الصحافة اليوم السبت 4-6-2016: أين دول الخليج من أشرف ريفي … عاصفة المشنوق تتفاعل – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

الصحافة اليوم السبت 4-6-2016: أين دول الخليج من أشرف ريفي … عاصفة المشنوق تتفاعل

الصحف المحلية


ركزت افتتاحيات الصحف المحلية الصادرة في بيروت اليوم السبت 4 حزيران 2016 على عاصفة المشنوق، التي فجرت قنابل من العيار الثقيل وخصوصا بعد كشفه لتبعية تيار المستقبل  في السنوات  الماضية المطلقة لاهواء السياسات السعودية ما انعكس تخبطاً في اداءه وسياساته المتبعة والتي كانت سبب حالته التي وصل اليها مؤخراً .

جريدة السفير* السفير

أين السعودية ودول الخليج من أشرف ريفي؟

الرياض للقيادات السنية: من يعطٍ أكثر.. يُعطَ أكثر!

يمكن إعطاء طابع محلي احتجاجي لنتائج الانتخابات البلدية والاختيارية في طرابلس، ويمكن الذهاب أبعد من ذلك، وتحديدا نحو الخارج.

منذ اللحظة الأولى التي أعلن فيها أشرف ريفي قراره بتشكيل لائحة تخوض الانتخابات في مواجهة «محدلة الائتلاف السياسي العريض»، راح كثيرون، في الأمن والسياسة، يبحثون عن «مربط خيل الرجل» وكيف يجرؤ على مواجهة «لائحة الأثرياء» ومن أين يستمد قوته، هل من جهة في السعودية أم من الإمارات أم من قطر؟

ينبغي التوقف عند نقطة مهمة وتتمثل في تفهم «القوات اللبنانية» لكل خطوة قام ويقوم بها ريفي، وذلك إلى حد التناغم والتكامل بين الطرفَين. يكفي تأكيد وزير العدل المستقيل على علاقته الإستراتيجية الثابتة مع «القوات»، وفي المقابل، الفرح «القواتي» المكتوم بظاهرة الضابط السني اللبناني الذي يتبنى «شعارات سيادية» بامتياز.

لم تنقطع خطوط التواصل بين ريفي والسعودية، أو بالأحرى بينه وبين جهة سعودية ما لا يفصح عنها علنا. كان يتباهى دائما بأمر علاقته بمحمد بن نايف، وهي علاقة بدأت منذ أن كان مديرا عاما لقوى الأمن الداخلي وتم تعيينه عضوا في المجلس الأعلى لجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية. صار اسم ريفي على «البورد» وأمكن له أن ينسج علاقات، خصوصا مع بعض كبار الضباط في المخابرات السعودية.

عندما استقال ريفي واشتدت الحملة عليه وقيل إنه لا يحظى بتغطية سعودية، استنجد وقتها الرجل بصورة جمعته بمحمد بن نايف يقدم له درعا في ختام ندوة أقامتها أكاديمية الأمير نايف، وراح البعض يردد أنها صورة من الأرشيف، بينما تبين أن تاريخها ليس بعيدا!

لم يكتفِ ريفي بالعلاقة التي حاكها من خلال موقعه الأمني، بل استفاد من «تبرع» أحد الوسطاء، وهو من «السماسرة» المعروفين على خط بيروت ـ الرياض (محمد بن نايف). لاحقا، ولأسباب مالية و «من أجل تعزيز المشروعية السنية»، حاول قرع أبواب عواصم خليجية أخرى، مستعينا بـ «القوات»، وهذه مفارقة قائمة بذاتها، عندما يصبح سمير جعجع مفتاحا، لا أن ينتظر هو موعدا يحدده له سعد الحريري في هذه الدولة الخليجية أو تلك.
في الإمارات، جرّب ريفي أن يلتقي مسؤولا أمنيا كبيرا، ولكن لم تفتح الأبواب، وعندما طلب الأقل رتبة (درجة ثانية)، جاءه الجواب نفسه. أدرك أن الإماراتيين لا يمكن أن يتصرفوا من رأسهم. هم لا يتصرفون إلا بموجب إذن سعودي، ولذلك، حاول قرع أبواب قطر، وهنا تختلف الروايات ولا أحد يملك جوابا دقيقا حول نتيجة هذا المسعى، لكن اللافت للانتباه هو تغطية محطة «الجزيرة» في يوم انتخابات طرابلس، فضلا عن إجراء مقابلة تلفزيونية معه، مساء أمس، أطلق خلالها مواقف سياسية، وأبرزها قراره بالترشح على رأس لائحة طرابلسية للانتخابات النيابية إذا جرت على أساس «قانون الستين»، وهذه خطوة ستجعل كل اللاعبين في مسرح طرابلس يعيدون حساباتهم.

بماذا يستفيد محمد بن نايف من تغطية ريفي؟

ثمة كيمياء واضحة بين رجلَي الأمن. القرار السعودي بإعادة ترتيب البيت السني في لبنان نهائي. مطلوب استيعاب الجميع. لا «فيتو» على أي طرف سني. زمن الحصرية والأحادية انتهى. لا رهان على قدرة سعد الحريري أو «المستقبل» على إحداث فرق لا في السياسة ولا «في الميدان». بهذا المعنى، بات أشرف ريفي يمثل النبض السني الرافض للتنازلات. يكفي أن يعطيه محمد بن نايف «ريقا سياسيا» من دون أن يدعمه في العلن. المطلوب من أشرف ريفي أن يكون جزءا لا يتجزأ من منظومة قيادية سنية تتنافس في ما بينها لتقديم الخطاب الأفضل، والنتيجة الأكثر ملاءمة للمصالح السعودية، ومن يعطِ أكثر يأخذ أكثر، ولا فضل لهذا على ذاك، إلا بالمردود!

بهذا المعنى، لا ينظر السعوديون إلى ريفي إلا بكونه «مشروعا صغيرا» حتى الآن. هو أول «جنرال» سني لبناني منذ الاستقلال يتحدى منظومة تؤمن مصالح الجمهور السني.. وينجح، برغم الحصار الذي يتعرض له.
هل هو جزء من «عملية انتقامية» أم من «عاصفة حزم» إقليمية؟

طالما أن السعودية في عقر دارها لم تعد واحدة، ليس غريبا أن تكبر ظاهرة لبنانية تحظى برعاية رمادية. يكفي أن يتبرع ريفي لأن يكون جزءا من عملية تصفية حساب مفتوحة بين محمد بن نايف وبين سعد الحريري، وأن يثبت مع الوقت أنه يصلح لأن يكون جزءا من مشروع مواجهة خصوم السعودية في لبنان. إذا نجح في هذا وذاك، يجد مكانا بين «المحمدَين»، ويتمكن من كسر حصار الحريري الذي أحكم إقفال أبواب ولي العهد الثاني بوجه ريفي حتى الآن، مستفيدا من نفوذ عادل الجبير في الديوان الملكي.

يراهن وزير العدل المستقيل أن يصبح مع الوقت حاجة لبنانية للسعودية. هل هذا هو ما يفسر اتصال السفير السعودي به لتهنئته غداة الانتخابات؟ وهل هذا ما يفسر تلك الاتصالات السعودية التي ظلت بعيدة عن الأضواء حتى الآن؟ وهل يمكن تصديق واقعة أن وزير العدل المستقيل هو من اتصل بالسفارة السعودية معتذرا عن عدم حضور العشاء السياسي الأخير لتفادي إحراج الجهة الداعية؟

هل سيكتفي ريفي بما تحقق في الانتخابات البلدية؟

تبدو شهية الرجل مفتوحة. قال كلاما صريحا أمام مَن راجعوه طوال الأيام الماضية: على سعد الحريري أن يعيد النظر بسياساته، وخصوصا موقفه من ترشيح سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية. عليه أيضا أن يعيد النظر بمن يقدمون له المشورة السياسية، أي إعادة النظر بفريق عمله ومستشاريه. أكثر من ذلك، ينطلق ريفي من حيثيته التمثيلية الجديدة لتوجيه نصيحة إلى رئيس المجلس النيابي نبيه بري «بوجوب إعادة النظر بتمثيل طرابلس على طاولة الحوار الوطني، وبجدوى استمرار حضور كل من نجيب ميقاتي ومحمد الصفدي»!

يبقى السؤال لماذا أخذ خطاب أشرف ريفي مداه في الشارع السني الشمالي، وهل الأسباب نفسها تبرر إنتاج مجلس نيابي يمتلك خطابا مختلفا في بلدة مثل عرسال؟

لعل القواسم المشتركة بين طرابلس وعرسال كثيرة. خزانان «مستقبليان». النار السورية لم تلفح ناحية لبنانية أكثر منهما (جولات القتال العشرون التي ذهب ضحيتها بين التبانة وجبل محسن حوالي 2000 ضحية بين قتيل وجريح. كما ان نار الحرب السورية تصيب عرسال وجردها وجوارها يوميا والخسائر لا تحصى ولا تعد)، والمعاناة المشتركة من الإهمال والفقر …الخ.

قررت عرسال حماية مستقبلية لنفسها تكاد تكون مختلفة عن تلك التي اختارتها طرابلس من خلال انتخاباتها البلدية.

هذا الواقع جعل «المستقبل» يسأل «حزب الله»: أي سنة تريدون؟

يطلق «المستقبل» ما يمكن تسميتها بـ «مضبطة اتهامية». يحمل «حزب الله» مسؤولية عدم تلقف مبادراته، من الوقوف أمام المحكمة الدولية في لاهاي إلى تبني ترشيح فرنجية، مرورا بالمشاركة في الحكومة والحوار الوطني والحوار الثنائي وتغطية الحرب على الإرهاب (القبض على أحمد الأسير وقادة المحاور في طرابلس وحسم إمارة روميه)، فماذا كانت النتيجة؟
يعتبر «المستقبليون» أن ظاهرة أشرف ريفي ليست معزولة عن هذه كلها وغيرها. لذلك، يصرون على إعفاء أنفسهم من النقد الذاتي الحقيقي ويعيدون طرح السؤال: أي سنة تريدون، هل تريدونهم أهل اعتدال… أم تطرف؟
إذا كان «حزب الله» لا يملك مقاربة نهائية لنتائج «الانقلاب» في الشمال، وربما يملك أسئلة أكثر من الأجوبة، من يملك الجواب الشافي؟
لا بد من العودة إلى «أبو فهد».

من هو «أبو فهد»؟

هو السعودي المكلف بإدارة الملف السني في لبنان من مقر إقامته في القاهرة، بالتنسيق مع المخابرات المصرية. هو من فتح أبواب الرياض لعبد الرحيم مراد، وربما هو من قطع الطريق على إغراء المعركة التي كان كل من يحيط بنجيب ميقاتي ينصحه بخوض غمارها لأنها مضمونة النتائج… في ظل حالة التململ المتصاعدة في طرابلس والشمال من أداء الحريرية السياسية.

القوات السورية تتقدم نحو الطبقة… وفي محيط تدمر

حلب: الفصائل تستبق عملية الجيش؟

تتنافس مدينتا حلب والرقة على سرقة الأضواء؛ فبينما كان الجيش السوري يتقدم ويحط رحاله بالقرب من الحدود الإدارية لمحافظة الرقة، منطلقاً من أثريا في ريف حماه الشرقي، كانت مدينة حلب على موعد مع معركة ضخمة شنتها فصائل «جيش الفتح» في ريفها الجنوبي، الذي اعتاد مؤخراً على مثل هذه المعارك، لكن هذه المرة يبدو أن الطموحات أوسع من أي وقت سابق.

وواصل الجيش السوري تقدمه على محور أثريا ـ الطبقة، حيث سيطر، أمس، على نقاط جديدة، تمثل أهمها بالوصول إلى مفرق قرية زكية وتلة السيريتل، ما يعني أنه أصبح على مسافة 40 إلى 50 كيلومتراً من مطار الطبقة. كما يعني أنه بات يقف بمحاذاة الحدود الإدارية لمحافظة الرقة. وقد وقعت بين الطرفين اشتباكات عنيفة تمكن خلالها الجيش من إفشال هجوم بسيارة مفخخة كان يستهدف قواته المتقدمة على محور زكية، كما غنم عربة «ب م ب» واعتقل عنصرَين من تنظيم «داعش».

وأفاد مصدر عسكري، في تصريح لوكالة الأنباء السورية ـ «سانا» أن «وحدات من الجيش والقوات المسلحة بالتعاون مع مجموعات الدفاع الشعبية وَسَّعت نطاق عملياتها في منطقة أثريا بريف حماه الشرقي، وأحكمت سيطرتها على عقدة طرق الزكية ـ مفرق دير حافر». وبَيَّن المصدر أنه بإحكام وحدات الجيش السيطرة على مفرق الطرق تكون بذلك «قطعت أهم خطوط إمداد تنظيم داعش الإرهابي في المنطقة».

وأحكمت وحدات من الجيش سيطرتها على جبال أبو الزين ومنطقة المسبح خلال عملية عسكرية في منطقة أثريا، بدأتها أمس بالتعاون مع مجموعات الدفاع الشعبية، وإسناد جوي سوري روسي.

