لبناني، لاحظت مصادر نيابية في الحزب ان هذه العقوبات ليست جديدة، ولو انها اضافت بعض الأسماء القيادية، وهي لن تؤثر على الحزب بضرر، لكنها قد تُعرّقل الانطلاقة الجديدة للعهد بعد الانتخابات والتوجه قريبا لتشكيل حكومة جديدة، وهي بهذا المعنى موجهة ضد رئيس الجمهورية ايضا وضد الرئيس سعد الحريري المرجح ان تتم تسميته رئيساً لتشكيل الحكومة.
ولفتت المصادر الى ان الاميركيين وحلفاءهم فوجئوا بنتائج الانتخابات النيابية التي اتت بغير ما كان قد تم ابلاغهم به من فوز لحلفاء اميركا والخليج، وبسبب هذه الضغوط سيكون الرئيس الحريري او اي رئيس حكومة مكلّف اخر امام وضع مأزوم نتيجة الضغط الاميركي والخليجي عليه، بحيث انه قد يواجه مشكلة اذا اشرك حزب الله في الحكومة، وفي الوقت نفسه لا يستطيع تشكيل حكومة من دون حزب الله، ما لم يتجاوز المسؤولون اللبنانيون المعنيون بالحلول كل الضغوط.
وفي السياق ذاته، أعربت أوساط قيادية في تيّار المستقبل عن اعتقادها ان الأمور على صعيد تشكيل الحكومة ستصبح بالتأكيد أكثر صعوبة، بعد العقوبات الأميركية والخليجية التي لا يمكن للرئيس الذي يكلف تشكيل الحكومة تجاهلها خلال المفاوضات التي سيجريها، مشيرة إلى أن هذه العقوبات ستدفع حزب الله في المقابل إلى التشدد داخلياً والإمساك بالقرار، باعتبار أنه يرى نفسه الأن في دائرة الضغوطات أكثر فأكثر، وهذا الأمر سيفرض نفسه في عملية التأليف، حيث يريد الحزب أن تكون له حصة وازنة في الحكومة العتيدة، بعد النتائج التي حققها في الانتخابات النيابية، كرد على العقوبات التي تستهدفه.
واشارت إلى أن العقوبات تأتي في سياق الضغوطات التي تُمارس على حزب الله منذ سنوات، وهي بالتالي ليست جديدة، وإن كان الجديد فيها هذه المرة، هو عدم التفريق بين الجناحين السياسي والعسكري، بعدما جرى تصنيفه بالارهابي في مرحلة سابقة، ما يعطي صورة واضحة عن المسار الذي ستسلكه الأمور في المرحلة المقبلة، خاصة بعد انضمام الدول الخليجية ومن بينها الكويت، إلى الدول التي تعتبر الحزب ارهابياً، وهذا مؤشر يعكس بوضوح التوجه الذي ستسير عليه هذه الدول في تعاملها مع الحزب وأدواته، مشددة على أن من مصلحة لبنان الاستمرار في التزام سياسة النأي بالنفس، والعمل على تحصين الساحة الداخلية، بما يعزز الوفاق الداخلي ويطيل عمر التسوية القائمة التي لا يبدو أن أياً من الأطراف السياسية بوارد التخلي عنها.
غير ان مصادر سياسية بارزة، وأن أكدت ان العقوبات سيكون لها تأثير على الوضع الداخلي اللبناني، إلا انها رأت ان لا مصلحة لحزب الله ولا لغيره من القوى التي كانت تسمى قوى 8 آذار، بعرقلة تأليف الحكومة، خصوصا وان هدف الحزب الاساسي هو ان يتمثل في الحكومة ليكون مشاركا بقراراتها ومطَّلعاً عليها، ولفتت إلى ان من هذا المنطلق لن تكون مطالبة الحزب بتوليه حقائب معينة بمثابة عرقلة في تأليف الحكومة، متوقعة ان يُعيد الحزب تسمية الوزير محمّد فنيش لتمثيله في مجلس الوزراء المقبل، بالنظر إلى انه كان ناجحا في مهمته وتميز بهدوئه خلال المناقشات الوزارية واطلاعه على المفات بشكل جيد.
وبحسب هذه المصادر، فإن من شأن تسريع ولادة الحكومة انعكاسات إيجابية على الحزب في المحافل الدولية فيما يتعلق بموضوع العقوبات من خلال المشاورات والاتصالات الخارجية التي يُمكن ان تجريها الحكومة أو المجلس النيابي على الحزب في هذا المحافل، كما فعل الرئيس نبيه برّي في المرحلة السابقة.
التأليف قبل التكليف
وكشفت المصادر السياسية البارزة لـ «اللواء»، بأن كل حركة الاتصالات والمشاورات الجارية، تدور في الوقت الراهن حول مسألة تأليف الحكومة، على اعتبار ان التكليف شبه محسوم للرئيس سعد الحريري.
وأشارت إلى ان الأجواء توحي بأن الجميع يريد تسهيل ولادة الحكومة في أسرع وقت ممكن بالنظر إلى خطورة الأوضاع ودقتها، لكنها في المقابل، لا ترى ولادة للحكومة قبل شهرين بعد تسمية الرئيس المكلف، لا سيما واننا في شهر رمضان المبارك، وفي طبيعة الحال تكون الحركة السياسية محدودة نوعا ما، معتبرة ان الشروط والمطالب العالية السقف من هنا وهناك بالنسبة للحقائب الوزارية ليست مستحيلة، وهي طبيعية، ويمكن معالجتها من خلال الحوار والتوصل إلى توافق حول مجمل المواضيع، وهذا الأمر بدأ يظهر منذ بداية الأسبوع الحالي.
