ركزت افتتاحيات الصحف المحلية الصادرة اليوم الاربعاء 16 ايار 2018 على الاستحقاقات المقبلة واللقاءات “الاكثر من الممتازة” وتطابق الرؤى على مستوى الرئاستين الاولى والثانية والعمل على تسهيل العقبات واستعجال تأليف الحكومة اللبنانية. واقليمياً ركزت على التطورات الفلسطينية.
* البناء
فلسطين تعزل مندوبة أميركا في مجلس الأمن… وتصعيد تركي «إسرائيلي»… ومطالبات بالتحقيق
تطبيع وربط نزاع بين بعبدا وعين التينة… وبين بيت الوسط ومعراب… وتوتر عوني قواتي
اهتمام «إسرائيلي» بكلام السيد نصرالله عن «ليلة الصواريخ»… والناشف للوقوف مع الانتفاضة الفلسطينية
كتب المحرّر السياسي
الملحمة الفلسطينية بسخاء دماء شهدائها وجرحاها نجحت في التحوّل حدثاً عالمياً أوّل، وبدأت ترسم مساراتها المقبلة، ففي مجلس الأمن الدولي الذي عقد جلسة مخصّصة للأوضاع في فلسطين ومواجهات غزة والإرهاب الصهيوني وحجم الجرائم المرتكبة يوم أمس من قبل جيش الاحتلال، تحوّلت المندوبة الأميركية نيكي هايلي إلى طائر يغرّد خارج السرب، وبدا كلامها من مجاهل التاريخ، كما بدا نقل السفارة الأميركية إلى القدس الذي أريدَ له أن يكون حدثاً طاغياً لمجرد عمل باهت حجبت عنه الأضواء الدماء الفلسطينية، وتحوّلت المطالبات بتحقيق دولي محايد دعوة جامعة تشترك فيها الدول الأوروبية بوجه الممانعة الأميركية، فيما الاتجاه نحو المحكمة الجنائية الدولية فلسطينياً لاقى قبول المحكمة وإعلانها بدء التحقيق، بينما بدأت حركات الرأي العام في أوروبا تستعدّ لتحركات تضامنية فاعلة على إيقاع ما هو آتٍ من مواجهات أعلنت قيادة الحراك الفلسطيني أنّ كلّ يوم جمعة سيكون موعداً لمواصلة مسيرات العودة، وأنّ الخامس من حزيران سيكون موعداً ليوم مليونية ثانية. فيما كان الأبرز على الصعيد السياسي التصعيد في العلاقات التركية الإسرائيلية على خلفية المشهد الفلسطيني وتبادل طرد السفراء، ودعوة تركية لاجتماع طارئ لوزراء خارجية الدول الإسلامية.
لبنان تظاهر تضامناً مع فلسطين بحشد شعبي وسياسي في منطقة قلعة الشقيف المطلة على فلسطين، واكبه موقف لرئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي حنا الناشف بالدعوة لنصرة الانتفاضة الفلسطينية، بينما كان الإعلام الإسرائيلي منشغلاً بفك شيفرة المعادلات التي أطلقها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله حول ليلة الصواريخ، والردع عبر الجولان.
لبنانياً، بدأت التحركات السياسية التمهيدية لملاقاة الاستحقاقات التي تفرضها نهاية ولاية المجلس النيابي الحالي وبدء ولاية المجلس النيابي الجديد. وكان الأبرز لقاءان تميّزا بالتشارك بعنوان التطبيع وربط النزاع الأول جمع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون برئيس المجلس النيابي نبيه بري، والثاني ضمّ رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع.
في اللقاء الأوّل تفاهم على تسهيل إنجاز الاستحقاقات بالتتابع، رئاسة مجلس النواب، فتسمية رئيس حكومة فتشكيل الحكومة، وبقي موقف التيار الوطني الحر من ترشيح الرئيس نبيه بري لرئاسة المجلس غامضاً كموقف الرئيس بري من مرشح التيار الوطني الحر لمنصب نائب رئيس المجلس رغم تمهيده بالإعلان عن أنّ الطبيعي أن تسمّي كتلة التيار الوطني الحر المرشح الأبرز لهذا المنصب فاتحاً الباب لمساعي وسطاء لانتخاب رئيس ونائب رئيس المجلس بالإجماع. كما بقي النقاش حول تركيبة الحكومة الجديدة التي تمّ التفاهم على أنّ رئيسها سيكون الرئيس سعد الحريري، مؤجلاً، كما مصير حقيبة المال التي يتمسك الرئيس بري وحزب الله بإسنادها لوزير شيعي هو الوزير الحالي علي حسن خليل، فيما نقلت مصادر متابعة معلومات تحدّثت عن تفاهم ضمني على هذه العناوين ترك تظهيره لمواعيد الاستحقاقات.
في اللقاء الثاني كسرٌ للجليد بين الحريري وجعجع، وطي لملف الخلاف الذي رافق أزمة احتجاز الحريري في السعودية، ومحاولة لتطبيع العلاقة وفتح النقاش حول الاستحقاقات، لا يبدو أنه وصل لنهايات معينة وتخطى تبادل وجهات النظر، رغم سعي أوساط قواتية لربط خروج نادر الحريري من فريق الرئيس الحريري بمرحلة جديدة من العلاقة بين تيار المستقبل والقوات اللبنانية من جهة، وبين التيار الوطني الحر وكلّ من المستقبل والقوات من جهة مقابلة، في ظلّ توتر واضح لعلاقة القوات والتيار ظهر في تناول ملف النازحين ليعكس كلّ مفردات الخلاف، بقول وزير الخارجية رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل إنّ وزارة الشؤون الاجتماعية لن تؤول للقوات ما لم تتخذ موقفاً واضحاً بدعم سعي العهد لإعادة النازحين إلى المناطق التي دخلت الاستقرار الأمني في سورية.
بري من بعبدا: صفحة متجدّدة لا جديدة
لم تكن زيارة رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى بعبدا أمس، عادية أو بروتوكولية لا في الشكل ولا في التوقيت ولا في المضمون، فهي وإن حملت عنواناً هو التشاور مع رئيس المجمهورية العماد ميشال عون في الاستحقاقات الداهمة كانتخاب رئيس المجلس النيابي ونائبه وهيئة مكتب المجلس وعمل البرلمان الجديد وتكليف رئيس حكومة جديد وتشكيل حكومة، لكنها تجاوزت كل ذلك الى التأسيس لمرحلة جديدة من التعاون والتنسيق المباشر بين الرئاستين الأولى والثانية وليس عبر وسطاء ومكلفين.
وفي الشكل حمل اللقاء الذي دام نصف ساعة بين الرئيسين عون وبري معاني معبرة، إن في حفاوة استقبال عون لرئيس المجلس وإن في استبقائه على مائدة الغداء، حيث استكملا النقاش على مدى ساعة ونصف وتناولا الأطباق الحكومية ما يعبر عن ودٍ شخصي موجود بين الرئيسين، وإن كان الوئام السياسي في بعض الملفات مفقود، لكن اللقاء بالتأكيد سيعمل على توفير عناصر «الكيمياء السياسية» بين الرئيسين في مقبل الأيام.
وفي التوقيت جاءت الزيارة بعد الانتخابات النيابية بما يخالف الاعتقاد السائد عند بعض مَن في الداخل والخارج بأن الجبهة النيابية المنضوية تحت لواء رئيس المجلس ستكون مناوئة للعهد ولرئيس الجمهورية، بل ثبت الرئيس بري بأن الفائض النيابي والسياسي والوطني الذي راكمه عبر العقود والعهود والحكومات والمجالس سيضعه في تصرّف العهد والحكومة لإعادة بناء الدولة ومعالجة الأزمات الحياتية والاقتصادية المتفاقمة.
وأجرى رئيس البرلمان عملية فصل بين بعبدا والرابية وبين العهد وصهر العهد رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل، وإن كان تكتل «لبنان القوي» هو أحد الأعمدة الرئيسية للعهد العوني. وترجم رئيس حركة أمل موقفه عقب صدور نتائج الانتخابات بأنه لن يكون ضدّ العهد بل سيكون من الداعمين له.
وعلى الرغم من إبقاء محضر اللقاء بعيداً عن الإعلام والتصريح المقتضب للرئيس بري عقب مغادرته قصر بعبدا، غير أن بري ضمن تصريحه جملة من الرسائل المشفرة، أبرزها أن الرئيس بري لم يكن في أي يوم أو مرحلة يكنّ العداء السياسي للرئيس عون بقوله إنه لم يفتح صفحة جديدة مع الرئيس عون بل هي صفحة متجددة. أي الدلالة على إيجابية العلاقة بمفعول رجعي يشمل مرحلة الخلاف حول انتخاب الرئيس عون رئيساً للجمهورية وتصويت كتلة بري ضده، كما شملت الخلاف الذي نشب على خلفية مرسوم أقدمية الضباط، كما مدّ رئيس المجلس يده الى بعبدا للتعاون بشأن العمل البرلماني، حيث للرئيس عون عتب على رئاسة المجلس إزاء تعاملها مع مشاريع واقتراحات القوانين والقوانين المقدّمة من قبل نواب التيار الوطني الحر خلال السنوات الماضية.
كما أجرى بري عملية ربط نزاع مع الرابية، لكن من دون إيصاد الأبواب معها إن مارست الرشد السياسي وإعادة تقييم سياساتها تجاه المكوّنات في البلد لا سيما رئيس المجلس وحركة أمل. حيث ردّ بري على سؤال عن علاقته بباسيل بالقول: «أنا أقيم علاقات مع كل شرائح المجتمع، وجبران باسيل من هذه الشرائح».