وتعتبر قرية زكية، التي بات الجيش يقف على مشارفها، ذات موقع استراتيجي مهم، حيث تتوسط محافظات عدة، هي حماه، الرقة، دير الزور، حلب، حمص، الأمر الذي يجعلها عقدة مواصلات مهمة للغاية. وتبعد زكية عن مطار الطبقة حوالي 40 كيلومتراً، وهي عبارة عن مساحات صحراوية خالية، إلا من بعض التجمّعات السكنية الصغيرة. ومن المتوقع أن يتخذ الجيش قرية زكية مركزاً له بهدف التحشيد والانطلاق منها في عملياته العسكرية المستمرة في المنطقة.

معركة ريف حلب الجنوبي

في هذه الأثناء، أعلن «جيش الفتح» في حلب عن معركة جديدة في ريف حلب الجنوبي، استهدفت مناطق جنوب وشرق بلدة خان طومان التي سيطر عليها «جيش الفتح» في هجوم سابق.

وقد تمكن المهاجمون بعد معارك عنيفة من التقدم والسيطرة أولاً على مستودعات خان طومان ثم قرية معراتة وتلال الخلاصي، لتنتقل المعارك إلى قرية حميرة وخلصة ذات الأهمية الإستراتيجية.
وقد قامت «جبهة النصرة» بتنفيذ عمليتَين انتحاريتين في قرية خلصة، نفذ إحداهما سوري يدعى أبو أحمد الحموي. وتأتي أهمية هذه القرية من كونها تشرف على ريف حلب الغربي وعلى أوتستراد حلب – دمشق، واستمرت الاشتباكات فيها حتى وقت متأخر من دون أن يحسم أمر السيطرة عليها.

وتحدثت مصادر إعلامية من المعارَضة أن الهدف النهائي من هذه المعركة هو محاولة فتح خط إمداد جديد نحو الأحياء الواقعة تحت سيطرة المسلحين في مدينة حلب، بعد أن قام الجيش السوري بإغلاق طريق الكاستيلو عبر استهدافه جواً، والذي كان يعتبر خط الإمداد الوحيد لهذه الأحياء.

وفي هذه الحالة يفترض أن تتجه المعارك نحو الوضيحي ومن ثم معمل الاسمنت للوصول إلى طريق الشيخ سعيد، ما يعني أن المهمة ليست سهلة، خصوصاً أن الجيش السوري يبسط سيطرته على القسم الأكبر من ريف حلب الجنوبي، كما أن حماية هذا الطريق في حال التمكن من فتحه تبدو مهمة أكثر تعقيداً.

وتأتي هذه المعركة الجديدة إثر تسريبات تحدثت عن إمكانية قيام الجيش السوري وحلفائه بأخذ زمام المبادرة، وتحريك جبهة حلب، عبر عملية واسعة، نتيجة تدهور الوضع الأمني والعسكري في المحافظة مؤخراً.
ويبدو أن خشية «جيش الفتح» من هذه المعلومات، بالإضافة إلى الضغط الذي شكله إغلاق طريق الكاستيلو كانا وراء مسارعته إلى استباق الجيش السوري وقيامه بفتح معركة تناسبه من حيث الزمان والمكان، بدل أن يجره الجيش إلى معركة مجهولة بالنسبة إليه.

في غضون ذلك، توقف النشاط العسكري لـ «قوات سوريا الديموقراطية» في ريف الرقة الشمالي من دون صدور أي بيان لتفسير ذلك، علماً أن حملة إعلامية ضخمة واكبت انطلاق العملية.

وكان مسؤولون أكراد يعلقون عليها الكثير من الآمال، لدرجة أن بعضهم بدأ يتحدث عن وجوب ضم الرقة إلى مشروع الفدرالية الكردية. ومن غير الواضح هل لتوقف الهجوم الكردي على الرقة علاقة بالهجوم الذي بدأه الجيش السوري باتجاه الطبقة؟ أم كما قالت بعض وكالات الأنباء أن السبب هو الخسائر الفادحة التي لحقت بـ «قوات سوريا الديموقراطية»؟.

لكن المشهد كان مختلفاً على جبهات القتال في ريف مدينة منبج، حيث واصلت «قوات سوريا الديموقراطية»، التي يهيمن عليها الأكراد، تقدمها في المنطقة وسيطرت على عدد من القرى التي جعلتها تقترب لمسافة 12 كيلومتراً من مشارف المدينة الإستراتيجية، وذلك وسط اشتباكات عنيفة نفذ خلالها تنظيم «داعش» عمليتَين انتحاريتين في قرية قبر إيمو، كما قام بقصف بعض القرى بصواريخ «غراد»، ما أدَّى إلى وقوع إصابات في صفوف «لواء جند الحرمين».

ومساء أفاد مصدر ميداني أن «قوات سوريا الديموقراطية» شرعت في فتح محور جديد للهجوم على مدينة منبج من جهة الشمال الشرقي، حيث وقعت اشتباكات في قريتَي قراطة والتوخار.

وقد حاول تنظيم «داعش» فتح جبهات قتال جديدة بهدف تشتيت القوات المهاجمة، حيث هاجم بلدة سلوك بواسطة مجموعة من الانغماسيين، إلا أن «قوات سوريا الديموقراطية» تمكنت من صد الهجوم، فيما لا يزال يحاول توسيع هجومه في ريف الحسكة بعد سيطرته على قريتَين، أمس الأول.

إلى ذلك تمكنت قوات الجيش السوري من التقدم في محيط مدينة تدمر، حيث سيطرت على منطقة الصوامع والتلال المحيطة بها التي كان «داعش» يسيطر عليها، وذلك بالتزامن مع اشتباكات بين الطرفين في منطقة المحطة الثالثة شرق مدينة تدمر، وفي محيط حقل آراك ببادية تدمر.

في المقابل، أكد تنظيم «داعش»، عبر وكالة «أعماق» التابعة له، أن «مجموعاته تمكنت من السيطرة على نقطة مهمة في جبل ثردة تمكنها من الإشراف على كامل مطار دير الزور العسكري».

رقم قياسي للموت في «المتوسط»

بين الشمال والجنوب، أصبح البحر الأبيض المتوسط اختصاراً للمأساة الإنسانية ومقبرة عميقة لأحلام الباحثين عن غدٍ أفضل. ويومياً، تتحول عمليات الإغاثة إلى شاهد إضافي على كيفية إدارة المنظومة الدولية لحروب وويلات وفقر دولٍ هشّة. هكذا، لم تترك صورة المنقذ الذي حمل جثةً جديدة لطفل، أمس، انتشل من عرض المتوسط أثراً كما فعلت مرةً صورة إيلان، وكذلك أرقام «شهداء البحر»، الذين قد ينضم إليهم المئات اليوم، بعد غرق مركب جنوب جزيرة كريت، كان ينقل 700 مهاجر إلى أوروبا.

وقد يصبح مئات المهاجرين في عداد المفقودين بعد غرق مركبهم، الذي كان يحمل 700 مهاجر، أمس، جنوب جزيرة كريت اليونانية، في وقت أعلنت فيه منظمة الهجرة الدولية أن الأسبوع الحالي سجل رقماً قياسياً للموت في البحر المتوسط، مع تحسن أحوال الطقس وعودة مهربي البشر إلى ذروة نشاطهم.

وقالت المنظمة إن القارب الذي أبحر من شمال أفريقيا، من دون تحديد البلد الذي انطلق منه، كان على متنه ما لا يقل عن 700 شخص.

من جهتها، لم تؤكد شرطة الموانئ اليونانية هذه الأرقام، لكنها أشارت إلى أن «مئات» من الأشخاص كانوا على متنه.

وأدَّى غرق القارب إلى تأكيد مقتل تسعة أشخاص تم انتشال جثثهم، بحسب آخر حصيلة لوكالة «أسوشييتد برس»، في وقت ساهمت خمس سفن تجارية مشاركة في عمليات البحث، في إنقاذ 340 شخصاً حتى ليل أمس.

وذكرت شرطة الموانئ اليونانية أن 242 من الناجين سيتم نقلهم إلى إيطاليا، و75 إلى بور سعيد في مصر، وذلك بموجب قانون الإنقاذ البحري، فيما تبقى وجهة باقي الناجين غير محددة، كما لم تتوافر أي تفاصيل بشأن جنسياتهم.

وواصلت دوريتان تابعتان لخفر السواحل اليونانيين وطائرتان ومروحية أمس، عملية الإنقاذ بين المياه اليونانية والمصرية على بعد 75 ميلا جنوب جزيرة كريت، في ظل أحوال جوية جيدة، لكن على وقع رياح شديدة.

وأوضحت السلطات اليونانية أن القارب، وطوله 25 متراً، «غرق نصفه» ورصده قارب آخر.

من جهة أخرى، لفت خفر السواحل الإيطاليون إلى أنهم تلقوا نداء استغاثة من سفينة تجارية إيطالية مساء أمس الأول جاء فيه أن قاربا يحمل على متنه مهاجرين يواجه صعوبات في منطقة تقع بين المياه اليونانية والمصرية. وأمس أبلغت إحدى هذه السفن أن القارب غرق.

إلى ذلك، أعلنت البحرية الليبية أمس، العثور على جثث 117 مهاجراً، بينهم أطفال، على الأقل على شاطئ مدينة زوارة غرب ليبيا التي ينشط فيها تهريب المهاجرين، في ظل الفوضى التي تغرق فيها البلاد.

والأسبوع الماضي، قضى نحو 700 مهاجر، بينهم أربعون طفلاً، كانوا يحاولون الوصول إلى إيطاليا في ظروف مرعبة في ثلاثة حوادث غرق قبالة ليبيا، بحسب الأمم المتحدة.

ولم يؤكد مصدر ليبي ما إذا كانت الجثث التي عُثر عليها في زوارة تعود إلى أشخاص كانوا يستقلون أحد الزوارق التي غرقت الأسبوع الماضي.

ولمدينة زوارة التي يقطنها ليبيون من الأمازيغ، خصوصية، باعتبارها أقرب نقطة ليبية للانطلاق باتجاه السواحل الإيطالية، إذ تبلغ المسافة بينها وبين جزيرة لامبيدوزا نحو 220 ميلاً (354 كيلومتراً).

وتظهر آخر عملية غرق أن المهربين قد يكونون يبحثون عن طرق أخرى لتجنب القوة البحرية الأطلسية المنتشرة بشكل أكبر في الشمال الشرقي بين الساحل التركي والجزر اليونانية، في مكان قريب من جزيرتَي ليسبوس وخيوس.

وفي بيان نُشر على صفحتها في «فايسبوك»، حَمَّلت بلدية زوارة «كامل المسؤولية لكل المسؤولين سواء في دولة ليبيا أو المنظمات الدولية عن صمتهم الغريب».

وقالت منظمة الهجرة إن الأسبوع الحالي قد يسجل رقماً قياسياً لعدد اللاجئين الذين قضوا في البحر المتوسط، بعد غرق مركب أمس، إذ تأكد مقتل 62 مهاجراً منذ 25 أيار الماضي، فيما سُجِّل 917 مهاجراً في عداد المفقودين، وذلك في تسع حالات طوارئ أعلن عنها على خط ليبيا – إيطاليا البحري الذي يسلكه المهاجرون.

نطلاقة مبهمة للمبادرة الفرنسية: «حوافز» لمنع الفراغ.. والإرهاب

«لاعبون كبار خفّضوا سقف التوقعات في البيان الختامي» لمؤتمر باريس للسلام. هكذا، لم ينع وزير الخارجية الفلسطيني صراحةً المبادرة الفرنسية في مهدها، والتي تبحث عن راعين، وخصوصاً عن الفلسطينيين والإسرائيليين لكي يلتقوا. باريس ستظل «مشكورة» على جهودها، بحسب المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، لكن الأمل بالسلام الذي خرج من العاصمة الفرنسية أمس، كان متواضعاً.

وبغضّ النظر عن التعليق الفاتر للسلطة الفلسطينية، جددت اسرائيل رفضها للمبادرة جملة وتفصيلاً، وكذلك فصائل فلسطينية عدة، من بينها «حماس». وزير الخارجية السعودي ذكّر بـ «المبادرة العربية» كحلّ أفضل، أما الولايات المتحدة فكانت حاضرةً لفرض أجندتها.

وفي ختام اللقاء الذي ضم 29 وزيراً للخارجية، اصدر المجتمعون بياناً يؤكد أن «الوضع القائم حالياً» لا يمكن ان يستمر، معربين عن «القلق» حيال الوضع الميداني وسط «استمرار اعمال العنف والانشطة الاستيطانية».
كما اشار البيان الى النصوص المرجعية الدولية، خصوصاً قرارات الامم المتحدة كأساس للمفاوضات.

وصدرت عن الاجتماع اعلانات محدودة جداً، مع اقتراح وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت «إطلاق اعمال» حول الحوافز الممكنة على مستويات الاقتصاد والتعاون والامن الاقليميين لإقناع الطرفين بالعودة الى طاولة المفاوضات.

ووعد الوزير الفرنسي بأن تبدأ فرق العمل «قبل نهاية الشهر»، مضيفا انه سيسعى «بسرعة كبيرة» للتحادث مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس لاقتراح «العمل الوثيق معهما».

وفور صدور البيان، اتهم وزير الخارجية الفلسطينية رياض المالكي من وصفهم بـ»لاعبين كبار» من دون ان يسميهم، بخفض مستوى التوقعات في البيان الختامي. وأضاف المالكي «يبدو اننا ندفع ثمن حضور اللاعبين الكبار، بحيث عملوا على تخفيض منسوب البيان وما تضمنه، بحيث غاب عنه كثير من النقاط الاساسية التي كنا نفترض ان تكون موجوده فيه».