وبالنسبة إلى تمثيل «القوات اللبنانية» في الحكومة المقبلة، لفتت المصادر إلى ان حجم تمثيلها يجب ان لا يتعدى الأربعة وزراء رغم زيادة عدد نوابها، لأن هناك عددا كبيرا من الكتل تطالب ايضا بالتمثيل في الحكومة، مشيرة الى ان «القوات» ممثلة حاليا بأربعة وزراء، لأن الوزير ميشال فرعون كان محسوبا عليه.
وتوقعت المصادر ان يشارك في الحكومة عدد من الكتل أو نواب المعارضة، خصوصا إذا انضووا في كتلة واحدة ينوي تيّار «المردة» تأليفها.
الكتلة الجديدة
تجدر الإشارة إلى ان العمل لتشكيل الكتلة الجديدة قطع شوطاً «الى الامام، بإعلان النائب المنتخب طوني فرنجية من عين التينة بعد لقاء الرئيس نبيه بري امس، اننا بصدد تشكيل كتلة نيابية خاصة يمكن ان تؤلف من سبعة نواب وسيعلن عنها في خلال اليومين المقبلين.
وعلمت اللواء ان النواب السبعة الذين سيضمهم التكتل الجديد مبدئيا هم نواب «المردة» الثلاثة طوني فرنجية وفايز غصن واسطفان الدويهي، ونائب طرابلس المنتخب فيصل كرامي، ونائب الضنية المنتخب جهاد الصمد، ونائب كسروان المنتخب فريد هيكل الخازن، ونائب جبيل المنتخب مصطفى الحسيني. وتجري اتصالات مع الرئيس نجيب ميقاتي واخرين من اجل البحث في امكانية انضمامهم الى التكتل, وسيعقد اليوم لقاء بين الرئيس ميقاتي والنائب سليمان فرنجية لاتخاذ القرار المناسب.
وردا على سؤال حول مااذا كان التكتل سيطالب بحصة وزارية أكبر؟ أجاب فرنجية: بالتأكيد، كنا بحجم معين واصبحنا بحجم آخر، ولقد اختلفت الاحجام. واعتقد انه عندما تختلف الاحجام تختلف الحصص في الحكومات، ولكن علينا ان ننتظر ولا نستبق الامور قبل اوانها.
نائب الرئيس
وعلى صعيد ما يتعلق بانتخاب رئيس المجلس ونائبه وهيئة المكتب يوم الأربعاء المقبل، بدأ النواب المنتخبون بالتوافقد إلى مبنى البرلمان لتسلم مفاتيح مكاتبهم وارقام لوحات سياراتهم والتي بلغ عدد 79 لوحة، في وقت كانت الاتصالات تجري خلف الكواليس تحضيراً لجلسة الانتخاب، حيث بات معلوماً ان النقاش ينحصر فقط في موقع نيابة الرئيس، بما ان الرئاسة محسومة للرئيس برّي.
والظاهر من الاتصالات ان التنافس على منصب نائب رئيس المجلس سيكون محصوراً، على ما يبدو، بين النواب ايلي الفرزلي والياس بوصعب والنائب القواتي أنيس نصار الذي أكد أمس ان ترشيحه ليس مناورة، بل هو موضوع جدي، مشيراً إلى أنه يتكل على نواب ما كان يسمى فريق 14 آذار، أي «القوات» و«المستقبل» والحزب التقدمي الاشتراكي والكتائب وبعض النواب المستقلين.
وكشفت معلومات عن اتصالات تجري مع رئيس السن النائب ميشال أمر متمنية عليه الترشح لمنصب نائب رئيس المجلس، مشيرة الى ان المرّ وضع هذا التمني في عهدة الرئيس برّي، علما انه كان سبق ان أعلن انه سيصوت للاسم الذي يرشحه «تكتل لبنان القوي» (التيار الوطني الحر) باعتبار انه يملك أكبر كتلة نيابية.
وفي هذا السياق، ردّ رئيس التكتل الوزير جبران باسيل على زميله في التكتل النائب شامل روكز الذي كشف عن تسمة الفرزلي بمنصب نائب الرئيس، موضحاً ان التكتل سيجتمع الثلاثاء المقبل للبحث في جملة أمور سياسية ومنها انتخابات رئيس المجلس ونائبه وهيئة مكتب المجلس، حيث سيُصار إلى تحديد موقف التكتل في هذا الخصوص، مؤكداً ان كل ما عدا ذلك من تحليل أو اجتهاد أو تسريب أو تكهن أو موقف يبقى
خارج إطار الموقف الرسمي للتكتل».
سجال جنبلاط – أرسلان
ومع كل هذه التطورات، لم يندمل بعد جرح حادث الشويفات، حيث دار أمس، سجال عبر «تويتر» بين رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط ورئيس الحزب الديمقراطي اللبناني الوزير طلال أرسلان، بدأ عندما غرد أرسلان مذكراً جنبلاط بمؤتمره الصحفي الأخير بأنه سيرد على كل من يتهجم عليه من أحد «الأوباش» عندك، داعياً اياه إلى ان نعيش سوية حافظين كرامات بعضنا لحفظ هذه الطائفة بعيداً عن الفتنة والمهاترات أو نبقى في دوّامة التصعيد والتصعيد المضاد».
ورد جنبلاط عبر «تويتر» أيضاً سائلاً المير عن سبب هذا الاستنفار الدائم واستخدام كلمات لا تليق بالتخاطب، مؤكداً انه لا يرافق من يسميهم أرسلان «بالاوباش». فلنفكر سوية كيف نخلق فرص عمل وكيف ننهي جرح الشويفات بعد تسليم المطلوبين.
