تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الاثنين 26-3-2018 في بيروت مواضيع عدة كان أبرزها المشهد الانتخابي الذي لا يزال يتصدر الواجهة السياسية، مع الاعلان الكثيف عن اللوائح الانتخابية في مختلف المناطق اللبنانية وما تخللها من مواقف سياسية متنوعة..
البناء:
مفاوضات دوما على النار وباقي الغوطة بلا مسلحين… وتبادل اتهامات بين الجماعات المسلحة
باسيل مع الوعد الصادق… والحريري لمواجهة حزب الله… ومَن قصد المشنوق بـ«الأوباش»؟
الناشف: لانتخاب المرشحين القوميين بكثافة… وحردان: إعلان لائحة «الأمل والوفاء والقومي»
وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة “البناء” اللبنانية “بين رفض الجماعات المسلحة في إدلب استقبال مسلّحي جيش الإسلام ورفض الجيش السوري ذهابهم إلى درعا، تدور المفاوضات حول انسحاب مسلّحي دوما إلى القلمون الشرقي، فيما تتواصل عمليات خروج المسلحين من فيلق الرحمن من جنوب الغوطة، وخصوصاً من عين ترما وعربين وزملكا وحي جوبر الدمشقي، بعدما خرج قرابة الخمسة آلاف من المسلّحين وعائلاتهم ويُنتظر أن يخرج اليوم ضعف هذا العدد، لتتنفّس دمشق الصعداء خلال الأيام المقبلة أمنياً واقتصادياً بزوال مصدر الإزعاج والقلق الذي فرضته الجماعات المسلحة طوال فترة سيطرتها على الغوطة، وسط اتهامات بالتخوين والسرقة والبيع والشراء، بين قادة الجماعات المسلحة في تفسير سبب انهيار ما كانوا يصفونه بقلعة الغوطة التي لا تسقط.
لبنانياً، دخل المشهد الانتخابي مرحلة جديدة مع نهاية مهل تسجيل اللوائح منتصف ليل اليوم، وبعدما توضّحت صورة اللوائح الانتخابية لجميع الأطراف، فبدت التحالفات السياسية هشّة أمام حسابات لا تتصل أحياناً بفرص الفوز الانتخابي، بل بتفادي مشاكل حزبية داخلية أو إثبات وجود، كما بدت التحالفات المصلحية الانتخابية صعبة في ظلّ الخلافات على الأحجام. فغاب كثير مما كان متوقعاً من بينها، للأسباب ذاتها، وكانت اللوائح التي يتبناها التيار الوطني الحر مرآة عاكسة لهذا الواقع، بعدما حملت أكثر من خمسين مرشحاً بينهم ثمانية وعشرين حزبياً، منهم منضوون في لوائح لا تملك فرص الفوز بمقعد واحد، ومنهم في لوائح فرص فوزها بمقعد أو أكثر ضئيلة جداً، كلوائح الجنوب وبعلبك الهرمل، لتكون المعارك الانتخابية الجدّية للتيار في الجبل وبيروت الأولى والشمال، ليكون الحاصل خمسة وثلاثين مرشحاً لخوض معارك جدية يتوقع أن يفوز التيار منها بقرابة خمسة وعشرين مقعداً، بينما كان اللافت في الخطاب الانتخابي لرئيس التيار وزير الخارجية جبران باسيل، التوقّف أمام كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وما تضمّنته من إعلان أولوية الحرب على الفساد ليقول: «نحن على الوعد يا صاحب الوعد الصادق لمحاربة الفساد بعد الانتخابات. فأنت لم تخلَّ يوماً بوعدك».
على ضفة مقابلة بدت حملة تيار المستقبل الانتخابية مرتكزة على خرق القانون لجهة عدم النيل من المنافسين والامتناع عن التهجّم عليهم، فكانت خطابات رئيس الحكومة سعد الحريري تتجه نحو مواصلة التحرّش بحزب الله واعتباره هدفاً للحملة الانتخابية، ما يعبّر عن شعور بالضيق وضعف وسائل الحشد الانتخابي، والعجز عن تقديم برامج ورؤى ووعود قابلة للتصديق لدى جمهور الناخبين، وفقاً لمحللي الخطاب الانتخابي للتيار، الذي ربما يكون في حسب أصحابه محاولة إقناع المموّلين في السعودية والخليج وربّما في الغرب بأنّ هناك مَن يخوض حربهم بوجه حزب الله ويستحق الالتفات لحاجاته المالية، وقد وصل التحرّش على لسان الحريري نحو سورية وإيران وواكبه مرشحوه بمحاولة استدراج ردود، ووصل الأمر بكلام مستهجَن لوزير الداخلية نهاد المشنوق بوصف اللائحة المنافسة بـ «الأوباش» في سابقة قانونية لا مثيل لها بحديث يُدلي به وزير داخلية يُشرف على الانتخابات في بلد يصف فريقاً من المرشحين والناخبين الذين يُفترض أن يسهر على نيلهم، فرصاً متكافئة وعملية انتخابية هادئة وراقية، بأنهم أوباش. وبالعودة لكلام المشنوق كان مدعاة توقف ذكره للأوباش في معرض تعداد مكوّنات اللائحة المنافسة التي ذكر منها حزب الله وحركة أمل و«الأحباش» ليضيف قائلاً «وشوية أوباش» قاصداً باقي المكوّنات وهي شخصيات بيروتية ومرشح التيار الوطني الحرّ عن المقعد الإنجيلي، ليطرح كلامه السؤال عما إذا كان كلامه رسالة تهجّم على التيار الوطني الحر، لمشاركته في اللائحة المنافسة، علماً أنّ التيار يشارك مع المستقبل في لائحة منافسة للائحة الجنوب الثالثة التي تضمّ حركة أمل وحزب الله والحزب السوري القومي الاجتماعي، ولم يترتّب على ذلك أيّ كلام ينال من التيار ومرشحيه من اللائحة ومكوّناتها.
الاستعداد للانتخابات على مستوى الحزب السوري القومي الاجتماعي عبّر عنه رئيس الحزب حنا الناشف في العشاء القومي بمناسبة الأول من آذار، داعياً للاقتراع بكثافة للقوميين وحلفائهم، تعبيراً عن السعي لمنح الحزب فرصة ترجمة مواقفه والتزاماته وسعيه النهضوي من موقع صناعة السياسة والتشريع وبناء الدولة الذي يمثله مجلس النواب، بينما كان رئيس المجلس الأعلى في الحزب أسعد حردان يشارك في إعلان اللائحة التي تضمّه مع مرشحي حزب الله وحركة أمل في دائرة الجنوب الثالثة، مرجعيون حاصبيا النبطية بنت جبيل، والتي وصفها بلائحة الأمل والوفاء و«القومي»، معلناً التمسك بخيار بناء دولة المواطنة، ومعادلة الشعب والجيش والمقاومة.
أكد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي حنا الناشف أننا «نخوض الانتخابات بمرشحين يعملون على خدمة الوطن، وتحقيق المواطنة الصحيحة والحفاظ على الوحدة الوطنية الحقيقية والسلم الأهلي، والعمل للدولة القوية المقاومة القادرة والآمنة والعادلة».
وخلال حفل عشاء حاشد أقامه الحزب بمناسبة عيد مولد مؤسسه أنطون سعاده، في فندق الحبتور، دعا الناشف الحزب الى رصّ الصفوف وتوحيد الجهود «لانتخاب مرشحينا وإنجاحهم، إذ تكونون بذلك قد انتخبتم فكر سعاده وعقيدته، وبشعار أردناه لهذه الليلة «إرادة تبني ثقة تنمو».