وقال «كنا نتوقع بياناً افضل، كنا نتوقع مضمون بيان افضل، ولكن نحن الآن في انتظار ان نسمع من الخارجية الفرنسية والعرب الذين شاركوا في هذا الاجتماع».

وفي اول تعقيب للرئاسة الفلسطينية على الاجتماع الفرنسي، اكتفى المتحدث باسمها نبيل ابو ردينة بالقول «إن الموقف الفلسطيني والعربي، وفق قرارات المجلس الوطني والشرعية الدولية، هو بإنهاء الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية على حدود 1967».

وأضاف «كذلك عدم المساس بمبادرة السلام العربية، والحفاظ على الحقوق الوطنية الفلسطينية لان ذلك هو الطريق الوحيد الذي يحقق الامن والاستقرار».

وأكد ابو ردينة «التزام الجانب الفلسطيني بسلام عادل وشامل وفق حل يحافظ على مقدساتنا وحقوقنا وتاريخنا».

وكانت أعمال المؤتمر قد بدأت بإعلان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أن «التغييرات في الشرق الأوسط تلزم القوى العظمى في العالم بلعب دورٍ مركزي في محاولة حل النزاع». ومع ذلك، أكد أن «إسرائيل والفلسطينيين فقط يمكنهم اتخاذ القرار بحل الأزمة وتحقيق السلام».

وبدا واضحاً أن مشاركة الولايات المتحدة في المؤتمر جاءت للإيحاء بانفتاحها على أي حلول أخرى في مواجهة استمرار التعنت الإسرائيلي.

وافتتح اللقاء بمشاركة وزراء خارجية من 29 دولة للبحث في الجمود السياسي، ولتحديد موعد لمؤتمر السلام بحسب المبادرة الفرنسية. وأعلن هولاند أنه «لهذه المبادرة هدف واحد لحث العملية السلمية الإسرائيلية ـ الفلسطينية. فالعنف يتزايد والأمل يتبدد، ولذلك فإننا نريد محاولة إحياء العملية السلمية. علينا العمل من أجل الاعتراف بأنه في السياق الإقليمي ـ كل فراغ سياسي سيملأ بالتطرف والإرهاب».

وبحسب هولاند، فإن «استمرار الوضع القائم يقود إلى ازدهار العنف والإرهاب. والوحيدون الذين سيكسبون من استمرار الوضع القائم هم المتطرفون المعارضون للسلام. إن اتفاق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين ينبغي أن يضم دول المنطقة. فالأمور تغيرت في السنوات الأخيرة. هناك حرب في سوريا، في العراق، والإرهاب في المنطقة. وهناك من سيفسر ذلك كاحتمال لترك الموضوع الإسرائيلي ـ الفلسطيني، لكنني أزعم العكس. فقط الطرفان نفسيهما يمكنهما اتخاذ الخطوة الشجاعة نحو السلام. نحن لا يمكننا فعل ذلك بدلاً منهما، وإنما فقط المساعدة وتقديم الضمانات».

وأضاف الرئيس الفرنسي أنه «في لقاء اليوم، علينا التشديد على أن السلام يتحقق عن طريق إنشاء دولتين لشعبين يعيشان جنب إلى جنب بأمن. وبعد المؤتمر، علينا إنشاء مجموعات عمل لتشخيص الخطوات التي ينبغي تنفيذها من أجل السماح باستئناف المفاوضات. علينا التفكير كيف نمنع التصعيد، وما هي ترتيبات الأمن المطلوبة، وما هي العواقب. علينا خلق الأرضية المناسبة التي تسمح باستئناف المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين. إن هذا النزاع استمر أكثر مما ينبغي، والهدف هو العثور على الشروط الملائمة للسلام. آمل أن العملية التي نحركها اليوم ستصل إلى النهاية المأمولة، وهي تحقيق السلام».

وفي ختام الاجتماع، حذّر آيرولت من «خطر جدي» يهدد الحل القائم على مبدأ الدولتين، لافتاً الى ان الوضع يقترب من «نقطة اللاعودة».

وأضاف «يجب التحرك بشكل عاجل للحفاظ على حل الدولتين وإحيائه قبل فوات الاوان»، مكرراً عزم فرنسا على تنظيم مؤتمر بمشاركة الاسرائيليين والفلسطينيين قبل نهاية العام.

بدورها، اعتبرت مسؤولة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني أن «من واجب اللاعبين الدوليين والإقليميين أن يجدوا منفذاً لأن الجانبين عاجزان عن فعل ذلك وحدهما».

وأضافت «سياسة التوسع الاستيطاني وعمليات الإزالة والعنف والتحريض تكشف لنا بجلاء أن الآفاق التي فتحتها أوسلو عرضة لأن تتلاشى بشكل خطير».

ورأى معلّقون إسرائيليون أن انعقاد اللقاء التمهيدي لوزراء خارجية الدول المشاركة بحضور أميركي يوجّه ضربة شديدة لحكومة إسرائيل ويظهر عزلتها الدولية.

وكتب باراك رابيد في «هآرتس» أن إسرائيل استقبلت المبادرة الفرنسية بعدم جدية، معتقدة أنها سوف تُلقى سريعاً في مزبلة التاريخ. ولكن مع مرور الوقت تبين أن الفرنسيين يواصلون التقدم بالمبادرة بكل قوة، وأنهم جنّدوا المزيد والمزيد من الدول لتأييدها. وفي نظر رابيد، فإنه رغم عدم الحماس من جانب بعض الدول للمبادرة الفرنسية، خصوصاً أميركا، إلا أن مشاركتهم فيها وتأييدهم لها جاء باعتبار أنها «اللعبة الوحيدة» في المدينة.
وخلص رابيد إلى أن المبادرة الفرنسية ترمز إلى يأس الأسرة الدولية من الزعامة الإسرائيلية والفلسطينية. وكتب أن نتيجة هذا اليأس ما قد يظهر لاحقاً على أنه نهاية المفاوضات الثنائية والمباشرة بين إسرئيل والفلسطينيين، والتدخل الدولي في الصراع.

وبدا في الأيام الماضية أن الحكومة الإسرائيلية تتخبط في كل الاتجاهات، محاولة اثبات أن لديها بدائل للمبادرة الفرنسية. وعدا عن المحاولة الفاشلة لجعل مصر بديلاً لفرنسا ووضع المبادرة العربية في مواجهة المبادرة الفرنسية، حاول رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو توريط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الأمر. والأهم عند نتنياهو الآن هو إظهار أن هناك حركة سياسية، وأن المبادرة الفرنسية ليست الخيار الوحيد. ولهذا السبب تجدد الكلام في إسرائيل حول احتمال انضمام المعسكر الصهيوني بزعامة تسيبي ليفني وحزب عمل اسحق هرتسوغ للحكومة. لكن من الواضح أن ألاعيب نتنياهو هذه لم تقنع أحداً بالمقامرة والاعتماد عليها أو أخذها بجدية.

وكان المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية دوري غولد قد أعلن استمرار رفض إسرائيل للمبادرة الفرنسية، مؤكداً أن لا سبيل للسلام سوى المفاوضات المباشرة من دون شروط مسبقة. وقال إنه «إذا كان لك نزاع مع الجار، لا ينبغي السفر إلى فرنسا، وجلب السنغال، من أجل حله».

وأشار إلى أنه «قبل مئة عام، حاول سايكس وبيكو فرض نظام جديد في الشرق الأوسط، ولكن الأمر فشل حينها، ويفشل حتى اليوم. وأضاف أن المبادرة الفرنسية «تؤثر على حفز الفلسطينيين نحو السلام معنا».

وكانت واشنطن قبل بدء مؤتمر باريس قد حاولت تخفيض سقف التوقعات من المؤتمر. وأشارت مصادر أميركية إلى أن وزير الخارجية، جون كيري، لا ينوي عرض أفكار محددة على المؤتمر، وأنه يؤمن أن التسوية تتطلب تنازلاً من الجانبين. وأوضحت هذه المصادر أن مؤتمر باريس سوف يعيد التأكيد على الحوافز الاقتصادية والضمانات التي سبق وعرضت على الطرفين في السنوات الأخيرة لحثهما على التسوية. وقالت هذه المصادر إن «الولايات المتحدة وصلت للإصغاء للأفكار الفرنسية ودول أخرى والحديث عما يمكن أن يحث التسوية».

إلى ذلك، ردّ وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أمس على كلام نتنياهو الأسبوع الماضي عن المبادرة العربية ودعوته لتعديلها. وقال الجبير إن المبادرة العربية التي أطلقت في العام 2002 تضم «جميع العناصر التي تتيح التوصل الى السلام» في الشرق الاوسط.

وفي تصريحات صحافية في ختام اجتماع لقاء باريس التشاوري، نفى الجبير اي تعديل لهذه المبادرة، معتبراً إياها «الفرصة الافضل» من اجل تسوية، «ونأمل بان تسود الحكمة في اسرائيل، وان يوافق عليها الاسرائيليون».

وذكّر بأن المبادرة تلحظ بالخصوص «اتفاق سلام بين اسرائيل والبلدان العربية» و «علاقات طبيعية» بين الجانبين «مقابل الانسحاب من الاراضي التي تم احتلالها في العام 1967 وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية».

خامنئي يرفض التعاون مع أميركا إقليمياً: الرهان على الاقتصاد المقاوم لا على الاستثمارات

شنَّ المرشد الأعلى للثورة الإسلاميّة في إيران السيّد علي خامنئي، أمس، هجوماً عنيفاً على الولايات المتّحدة وبريطانيا متهماً الأميركيين بـ «المماطلة» في ما يتعلق بتطبيق الاتفاق النووي، رافضاً مشاركة طهران ضمن التحالف الأميركي لحل قضايا المنطقة، لأن هذا التحالف لديه خطة إقليمية تريد تحقيق أهدافها الخاصة.

واستبعد خامنئي، في كلمةٍ، لمناسبة مرور الذكرى السّابعة والعشرين لرحيل الإمام الخميني ألقاها في مرقده في طهران، التعاون مع الولايات المتّحدة وبريطانيا في القضايا الإقليميّة، موضحاً أنّ «سبب عدم قبولنا الدخول في الائتلاف الأميركيّ للتّعاطي مع قضايا المنطقة، مثل القضيّة السورية، هو أنّ لهؤلاء خطط وأهداف، ويرغبون في الاستفادة من قدرات ونفوذ الجمهورية الإسلامية لتحقيق غاياتهم».

واتّهم خامنئي واشنطن بعدم الالتزام بالاتفاق النووي الّذي وقّعته طهران مع الدول الستّ الكبرى العام الماضي، معتبراً أنّ «الأميركيين ما زالوا يماطلون حتى الآن».

وشدّد على ضرورة «الرهان على الموارد الداخلية للبلاد لإحياء الاقتصاد وليس على الاستثمارات الأجنبية»، معتبراً أنّ «الاندماج في الاقتصاد العالمي والذوبان فيه لم يكن مدعاة فخر بل هو خسارة وفشل».

وقال «من الخطأ الاعتقاد بأنّ الاقتصاد المقاوم يتمثّل في استقطاب الاستثمارات الخارجية»، داعياً إلى «تحقيق الاستقلال الاقتصاديّ من خلال الاقتصاد المقاوم فقط».
وأكد أن «الاستمرار في الثورة يجلب التقدم والتنمية للبلاد، والانحراف عنها يؤدي إلى التراجع»، داعيا «جيل اليوم والأجيال المقبلة إلى مواصلة السير في طريق الثورة»، محذراً من أن «أي انحراف عن مسار الثورة صفعة على وجه الشعب الإيراني والإسلام».

وأضاف أن «الشّعب الإيراني دفع أثماناً باهظة بسبب ثورته، لكنّه حقّق أرباحاً بمئات الأضعاف»، معتبراً أنّه «اليوم بات يستطيع الحصول على منافع كثيرة من دون دفع تكاليف كبيرة، لأن الأوضاع باتت أفضل للشعب الإيراني والظروف أصبحت مهيّأة أكثر من الماضي».

وأضاف «إذا لم تدرك الشعوب مصلحتها الرئيسية فإنها ستضل الطريق»، موضحاً أن «أهم المصالح الرئيسية هي الخلاص من هذه المستنقعات، أي مستنقع التبعية والتخلّف، والفساد السياسي والأخلاقي، وكذلك مستنقع التواطؤ الدولي الذي أدّى بالجميع سابقاً للوقوع بهذه المستنقعات».

وشدّد خامنئي على «ضرورة وحدة الحكومة والشعب من دون الإخلال بها». وقال «يمكن أن يعجب الشعب بحكومة وسياساتها، أو لا يعجب بها، وهناك مجال لتنافس التيارات في الانتخابات وتوجيه النقد، لكن يجب على الجميع أن يتحدوا ويكونوا في صف واحد جنباً إلى جنب».

واعتبر أن «المواجهة مع أميركا مواجهة لجبهة واحدة»، لافتاً إلى أن «هذه الجبهة يمكن أن تمتد إلى داخل البلاد أحياناً، لذا يجب توخي الحذر واليقظة»، مشدّداً على «ضرورة حفظ الحد الفاصل بيننا وبين الأعداء».