لكن أرسلان ردّ مجددا متهما جنبلاط والذي لم يرد عليه بأنه هو من يضيف النّاس، وان كل لبنان يعرف بماذا يصف الدروز والذي قال انه «بخجل بالبوح بها»، مؤكدا بالنسبة لاشتباك الشويفات بأن هناك مسببا ومحرضا هو الذي اشعل الفتنة في الشويفات، وقال: اتمنى عليك ان تضع اصبعك على الجرح من دون محاول إخفاء الأدلة الدامغة والمصورة والتي لا تحمل أي اجتهاد. وشكرا لرحابة صدرك»”.
الاخبار:
غزوة المناقصات
«غزوة» جورج عطية: محاولة السيطرة على إدارة المناقصات
يستميت رئيس التفتيش المركزي جورج عطيّة في محاولة التوسّع في فرض «سلطته» على إدارة المناقصات. الهدف لا ينحصر في «ترويض» المدير العام لإدارة المناقصات جان العليّة الذي رفض تمرير مخالفات صفقة بواخر الكهرباء، بل يكمن أيضاً في وضع اليد على هذه الإدارة التي تعدّ المعبر الوحيد المتفق عليه لكل التلزيمات المقبلة
ليس أمراً عابراً أن يحاول رئيس التفتيش المركزي جورج عطية، فرض سيطرته على إدارة المناقصات من خلال الادعاء بأنه «الرئيس التسلسلي». خطورة هذه الفكرة أنها تكسر استقلالية هذه الإدارة التي تنفّذ التلزيمات العامة، وأنها تأتي بعد اتفاق سياسي على أن تمرّ كل التلزيمات العامة عبرها، وبعد صفقة معامل توليد الطاقة العائمة التي رفض المدير العام لإدارة المناقصات جان العلية تمريرها. السيطرة على هذه الإدارة من قبل أي طرف سياسي هو بمثابة منح حق احتكاري لفريق في السلطة على المشتريات العامة للدولة.
تحذير الرئيس للمرؤوس!
لم تنته فصول الأزمة بين المدير العام للمناقصات جان العلية ورئيس التفتيش المركزي جورج عطيّة، بل تطورّت إلى حرب صلاحيات يسعى من خلالها عطية إلى إعلان سيطرته على عمل إدارة المناقصات. فقد تلقى العلية أمس، تحذيراً خطياً من عطيّة بصفته «رئيساً تسلسلياً»، يتهمه فيه بالإدلاء بتصريحات صحافية ومقابلات إعلامية من دون الحصول على إذن من الرئيس التسلسلي خلافاً لأحكام الفقرة 2 من المادة 5 من المرسوم الاشتراعي 112/59 (نظام الموظفين). ويلمح عطيّة إلى أن العلية يبوح بمعلومات رسمية، من خلال تذكيره بأنه يخالف الفقرة 8 من المادة 15 من المرسوم نفسه لجهة «البوح بالمعلومات الرسمية التي تطلعون عليها أثناء قيامكم بالوظيفة من دون ترخيص خطي من الإدارة». ثم يضيف عطية: «لقد قمتم بمراسلة مراجع رسمية، السيد وزير الإعلام، الوكالة الوطنية للإعلام، بصفتكم الوظيفية في غير المواضيع التي أولاكم إياها القانون وفي مواضيع تتعلق بشخصكم كمواطن الأمر الذي يعتبر استغلالاً لمركزكم الوظيفي لأمور شخصية ويحظره القانون على الموظف. ولما كنتم في عملكم هذا لا تستوحون المصلحة العامة والسهر على تطبيق القوانين والأنظمة النافذة من دون تجاوز أو مخالفة أو إهمال ويجعلكم متمردين على أوامر رئيسكم… ولما كان ما أقدمتهم عليه قد شوّه ويشوّه سمعة التفتيش المركزي التي تنضوي إدارة المناقصات تحت سلطته التسلسلية سنداً لأحكام المادة الأولى من المرسوم رقم 2460/59 (تنظيم التفتيش المركزي)، جئناً بكتابنا هذا نحذركم بعدم تكرار ما تقومون به… تحت طائلة اتخاذ التدابير القانونية المناسبة بحقكم».
قمع التمرّد
إذاً، العليّة يخالف تعليمات رئيسه. عطيّة يحاول أن يتصرّف على أنه الرئيس وأن العلية هو المرؤوس متغافلاً عن النقاش الذي دار قبل فترة في جلسة للجنة الإدارة والعدل النيابية حين وافق أعضاء اللجنة على أن العلاقة بين إدارة المناقصات وهيئة التفتيش المركزي هي علاقة إدارية وليست وظيفية. هذا الحسم جاء في إطار مناقشة اللجنة للتعديلات المتعلقة بقانون المناقصات العامة، لكن عطية أصرّ على التغاضي عن هذه القاعدة والتعامل مع العليّة على أساس الرئيس والمرؤوس. سلوكه قد يوحي بأن الهدف يقتصر على «ترويض» العلية «المتمرّد» على حد تعبير عطية، إلا أن المعطيات المتداولة والمعروفة عن هذه القضية منذ تعيين عطية رئيساً للتفتيش المركزي في آذار 2017، تشير إلى أن الأمر يحتمل أبعد من «الترويض».
