تناولت الصحف الصادرة في بيروت نهار الخميس في 17-5-2018 العديد من الملفات المحلية والإقليمية، وجاءت افتتاحياتها على الشكل التالي.
البناء
بعد كلام بولتون عن النموذج الليبي والمناورات… كوريا الشمالية تلوّح بإلغاء القمة مع ترامب
رئيس وفد المعارضة في أستانة: أخطأنا بحمل السلاح والسعي للحلول مكان الحكومة السورية
إبراهيم يفكّك عقد العلاقة بين عون وبري… وحملة تصعيد أميركية خليجية على حزب الله
دولياً وإقليمياً تبدو واشنطن محور التصعيد رغم عدم امتلاكها قرار الحرب، فحيث كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب يأمل أن تكون جائزته الكبرى في النجاح بتفكيك السلاح النووي لكوريا الشمالية عبر التفاوض الذي كان مقرراً في سنغافورة من بوابة القمة التي يفترض أن تجمعه في الثاني عشر من الشهر المقبل بالزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون تكفّلت التصريحات الاستفزازية لمستشاره جون بولتون عن صلاحية النموذج الليبي مع كوريا الشمالية وتزامنها مع المناورات العسكرية المشتركة للجيوش الأميركية والكورية الجنوبية، بإعلان كوريا الشمالية عن إلغاء لقاء وزاري متفق عليه مع كوريا الجنوبية والتلويح بإلغاء القمة مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد هجوم قاسٍ خصصه نائب وزير الخارجية في كوريا الشمالية لمواقف بولتون.
التصعيد الموازي في قلب المواجهة الدائرة حول فلسطين وتداعيات القرار الأميركي بالاعتراف بالقدس عاصمة لكيان الاحتلال، استهدف حزب الله وجلب الأميركيون حكومات الخليج معهم لمواكبة قرارهم بمثله، والقرار بعقوبات مالية تستهدف قادة حزب الله معلوم أن لا قيمة عملية لها أرادت أن تربط موقف حزب الله الداعم للمواجهة التي يخوضها الفلسطينيون بما تقوله العقوبات عن حال حرب معلنة على الحزب.
في الشأن السوري تعمّدت واشنطن الغياب عن لقاءات أستانة، التي شهدت حضور أطياف المعارضة المعنيين وفقاً لتشكيلاتهم المسلّحة، وبدت في موقع رفع التغطية عن الكلام الذي قاله رئيس الوفد المعارض عن خطأ اللجوء للسلاح الذي تورطت به المعارضة وعن لا جدوى سعي المعارضة للحلول مكان الحكومة السورية، ما اعتبره رعاة لقاءات أستانة بالتحول الذي قد يمهد لنجاح جولة مقبلة من التفاوض السياسي في جنيف لا تريده واشنطن ففضلت الغياب.
لبنانياً، وخلافاً لمخاوف التعقيدات التي يمكن أن تشكل فاتحة مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية وامتداداً لما رافقها من تجاذبات وخطاب تصعيدي، أكدت مصادر واسعة الاطلاع لـ «البناء» أن المهمة التي تصدّى لها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم منذ إعلان نتائج الانتخابات لترتيب العلاقات بين بعبدا وعين التينة تبدو وقد تكللت بالنجاح، فجاء لقاء بعبدا الذي جمع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون برئيس المجلس النيابي نبيه بري تتويجاً لخريطة طريق تواكب استحقاقات ما بعد الانتخابات النيابية وصولاً لتشكيل الحكومة والبيان الوزراي مرحلة بمرحلة، بدءاً من انتخابات رئيس مجلس النواب ونائبه ومروراً بتسمية رئيس الحكومة ومصير حقيبة المال ومن ضمنها تسوية ملف الكهرباء العالق الذي أبصر النور بحلّ وسط يقضي بالتمديد للتعاقد مع البواخر لمدة عام، كمثال للتسويات المشابهة في الملفات الخلافية الأخرى، فلا مانع بأن ينال الشيعة حقيبة المال وبشخص الوزير علي حسن خليل من دون الدخول في تثبيت الحقيبة للطائفة، ولا مانع من التصويت لبري رئيساً للمجلس النيابي وللنائب إيلي الفرزلي كنائب له يسمّيه التيار الوطني الحر، واعتماد النسبية في تمثيل الكتل النيابية في الحكومة، وقالت المصادر إن الرئيسين لم يتطرقا لهذه البنود في لقاء بعبدا لأن التفاهمات تمّت في كواليس التحضير لهذا اللقاء الذي بقي ودياً بحصيلة هذا التحضير المكتمل.
السعودية تجمع 14 آذار لمواجهة الأكثرية الجديدة
مع الانحسار التدريجي لعاصفة الانتخابات النيابية التي ضربت لبنان على مدى الأسابيع القليلة الماضية وانتهاء نشوة «الانتصار» التي عاشتها بعض القوى السياسية بدأت مرحلة التطبيع السياسي والحكومي عشية نهاية ولاية المجلس النيابي الحالي وتحوّل الحكومة الى تصريف أعمال. واستناداً الى نتائج الانتخابات والأحجام والأوزان التي أفرزتها الانتخابات والى الكتل النيابية التي تأخذ شكلها النهائي، انطلقت مشاورات التأليف بموازاة ترميم التفاهمات والتحالفات التي تصدعت إثر زلزال 4 تشرين الثاني الماضي وبفعل الانتخابات النيابية.
