لم تعد روايات الكاتب اللبناني أمين معلوف وحدها الراسخة في أذهاننا، بل يترك الكاتب والمثقف، عندنا اليوم، ذاكرة بشعة، إثر مشاركته في حديث تلفزيوني مطوّل مع قناة «i24» “الإسرائيلية.”
إطلالة معلوف هذه، وضعته في خانة «التطبيع»، وهو يتلقى إلى هذه الساعة ردود فعل سلبية، كان آخرها وقفة تضامنية في مسرح «المدينة» دعت إليها أمس «السفير» وحملة «قاطع»، ومجموعة كبيرة من الناشطين في مجال المقاطعة مع “إسرائيل.
زينة برجاوي/جريدة السفير
بدايةً، عبّرت المخرجة والممثلة والفنانة المسرحية نضال الأشقر عن تعجبها كيف لرجل مثقف كمعلوف أن يعطي المقابلة على قناة إسرائيلية، مقترحةّ بتوجيه رسالة اليه، موقعة من قبل المتضامنين تسأل فيها إذا كان بحاجة إلى “إسرائيل” برغم كل شيء. وبرأي الأشقر «إن المقاطعة هي السقف الأول عند المثقف الذي لا يجب أن يقاطع فقط بل أن يعمّم ثقافة المقاطعة».
من جهته، اعتبر رئيس تحرير «السفير» طلال سلمان مشاركة معلوف «سقطة خطيرة له، تغتال صورته كمفكر وكروائي مبدع، وتشعرنا بالحزن العميق، فنرفع صوتنا برفضها». وأضاف الزميل سلمان «أمين معلوف لقد ارتكبت خطأ جسيماً بحجم خطيئة، فاعتذر من أهلك، وإلا كنت تخرج منهم وعليهم، وهذا ما لا نريده لك، أقلّه حتى هذه اللحظة».
أما الكاتب والشاعر محمد شمس الدين، فأكّد من منطلق معرفته الشخصية بمعلوف، أنه وبرغم «عدم تناول الأخير السياسة خلال المقابلة، إلا أنّ الشبهة الكبيرة تكمن في إطلالته على قناة إسرائيلية واضحة المعالم».
وأكدّ شمس الدين أنه «لا يظن معلوف بسيطاً وهو الذي كتب عن «الهويات القاتلة» قائلاً فيها إن الهوية القاتلة هي عنصرية، ليطلّ اليوم على شاشة عنصرية، ويكون بذلك قد أدان نفسه». وأضاف «نحن هنا لم نحضر لنحفر قبر أمين معلوف بل لنحاسبه بقوة».
وألقى رئيس الجمعية اللبنانية لمقاطعة إسرائيل الدكتور عبد الملك سكرية كلمة الإعلامي كمال خلف الطويل، وجاء فيها «في هذا الوقت بالذات يخرج علينا أديب لبناني بصفته اللبنانية ليجري مقابلة مع فضائية “إسرائيلية” وغداة نيله جائزة عربية بأمل أن تكون تلك المقابلة تسفيهاً مدروساً لحملة المقاطعة، ومن لبناني عربي، عالي السمعة في حقل الرواية».
وأضاف: «لعل أكثر المطالبين بتقديس هذه الأيقونات هم صنّاع الرأي والمبدعون، وأن المسؤولية التي على عاتق المثقف تجعل انتماءه عليها فرض عين، لا اجتهاد فيه لا في مورد النص ولا خارجه، وتقع خيانته لها في منزلة نسف الأرض من تحته والى حيث لا ينفعه فيه لا جوائز الغرب ولا العالم أجمعه».
وصدر بيان عن التجمع، تلاه الزميل في جريدة «الأخبار» بيار أبي صعب وفيه «إن حديث أمين معلوف الراقي والتنويري والشيق على القناة “الإسرائيلية” بدا وكأنه موجّه الى تلفزيون دولة محايدة ومسالمة شغلها الشاغل قضايا الثقافة والفكر والإبداع».
وأضاف البيان «إن أي تواصل مع إعلام الاحتلال هو اعتراف غير مباشر فيه، وحين يكون المتعامل أديباً ونجماً معروفاً، فهو يوظّف رصيده المعنوي وهالته وشهرته من أجل أنسنة القاتل وغسله من جرائمه، وإضفاء شرعية أخلاقية عليه». وتمنّى البيان «لو وقف معلوف مع المضطهدين وأن يشهد للحق، وأن يتضامن مع الضحية ضد جلادها».
وطالب البيان «الدولة اللبنانية بأن تسائله والقضاء اللبناني بأن يطبق القانون، فما أصعب أن يأتي يوم محاسبته أمام القانون أو تجريده من الجنسية اللبنانية ومنعه من دخول الأراضي اللبنانية، عند ذاك ستكون فرصة ذهبية للغرب الديمقراطي الشغوف بحقوق الإنسان كي يعلنه كاتباً مضطَهَداً وضحية الظلامية».
وفي الختام، وقّع المشاركون على عريضة لبنانية لمقاطعة الكيان الصهيوني أكاديمياً وثقافياً.
وعرض مؤسس حملة «مقاطعة داعمي إسرائيل» الدكتور سماح إدريس مقاطع من الوثيقة النظرية التي تركز على التطبيع الثقافي والمتعلقة بأشكال المقاطعة كافة. وذكر تعريف الحملة في لبنان لـ «التطبيع» بأنه «المشاركة في أي نشاط يجمع بين عرب وإسرائيليين ما دامت إسرائيل قائمة». وأوضح أنه «ليس من الضروري مقاطعة الإنتاج الأدبي والسياسي والفكري والسينمائي الإسرائيلي، بل تجب معرفة عدونا ومجتمعه». كما حذّر من المشاركة في المؤتمرات العالمية التي تضم إسرائيليين من خلال الابتعاد عنهم في الجلسات.
المصدر: جريدة السفير