الهدف، كما يبدو، يتعلق بالسيطرة على إدارة المناقصات ومنع العليّة عن ممارسة صلاحياته المنصوص عنها في قانون إنشاء إدارة المناقصات وفي قانون المحاسبة العمومية ونظام المناقصات. فالإعلان هو من صلاحية مدير المناقصات، أما دور التفتيش المركزي في علاقته مع إدارة المناقصات فقد حدّدت بوضوح في نظام المناقصات وهي تكاد تكون دوراً أكثر منها صلاحيات، وهو دور منوط بهيئة التفتيش المركزي لا برئيس التفتيش مثل المادة العاشرة التي تشير إلى أن رئيس إدارة المناقصات يختار الموظفين اللازمين لتنظيم ثلاث لوائح: «الأولى بأسماء رؤساء هيئات اللجنة، والثانية بأسماء ممثلي وزارة المالية، والثالثة بأسماء الأعضاء الآخرين، ويعرضها على هيئة التفتيش المركزي لتصديقها، قبل 15 كانون الأول»، والمادة 41 التي تنصّ على أنه: «تحدد إدارة المناقصات بموافقة هيئة التفتيش المركزي كيفية سير أعمال لجان المناقصات في المحافظات وتقديم العروض إليها».
علاقة مكهربة
الرغبة في السيطرة على إدارة المناقصات حكمت العلاقة بين عطيّة والعليّة منذ تعيين الأول في آذار 2017. فهو عيّن باقتراح من التيار الوطني الحرّ لينهي أزمة متفجرة في هيئة التفتيش بين رئيسها السابق جورج عواد والمفتش المالي السابق صلاح الدنف، ولم يكن في بال أحد أنه سيتفرّغ لأمرين؛ إخضاع المفتشين العامين، والسيطرة على إدارة المناقصات. يومها شاءت الظروف أن تحتلّ إدارة المناقصات الأولوية بسبب صدور قرار عن مجلس الوزراء ينقل ملف «استدراج عروض مولدات كهرباء عائمة» إلى هذه الإدارة، بدلاً من فضّ العروض في وزارة الطاقة.
وبصرف النظر عن الشبهات الكثيرة التي حامت حول صفقة مولدات الكهرباء العائمة، فإنه من الثابت، بحسب المطلعين، أن عطيّة لم يجلس على الحياد أبداً. فهو كان يحاول استقاء كل المعلومات الممكنة حول تفاصيل فضّ العروض ودراسة الملف ومسار الصفقة بهدف إطلاع مرجعيته السياسية على مجرياتها. فوجئ عطيّة بالتقرير الصادر عن العليّة بعد دراسته الملف والذي يرفض فضّ العروض المالية بسبب بقاء عارض وحيد. في ذلك الوقت تبيّن للعليّة أن دفتر الشروط ليس متوافقاً مع قانون المحاسبة العمومية وأنه قد أجريت تعديلات عليه بعد إطلاقه، أي جرى التلاعب فيه ما أدّى إلى تأهيل أربع شركات، منها واحدة مؤهلة، وثلاث مؤهلة بشروط! وبحسب أحد الوزراء، فإن عطيّة سمع كلاماً قاسياً من وزير بارز اتهمه بضعف قدرته على «ضبط» العليّة، طالباً منه أن يفرض سيطرته وإلا «فليستقل».
منذ ذلك الوقت اتخذت العلاقة بين عطية والعلية مساراً مختلفاً وبدأت تتأزم شيئاً فشيئاً بالتلازم مع عدم حسم ملف تلزيم معامل الكهرباء. فقد طلب مجلس الوزراء أن تعاد المناقصة وفق شروط جديدة وأن تفتح مهل استقبال العروض وأن تفضّ العروض… لكن في كلّ مرّة كانت النتيجة هي نفسها: بقاء عارض وحيد. وهذه النتيجة لم تكن مرضية للأطراف السياسية التي تتبنّى التلزيم وتدافع عنه أي وزراء التيار الوطني الحرّ وتيار المستقبل، وهو ما انعكس مباشرة على أداء عطية. في تلك الفترة استعملت كل طرق التخويف والتهديد بإقالة العليّة، وبعض هذه الرسائل كانت تمرّ عبر عطيّة، إلى أن عرض أحد وزراء التيار في إحدى جلسات مجلس الوزراء، إقالة العليّة واستبداله.
سيطرة بعد ترويض
وقف وزراء حركة أمل وحزب الله والقوات والمردة بوجه هذا الطرح وفرضوا إبقاء العلية في موقعه لتعود الأزمة إلى مربع عطيّة. كان يجب ترويض وضبط العليّة بأي طريقة، فبدأ العمل على محاصرته إدارياً، تماماً كما حصل مع المدير العام للاستثمار في وزارة الطاقة غسان بيضون. فمنذ حزيران 2017 كان العليّة يرفع كتباً إلى رئيس التفتيش يطلب منه تأمين مكان لجلسات المناقصات، وتأمين بعض الأمور الإدارية واللوجستية لسير العمل، لكنه لم يتلق أي جواب سلبي أو إيجابي. وفي هذا الوقت كانت إدارة المناقصات تضجّ بالنقص الإداري واللوجستي ما يعيق مسار عملها ويؤخر انعقاد جلسات دراسة العروض وفض أسعارها. ورفض القاضي عطيّة تحديد موعد للعليّة إلا بعد مرور شهر على طلبه. العليّة لم يكن يريد شيئاً لنفسه، بل كان يريد حلحلة بعض العقد الإدارية لتسيير المرفق العام.
بقيت الأمور على هذا المنوال لأشهر إلى أن بلغت نقطة الانفجار يوم إجراء تلزيم «أشغال خطّ جمع رئيس للصرف الصحي في قضاء زغرتا». في ذلك اليوم كانت هناك حاجة ماسّة للجنة فض العروض بأن تعمل ضمن غرفة واسعة يمكن أن تتسع للجنة ولنحو 25 عارضاً، إلا ان عطيّة كعادته، لم يوافق على منح إدارة المناقصة الغرفة المطلوبة في مبنى التفتيش المركزي، ما دفع العليّة إلى إصدار قرار يقضي بتأجيل المناقصة.