إلى ذلك، أكّد الرئيس الإيراني حسن روحاني أنّ «الشّعب الإيرانيّ أثبت جدارته في الدفاع عن حقوقه بقدراته الوطنية وإيمانه ومقاومته وخطابه السياسي والقانوني والمنطقي»، معتبراً أنّ «الشبح المشؤوم للحرب قد ابتعد الآن عن الشّعب الإيرانيّ الذي تم تثبيت حقوقه في المحافل الدولية وانهار الحظر الظالم الذي فرض عليه».

ودعا، في كلمةٍ للمناسبة نفسها في مرقد الخميني، الإيرانيّين إلى «بذل أقصى الجهود لجعل نظام الجمهورية الإسلامية أكثر جدارة».

من جهة ثانية، أكد مساعد رئيس هيئة الأركان الإيرانية العميد سيد مسعود جزائري أن القوات المسلحة الإيرانية على استعداد تام لمواجهة التهديدات العسكرية الأميركية، وأنها «سترد بحزم وقوة على كل خطر يهدد أمننا ومصالحنا القومية».

وحول تصريحات الرئيس الأميركي باراك أوباما حول سوريا والحرب الداخلية فيها، قال جزائري إن «الأميركيين يبدو قد تناسوا بأنهم متورطون في الحرب السورية، وبدعمهم الشامل لجماعات داعش والإرهابيين التكفيريين طيلة ست سنوات، فإنهم دمروا الشعب السوري المظلوم من خلال الحروب بالوكالة في هذا البلد».

ووصف «تسمية الأميركيين للحروب بالوكالة في سوريا بحرب داخلية، بأنها حيلة دعائية لتضليل الرأي العام». وأضاف إن «التحالف الأميركي ضد داعش، لم يكن له نتيجة سوى إيجاد مظلّة دعم لنقل الأسلحة والعتاد والإرهابيين المرتزقة من اجل استمرار الحرب ضد سوريا حكومة وشعباً».

صحيفة النهار* النهار

عمليات استباقية واسعة لضبط الخلايا الإرهابية عاصفة المشنوق بعد ريفي… الربط الرئاسي؟

اتخذت العمليات الامنية الاستباقية التي ينفذها الجيش والاجهزة الامنية لضبط الخلايا الارهابية وتعقبها وتوقيف عناصرها بعداً واسعاً واستثنائياً بدت معه هذه العمليات أشبه بحرب استباقية في كل الانحاء التي يشتبه في وجود خلايا نائمة أو تتهيأ للقيام بعمليات ارهابية انطلاقا منها.

وغداة العملية التي نفذها الجيش في خربة داود في عكار وتمكن خلالها من توقيف ثلاثة من افراد خلية مرتبطة بتنظيم “داعش” وقتل رابع، شهدت الساعات الاخيرة موجة واسعة من عمليات الدهم والتوقيف كان اللافت فيها نجاح الجيش والاجهزة في الاطباق على خلايا اضافية وتوقيف مشتبه فيهم في مناطق مختلفة بعضها في عاليه وعرمون الامر الذي يظهر مدى خطورة تحرك الخلايا الارهابية وحجمه في هذا التوقيت .

وكرت سبحة عمليات الدهم منذ صباح أمس اذ دهمت قوة من الجيش “مشروع العباسي” بالقرب من جامع المكحل في دوحة عرمون الذي يقطنه سوريون أنزلوا جميعاً من مساكن المجمع وتولت القوة العسكرية عمليات التفتيش.

وأفادت معلومات أمنية ان القوة صادرت عدداً من البنادق وأوقفت نحو 50 شخصا رهن التحقيق.

وفي الوقت نفسه دهمت قوة من جهاز أمن الدولة في عاليه معملاً للحجارة في منطقة عين حالاً بمدينة عاليه وأوقفت ستة سوريين داخل المعمل كانوا موضع رصد وتعقب من أمن الدولة للاشتباه في ارتباطهم بتنظيم “داعش”. وبعد تأكد الجهاز من المعلومات عن المجموعة وتحركها، اطبق عليهم واوقفهم .

واشارت المعلومات الى ان المجموعة الارهابية كانت تخطط لعمليات ارهابية وتفجيرات في منطقة عاليه والضاحية الجنوبية من بيروت.

ووسط هذه التطورات أعلن قائد الجيش العماد جان قهوجي لدى رئاسته احتفالاً في اليرزة باطلاق مشروع تنفيذ الهبة الاوروبية المقدمة الى الجيش والمديرية العامة للامن العام في مجال دعم القطاع الامني، ان “قرارنا حاسم منذ الاساس بحماية لبنان من اخطار التحديات التي فرضها وجود التنظيمات الارهابية على حدوده الشرقية ومحاولاتها المستمرة جعل لبنان جزءاً من مشاريعها.”

وشدد على ان “معركتنا مع الارهاب ماضية الى الامام ولا هوادة فيها ولن تتوقف الا بالقضاء على تجمعاته وشبكاته التخريبية وأي نشاط يقوم به على الحدود وفي الداخل”. كما اعتبر المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم ان لبنان “ينوب في معركته الشرسة مع الارهاب عن العالم عموماً وأوروبا خصوصاً ولا سيما في منع الهجرات غير الشرعية”.

عاصفة المشنوق

أما على الصعيد السياسي، فان المشهد الداخلي بدا أمام تداعيات عاصفة سياسية وديبلوماسية جديدة أثارها الحديث التلفزيوني الاخير لوزير الداخلية نهاد المشنوق لجهة كلامه عن الدورين السعودي (سابقاً) والبريطاني في ترشيح النائب سليمان فرنجية والضغوط على الرئيس سعد الحريري، وهي عاصفة جاءت لتلاقي التداعيات المستمرة للفوز السياسي والانتخابي للوزير المستقيل أشرف ريفي في الانتخابات البلدية في طرابلس بما وضع “تيار المستقبل” والرئيس الحريري تكراراً في عين العاصفتين. والعامل اللافت الاول الذي برز في التعامل مع كلام المشنوق ظهر في رد للسفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري الذي استغرب مواقف وزير الداخلية “واقحامه المملكة العربية السعودية في عدد من الملفات الداخلية”.

واكد عسيري ان بلاده “لم ولن تتدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية ولا سيما في ملف رئاسة الجمهورية وان دورها يقتصر على تشجيع المسؤولين اللبنانيين على ايجاد حل للازمة السياسية وانهاء الشغور الرئاسي”.

كما ردت السفارة البريطانية في بيروت على المشنوق مؤكدة ان بريطانيا “لا تدعم أو تعارض أي مرشح لرئاسة الجمهورية وان انتخاب رئيس للجمهورية هو قرار اللبنانيين ومسؤوليتهم”.

وفيما لم يصدر أي موقف أو تعليق عن الرئيس الحريري و”تيار المستقبل” على كلام المشنوق، أبلغت اوساط متابعة لردود الفعل على المواقف التي عبر عنها وزير الداخلية “النهار” ان ثمة ناحية سلبية في هذه المواقف تنال من الرئيس الحريري ومن السعودية. وتساءلت عما إذا كانت هذه المواقف تعبّر عن جهات أوحت بها؟وخلصت الى القول إن النائب فرنجية كان المستهدف الابرز بكلام الوزير المشنوق، وأن المستفيد هو العماد ميشال عون.

غير ان الوزير ريفي رد بدوره على المشنوق من حيث اتهامه بـ”حصر ارث آل الحريري والمتاجرة بدم الرئيس الشهيد رفيق الحريري”، فقال عقب زيارته أمس لبكركي: “أذكره بانني شهيد حي والشهيد الحي يعرف قيمة الشهداء وكفى ” .

ودعا ريفي في سياق آخر كلاً من الرئيس الحريري ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع الى سحب ترشيح الوزير السابق فرنجية والعماد عون لرئاسة الجمهورية والعودة الى التحالف بينهما.

وقال إنه سيشكل لائحة في مدينة طرابلس خلال الانتخابات النيابية المقبلة بالتعاون مع قوى تغييرية، معتبراً ان “المجتمع المدني هو الرحم الذي ستولد منه الطبقة السياسية الجديدة”، مشيراً الى ان “الثوابت التي ينطلق منها هي ثوابت قوى الرابع عشر من اذار وتتلخص بالعودة الى الدولة ومواجهة المشروع الايراني ورفض السلاح غير الشرعي والسير باتجاه بناء دولة ديموقراطية ليبرالية ذات اقتصاد حر”.

صحيفة اللواء
صحيفة اللواء

* اللواء

العلاقة بين الحريري وجعجع تحت السيطرة

«القوات» تنفي التباعد مع «المستقبل»

كشف السجال الذي دارت وقائعه مساء الأربعاء بين الرئيس سعد الحريري ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع على خلفية «تفاهم معراب» ان العلاقة بين الرجلين ليست طبيعية، ان لم نقل متوترة، لكنها تبقى رغم كل شيء تحت السيطرة، بالنظر إلى ان الطرفين حريصان على ان تبقى علاقتهما في إطار المبادئ التي تجمعهما.

وفيما لوحظ ان نواب كتلة «المستقبل» التزموا الصمت تجاه هذه العلاقة، مستعيدين إلى الذاكرة الثوابت الاستراتيجية التي تجمع «المستقبل» و«القوات»، ذكرت وكالة الأنباء «المركزية» ان جعجع أصدر أمس مذكرة داخلية أوعز فيها إلى جميع نواب ومسؤولي وقيادات وكادرات ووسائل الاعلام التابعة للحزب عدم التعرض لتيار المستقبل بأي شكل، حتى لو صدرت تصريحات ومواقف مضادة من جانبه.

وشدد جعجع في مقدمة المذكرة على «ان العلاقة مع تيار «المستقبل» والرئيس سعد الحريري أبعد واعمق من تفاصيل تكتية».

وكانت الدائرة الاعلامية في «القوات» ردت في بيان، على ما ورد في احدى الصحف اللبنانية، بعنوان «جعجع يختبر نيات الحريري… الى مزيد من التباعد»، وتضمن اقوالا منسوبة الى مصادر معراب، غايتها تأجيج سوء التفاهم القائم بين تيار المستقبل والقوات اللبنانية». موضحة «ان كل ما ورد في الصحيفة المنسوب الى مصادر معراب، غير صحيح على الاطلاق ويجافي الحقيقة جملة وتفصيلا».

وفي السياق، شدد مستشار رئيس حزب «القوات» العميد المتقاعد وهبي قاطيشا على ان «الطلاق مع الرئيس الحريري غير وارد، قد نختلف على رئاسة الجمهورية وهذه «نكزات» تحدث بين الحلفاء»، لافتاً إلى ان «كل العالم لم تفرح لمصالحتنا مع العماد عون».

واعتبر قاطيشا ان «اتهام القوات بأننا نريد إلغاء الآخرين أمر غير صحيح، ونتائج الانتخابات البلدية اظهرت انهم يريدون إلغاءنا ويريدون إلغاء «القوات» وصوت الأحزاب».

وتمنى ان «يعود الوزير المُستقيل اشرف ريفي و«المستقبل» كما كانا سابقا لأنهما سويا حلفاء لنا»، مشيراً الى اننا «لا نفصل ريفي عن «تيار المستقبل»، واستراتيجيا في الاتجاه نفسه».

من جهته، اوضح عضو كتلة «المستقبل» النائب احمد فتفت ان «العلاقة بين «التيار» و«القوات اللبنانية» متوترة ليس اكثر، فهناك ثوابت استراتيجية لم يخرج احد عنها، لكننا ندعو للعودة إليها»، لافتا الى ان «معاركنا المشتركة منذ 2005 حتى اليوم كانت استراتيجية، وعندما ندخل في التكتيك والخلافات على السلطات تضيع البوصلة ونهدد البلد مجدداً».

واشار في تصريح الى ان «من الطبيعي ان يحصل اختلاف بين الحلفاء، لكن المهم الا يُضيّع احد البوصلة وألا يُبدي تكتيكات على استراتيجيات»، مؤكداً ان «البوصلة لم تضع، لأن الناس صوّتت لـ«14 آذار» في كل مكان في الانتحابات البلدية، فعندما صوّت الناس لـ«بيروت مدينتي» صوّتوا لـ«14 آذار»، ومن صوّت في طرابلس للائحة المجتمع المدني التي دعمها الوزير المُستقيل اشرف ريفي ايضا صوّت لـ«14 آذار»، فهذه القوى شيء والقيادات شيء آخر».

وقال «نحن لا نسرق اي انتصارات، بل نقول ان الناس صوّتوا بتفكير «14 آذار»، لكن عتبهم كان على قياداتها التي تنازلت اكثر من اللازم، احيانا اقامت تحالفات خاطئة في مكان ما».

ريفي في بكركي بعد دار الفتوى  … ويتحضر لتأسيس تيّار أو حركة قريباً

اعتبر وزير العدل المستقيل اللواء اشرف ان «تعالي الفريق الآخر في طرابلس هو من افقد المدينة الشراكة، معلناً عن الاتجاه لإطلاق تيار أو حركة وليس حزباً، مؤكداً الاستمرار في نهج الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ودعا الرئيس سعد الحريري ورئيس «حزب القوات» سمير جعجع لسحب ترشيحي النائبين ميشال عون وسليمان فرنجية.

بعد زيارته دار الفتوى، حطّ اللواء ريفي أمس في  بكركي حيث التقى البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، يرافقه العميد روبير جبور والمستشار القانوني القاضي محمد صعب والزميل اسعد بشارة، وجرى عرض للاوضاع الراهنة والانتخابات البلدية في طرابلس.