اعلان لائحة «الأمل والوفاء» في الجنوب الثالثة
على حافة نهاية المهل القانونية لتسجيل القوائم الانتخابية في وزارة الداخلية، انطلق قطار الاستحقاق الانتخابي بسرعة فائقة للوصول الى محطاته الأخيرة في 6 أيار، وعلى وقع استلحاق القوى السياسية تسجيل لوائحها الانتخابية والإعلان عنها، سجلت عطلة نهاية الأسبوع عاصفة انتخابية هوجاء محمّلة برياح الطائفية والمذهبية والتقسيم المناطقي والفرز العنصري بين شرائح ومكوّنات العاصمة بيروت والوطن الواحد، حيث تصدّر وزير الداخلية نهاد المشنوق قائمة المنحدرين الى أدنى مستويات الخطاب السياسي بوصفه بعض مكوّنات اللوائح المنافسة لتيار المستقبل في بيروت بـ «الأوباش».
وكما كان اختيار المرشحين ونسج التحالفات عملية شاقة، وُلِدت اللوائح «قيصرياً» في دوائر عدة بعد مخاضٍ عسير من المفاوضات، غير أن باب التحالف يبقى مفتوحاً حتى موعد الاستحقاق، ويمكن أن يكون هناك تعاون بين اللوائح لإنجاح المرشحين من لوائح عدة، بحسب خبراء انتخابيين، ما يعني أن الحوارات السياسية ستستمر بين الأفرقاء على الرغم من إقفال اللوائح، لكن بعد 7 أيار لن تتقيّد التحالفات النيابية بالتحالفات الانتخابية.
وقد أُعلنت لائحة الأمل والوفاء في دائرة الجنوب الثالثة أمس، وتضم 11 مرشحاً. وهم عن دائرة النبطية محمد رعد – هاني قبيسي ، ياسين جابر . وعن دائرة مرجعيون وحاصبيا: أسعد حردان وعلي فياض ، علي حسن خليل ، قاسم هاشم ، أنور الخليل ، وعن دائرة بنت جبيل: حسن فضل الله ، أيوب حميد ، علي بزي .
وشدّد رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان على أن «الجنوب بالنسبة لنا، ليس موسماً انتخابياً، بل هو خيارٌ والتزام، أما ونحن في خضمِّ الاستحقاق الانتخابي، فإننا نؤكد بأننا نتعاطى مع هذا الاستحقاقِ بجدية كاملة، لحماية ما تحقّق بالدماء والتضحيات، دفاعاً عن سيادة لبنان وثرواته، ولكي نثبّتَ دعائمَ الاستقرار والسلم الأهلي، بتكريس الوحدة الوطنية». وشدّد على أن «هذا الجنوب يستحق أن يكون أولوية على خريطة الإنماء المتوازن، ومسؤولية الدولة أن تحقق مبدأ الإنماء المتوازن بدءاً من الجنوب»، مشيراً إلى أننا كما نردد دائماً نردد معادلة الجيش والشعب والمقاومة، فإننا نعلن الآن شعار الأمل والوفاء والقومي.
بدوره أكد رعد في كلمته على العلاقة الاخوية الراسخة والتحالف الاستراتيجي المتين والثابت بين حزب الله و حركة أمل ، مشيراً الى أن «أعضاء اللائحة سيلتزمون العمل الوطني السياسي والنيابي في إطار البرنامج الانتخابي للحزب والحركة وهو إطار يتقاطع معه البرنامج الانتخابي للأحزاب الوطنية الحليفة لا سيما الحزب السوري القومي»، أما حميد، فأكد على «الاستمرار بمسيرة الممانعة والمقاومة والتنمية والسعي إلى تطوير نظامنا السياسي ليكون الأفضل والأمثل لما يتطلّع إليه الشباب وما يرنو إليه كل قادر على خدمة وطنه».
لوائح «التيار الحر» في 12 دائرة
وبعد طول انتظار، أعلن التيار الوطني الحر أسماء مرشحيه وبرنامجه الانتخابي في 12 دائرة، وهي عاليه الشوف بمواجهة لائحة الاشتراكي – المستقبل و»القوات اللبنانية»، في دائرة زحلة بتحالفه مع المستقبل في مواجهة لائحة الكتائب والقوات، وبالتحالف مع الجماعة الاسلامية والدكتور أسامة سعد في دائرة جزين صيدا في مواجهة لائحة رئيس التنظيم الشعبي الناصري أسامة سعد وإبراهيم عازار المدعومة من ثناني أمل وحزب الله.
كما أعلن «التيار» لائحته في بيروت الثانية، وفي دائرة بعبدا بالتحالف مع أمل وحزب الله والحزب الديموقراطي، وفي دائرة كسروان جبيل، و في دائرة المتن بالتحالف مع حزب الطاشناق، وفي دائرة الشمال الثالثة بالتحالف مع رئيس حركة الاستقلال ميشال معوض في مواجهة لائحة القوات اللبنانية، وفي دائرة عكار، وفي بيروت الأولى مع الطاشناق بمواجهة الكتائب والقوات وفي دائرة الجنوب الثالثة، في دائرة بعلبك الهرمل.
غير أن مصادر أشارت لـ «البناء» الى أن «بعض المرشحين الحلفاء للتيار لن ينضمّوا إلى تكتل التغيير والاصلاح بعد 7 أيار كنعمت أفرام ومنصور البون وأسعد نكد وسركيس سركيس وميشال معوض ورياض رحال، لا سيما أن افرام أكد على استقلالية قراره، كما أن نكد ليس على علاقة جيدة مع التيار الوطني، بحسب مصادر عونية، فضلاً عن معوض المعروف بانتمائه وخياراته السياسية الأقرب الى 14 آذار وكذلك النائب رحال. ولوحظ خلال إعلان أسماء مرشحي التيار في المناطق اللبنانية كافة غياب أسماء 9 نواب، كانوا موجودين في كتلته. وهم: جيلبيرت زوين، نعمة اللة أبي نصر، فريد الياس الخازن، يوسف خليل، عباس هاشم، نبيل نقولا، سليم سلهب، ادغار معلوف، عصام صوايا. كما لوحظ أن التيار لم يوجّه دعوة الى المرشح شربل مارون لحضور حفل إعلان اللوائح، ما يؤشر الى أن «التيار لن يكون له مرشح ماروني في دائرة البقاع الغربي لا في لائحة 8 ولا 14 آذار».
ومع تأكيد التيار الوطني انضمام مرشحه عن المقعد الشيعي ربيع عواد الى لائحة التيار في جبيل، حسم اللاتحالف بين حزب الله والتيار الحر في دائرة كسروان جبيل، على حساب مرشح حزب الله في جبيل الشيخ حسين زعيتر الذي سارع الى إعلان انضمامه إلى لائحة تشكلها شخصيات سياسية وطنية في جبيل وكسروان يترأسها الوزير السابق جون لوي قرداحي.
وخلال المؤتمر الوطني الثالث الذي أقامه في الفوروم دو بيروت، أطلق رئيس التيار وزير الخارجية جبران باسيل جملة مواقف سياسية لافتة، موجّهاً رسائل في أكثر من اتجاه للخصوم والحلفاء، وقال: «الفريق الذي نعمل معه مقاومة نريد المحافظة عليه لحماية البلد، ولكن ليس لحماية الفساد ولتغطية الفاسدين لينهبوا البلد، ونحن على الموعد بعد الانتخابات ونحن على الوعد يا صاحب الوعد الصادق الذي لم تخلّ بوعدك يوماً. أما مع الفريق الذي نقوم معه بشراكة، فهي شراكة للإصلاح وليس شراكة صفقات وفساد، شراكة لحل أزمة النازحين وليس للاستفادة منها، نحن أيضاً على الموعد معه بعد الانتخابات. أما الفريق الذي قمنا بمصالحة معه، فالمصلحة تقتضي أن نكون واحداً لنحافظ على الأخ من دون أن نلغي الذات، فنحن على الموعد ذاته كذلك بعد الانتخابات، حينها تكون انتهت مزايدات الانتخابات وأكاذيب الفساد والكهرباء ويعود كل واحد ليهتم بعمله».
الحريري يَحشُد في بيروت وطرابلس
في غضون ذلك، واصل تيار المستقبل حملاته الانتخابية لا سيما في دائرة بيروت ودائرة طرابلس – الضنية – المنية لاستنهاض وتحشيد الشارع من خلال استخدام مصطلحات وعبارات طائفية ومذهبية أثارت استنكار الوسطين السياسي والشعبي.