وإن كانت زيارة رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى بعبدا ولقائه الإيجابي والتأسيسي مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لها مبرراتها الطبيعية وضروراتها السياسية والوطنية وجاءت بقرار ذاتي من الرئيسين، لكن أن تأتي زيارة رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الى بيت الوسط ولقائه رئيس الحكومة سعد الحريري بعد يومين على «حملة التنظيف» داخل «البيت المستقبلي» لا سيما إقالة أو استقالة مدير مكتب رئيس الحكومة نادر الحريري ليست صدفة، علماً أن نادر الحريري من أشدّ المقربين من الرئيس عون ورئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل ومن فريق الداعين والداعمين للتهدئة السياسية مع حزب الله. فهل سياسة الرئيس الحريري المستجدة وخطواته المتلاحقة إزاء تياره ومكتبه ومستشاريه وتجاه حلفاء الأمس تعكس إرادة سعودية تعمل لها السعودية في الخفاء؟
مصادر سياسية لاحظت تغييرات جديدة في تعامل الحريري بدأت بعد الانتخابات النيابية أشبه بتنفيذ شروط خارجية للتمهيد للعودة الى السرايا الحكومي، وأشارت المصادر لــ «البناء» الى الحركة الدبلوماسية الخليجية النشطة التي تلت إعلان نتائج الانتخابات، لا سيما الى معراب، فهل الهدف إعادة تجميع أطراف 14 آذار لا سيما تيار المستقبل والقوات لمواجهة الأكثرية النيابية الجديدة التي يشكلها فريق 8 آذار وتكتل لبنان القوي في القضايا الوطنية الكبرى المتعلقة بالسياسة الخارجية وسلاح المقاومة والبيان الوزاري والعلاقة مع سورية وأزمة النازحين؟
ومع ارتفاع حماوة المشهد الإقليمي وعقب الخطاب الأخير للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي فضح تآمر دول الخليج لا سيما السعودية والبحرين على القضية الفلسطينية وفي ضوء الضغوط الدولية على دول وحركات محور المقاومة لفرض المشاريع الأميركية الإسرائيلية الخليجية في فلسطين، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية أنها «ستفرض عقوبات جديدة على أفراد مرتبطين بحزب الله والعقوبات تستهدف السيد حسن نصرالله ونائبه الشيخ نعيم قاسم وتشمل العقوبات الاميركية أيضاً القياديين بحزب الله حسين الخليل وإبراهيم أمين السيد وهاشم صفي الدين».
وفي توقيت مريب، يعبر عن تبعية سعودية وبحرانية وخليجية عمياء للسياسة الأميركية، صنفت رئاسة أمن الدولة السعودية، عشرةً من قيادات حزب الله في قائمة الإرهاب. كما أعلن وزير خارجية البحرين خالد بن أحمد آل خليفة، أن المملكة بالتعاون مع السعودية أدرجت 10 أفراد وكيانات تنتمي إلى ما يُسمّى مجلس شورى حزب الله على قائمة الإرهاب».
وعاهدت كتلة الوفاء للمقاومة في أول بيان لها بعد الانتخابات النيابية «شعبها الوفي في كل الدوائر الانتخابية والمناطق أن تجهد لحماية البلاد وصون السيادة وفق ثلاثية «الجيش والشعب والمقاومة» وأن تولي القضايا المعيشية والإدارية والاقتصادية والإنمائية الأولوية اللازمة»، وأعلنت الكتلة ترشيحها الرئيس بري لرئاسة المجلس النيابي الجديد، داعية الزملاء الى انتخابه ولانتخاب أعضاء هيئة مكتب المجلس والإسراع في تشكيل الحكومة لأن في ذلك مصلحة أكيدة للبنان وللبنانيين خصوصاً في هذه المرحلة التي لا تتحمّل هدراً للوقت».
«التيار الحر»: ربما نصوّت لبري
إلى ذلك، تتجه الأنظار الى ساحة النجمة التي تشهد انتخاب رئيس جديد للمجلس النيابي ونائب رئيس وهيئة مكتب المجلس في جلسة يدعو إليها أكبر الأعضاء سناً، بحسب النظام الداخلي للمجلس، وهو النائب ميشال المر تُعقد على الأرجح الأربعاء المقبل. وبحسب دستوريين فإن الجلسة تعقد بنصاب الأكثرية العادية التي تتشكل منه المجلس أي 65 نائباً ويتم التصويت على الرئيس ونائبه وهيئة المكتب بالاقتراع السري على أن يفوز من ينال أكثرية الأصوات.
وإن بات فوز الرئيس بري بولاية سادسة بحسب الكتل المؤيدة له أمراً مقضياً، غير أن موقف التيار الوطني الحر وتكتل «لبنان القوي» سيعبّر عن اتجاه العلاقة بين التيار وحركة أمل في المرحلة الجديدة. وقالت مصادر التيار الوطني الحر لـ «البناء» إن «تكتل لبنان القوي سيعقد اجتماعاً خلال الأيام القليلة المقبلة لمناقشة الاستحقاقات الجديدة لحسم خياراته»، ولفتت الى أن «الاتجاه هو التوصل الى تفاهمات سياسية وتوافق يظلل إنجاز هذه الاستحقاقات لا سيما رئاسة المجلس ونائب الرئيس وهيئة المكتب الى جانب وضع تصور أولي لتشكيل حكومة جديدة».
وأبدت المصادر ارتياحها إزاء زيارة الرئيس بري الى بعبدا والإيجابية التي اتسم بها اللقاء مع الرئيس ميشال عون الذي جاء في إطار حالة الاسترخاء السياسي الذي يتطلبها الوضع الداخلي لتمرير الاستحقاقات الحالية للانصراف بعدها لمواجهة الملفات السياسية الحساسة والاقتصادية والمالية». وعن موقف التيار من استحقاق رئاسة المجلس لم تستبعد المصادر التصويت للرئيس بري، إذ إن «التيار لن يعامل حركة أمل بالمثل وليس لدينا قطيعة مع أحد وتجاوزنا المرحلة الماضية لصالح بناء تفاهم مع حركة أمل للمصلحة الوطنية مع مراعاة مطالبنا في عمل المجلس النيابي وفي تشكيل الحكومة المقبلة».
وحول حديث بري عن الوزير باسيل، لفتت المصادر العونية الى «أنها بادرة إيجابية سنردّ عليها بإيجابية»، مشيرة الى أن «ترتيب العلاقة مع أمل يحتاج الى بعض الوقت»، وعن ترشيح القوات النائب أنيس نصار لنيابة رئاسة المجلس، قالت المصادر «للقوات الحق في ترشيح من تريد لنيابة رئاسة المجلس وتطلب ما تشاء من الوزارات في الحكومة، لكن السؤال هل تستطيع الحصول عليها؟ ولفتت الى أننا «سنسعى لمشاركة القوات في الحكومة المقبلة في إطار حكومة وحدة وطنية، لكن في حال تعذّر ذلك وأعاقت القوات تشكيلها بطرح شروط تعجيزية فلسنا متمسكين بحكومة الوحدة، بل حينها نؤيد حكومة أكثرية».