وإن تركت عين التينة هامشاً وحرية لرئيس الجمهورية بالتصرّف إزاء استحقاق رئاسة المجلس، لكن رئيس المجلس فتح ثغرة يمكن من خلالها التوافق على انتخاب رئيس المجلس ونائبه وهيئة المكتب ضمن سلة واحدة، بما أوحى بأن إحجام كتلة «لبنان القوي» عن انتخاب الرئيس بري لن يؤثر على علاقة الأخير مع بعبدا.
ووصف رئيس المجلس زيارته لرئيس الجمهورية بأنها «أكثر من ممتازة»، وأشار إلى أن «البحث تناول كل المواضيع المستقبلية، خصوصاً عمل المجلس النيابي والمشاريع التي يجب استعجالها والقطاعات التي تجب اعادة الاهتمام بها وتغييرها». وأكد أن «البحث لم يتطرق إلى موضوع الأسماء بالنسبة الى رئاسة المجلس النيابي، ولا الى تفاصيل الحكومة وأسماء الوزراء».
وبعد اللقاء، تحدّث الرئيس بري الى الصحافيين، فقال: «تشرفت بلقاء فخامة الرئيس، ولا اقول إن هناك صفحة جديدة، بل صفحة متجددة لانه أصلاً ومنذ انتخاب فخامة الرئيس، وأنا أبدي الاستعداد للتعاون مع الرئاسة الاولى. الجلسة أكثر من ممتازة، وهذا الكلام ليس إعلامياً، وقد تطرقنا لكل المواضيع المستقبلية من دون الدخول في التفاصيل كموضوع الحكومة وشكلها، انما عمل المجلس النيابي والمشاريع التي يجب استعجالها والقطاعات التي تجب إعادة الاهتمام بها وتغييرها. كان هناك تطابق في الرؤية لهذه الامور، وتبقى العبرة في التنفيذ، وهو ليس على همة فخامة الرئيس فقط، بل على همتنا جميعاً كلبنانيين وهمة وسائل الإعلام التي نتمنى أن تتقي الله وتوفر علينا بعض المشاكل التي تخلقها أحياناً».
وقد اتفق الرئيسان بحسب معلومات «البناء» على إنجاز انتخاب رئيس المجلس النيابي ونائبه وهيئة المكتب في جلسة يحددها رئيس المجلس يليها تحديد رئيس الجمهورية موعد الاستشارات الملزمة في بعبدا لتكليف رئيس لتشكيل الحكومة مع توافق الرئيسين على تكليف الرئيس الحريري لتشكيل حكومة وحدة وطنية بأسرع وقت ممكن دونما تأخير وتعطيل ولم يتم التطرق الى عدد الوزراء والحصص ووزارة المال».
وقالت أوساط بعبدا لـ «البناء» إن «مجرد حصول اللقاء بين الرئيسين يعني بدء مرحلة البحث في التعاون لإنقاذ البلد الذي يعاني من أزمات مزمنة ومستفحلة وخطيرة على مستقبله، وعلى قاعدة الدستور الذي يؤكد فصل السلطات وتعاونها بعيداً عن التعطيل والتكتلات والثنائية والثلاثية والرباعية، ما يعني أن نهجاً جديداً يولد على صعيد العمل السياسي».
وأشارت الأوساط الى أن «الرئيس عون لا يتعاطى مع القيادات والقوى السياسية بحجم أحجامها النيابية وتكتلاتها مع إقراره بأن الرئيس بري وحزب الله حصدا كامل المقاعد الشيعية وبالتالي يمثّلان التمثيل الشيعي، لكن رئيس الجمهورية يتعاطى مع المواقع الدستورية، لأنها تمثل الميثاقية التي يمثلها بري عند الشيعة كما الرئيس سعد الحريري عند السنة، وذلك للعمل لمصلحة الوطن وليس لمصلحة الطوائف أو الأحزاب».
وأوضحت المصادر أن «عملية تشكيل الحكومة ليست وقفاً على رئيس الجمهورية، بل هي عمل مشترك بين مختلف الكتل النيابية والأحزاب والقوى السياسية»، مشيرة الى أن «المواقف التصعيدية والاشتباك السياسي الحاصل هو أمر طبيعي يسبق عملية تشكيل الحكومات بهدف تحصين المواقع التفاوضية، لكسب أكبر من الحصص الوزارية والحقائب السيادية»، لكن المصادر ترى ضرورة تسهيل عملية التأليف من كامل الأطراف، لأن أمام الحكومة الجديدة تحديات هائلة تبدأ بملف النازحين السوريين ولا تنتهي بمواكبة لبنان للتحديات الخارجية ومؤتمرات الدعم الدولي للبنان».
ولفتت مصادر «البناء» الى أن المواقف إزاء انتخاب رئيس المجلس النيابي ونائبه لم تتظهر حتى الآن ولا زالت محل تشاور ونقاش داخل الكتل وبينها وبين الكتل الأخرى، إذ إن أياً من الأطراف لن يكشف أوراقه قبيل جلسة التصويت الذي سيدعو اليها الرئيس بري الأربعاء المقبل، بحسب ما رجحت مصادر نيابية لـ«البناء».
جلسة وداعية للحكومة
الى ذلك يعقد مجلس الوزراء اليوم جلسة وداعية في بعبدا برئاسة الرئيس عون قبيل تحول الحكومة الى تصريف أعمال ونهاية ولاية المجلس النيابي الحالي، ويضم جدول أعمال الجلسة 83 بنداً، أبرزها البنود 79 و80 و81 وتتعلّق بملف الكهرباء، وهي: عرض وزارة الطاقة التعديلات اللازمة على النموذج الحالي الأولي لعقد شراء الطاقة المنتجة من الرياح مع الشركات الثلاث، وهو بند كان المجلس قرّره في 2 تشرين الثاني 2017. الإجراءات الواجب اتخاذها في أسرع وقت لإنقاذ قطاع الكهرباء، وقد تمّ تأجيل بحثها في 26 نيسان الماضي، وعرض دفتر شروط محطات استقبال الغاز السائل .
وعشية الجلسة، التقى رئيس الحكومة سعد الحريري وزير المال علي حسن خليل في بيت الوسط، كما التقى مساء رئيس حزب القوات سمير جعجع، بحضور الوزيرين غطاس خوري وملحم الرياشي. وتمّ البحث في مرحلة ما بعد الانتخابات.
انقلاب قواتي
وبعد انتقاد الوزير باسيل لرئيس حزب القوات سمير جعجع ووزير الشؤون الاجتماعية بيار بو عاصي بالتواطؤ بملف النازحين السوريين، ورفضه التيار الحر إسناد وزارة الشؤون للقوات، ردّ جعجع في بيان يحمل في طياته انقلاباً في سياسته إزاء ملف النزوح بعدما ساهمت «القوات» الى جانب تيار المستقبل في دعم المسلحين السوريين وتوفير الحاضنة والبيئة الآمنة لهم ومنع الجيش اللبناني من تطهير الجرود من تنظيمي داعش والنصرة الإرهابيين لسنوات عدّة، فضلاً عن عرقلة خطط رئيس الجمهورية لإعادة النازحين السوريين الى سورية والتهجم على الدولة السورية ورفض التنسيق مع حكومتها. وقد أكد مصدر مطلع في التيار الوطني الحر «أن التيار لن يقبل بتسليم وزارة الشؤون الى القوات إذا لم يكن هناك التزام بسياسة واضحة من النزوح السوري».
وقال جعجع: «نرفض رفضاً كلياً أي تفكير أو بحث او خطوة باتجاه إبقاء النازحين السوريين في لبنان ولو مرحلياً. إن أول مهمة ستكون امام الحكومة الجديدة هي وضع خطة واضحة لعودة النازحين السوريين الى كل المناطق السورية التي أصبحت خارج اطار الصراع المسلح».
واعتبر باسيل، بعد الاجتماع الأخير لتكتل التغيير والاصلاح، أن «مبدأ أساسياً لنجاح الحكومة المقبلة هو الاتفاق حول موضوع النزوح السوري، فلا حلّ الا بعودة النازحين السوريين الى سورية والاوضاع في بلادهم تسمح ببدء العودة، كما ان الاموال يجب ان تدفع لابقاء المواطن بأرضه وليس لإبقاء النازحين».
في سياق آخر اعتبر رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي حنا الناشف، أن المجزرة الوحشية التي ارتكبها العدو الصهيوني عشية النكبة موقعاً مئات الشهداء والجرحى من المتظاهرين الفلسطينيين العزل، مجزرة يندى لها جبين الإنسانية، ويجب أن تضع العالم أمام مسؤولياته الإنسانية والأخلاقية وأن يتخذ موقفاً حازماً بإدانة العدو الصهيوني الذي يشنّ حرب إبادة ضد أبناء شعبنا منذ اغتصاب فلسطين الى اليوم.
ورأى الناشف، أن الولايات المتحدة الأميركية، عبر دعمها المتواصل للعدو الصهيوني ومن خلال نقل سفارتها الى القدس على خلفية الاعتراف بها عاصمة لكيان العدو، تعلن سقوطها نهائياً من عالم الإنسانية، وبأنها دولة راعية للاحتلال والإرهاب، وتقوّض المبادئ والمواثيق الدولية وتشكل تهديداً للأمن والسلم الدوليين.
وإذ حيّا الناشف شهداء فلسطين وكل شعبنا المنتفض ضد الاحتلال والمتمسك بحق العودة والتحرير، أكد أن صمود شعبنا وبذله الدماء والتضحيات في سبيل الدفاع عن أرضه وحقه، وتمسكه بخيار المقاومة، هو السبيل الوحيد للانتصار على الاحتلال وكل مشاريع التهويد والاستيطان، وعلى تخاذل الأنظمة العربية المطبّعة مع العدو والتي تتآمر لتصفية المسألة الفلسطينية.
