يختلف مشهد بطولة أوروبا لكرة القدم هذا العام عن سابقاته، فالبطولة التي تنظّم في فرنسا يغلُب عليها هذا العام الطابع الأمني بدل الإحتفالات الجماهيرية المتنقلة، والنشاطات الفنية والترفيهية التي ترافق مثل هذه البطولات عادةً. وأي متابع للبطولة الأوروبيّة عشية انطلاقها يلاحظ أن المدن الفرنسية التي تستضيف المباريات وخاصة العاصمة باريس ومدينة مارسيليا الجنوبية تحولتا الى ما يشبه ثكنات عسكرية نتيجة الإنتشار الأمني الكثيف تحسبّاً لأي هجمات يمكن أن تحصل.
ولم تستبعد السلطات الفرنسية حصول مثل هذه الهجمات وخاصة أمام الملاعب وفي أماكن تجمعات المشجعين والمقاهي، وهو الأمر الذي حصل قبل اشهر قليلة في ضاحية باريس “سان دوني”. وفي هذا الاطار تحدّثت السلطات البريطانية محذّرة من إمكانية حصول تفجيرات في وسائل النقل وأماكن تجمّع المشجعين الذين تبلغ أعدادهم اليوم أكثر من عشرة ملايين مشجع وصلوا الى فرنسا من مختلف دول العالم وخاصّة الدول الأوروبية.
وزير الداخلية برنانرد كازنوف أعلن نشر 60 ألف جندي فرنسي إضافي في المدن الـ10 التي تستضيف المباريات – يمكن أن يصلوا الى 90 ألف جندي من بينهم 77 ألف شرطي ودركي وحوالي 10 آلاف عنصر من قوات الأمن والجيش، بالإضافة إلى ألف متطوع – وذلك بهدف حماية المنشآت والملاعب إضافة الى أماكن تجمع المشجعين طيلة مدّة البطولة من 10 حزيران/يونيو إلى 10 تموز/يوليو.
وكان لافتاً قبل أيّام صدور تقارير كشفت أن الإدارة العامة للأمن الداخلي الفرنسية حددت، بعد دراسة المعلومات، هوية 3500 موظف يعملون في شركات الحراسة الخاصة وكان يتعين عليهم المشاركة في ضمان أمن المباريات، وتبين أن 82 شخصا منهم مدرجة أسماؤهم في قاعدة بيانات خاصة تضم أسماء المواطنين الذين من المحتمل أن يهددوا أمن فرنسا، أو يستطيعون تنفيذ هجمات إرهابية، بالإضافة إلى الأشخاص المرتبطين بالتنظيمات المتطرفة.
وأفاد المسؤولون الفرنسيون أنه من المقرر نشر تقنية مضادة للطائرات من دون طيار خلال البطولة، وستعلن مناطق حظر للطيران فوق الملاعب الـ10 التي ستستضيف مباريات كأس أوروبا، بالإضافة إلى ملاعب التدريب. ومن جانبه قال جاك لامبارت، رئيس اللجنة التنظيمية للبطولة “عامل الأمن في هذه البطولة مختلف تماما عن بطولة كأس العالم 1998، لقد أجبرنا على تصميم إجراءات سلامة وأمن من الطراز العالي لحماية الناس في البطولة المقبلة”.
وأضاف لامبرت “لقد أحطنا الملاعب بشبكة أمنية في الخارج، والهدف من هذه الشبكة هو تشكيل عنصر وقاية وردع لحرمان أي شخص تسول له نفسه عمل أي جرم بالدخول إلى الملعب”.
وما يؤكد حقيقة التهديدات التي تواجهها فرنسا خلال البطولة ما كشفته السلطات الاوكرانية، حيث أعلن رئيس جهاز الأمن الأوكراني إحباط 15 هجوماً إرهابياً تم التخطيط لتنفيذهم عشية انطلاق بطولة يورو العام 2016 وخلالها في فرنسا. كما لفت قبل أيّام إلى اعتقال مواطن فرنسي بعد تواصله مع جماعات مسلحة وغير قانونية في أوكرانيا لشراء أسلحة ومتفجرات، موضحاً بأن المعتقل كان ينوي استهداف مواقع دينية مسلمة ويهودية ومبان إدارية في فرنسا.
تظاهرات إجتماعية
الهاجس الأمني والتخوّف من الهجمات الإرهابية يترافق أيضا مع ارتفاع وتيرة التظاهرات التي تنظمها النقابات إحتجاجا على قانون العمل الجديد في مختلف المدن الفرنسية، وهو الامر الذي يمكن أن يؤثر بشكل سلبي على البطولة. وفي جميع الأحوال تبقى البطولة الأوروبية مهددة ومن خلفها عشرات ملايين المشجعين، هذا عدا عن الخسائر الماديّة الكبيرة التي يمكن أن تطال الإقتصاد الفرنسي في حال حصول اي أحداث تؤثر على سير البطولة.
المصدر: موقع المنار