بعد اللقاء، الذي استمر نصف ساعة قال ريفي: «تداولنا في موضوع بلدية طرابلس وحيثيات وتفاصيل المعركة الانتخابية البلدية. وأكدت له المبادرة التي كنت تقدمت بها لتأمين وصول المسيحيين والعلويين الى المجلس البلدي، وكان اقتراحي الذي تقدمت به الى المطارنة وللنائب روبير فاضل علنا واعلاميا مرات عدة، انما لم يكن هناك من مجيب. المبادرة تقوم على ان نتفق على اسماء المسيحيين والعلويين المرشحين، وتدرج هذه الاسماء على اللائحتين لنضمن وصولهم تلبية لنداء طرابلس واصرار المدينة على ان يشارك المسيحيون والعلويون في المجلس البلدي، ولكن بكل اسف كان الفريق الآخر متعال ولم يرد على المبادرة».

اضاف: «لا يكفي النظر دائما الى فوق انما التطلع نحو الارض، هناك شعب لديه مطالب ويقول القرار اصبح لي، لهذا اطلقنا على لائحتنا اسم لائحة «قرار طرابلس» واهاليها كي يقولوا نعم لشراكة مدنية. والتعالي من قبل اللائحة الاخرى هو الذي حرم المدنية من مشاركة المسيحيين والعلويين وعليهم تحمل المسؤولية، مع العلم انني اصر ان المطارنة الثلاثة هم الذين شكروني وتمنوا ان ابقى اعمل بمبادرتي حتى الساعة الاخيرة».

وحول اتهامه بالمتاجرة بدم الشهيد الرئيس الحريري، اجاب: «لا اريد الاجابة بالتفصيل، لكنني انا شهيد حي وهو وحده الذي يعرف قيمة الشهداء».

وحول الزعامة، قال: «سئلت قبلا واقول، انا اللواء اشرف ريفي قدماي على الأرض ورأسي على اكتافي».

اما عن الحلول لموضوع عدم تمثيل المسيحيين والعلويين في المجلس البلدي، قال: «لا شك انني افكر في خيارات بديلة وهي اشراك جميع المرشحين في المجلس البلدي ليكون لهم دور في التنمية والعمران وغيرها، وسنبقى فريق عمل متكامل. واشير الى ان الناس اقترعت للائحتنا كاملة، يعني ان طرابلس صوتت للمسيحيين والعلويين لكن هذه المعركة ادت الى وصول الاوائل في اللائحة الاخيرة».

ومن جهةٍ ثانية،  دعا ريفي في حديث أجرته معه قناة «الجزيرة» كلا من الرئيس سعد الحريري ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع إلى سحب ترشيح النائبين سليمان فرنجية والعماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، والعودة إلى التحالف بينهما.

وأكد أنه سيشكل «لائحة في مدينة طرابلس خلال الانتخابات النيابية المقبلة، بالتعاون مع قوى تغييرية».

ووصف ريفي مقولة فوز التطرف في انتخابات بلدية طرابلس بـ«انها حملة ديماغوجية لتشويه هذا الانجاز»، وأشار إلى أنه يتحضر «للمرحلة المقبلة من خلال تأسيس تيار أو حركة»، رافضا فكرة «تأسيس حزب»، وقال: «إن سمير جعجع يشكل حليفا استراتيجيا ثابتا في الساحة المسيحية، الى جانب حلفاء آخرين».مشيرا إلى أن «بداية التباين بينه وبين الرئيس سعد الحريري كانت بسبب اعتماد الأخير خيار ترشيح فرنجية الى رئاسة الجمهورية»، و«قضية ميشال سماحة».

وعن إمكان إعادة بناء الثقة مجددا مع تيار «المستقبل»، قال ريفي: «في السياسة لا استحالة». ودعا إلى «العودة لثوابت الرئيس الشهيد رفيق الحريري ومشروع قوى 14 آذار ولفت إلى أنه «أبلغ سمير جعجع رفضه تبني ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية»، وقال: «إن إيران وحزب الله لا يريدان وصول عون الى الرئاسة».

ودعا ريفي إلى «تصويب المسار واعتماد خيارات تراعي رأي الجمهور السني ومطالبه، تجنبا لاتجاه هذا الجمهور نحو التطرف».

وإذ أبدى استعداده لمحاورة «حزب الله»، قال: «بارتداد سلاح حزب الله الى لبنان وسوريا، أصبح هذا السلاح ميليشيويا».

وأشار إلى أن «المحكمة الدولية لم تقدم أي طلب حتى الآن في خصوص التأكد من مقتل القيادي في حزب الله مصطفى بدر الدين».

وأشار ريفي في حديث تلفزيوني مسائي، الى ان «العلاقة مع رئيس كتلة «المستقبل» فؤاد السنيورة جيدة، ولم تنقطع ابدا وهناك لقاءات ايضا»، معتبرا ان «تبرير وزير الداخلية نهاد المشنوق لترشيح «المستقبل» لرئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية غير مقبول».

احتفال بإطلاق مشروع هبة أوروبية للجيش والأمن العام

قهوجي وإبراهيم: المعركة ضد الإرهاب لا هوادة فيها

شدد قائد الجيش العماد جان قهوجي على ان معركتنا مع الارهاب ماضية الى الامام ولا هوادة فيها، مؤكداً ان الجيش لن يتوقف الا بعد القضاء على الشبكات الارهابية. ولفت الى ان لبنان في قلب المشهد المأساوي للمنطقة لانه يتحمّل ما لا طاقة له من الاعباء جراء النزوح ووجود التنظيمات الارهابية.

كلام قهوجي جاء خلال احتفال أقامته قيادة الجيش لمناسبة إطلاق مشروع تنفيذ الهبة المقدمة من الاتحاد الأوروبي للجيش اللبناني والمديرية العامة للأمن العام، في نادي الضباط – اليرزة، بحضور سفيرة الاتحاد الأوروبي كريستينا لاسن والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، وممثلين عن الدول الاوروبية وأعضاء فريق العمل المشترك اللبناني – الأوروبي.

بعد نشيد الاتحاد الأوروبي والنشيد الوطني اللبناني، كانت كلمة للسفيرة لاسن، وصفت فيه المشروع بأنه رائد ومتميز، ويهدف إلى إصلاح القطاع الدفاعي خلال 30 شهراً، وستبلغ القيمة الإجمالية له 3 ملايين يورو ونصف المليون، ويستهدف بشكل مباشر التطورات التنظيمية وقدرات وسائل التواصل الذي يتمتع بها الجيش اللبناني والأمن العام في خطوة إضافية تشكّل المساعدة الفنية أساساً للتسليم المعدات لكلا المؤسستين.

ولفتت لاسن إلى ان الجيش والأمن العام يقفان في مقدم القتال ضد الإرهاب والسيطرة على الهجرة غير الشرعية والاستقرار الداخلي، مشيرة إلى ان تقديم الدعم لهاتين المؤسستين نكون قد ساعدنا في تعزيز قدراتهما ما سيكون له تأثير على حياة اللبنانيين اليومية.

ولاحظ اللواء إبراهيم في كلمته ان لبنان يعيش أدق مراحل تاريخه الحديث وأخطرها من خلال مواجهته الإرهاب الذي يتهدده دولةً ورسالةً حضارية، في مواجهة عقل إلغائي لا يعترف بالتنوع والتفاعل الحضاري بين الثقافات.

وقال: في معركته الشرسة هذه ينوب لبنان عن العالم عموما وأوروبا خصوصا، لا سيما في منع الهجرات غير الشرعية. وطننا آخر شطآن المتوسط التي يمكن لأوروبا ان تأمن منها، وهذا ما يحتم على الجميع مد يد العون اليه لحماية القيم الإنسانية والفكرية المهددة بالزوال اذا لم نحسن التصرف، ووضع المشاريع المشتركة التي تحصن بلدنا في المجالات الاقتصادية والاجتماعية وطبعا الامنية. وما المشروع الذي نحتفل اليوم بإطلاقه سوى نموذج العمل المشترك».

ولفت إلى ان إطلاق مشروع برنامج المساعدات للجيش والأمن العام يهدف إلى تعزيزها بين المؤسستين عبر تقويم الخبرات والتدريب والتجهيزات للمساهمة من جهة، في تقوية القدرات القتالية والاستخباراتية واجراء اصلاحات في البنية الامنية والادارية واللوجستية لتتلاءم مع المعايير العالمية الحديثة، ومن جهة اخرى، دعمهما لاستكمال مهماتنا الوطنية في تحصين مناعة لبنان في مواجهة الإرهاب الذي يتهدد انسانه وارضه، بعدما أثبتت مؤسساتنا العسكرية والامنية فاعليتها بدليل العمليات النوعية التي انجزت والشبكات التي فككت».

وختم شاكراً للاتحاد الأوروبي مساهمته في وضع هذا المشروع موضع التنفيذ، مؤكداً استمرار العمل على دفع الخطر عن وطننا بكل ما أوتينا من قوة وعزم بالتعاون مع الجيش وكل الأجهزة الأمنية.

ثم كانت كلمة للعماد قهوجي شدّد فيها على ان لبنان في قلب المشهد المأساوي الذي يرخي بظلاله على جميع اماكن المنطقة وطاولت بشظاياه الجوار الأوروبي على الضفة الأخرى للبحر الأبيض المتوسط، مشيراً إلى ان لبنان تحمل ولا يزال ما لا طاقة له على  تحمله من الأعباء، خصوصاً تجاه تدفق ما يزيد عن مليون ونصف مليون لاجئ سوري إلى أرضه، وتجاه التحديات التي فرضها وجود التنظيمات الإرهابية على حدوده الشرقية ، ومحاولاتها المستمرة جعل لبنان جزءاً من مشاريعها التدميرية.

وتابع: «لقد كان قرارنا الحاسم منذ الأساس، أن نحمي لبنان من هذه الأخطار، بكل الإمكانات المتوافرة ومهما بلغت التضحيات، فكانت عين الجيش ساهرة على الحدود التي تمثل السياج الأول للوطن، حيث واجهنا التنظيمات الإرهابية بكل قوة وحزم، واستطعنا في جميع المعارك إلحاق الهزيمة بها، وصولا إلى محاصرتها في مناطق محددة على السلسلة الشرقية، وشل قدراتها ومبادراتها القتالية إلى أكبر قدرٍ ممكن، وذلك من خلال قصفها اليومي بالأسلحة الثقيلة، واستهدافها بعمليات نوعية استباقية في العمق، الأمر الذي أدى إلى إحباط جميع مخططاتها الهادفة إلى التوسع باتجاه الداخل اللبناني، واستهدافه بالسيارات المفخخة والمتفجرات والعمليات الانتحارية».

وقال: «إن معركتنا مع الإرهاب ماضية إلى الأمام ولا هوادة فيها، ولن تتوقف إلا بالقضاء على تجمعاته وشبكاته التخريبية، وأي نشاط يقوم به على الحدود وفي الداخل. ونحن نعتبر هذه المعركة أولوية مطلقة لدى الجيش، كما نعتبرها جزءا من جهد لبنان في إطار جهود منظومة المجتمع الدولي لمواجهة هذا الخطر الداهم الذي يتربص شرا بالإنسانية جمعاء.

ومن هذا المنطلق لدينا ملء الثقة بالدول الصديقة وفي طليعتها دول الإتحاد الأوروبي، التي نتشارك وإياها قيم الحرية والسلام والانفتاح، أن تواصل تقديم الدعم للجيش والأجهزة الأمنية اللبنانية، آملين أن يكون هذا المشروع المهم، المخصص للتدريب والجوانب التقنية والإدارية، ركيزة لبناء المزيد من مداميك التعاون بيننا في المراحل المقبلة.

صحيفة الاخبار* الاخبار

 هؤلاء هم صانعو النصر الطــرابلسي

يستمتع الإعلام بلعبة الاختزال عندما يتعلق الأمر بطرابلس. اختُزلت الفيحاء بساحة وأعلام سوداء لفترة طويلة، واختُزل الطرابلسيون بمسلّحين على طرفي شارع ضيق، والشباب بمتطرفين يُسجنون ويُطلق سراحهم على وقع التقلّبات السياسية. وقعت المدينة في فخّ الصورة القاتمة والتعميم القاتل ولم يلتفت أحد لانتشالها.

حتى في انتخاباتها البلدية الأولى بعد سكوت الرصاص، أمعن الإعلام والسياسيون في اختزال حدثها البارز. لم يكلّف كثيرون أنفسهم عناء اكتشاف مَن يتنافس ضد مَن في العاصمة الثانية، فاستسهلوا تقسيم المشهد بين الزعماء السياسيين والوزير السابق أشرف ريفي. ممن تألّفت اللوائح الطرابلسية؟ هل لتلك الوجوه أسماء؟ ماذا يريد الطرابلسيون المنهكون؟ هل يحمل أحد مشاريع إنمائية لأكثر المدن إهمالاً؟ لم تحظَ طرابلس بـ»نادين لبكي» ثانية تجذب الاهتمام الإعلامي اللازم بالتفاصيل الضرورية، فغابت الأضواء عن شخصيات موجودة وفاعلة أنجبت لاحقاً مفاجأة هزّت المشهد الانتخابي كله. لم يكترث الكسالى منّا بأفراد حضروا وعملوا وحشدوا على الأرض، فاكتفينا باستصراح شخصيات الواجهة السياسية البائسين ذاتهم، وأهملنا، نحن أيضاً، الناس الحقيقيين.