«اسرائيل» المحرجة والقلقة تهرب الى الأمام
ولم تمرّ كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أمس الاول، في ذكرى استشهاد القائد الجهادي الكبير مصطفى بدر الدين «ذو الفقار» مرور الكرام على قيادة العدو الاسرائيلي، فما كشفه السيد نصرالله عما حصل في ليلة الصواريخ الشهيرة، أصاب قيادة العدو العسكرية بإحراج شديد أمام الرأي العام الداخلي في «إسرائيل» الذي يثق بقيادة المقاومة وشخص سيّدها السيد حسن نصرالله أكثر من قيادته، فقد رد المتحدّث باسم جيش الإحتلال أفيخاي أدرعي على «تويتر» على خطاب نصر الله. وقال إن «أحاديثه عن ضرب الجولان بالصواريخ كاذبة».
وأوضح خبراء في الشأن «الإسرائيلي» لـ«البناء» أن «قيادة العدو شعرت بنشوة أمام المستوطنين بعدما أعلنت عن تدمير كل القواعد العسكرية الإيرانية في سورية لتأتي الرواية التي عرضها السيد نصرالله لتبدّد الأوهام والأكاذيب الاسرائيلية وتزرع الشكوك لدى الرأي العام الصهيوني تجاه قيادته وداخل قيادة وجيش الاحتلال نفسه، حيث رواية نصرالله مناقضة تماماً للرواية «الاسرائيلية» ما رفع منسوب القلق لدى قيادة الاحتلال من أن يتفلت الرأي العام من يد الاحتلال ويتأثر برواية السيد ما دفع العدو إلى النفي».
ولفت الخبراء الى أن «التعليقات الاسرائيلية خلال اليومين الماضيين هي أقرب الى رواية السيد نصرالله وأبعد عن رواية الاحتلال»، وبيّن الخبراء بأن «المنطقة تشهد تحولات استراتيجية كبيرة من البوابة السورية، حيث يواجه كيان الاحتلال جبهة جديدة من أشدّ الجبهات خطراً على وجوده وقد حذر قادة إسرائيلييون من هذا الخطر منذ العام 2016 وها هم يواجهوه اليوم واقعياً»، ويلاحظ الخبراء بأن «الاحتلال لم يعد يتحدث عن الحرب المقبلة مع جبهة الجنوب اللبناني فقط، بل جبهة الشمال التي تضم لبنان وسورية معاً، حيث إن جيش الاحتلال سيعجز عن التعامل مع الجبهة السورية بعمقها الجغرافي والجيوستراتيجي بما يختلف عن التعامل مع الجبهة مع لبنان. وما يزيد الوضع تعقيداً لديه هو عجزه عن منع إيران من بناء بنى عسكرية في سورية، كالتي بناها حزب الله في جنوب لبنان ما يجعل اسرائيل في مواجهة محور المقاومة برمّته في سورية».
وبرزت مواقف رسمية إيرانية جددت دعم الجمهورية الإسلامية في إيران للبنان، حيث أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني لدى تسلمه اوراق اعتماد السفير اللبناني الجديد لدى طهران ، حسن عباس، أن «إيران ستواصل دعمها للبنان حكومة وشعباً في مواجهة التنظيمات الإرهابية والإجراءات العدوانية للكيان الصهيوني»، مشيراً إلى «أهمية صيانة أمن لبنان واستقراره باعتباره بلداً هاماً في الشرق الاوسط ».
كما أكد امين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني أن «إيران ستقف كما في السابق الى جانب الشعب اللبناني وسيادته النابعة من ارادته، وستبذل كل جهودها لديمومة الاستقرار ومسيرة العزة والشموخ لشعبه».
وفي برقية وجّهها شمخاني، اعتبر أن «توفّر الظروف الآمنة والمستقرّة لإقامة الانتخابات البرلمانية في لبنان بعد توقف طويل، هو حصيلة لتضحيات القوات المسلحة وجهاد مقاومي حزب الله في الكفاح ضد داعش والتيارات التكفيرية والإرهابية وتوفير الأمن لمشاركة أبناء الشعب والفئات اللبنانية لتقرير مصير بلادهم».
* اللواء
توافق على استعجال الحكومة .. واتفاق حول رئيس المجلس ونائبه
برّي فاتح عون بحقيبة المال .. وجعجع يطوي صفحة الخلاف مع الحريري ويتمسك بالمشاركة في الوزارة
15 أيّار 2018، سبعون عاماً على نكبة الشعب الفلسطيني، ملحمة العودة الكبرى، امتدت خارج فلسطين، فلبى أكثر من ثلاثة آلاف لاجئ فلسطيني الدعوة إلى «مسيرة العودة الكبرى» تنديداً بالنكبة، واصراراً على العودة، واحتجاجاً واستنكاراً للقرار الأميركي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وهتف هؤلاء من قلعة الشقيف قبالة الأراضي الفلسطينية المحتلة للقدس، وغزة على وقع الأغاني الوطنية الحماسية.
وفي 15 أيّار 2018، وعلى مرمى أسبوع من انتخاب رئيس المجلس النيابي ونائبه وهيئة مكتب المجلس، زار الرئيس نبيه برّي قصر بعبدا، وبحث مع الرئيس ميشال عون في جلسة أكثر من ممتازة: عمل المجلس، التشريعات، القوانين.
والاهم ما كشفه الرئيس بري من أن الاتفاق تمّ على انتخاب رئيس المجلس وهيئة المجلس من دون الدخول في التفاصيل أو الأسماء، مضيفاً: «لم نتحدث عني وأنا لا طلبت ولا انوعدت».
ولم يغفل رئيس المجلس الذي تنتهي ولايته يوم الاثنين المقبل، الإشارة إلى انه يتعاطى مع شرائح المجتمع، والوزير باسيل من هذه الشرائح.
لكن مصادر مطلعة قالت لـ«اللواء» ليلاً، انه تمّ الاتفاق على تأييد تيّار لبنان القوي للرئيس برّي كرئيس للمجلس، على ان يكون نائب الرئيس من حصة التيار الوطني الحر، ويرجح ان يكون النائب المنتخب الياس أبو صعب.
والحدث السياسي الثاني، قبل جلسة مجلس الوزراء، كان لقاء «غسيل القلوب» في بيت الوسط بين الرئيس سعد الحريري ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، الذي استفاض في إعطاء معلومات في تصريحه بعد اللقاء ان لجهة إبداء رأيه في الحكومة الجديدة، أو انتخاب رئيس المجلس، أو من حجز مكان «للقوات» في الحكومة الجديدة، من دون التوقف عند التمسك بوزارة الطاقة، «واكرر امام الجميع اننا لا نطالب بحقيبة معينة» (والكلام لجعجع)..
وقالت مصادر سياسية ان عملية التأليف أسرع مما هو متوقع، وان البلاد لا تتحمل، وان توافقاً بين كل الكتل حول ذلك، ضمن الأطر الدستورية.
وأشارت إلى ان لا عقبات بارزة وأساسية تواجه التأليف.
ولفتت إلى ان زيارة وزير المال علي حسن خليل إلى السراي الكبير، جاءت في إطار التشاور ووضع الرئيس الحريري في أجواء لقاء عقد بين الرئيسين عون وبري.
لقاء عون – برّي
وإذا كان لقاء الـ40 دقيقة بين الرئيسين عون وبري، وهو الأوّل بينهما منذ حضورهما معاً قدّاس مار مارون في 6 شباط الماضي، لم يكن بمثابة فتح صفحة جديدة بينهما، بل هو عبارة عن صفحات متجدّدة، على حدّ تعبير برّي، فإن الإشارات التي أطلقها رئيس المجلس بعد اللقاء، اوحت ان الرجلين خرجا باتفاق على كل المواضيع التي طرحت، سواء على صعيد انتخابات رئاسة المجلس، أو على صعيد الحكومة الجديدة، بما يؤشر إلى ان انطلاقة المجلس النيابي الجديد وإعادة هيكلة المؤسسات الدستورية، ستكون هادئة وسلسة، يحوطها تطابق في الرؤية والنظرة الى كل الأمور، وان كانت العبرة في التنفيذ ليست فقط على عاتق الرئيسين، بل على همة جميع اللبنانيين، ودائماً بحسب برّي الذي اكد ان اللقاء كان أكثر من «ممتاز»، موضحاً ان «البحث تناول كل المواضيع المستقبلية، خصوصاً عمل المجلس النيابي والمشاريع التي يجب استعجالها والقطاعات التي يجب إعادة الاهتمام بها وتغييرها»، لافتاً «الى ان البحث لم يتطرق إلى موضوع الأسماء سواء بالنسبة الى رئاسة المجلس النيابي ولا الى تفاصيل الحكومة وأسماء الوزراء».
وقال رداً على سؤال «اننا اتفقنا على ان هناك انتخاباً لرئيس المجلس ومكتب المجلس، ولم ندخل في الأسماء سواء بالنسبة لي أو بالنسبة لغيري، وأنا لم أطلب ولم اتلق وعداً».
وعما إذا كان رئيس الجمهورية سيعامله بالمثل في انتخاب رئيس المجلس، قال بري: «هذا حقه إذا اراد».
ومساءً، جدد برّي قوله امام زواره ان زيارته لقصر بعبدا كانت «ممتازة جداً»، وانه «توافق والرئيس عون على تسريع تأليف الحكومة لمواجهة الاستحقاقات»، مشدداً علىانه لم يتم الدخول في الأسماء لا من قريب ولا من بعيد.
الا ان برّي أوضح انه فاتح الرئيس عون بموضع نائب رئيس المجلس، انطلاقاً من انه يحق لتكتل «لبنان القوي» ان يكون له مرشّح لهذا المركز، باعتبار انه يملك كتلة نيابية كبيرة، فأكد له رئيس الجمهورية انه سيبلغه باسم مرشّح التيار لهذا المركز بعد ان يجتمع التكتل.