إدارة المناقصات تتبع إدارياً
لا وظيفياً، لرئاسة التفتيش المركزي
وشكّل تأجيل المناقصة «القشة» التي فجّرت حرب الصلاحيات بين العليّة وعطية. ففي الإعلان الذي نشره العليّة على الوكالة الوطنية للإعلام، قال بوضوح إن التأجيل ناجم عن «امتناع رئاسة التفتيش عن تجهيز إدارة المناقصات بغرفة إضافية لإجراء جلسات فضّ العروض والإصرار على حشرها في ثلاثة أرباع الطابق من المبنى الذي يشغله التفيتش المركزي والمؤلف من أكثر من 10 طوابق، علماً أن رئاسة التفتيش تتجاهل الكتب الخطية الموجهة إليها من شهر حزيران 2017…». ولعبت الوكالة الوطنية دوراً سلبياً أيضاً، لأنها نشرت الإعلان ثم حذفته بطلب من القاضي عطية وأنكرت أن الحذف جاء بطلب منه. هذا الأمر دفع العليّة إلى مراسلة وزير الإعلام طالباً منه إعادة نشر بيان صادر عن إدارة المناقصات بالاستناد إلى قانون حق الوصول إلى المعلومات، إلا أن الوزير لم يستجب للطلب.
العلية أم إدارة المناقصات؟
هكذا انكشفت اللعبة بكل تفاصيلها، وبدا أن محاولة السيطرة على العليّة سياسياً فشلت، ما فرض الانتقال إلى محاولة السيطرة على إدارة المناقصات عبر وضع اليد عليها من قبل رئيس التفتيش المركزي. هذه السيطرة تتطلب أن يكون رئيس التفتيش المركزي رئيساً وظيفياً لإدارة المناقصات، لا رئيساً إدارياً. أما إثبات هذه السيطرة فهو قد يكون سهلاً في ظل وضع انتقالي للسلطة، إذ يكفي توجيه تحذير لمدير المناقصات وإبلاغه بهذا الأمر لتثبيت شرعية الادعاء بالصلاحية. لكن العليّة قرّر مواجهة عطيّة وأصدر بياناً يشير فيه إلى أن رئيس التفتيش المركزي «تجاوز الحدود القانونية، وأصدر تحذيراً يتضمن اتهامات بالتمرد واستغلال المركز الوظيفي، ومخالفة القوانين وغيرها من الصفات التي يعلم الجميع وبوضوح على من تنطبق.
لذلك، فإننا وعملاً بالأصول والقواعد القانونية، سنرد على هذا الكتاب لناحية اختصاص مصدره أصلًا، وصحة مضمونه، وسنده القانوني وفقاً للطرق الإدارية المتاحة، مع احتفاظنا بكامل حقوقنا الدستورية والقانونية».
تعطيل هيئة التفتيش المركزي
قالت مصادر مطلعة إن هيئة التفتيش المركزي لا تزال معطّلة رغم أن تعيين القاضي جورج عطية رئيساً للتفتيش جاء لانهاء أزمة التعطيل التي كان سببها خلافات بين رئيس الهيئة السابق جورج عواد والمفتش المالي السابق صلاح الدنف. فمنذ تعيينه في آذار 2017، لم تعقد هيئة التفتيش سوى بضعة جلسات تكاد تكون بروتوكولية (واحدة بينها كان موضوعها حلف اليمين). وباستثناء الدعوة الموجّة للهيئة إلى الانعقاد اليوم، فإن الهيئة لم تصدر قرارات تتعلق بالملفات المالية والإدارية النائمة في أدراجها. تعطيل الهيئة بحسب بيان صدر عن المفتش المالي السابق صلاح الدنف في أيلول الماضي، مصدره رئيس الهيئة الحالي جورج عطية. يقول الدنف إنه «عندما يقوم الرئيس الحالي بتعطيل اجتماعات الهيئة ويصادر صلاحياتها، يكون مخالفاً لأحكام القانون، وهو المؤتمن عليه وقد أقسم على تطبيقه، كما يكون مغتصباً للسلطة ومنتحلاً للصفة. ما يحاسبه عليهما القانون الجزائي اللبناني. عليه، فإن القانون لا يزال منتهكاً، وعلى نطاق واسع، والفساد لا يزال محمياً على نطاق أوسع».
العين على التلزيمات
ما هو الهدف من السيطرة على إدارة المناقصات؟ الإجابة تكمن في أن كل مشتريات الدولة تمرّ من هناك، لا بل إن تجاوز هذه الإدارة لتحويل المناقصة إلى استدراج عروض أو عقد بالتراضي يتطلب قراراً في مجلس الوزراء تتخذه السلطة السياسية. وهذه الإدارة هي المسؤولة عن تطبيق قانون المحاسبة العمومية ونظام المناقصات الذي يتضمن تعيين لجان المناقصات والتدقيق في الملفات وفضّ العروض وسير الجلسات… محاولة السيطرة على إدارة المناقصات في ظل قرار سياسي بحصر كل التلزيمات العامة فيها، هي عمل ينضوي ضمن منظومة الفساد ومحاولة للفوز بامتياز سياسي ضمن هذه المنظومة.
السعوديون يبقّون البحصة: ارتحنا من نادر
يترابط المشهد، من العراق إلى لبنان، مروراً بسوريا. بعد انتخابات 2009 في لبنان وانتخابات 2010 في العراق، أراد السعوديون في زمن «السين ـــ السين» أياد علاوي في بغداد وسعد الحريري في لبنان. تمسكت طهران بنوري المالكي. لاحقاً، استقال الحريري، فحل مكانه نجيب ميقاتي، خلافاً لإرادة دمشق والرياض، كما في حالة المالكي. في 2018، لن يكون تشكيل حكومة في العراق أو لبنان، بمعزل عن تطورات الإقليم.
