ليسَ الفنُّ نسخًا لما تُبصرُه العينُ البشريّةُ من موجوداتِ الكونِ ولا هوَ تقليدٌ لما قد تقعُ عليه أبصارُ النّاظرين من أشكالٍ. لكنه فطرةُ وإدراكٌ لما تقعُ عليهِ البصائر. هو الّذي ينقلُ روحَ الموجودِ ولا يصوّرُ هيئتَه، ويجعلُ من ألوانِه متنفّسًا للإلهامِ.
والفنّ لا يجودُ به إلّا أهلُه، و”إبداعُ” بضوءِ عدساتِ مُبدعيها وأثيريّة ريشاتِ رسّاميها ونحّاتيها، استطاعَت على مرّ سنواتِها السّبعة أن تحتفظَ للفنّ بماءِ وجهٍ يفيضُ منه النور.
في إطارِ دعمِها الدّائمِ للفنّ والجمالِ بكلّ وجوهِهِ الثّقافيّة والإحترافيّة، افتَتَحت جمعيّة إبداع بشخصِ رئيسِها الشّاعر علي عباس معرضَها السّابع “إبداع بالكلمة واللّون والضّوء”، وقد رعتِ حفل الإفتتاحَ الّذي أقيمَ في قصر الأونيسكو ببيروت في الثّامن من شهر آذار الجاري، رئيسة جمعيّة الفنّانين اللّبنانيّين الدّكتورة ديما رعد.
المعرضُ الّذي يستمرّ لثلاثةِ أيّامٍ، يضمّ مجموعةً من أجملِ الأعمال الفنية. حيثُ تزيّنت الجدران بلوحاتٍ لأشهر الرسامين، وعُلّقَت إلى جانبها صورٌ التُقطِت بعدسات المُبدعين، يُضافُ إليها من مخطوطاتٍ عربيّة أصيلةٍ، كان لكلّ منها رسالته السّامية.
تميّز معرض إبداع في افتتاحيّته بإقبالٍ ملحوظٍ من جميع الفئات العمريّة الّتي أكّدت في حضورها على أنّ الفنّ ما يزال يحتفظ بمكانته كقيمةٍ اجتماعيّة مهمّة.
وعقب استصراحاتٍ لأهمّ المشاركين، أبدى الخطّاط والفنّان التّشكيلي حسين يونس سعادته لمشاركتِه الدّائمة في النّشاطات الّتي تنظمّها الجمعيّة مُعتبرًا أنّ الأعمالَ الفنّية تتّجه لمزيدٍ من الرّقيّ، لا سيّما فنّ الخطّ الّذي ابتعدَ فيه معظمُ الخطّاطين عن الكلاسيكيّة ليُصارُ إلى إدراج الألوان والزّخرفات المُفعمة بالحيويّة.
وفي سؤالِنا عن فحوى الرّسالة الفنية وطريقة تأديتها، أكّد الفنّان برنارد رنو أنّ رسالة الفنّان تنطلق من محبّة الفنّ ذاته، فعبّر عن ذلك بالقول “بقدر ما نحبّ ما نفعل، بقدر ما نستيطع إيصال الرّسالة بالشّكل الصّحيح”، وبالاستفادة من خبرتِه الواسعة في مجال الرّسم، أكّد أنّه مع الوقت يستطيع الفنّان إدراك النّقطة الّتي يجب أن يختمَ عندها لوحتَه والوصول إلى عقل المتلقّي.
وفي كلمة الافتتاح قال رئيس الجمعيّة الشاعر علي عباس بعد أن نوّه بـِ”مناسبتين عزيزتين” تزامنا مع إفتتاح المعرض، هما مناسبة عيد المرأة والمعلّم : ” وها نحن نلتقي .. في سابع أعمار الحياة .. نستعيد ما مر في خاطر أهل الفن الجميل والجليل .. نتوسم التمام .. ولا ندعيه .. ونتجنب النقصان ..
واضاف : المعرض السنوي السابع لجمعية إبداع .. يطل مجدداً في محضر مدينة الابداع .. حاضناً في كفه وقلبه العشرات من الصور والسير الجميلة .. رافضاً التيه في عتمة الاتهام والإبهام .. معلنا انتماءه للحب والروعة والجمال وصفاء الذهن والنفس ..
وأكد قائلاً : ” نحن .. اللبنانيون .. المتفضلون على كل آتٍ إلينا .. طالباً أو هارباً .. أو عابرَ سبيل.
نحن .. اللبنانيون .. المتفضلون على كل غربة واغتراب .. حتى رقيناها الى مستوى الأوطان .. لأننا وبكل بساطة .. نملك الأهلية والكفاءة التي لم تسطع أيامهم وأحلامهم وأوهامهم الارتقاء إليها دون مس من حرفنا أو مسك من سيفنا والشاهد تلك المشاهد عبر الأوطان والسنين .. وما صنعه من أهل الشرف والتضحية والمحبة والرحمة والوفاء ..”
بدورها نوهت رئيس جمعية الفنانين الدكتور ديما رعد على الدور الريادي الذي تضطلع به جمعية إبداع في مجالات الفن والادب كافة .. مبدية تعاونا مستداماً من اجل نهضة فنية على جميع المستويات تتخطى عضوية جمعية الفنانين لتشمل جمع الفنانين والموهوبين في لبنان”
وبعد جولةٍ دامت لساعتين من الوقتِ، اختُتِمت افتتاحية “إبداع بالكلمة واللون والضوء” مع بشائر بالمزيد من الإقبال في اليومين القادمين، للمشاركة بالورش الّتي ستُقام ضمن فعاليات المعرض.
تقرير زهراء سرحان
تصوير زينة ناصر الدين وسارة قعيق
المصدر: خاص