ومزوّداً بوعود انتخابية تتضمن مشاريع إنمائية وقانون العفو عن الموقوفين «الإسلاميين»، جال الرئيس سعد الحريري في بيروت في محاولة لاستنهاض أهلها، ثم انتقل الى طرابلس، وأعلن عن لائحة المستقبل في المدينة، وقد تحوّلت مواقع التواصل الاجتماعي الى ساحة سجالات افتراضية وحرب بيانات بين الحريري من جهة وكل من الرئيس نجيب ميقاتي والوزير السابق أشرف ريفي من جهة ثانية.
وبعد أن دعا ريفي الحريري إلى الانسجام مع مواقفه وأن يستقيل مما وصفها بحكومة حزب الله، ردّ الحريري لم يتأخّر، بل جاء من عرين ريفي في طرابلس، حيث شنّ رئيس المستقبل هجوماً عنيفاً على ريفي وميقاتي، حيث وصف ريفي بأنه بطل العالم في قلة الوفاء، و«الذي يغرقنا ليل نهار بتقارير وتخوين ومؤامرات»، وخاطب ريفي بالقول: «أنت ليس لديك «لا شغلة ولا عملة إلا تقوّص عليّ».
واتهم الحريري حكومة ميقاتي بتعطيل المشاريع التي كانت جاهزة، واصفاً ميقاتي بأنه خبير وشريك ومثل للوصاية. وردّ ميقاتي على الحريري منعشاً ذاكرة اللبنانيين بليلة احتضان الوصاية في التاسع عشر من كانون الأول 2009.
وبحسب مصادر طرابلسية فإن المستقبل أدرك صعوبة المعركة الانتخابية في طرابلس لا سيما في مواجهة لائحتين: الأولى لائحة ميقاتي، حيث عمل الأخير على تعميق علاقته مع أهالي طرابلس بالخدمات وبعض المشاريع الإنمائية، ولائحة الوزير السابق فيصل كرامي حيث تُعتبر عائلة كرامي عائلة عريقة في المدينة، بينما ينظر أهالي طرابلس الى الحريري كوافد إلى مدينتهم». وأشارت المصادر لـ «البناء» الى أن «المستقبل يعتمد في سياسته الانتخابية على حشد كافة وسائل إثارة الشارع واستغلال المحطات والملفات الماضية لشدّ العصب الانتخابي»، لكن المصادر أوضحت أن «المستقبل أيقن أن زمن احتكار التمثيل النيابي في المدينة قد ولّى والمقاعد ستتوزع على ثلاث لوائح الحريري كرامي ميقاتي، بينما استبعدت أن يتمكّن ريفي من فرض نفسه في المعادلة الثلاثية للمدينة».
كما لفتت المصادر الى أنه «بات من الصعوبة بمكان من إعادة توجيه وتعبئة الشارع الطرابلسي ضد حزب الله طائفياً ومذهبياً لا سيما أن أهالي المدينة يعرفون أن قوى وأحزاباً ومسؤولين سياسيين هم الذين وقفوا خلف جولات القتال والعنف التي شهدتها طرابلس بين باب التبانة وجبل محسن وما خلفته من ضحايا ودمار، وبالتالي لن ينجروا مجدداً الى هذا الخطاب المذهبي». كما كشفت المصادر الى أن «أهالي الموقوفين أبلغوا قيادات المستقبل بشكل واضح وحاسم بأن أبناءنا تعرضوا للتضليل بسبب الخطاب السياسي وزُجّوا في السجون، فإما يوضع المسؤولون عن أحداث طرابلس في السجون أيضاً وإما إطلاق سراح الموقوفين، وهذا ما دفع الحريري الى استمالة أهالي الموقوفين أمس»، كما لم يعد أهالي طرابلس، بحسب المصادر، يصدّقون الوعود التي تُغدق عليهم عند كل استحقاق، ويتردّد في أحياء طرابلس وأزقتها: «قبل أن يعدونا بثلاث مليارات إنماء فليدفعوا هبة الـ50 مليون دولار التي رُصدت لطرابلس، استغلوا أولادنا في حروبهم للوصول إلى السلطة وتركوا الفقر يأكل طرابلس».
وردّ المدير العام السابق للأمن العام اللواء جميل السيد على الحريري عبر تويتر قائلاً: «يجب أن تعرف لوائح حزب الله وبشار الاسد أن زمن الاستيلاء على قرار الشمال لن يعود، وطرابلس ترفض الوصاية..»! يرحم بيك نحنا لا نمنا بتخت بشار الأسد ولا استولينا على السوليدير والسيللولير بواسطة خدام ولا سلّمنا مفتاح بيروت لغازي كنعان! الحليف لا ينقلب على سورية. العملاء ينقلبون».
وكان الحريري قد أعلن لائحة المستقبل في دائرة عكار، في غياب لافت لنواب عكار الحاليين: معين المرعبي ونضال طعمة وخضر حبيب وخالد زهرمان، بحضور النائب خالد الضاهر الذي أعلن بيعته للحريري من بيت الوسط منذ أيام، ما يرفع عدد نواب المستقبليين المعترضين على سياسة التيار الانتخابية، وذلك بعد انضمام كاظم الخير الى لائحة ميقاتي ورياض رحال الى التيار الوطني الحر. وقالت مصادر شمالية مطلعة لـ«البناء» إن «تيار المستقبل من أكثر التيارات التي تعرّضت للانقسام والتفتت الداخلي الذي بدأ منذ احتجاز الحريري في السعودية حتى بداية إعلان المرشحين للاستحقاق الانتخابي»، ولفتت الى أن «المستقبل لم ينشأ على مشروع سياسي ووطني واضح بل قام على دمّ الرئيس رفيق الحريري وتم تجميع قوى وشخصيات عدّة للانضواء داخله لتنفيذ مشروع خارجي ومواجهة حزب الله. وعندما تضاربت المصالح تخلّت تلك القوى عن التيار عند أول مفترق انتخابي». ولفتت المصادر إلى ضغط سعودي مباشر في تشكيل اللوائح لا سيما في طرابلس وبعلبك الهرمل. واتهم عضو كتلة التنمية والتحرير النائب هاني قبيسي بعض السفارات والدول المشبوهة بتقديم إغراءات مالية لبعض المرشحين للترشح في وجه حركة أمل وحزب الله في مختلف الدوائر.
انسحابات من السباق
وعشية نهاية مهلة تسجيل اللوائح في وزارة الداخلية، أعلن عدد من المرشحين الانسحاب من السباق الانتخابي، كان أبرزهم رئيس مجلس النواب السابق حسين الحسيني، وأعلن الحزب الديمقراطي اللبناني سحب مرشحه عن المقعد الدرزي في راشيا و البقاع الغربي نزار زاكي، كما أعلن المرشح عن المقعد الشيعي في البقاع الغربي محمد كريم عزوفه عن الترشح.
على صعيد آخر، نفى الإعلام الحربي تعرّض أي نقاط لحزب الله في بعلبك أو مواقع للجيش السوري على الحدود اللبنانية السورية لغارات إسرائيلية”.
الجمهورية:
جنون إنتخابي وتبادُل «نشر الغسيل» و صرف النفوذ على غاربه
وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة “الجمهورية” اللبنانية “فيما تستمرّ المخالفات الفاضحة لقانون الانتخاب على كلّ المستويات بلا حسيب أو رقيب متمثّلةً بصرفِ نفوذٍ هنا وضغوطٍ على ناخبين هناك، وصولاً إلى التهديد بقطعِ الأرزاق وفبركةِ ملفات قضائية لهذا الموظف ورئيس البلدية أو ذاك، فضلاً عن استخدام ممتلكات عامة لغايات ومصالح انتخابية مثل استخدام رئيس الحكومة احدى طائرات الهليكوبتر التابعة لسلاح الجو اللبناني للقيام بجولة انتخابية في طرابلس، وفضلاً عن استخدام مرشحين مقرات رسمية لنشاطات انتخابية في ما تمنع على آخرين، يُقفل منتصف ليلِ اليوم باب تسجيل اللوائح الانتخابية التي يكتمل تشكيلها فصولاً اليوم، ليبدأ العدّ العكسي للمعارك الانتخابية التي ستبلغ ذروتَها يوم الأحد الكبير في 6 أيار المقبل، حيث ستجري الانتخابات في الدوائر الخمسَ عشرةَ في يومٍ واحد، ويتوقّع أن تشهد «أمّهات معارك» بين بعض القوى السياسية الكبرى في بعض هذه الدوائر.