وعن زيارة جعجع الى بيت الوسط لفتت المصادر الى «أن جعجع يريد استلحاق نفسه والتطبيع مع الرئيس المكلف المحتمل، وهو الحريري بهدف المشاركة في الحكومة ويخشى أن يضيع ما يعتبر أنه إنجاز قواتي في الانتخابات». في المقابل تقول مصادر قواتية لـ «البناء» إن «زيارة رئيس القوات الى بيت الوسط هي لإعادة مد الجسور مع الحريري لمواكبة الاستحقاقات المقبلة وجرى التقاطع بين الطرفين خلال اللقاء حول إدارة الحكومة المقبلة للملفات لا سيما أن هناك ملاحظات وعلامات استفهام وضعتها القوات على أداء الحريري في المرحلة السابقة، وأيضاً على ضرورة الالتزام بسياسة النأي بالنفس. وعلى هذا الاساس القوات سوف تسمّي الحريري لتأليف الحكومة». في حين أكدت مصادر رئيس الحكومة لـ «البناء» أن «التفاهم مع القوات قائم أصلاً رغم ما اعتراه من شوائب في المرحة الماضية»، لافتة الى أن «اللقاء لم يبحث في تشكيل الحكومة والحقائب الوزارية، بل في العلاقة بين المكونين».
وتوقف مراقبون عند زيارة جعجع الى بيت الوسط، ولاحظوا بأنها «تصبّ في مصلحة الحريري الذي يحاول استمالة الكتل النيابية قبيل استحقاق التكليف، لا سيما وأن الفارق انخفض بين نواب كتلتي القوات والمستقبل بعدما كانت كتلة المستقبل في العام 2009 نحو 35 نائباً في حين كان عدد نواب القوات لا يتجاوز الثمانية، أما اليوم فأصبحوا 15 والمستقبل لا يتعدّى الـ21 نائباً».
«الاشتراكي»: جنبلاط يسمّي حصة الدروز
وفي سياق عمليات التطبيع القائمة وإعادة التموضع بين القوى السياسية، تترقب الأوساط السياسية تطورات على مسار العلاقة بين الحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المستقبل، حيث من المتوقع أن يسبق الاستشارات النيابية لقاء بين النائب وليد جنبلاط والرئيس الحريري، ولفتت مصادر نيابية اشتراكية لـ «البناء» الى أن «لا مانع من اللقاء بين الطرفين وأن قنوات التواصل لم تنقطع طيلة المرحلة الماضية، رغم الخلافات السياسية والحكومية الحاصلة»، غير أن المصادر أشارت الى أن «تصحيح العلاقة يجب أن يأخذ بعين الاعتبار نتائج الانتخابات النيابية والوزن السياسي للنائب جنبلاط وترجمة ذلك في تمثيلنا في الحكومة بحقائب سيادية الى جانب تغيير تعاطي الرئيسين عون والحريري مع الحزب الاشتراكي في الحكومة». وجزمت المصادر بأن «حصة الطائف الدرزية في الحكومة يحددها الوزير جنبلاط حصراً وهذا أمر خارج النقاش».
مجلس وزراء هادئ
حالة الاسترخاء السياسي انسحبت إلى مجلس الوزراء الذي عقد أمس جلسة في بعبدا برئاسة الرئيس عون وعلى جدول أعمالها 83 بنداً، على أن تجتمع الحكومة مجدّداً الاثنين المقبل لاستكمال جدول أعمالها. وأشار رئيس الجمهورية الى «أن الانتخابات أنجزت، وتحقق ما كان ينتظره اللبنانيون، رغم أن هناك من شكك في إجرائها، وكان قبلاً شكّك في إقرار قانون الانتخابات، وإذا بالقانون يقرّ والانتخابات تتم»، آسفاً لأن «ثمة من يشكك دائما بكل شيء». أما رئيس الحكومة، فأكد أن «الانتخابات في مجلس النواب وما يتبعها هي وفق الأصول والمعايير المتبعة»، مشدّداً على أن «لبنان مقبل على مرحلة جديدة والبلد يحتاج الى هدوء وتوافق ووحدتنا هي الأساس وهي التي تحافظ على هذا البلد». وأقرّ المجلس مشروع مرسوم يرمي إلى الترخيص لمطرانية الروم الأرثوذكس في بيروت بإنشاء جامعة باسم جامعة القديس جاورجيوس في بيروت. وفي وقت أُقرّ بند الكهرباء المتعلق بإنتاج الطاقة من الرياح والبندان الخاصان بالاملاك البحرية في الزوق والشوف، تمّ تأجيل بند الأملاك البحرية في الضبية – زوق الخراب لأسباب تقنية.
ووافق على التمديد لمدة سنة للبواخر المنتجة للطاقة، بعد المفاوضة مع أصحاب البواخر من قبل وزير الطاقة بهدف خفض السعر. وأقر المجلس بند تغذية معامل الكهرباء بالغاز مع تسجيل اعتراض وتحفظ كلّ من وزير التربية مروان حمادة ووزير الصحة غسان حاصباني اللذين طالبا بتحويل الملف الى إدارة المناقصات.
الجمهورية
واشنطن: لإلتزام الحكومة الجديدة «النأي بالنــفس».. ومحاصصة داخلية حتى الرمق الأخير
على رغم الإشارات الإيجابية الأخيرة على خطّي قصر بعبدا ـ عين التينة، و»بيت الوسط» ـ معراب، ظلّ الوضع الاقليمي المتوتر متصدراً واجهة الاحداث بلا منازع، وسط ارتفاع منسوب المخاوف من تفجّرِه اكثر، ما يستدعي عملاً داخلياً حثيثاً لتحصين الجبهة اللبنانية وتأليف الحكومة سريعاً.
…
الاستحقاقات الداخلية
داخلياً، مع اقتراب الاستحقاقات الدستورية التي ستلي نهاية ولاية مجلس نواب الـ 2009 الممدّد له 3 مرات، مساء الإثنين المقبل، تُفتح صفحة جديدة بتسلم المجلس النيابي المنتخب مهمّاته في اليوم التالي، حيث من المقرر أن ينجز أوّل هذه الاستحقاقات، بانتخاب الرئيس نبيه بري رئيساً لمجلس النواب في جلسة سيترأسها النائب ميشال المر في اعتباره اكبرَ الأعضاء سنّاً. والى ان تقترب ساعات الحسم في شأن هذا الإستحقاق ظلّت الاتصالات جارية لحسم الخيارات المطروحة في شأن المرشحين لمنصب نائب رئيس المجلس وسط تعدّد الآراء والمواقف والاسماء. وكشفت مصادر مسؤولة لـ«الجمهورية» انّ رئيسي الجمهورية والحكومة العماد ميشال عون وسعد الحريري اتفقا في لقائهما امس قبيل جلسة مجلس الوزراء على مقاربة الإستحقاقات المقبلة ولا سيّما الحكومية منها في اسرع وقت.