فجّرت طرابلس مفاجأتها، وفي عزّ الصدمة لم يستطع الإعلام سوى اللجوء إلى اسم يعرفه جيداً، فكان أشرف ريفي نجم الحدث الجديد وصاحب النصر المدوّي. هذا ما قاله، ولا يزال، خطاب الشاشات السائد، أما الواقع فيقول إن ريفي فاز سياسياً، لكنه ليس وحده من صنع النصر. أبرز الفائزين على لائحة «قرار طرابلس» مجموعة شخصيات لها حيثياتها في المجتمع الطرابلسي وليست محسوبة على ريفي حصراً ولا تؤيد كل مواقفه بالضرورة، فبينهم من كانوا قد فازوا سابقاً في معارك بلدية على لوائح عمر كرامي أو نجيب ميقاتي أو سعد الحريري، وبينهم من اخترقوا اللوائح في جولات سابقة محتدمة. هم أصحاب الشعبية الحقيقية ممن راكموا تأييد وحبّ وثقة بعض سكّان المدينة بعد سنوات من ممارسة الخدمة العامّة في شتّى القطاعات. ولم يصدّق أحد قبل الانتخابات ما قاله بعض محبيهم عن أنهم «لا يمكن أن يخسروا».

أدرك اللواء بذكاءٍ، قوة هؤلاء، لكنه لم يثق بالناس، فحلم بتحقيق خرق واحد يُسجَّل له انتصاراً، فيما كان بعض أعضاء «لائحته» متأكدين من حجم قواعدهم وواثقين من الفوز، أكثر منه. وضع ريفي موقفه السياسي الحاد كرزة على كعكة جهودهم، فاكتملت عناصر الحشد والنجاح. وفي ظلّ تخلّي السياسيين أصحاب الأموال عن المفاتيح الانتخابية تلك وارتكاب الأخطاء المميتة بحق الشارع وأهله، صبّت كل الأصوات تلقائياً في صندوق واحد.
فازت «قرار طرابلس»، فأعلن ريفي أمام الكاميرات برنامجاً سياسياً إقليمياً حتى قبل اكتمال النتائج النهائية للفرز! مؤشر سلبي لمدينة أنهكتها برامج السياسة الفردية على حساب الإنماء والازدهار والأمان. في نفوس بعض محبّي المدينة خشية، لا يخفونها، من تطرّف ريفي السياسي وجنوحه للّعب بالنار حتى ولو على حساب مستقبل المدينة واستقرارها.

رغم كل ذلك، لا يمكن مَن يحبّ طرابلس إلا أن يُسَرّ بصفعة هزّت «وحوش المدينة» الذين خالوا أنفسهم مقبلين على سنوات ستّ جديدة من استغلال المدينة واستضعاف أهلها ومساومتهم على خبزهم وأرواحهم.
في ما يأتي، لمحات عن عينة من أبرز الفائزين على لائحة «قرار طرابلس»، من الذين تختفي أسماؤهم في الإعلام، فيما يعود لهم الفضل الأكبر في صنع المفاجأة الشمالية.

خالد تدمري: وريث تاريخ المدينة يتصدّر أصواتها

الفائز بأكبر عدد من أصوات الطرابلسيين مسكون بمدينته. خالد تدمري (٤٤ سنة)، عضو بلدية طرابلس منذ عام ٢٠٠٤ والأستاذ الجامعي والناشط في المجتمع المدني يعرف تاريخ الفيحاء وواقعها وأسباب فشل مشاريعها والرؤية المستقبلية لها. ابن المؤرخ اللبناني عمر تدمري نشأ بين كتب التاريخ وصور طرابلس القديمة وتأثر باهتمام أبيه، تلميذ الأزهر، بالحضارات الإسلامية. توجه ابن الفيحاء باكراً الى تركيا عام ١٩٩٠ ليكمل دراسته فيها. تعلّم اللغة التركية في أنقرة ثم درس الهندسة المعمارية والترميم والتخطيط المدني في جامعة المعمار سِنان في اسطنبول ونال الدكتوراه منها. تدمري عضو في عدة مؤسسات عربية وتركية ولبنانية تعنى بالآثار والفنون المعمارية. يحمل صوراً فوتوغرافية قديمة من لبنان وطرابلس تحديداً ويشارك بها في معارض في الخارج، ثم يعود بها لتزيّن جدران قاعات المجلس البلدي. سيرته الذاتية تحفل بالمحاضرات والمؤلفات والمساهمات في مجال الخفاظ على الهوية والتراث المعماري.

خطط المشاريع العمرانية وتأهيل المدينة القديمة وتنظيم الشوارع وتنظيفها أولويات حاضرة في ذهنه، يتحدّث عن الدراسات المدنية بالتفاصيل وبالتكلفة والأرقام. يدرك جيداً أن المدينة “الأنيقة” كما يصفها، التي تربّى في أحيائها الشعبية بين أزقّة منطقة الحدّادين وشارع الراهبات، فقدت الكثير من ميزاتها الزراعية والتجارية والجمالية، وحسرته كبيرة على ما خسرته أبرز مدينة قديمة في حوض المتوسط، لكن حماسته للحفاظ على ما تبقى منها يبدو أكبر. “باب التبّانة مثلاً كانت تسمّى باب الذهب لأهميتها التجارية اذ كانت نقطة ترانزيت استراتيجية بين مختلف مدن الساحل المتوسطي وبينها وبين أوروبا”، يشير تدمري مفصّلاً التحوّلات الكارثية التي لحقت بالمدينة الخضراء الزاهرة.

تدمري يفتخر بإنجازات تحمل بصمته مثل “ترميم التكية المولوية وجامع البرطاسي وبرج الساعة الحميدية”، لكن بعض الطرابلسيين يلومونه على “التقصير بالمشاريع طيلة ١٢ سنة من المسؤولية وعلى أخطاء ارتُكبت في بعض ما نُفّذ حتى الآن”. يعترف تدمري بأن المجالس التي شارك فيها سابقاً “فشلت في عدّة مشاريع ولم أستطع مع أقليّة من زملائي فرض رؤيتنا”.

تدمري:
الدعم الانتخابي من قبل اللواء لا يعني تحالفاً سياسياً معه، وسيقف إلى جانبنا في وجه العراقيل

لكنه يبدو الآن واثقاً بأن المجلس الحالي “الذي يضمّ أكثرية من العاملين في الشأن العام سيحقق النجاحات”. “المهمّ أن تكون لدينا رؤية شاملة وخطة متكاملة قابلة للتنفيذ تعود بالفائدة السياحية على المدينة وبالربح والافادة على أهلها”، هو يرى في طرابلس “متحفاً حيّاً” وتلك ميزة يجب استغلالها. تدمري الذي خاض معارك سابقة ضد مشروع سقف نهر أبو علي وضد الترميم الخاطئ لبعض المنازل نشط أخيراً في الحملة الرافضة لمشروع إنشاء مرآب في ساحة التلّ. يبدي استاذ الجامعة اللبنانية أملاً بالحراك الشعبي ــ المدني الذي اعترض على تحويل آخر ساحة عامّة الى موقف للسيارات، ويعوّل على آلاف الشباب الناشطين على الأرض وعبر مواقع التواصل الالكتروني “الذين يبدون اهتماماً كبيراً وغيرة على مدينتهم الجميلة”.

كيف فاز البروفيسور استاذ التراث والفنون المعمارية بأكبر عدد أصوات في مدينة الفقراء؟ يجيب تدمري بشكل عام عازياً سبب فوز اللائحة ككلّ إلى “وجود عناصر كانت فاعلة على الأرض منذ زمن في مجالات مختلفة.. فكان الناس أوفياء لها”. أما عن نفسه، فيحاول تفسير نتائج التصويت بكونه “قريب من أهل المناطق الشعبية يرونه مهتماً بتأهيل مناطقهم عمرانياً يجول عليهم باستمرار مع وفود رسمية وسياحية وطالبية” فيثقون بجدّيته “إضافة الى شباب الجمعيات المدنية” الذين أعطوه أصواتهم.

ترشّح تدمري “في اللحظات الأخيرة” على اللائحة التي يدعمها الوزير السابق أشرف ريفي، وهو يؤكد أن “الدعم الانتخابي من قبل اللواء لا يعني تحالفاً سياسياً معه”، ويشدّد على أنه “كان قد اتُفق مع ريفي أن لا يكون هناك تسييساً للمجتمع المدني الممثَّل في اللائحة بعدة أعضاء”. لكن الناشط المدني يدرك أيضاً أنهم في المجلس “سيحتاجون لدعم الوزير السابق وخصوصاً في مواجهة العراقيل التي يتوقعونها من الفريق النافذ الآخر وهو يثق بأن ريفي سيكون متعاوناً لمصلحة إنماء المدينة كما سيستفيد الجميع من علاقاته وخبرته في العمل الإداري والحكومي”.

أحمد قمر الدين «كابتن» لثلاثة عهود بلديّة

يحدّثك أحمد قمر الدين (٦٨ سنة)، بثقة وبهدوء، وبأسلوب العارف بشؤون طرابلس وبلديتها وأهلها وحاجاتها ومشاريعها المقرّرة والمستقبلية… فمنذ عام ١٩٩٨، فاز المهندس المتخرّج من الجامعة الأميركية في بيروت بعضوية المجلس البلدي لثلاث دورات انتخابية، وواكب ثلاثة عهود سياسية ولم يسلّم الكرة بعد. «كابتن» فريق «الرياضة والأدب» الطرابلسي لكرة القدم طوال ١٥ سنة ونائب رئيس اتحاد كرة القدم لحوالي ٢٥ سنة، ترأس اللجنة الرياضية في بلدية طرابلس، وكان نائباً لرئيس البلدية بين ٢٠٠٤ و٢٠١٠. عمله في المملكة السعودية (من ٢٠٠٩ حتى ٢٠١٥) لم يبعده عن طرابلس، فكان يواكب مشاريعها وتقلّباتها عن قرب، خلال زياراته الدائمة للبلد. شعبيته التي برزت في النتائج الاخيرة تعود الى خبرته الطويلة في العمل البلدي ولأيام الملاعب حين كان المهندس وأشقّاؤه يلعبون كرة القدم في الفريق الذي شارك والدهم في تأسيسه (الرياضة والأدب). يتذكّر بعض الطرابلسيين الأخوة قمر الدين كلاعبين ــ نجوم خلال الزمن الجميل الذي عاشته المدينة وملاعبها لفترة طويلة.

رئيس لائحة «قرار طرابلس» (التي دعمها وزير العدل المستقيل أشرف ريفي) يفتخر ببعض المشاريع والهبات التي سعى للحصول عليها وخصوصاً هبة «الاتحاد الدولي لكرة القدم» (فيفا) لإنشاء ملعب عشب اصطناعي. اهتمامه بتنشيط الرياضة في المدينة لم يتوقف، وهو استحصل اخيراً على قرار تلزيم لمشروع ملاعب مغلقة لكرة السلة والكرة الطائرة وغيرها ستقام على أطراف المدينة.

لكن الحديث عن جمال طرابلس هو الذي يحمّسه للكلام. هو يدرك تماماً أن المدينة بحاجة لتنفض عنها غبار المعارك والفوضى لتصبح من أجمل مدن لبنان والمنطقة. «مطالب الناس لا تنتهي لكن ستكون هناك أولويات في العمل» يقول قمر الدين، وأولوياته للمرحلة القريبة تنظيم السير ومداخل المدينة ومخارجها، وزيادة المساحات الخضراء والاهتمام بتنظيف الشوارع وتنشيط مشروع الإرث الثقافي… ولمنطقة التلّ، يقول قمر الدين، هناك «مشروع متكامل قد يسمح بتحويل جزء من المنطقة الى شارع للمشاة حصراً، يصل قلب المدينة بالأسواق القديمة». يضيف: «نريد تقديم صورة راقية عن طرابلس بحيث يفتخر بها أهلها». لكن، أي صورة يحتفظ بها ابن التبانة والقبّة عن مدينته؟ يتحسّر قمر الدين على أراضي الزيتون والليمون التي كانت تمتد من التبانة حتى البحر، ويعترف باستحالة استرجاعها. لكنه يؤكد أن الناس «اختاروا التغيير، وعلينا العمل جاهدين لتلبية آمالهم وإظهار صورة طرابلس الحقيقية الجميلة». المهندس الهادئ يعود للحديث عن مناطق طفولته في التبانة والقبّة وفي جعبته الكثير من المشاريع لها. فهل سيستعيد قمر الدين قميص «الكابتن» ويقود فريق «التغيير» والعمل الجاد، «لِطرابلس»؟
أحمد المرج «صانع المعجزات»

من يرد أن يتعلّم كيف تُبنى القاعدة الشعبية في طرابلس من دون أموال ولا إرث عائلي ولا مخازن سلاح فليأتِ عند «أبو بشير». أحمد المرج (٥٦ سنة) لا يحمل شهادات جامعية، لكنه «أستاذ» في نسج العلاقات الخدماتية والشغل في الشأن العام. هو الذي لم يسعَ لمنصب سياسي مقابل تسهيل أمور أبناء مدينته منذ أكثر من عشرين سنة، لكنه يحصد آلاف الأصوات في كلّ مرة يترشّح فيها للانتخابات البلدية. يفتخر بـ ٥ آلاف صوت حصل عليها في أول ترشّح له عام 1998، «على زمن السوريين، من دون وساطة أي من ضبّاطهم!»، ثم فوزه بعضوية المجلس البلدي بنحو ١٦ ألفاً عام ٢٠٠٤، ولا ينسى حصوله على أكثر من ٧ آلاف صوت عندما ترشح منفرداً عام ٢٠١٠. وها هو بالأمس يتفوّق على الزعامات و»أبناء العائلات» ورجال الأعمال ويفوز بأكثر من ١٧ الف صوت من ناخبي باب التبانة وجبل محسن وباب الحديد ومحرّم والقبّة والزاهرية وغيرها من المناطق الشعبية الطرابلسية، ليحل ثالثاً في ترتيب الفائزين بعضوية المجلس البلدي في عاصمة الشمال.