قبلَ ساعات على انتهاء مهلة تسجيل اللوائح الانتخابية في وزارة الداخلية منتصف الليل الآتي «تساقطت» اللوائح الانتخابية، الواحدة تلوَ الأخرى، وسَقطت معها المبادئ الوطنية، وارتفعت حدّة التوتّر والتراشق السياسي وعلا الصراخ والضجيج، وبرَزت عناصر عدة للطعن بنتائج الانتخابات، وليس آخرها: تحيُّز الدولة في تقديم خدماتها، تعييناتها العشوائية، استعمال أجهزتها وإمكاناتها ووسائل نقلِها، إستعمال ماليتها وممتلكاتها، عدم تكافؤ الفرص أمام الناخبين وانعدام الرقابة على صرفِ المال الانتخابي.
وأمام اللوائح «الفسيفسائية» وغيابِ التجانس بين مكوّناتها، وعشيّة تقديم زعيم المتن نائب رئيس مجلس الوزراء السابق ميشال المر لائحتَه المتنية، نشَر رئيس مؤسسة «الإنتربول» الوزير السابق الياس المر على حسابه «إنستغرام» صورةً لوالده وقال: «كلنا حدّك أبو الياس – راجع لكُون حدّك، وكُون إلى جانب كِل يلّي وقِفت حدّن، مبارح، واليوم، وبُكرا. ويلّي ما حدا قدُن، نِحنا قدُن. وإنّ الله على نصرهم لقدير».
كلامُ المر استنهضَ المتنيّين واستنفر السياسيين وأثار الشكوكَ في صفوف المغرِضين وأقلقَ المنافِسين وطمأنَ المحبّين المناصرين، ووجَد صداه سريعاً في بنشعي، فغرّد رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجيّة، قائلاً: »كم نحترم دولة الرئيس ميشال المر الرَجل الرَجل في الأيام الصعبة».
سجالات
وحفلت الساعات الماضية بتراشقٍ «انتخابي» حادّ بين الرئيس سعد الحريري من جهة وخصمَي تيار»المستقبل»: الرئيس نجيب ميقاتي واللواء أشرف ريفي من جهة أخرى. فقد شنَّ الحريري من مدينة طرابلس خلال إطلاق لائحة تيار «المستقبل» في دائرة الشمال الثانية هجوماً عنيفاً على ريفي من دون أن يسمّيه، وقال: «…على ذِكر قلّةِ الوفاء لا نستطيع أن ننسى بطلَ العالم الذي يُغرقنا ليل نهار تقارير وتخويناً ومؤامرات، ويقول إنّه يحارب «حزب الله»… لماذا تخوض إذاً الانتخابات ضد «المستقبل؟».
وكذلك هاجَم الحريري ميقاتي من دون أن يسمّيه، فقال: «نحن لم نكن في رئاسة الحكومة وتفرَّجنا على 20 جولة قتال في طرابلس من دون أن نفعل شيئاً! نحن حين تسلّمَ دولة الرئيس تمّام سلام رئاسة الحكومة، غطّى الجيش وقوى الأمن الداخلي، ليفرضوا الاستقرارَ في طرابلس، ويَضمنوا الأمانَ لجميع أهلِنا في طرابلس. نحن لم نُتاجر بالشباب الموقوفين.
حين تسَلّمنا رئاسة الحكومة بدأنا نعمل على قانون عفوٍ، ورأيتم أنّ صوغه بات جاهزاً بإذن الله، وهذا الأمر سيحصل، يعني سيحصل. نحن لم نكن في رئاسة الحكومة، ونبيع الكلامَ من جهة ونعطّل المشاريع للمنطقة من جهة أخرى. نحن حين تسَلّمنا رئاسة الحكومة، أطلقنا مشاريعَ بعشرات الملايين من الدولارات بالبنى التحتية في الضنّية والمنية وطرابلس، وكلّكم ترَونها».
ردُّ ميقاتي على الحريري لم يتأخّر كثيراً، فأكّد أنّ «ذاكرةَ اللبنانيين عموماً وأبناء طرابلس خصوصاً ليست ضعيفة، ولا تزال في بالهم وقائعُ ليلة 19 كانون الأوّل 2009 التي شهدت احتضانَ الوصاية».
أمّا ريفي فقال لـ«الجمهورية»: «المرجَلة بوجه «حزب الله» والنظام السوري على المنابر الانتخابية في عكّار وطرابلس، تتناقض مع الاستسلام للحزب على طاولة مجلس الوزراء في بيروت، فهي شعبَوية ازدواجية بالمعنى السلبي تتوهّم أنّها تستطيع الضحكَ على ذقون اللبنانيين، فمَن سلّمَ الرئاسة والحكومة وقانونَ الانتخاب وقرارَ البلد لـ«حزب الله»، لا يحقّ له المزايدة والهوبَرة على المنابر في عكّار وطرابلس، ومَن غطّى معركة «حزب الله» في جرود عرسال، ومَن قال إنّ «حزب الله» يشكّل عاملَ استقرار ولا يَستعمل سلاحه في الداخل، لن يصدّقه اللبنانيون، فمواقفُه هي مجرّد حملة إعلاميّة دعائية وليست معركة سياسية في وجه مشروع إيران في لبنان».
ودعا ريفي الحريري إلى مناظرة أمام الرأي العام «الذي إليه نَحتكم»، وذلك بعدما اتّهَمه بأنه «يحاول تضليلَ الناس اليوم وتصويرَ الأمر وكأنه خلافٌ شخصيّ وهو يحاضر بالوفاء، فيما يَعرف الجميع أنّ خلافنا سياسيّ لأننا رَفضنا الخيارات الخاطئة التي كرّست الوصاية على لبنان».
باسيل ـ الخازن
كذلك، لم يمرّ كلام رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل خلال إعلان لوائح «التيار» مرورَ الكرام عند المرشّح عن المقعد الماروني في كسروان فريد هيكل الخازن ولا عند «المردة».
فبَعد قول باسيل إنّ «كسروان قلبُ لبنان والتيار هو قلبُ كسروان… أنتم من أوصَل رئيس الجمهورية فهل كان غريباً عنكم؟ لا غريب عن كسروان إلّا من يخوّن أهلها ويبيع قرارَها خارج الحدود». وحيّا الخازن «التيار»، لكنّه خاطبَ باسيل قائلاً: «أمّا أنتَ أيّها الوريث المكروه إرثُك في البترون، إخجَل من صفقاتك، تنعّم بثروتِك، واترُك كسروان لأهلها».
كذلك ردّ الوزير السابق يوسف سعادة على باسيل القائل: «نحن السياحة الدينية وهم البينغو، نحن خطة السير والنقل المشترك وهم رخص الـ Fume نحن الغد وهم الأمس..». فقال سعادة في تغريدة: «أنتَ لستَ «مبارح» وبالتأكيد لن تكون «بكرا»، أنت مجرّد عابر سبيل أوجدَته الصُدفَة».
أحد الشعانين
وفي هذه الأجواء، عمّت قداديس أحد الشعانين لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الغربي، لبنان، وكان اللافت خلالها غياب الحديث السياسي والانتخابي عن عظةِ البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، خصوصاً بعد زيارته بعبدا الجمعة الماضي. وأكّد الراعي في عظته أمس أنّ «الله أشرَكنا بملوكيته بواسطة سِرَّي المعمودية والميرون لكي نبنيَ مجتمعاتنا العائلية والاجتماعية والوطنية على التواضع والمحبّة والسلام».