الاستشارات
وأبلغ عون إلى الحريري أنه سيوجّه الدعوة عصر الثلاثاء الى الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس الحكومة الجديدة، وذلك قبل الإفطار الرمضاني الرئاسي السنوي الذي أرجئ الى حين انتخاب بري رئيساً للمجلس مساءً، وبعد انتخاب بري ونائبه في مجلس النواب ظهراً، ووفق برنامج تبدأ مواعيده الأربعاء او الخميس ويمكن ان يمتد ليومين او ثلاثة. وفي حال انتهت هذه الإستشارات الملزمة الى تسمية الحريري لرئاسة الحكومة الجديدة فإنّ الاخير سيدعو بعدها الى استشاراته غير الملزمة التي ستدوم ثلاثة ايام ثم يجري ورئيس الجمهورية جوجلة اولى للمواقف والمطالب الحكومية.
توزيع مغانم
في هذا الوقت، بدا الوزراء وكأنهم يدخلون مرحلة الصوم عن الكلام فاسترسَلوا في نقاش في جلسة مجلس الوزراء امس امتدّ لسِتّ ساعات في بنود عادية وتقنية استظلت الخلفيات السياسية بخجل وظهرت فيها المحاصصة واضحة. وقد صُنّفت الجلسة هادئة قياساً على الجلسات السابقة ولم يخرج فيها الوزراء عن الاطار السياسي الذي رسَمه رئيس الجمهورية في مقاربة الملف الفلسطيني والاقليمي الخطير وفي دعوة اللبنانيين الى البناء على الايجابيات، ورئيس الحكومة في الدعوة الى الحفاظ على البلد «لأننا مقبلون على مرحلة جديدة تحتاج الى الهدوء والتوافق في مواجهة التحديات والغليان الاقليمي وما تشهده المنطقة التي تسير نحو المجهول»، على حد قوله. ولم يتمكن مجلس الوزراء من إنجاز كل جدول الاعمال فقرر عقد جلسة اخيرة قبل ظهر الاثنين المقبل في قصر بعبدا.
وقالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» انّ «ما حصل في الجلسة من اقرار بنود تتعلق بالجامعات والاملاك البحرية والكهرباء هو مشهد فاضح في توزيع المغانم سواء في الاملاك البحرية أو رخص انشاء فروع جامعات او التلزيمات في المطار وحتى في الكهرباء». وفي ملف الاملاك البحرية استغرَبت المصادر «كيف تُدرَج بنود لانشاء مجمعات سياحية جديدة على الشاطئ سبق ورفضتها حكومات سابقة بسبب التجاوزات والقانون الذي اعتُبر في حينه انه يحتاج الى تغيير لأنه يتيح لكلّ من يملك 10 آلاف متر كحدّ ادنى وما فوق ضعفي المساحة لمشروع سياحي من الاملاك البحرية العائدة للدولة». وقالت «انّ مشروع «دريم باي ذا سي» المزمع انشاؤه على شاطىء جونية ومجمع سياحي آخر على شاطىء الناعمة وثالث في ساحل المتن الشمالي ليس سوى تمريرات بين بعض القوى السياسية وخصوصا «التيار الوطني الحر» و«المستقبل».
وكان المجلس قد وافق على انشاء الجامعة الارثوذكسية وفروع لجامعات أُخرى ومدد لباخرتي «فاطمة غول» و»اورهان باي» لمدة سنة خلافا لطلب وزير الطاقة أن تكون لثلات سنوات. ووافق على انشاء 3 محطات للتغويز (استقبال الغاز السائل) في طرابلس وسلعاتا والزهراني مع تحفظ وزراء «القوات». كذلك اقرّ التعديلات على النموذج الاوّلي لعقد شراء الطاقة المنتجة من الرياح مع الشركات الثلاث التي كان قد وافق عليها في تشرين الثاني الماضي.
«القوات»
وأوضَحت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية» أنّ «وزراءها أصرّوا خلال الجلسة في البند المتعلق بمحطات تسييل الغاز، على ان تتمّ المناقصة عبر ادارة المناقصات، فيما اعترض وزير الطاقة سيزار ابي خليل على إحالتها اليها وتمسّك بموقفه أن تتم المناقصة من خلال إدارة المنشآت داخل وزارة الطاقة، وهذه ليست من صلاحيات الإدارة الأخيرة حسب القانون، فيما لو كانت مؤسسة كهرباء لبنان من يتولى المسألة لكان اختلف الحديث، ولكن المناقصة تتم، ويا للأسف، عبر الوزارة، فيما يجب ان تكون من خلال إدارة المناقصات».
وفي موازاة تسجيل وزراء «القوات» والوزير مروان حمادة اعتراضهم وإصرارهم على ضرورة ان تتم عبر إدارة المناقصات، طالبت «القوات» بإدخال تعديلات تتعلق تحديداً بالمهلة الزمنية الموضوعة من الوزير على عشر سنوات والتي اعتبرتها «القوات» طويلة جداً، فتمّ تعديل دفتر الشروط بناء على اعتراضها لجهة ان تحتفظ الدولة بحقها في تخفيض المدة».
أمّا في موضوع توليد الطاقة عبر الرياح وبعدما كان المجلس قد وافقَ على هذا الموضوع سابقاً، طرحه وزير الطاقة مجدداً وأدخل تعديلاً على الشروط الفنية للمناقصات من دون تعديل الأسعار، فيما التعديل بالشروط الفنية يقتضي تخفيض الأسعار، إلّا انّ الوزير لم يعدّل في الأسعار، وعلى أثر ملاحظات وزراء «القوات» وافق الوزير على ان يتفاوض مع الشركات التي ستقدم الى المناقصة على سعر ادنى.