المرج:
لريفي مصلحة معي لا العكس، وكنت واثقاً قبل بدء الانتخابات بأن فوزنا سيكون مدوياً

لا يعرف أبو بشير ــ احد أبرز أعضاء اللائحة التي «تبنّاها» الوزير أشرف ريفي ــ لماذا انخرط في الشأن العام ولا كيف، لكن ابن التبانة أمسك بمفاتيح تلك «المهنة» منذ زمن. لم يترك منطقته حتى في عز الحرب «كنّا ٢١٥ زلمة فقط في التبانة بمواجهة القصف السوري» في الثمانينيات. وهو شاهِد على زمن ما قبل المحاور، وابن أحد ثوار ١٩٥٨، وصهر جبل محسن، وشبكة معارفه عابرة للطوائف والأديان والمذاهب والمناطق. لم ينس أحمد جميل الوزير سليمان فرنجية عليه، فعمل لسنوات الى جانبه، يوفّر من خلاله الخدمات الصحية لأبناء منطقته الفقراء ويسوّق له سمعة طيبة في بيئة معادية تاريخياً. فتح أحمد باب التبانة لابن زغرتا في التسعينيات، وزرع مكاتب لما عُرِف لاحقاً باسم تيار «المرده» فيها، ثم أغلقها بعدما اختلف «مع جماعة» الوزير. عمل أبو بشير بعدها مع عمر كرامي وسعد الحريري ونجيب ميقاتي في تأمين الخدمات البديهية لعائلات المناطق المحرومة، ولا سيما الصحية منها، بعدما بنى بنفسه شبكة علاقات كبيرة مع مسؤولي المستشفيات والأطبّاء. أدرك أن الظروف السياسية تتبدّل والزعامات تصعد وتنطفئ، لكن حاجات الناس تبقى كما هي. هذا بالتحديد ما لم يفهمه آل الحريري في علاقتهم معه. يروي أبو بشير أن نادر الحريري طلب منه قبل أشهر قليلة من الانتخابات الأخيرة أن يختار بين «الأبيض والأسود» وأن يحدّد صفّه «إما معهم او مع ميقاتي». اختار أحمد الميقاتي، لكن الأخير لم يستطع حتى فرضه في المعركة الأخيرة، رغم علمه بحجم القاعدة الشعبية التي يتمتّع بها. اكتفى ميقاتي بنقل «رسالة الفيتو» من الحريري لأحمد. عندها فقط، قرر أبو بشير أن يتحالف مع الوزير السابق أشرف ريفي الذي كان دعاه مسبقاً للانضمام اليه. بعدها، لم تفلح محاولات الحريري باستعادة ابن التبانة، «عرضوا عليّ أموالاً ومناصب وبعثوا برسائل تقول إن ريفي سيدخل السجن بسبب تورطه في ملفات فساد… لكن ذلك لم يغيّر شيئاً»، يقول. هو الذي يعرف أن «لريفي مصلحة معي» لا العكس، كان واثقاً بأرقامه وشعبيته وقرار المقترعين حتى قبل فتح الصناديق بعدة أيام متحدّثاً حينها عن «نتائج مدوّية»، ردّ عليه ريفي وقتئذ: «اذا خرقنا بمقعد او اثنين فتلك ستكون معجزة!».

لا يريد أبو بشير تحقيق معجزات سياسية، لكنه يريد «معجزات» بناء مدارس في التبانة وإنشاء حدائق وملاعب «فوتبول» ومستوصفات في المناطق الشعبية، وبمعجزة تأمين فرص عمل لشباب المناطق المحرومة لأن «اللي عندو شغل ما بيحمل بارودة». أما السياسيون، فهو لا يزال مقتنعاً بأنهم «لازم يكونوا بالسجن.. وخصوصاً بعدما استخدموا المنطقة وشبابها صندوق بريد بينهم».

رياض يمق: الطبيب الشعبي «محسوب عالبلد»

عندما يبدأ الحديث عن نهر أبو علي، يستحضر الطبيب جسر «فيكيو» في مدينة فلورانس الإيطالية الذي رُمّم بطريقة مدروسة وجميلة بعدما فاض نهر أرنو. يتوقف الزمن لبرهة. «أبو علي» و»فلورانس» في حديث إنمائي من عيادةٍ في أحد أحياء الزاهرية الشعبية، هو آخر ما يمكن أن تتوقعه قبل زيارة الدكتور رياض يمق. ابن القبّة والزاهرية الذي عاش عشرين سنة في إيطاليا، حيث تخصص وعمل في الطبّ، يريد ــــ برغم كل شيء ــــ أن يتفاءل بمدينته! ومدينته هي طرابلس، لافلورانس: يعرف أحياءها وناسها جيداً. تكتظ عيادته بالمرضى وبالمباركين. المرأة المسنّة تدعو له بالتوفيق وتمازحه في صالة الانتظار. الطبيب «الشعبي» لم يؤجل معايناته يوماً واحداً لمناسبة الانتخابات. يردّ على المهنّئين شخصياً وعلى الهاتف بابتسامة خجولة ويشكرهم بتواضع وامتنان.

عاد يمق المولود عام 1958 الى طرابلس عام ١٩٩٥ محمَّلاً بمشاريع وخطط لجعلها على صورة المدن الإيطالية الشعبية الجميلة. فاز بعضوية المجلس البلدي عام ١٩٩٨ مدعوماً من «الهيئات الإسلامية» في زمن السيطرة السورية «ولم يكن ذلك سهلاً حينها». تسلّم لجنة «الأندية الشعبية الرياضية» ومن هناك بدأ مشواره مع أهل الرياضة ولاعبيها وأبطالها، وفي العيادة صورة «عزيزة» له مع أبرز رياضيي المدينة ودرع تقديرية منهم.
عمِل يمق ضمن اللجنة على إنشاء ملاعب في المناطق الشعبية الطرابلسية وتنظيم نشاطات رياضية ــــ تربوية بين المدارس، وتكرّس دوره في العمل البلدي عندما فاز بعضوية ثانية عام ٢٠٠٤ مخترقاً اللائحة الفائزة مع آخرين. برغم الضغوط الإدارية والسياسية وقتها على مرافق المدينة، «لم أكن أساوم على المشاريع التي أتولّاها ولا أقبل سوى إنجاحها وإلا فسأستقيل»، يقول يمق. عناد الطبيب وحماسته عادا ليبرقا مجدداً في عينيه عندما منحه الطرابلسيون أصواتهم بكثرة في الدورة الأخيرة، مرشحاً على لائحة «قرار طرابلس» التي نطق سياسياً باسمها الوزير أشرف ريفي. هو «وفاء الشباب الرياضيين الذين عملت معهم سابقاً» يقول يمق، مقتنعاً بأن جزءاً كبيراً من الأصوات جاء من الرياضيين ومَن عاصروه في الحقب السابقة. ماذا عن الدعم السياسي؟ «لا أرتبط بقرار سياسي… ولم أكن مقرّباً من اللواء ريفي، لكنني أثق بأنه رجل عمَلي»، يؤكد الطبيب قائلاً: «أنا أنتمي الى عائلة متجذّرة في طرابلس منذ أكثر من ٢٠٠ سنة ومحسوب عالبلد» لا على طرف سياسي معيّن. والبلد، بحسب طبيب الزاهرية، هو صورة عالقة في ذاكرته عن أحد الشوارع التي كان يسلكها مشياً للوصول الى مدرسة «الفرير» في صباه، حيث «كانت رائحة بخور الكنيسة الصغيرة ومنظر الشمّاس واقفاً على بابها يختلطان بأبواب المنازل التي علّقت عليها زينة الحجّ»، هو «النسيج المتنوّع الذي كانت تعيشه الزاهرية وطرابلس» أكثر ما يفتقده يمق وأكثر ما سيعمل من أجله. «أعرف أن الظروف الحالية صعبة لكن يجب التفكير ببناء الانسان أولاً»، يشدد الطبيب. صاحب الخبرة في العمل البلدي والمتابع لشكاوى الناس منذ سنوات يتذكر أن «مجلس الإنماء والإعمار كان يعرقل مشاريع طرابلس في معظم الأوقات»، لكنه سيعمل جاهداً في العهد المقبل لانتزاع قرارات بتأهيل منازل التبانة وإنشاء سوق سياحي في الأحياء القديمة.

المستقبل: جعجع دعم ريفي في معركة طرابلس… والاخير لم يكن صديقاً للشهيدين الحريري والحسن

(هيثم الموسوي)

تكبر الهوّة بين الوزير أشرف ريفي وتيار المستقبل. ريفي الذي يحاول الإيحاء بوراثته «الحريرية السياسية»، رسم أمس معالم المرحلة المقبلة بإعلانه نيته تشكيل حركة أو تيار سياسي، فيما تؤكد مصادر المستقبل أن وزير العدل المستقيل تلقّى دعماً مالياً ولوجستياً من القوات اللبنانية في معركة طرابلس

لم تكد تنتهي الانتخابات البلدية في طرابلس، حتى طفت على السطح أكثر فأكثر القلاقل الداخلية في تيار المستقبل. ومنذ فوز اللائحة المدعومة منه في انتخابات عاصمة الشمال، لا يوفّر وزير العدل المستقيل أشرف ريفي فرصة للتصويب على الرئيس سعد الحريري وخياراته السياسية في السنوات الأخيرة، إلّا ويستعملها، فيما يبدو نزعاً لشرعية الحريري عن وراثة «الحريرية السياسية»، والإيحاء بأن الحريري تخلّى عن خيارات والده، أو النهج الذي رسم سياسة فريق 14 آذار، في مرحلة ما بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري.

حرب المقابلات التلفزيونية، والردود والردود المضادة، اشتعلت في اليومين الماضيين بين ريفي الذي ظهر على شاشة قناة «الجزيرة» أمس، ووزير الداخلية نهاد المشنوق الذي ظهر على قناة «أل بي سي» أول من أمس، بعد السجال بين رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع والرئيس سعد الحريري قبل يومين.

المستقبل: جعجع طلب من متموّلين شماليين دعم ريفي مالياً في معركة طرابلس

محاولات الطرفين، ريفي والحريري ـــ المشنوق، الإيحاء بأن الخلاف محصورٌ بنزاعٍ داخلي في قلب المستقبل كتيار سياسي، حسمها ريفي أمس، بخروجه رسميّاً من عباءة التيار، بعد تأكيده أن في نيته تشكيل تيار أو حركة، ما يعني الطلاق النهائي مع الحريري، وعلى الأرجح المواجهة لاستمالة الجمهور المشترك، والتي قد تبدأ في طرابلس، ولا تنتهي في بيروت.

وبينما ركّز ريفي جهده للظهور كوريث فعلي لنهج «الحريرية السياسية»، الذي تمثّل في مرحلة ما بعد 14 شباط 2005 بالمواجهة العلنية مع حزب الله وسوريا، وخاض الانتخابات البلدية في طرابلس تحت هذه العناوين، مطلقاً شحنات عاطفية للإيحاء بأن الحريري تخلّى عن مواجهة حزب الله والنظام السوري أو يهادن في المواجهة الأساسية التي تكتّل حولها عتاة 14 آذار، حاول المشنوق ردّ السياسة الحريرية إلى التوجّهات السعودية، التي دفعت الحريري في مرحلة معيّنة إلى زيارة دمشق، ولقاء الرئيس السوري بشّار الأسد.

وبدا امتعاض المشنوق، ومن خلفه الحريري، واضحاً في إجابات المشنوق على محاولات ريفي احتكار «البكاء» على دم «شهداء ثورة الأرز»، وتحديداً الحريري واللواء وسام الحسن، بينما يُحاول ريفي إظهار الشيخ سعد أمام جمهوره مساوماً أو متنازلاً عن «دم الشهيد»، الذي بقي رافعة لتيار الحريري لسنوات خلت. وردّ المشنوق، مدافعاً عن الحريري، خطوة تقرّب الأخير من الأسد إلى السياسة التي انتهجها الملك السعودي الراحل عبدالله بن عبد العزيز، وكذلك بالنسبة إلى ترشيح النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، إذ أكّد المشنوق أن ترشيح فرنجية بدأ من الخارجية البريطانية ثم انتقل إلى الأميركيين والسعوديين، ومنهم إلى الحريري. وإذا كان كلام المشنوق استدعى ردّاً من السفارة البريطانية في بيروت، عملاً بسياسة الردود التقليدية الدبلوماسية، التي يحاول عبرها ممثّلو السفارات والدول الكبرى الهروب من الإقرار بالتدخّل في شؤون لبنان، فإن كلام السفير السعودي علي عواض العسيري ــ عن عدم تدخّل بلاده في الشؤون الداخلية اللبنانية واستغرابه كلام المشنوق ــ يدخل في باب الدفاع عن سياسة المملكة التي حمّلها وزير الداخلية نتائج فشل خيارات الحريري السياسية.