ومن جهتها، أوضحت مصادر مطلعة لـ«اللواء» ان لقاء عون – برّي اتسم «بالايجابية في كل مفاصلة»، وانه ساهم بنسبة كبيرة في إشاعة أجواء ارتياح، لا سيما بالنسبة للعلاقة المستقبلية بين رئيس المجلس ورئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، باعتباره من «مكونات المجتمع السياسي»، وان المرحلة المقبلة يمكن ان تطوي صفحة العلاقة المتأزمة بينهما، بتأكيد انفتاح برّي على كافة مكونات المجتمع اللبناني.
وقالت المصادر ان البحث تناول الاستحقاقات المقبلة دون الدخول في تفاصيل الأسماء أو الحقائب أو توزيع الوزراء، مشيرة إلى أن برّي عكس مناخاً سياسياً جيداً في ظل انطلاقة عمل البرلمان الجديد، وما يلي ذلك من تكليف رئيس الحكومة وتشكيل الحكومة.
ولفتت إلى ان النقاش لجهة ورشة العمل النيابي المتظرة كان بناء، ونفت ان يكون الرئيس برّي فاتح رئيس الجمهورية بإصرار حركة «أمل» على الاحتفاظ بحقيبة المال.
كما أوضحت ان رئيس مجلس النواب أكّد مجدداً حرصه على الدستور والتزامه به وتأكيده على مقام رئاسة الجمهورية من خلال زيارته لبعبدا والبحث في ملفات المرحلة المقبلة.
مقايضة
وفي تقدير مصادر نيابية متابعة، ان مشكلة من يشغل منصب نائب رئيس المجلس النيابي مرتبطة بالاتفاق على شكل الحكومة وتوزيع الحقائب والاتفاق سلفاً على تسمية نائب رئيس الحكومة، ذلك ان مصادر القوات تؤكد انه اذا بقي المنصب لها فلن تطالب بمنصب نائب رئيس المجلس اما اذا ذهب المنصب للتيار الوطني الحر او «تكتل لبنان القوي» المستحدث بدل «تكتل التغيير والاصلاح»، فأنها ستطرح اسم احد نوابها الارثوذوكس لانتخابه للمنصب والمرجح ان يكون نائب بيروت عماد واكيم.
لكن مصادر «تكتل لبنان القوي» ترى انه من حقه كتكتل نيابي كبير ان يكون منصب نائب رئيس المجلس لأحد نوابه، كما انه من حق «التيار الوطني الحر» كتيار سياسي كبير ان يكون منصب نائب رئيس الحكومة من حقه أيضاً طالما انه سيتمثل في الحكومة، وتضيف: ان منصب نائب رئيس الحكومة يكون عادة من حصة رئيس الجمهورية او ان اختياره يتم بموافقته، فهكذا حصل في كل العهود تقريباً.
وبحسب المصادر المتابعة، فإن الموضوع ما زال عُرضة للنقاش بين الكبار، والقرار بشأنه سيتخذه الرؤساء عون وبري وسعد الحريري، وهو عُرضة أيضاً لما ستسفر عنه الاستشارات النيابية الملزمة، وإلى كيفية معالجة الخلافات بين التيار الحر والقوات اللبنانية حول المنصبين في حال لم يتنازل أحدهما عن منصب منهما.
لقاء الحريري – جعجع
ولم تستبعد بعض المصادر ان يكون هذا الموضوع قد اثير في اللقاء الذي جمع في «بيت الوسط» مساء الرئيس الحريري ورئيس حزب «القوات» سمير جعجع، إلى جانب موضوع العلاقة بين تيّار المستقبل وحزب القوات، ولا سيما وان اللقاء كان الأوّل بين الرجلين منذ القطيعة التي فاقمت الخلافات بينهما على اثر استقالة الحريري في الرياض في تشرين الثاني، من دون ان تنفع الوساطات التي قام بها الوزيران غطاس خوري عن «المستقبل» وملحم رياشي عن «القوات» في إيجاد قواسم مشتركة تعيد وصل ما انقطع بين الرجلين، على رغم «اللقاء اليتيم» بينهما، خلال تدشين جادة الملك سلمان بن عبد العزيز في 3 نيسان الماضي، وشارك في حضوره رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط، علما «ان آخر لقاء بين الحريري وجعجع عقد في معراب في 23 حزيران 2017».
وأوضح مصدر في «القوات» ان جعجع رغب بزيارة «بيت الوسط» برفقة الوزير رياشي، من أجل اجراء حوار سياسي مع الحريري من أجل التفاهم على عناوين سياسية للمرحلة المقبلة، قبل مسألة تكليف الحريري رئاسة الحكومة الجديدة، نافياً ان يكون لدى القوات أي شروط لتسمية الحريري.
وبحسب ما أكّد جعجع بعد اللقاء، الذي تخلله عشاء عمل، في حضور الوزير خوري والوزير السابق باسم السبع، فإن الرئيس الحريري كان مستمعاً لكل ما طرح بالنسبة للحكومة الجديدة، مؤكدا الحاجة إلى مرحلة جديدة كليا، وإلى انطلاقة حكومية جديدة، وإلا فسوف نحصل على نفس النتائج، لافتا إلى أن ما يجمع القوات والمستقبل أكبر بكثير مما يفرقهما.
وقال: «لا شك أن المرحلة الماضية شهدت تساؤلات وتساؤلات مضادة بيننا و»المستقبل» والكلام عن إعتقال الحريري وتقديم «القوات» الشكاوى ضده كلام لا معنى له، والزمن طوى تلك الصفحة. وأنا اليوم هنا بتنسيق ثنائي، فقد حاولنا الوصول الى تصور حول الحكومة الجديدة. وأكرر أن النائب نائب والوزير وزير ولمست هذا الميل لدى الرئيس الحريري».
وكرر جعجع أمام الجميع «أننا لا نطالب بحقيبة معينة».
وعن تفاهم معراب، اردف: «الإتفاق لم ينته، ونشعر بالفرح نتيجة العلاقة الموجودة بين الحريري والعهد، وتفاهمنا مع الحريري يأتي في السياق ذاته، ومكانة الرئيس بري معروفة لدينا منذ السابق وحتى اليوم، وبالسياسة لكل حادث حديث».
وختم: «الحكومة كل لا يتجزأ وإذا لم يتعامل جميع الأفرقاء بالشكل الصحيح لا يمكننا الوصول الى أي مكان».
حقيبة الشؤون
إلى ذلك، دخلت حقيبة الشؤون الاجتماعية التي كانت تتولاها «القوات اللبنانية» بشخص الوزير بيار بوعاصي، في بازار الخلاف على الحقائب الوزارية في الحكومة الجديدة، إلى جانب وزارات الطاقة والاشغال والاتصالات التي تضع القوات عينها عليها، بما يؤشر إلى ان هذه الحقيبة باتت في مصاف الحقائب السيادية الأربع، ولكن هذه المرة من باب علاقة «الشؤون» بملف النازحين السوريين الذي يعتبره التيار الوطني الحر أولوية بالنسبة إليه، على حدّ تعبير رئيسه الوزير جبران باسيل، ويشترط ان تكون عبارة «العودة الآمنة للنازحين» ضمن البيان الوزاري للحكومة، وكأن الشؤون هي التي تتولى رسم سياسة الحكومة حيال النازحين، علماً ان عملها يقتصر على تأمين ايواء هؤلاء وتقديم المساعدات لهم، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، الا إذا القصد من وضع اليد عليها وقف هذه المساعدات، و«تدفيش» النازحين إلى خارج لبنان.
وكان مصدر رفيع في التيار، يعتقد أن الوزير باسيل، قد غمز من قناة ما وصفه بـ «التباس» موقف القوات تجاه النزوح السوري، مؤكدا انه «لن يقبل بتسليم وزارة الشؤون الاجتماعية كما في السابق إذا لم يكن هناك التزام بسياسة واضحة من النزوح السوري».
واستدعي هذا الموقف ردا سريعا من جعجع الذي أصدر بيانا أكّد فيه ان «وضع خطة واضحة لعودة النازحين في كل المناطق السورية التي أصبحت خارج الصراع المسلح ستكون أول مهمة للحكومة الجديدة»، مؤكداً رفضه «لأي تفكير، أو بحث أو خطوة باتجاه إبقاء النازحين في لبنان، ولو مرحلياً، مشيراً إلى ان «لبنان ليس أرضاً من دون شعب».
وفي السياق، علم ان جلسة انتخاب رئيس المجلس ونائبه وهيئة مكتب المجلس ستنعقد رسمياً يوم الأربعاء في 23 أيار، أي بعد يومين من انتهاء ولاية المجلس الحالي، وسيوجه رئيس السن النائب ميشال المرّ الدعوات يوم الاثنين المقبل، عند تسلمه مهامه لدى بدء ولاية المجلس الجديد.
مجلس الوزراء
على صعيد آخر توقعت مصادر وزارية أن تكون جلسة مجلس الوزراء اليوم جلسة القرارات قدر المستطاع وان هناك رغبة في تمرير الملفات المؤجلة قبل أن تتحول إلى حكومة تصريف الأعمال .
ولفت وزير الطاقة سيزار أبي خليل الى ان الأجواء طبيعية بالنسبة لملفات الكهرباء التي سيطرحها اليوم الا إذا كانت هناك نوايا سلبية تريد تعطيل اتخاد القرارات، كاشفاً بأن مسألة البواخر ما زالت مطروحة، وان وزارته تلقت عرضاً باستجرار الطاقة من سوريا مع تعديل طفيف جداً في الأسعار، الا ان خطوط النقل لا تسمح الا باستجرار 276 ميغاوات من سوريا، علماً ان ثمة حاجة إلى طاقة أكبر، خصوصاً والبلاد مقبلة على فصل الصيف.