البلد «مفلِس»
وإلى ذلك ظلّ تعبير «البلد مفلِس» الذي استخدمه رئيس الجمهورية، ونَقله عنه الراعي، لتوصيفِ الوضع المالي والاقتصادي مصدرَ قلقٍ ومتابعة. وعلى رغم التصويب الذي أعلِن لاحقاً، فإنّ التصويب نفسَه، وإن كان قد نفى صفة الإفلاس بمفهومه الحقيقي، إلّا أنه أشار في وضوح إلى أنّ الوضع يتّجه إلى أزمة مؤكّدة.
في الواقع، التحذيرات من الكارثة أو الإفلاس أو ما شابَه ذلك، ليست حديثة، بل تعود إلى سنوات خلت. وإذا كانت الكارثة لم تقع حتى اليوم، فهذا لا يعني أنّها لن تقع غداً أو بعد غدٍ. إنّها مسألة توقيت…
الوضعُ المالي والاقتصادي وبالأرقام باتَ معروفاً. وقد وصَل حجم خدمة الدين العام إلى نحو 5 مليارات من الدولارات سنوياً، وذلك بعدما وصَل حجم الدين العام إلى 80 مليار دولار، ولم يسجّل الاقتصاد نموّاً سوى 1% معدّلاً وسطياً في السنوات الثلاث الماضية. نموّ الدين العام اقترَب من نسبة 7% سنوياً، وهي نسبة مرشّحة للارتفاع في السنوات الثلاث المقبلة وصولاً إلى 10%. نسبة الدين على الناتج المحلّي أصبحت نحو 150%. نسبة العجز في الموازنة نحو 13%.
هذه الأرقام؛ ولمن يُجيد القراءة البسيطة والبدائية في الاقتصاد، يُدرك حجم التعقيدات التي بلغَها الوضع المالي والاقتصادي، والأهم يدرك إلى أين يتّجه البلد إذا استمرّ المشهد إذا لم يحصل تغيير دراماتيكي والمسار الحالي. (راجع ص10)
الموازنة و«سيدر»
وفي خضمّ استعدادات لبنان للمشاركة في مؤتمر»سيدر» علمت «الجمهورية» أنّ هناك احتمالاً كبيراً لدعوة مجلس النواب إلى الانعقاد الأربعاء والخميس من هذا الأسبوع لمناقشة الموازنة العامة وإقرارها في المجلس لتكونَ جاهزةً قبل سفر الوفد اللبناني الرسمي إلى المؤتمر المقرّر في 6 نيسان المقبل.
وتحضيراً لهذا المؤتمر يُعقد اليوم في باريس لقاءٌ وزاري وإداري لبناني – فرنسي، يشارك فيه عن لبنان الوزيران جمال الجرّاح ورائد خوري وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس مجلس الإنماء والإعمار نبيل الجسر، والمدير العام لوزارة المال آلان بيفاني، ومدير الشؤون السياسية في وزارة الخارجية السفير غدي خوري، ووفدٌ يضمّ ميراي عون الهاشم وفادي عسلي (مستشاري رئيس الجمهورية)، وآخَر يضمّ معاوني الحريري المستشارَين الدكتور نديم المنلا وهازار كركلا، وثالث مِن وزارة الطاقة والمياه.
ومِن المقرّر أن يكون الموفد الرئاسي الفرنسي بيار دوكازن في انتظار الوفد اللبناني لإجراء محادثات تمهيدية في حضور ممثّلين عن الدول التي ستشارك في المؤتمر، تحضيراً لأعماله”.
الاخبار:
ما هكذا تورد الإبل يا جبران!
مراجعة مع جبران باسيل
وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة “الاخبار” اللبنانية “لبارز في نهاية الاسبوع، كان خطاب الوزير جبران باسيل خلال احتفال إعلان لوائح التيار الوطني الحر في لبنان. ولأن باسيل والتيار الوطني ينطلقان من قواعد تنشد الحرية والسيادة والعدالة والمساواة والقانون، لا بد من مناقشة ما قاله وما يقوم به ربطاً بالاستحقاق الانتخابي من جهة، وبعمل التيار في الدولة والسياسة منذ وصول العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية من جهة ثانية، إضافة الى وضع التيار الذي قام على قاعدة شعبية واسعة، وها هو ينتهي على شكل حزب له قواعد عمل، تشبه أحزاب الثمانينيات من القرن الماضي.
يحق لباسيل أن يقول ما يقول، وأن يصدقه الناس أو يرفضوه، فهذا شأن آخر. ولأن الرجل يلعب على التاريخ والمقارنات، ولأن التيار قوة حقيقية تستحق الافضل كل الوقت، ولأن لبنان لا يحتمل المغامرات السياسية، فمن المفيد إيراد الملاحظات الآتية:
أولاً: ينطلق باسيل في فلسفته لمفهوم الشراكة من قاعدة أنه زعيم الغالبية المسيحية، ما يسمح له باحتكار تمثيل المسيحيين عموماً، متبنّياً بالحرف طريقة عمل الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري والنائب وليد جنبلاط بوصفهم زعماء الغالبية عند الشيعة والسنّة والدروز. عملياً، استسلم التيار للواقع السياسي القائم، وبدل أن يستغل وصول العماد عون الى رئاسة الجمهورية، حيث بيده قرار حاسم يتعلق بجدول أعمال الحكومة أو توقيع المراسيم، فإن التيار لجأ الى ما هو أسهل، لجهة تحقيق برنامج توسيع النفوذ والحضور داخل الدولة. حتى إن التيار نفسه لم يصبه الفزع عندما وافقه الشركاء في الحكم على تلبية مطالبه. فهؤلاء ليس لديهم مشكلة أصلاً إن جاء شريك رابع الى الطاولة وتقاسم معهم حصص الدولة، حتى لو عاندوا قليلاً، طالما هم تعوّدوا أن يحتكروا تمثيل المسلمين، وأن يضعوا أيديهم على ما تيسّر من حصص المسيحيين.
فعلياً، سقط التيار الحر في الامتحان الأبرز المتعلق بإعادة الاعتبار الى المعايير العامة في اختيار الموظفين. وهذا ما انعكس في سلسلة التعيينات التي حصلت في الدولة منذ وصول عون الى الرئاسة، وفي كل المؤسسات المدنية والعسكرية على حدّ سواء.
لكن المشكلة، في هذا الملف، لا تقتصر عند قبول التيار اعتماد سياسة من كان يفترض أنه يشكو منهم، بل هو لم ينتبه الى أنه تبنّى كل آليات عملهم أيضاً. فعندما يقرّ الشركاء للتيار بأنه الشريك الممثل للمسيحيين، يترك التيار وحيداً في اختيار من يريدهم للمناصب في الدولة. وفي هذا الجانب، سقط التيار مجدداً، لأنه لم يعتمد آلية تتيح لجميع المسيحيين الحصول على الفرصة، بل قرر ــ تماماً كما يفعل زعماء الغالبيات عند المسلمين ــ أن يختار من يراهم الأنسب. وفي هذه الحالة، نكون أمام اختيارات تقوم على مبدأ الموالاة والمحسوبية وتضيق لتصل إلى حدود من هو أقرب الى دائرة القرار داخل التيار نفسه. فكيف يكون الأمر عندما يواجه العهد أزمة التضخم في عدد المستشارين والمقرّبين الذين لهم الحق في الحصول على نفوذ هنا أو هناك؟
الأمر الثالث، هو التصرف على أساس أن كل مَن تم تعيينه سابقاً ليس ذا صفة تمثيلية. يعني أنه صار لزاماً على الموظفين المسيحيين، الذين دخلوا الى مؤسسات الدولة خلال الفترة الممتدة من عام 1990 حتى عام 2017، أن يخضعوا لامتحان ولاء. ونحن نعرف أن غالبية هؤلاء، إما سبق لهم أن قدموا الولاء الى المرجعيات المسيحية السابقة، لأجل الحصول على الوظيفة، أو هم مارسوا التقية. ولذلك، ليس مفاجئاً أن نجد اليوم داخل الدولة حشداً غير مسبوق من الموظفين المسيحيين الذين يعتمدون سياسة «تمسيح الجوخ» مع التيار ورجالات العهد، لظنّهم أنها الطريقة الفضلى للحفاظ على مناصبهم. وبالتالي، فهم هؤلاء ــ أو هم يتصرفون على هذا الاساس ــ أن معايير الكفاءة ليست هي الاساس.