أمّا في موضوع الباخرة «فاطمة غول» فتمّت المطالبة والتشديد على ان يتم التمديد سنة لها، بعدما كان الوزير يريد التمديد لثلاث سنوات، واصرّت «القوات» ان يدخل التمديد لسنة واحدة ضمن الحل الشامل لموضوع الطاقة».
وفي موضوع الأملاك البحرية اشارت المصادر «القواتية» الى اعتراض وزراء «القوات» على منح رخص استثمار لشركات خاصة انطلاقاً من تنظيم قانون الاملاك البحرية الذي ينص في وضوح على انه لا يجب ان تكون هناك املاك بحرية خاصة، وهذا الشرط يجب ان يكون للعموم، خصوصا انّ المطروح هو استثمار هذه الأملاك بواسطة شركات خاصة وبأسعار زهيدة جداً، وعلى رغم اعتراض «القوات» تمّ إمرار ثلاث رخص في جونية والضبيه والناعمة، وذلك على طريقة المحسوبيات لبعض القوى على طاولة مجلس الوزراء».
وذكرت المصادر نفسها انه «على أثر المطالبات الحثيثة لوزراء «القوات» بإقرار الترخيص لجامعة القديس جاورجيوس في بيروت، أقرّ المجلس هذا الترخيص الذي يشكّل قيمة مضافة لبيروت وللصروح الجامعية».
«التيار»
من جهتها، قالت مصادر «التيار الوطني الحر» لـ«الجمهورية»: «الخطابات والاعتراضات على ملفات معيّنة اختفت بعد الانتخابات، والدليل الى ذلك ما حصَل في مجلس الوزراء، إذ إنّ الوزراء الذين رفضوا موضوع البواخر وتوعّدوا بعدم إمرارها او التمديد لها عادوا ومددوا سنة لـ«فاطمة غول»، معتبرين انّه لا يمكنهم البقاء بلا الكهرباء التي تؤمّنها البواخر، ما يدلّ الى انّ كل ما كانوا يقومون به مرتبط فقط بالانتخابات وليس بحاجات المواطنين».
ولفتَت المصادر الى «انّ الوزير سيزار ابي خليل اعترض على طلب بعض الوزراء تجاوُز القانون في موضوع مناقصة استيراد الغاز المسيل الذي يسمح للمنشآت النفطية باستدراج العروض، وذلك بعد مطالبة وزراء «القوات» والوزير حمادة بإحالة عرض دفتر شروط محطات استقبال الغاز الى دائرة المناقصات وتحفّظهم عن إقرار البند المتعلق به».
وفي موضوع توليد الطاقة عبر الرياح وبعد موافقة مجلس الوزراء في جلسته التي انعقدت في ٢/١١/٢٠١٧، أبلغ ابي خليل الى مجلس الوزراء انه «استطاع تحسين الشروط الفنية والتمويلية مع تحسين بالاسعار». وفي المقابل اقتصرت مداخلات وزراء «القوات» على مطالبته بِمَا ابلغ هو مجلس الوزراء انه يقوم به. وأطلع ابي خليل المجلس على طلبه من هيئة ادارة قطاع البترول التحضيرَ لدورةِ التراخيص الثانية التي يُرتقب إطلاقها أواخر سنة ٢٠١٨ أو بداية ٢٠١٩، معتبراً أنه «قرار مهم واستراتيجي لكي تعلم الشركات انّ لبنان مقبل على هذا الاستحقاق لتحضير الموارد البشرية والمالية اللازمة، وقد طلب منه المجلس الاستمرار في التحضيرات اللازمة لهذا الاستحقاق».
لقاء الحريري ـ جعجع
الى ذلك، انشغلت الاوساط السياسية بقراءة مفاعيل لقاء «بيت الوسط» مساء أمس الاول بين الحريري ورئيس حزب «القوات» سمير جعجع. وقالت مصادر «القوات» لـ«الجمهورية»: «طوى اللقاء صفحة التباينات السابقة وفتح صفحة بيضاء جديدة ترتكز على التحالف المشترك بينهما انطلاقاً من العناوين الاستراتيجية الكبرى، وشكّلت الانتخابات النيابية الحد الفاصل بين المرحلة السابقة والمرحلة اللاحقة، ولم يتمّ التطرق الى ايّ من التباينات التي بدأت ربما ما قبل استقالة الحريري وصولا الى الانتخابات. كذلك لم يعاتب أحد الآخر، بل دخل جعجع مباشرة في شرح رؤيته للمرحلة الجديدة وفصّلها بمجموعة عناوين ترتكز الى قاعدة اساسية: وهي ضرورة استعادة الثقة التي لم تستعد بالنحو المطلوب مع الحكومة الحالية التي اتخذت لنفسها عنوان «استعادة الثقة».
وبالتالي يريد جعجع ان تشكّل مرحلة الانتخابات والدينامية الانتخابية صدمةً ايجابية للحكومة ولا يمكن تحقيق ذلك إلّا من خلال:
1 ـ وجوه جديدة في الحكومة توحي بالثقة.
2 ـ فصل النيابة عن الوزارة، فالجمع بينهما لا يسمح بإنتاج حكومي كما يُفترض.
3 ـ وضعُ اهداف عملية وسريعة تحقق تطلّعات الناس بدءاً من حل أزمات الكهرباء والسير وتحقيق وفرٍ اقتصادي ومعيشي وترشيد الوزارات والإدارات لتسهيل معاملات المواطنين.
4 ـ الذهاب في شكل واضح الى ممارسة واضحة المعالم والتشديد على القوانين المرعية والشفافية وإدارة المناقصات بعيداً من ايّ محاولات لتمرير اي مشاريع خارج إطار الشفافية المعهودة.
5 ـ الالتزام بسياسة «النأي بالنفس» لأنها الوحيدة التي اعطت لبنان هذا الانتظام على مستوى المؤسسات، الامر الذي لم يكن قائماً في المرحلة السابقة، وبالتالي ضرورة التشديد على الالتزام بهذه السياسة لترسيخ مزيد من الاستقرار السياسي، وبالتالي الانتظام المؤسساتي وإبعاد لبنان عن سياسة المحاور. كذلك تمّ الاتفاق على وضع آلية تنسيق مستمرة ودائمة وقد تكون شِبه يومية لمواكبة المرحلة الجديدة التي قد تحكم البلاد لفترة طويلة عملياً، وبالتالي يقتضي التأسيس لها بنحوٍ واضح بغية تجسيد تطلّعات الناس وآمالهم.