كاد وليد البخاري يقولها: الحمدلله تحررنا. لكنه قالها بلغة واقعية معبرة جداً: ارتحنا من نادر.
ثلاث كلمات قالها القائم بالأعمال السعودي في لبنان تختزل كل التحليلات وحبر الكلام وهمس الصالونات المغلقة أو المعلنة. لا يخفي السعوديون، ومعهم الإماراتيون، فرحتهم بإطاحة سعد الحريري ابن عمته نادر الحريري. إطاحة ظالمة بكل معنى الكلمة لرئيس حكومة قرر أن يستجيب لإيحاءات الخارج. أن يُعرّي نفسه في السياسة. أن يُبعد الممسك بمعظم ملفات وريث رفيق الحريري، في الداخل والخارج، منذ 13 عاماً. العلاقة مع حزب الله والتيار الوطني الحر والرئيس نبيه بري وحدها تحتاج «جبلاً» في السياسة، فكيف إذا أضفت إليها ملفات سياسية واقتصادية تبدأ ولا تنتهي. لا يظلم سعد الحريري نفسه وحسب، بل يظلم نادر الحريري معه. ليس انتقاصاً من محمد منيمنة المشهود له بدقته وتفانيه، لكن نادر لم يكن مجرد «مدبر منزل ومواعيد».
منذ أن خرج سعد الحريري من أسره في الرياض، كان متيقناً أن ثمة فاتورة يتوجب عليه دفعها قريباً. ترك له الفرنسيون والأميركيون الهامش الذي طلبه. أن ينجز الانتخابات النيابية. وافقهم الرأي السعوديون والإماراتيون، ولذلك، قرروا عدم التدخل، بصورة فاضحة، طالما أن رجلهم الأول في لبنان، لم يقترب من بعض الخطوط الحمراء، وأبرزها ما يتصل بحزب الله. المداراة السياسية للحريري، استوجبت الإقفال الموقت لحنفية الدعم المالي عن بعض «المتمردين»، فكان أن دفع هؤلاء الثمن في الانتخابات وفي طليعتهم أشرف ريفي الذي بلغ به الأمر قبل أشهر من الانتخابات حد التلويح بتقديم 128 مرشحاً لكل المقاعد النيابية!
الحريري يستدين والسارقون لا يوفرون
غداة الانتخابات بدأت المراجعة. اكتشف الحريري هول ما فعل معظم الفريق الممسك بالانتخابات. الرجل يقترض نحو سبعين مليون دولار أميركي من أحد أبرز المصارف اللبنانية، ويحصّل مبالغ أخرى قد لا تتجاوز العشرة ملايين دولار، من «أصدقاء»، دعماً لمعركته الانتخابية، فماذا كانت النتيجة؟
لم تخل دائرة انتخابية من عورة تنظيمية ـــــ إدارية. للمرة الأولى، في تاريخ الانتخابات النيابية التي يشارك فيها تيار المستقبل منذ أكثر من عقدين من الزمن، ترتفع الشكوى من عدم وجود مندوبين للتيار في عشرات الأقلام. هذه عينة بسيطة. لكن ما هو الاستنتاج؟
يُصر البعض في «التيار» على التعامل مع سعد الحريري بصفته مجرد «بقرة حلوب». هو يستدين أموالاً ليفوز بانتخابات يعتقد أنها «مفصلية» و«تأسيسية»، وهؤلاء يسرقون ويحجبون ويتآمرون. العينات كثيرة. اتخذ الحريري قراره. لا بد من تدفيع كل من كان مسؤولاً عن هذه النتيجة الانتخابية. الأكيد، والأكيد جداً، أن لا علاقة لنادر الحريري بالمجريات الانتخابية. هي مسؤولية شقيقه أحمد بالدرجة الأولى ومعه ماكينة انتخابية وجسم حزبي ممتد من العرقوب حتى وادي خالد.
على مستوى التنظيم، أحدث الحريري الصدمة الإيجابية المطلوبة. الإطاحة برؤوس وتحسس هذا وذاك حد سيف القرارات الآتية، أصاب الجسم الحزبي وجمهور المناصرين، بحالة نشوة واسترخاء. غير أن للأمر تتمة. هنا، لا يبدو سعد الحريري جاهزاً للمحاسبة، وبالتالي، لا بد لمفعول النشوة أن يتبدد يوماً ما، وأن يكتشف الجمهور أن شيئاً لم يتغير، ولو أن الرجل مضى بقرارات، في الشكل، قد تمس بعض المحيطين به وبعض قطاعاته الحيوية، ومنها الإعلام.
يريدون «رأس نادر»
الخطأ الذي ارتكبه سعد الحريري عمداً أو عفواً، هو توقيت الانتخابات لقبول استقالة مدير مكتبه. لا يعني ذلك بأي حال من الأحوال تبرئة نادر الحريري. الأخير، يتحمل المسؤولية الأكبر سياسياً، من موقعه الذي جعله «مايسترو» أو «مهندس» الكثير من التحالفات واللوائح والأسماء، التي لم تغادر سقف خطاب البيال في الذكرى الـ13 لاستشهاد والده رفيق الحريري. في هذا الخطاب، قال سعد الحريري إننا سنخوض الانتخابات على لوائح لتيار المستقبل وبمرشحين من كل الطوائف في كل لبنان. كانت وظيفة نادر الحريري ترجمة تلك الكلمات بالسياسة ووظيفة التيار بماكينته وجسمه التنظيمي الترجمة على الأرض.
