رأى رئيس لجنة سياسة المعلومات في المجلس الفدرالي الروسي اليكسي بوشكوف أن مشروع الولايات المتحدة لانشاء قوة موالية لها في سوريا، يهدد مسار المفاوضات والعملية السياسية ومساعي أستانا وجنيف كون المنطقة العازلة التي تسعى واشنطن لإنشائها تشكل بؤرة لجذب فلول التنظيمات الإرهابية للإستمرار في الحرب على الحكومة السورية إنطلاقاً من منطقة تحظى بالحماية الأميركية.
وفي مقابلة خاصة مع المنار قال السناتور بوشكوف: فعَّلَت الولايات المتحدة مبادرتها العسكرية في سوريا رغم أن الدور الاساسي في حسم المعركة ضد داعش لم تَقُم به الولايات المتحدة بل الجيش العربي السوري وروسيا وإيران.
واضاف: للولايات المتحدة هدفان في سوريا، الأول تغيير نظام بشار الأسد دون الأخذ بعين الإعتبار أية عواقب، و الهدف الثاني إخراج روسيا و إيران من المنطقة كحلفاء للحكومة السورية. بقي لدى الولايات المتحدة إمكانية وحيدة لتحقيق هذه الأهداف عبر إحكام الطوق على منطقة شمال سوريا التي تمت السيطرة عليها من قبل حلفائهم ( المجموعات المسلحة الحليفة لواشنطن ما يسمى بقوات سوريا الديموقراطية، مجموعات معارضة مسلحة و التشكيلات الكردية)، فالولايات المتحدة تراهن على تلك المنطقة التي تتمتع فيها بتأثير قوي حيث يَعِدون الأكراد بالمزيد من الدعم و يستمرون في تجهيز ما يسمونه معارضة مسلحة.
وتابع السياسي الروسي: القسم الأعظم من سكان الدولة السورية يقفون الآن إلى جانب الرئيس الأسد لكن تستمر أوهام عدم الإرتياح و مناهضة حكمه من ناحية يستغلها الأميركي لتركيز قوى المعارضة الأساسية المعادية للحكومة في المنطقة الشمالية.
ورأى بوشكوف أن مصير إدلب بات محسوماً فعاجلاً أم آجلاً سوف تنهار جبهة النصرة و ما يسمى بمعارضة معتدلة ستضطر لتسليم مواقعها. و قال: لن أتفاجأ إن تم نقل تلك القوات من إدلب إلى المناطق التي تسيطر عليها قوات موالية للولايات المتحدة في الشمال.
ورداً على سؤال المنار حول كيفية تعاطي روسيا ضمن تلك الظروف لمواجهة المخطط الأميركي أجاب: لا يمكن الحديث عن مواجهة عسكرية لأنني أعتقد أن الولايات المتحدة لن تسعى لتوسعة هذه المنطقة، بل هدفهم هو إقتطاعها وعزلها عن المساحة الأساسية من الأراضي السورية والسيطرة عليها ( كحزام أمني). و تابع: روسيا سوف تتحرك بالطرق الدبلوماسية و تستمر في المباحثات مع الدول المهتمة بإستعادة وحدة الأراضي السورية، ونسعى لإفشال مخطط الولايات المتحدة لتقسيم سوريا، لدينا في هذا الصدد موقف قوي و ثابت و نحن قريبون من الموقف التركي كون تركيا تقف ضد إنشاء منطقة حكم أمر واقع ذاتي (دي فاكتو)، كونه يهدد بظهور إستقلالية لدى الأكراد السوريين ما سيتم تلقفه كإشارة للأكراد تركيا الذين يمكن أن يبدأوا بالقتال بشكل أوسع من أجل إستقلالهم. هذا السيناريو مرفوض كلياً بالنسبة لتركيا، و هنا أرى بذور خلاف كبير جداً بين أنقرة و واشنطن فالعلاقات بينهم باتت معقدة للغاية و يمكن أن تتحول هذه العلاقة لطابع سلبي بحت.
ورأى بوشكوف أننا إنتقلنا لمرحلة ثانية من المواجهة بعد فشل مخطط السيطرة على كل سوريا بواسطة تنظيم الدولة داعش و المعارضة المسلحة الراديكالية و المعتدلة على حد سواء، و بعد تحرير معظم الأراضي السورية و بقاء هذه البؤرة في الشمال تبقى إمكانية إستئناف الأعمال الحربية واردة. و أضاف بوشكوف: أعتقد أننا أمام مرحلة طويلة من مقاومة المشروع، فهل ستتخذ الولايات المتحدة قرار زج المسلحين لإستئناف الأعمال القتالية على نطاق واسع؟ لا أستطيع التكهن بهكذا إحتمال لأن الولايات المتحدة في هذه الحال سوف تخسر على مساحة خارطة العالم. و تابع: هم يدعون نيتهم تشكيل منطقة حزام آمن فقط و لا يؤسسون لبؤرة مسلحة مخولة بإدارة حرب مع دمشق، لكن الخطورة تكمن في عدم إمكانية الولايات المتحدة السيطرة على كل مفاصل الأمور حيثُ يمكن للوضع أن يتفلت بإتجاه سيناريو آخر أكثر خطورة.
وحول تضارب مواعيد و مكان عقد جولة مفاوضات المبعوث الأممي ستيفان دي ميستروا التاسعة و تقييم موسكو لأدائه في هذه المرحلة و التنافس بين مسارات أستانا سوتشي من جهة وجنيف من جهة أخرى، أجاب السيناتر الروسي: لدى ديميستروا مهمة محددة، دفع المفاوضات التي كُلِفَ بها قُدُماً، و كل مسعى لدفع المفاوضات إلى الأمام هو مسعى إيجابي، و هذه المسارات يجب أن تُكمل بعضها بعضاً و لا تتنافس فيما بينها، لكن من الواضح أن القوى السياسية المتعددة تستثمر كل منها جهوداً في مسارات مختلفة، موضوعياً يوجد تنافس واضح بين المسارات لكن الأفضل لو تكاملت المسارات فيما بينها.
ونفى بوشكوف وجود معلومات حول مساومة يقوم بها ديمستورا تقضي بالبدء بمفاوضات مباشرة بين الحكومة ووفد هيئة المفاوضات التي يديرها خلال جولته التاسعة مقابل مشاركته و الوفد المعارض من جنيف في مؤتمر الحوار الوطني السوري الموسع في سوتشي.
المصدر: موقع المنار