الاخبار
الأوستراليون بضيافة «محور المقاومة»: «داعش» عائد إلينا!
أكّد وفد حكومي أوسترالي أثناء لقائه «وسطاء» مقرّبين من سوريا وحزب الله، أن هناك نحو 200 إرهابي أوسترالي تخشى الحكومة عودتهم من سوريا إلى أوستراليا. الجلسة التي تقع في خانة تبادل «وجهات النظر» حفلت بالانتقادات للحكومة الأوسترالية، بسبب سياستها المنحازة إلى الأميركيين، فيما وعد الوفد برفع توصيات إلى حكومته لتصحيح ما يمكن تصحيحه
لم تجنِ الدول الأوروبية والغربية التي قطعت علاقاتها الرسمية بسوريا مجاراةً للمواقف الأميركية طوال السنوات الماضية، سوى ارتداد الإرهاب إلى داخلها. وعلى الرغم من استمرار هذه الدول بترداد المعزوفة الأميركية نفسها حيال الدولة السورية وحزب الله في لبنان، بات بعض هذه الدول يبحث عن تمايز في المواقف، إن لم يكن في العلن، هرباً من الإحراج أمام الأميركيين والبريطانيين، على الأقلّ في السرّ، عبر الاتصال بـ«وسطاء» سياسيين وإعلاميين، مقربين من سوريا وحزب الله.
الحكومة الأوسترالية مثلاً، ذهبت بعيداً في الوقوف إلى جانب الأميركيين، عبر الانخراط في «التحالف الدولي» الذي جاء إلى سوريا بذريعة محاربة «داعش»، فانتهى بقصف المنشآت السورية وتدميرها، وتدمير المدن وتشكيل ميليشيات محليّة تنشد تقسيم سوريا، على غرار «قوات سوريا الديموقراطية». ولعلّ أخطر ما قام به «التحالف الدولي»، بمشاركة أوسترالية، كان قصف جنود الجيش السوري في دير الزور في أيلول 2016، في عمليّة مكشوفة، كانت نتيجتها استشهاد مئات الجنود السوريين المحاصرين وقتها من قبل «داعش»، وأدّت إلى سيطرة التنظيم الإرهابي على جبل الثردة بُعيد الغارة، قبل أن يقوم الجيش السوري لاحقاً بحملة فكّ الحصار عن المدينة وطرد الإرهابيين منها.
قبل نحو ثلاثة أسابيع، التقى وفد رسمي من وزارة الخارجية الأوسترالية يضمّ ممثّلين عن السفارة الأوسترالية في لبنان و«البعثة الأوسترالية في الشرق الأوسط»، أحد الوسطاء المقرّبين من سوريا وحزب الله، في لقاء رسمي لتبادل وجهات النظر حيال التطوّرات الأخيرة في المنطقة. جاء اللقاء عقب العدوان الثلاثي الذي شنّته أميركا وفرنسا وبريطانيا، بذريعة استخدام الجيش السوري للسلاح الكيميائي، وجاء الموقف الأوسترالي داعماً للعدوان.
في بداية الجلسة، سمع الأوستراليون تأكيداً لعمق العلاقات بين الشعبين اللبناني والسوري والشعب الأوسترالي، قبل أن يسمعوا انتقاداً واضحاً بسبب الموقف من العدوان، وأنه «يتعارض مع المواثيق الدولية والقيم التي تتغنّى بها أوستراليا»، وأن «مواقف (الرئيس الأميركي دونالد) ترامب تضرّ بالمصالح الأوسترالية»، وأن سوريا لا يمكن أن تفتح الباب أمام التنسيق الأمني ما لم يقترن بعودة العلاقات الدبلوماسية. وحين أشار الأوستراليون إلى أن موقف بلادهم بقطع العلاقات منسجم مع المواقف الدولية، أكّد المضيفون أن «الأميركيين يفعلون شيئاً في العلن ويقومون بنقيضه في السر، وهم يسعون للحوار مع السوريين في القنوات المغلقة، وسوريا هي التي ترفض الحوارات السرية». وطرح المضيفون سؤالاً عمّا إذا كان الأميركيون قد زودوهم بمعلومات وأدلة على استخدام الحكومة السورية الأسلحة الكيميائية لقصف دوما، وما إذا أيدت أوستراليا العقاب قبل التحقيق، فأكّد الأوستراليون أنهم «يؤيّدون تحقيقاً محايداً بشأن القصف الكيميائي»، وأنهم «لا يملكون معلومات عن السبب الذي دفع حكومتهم إلى تأييد الضربة الغربية، والأميركيون قالوا إن أدلتهم على استخدام الكيميائي استخباراتية سرية ولم يصرّحوا عنها، لكنهم متأكدون من أن حكومتهم حاورت الأميركيين، وبناءً على هذا الحوار جرى تأييد الضربة». وأضاف الأوستراليون أن حكومتهم «مستمرة بتقديم الدعم للشعب السوري بموازنة 220 مليون دولار، وهي تسلِّم هذه المساعدات للجهات الدولية المعنية، لكنها لا تعرف أين تصرف هذه المساعدات، أفي المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية أم المعارضة؟».
أكّد الأوستراليون
أن «موازنة دعم الشعب السوري»
تبلغ 220 مليون دولار تقدّم للجهات الدولية
وبدا الأوستراليون مهتمين بالحوار الإيراني التركي الروسي، ومدى انعكاسه على عودة العلاقات بين سوريا وتركيا، وتحديداً بين الرئيس بشار الأسد والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وما إذا كان سيُميَّز بين الإرهابيين في الشرق السوري، وما إذا كانت «آستانا» تدعم «مسار جنيف»، وانعكاس ذلك على الدستور السوري «الجديد».
وفي ما خصّ علاقة الأسد بأردوغان، دلّل المضيفون على أن الأسد استقبل وفداً أرمنياً سورياً من حلب في ذكرى الإبادة الأرمنية، في دلالة على استمرار موقفه من تركيا. وذكّر برفض الأسد المشاركة في قمة إسطنبول الأخيرة، مشدداً على أن «الحكومة السورية تميّز بين الشعب التركي والدولة التركية، وبين النظام التركي وحزب العدالة والتنمية المتطرف، وأن السوريين يشعرون بالغدر من أردوغان»، مؤكّداً أن «الدورين الإيراني والروسي لم ينجحا في إيجاد علاقة إيجابية بين الأسد وأردوغان».