هل يكون تكليف الحريري
مقدمة للتأليف أم الاعتكاف
أم الاعتذار؟
خطأ التوقيت لا يبدد حقيقة المضمون. ليس خافياً على أحد أن السعوديين والإماراتيين يريدون «رأس نادر». هم يحملونه مسؤولية مسار باكورته الصفقة الرئاسية، و«مسك ختامه» إدارته لمعركة إخراج ابن خاله من الأسر، إلى حد كسر كلمة محمد بن سلمان، مروراً بالحكومة وقانون الانتخاب والصياغات السياسية التي قرّبت تيار المستقبل من التيار الوطني الحر وأبعدته عن القوات اللبنانية.
التقت مراجعات سعد الحريري، شخصياً، وبلا وسطاء، مع كل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وصهر الرئيس الأميركي جاريد كوشنير (المهتم استثنائياً في هذه الأيام ببعض الملفات الحيوية في لبنان)، عند نقطة محورية، شكّلت الدافع لاتخاذ قرار إقصاء نادر الحريري. قامت واشنطن وباريس بواجباتهما مع «الرئيس المحرر». انتهت «فترة السماح» وعلى سعد الحريري الالتزام بتعهداته. بدا واضحاً أن رئيس الحكومة لا يريد أن يغرف من ماله الشخصي في أي استثمار سياسي في لبنان. الديون الشخصية تتراكم. كلّفته، وفي وقت قياسي، خسارة الكثير مما ورثه ـــــ وبقية إخوته طبعاً ـــــ من والده رفيق الحريري، بدءاً من «سعودي أوجيه» مروراً بـ«بنك البحر المتوسط»، وصولاً إلى الكثير من العقارات والشركات في الخارج.
في الشكل، يبدو سعد الحريري كأنه يريد استنساخ تجربة والده. مستشارون ومكاتب وأجهزة يوفرون لرفيق الحريري يومياً «داتا» ضخمة من المعلومات، وله وحده أن يتخذ القرارات. المصيبة مع سعد الحريري أنه لم يصبح جاهزاً لهذه المهمة. لم يتصالح مع الوقت وفضيلة الاستماع. مع ترتيب الملفات أو تنظيمها، فكيف سينظم حواره مع رئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني الحر ورئيس مجلس النواب وحزب الله ووليد جنبلاط وسمير جعجع وعشرات القيادات؟ ليس المقصود بالسؤال الاستهانة بما اكتسب سعد الحريري ولا بما يحيط به من كفاءات، على قلتها، خصوصاً تلك «المعلنة» منها.
البصمة السعودية ـــــ الإماراتية، في قرار الحريري، لا تترك هامشاً لأي استنتاج آخر. لكن ماذا بعد طي صفحة نادر الحريري الذي عاد ليل أول من أمس إلى بيروت؟
يريد رئيس تيار المستقبل العودة إلى السراي الحكومي «مبارح قبل اليوم». اعتباراته سياسية ومالية وشخصية. ممره الإلزامي، من وجهة نظره، «التطبيع» مع المملكة وحاكمها الحقيقي محمد بن سلمان.
غرفة الرياض… وشيطنة حزب الله
في الشكل، قرر السعوديون أن ينال الحريري ما يريد. حتى الإفطار الذي كان يريد وليد البخاري أن يكون، غداً (السبت)، في السفارة السعودية، «جامعاً لكل الأطياف السنية في لبنان»، بمن فيهم بعض رموز 8 آذار، ممن فازوا في الانتخابات (فيصل كرامي وجهاد الصمد وعبد الرحيم مراد)، تحول إلى إفطار حصري «برعاية رئيس الحكومة»، يكاد يقتصر على رؤساء الحكومات (إذا لبوا كلهم الدعوة)، وعشرات المدعوين، ليس بينهم بالطبع مراد والصمد وكرامي!
أما في المضمون، فإن المكتوب يُقرَأُ من عنوانه. «العقوبات» التي قررت فرضها، «غرفة الرياض»، بشراكة إسرائيلية كاملة، لن تجعل حزب الله يعلن استسلامه، ولكنها خطوة لها سياقها. هل يستطيع الحريري أن يفسر للسعوديين والإماراتيين عجزه عن إدارة ظهره لحزب الله، لا بل حتمية شراكته مع تنظيم «إرهابي» بمعايير السعوديين والأميركيين والإسرائيليين (بالأمس، شملت عقوبات الأميركيين القيادي في حزب الله السيد عبدالله صفي الدين ورجل الأعمال اللبناني محمد بزي)؟ هل يستطيع الحريري أن يتجاهل أن هناك شريحة لا تقل عن أربعمئة ألف لبناني صوتوا فقط لمرشحي «حزب الله» وحلفائهم في معظم الدوائر، هل صار هؤلاء كلهم بمثابة «إرهابيين»؟
للحريري أن يطمئن أن قرار تسميته رئيساً للحكومة بغالبية موصوفة، صار في جيبته، قبل الانتخابات وبعدها. القرار لحزب الله ولو قرر ألا يسميه في استشارات التكليف. لكن هل يمكن أن تتألف حكومة إذا لم تكن محكومة بتوازنات الانتخابات، وأقلها أن ثلث النواب السُنّة، فازوا في لوائح معارضة لآل الحريري، ويحق لهم أن يتمثلوا في أية وزارة جديدة؟
«العقوبات» التي فرضتها
«غرفة الرياض»، بشراكة إسرائيلية،
لن تجعل حزب الله يعلن استسلامه
وإذا كان حزب الله، وبلسان أمينه العام السيد حسن نصرالله، أخذ على عاتقه شخصياً، مهمة محاربة الفساد كأولوية بعد الانتخابات، فإن أولى ترجماتها أن يتمثل بثلاثة حزبيين في الحكومة، وأن تسند إليهم وزارات حقيقية، وأن يكون في صلب كل التعيينات الإدارية مستقبلاً، فهل يمكن أن يخطر على بال سعد الحريري أن تتألف حكومة، من خارج هذه المعطيات؟
تفاهمات الحريري وجعجع لم تكتمل
وإذا كان الحريري، يقترب أكثر فأكثر، من سمير جعجع، الذي يكاد ينافسه في موقع «المعتمد الأول» سعودياً في لبنان، فإن محاولة «تربيطه» بشروط من نوع تلك التي أفاض سمير جعجع في عرضها، في سهرة «بيت الوسط» ليل الثلثاء – الأربعاء الماضي، لن تكون واقعية، خصوصاً ما يتصل منها بالحصص ونوعية الحقائب، فضلاً عن مضمون البيان الوزاري للحكومة الجديدة.