وعندما يجعل باسيل والتيار هذا الامر أساسياً تحت عنوان «تحصيل الحقوق لتحقيق الشراكة»، ننتقل مباشرة الى الخطاب والتعبئة القائمة على قاعدة إرضاء الجمهور المسيحي. وهذا ما يجعل التيار يخسر، وبضربة واحدة، كل الذين ناصروه خلال السنوات الماضية من بقية اللبنانيين، ويجعل هؤلاء أيتاماً من دون ملجأ بعدما راهنوا على أن العماد عون والتيار سوف يفسحان المجال لرفع الظلم عنهم. وعملياً، تكون النتيجة أن سلوك التيار لم يجذب المزيد من اللبنانيين الى مشروع التغيير، بل دفع بالقسم المتضرر من سياسات الحكومات السابقة الى الاستسلام، والذهاب لتقديم واجب الطاعة ــ مع مفعول رجعي ــ الى المرجعيات الاسلامية التي ظلت مصدر قلقه وألَمه في العقود السابقة.
رابعاً، الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، إذ إن التيار كان يواجه سياسات قامت خلال عشرين سنة في لبنان. وهي سياسات عامة لا تتعلق بالموقف من سوريا والمقاومة وانتخاب رئيس الجمهورية وقانون الانتخاب وتشكيل الحكومة، بل في البرامج الاقتصادية والمالية والاجتماعية، والسياسات الخارجية للدولة. وهو ما جعل التيار يصدر في يوم من الايام كرّاسه الشهير «الإبراء المستحيل». وحتى لا «نأكل رؤوس» بعضنا البعض، فإن حجر الزاوية في هذا الكرّاس يقوم على رفض السياسات التي أقرّها فريق رفيق الحريري، وورِثتها كل الحكومات السابقة، وعلى انتقاد كل الذين جاروه في هذه السياسات. لكن الذي يحصل اليوم هو أن التسوية الرئاسية وقيام تفاهمات بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل، جعلا هذا الكرّاس مركوناً في زاوية الأرشيف الميت. وتكفي مراجعة قرارات الحكومة منذ انتخاب الرئيس عون، لنكتشف أن التيار الوطني الحر هو من غيّر مواقفه، لا الآخرون، كل الآخرين، وفي مقدمهم ورثة رفيق الحريري.
في هذه الحالة، عندما يتحدث باسيل والتيار عن مواجهة الفساد، لا يمكنهما الكيل بمكيالين، ولن يكونا صادقين أو عادلين أو محقّين، عندما يقرران أن الفساد يتمثل اليوم في الفريق الذي يمثله الرئيس نبيه بري، ويقرران عدم خوض معركة ضد زعامة وليد جنبلاط، لأن حالة الأخير «تعبانة» و«ما بيحرز». ثم ينسى باسيل والتيار كل ما قام ويقوم به تيار المستقبل. وتكفي الاشارة الى ما حصل في قوى الامن الداخلي ووزارة الاتصالات ووزارة الداخلية ومصرف لبنان ومؤسسات عامة أخرى، حتى نكتشف أن التيار أصابه «حَوَل سياسي» أو عمى ألوان، فصار يرى عين التينة في بيت الوسط، ولم يبقَ من الالوان إلا الاخضر.
والمشكلة أن باسيل والتيار لا يقفان هنا لمراجعة الموقف، بل يذهبان بعيداً في تحميل الآخرين مسؤولية ما ينتقدانه، ويحصران النقد في المقاومة، التي يريانها وسيلة تغطية للفاسدين وناهبي المال العام. ولم يعودا يريان كيف أن بقايا فريق 14 آذار، وفي مقدمهم الحريري، ما زالوا يستندون الى دعم الدول الاقليمية والدولية النافذة للمحافظة على حضورهم القاسي في الدولة، كما يستندون الى «تسوية الرئاسة» في ممارسة المزيد من التسلط على إدارات الدولة ومؤسساتها. وبدل أن يقاومهم التيار، نراه في محطة الانتخابات النيابية هذه، يعمل على مراضاتهم من خلال بعض الترشيحات، بينما هو لا يرى نفسه ملزماً بالتعاون مع الحلفاء الذين وقفوا الى جانبه، وأقاموا الدنيا منعاً لإقصائه وتحقيقاً لوصول عون الى بعبدا.
لكن، هل يجد باسيل والتيار وقتاً للإجابة عن أسئلة هذه السنة حول ما يجري في وزارة الاتصالات من تلزيمات تتعلق بالهاتف وخطوط الألياف الضوئية؟ وكيف تحصل شركة هاواوي، مثلاً، على 70 في المئة من حجم الاشغال مقابل أقل من 30 في المئة للآخرين؟ أم ان التيار يحتاج الى من يشرح له الامر بتفصيل أكبر (هناك ملف متكامل عن التحالف غير الرسمي الكبير الذي يضم مجموعة من المتعهدين بقيادة هشام عيتاني، والذي سيتولى، بدعم النافذين سياسياً، الاشغال في كل لبنان، وهو ملف مليء بالأخبار السارة أيضاً لهواة الصنف).
هل يجد باسيل والتيار وقتاً ليحدثانا عن القوة المستجدة فجأة عند مصرف «سيدروس» الذي لم يتأخر لحظة بعد انتخاب عون رئيساً، بأن رفع الصوت مطالباً بمفعول رجعي يخصّه من الهندسات المالية، ثم من تسويات قائمة بينه وبين المصرف المركزي حول سياسة الفوائد الهادفة الى جذب الاموال بالعملة الصعبة؟
هل أنهى التيار وباسيل، فعلاً، التحقيق في ملف الصفقات أو التنفيعات التي جرت خلال تولّي نائب رئيس التيار، نقولا صحناوي، وزارة الاتصالات، والتي أمكن للبعض جمعها في ملف واحد، لم يصل مع الأسف الى الجهات القضائية المختصة، مع العلم بأن وزير العدل الحالي سليم جريصاتي، وهو ممثل التيار في الحكومة، لديه سيرة «لطيفة» جداً في معرض احترامه ودفاعه عن استقلالية السلطة القضائية؟!
هل تابع باسيل، ومعه أركان التيار، الفضيحة المراد طمسها، في وزارة الزراعة، حيث لا يقوم موظفون رفيعو المستوى، ومن المحسوبين على التيار أصلاً، أو من الذين استجدّ ولاؤهم للتيار، بالدور المطلوب منهم، في منع مرور صفقة مبيدات للحشرات فاقدة الصلاحية وتشكل خطراً على السلامة العامة لجميع اللبنانيين وليس للمزروعات فقط، بينما تستمر الوساطات من قبل المستورد الذي لم يترك مسؤولاً في الدولة إلا وحاول الحصول على دعمه؟ وهل يعرف باسيل والتيار أن هذا الملف يدار بالتشارك بين من هم محسوبون عليه في هذه الوزارة، وفريق وزير الزراعة نفسه، علماً بأن الوزير، وهو غازي زعيتر، محسوب على من يعتبره باسيل رأس الفساد في البلاد؟
كيف يمكن لباسيل والتيار الوطني الحر الإجابة عن عنوان واحد، وفرعي، من ملف الكهرباء: لماذا ظلّ مشروع تلزيم إنتاج الطاقة للمعامل العائمة محصوراً في عارض واحد فقط؟
وعندما يجري الحديث عن مواجهة الفساد والمواقع الغامضة وأصحاب الصفقات والمشاريع التي لم تخضع إدارتها للقوانين المرعية، لا يمكن البحث عن وسيلة لضمّ شخصيات مثل ميشال ضاهر (لديه ملف عالق أمام النيابة العامة المالية، وملف آخر فيه شبهة تشارك مع إسرائيليين خدموا في جيش الاحتلال، في مؤسسات مالية دولية كبيرة) ولا مع سركيس سركيس الذي يملك فقط قدرة مالية كبيرة ناتجة من أعماله غير المدققة بالكامل، فيصبح حليفاً رئيسياً في المتن الشمالي، ولا مع نقولا شماس، الوجه البشع لسلطة الشجع والتمييز في لبنان، ليكون ممثلاً عن بيروت، ولا مع ميشال معوض الغارق الى أبعد ممّا يعتقد التيار في خياراته السياسية المناقضة لكل ما يؤمن به التيار، علماً بأن الحظ فقط أنقذ التيار من ورطة جاد صوايا، وما أدراك ما جاد صوايا!