وتوقعت المصادر أيضاً ان لا يمر اقتراح إلغاء الشهادة المتوسطة «البريفيه» في المجلس اليوم للاعتبارات التربوية التي شرحها وزير التربية مروان حمادة علماً ان الاقتراح كان تقدّم به النائبان سيرج طور سركيسيان ونديم الجميل قبل سنتين، ولم تتم الموافقة عليه في حينه.
تجدر الاشارة إلى ان الملحق الذي وزّع على الوزراء وتضمن 9 بنود، بحسب ما أشارت إليه «اللواء، أبرزها طلب وزارة الاشغال نقل اعتماد إلى موازنة المديرية العامة للطيران المدني، وتحديد مراكز معالجة النفايات المنزلية وتطويع تلامذة ضباط.
* الجمهورية
إيجابيات تسبق الإستحقاقات.. وبرّي لـ«الجمهورية»: إتفقنا على استعجال التأليف
تلاحقت الإيجابيات على مسافة أيام من انتخاب مجلس النواب المنتخب رئيسَه المنتظر أن يكون الرئيس نبيه بري بلا منازع، لتنطلق بعدها العملية الدستورية بانتخاب نائب رئيس المجلس وهيئة مكتبه، ثمّ الانطلاق إلى عملية التكليف والتأليف الحكومي، فلبّى بري نهاراً دعوةَ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى لقاءٍ هو الأوّل بينهما بعد الانتخابات النيابية، وتخلله غداء في قصر بعبدا وساده «تطابُق في وجهات النظر» و»كان جيّداً مئتين في المئة» على حدّ قول بري، فيما لبّى رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع مساءً دعوة رئيس الحكومة سعد الحريري إلى لقاء في «بيت الوسط». ورأى مراقبون أنّ هذه الإيجابيات إذا تلاحقت في الأيام المقبلة على مستويات أخرى أيضاً، فإنّها ستؤدي إلى تجاوز هذه الاستحقاقات بسلاسة وهدوء.
على مسافة أيام من بدء ولاية مجلس النواب الجديد وتحديد الجلسة الأولى لمجلس النواب الجديد مبدئياً في الثالث والعشرين من الجاري، برزت أمس زيارة بري لقصر بعبدا واجتماعه مع عون في لقاء هو الاوّل بينهما بعد الانتخابات النيابية.
وقال بري لـ«الجمهورية»: «اللقاء كان جيّداً مئتين في المئة وتفاهَمنا على ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة وتذليل كلّ العقبات لتسهيل ولادتها، وذلك لمواجهة الاستحقاقات الداخلية والخارجية». وجزَم برّي بأنّ اللقاء لم يتطرق الى تشكيل الحكومة والحصص والحقائب والأسماء، مكرراً التأكيد أنه يؤيّد تأليف حكومة وفاق وطني وأنّ هذا ما ينصح به. وأكد أنّ عون لم يعطِه اسمَ نائب رئيس مجلس النواب في انتظار اجتماع «تكتّل لبنان القوي» وتسميته.
وكان بري قد أكد من قصر بعبدا، أنّ اللقاء «أكثر من ممتاز»، متحدثاً عن «تطابق في وجهات النظر»، وقال: «منذ انتخاب الرئيس عون وأنا أبدي الاستعداد والتعاون مع الرئاسة الأولى». وأوضَح أنّهما تطرّقا إلى «كلّ المواضيع المستقبلية من دون تفاصيل، وكان هناك تطابُق في الرؤية والنظرة للأمور، والعبرة في التنفيذ». وأضاف: «إتّفقنا على أنّ هناك انتخاباً لرئيس مجلس النواب وهيئة مكتب المجلس ولم ندخل في قضية الأسماء ولم أطلب ولم أتلقَّ وعداً ولم ندخل في تفاصيل أسماء الوزراء في الحكومة الجديدة».
وعن العلاقة مع الوزير جبران باسيل، قال بري: «أتعاطى مع كلّ شرائح المجتمع وباسيل واحد منها».
وقالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» إنّ اللقاء بين عون وبري كان تدشيناً لمرحلة جديدة في العلاقة بينهما، على قاعدة أنّ ما مضى قد مضى. ورأت المصادر أنّ عون مِن خلال دعوته بري الى اللقاء وتناوُل الغداء الى مائدته، «أعطى إشارةً إلى رغبته في طيّ صفحة الانتخابات وما رافقها من توترات وتجاذبات، وقد تلقّفَ بري هذه الإشارة وردّ على التحية بأحسن منها عبر تصريحِه الإيجابي في القصر الجمهوري».
ولفتَت المصادر الانتباه إلى «أنّ إعادة تفعيل العلاقة بين رئيسَي الجمهورية والمجلس تندرج أيضاً في إطار تحضير بيئة ملائمة للخوض في المفاوضات المتعلقة بتأليف الحكومة الجديدة بعد انتخاب رئيس المجلس النيابي المنتخب». واعتبَرت المصادر «أنّ مِن المفترض مبدئياً أن يفضيَ هذا المسار من الإيجابيات المتبادلة بين عون وبري إلى تصويت «تكتّل لبنان القوي» برئاسة الوزير جبران باسيل على انتخاب بري في رئاسة المجلس النيابي لولاية جديدة».
مصالحة مع برّي
وعلمت «الجمهورية» من قريبين من قصر بعبدا أنّ عون كان قد أبلغ إلى البعض أنه ماضٍ في المصالحة مع بري وأن لا عودة إلى الوراء في علاقتهما وأنه يعوّل على مرحلة جديدة من التعاون بينهما في كلّ الملفات وفي العمل النيابي والحكومي. ولم تستبعِد المصادر أن يذهب عون في هذه الإيجابية إلى حدّ الطلب من «التيار الوطني الحر» التصويتَ لبري في جلسة انتخاب رئيس المجلس، أو تركِ الخيار مفتوحاً داخل «التكتّل».
جعجع في «بيت الوسط»
وفي هذه الأجواء، عقِد لقاء لافت ومفاجئ مساء أمس في «بيت الوسط» بين رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع هو الاوّل بينهما منذ أزمة استقالة الحريري من الرياض في 4 تشرين الثاني من العام الماضي وما تبعَها من ذيول وتوتّر في العلاقة بين «القوات» وتيار «المستقبل». ويأتي هذا اللقاء بعد الانتخابات النيابية التي لم تحصل تحالفات فيها بين الفريقين باستثناء دائرتَي بعلبك ـ الهرمل وعكار. كذلك يأتي في خضمّ التحضيرات الجارية للاستحقاقات النيابية والحكومية، خصوصاً وأنّ جعجع قال في مقابلته المتلفزة الأخيرة إنّه رهن تسمية الحريري بشروط سياسية يتفق عليها مسبقاً.
وتناوَل اللقاء بين الحريري وجعجع، الذي حضَره الوزيران غطاس خوري وملحم رياشي والوزير السابق باسم السبع، الأوضاعَ السياسية العامة في البلاد وآخِر التطورات.
وقال جعجع بعد اللقاء إنه أبدى رأيه بالنسبة للحكومة الجديدة وإنّ الحريري كان مستمعًا، «وقلتُ إننا نحتاج الى انطلاقة جديدة»، وأكّد الحاجة الى «وجوه جديدة ونمطِ عملٍ جديد، وإلّا سنحصل على النتائج نفسِها». وشدّد على «أنّ ما يجمعنا مع تيار «المستقبل» أكبر بكثير ممّا يفرّقنا». وقال: «الكلام عن اعتقال الحريري وتقديم «القوات» الشكاوى ضده كلام لا معنى له، والزمن طوى تلك الصفحة». وشدّد على أنّ تفاهم معراب لم ينتهِ، وأوضَح أنّ «القوات» لا تطالب بأيّ حقيبة وزارية «إنّما أن نتمثّل بمقدار تمثيلنا الشعبي».
فتفت
وفي سياق متصل قال النائب المنتخب في كتلة «المستقبل» سامي فتفت لـ«الجمهورية»: «إنّ أفضل سيناريو للمحاسبة والإنتاجية هو تشكيل حكومة معارضة، لكنّ الواقع في لبنان يفرض علينا تشكيلَ حكومة وحدة وطنية مع استراتيجية دفاعية تُرضي الجميع ولا تمسّ بكرامة أحد». ولاحَظ «خطاباً تصعيدياً لدى كلّ الاحزاب حيال موضوع توزيع الحقائب الوزارية»، وقال: «مِن حق كلّ طرف أن يطالب بالحقيبة التي يريدها، لكنّ خطاب فرضِ الحقائب سيؤخّر تشكيلَ الحكومة وسينعكس ضرَراً على الجميع». لافتاً إلى «أنّ كتلة «المستقبل» هي الوحيدة «أم الصبي» ولم تعتمد هذا الخطاب، فيما يبدو وكأنّ الجميع يفرض الحقائب فرضاً، لذلك عليهم مغادرة هذا الخطاب التصعيدي والجلوس معاً للاتفاق على صيغة معيّنة»، وقال: «عدد الحقائب السيادية والخدماتية معروف فلتوزَّع على الجميع».
دكاش
ودعا النائب المنتخب في كتلة «القوات» شوقي الدكاش إلى»عدم تأخير ولادة الحكومة ووضعِ العصيّ في دواليب تأليفها، لأنّ الوضع في المنطقة صعب والبلاد لا تتحمّل أيَّ تأخير». وقال لـ«الجمهورية»: «يجب أن يتنبَّه الجميع الى انّ حجم كلّ طرف بات معروفاً، ويستطيع كلّ وزير في أيّ وزارة يتولّاها ان يقدّم الافضل للّبنانيين».
