رداً على المقابلة التي أجراها الكاتب أمين معلوف مع قناة i24 “الاسرائيلية “(الأخبار 7/6/2016)، أصدرت حملة مقاطعة داعمي «إسرائيل» في لبنان ــ اللجنة اللبنانيّة للمقاطعة الثقافيّة والأكاديميّة لـ «إسرائيل» (قاطعْ) بياناً نورده كاملاً: «في 2 حزيران (يونيو) الحالي، وافق الكاتب اللبناني البارز أمين معلوف على إجراء مقابلة مع وسيلة تلفزيونيّة “إسرائيليّة”، هي i24.
إنّ بحثاً سريعاً عن هذه المحطّة يُظهر أنّ مؤسِّسها (عام 2013) هو باتريك دراهي (Drahi)، مؤسِّسُ شركة كايبل تلفزيونيّة “إسرائيليّة” (اسمُها Hot)، وأغنى رجلٍ في الكيان الصهيونيّ على ما قيل.
مركزُ هذه المحطة هو قرب مرفأ يافا. أمّا رئيسُ مجلس إدارتها، فرانك ملول (Melloul)، فأعلن عند تأسيسها أنّه سيحارب «الجهلَ والأحكامَ المسبّقة» (!) تجاه “إسرائيل.”
وأما هدف المحطّة المعلن فهو أن «تصلَ إسرائيلَ بالعالم وأن تصلَ العالمَ بإسرائيل». هل كان أمين معلوف يَعْلم هذه الحقائقَ حين وافق على إجراء المقابلة؟ نحن نربأ بمعلوف أن يَعْلم تلك الحقائق، لأنّ معنى ذلك أنّه يوظّف شهرتَه، وتميّزَه الإبداعيّ، وعضويّته في الأكاديميّة الفرنسيّة، من أجل تحقيق هدف المحطّة في «وصل إسرائيل بالعالم»، مضفياً بذلك «شرعيّةً لاأخلاقية» على إحدى أدوات الاحتلال والاستيطان والإجرام والتهجير والعنصرية، ألا وهي وسائلُ الإعلام “الإسرائيلية”.
فكيف إذا دقّقنا في المقابلة ولاحظْنا تركيزَ مُقدِّمة البرنامج على جنسيّة معلوف «اللبنانيّة»؛ بما يوحي بـ «طبيعيّة» العلاقة بين «البلدين»، وتبرئةِ إسرائيل من دم اللبنانيين؟
إنّ موافقة أمين معلوف على إجراء المقابلة مع هذه المحطّة، وبغضّ النظر عن أنّه لم يتعرّضْ فيها من قريب أو بعيد للسياسات “الإسرائيليّة “الإجراميّة، «يطْمس» هذه السياسات، ويبرّئ هذه المحطة ــ ومعها سائرُ وسائل الإعلام “الإسرائيلي” ــ من تواطئها مع تلك السياسات؛ كأنّنا به يقول: لا يعنيني ما تفعله الدولةُ التي تنطلق منها هذه المحطةُ، ولا تعنيني سياساتُ هذه المحطّة الداعمةِ “لإسرائيل”، وإنّما يعنيني فقط هذا «الحوارُ» الأدبيُّ الراقي الذي يجري حالياً حول كتابي الجديد وحول الأكاديميّة الفرنسيّة!
أمّا في حال عدم إدراك معلوف لهويّة المحطّة، فإنّه مطالَبٌ بالاعتذار عن غلطته، إلى الشعبين اللبناني والفلسطيني، وإلى الشعب العربي عامة، وإلى كافة أحرار العالم أيضاً.
المفارقة أنّ مقابلة معلوف تأتي وسط تعاظم مقاطعة الكُتّاب والأكاديميين والطلّاب والمثقفين والعلماء في العالم لـ «إسرائيل»: من جون بيرجر، وأليس ووكر، وستيفان هوكينغ، واتحاد المعلّمين في إيرلندا، إلى أكثر من 30 جمعيّة طلّابية أميركيّة، و11 جمعيّة طلّابيّة كنديّة.
هؤلاء جميعُهم لم «يبلعوا» كذبة فصل الثقافة والأكاديميا والأدب والإعلام والفنّ والرياضة عن الجريمة والظلم والعنصريّة والاحتلال والاستيطان.
إننا إذ نطالب الكاتبَ اللبنانيّ الكبير أمين معلوف بالاعتذار عن تلك المقابلة، احتراماً للشهداء والأسرى وعائلاتهم، وللمشرّدين واللاجئين اللبنانيين والفلسطينيين، ولدوْر الثقافة (المفترض) في خدمة العدل والإنسانيّة، نجدّد دعوةَ كافّةِ الكتّاب والمثقفين العرب إلى مقاطعة كيان العدوّ، ومقاطعةِ مختلف مؤسّساته الإعلاميّة والنشريّة والأكاديميّة والفنيّة، على طريق عزله في عين العالم، بوصفه كياناً مرفوضاً، لا مكانَ له في عرف المظلومين والأحرار.