وبالحدث عن إيران، تناول الأوستراليون «موقف إيران الإيديولوجي»، سائلين إن كان الأسد يقلق من هذا الأمر مستقبلاً، ومن أن «إيران تريد محاربة إسرائيل من سوريا، فهل سيرضى الأسد؟». فأجاب المضيفون بأن «الأسد وإيران متفقان على العداء لإسرائيل ومواجهتها، والأسد يستفيد من القوة الإيرانية في حماية سوريا من إسرائيل، وإسرائيل تحتل أراضي سورية لا إيرانية، وبالتالي، يعرف الأسد كيف ينسّق العمل بين حلفائه الصادقين إيران وروسيا والصين وحزب الله مثل قائد أوركسترا. عندما كان الشاه يشرب الفودكا مع الإسرائيليين، كان الأسد الأب يقاتل إسرائيل، والآن هناك تفاهم تام بين الأسد والقيادة الإيرانية حول أدق التفاصيل».
ووجّه المضيفون أسئلة إلى الوفد الأوسترالي عن أحد الإرهابيين الأوستراليين البارزين الذين قتلهم الجيش السوري في عام 2012 (المدعو الشيخ مصطفى المجذوب، وهو متهم بخطف سوريين وقتلهم)، مؤكّدين أن الحكومة الأوسترالية أوفدت ممثلاً عنها للتعزية به، و«هذا الأمر يجعل الشعب السوري ينظر إلى الحكومة الأوسترالية وكأنها داعمة للإرهاب».
دوّن أعضاء الوفد اسم الشيخ واسم الموفد الرسمي الذي عزّى به، وأكدوا أن «الحكومة الأوسترالية لا تدعم الإرهاب، وهي حريصة على الشعب السوري، وأن لديها مشاكل مع إرهابيين يعيشون في أوستراليا ومع بيئة تسلل إليها الفكر الإرهابي».
وطالب المضيفون بـ«التأكد من هذه المعلومات وتقديم اعتذار إلى أهالي الضحايا الذين قتلهم الداعية المجذوب». وسأل المضيفون عن السبب الذي لم يدفع الحكومة الأوسترالية حتى الآن إلى الاعتذار من ضحايا الجنود السوريين الذين استشهدوا في دير الزور، ما دام وزير الدفاع الأوسترالي اعترف بأن الأمر كان ناجماً عن خطأ، فأكد الوفد أنه سيرفع توصية إلى حكومته «بضرورة إرسال رسائل إلى أهالي الضحايا، وسنرفع اقتراحاً بما طرحتموه حول التعويضات».
وأشار المضيفون إلى أن «بعض المؤيدين للحكومة السورية وحزب الله في أوستراليا يتعرّضون للاضطهاد من مؤيدين للإرهابيين ويقوم هؤلاء بحملات إعلامية لتشويه سمعة مواطنين أوستراليين ويدعون الشعب الأوسترالي إلى مقاطعة أعمالهم التجارية ومؤسساتهم»، فما كان من أعضاء الوفد إلا أن دوّنوا الملاحظات، والتأكيد أن هذه المعطيات «ستُرفَع إلى الحكومة للتحقق منها واتخاذ الإجراءات المناسبة بحق المخالفين للقانون، مؤكدين أن في أوستراليا هناك كل الحرية لأي موقف سياسي وأن المعتدين سينالون جزاءهم».
وذكر الوفد الأوسترالي أنه «كان هناك 200 أوسترالي يقاتل مع الجماعات الإرهابية في سوريا، وأن أثر 110 فقط لا يزال ظاهراً على الأرض ولا معلومات كافية عن الآخرين، وهناك خشية من عودتهم إلى أوستراليا». في المقابل، حذّر المضيفون الوفد الأوسترالي من معلومات مؤكّدة عن انتقال إرهابيين إلى الفيليبين وإندونيسيا وماليزيا، بغية تشكيل خلايا إرهابية من آسيويين هناك وتهديد دول المحيط الهادئ وشرق آسيا، وأن هؤلاء سيشكّلون خطراً على أوستراليا مستقبلاً.
التمديد للبواخر سنة واحدة
عقد مجلس الوزراء جلسة أمس وصفت بالمنتجة، أطلع فيها وزير الطاقة سيزار أبي خليل المجلس على الطلب الذي قدمه إلى هيئة إدارة قطاع البترول للمباشرة بتحضيرات إجراء دورة التراخيص الثانية، التي يُتوقع أن تجري مع بداية العام المقبل. وقد طلب منه المجلس الاستمرار فيها وتسريعها.
كذلك تصدى المجلس لاحتمال تأخير تأليف الحكومة المقبلة، فوافق على التمديد للبواخر الحالية لمدة سنة، بعدما كانت وزارة الطاقة قد طالبت بالتمديد لها لثلاث سنوات قابلة للتجديد سنتين، وهو ما رفضه عدد من الوزراء، لما يمكن أن يشكّله من رسالة سلبية تتناقض مع السعي إلى أن تمرّ كل العقود عبر إدارة المناقصات. كذلك كُلّف الوزير أبي خليل التفاوض لخفض السعر.
السعي إلى تعزيز دور إدارة المناقصات لم ينعكس على بند محطات استقبال الغاز السائل. فالمجلس وافق على دفتر الشروط المعد من وزارة الطاقة، على أن تجري المناقصة مديرية المنشآت النفطية في الوزارة. ولم يستجب لملاحظة الوزير غسان حاصباني الذي طالب بأن تُجرى المناقصة في إدارة المناقصات، فسجل اعتراضه على البند، وكذلك فعل الوزير مروان حمادة.
عون: لمقاضاة إسرائيل
وكانت الجلسة قد افتتحت بموقف لبناني من المجزرة التي ارتكبها العدو الإسرائيلي في غزة، فشدد الرئيسان ميشال عون وسعد الحريري على ضرورة «اللجوء إلى المسار القضائي مع المحاكم الدولية للدفاع عن القضية الفلسطينية والقدس».