بل أكثر من ذلك، كيف يكون الأمر سوياً، من حيث النزاهة السياسية، ومن حيث البحث عن مزيد من النقاء السياسي، عندما يصادف ــ واللهِ، مجرّد مصادفة ــ أن يخوض التيار الوطني الحر معاركه الانتخابية في مواجهة حلفائه في المعركة الرئاسية، إلا حيث لا يقدر التيار على خوض المعركة منفرداً؟
كيف يصبح فيصل كرامي وجهاد الصمد وعبد الرحيم مراد وأسامة سعد وإيلي الفرزلي وألبير منصور ووجيه البعريني مصدر مرض خطير، بينما تأتي الصحة الكاملة من تحالف مع الجماعة الإسلامية وآل معوض وغيرهم؟
كيف يعقل أن يوفّق باسيل بين المطالبة بحقه في تسمية المرشحين عن المقاعد المسيحية في دوائر بعلبك ــ الهرمل، ومرجعيون، وزحلة، وعكار، والزهراني وجزين وعاليه والشوف وبعبدا وبيروت، وبين رفضه لحق أبرز حلفائه، أي حزب الله، في أن يسمّي مرشحَيه عن المقعدين الشيعيين في جبيل وزحلة؟
ألا تدعو هذه التحالفات والمواقف الى التأمل، خصوصاً مع استعادة مطالعة الرئيس سعد الحريري ومساعديه أمام الأميركيين والسعوديين، من أن التيار يتقدم خطوات حثيثة نحو فكّ تحالفه مع حزب الله وحلفائه، كما هي الأخبار الأخرى، عن تهديد أميركي – فرنسي صريح للتيارالوطني الحر بوجوب الابتعاد عن حزب الله وحلفائه تحت طائلة شمول التيار الوطني الحر ومؤسساته وقياداته بالعقوبات التي ينوي الكونغرس الأميركي تشديدها على حزب الله؟!
ليس هكذا تورد الإبل يا رفيق جبران!”.
اللواء:
«لوائح الأحزاب» تستغيث: إنتخبونا وإلاَّ..
الحسيني ينسحب من لائحة باسيل في بعلبك – الهرمل.. واتهامات باطلة ضد المنافسة في العاصمة
وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة “اللواء” اللبنانية “تدحرجت اللوائح دفعة واحدة، لا سيما الكبرى منها، في بيروت والشمال والجبل والجنوب، على وقع انسحابات أبرزها انسحاب الرئيس حسين الحسيني من الماراتون الانتخابي، في دائرة بعلبك – الهرمل المدعومة من التيار الوطني الحر، وبداية احتكاكات انتخابية لا سيما في بيروت، حيث اقدم شبان على تمزيق صور المرشح نبيل بدر قطب المرشح على لائحة «بيروت الوطن» الأمر الذي أدى إلى بلبلة، ما لبث ان تمكن وجهاء في المنطقة من احتوائها، على قاعدة ان التعبير حر، والانتخابات تنافسية وليست عدائية.
وتميز إعلان لوائح المستقبل في طرابلس والضنية والمنية وعكار بمواقف سياسية للرئيس سعد الحريري، حيث هاجم خصومه المرشحين، لا سيما الرئيس نجيب ميقاتي ووزير العدل السابق اللواء اشرف ريفي، معتبراً ان المعركة مع حزب الله في كل اللوائح في لبنان، وان دور السنة في المعادلة الوطنية اقوى من أي سلاح، ومن كل سياسات الممانعة، موضحاً ان مشروع قانون العفو عن الإسلاميين، سيرى النور قريباً.
ولعل القاسم المشترك بين لوائح الأحزاب في كل الدوائر: (المستقبل، حزب الله، أمل، التيار الوطني الحر، القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي)، هو الدعوة لانتخاب مرشحيها بما يشبه الاستغاثة تحت طائلة: الويل والثبور وعظائم الأمور..
ومن الملفت الذي رافق الحراك الانتخابي الحملة على اللوائح المنافسة للائحة «المستقبل لبيروت» واتهامها بأنها تعمل على السعي لهيمنة حزب الله على قرار العاصمة.
معارك ساخنة
وقبل اقفال باب تسجيل اللوائح الانتخابية منتصف ليل اليوم – الثلاثاء في وزارة الداخلية، باتت صورة المشهد الانتخابي مكتملة تقريباً في الدوائر الانتخابية الـ15، بما في ذلك العدد النهائي للمرشحين الذين سيسقط منهم من لن يكون في عداد لائحة، بحسب القانون الجديد، لكن اللافت ان العدد الكبير من اللوائح الذي سترسو عليه بورصة اللوائح اليوم، والذي يرجح ان يقارب المائة لائحة، يؤشر إلى ان المعارك ستكون محتدمة في كل الدوائر، بما في ذلك دائرة صور – الزهراني (الجنوب الثانية) التي أعلنت فيها لائحة غير مكتملة في الزرارية برئاسة رياض الأسعد، بعد ان كانت جميع القوى السياسية من غير الثنائي الشيعي تحجم عن خوض المعركة فيها.
وفي تقدير مصادر سياسية، انه لن تكون هناك دائرة يمكن ان توصف «بأم المعارك» بحسب ما كانت توصف معركة الشمال الثالثة (زغرتا – بشري – الكورة – البترون) نظراً لوجود 4 مرشحين لرئاسة الجمهورية مرشحين في هذه الدائرة، بل ان كل الدوائر ستخاض فيها معارك شرسة وغير مألوفة بسبب وجود عدد كبير من اللوائح والمرشحين بمعدل (5 أو 6 لوائح) في الدائرة الواحدة، وان التنافس على كسب الأصوات سيكون حتى داخل الاصطفاف السياسي والطائفي الواحد، بشكل لم يألفه لبنان منذ تاريخه الاستقلالي، بفضل القانون الانتخابي الذي جعل كل فريق وحزب وتيار وقوة سياسية تفتش عن مصلحتها الذاتية، ولو اقتضى ذلك ان يتفرق الاخوان والاصحاب والاحباب من أبناء الصف الواحد والهدف الواحد والمشروع الواحد.
ولعل «النيران» التي بدأت تطل عبر تبادل الاتهامات بالخيانة وقلة الوفاء وفتح الملفات والجروح والذكريات، ما يشي ان الحملات الانتخابية ستكون صاخبة، حتى قبل موعد الاستحقاق الذي ما يزال يفصلنا عنه 40 يوماً بالتمام والكمال، الأمر الذي دفع الرئيس نبيه برّي إلى إبداء اسفه لانحدار الخطاب السياسي كلما اقتربنا من موعد الانتخابات إلى مستويات لا تخدم لبنان ولا وحدته ولا صورته امام العالم.
حرب اتهامات
وإذا كانت كلمة سربت على لسان وزير الداخلية نهاد المشنوق في شريط فيديو عن الثنائي الشيعي وحلفائه عن حجم أصواته في بيروت الثانية اشعلت مواقع التواصل الاجتماعي، فإن إعلان اللوائح وأسماء المرشحين في غير منطقة، لم تخل بدورها من «غمز» و«لمز» دفعت المعنيين بها إلى الرد وتبادل الاتهامات.