ورفضَ الدكاش تظهيرَ موقف «القوات» من انتخاب بري رئيساً للمجلس، أو الحديث عن نوعية الحقائب التي تطالب بها في الحكومة الجديدة، مشيراً إلى أنّ القرار في هذا الصدد سيُتّخذ في اجتماع «تكتل الجمهورية القوية» والذي سيتحدّد موعده فور تعيين جلسة انتخاب رئاسة مجلس النواب». وقال: «لا شيء واضح بعد فلنأخذ الأمور برويّة ولنكن إيجابيين أكثر، ومن أراد أن يبيّنَ سلبياته فليُبينها، لكن مِن جهتنا لن نُظهِر إلّا الإيجابيات لمصلحة لبنان».
مجلس وزراء
على صعيد آخر، لا يبدو أنّ جلسة مجلس الوزراء اليوم ستنسجم مع الأجواء الوداعية، بل يُنتظر أن تشهد عراكاً على أكثر من ملف، فإلى ملفّ الكهرباء هناك بنود تتعلق بتسوية أملاك بحرية اعتبَرت مصادر وزارية أنّ هناك محاولة لتهريبها في الجلسة الاخيرة من دون انتظار التسوية العامة للأملاك البحرية. فضلاً عن بنود تتعلق بالمخطط التوجيهي لمطار بيروت، إذ هناك طلبُ مبلغ 10 مليارات ليرة زيادةً إضافية على مبلغ 28 مليون دولار التي خُصّصت للتجهيزات الأمنية في المطار. ويُستبعد أن يقرّ المجلس بند اقتراح إلغاء الشهادة المتوسطة.
وفيما تحدّثت مصادر وزارية عن أنّ المجلس سيقرّ تعيين نديم المنلا مستشار الحريري رئيساً لمجلس الإنماء والإعمار، أكّدت مصادر أُخرى أنّ «مِن الصعب إقرار أيّ تعيين إداري في هذه الجلسة من ضِمن جدول الأعمال أو من خارجه».
مصير الشهادة المتوسطة
في مجالٍ آخر، وعلى بُعد أسبوعين من انطلاق الامتحانات الرسمية، اشتعلت ردود فعلِ التربويين تزامُناً مع تداوُل إمكانِ إلغاء الامتحانات الرسمية للشهادة المتوسطة في جلسة مجلس الوزارء اليوم، نتيجة اقتراح قانون أعدّه بعض النوّاب. وفي هذا السياق أكّد وزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة في بيان رفضَ الوزارةِ المساسَ بالشهادة المتوسطة، معتبراً «أنّ ما يتمّ تداوُله اقتراح قانون وليس مشروع قانون صادر عن الحكومة وعن الوزارة المختصة، وبالتالي، فإنه يُعرَض على الحكومة لإبداء الرأي».
وفيما أعرَب نقيب المعلمين رودولف عبود لـ«الجمهورية» عن «تمسّكِ الأساتذة بالامتحانات الرسمية نظراً إلى أهمّيتها في تحديد مسار التلميذ على المستويين الأكاديمي والمهني». دعا الأمين العام للمدارس الكاثوليكية الأب بطرس عازار عبر «الجمهورية» إلى التركيز على إنجاز الامتحانات بشفافية في مواعيدها .
تصعيد في غزّة
وفي المشهد الدولي والإقليمي، ظلّت أحداث غزّة تتصدّر المشهد الدولي والإقليمي لليوم الثاني، ففي موازاة استمرار التصعيد الأميركي ضدّ إيران وليس آخره فرض عقوباتٍ جديدة عليها استهدفت حاكم المصرف المركزي الإيراني ومصرف «البلاد» ومقرّه العراق، وشملت ايضاً المسؤول في «حزب الله» محمد قصير بتهمة تحويل ملايين الدولارات للحزب بالنيابة عن «الحرس الثوري الإيراني»، استمرّ التصعيد الاسرائيلي ضد الفلسطينيين في اليوم التالي لتدشين مقرّ السفارة الاميركية في القدس وارتفعت حصيلة المواجهات بين الاسرائيليين والفلسطينيين، الى أكثر من ستّين قتيلًا وما يزيد عن ألفين وخمسمئة جريح. وترافقَ ذلك مع دعوات للمجتمع الدولي الى التدخّل السريع لمنع اندلاع الحرب في المنطقة. وأكّدت فرنسا بلسان وزير خارجيتها جان إيف لودريان أنّ «الوضع في الشرق الأوسط متفجّر والحرب ربّما تلوح في الأفق»، في وقتٍ غرّد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قائلاً: «تستمرّ الجريمة والحرّاس غياب». أمّا «حزب الله» فدعا بلسان النائب محمد رعد إلى توحيد كلّ فصائل المقاومة لمواجهة إسرائيل.
* الاخبار
التأليف الحكومي ينطلق
أجمعت أوساط كل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري أن اللقاء الذي جمعهما، في بعبدا، أمس، «كان إيجابياً جداً». فكرة اللقاء جاءت خلال اتصال جرى بين الاثنين، بمبادرة من بري، مع عودته من المصيلح إلى بيروت. كان الهدف من الاتصال تبادل التهاني بإنجاز الإنتخابات وما يليها من إجراءات. وجّه عون الدعوة إلى بري إلى مأدبة غداء في بعبدا، فسارع بري إلى تلبية الدعوة التي تم تحديدها، أمس. تجاوز الرجلان كل ما رافق الاستحقاق الرئاسي من حملات. كان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله قد أعلن أنه سيدخل على خط ضبط العلاقة بين حليفيه التيار الوطني الحر وحركة أمل. وبالفعل، كان طيف «السيد»، ولو بشكل غير مباشر، هو قوة الدفع التي تدفع باتجاه ليس عقد اللقاء بل تطوير العلاقة.
لقاء على مدى ساعتين، تخلله غداء عمل، خرج بعده الرئيس بري للحديث ليس عن صفحة جديدة «بل صفحة متجددة، لأنه أصلاً ومنذ انتخاب فخامة الرئيس، وأنا أبدي الاستعداد للتعاون مع الرئاسة الاولى»، واصفاً الجلسة بأنها «أكثر من ممتازة» وقال: «تطرقنا إلى كل المواضيع المستقبلية، من دون الدخول في التفاصيل، كموضوع الحكومة وشكلها، إنما عمل المجلس النيابي والمشاريع التي يجب استعجالها والقطاعات التي يجب إعادة الاهتمام بها وتغييرها». وأضاف «هناك تطابق في الرؤية إلى هذه الامور، وتبقى العبرة في التنفيذ، وهو ليس على همّة فخامة الرئيس فقط، بل على همّتنا جميعاً كلبنانيين».
وقال مصدر متابع لـ«الأخبار» إنه بعد أن «لملم الفرقاء أرباحهم وخسائرهم، ها هم يكتشفون مجدداً أن لبنان لا يحكم إلا بالوفاق والتسويات، غير أن ما يضاف اليها شخصية رئيس الجمهورية الذي لا يمكن إدخاله في حالة من المراوحة وقضم الوقت وصولاً الى اللاشيء، إنما سبق وحدد منذ بداية عهده أن حكومة العهد الاولى هي تلك التي ستنبثق عن الانتخابات النيابية، وفي ذلك إشارة واضحة الى وجود إرادة رئاسية بتحويل الحكومة الجديدة إلى خلية نحل لا تهدأ على كل الملفات، بدءاً من استكمال تطبيق اتفاق الطائف بكل مندرجاته، وصولاً الى رفع الغبن المزمن عن آخر نقطة تعاني الإهمال والحرمان في لبنان».
استناداً الى ذلك، يؤكد المصدر أن التعاون والتنسيق بين عون وبري «لن يكون موسمياً أو هاتفياً»، نافياً أن يكون قد طرح في اللقاء موضوع تصويت كتلة التيار الوطني الحر في انتخابات رئاسة مجلس النواب في جلسة الثالث والعشرين من الجاري (الثانية عشرة ظهراً).
وكشف المصدر أن رئيس الجمهورية «أعطى خلال اللقاء إشارات إيجابية يفهم منها أن كتلة لبنان القوي ستصوّت للرئيس بري، انطلاقاً من التشديد على مرحلة التعاون المتبادل واعتماد نهج مختلف في معالجة كل الملفات، بوحي من التعاون والتكامل بين الرئاسة الاولى ومجلس النواب ومجلس الوزراء».
لسان حال عون وبري، حسب المصدر، أنهما يستعجلان التأليف «من أجل ترسيخ وحدة الموقف الوطني في مواجهة التحديات الخارجية، بالتوازي مع الاستحقاقات الداخلية المتصلة بالإصلاح ومكافحة الفساد كممر إجباري لمعالجة الوضع الاقتصادي – المالي المتدهور».
ورداً على سؤال، قال بري للصحافيين في بعبدا «اتفقنا على أن هناك انتخاباً لرئيس المجلس ومكتب المجلس، ولم ندخل في الاسماء، إن بالنسبة إليّ أو بالنسبة إلى غيري. أنا لم أطلب ولم أتلقّ وعداً»، ونفى أن يكون البحث قد تطرق إلى موضوع الحكومة ومواصفاتها والحقائب وأسماء الوزراء.
وإذا كان يفصل في علاقته بين رئيس الجمهورية والوزير جبران باسيل، أوضح بري «أنا أقيم علاقات مع كل شرائح المجتمع، وجبران باسيل من هذه الشرائح».
ولدى سؤاله عمّا إذا كان رئيس الجمهورية سيعامله بالمثل في انتخاب رئيس المجلس، اكتفى بري بالقول «هذا حقه إذا أراد»، مشيراً الى أن ميله الى نائب رئيس المجلس «سيعبّر عنه في ورقة الاقتراع».