ورأى الرئيس عون أن «أولى التوصيات الواجب اتخاذها في القمة الاستثنائية لمنظمة التعاون الإسلامي التي دعت إليها تركيا من أجل نصرة غزة، ويمثل لبنان فيها وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، هي سلوك هذا المسار، إذ لا يجوز السكوت مطلقاً عمّا يجري في فلسطين»، واصفاً ما يجري في غزة بـ«المجزرة التي لم يشهد لها التاريخ مثيلاً».
وكان مجلس الوزراء قد وافق على الترخيص لمطرانية الروم الأرثوذكس في بيروت إنشاء جامعة باسم جامعة القديس جاورجيوس في بيروت، ورفض الموافقة على اقتراح القانون الرامي إلى إلغاء الامتحانات الرسمية للشهادة المتوسطة (Brevet). وصدّق المجلس على المخطط التوجيهي العام لتطوير مطار رفيق الحريري الدولي بعد الأخذ بملاحظات وزارة الدفاع. كذلك وافق على رفع الحد الأدنى للرواتب والأجور وتحويل سلاسل رواتب المستخدمين في المؤسسات العامة للمياه والمصلحة الوطنية لنهر الليطاني.
فساد المدارس الخاصة: التفتيش في غيبوبة
يتواصل مسلسل تلاعب بعض المدارس الخاصة باللوائح المرفوعة الى وزارة التربية والتي تتضمن إفادات مزورة وتسجيل طلاب وهميين، فيما لا تبدو مصلحة التعليم الخاص في الوزارة بريئة من «دم هؤلاء الصدّيقين» من التلاميذ ومن التآمر على مستقبلهم
حتى الآن، لم تتحرك أجهزة الرقابة رغم مرور أسبوع كامل على إثارة «الأخبار» لمسلسل تلاعب مدارس خاصة باللوائح الاسمية المرفوعة إلى وزارة التربية، عبر تزوير إفادات وترفيع طلاب راسبين وتسجيل آخرين وهميين لا يداومون في المدرسة لقاء مبالغ مالية كبيرة. يحصل هذا بتبرير من موظفين في مصلحة التعليم الخاص في الوزارة وفتاوى متآمرة على الطلاب وغير ابهة بالاطاحة بمستقبلهم.
في هذه الأثناء، علمت «الأخبار» من أولياء أمور أن بعض المدارس لم تقدم حتى الآن طلبات للحصول على بطاقات ترشيح الامتحانات الرسمية، علما انه لم يتبق اكثر من اسبوعين لموعد الاستحقاق. ومنهم من قال ان بعضها لم يقدم اللوائح الاسمية اصلاً، من بينها مدرسة حملت اسم «الحسام» حلت في المبنى نفسه لمدرسة «يوزرسيف» التي اقفلها وزير التربية السابق الياس بو صعب قبل عامين وصاحبها هو نفسه. ومن المفارقات ان تنشر هذه المدرسة وغيرها إعلانات خادعة عن أنها تضم صفوفا للتعليم المهني بعد الظهر وتمنح كل الشهادات المهنية والتقنية، ليكتشف الباحث عن الموضوع أن مصلحة التأهيل المهني في المديرية العامة للتعليم المهني والتقني مشاركة في حفلة التزوير وتبرر هي الأخرى اعداد الطلاب الوهميين!
وبدلاً من أن يكون التقرير الذي نشرته «الأخبار» (9 أيار الجاري) بمثابة إخبار للتفتيش المركزي والأمن العام للبحث عن مكامن الفساد وإنقاذ الأهالي «المعلقين بحبال الهوا» من أساليب الخداع وسلبهم أموالاً بحجة مساعدة أبنائهم، بات السؤال الدائر في اروقة المصلحة: «من هو مصدر معلوماتنا؟».
منطقة الرمل العالي على طريق المطار تشهد أن ثانوية «الجوهرة» لا تضم 513 تلميذاً كما ورد إلى الوزارة في لوائح المدرسة.
«الفتوى» من التعليم الخاص اتت بأن الطلاب تسجلوا قبل صدور الموافقة الاستثنائية على مباشرة التدريس، وأن الموافقة جاءت بعد منتصف العام الدراسي. لكن، هل يحق أصلاً للمدرسة فتح أبوابها قبل صدور الموافقة على مباشرة التدريس؟ لماذا لم تقم مصلحة التعليم الخاص التي حددت عدد طلاب ثانوية الجوهرة بـ375 طالباً بارسال التفتيش إلى المدرسة، والتأكد من وجود 513 تلميذاً قبل قبول اللوائح؟ الا يعد هذا تواطوأ؟ ولماذا أدرجت أسماء طلاب مدرسة «البيان» في طليا البقاعية على لوائح ثانوية «الجوهرة»، ولماذا الشخص نفسه يتابع ملفات المدرستين في مصلحة التعليم الخاص؟ ولماذا جرى قبول لوائح مدرسة «البيان» بعد انقضاء المهلة القانونية، العام الماضي، من دون ارسال تفتيش للتدقيق في عدد الطلاب؟
الا يستطيع قسم المكننة في المصلحة الذي يكلف اموالا، والهدف من انشائه كشف المخالفات واعطاء رقم لكل طالب، ان يضع لوائح هذه المدارس للسنوات الثلاث الاخيرة تحت المجهر والتدقيق في أسماء الطلاب وكيف ان الطلاب انفسهم الذين يأتون من مناطق بعيدة تدرج اسماؤهم على لوائح مدرسة طليا البقاعية؟
مصلحة التأهيل المهني تبرر أعداد الطلاب الوهميين
اذا كان 513 طالبا يحتاجون بالحد الادنى الى ما يقارب ٢٠ معلما، إضافة إلى المنسقين والنظار، هل يوجد في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي او صندوق التعويضات تصريح عن هذا العدد من الموظفين؟
أليس بامكان فرع المعلومات ومخابرات الجيش التحقق من اسماء طلاب وهميين وما اذا كان آباؤهم يستفيدون من المنح المدرسية بعد ادراج الاسماء على اللوائح والحصول على افادات بالاقساط وتقديمها للمؤسسات الضامنة والمؤسسات العسكرية من جيش وقوى امن؟ ولماذا لا يجري توقيف المرتكبين ومحاسبتهم، وبعضهم ليس تربويا انما لديه مكتب لتعقيب المعاملات باعتراف مسؤولين رسميين؟
المصدر: صحف