وإذا كان الحريري، يريد أن يحافظ على توليفة جديدة لعلاقته بالعهد، تقرّبه أكثر من العماد ميشال عون، وتوسّع الهامش بينه وبين جبران باسيل (التيار الوطني الحر)، لمصلحة التكيف أكثر مع جعجع وخياراته، في انتظار المزيد من الاختبارات، للتيار الحر ورئيسه، فإن ما أنجز في لقاء «بيت الوسط» بين الحريري وجعجع، لم يبلغ حدود التفاهم الكامل، في انتظار أجوبة متبادلة من الجانبين، ستكون رهن لقاءات لاحقة بينهما من جهة، وبين من سيؤمن التواصل الثنائي (غطاس خوري عن المستقبل وملحم رياشي عن القوات)، من جهة ثانية.
هنا تحديداً، يتبدى سؤال ميشال عون. لماذا بادر باتجاه الرئيس نبيه بري، اتصالاً ودعوة للغداء وتحديد موعد إفطار القصر الجمهوري هذه السنة في الثالث والعشرين من أيار (لضمان حضور بري بصفته رئيساً للمجلس)، وصولاً إلى القول إن الجبهة النيابية العريضة، التي تحدث عنها رئيس المجلس، يمكن أن تشكل رافعةً للعهد وقوة دفع له، خصوصاً في ضوء المضمر سياسياً، للمرحلة المقبلة، حكومة ومجلساً وسياسات؟
من يريد للعهد أن يتآكل رصيده؟
إذا نال سمير جعجع مراده حكومياً، يكون قد ربح أمام جمهوره، وإذا لم يتسنّ له ذلك، فلن تكون هناك حكومة من دونه، أقله من وجهة نظر السعوديين والإماراتيين. وهذه نقطة يدرك الحريري مغزاها ومعناها وتداعياتها، فهل يكون التكليف مقدمة للاعتكاف أو للاعتذار. وفي كلا الحالتين، وبدل أن تشكل حكومة ما بعد الانتخابات «وزارة العهد الأولى»، يقضم مسار التأليف من رصيد العهد ويهز صورته، خصوصاً في الشارع المسيحي، بما يؤدي إلى التأسيس لمسار لن يكون مستبعداً بعده، أن لا تقل كتلة القوات اللبنانية في انتخابات العام 2022، عن عشرين نائباً، على حساب كتلة العهد. وهل يمكن ذلك أن يمنع سمير جعجع من تقديم نفسه «الرئيس الماروني الأقوى والأول»، بالمنطق الذي أسّس له العهد الحالي منذ سنوات حتى الآن؟
هو التنازع ذاته يستمر منذ الصفقة الرئاسية حتى يومنا هذا. سعد الحريري يؤمن بالرهان على ميشال عون وجبران باسيل، وهو كان متفقاً في هذه النقطة تحديداً مع نادر الحريري ومع عمته بهية التي قالت إنه كان الأجدر بنا أن نضع يدنا بيد ميشال عون منذ لحظة عودته إلى لبنان عام 2005 بدل الرهان على أحزاب وشخصيات أثبتت التجارب على مدى 13 عاماً أنها مجرد «ديكورات».
للحريري أن يطمح ولجبران باسيل أن «يغرّد»، ولكن ها هو ميشال عون لا يخطئ خياراته. عينه على الضاحية الجنوبية. لا يريد لأحد أن يكسر كلمته هذه المرة: إيلي الفرزلي هو نائب رئيس المجلس النيابي. يريد أن يحتضن سعد الحريري، ولكنه لا يريد لأحد أن يسجل عليه أنه كان شريكاً في وسم أشرف ظاهرة عرفها لبنان والعرب بـ«الإرهاب».
يريد ميشال عون للتيار الحر أن يكون أكثر رحابةً وأن يستوعب من هم بداخله وأن يفتح النوافذ ويستوعب من خرجوا أو أُخرجوا، فـ«المنتصر»، كلما كان كبيراً كلما اتسعت المساحة للكبار من حوله وضاقت أمام «الصغار» و«المنتفعين» و«الوصوليين». لسان حاله أن ما حققه «التيار الحر» من فوز صاف (18 نائباً حزبياً) إنما جاء من رصيد صحنه السياسي وتضحياته منذ نهاية الثمانينات حتى يومنا هذا. البقية أتت من وهج عهد وتحالفات ومتمولين، وبالتالي، على الجميع، في التيار وخارجه، أن يتواضع. فليس بخطاب تهديد المسلمين «بزمن بشير (الجميل) وكميل (شمعون)»، تكتسب شارعاً، وتحوّله إلى وقود لحرب لا تبقي ولا تذر، وتكون النتيجة هجرة آخر المسيحيين الذين قرروا أن يقاوموا بالصمود في أرضهم وبلدهم.
المصدر: الصحف اللبنانية