وعُلم أن بري أبلغ عون أن من حق كتلة لبنان القوي تسمية نائب رئيس المجلس، لأنها الكتلة الأكبر عدداً في المجلس الجديد. وشدد بري على أن الرغبة في التعجيل بالتأليف الحكومي في مواجهة الاستحقاقات الداخلية والخارجية، لا تنفي وجود عقبات يجب أن تذلل.
ونقل زوار بري عنه قوله إنه متفق وعون على تسمية الحريري لرئاسة الحكومة، علماً بأن الرجل «يريدها البارحة قبل اليوم»، وقال بري إنه بعد جلسة انتخاب رئيس المجلس وهيئة المكتب، سيبادر بروتوكولياً إلى زيارة رئيس الجمهورية برفقة هيئة المكتب الجديدة.
يذكر أن الحكومة تعتبر مستقيلة حكماً بحسب المادة 69 من الدستور، وذلك مع بدء ولاية مجلس النواب (الساعة الصفر من ليل 21 ـــ 22 أيار)، أي من دون الحاجة إلى تقديم الاستقالة، وعلى الفور، يصدر عن رئاسة الجمهورية بيان (وليس مرسوماً) يدعو الحكومة إلى تصريف الأعمال، تليه الدعوة إلى استشارات تسمية رئيس الحكومة المرجّح أن تتم يوم السبت في السادس والعشرين من أيار (25 أيار العيد الوطني للتحرير)، أو الإثنين في الثامن والعشرين من أيار.
وفيما قال بري، ليل أمس للصحافيين في عين التينة، إنه مستعد للتدخل لدى القوات اللبنانية لإقناعها بتسمية الحريري لرئاسة الحكومة (كانت اشترطت القوات أن تكون التسمية من ضمن اتفاق سياسي يشمل البيان الوزاري وعدد الوزراء وطبيعة الحقائب التي ستسند إليها)، استقبل الحريري، ليل أمس، في بيت الوسط، سمير جعجع، في حضور الوزيرين غطاس خوري وملحم الرياشي والوزير السابق باسم السبع.
وعلمت «الأخبار» أن الاجتماع الذي بدأ قرابة التاسعة مساء، واستمر إلى ما بعد منتصف ليل الثلثاء ــــ الأربعاء، وتخللته مأدبة عشاء، «كان إيجابياً جداً» بحسب مصادر المجتمعين، وقالت المصادر إن اللقاء «يؤسس لمرحلة جديدة في العلاقات بين القوات والمستقبل»، وجزمت أن المجتمعين قاربوا العلاقة بين الطرفين وخلصوا إلى تقييم مشترك «ستظهر ملامحه في سياق عملية تأليف الحكومة الجديدة وصياغة بيانها الوزاري».
وقال جعجع للصحافيين إنه أبدى تصوره بالنسبة للحكومة الجديدة وكان الحريري «مستمعا»، وأشار إلى أنه أبلغ الحريري أن «لا وقت طويل لدينا في لبنان تحديدا من الناحية الإقتصادية والمعيشية، ولا لأنصاف الحلول، إنما نحتاج لإنطلاقة جديدة ووجوه جديدة ونمط عمل جديد وإلا سنحصل على نفس النتائج». واضاف أن المرحلة الماضية «شهدت تساؤلات وتساؤلات مضادة بيننا وبين المستقبل، اما اليوم، فالمرحلة جديدة كليا وما يجمعنا والمستقبل أكبر بكثير مما يفرقنا»، وقال إنه وجد ميلاً لدى الحريري لفصل النيابة عن الوزارة.
واكد جعجع أن تفاهم معراب «لم ينته»، وقال «نشعر بالفرح نتيجة العلاقة الموجودة بين الحريري والعهد، وتفاهمنا مع الحريري يأتي في السياق ذاته، ومكانة الرئيس بري معروفة لدينا منذ السابق وحتى اليوم، وبالسياسة لكل حادث حديث، وأكرر أمام الجميع أننا لا نطالب بحقيبة معينة».
باسيل أمام حلفائه: المحارب الأول ضد القوات
أي مغزى للهجوم المستمر الذي يشنّه رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل على القوات اللبنانية؟ الواضح أنه لا يتعلق فقط بتقليص دورها وحصصها الحكومية، بقدر ما له علاقة باستدراج عروض لحلفائه، من خصوم القوات
بدا مستغرباً استمرار رئيس حزب التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل في هجومه على القوات اللبنانية غداة انتهاء الانتخابات النيابية. فإذا كان مبرراً، بالمعنى الحزبي المحض، توجيه كمّ من الانتقادات الى القوات، كما الى الرئيس نبيه بري والوزير علي حسن خليل، لاستنهاض الناخبين في موسم الانتخابات، إلا أن انكفاء باسيل بعد صدور النتائج عن التعرض لبري، في مقابل استكماله حملته في كافة الاتجاهات ضد القوات، يطرح إشكاليات سياسية عدة.
لا يمكن فصل التعرض لبري عن استهداف القوات، لأن الطرفين يشكلان حالة استفزاز دائمة لرئيس التيار الوطني الحر، لا سيما أن التنسيق غير المباشر والمباشر بينهما يثير حفيظته، لذا عمد الى حصر هجومه الانتخابي عليهما، متّهماً إياهما بالتواطؤ. من هنا بدا لافتاً تحييد باسيل لبري مع صدور النتائج، فيما استكمل حملته ضد القوات، إن في ما يتعلق بالارقام التي حققتها أو بالحصص التي تطالب بها في الحكومة الجديدة.
من الواضح أن حصول القوات على عدد مقاعد يساوي ضعف ما كان لديها سابقاً، شكل نقزة لباسيل وللقوى السياسية الأخرى. ليس تفصيلاً هذا الانتشار القواتي في دوائر انتخابية عدة، لكن الأهم من ذلك الحضور السياسي لرئيس الحزب الدكتور سمير جعجع، الذي فرض على الحياة السياسية إيقاعاً جديداً لا يمكن إلا أن يثير حساسيات مع خصومه السياسين. وإذا كان حزب الله والقوات طرحا نفسيهما كحزبين منظمين، بغض النظر عن اختلافاتهما السياسية الجوهرية، فإنهما أظهرا أن ماكيناتهما الحزبية منظمة كما أن هيكليتيهما متشابهة لجهة ضبط إيقاع الناخبين ورسم الاستراتيجية السياسية لكل منهما. لكن هذا الأمر نفسه هو الذي يثير هواجس سياسية لدى خصوم القوات الذين توجّسوا من هذا الأداء الذي أصبح فاعلاً في الشريحة الشبابية، ولا يزال يشكل ثقلاً في وجدان الجمهور المسيحي، ويسجل له أنه لم يستخدم أي لغة طائفية في معركته الانتخابية.
من هذه الثغرة يحاول باسيل أن ينفذ، أي إنه استفاد من نتائج الانتخابات، ليعيد صياغة خطاب سياسي مبني على تحييد بري، بعد موجة عارمة من استهدافه في لغة لم يسبق له استخدامها، فبدأ يقدم نفسه على أنه المحارب الاول للقوات اللبنانية، موجهاً انتقاداته الشديدة لها، في كل الاتجاهات، بدءاً من رئيس الحزب وصولاً الى القاعدة والناخبين، متناولاً الشعارات السياسية والأداء القواتي عند كل مناسبة.
يبدو باسيل، في هذا الإطار، وكأنه يقدم أوراق اعتماد أيضاً لدى القوى السياسية التي تعادي القوات، سواء كان حزب الله أو تيار المستقبل الذي لا يمكن التعامل معه اليوم على أنه حليف للقوات اللبنانية. أدرك باسيل أن معركته لا يمكن أن تستمر مع بري الذي امتص الهجوم عليه، كما فعل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، بدعوته الفورية بعد فرز النتائج الى طيّ صفحة الخطابات الانتخابية. فلا الحزب في وارد أن يدعه طويلاً في هذا المسار، ولا بري الذي يعرف أين وكيف سيرد. وأدرك أيضاً أن هناك فواتير يجب أن يدفعها، بعد اللهجة العالية التي خاطب بها بري وفريقه. فأي دخول في نقاش حول الحكومة والمرحلة المقبلة سياسياً وسط التداعيات الاقليمية، والمحلية خصوصاً بعدما جرى في تيار المستقبل، يستدعي منه تدوير الزوايا وسحب التوتر مع رئيس حركة أمل. وهو ارتأى لذلك أهون الطرق، ليس عبر حواره مع حزب الله، وليس في الذهاب طوعاً الى عين التينة، بل عبر استهداف القوات، لأن هذا الهجوم قابل للبيع ولاستدراج العروض، فلا يقدم تنازلات لبري أو حتى لتيار المستقبل، وفي الوقت نفسه يعيد رسم استراتيجية جديدة تقوم على استهداف المنافس المسيحي الذي ازداد عدد خصومه مع ازدياد عدد نوابه. وهو بذلك يصيب عصفورين بحجر واحد؛ يعيد تزخيم حضور التيار مسيحياً، لأن القوات عادت لتكون منافساً قوياً له، ويسلط الضوء على مخاطر فورة القوات وخطورة هذا الصعود محلياً،وربطاً بحلفاء إقليميين، وعلى رأسهم السعودية.
إشكالية هذا السيناريو أنه يفتح الباب واسعاً أمام استعادة التوتر المسيحي الداخلي. فإذا كان التيار الوطني الحر كسب من ورقة التفاهم رئاسة الجمهورية وقانون الانتخاب وتخفيف التشنج في الشارع المسيحي، إلا أنه يجد نفسه، اليوم، متحرراً سياسياً من هذه الورقة وغير محتاج إليها. لكن ما سحبته ورقة التفاهم من توترات في الشارع الذي يوالي الطرفين، عاد الى الظهور في الانتخابات، عبر هجومات واستهدافات إعلامية وسياسية. وهذا يشكل خطوة ناقصة وتحدياً أمام التيار، لأن القوات لم تعمد في المقابل الى مبادلة التصعيد بتصعيد مضاد، بل ما يحصل هو العكس، لأنها تحاول، وقد بدا ذلك واضحاً من كلام جعجع أكثر من مرة، عدم الانجرار والإبقاء على مسافة نقاش سياسي محصور بتشكيل الحكومة، وعدم ترك الاستفزازات من جانب باسيل تأخذ مداها.