من ذلك، ما أعلنه الرئيس سعد الحريري في الشمال عن ان «حزب الله» وبشار الأسد بدأوا بتركيب لوائح في الشمال وغير الشمال، بعدما كان اتهم اللوائح المنافسة في بيروت بالتصويت لـ«حزب الله»، وزاد على ذلك باتهام خصومه السياسيين بأنهم «خبراء وصاية وشركاء وصاية وممثلي وصاية»، في إطار الرد على الرئيس نجيب ميقاتي بأن طرابلس ترفض الوصاية على قرارها، مؤكداً ان زمن الاستيلاء على قرار الشمال لن يعود وكذلك زمن الفتن، وزمن الاستقواء بالمخابرات والسلاح.
ولم يسم الرئيس الحريري الرئيس ميقاتي بالاسم ولا الوزير السابق اللواء اشرف ريفي، مع انه ذكّر الأوّل كيف تألفت الحكومة برئاسته في العام 2005 ومن سماه؟ وكيف شكلت اللائحة في العام 2009 ومن اعلنها؟ وواصفاً الثاني «بقلة الوفاء» وبأنه يخدم من حيث لا يدري اللوائح المدعومة من «حزب الله» من خلال خوض الانتخابات في مواجهة لوائح «المستقبل»، الا ان الرئيس ميقاتي شاء الرد على الحريري عبر «تويتر» معيداً إلى ذاكرة اللبنانيين وقائع ليلة 19 كانون الأوّل 2009 التي قال انها «شهدت احتضان الوصاية»، في إشارة إلى زيارة الحريري لدمشق في ذلك اليوم، في حين غرد اللواء ريفي عبر «تويتر» أيضاً داعياً الرئيس الحريري إلى ان ينسجم مع مواقفه وان يستقيل من حكومة «حزب الله» ويسحب من وصفهم «بازلام النظام السوري» من لوائحه وان يتعهد بأن يكون خطابه الانتخابي سياسياً في بيروت في مواجهة مشروع «حزب الله»، معتبراً ان «الوفاء للاشخاص عبودية واستزلام».
اللافت في الأمر، دخول اللواء المتقاعد جميل السيّد على خط التذكير بالليلة الدمشقية ما دفع النائب زياد القادري إلى الرد عليه، فيما تولى النائب سمير الجسر الرد على ميقاتي، في حين قال المرشح على لائحة «المستقبل» في طرابلس جورج بكاسيني ان تعليمة وصلت لازلام الوصاية السورية بالرد على الحريري.
وبعيداً عن تبادل الاتهامات، حرص الرئيس الحريري خلال وجوده في طرابلس على لقاء وفد من أهالي الموقوفين الإسلاميين، حيث وعدهم، بحسب مصادر مقربة، بأنه سيتم خلال أيام انجاز صيغة «المستقبل» القانونية لقانون العفو، لافتا نظر الوفد على ان إقرار القانون يحتاج إلى توافق لضمان عدم سقوطه بالتصويت.
وكان الحريري أعلن في كلمته بأنه بدأ العمل على قانون العفو منذ ان تسلم رئاسة الحكومة، مؤكدا ان صياغة القانون باتت جاهزة، وقال: «هذا الأمر سيحصل، يعني سيحصل».
باسيل
اما احتفال «التيار الوطني الحر» بإطلاق حملته الانتخابية وإعلان أسماء مرشحيه وبرنامجه، خلال المؤتمر الثالث الذي أقامه أمس الأوّل في «الفوروم دو بيروت»، وشارك فيه وزراء التيار ونوابه مرشحوه وحشد كبير من المناصرين، فلم يخل بدوره، من توجيه رئيس التيار الوزير جبران باسيل، انتقادات واتهامات إلى خصومه السياسيين، سواء لتيار المردة أو القوات اللبنانية، أو حتى للرئيس برّي، وان كان حرص على توجيه تحية للأمن العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله مؤكدا انه «سيبقى على الموعد يا صاحب الوعد الصادق الذي لم تخل بوعدك يوماً»، موضحا ان شراكته مع الفريق الذي نقوم به بشراكة (المستقبل من دون ان يسميه) فهي شراكة للإصلاح وليس شراكة صفقات وفساد»، متعهدا بأنه «لن يقبل بأن يمد أحد يده على نقطة من نفط لبنان، لا بفساده ولا باعتدائه، لا من الداخل ولا من الخارج».
وفي إشارة إلى خصومه، قال باسيل: «من كان ماضيه سيئاً فلا يمكنه ان يعدكم بشيء، ومن كان ماضيه تبعية للخارج لا يمكنه ان يتكلم عن السيادة، ومن كان ماضيه تبعية للداخل لا يمكنه ان يتكلم بالشراكة خاصة بعدما طير الارثوذكسي والتأهيلي، ومن كان ماضيه قام على تحزيب الدولة لا يمكنه ان يتكلم عن بنائها، ومن كان ماضيه قائما على السرقة وفرض الخوات وطمر النفايات لا يمكنه الحديث عن محاربة الفاسد… «نحنا بكرا وهم امبارح» في إشارة واضحة إلى الشعار الذي رفعه تيّار «المردة».
وتحدث باسيل عمّا اسماه خيانة التيار في خلال مفاوضات تأليف اللوائح، لكنه قال انه سكت عنها والمحافظة على التفاهمات الكبيرة والمحفاظة على البلد واستقراره، غامزاً من قناة «القوات» قائلاً: «يريدون ان يحاصروننا ويصغروا كتلتنا ليخففوا من قوتنا وقدرتنا، ونحن نود الرد عليهم في الصندوق بمزيد من الإصرار على التفاهم».
وسبق كلمة باسيل، الإعلان عن أسماء مرشحي التيار، وبلغ عددهم 61 مرشحاً، لكن الكشف عن اللوائح المدعومة من التيار أظهر ان العدد الإجمالي بلغ 91 مرشحا، وهو أكبر رقم لمرشحين مقدمة تيّار سياسي، في مقابل 37 مرشحا للمستقبل، و28 للثنائي الشيعي و19 مرشحا للقوات اللبنانية و11 للكتائب.
ولفت الانتباه ان اللوائح المدعومة من التيار العوني غطت 12 دائرة انتخابية، من أصل 15، باستثناء دائرة الجنوب الثانية (صور – الزهراني) وطرابلس المنية والضنية والبقاع الغربي- راشيا، لكن مصادر عونية أوضحت ان التيار يدرس تسمية مرشحين في هذه الدوائر لاحقا.
عزوف الحسيني
ولوحظ ان التيار أعلن أسماء اللائحة المدعومة منه في دائرة بعلبك- الهرمل، وضمت: ميشال ضاهر، غادة عساف، حسين الحسيني، علي زعيتر، محمّد حيدر، شوقي فخري، عباس ياغي، علي صبري حمادة، سعد الحجيري، عبد الله الشل.
وفي المعلومات ان تسمية هؤلاء ومن بينهم اسم الرئيس الحسيني، كانت من ضمن العوامل التي دفعت بالرئيس السابق لمجلس النواب إلى إعلان عزوفه عن الترشح، وبالتالي خروجه من السباق الانتخابي، واصفا الانتخابات بأنها ليست نيابية بل استنيابية، وان الدعوة إليها هي دعوة إلى التصويت على تمثيل حكام الأمر الواقع وعلى اقتناصهم الصفة الشرعية، معتبراً بأن القانون انطوى علي تشويه للنظام النسبي بخلاف ما نصّت عليه وثيقة الوفاق الوطني والدستور، فضلاً عن تشريع الرشوةلمن اعتاد ممارستها واستخدام مؤسسات الحكم والإدارات والأجهزة الرسمية واستخدام الأملاك الخاصة والشخصية والحزبية في العملية الانتخابية.
وجاء إعلان عزوف الحسيني، في وقت أعلن فيه عن تشكيل لائحة أطلق عليها «المقاومة المدنية» وضمت أسماء 9 مرشحين، الا ان إعلان التيار العوني عن تسمية ترشيح ميشال الضاهر مدعوماً منه، شكل إحراجاً له، لأنه كان يريد أن يكون الضاهر ومعه المرشحة غادة عساف – مستقلين”.
المصدر: الصحف اللبنانية