في المقابل، يفترض التوقف عند ما سيعكسه تصعيد باسيل لدى بري وحزب الله وتيار المستقبل، والأول معنيّ أكثر من غيره، لأن القوات لم تتخلّ عن علاقتها به. فهل سيجد كلام باسيل صداه لدى هذه القوى فترى فيه شداً للعصب ضد خصمهم المشترك، أم سيبقى محصوراً في إطاره التنافسي الضيق، فلا يحوّل القوات فزاعة يخيف بها الآخرين، ويبقى عليه حينها أن يعيد ترتيب أموره مع من تصادم معهم قبل الانتخابات؟
عندما يسدّد الحريري وجنبلاط وحزب الله فاتورة الزرّ التفضيلي
الصائب في وصف قانون الانتخاب انه سخر من واضعيه وتلاعب بهم في 6 ايار 2018، بعدما اعتقدوا ـ وتوقعوا ـ في 16 حزيران 2017 عند اقراره انه لعبة صغيرة بين ايديهم. ليس قليلاً القول عنه انه كيدي، شامت اكثر مما ظُنَّ واوحى
في قانون الانتخاب من الثغر في النص، مقدار ما اثمر فضائل عند التطبيق. ثبت ان قبضته الحديدية هي الحاصل، لا الاصوات التفضيلية التي خيضت باسمها معارك ضارية بين حلفاء اللائحة الواحدة، بعضهم في وجه البعض الآخر. فرض الحاصل وحدة التحالف واللائحة، والصوت التفضيلي تفكيكهما. فإذا «مؤامرة» القانون تقيم في الشرط الذي حتّمه الحاصل ويستمد منه قوته، وهو الاقبال على الاقتراع. عندما يتقلص، تُفتح ابواب الحظ امام اللوائح الصغيرة كي تتأهل، وعندما يرتفع، تخرج من السباق كي يقتصر على اللوائح الكبرى. ذلك ما راهن عليه معظم الزعماء وقادة اللوائح الكبرى، اذ بدوا يخوضون معركة الحاصل اكثر منهم الصوت التفضيلي.
على نحو كهذا، فُهِم التصعيد المفاجىء في حملات التحريض والتسعير السياسي والمذهبي بغية اجتذاب اوسع قاعدة من الناخبين. اخفى الرئيس سعد الحريري صراعه مع حزب الله الى ان احتاج اليه في الحاصل الانتخابي، فادخل انتخابات 2018 في شعارات انتخابات 2005 و2009 واتكل على اسم والده الرئيس رفيق الحريري واغتياله. عثر الوزير جبران باسيل على ضالته في حزب القوات اللبنانية لتجييش الناخبين المسيحيين واجتذابهم الى الصناديق باسم نزاعات الماضي التي لا تنطفىء. بدوره، النائب وليد جنبلاط، من دون ان يكون في صدد اي مواجهة مع احد، اطمأن الى سهولة انتقال الزعامة منه الى نجله تيمور، كما لو ان الشارع الدرزي يهضمه بسهولة في ظل طغيان زعامة الاب وحضوره، هو الذي تمرّس على تجربة الفجيعة في الانتقال، فإذا به يختبره سلمياً للمرة الاولى. احتاج حزب الله ايضاً الى رفع الصوت عالياً في البقاع الشمالي.
خاض الافرقاء معركة الحاصل، بيد ان التوقعات لم تأتهم سوى بإقبال هزيل، انتهى الى 49،2%، فتح ابواب الحاصل امام الجميع.
عندما وُضع قانون الانتخاب، وجد البعض الصوت التفضيلي زراً يسهل تخييط البذلة عليه، كي تفضي الانتخابات الى ما توخاه واضعوه جميعاً، بلا استثناء.
لم يكتفِ الاقبال الهزيل على الاقتراع بخذلان اكثر من فريق، واكثر من زعيم، حيال النتائج التي الحقها بكتلهم، بل نقل الصراع الى داخل الكتل الكبرى نفسها والى الطوائف بسبب مباشر منه، او بذريعة نجمت عن التداعيات السياسية للارقام. افاق الجميع على واقع مختلف حمل اكثر من جرس انذار.
بعدما خرج افرقاء انتخابات 6 ايار منهكين، انفجرت امامهم آثارها السياسية القريبة، بعيداً من ارقام الفرز والنتائج النهائية: ازمات كيانية حقيقية لدى اربعة رئيسيين على الاقل، وإن بدا ان ثمة فريقاً واحداً فقط، ربما، كان الرابح غير المعلن. لم يُصب بقروح الاستحقاق ولا ترك فيه ندوباً، الاكثر اطمئناناً الى ارض يقف عليها: الرئيس نبيه برّي بخوضه انتخابات «أكثرية» في الدوائر الثلاث في الجنوب، برغم تسجيل تراجع في الصوت التفضيلي لمرشحي حركة أمل بالمقارنة مع حليفهم حزب الله، خصوصا في دائرة الجنوب الثالثة.
اولى الازمات الكيانية عند الحريري، افصحت عنها اجراءات «محاسبة» ــــ كما قال ــــ عندما عاقب المسؤولين عن حملاته الانتخابية في بيروت وباقي الأقضية والمحافظات. ليس قليل الاهمية ان الزعيم الاول للسنّة منذ انتخابات 2005 و2009 يحلّ الثاني في الاصوات التفضيلية التي يحوزها في عاصمة زعامته، ويتقدّم عليه مرشح حزب الله بالذات النائب امين شري. ليس قليل الاهمية القول ان سحراً هبط في الساعات الاخيرة انقذ المقعدين السنّي والدرزي من السقوط، وان وزير الداخلية نهاد المشنوق كان السنّي السادس والاخير في اللائحة الحريرية.
ثانية الازمات الكيانية، انفجار الطائفة الدرزية للمرة الاولى من الداخل بين النائبين وليد جنبلاط وطلال ارسلان، وبين ارسلان والوزير السابق وئام وهاب، وبين جنبلاط ووهاب. ليس قليل الدلالة ان يحوز تيمور جنبلاط نجل زعيم المختارة في اول موطىء قدم في السلطة المرتبة الرابعة في ترتيب الفائزين في اللائحة، ويحل مروان حمادة ونعمة طعمة في المرتبة الثامنة والتاسعة. ليس سراً ان اصواتاً تفضيلية اعطاها جنبلاط الاب لحمادة وطعمة انجدتهما بالفوز، فيما تقدّم وهاب(7340) على حمادة(7266) باصواته التفضيلية. ليس سراً ايضاً ان جنبلاط الاب تخوّف من تقدّم حمادة على نجله في اول انتخابات نيابية يخوضها شأن تقدّمه عليه هو في انتخابات 2000، فإذا المشكلة تكمن في عدم اقبال الناخبين الدروز، اولاً، على صناديق الاقتراع. بعد تصويتهم في انتخابات 2009 بنسبة 59%، اهملوا صناديق 2018 وحضر 50% منهم فقط. من المؤكد ان جنبلاط الاب تحوّط للثغرة عندما اطلق من بعقلين، بلا اي مبرر، صرخته عشية الانتخابات محذراً من تكرار تجربة 1957. كان يلمح عن توجسه من وصول نجله الى مقعده ضعيفاً اكثر منه توقعه سقوطه شأن سقوط جده كمال جنبلاط في انتخابات 1957. مع ذلك، باستثناء النائب اكرم شهيب، حل رجال جنبلاط الاب في آخر سلم مراتب الفوز.
شأن الحريري، تلقف جنبلاط رسالة ناخبيه الذين اعتادوا الالتصاق ببيته: بينهم مَن تغيّب اعتكافاً، ومَن صوّت لخصومه اعتراضاً.
ثالثتها كانت عند حزب الله في دائرة بعلبك ـ الهرمل. نجح في معظم دوائر حلفائه، وحاز للمرة الاولى حصة سنّية لا يستهان بها وغير مسبوقة، الا انه اوشك ان يجبه كارثة في دائرته الأم، في وقت كان برّي يقود معركة دوائر الجنوب. كاد رئيس اللائحة الوزير حسين الحاج حسن والنائب ابراهيم الموسوي يدفعان ثمن مقعديهما في المرتبتين الخامسة والسادسة الاخيرتين للمقاعد الشيعية الستة، في اكثر من دلالة الى ان الصوت التفضيلي الشيعي كاد ـ للمرة الاولى حيال حزب التصق اسمه بالمقاومة في وجدان جمهوره ـ ان يتخلى عنه بدءاً برئيس اللائحة. فسّر ذلك الحملات التي اطلقها قادة الحزب سلفاً في الحض على الاقتراع.
رابعة الازمات كانت لدى الفريقين المسيحيين اللذين عُدّا ابرز الرابحين وافضلهم حظوظاً: التيار الوطني الحرّ بارتفاع عدد نواب تكتله العريض من 20 نائباً الى 29، وحزب القوات اللبنانية بحصوله على ضعفي نوابه الملتزمين من خمسة مقاعد الى 15. مع ذلك، انفجرت حرب معلنة بين الحليفين المسيحيين اللذين تواطأا على التخلص من النواب المستقلين والاحزاب المسيحية الاخرى، كي يحصرا بهما التمثيل المسيحي. بيد انهما اضحيا وجهاً لوجه، واعادا نبش ماضي نزاعاتهما كما لو انهما يحتاجان اليه دائماً في الصراع على السلطة.
المصدر: صحف