مصادر بارزة في تيار المستقبل أكّدت لـ«الأخبار» أنه «لم يعد مقبولاً أن يستخدم ريفي أسماء الشهداء، وخاصة الرئيس الحريري واللواء وسام الحسن، وكأنه كان صديقهما المقرّب وشريكاً معهما في القرارات، بينما الأمور كانت معكوسة في كثير من الأحيان»، رافضةً إعطاء ريفي «زعامة في طرابلس بسبب فوزه بْكَم مقعد بلدي». وتؤكّد المصادر أن «فوز اللائحة المدعومة من ريفي لا يعني خروج الطرابلسيين من صفوف القاعدة الحريرية، بل الأمر أشبه بإعلان اعتراض على بعض سياسات الحريري»، مؤكّدة أن «ريفي يحاول تدفيع الحريري ثمن سياساته المنفتحة، التي جنّبت لبنان الكثير من التوتّرات».

ولم تكن إشارة ريفي أمس إلى «التحالف الاستراتيجي مع الدكتور جعجع»، سوى «دليل إضافي» أمسكه تيار المستقبل للقول إن القوات اللبنانية قدّمت مساعدات جمّة، لوجستياً ومالياً، لريفي في معركة طرابلس الأخيرة، إذ تؤكّد مصادر المستقبل أن جعجع وجّه عدداً من المتموّلين، «وتحديداً من نادي أعداء فرنجية الشماليين، مثل د. ع. وح. ش.»، لـ«مساعدة ريفي مالياً في تمويل المعركة الانتخابية»، زاعمة أن «مستشارين قواتيين ساعدوا ريفي أيضاً في إدارة ماكينته الانتخابية» (وهو ما ينفيه المقرّبون من ريفي ومن القوات). وعن الردود السعودية والبريطانية على كلام المشنوق، قالت المصادر إنها «دبلوماسية وطبيعية»، غير أنها أصرّت على التأكيد أن «فكرة ترشيح فرنجية بريطانية المنشأ، وطُرحت أول مرّة في نيسان 2015، ومن طرحها في لبنان هو السفير البريطاني طوم فليتشر».

القوات تعمّم على مسؤوليها ومناصريها عدم التعرض لتيار المستقبل ورموزه بسوء

وكلام المشنوق، على رغم دفاعه عن الحريري، لم ينل، كاملاً، رضى الحريري الذي علمت «الأخبار» أنه أبدى انزعاجاً من إشارة المشنوق إلى توجيهات الملك عبدالله وسياسته، فضلاً عن انزعاجه من مسألة ترشيح فرنجية. وأثار أيضاً كلام المشنوق تساؤلات في صفوف بعض قوى 8 آذار، بعدما بدا المشنوق رافضاً لسياسة عبدالله التي دعت إلى التهدئة مع سوريا وحزب الله في مرحلة معيّنة، وميّالاً لسياسة المملكة السعودية الجديدة الصدامية، في وقت لا يمكن فيه لهذه السياسة أن تنفّذ في لبنان، في ظلّ موازين القوى وحرص الأطراف اللبنانية على حصر الصراع بشقه السياسي، واستمرار الحوار بين المستقبل وحزب الله.

بدروه، رفض مصدر مسؤول في القوات اللبنانية اتهام المشنوق للقوات بأنها «تصرّ على اختزال التمثيل المسيحي وتريد استبعاد تيار المستقبل عن الواقع المسيحي». وقال المصدر لـ«الأخبار» إن «هذا الكلام مرفوض ومردود، فرئيس القوات الدكتور سمير جعجع أكد في يوم من الأيام أن الرئيس فؤاد السنيورة السنّي يمثله أكثر مما يمثله الرئيس إميل لحود الماروني». وأضاف أن «القوات ترفض أن تكون حزباً مسيحياً، ولا تمانع أن يكون حليفها تيار المستقبل حزباً وطنياً بخلاف ما اتهمها المشنوق. إلا أن الموانع تكمن في موقع آخر يقوم على الحرص على تصحيح التمثيل وحماية التوازن الوطني. ومن يتمكن من خلال هذا التوازن أن يكون له نواب من كل الطوائف، فليكن». وتجدر الإشارة إلى أن القوات عمّمت على مسؤوليها ومناصريها عدم التعرض بسوء لتيار المستقبل ورموزه، ولو في معرض الرد على مواقف مستقبلية.

مبروك جنرال!

جان عزيز

كل المؤشرات، خصوصاً بعد الانتخابات البلدية ونتائجها، تدل على أن حلاً ما لرئاسة الجمهورية بات حتمياً. لكن بأي صيغة وأي اسم؟ أصلاً منذ بداية نهاية ولاية ميشال سليمان قبل عامين ونيف، بدأ الاستنفار الكامل محلياً ودولياً لمنع وصول ميشال عون إلى قصر بعبدا. في المنطلق تم التحضير والتحوّط لذلك قبل شغور القصر بنحو عام كامل. فنسفت الانتخابات النيابية في أيار 2013، بخلفية واحدة. ألا وهي الإبقاء على الأكثرية النيابية القادرة على الحؤول دون انتخاب عون، خوفاً من الإتيان بأكثرية نيابية مغايرة الموازين والميول.

بعد 18 شهراً، استمر عون مرشحاً. فتكرر تطيير الانتخابات النيابية للغرض نفسه. المفارقة المخزية ههنا، أن المجتمع الدولي برمّته، كما ممثليه كافة في بيروت، التزموا الصمت المطبق حيال إلغاء انتخابات تشريعية، هي أساس أي ديمقراطية برلمانية. بعد عامين ونيف على هذا الموقف المشين، وقف المجتمع الدولي نفسه «شرطي أخلاق»، ففرض إجراء انتخابات بلدية، وفي ظروف عملانية أشد دقة وصعوبة، بحجة عدم جواز القفز فوق الاستحقاقات الديمقراطية! المفارقة نفسها ممكنة أصلاً مع العام 2005.

يومها كان لبنان مشلّعاً مثخناً، بين اغتيال رفيق الحريري وما تلاه من جرائم. وبين سلسلة انفجارات أسبوعية متنقلة داخل الأحياء السكنية. وبين سلطة مشلولة ووصاية لما تزل يومها وقانون انتخاب مطعون فيه… وسط ذلك كله، كانت مصلحة التقاطع الخارجي المحلي تقضي بإجراء الانتخابات النيابية. هكذا، بين الدم والدمع، خرج فلتمان ليقول: الانتخابات الآن! وهكذا كان. سنة 2013، كان لبنان بلا حرب وبسلطات كاملة وسيادة مقبولة واستقرار أكثر من عادي… لكن مصلحة التقاطع نفسه كانت في إلغاء الانتخابات لإلغاء عون، وهكذا كان مرة ثانية!

استمرت الحرب المذكورة منذ ذلك الحين حتى أيام قليلة مضت. كان الرهان على كسب الوقت أولاً وأخيراً. عل أمراً من ثلاثة يطرأ أو يستجد: إما أن يأتي تطور سوري ميداني يغير موازين الداخل اللبناني. وإما أن يفرز الشغور الرئاسي موازين قوى لبنانية داخلية جديدة متبدلة أو متقلبة.

وإما أخيراً أن «يتعب» ميشال عون أو من معه… بعد سنتين ونيف لم يحصل ولم يصح أي من الرهانات الثلاثة. ففي سوريا تكفي للدلالة على حقيقة موازين القوى صورة واحدة. هي صورة وزير الخارجية التركية، جاويش أوغلو، في مؤتمر فيينا الأخير في 17 أيار الماضي، وهو يلفظ اسم بشار الأسد، في سياق عبارة إنكليزية ركيكة التركيب، تحاول التذكير بمقولة رحيل الرئيس السوري. ابتسم الظريف الإيراني، فيما لافروف يتابع خربشته على أوراقه، لينقض على وزير إردوغان جون كيري بالذات، حاسماً الكلام والبحث: لسنا هنا لنبحث في موضوع الأسد!

على خط الرهان الداخلي كانت المحاولة الأهم ترشيح سليمان فرنجيه. بمعزل عن الكلام الملقى أخيراً، يدرك المعنيون بذلك القطوع أن المحاولة بدأت محلية بلدية بامتياز. لا بريطانية ولا أميركية ولا سعودية. وهم يعرفون تمام المعرفة من طبخ الفكرة في بيروت ومن حمّلها لدايفيد هايل ومن سوّقها، قبل أن يفاجأ الخارج بمقولة أنها باتت منجزة وموضع إجماع.

يومها بلغ الأمر أن موسكو مشت. على اعتبار أن المرشح حليف حليفها. حتى أن طهران أرسلت إلى بيروت من يستفهم، من باب الاستيضاح لا غير: الروس يسألوننا لماذا لم تمشوا بفرنجيه. فماذا نقول لهم؟ فكان الجواب القاطع الحاسم: لأننا مع ميشال عون، ولأن عون لما يزل مرشحاً، ونقطة على كل السطور!

فكانت تلك التجربة دليلاً دامغاً على سقوط الرهانين: لا شيء سيتغير في الداخل، ولا ميشال عون سيتعب، ولا طبعاً حسن نصرالله.

كل هذه المعطيات تجمعت لدى دوائر الاهتمام اللبناني عشية الاستحقاق البلدي. الفشل هو عنوان كل الخلاصات والمحصلات: جربنا تطيير الانتخابات.

جربنا خطر الإرهاب. جربنا اختلال الوضع في المحيط. جربنا خلل الفريق الواحد… كلها من دون نتيجة. ما حتم نتيجة واحدة مقابلة، أن يقول فرانسوا هولاند لسعد الحريري، في اليوم نفسه لمؤتمر فيينا: إذهب واتفق مع عون.
فهم الحريري أن الخارج الذي تحالف معه طيلة أعوام، أو تواطأ لا فرق، يحاول رمي المسؤولية عليه. فبدأت مشهدية مثيرة من لعبة تقاذف عبء الفشل. خرج زعيم «المستقبل» ليعلن من أمام قصر الإليزيه: مستعد للقاء عون، لكن شرط الاتفاق على الهدف. قبل أن يضيف في كلام مطوي على ما سبق: لا يزال سليمان فرنجيه مرشحي. كأنه بذلك اراد رمي المسؤولية على سيد زغرتا. أدرك رئيس المردة لعبة توريطه. فردّ بسجيته المعهودة: إذا أراد الحريري ترشيح عون لا مشكلة لدي. فأعاد كرة النار إلى حضن الحريري. لم يحتملها الشاب أكثر من ساعات. حاول قذفها إلى الملعب الآخر. جرّب رمية بعيدة بقوله: لماذا لا يجمع السيد نصرالله حليفيه عون وفرنجيه ويتفق الثلاثة؟ بدت المحاولة ضعيفة. حتى أنها لم تجتز منتصف الملعب الحريري. فسارع نهاد المشنوق للتصدي لها قبل يومين، في رفعة طويلة وملتفّة: المسؤولية ليست على أحد منا. بل على القيادة السعودية الراحلة! مات الملك. ماتت معه مسؤولية الفشل. اليوم عهد جديد، كلنا معه أبرياء.

من يراقب تلك اللعبة يصيبه بعض الملل. لا أهداف ولا حتى جمالية فنية. بعد كل ما حصل، يمكن الخروج من المأزق بكلمتين اثنتين: مبروك جنرال! على قاعدة أننا كلنا أخطأنا وكلنا فشلنا وكلنا مسؤولون عن الخروج من المستنقع. كلمتان، كل المؤشرات تدل على أنهما باتا حتميتين… ووشيكتين.

صحيفة البناء
صحيفة البناء

* البناء

الجيش السوري يدمّر مستودعات النصرة… ومعارك عنيفة في خان طومان

هجوم الرقة يُحرز التقدّم نحو الطبقة… والمتاجرة بالمساعدات تنتهي بطلب إذن

قنابل المشنوق تصيب الحريري… وقانون الانتخابات يعود إلى مشروع ميقاتي

كتب المحرّر السياسي

على جبهات متعدّدة أثبت الجيش السوري مقدرته على خوض المعارك الكبرى دفعة واحدة، وأسقط كل كلام عن خطوط حمر رسمها الأميركي وفرض على سوريا عن طريق ضغوط روسية موهومة التزامها، فكانت المروحيات الروسية تواكب المدرعات والوحدات الخاصة السورية وهي تقاتل وتشتبك مع جبهة النصرة على خطوط خان طومان، بينما تتقدم الوحدات المنطلقة من أثريا نحو الطبقة قرابة الأربعين كيلومتراً في يوم واحد وتصل مفرق بلدة «زكية»، حيث سجل فرار مسلحي داعش من عدد من القرى والبلدات التي سيقطع طريق اتصالها بالرقة عندما يواصل الجيش السوري تقدمه، حيث كانت وحدات الجيش السوري تواصل تقدمها باتجاه مدينة الطبقة وتصبح على بعد 3 كم من مفرق زكية و50 كم من مطار الطبقة وتفكّك عشرات العبوات الناسفة التي زرعها داعش في الطريق الواصل إلى مفرق زكية.

وأفادت مصادر عسكرية متابعة أن التقدم يجري بغطاء من المروحيات الروسية، بينما كان الجيش السوري يخوض معارك عنيفة مع المجموعات المسلحة على جبهة خان طومان ـ معراته في ريف حلب الجنوبي، ويقوم بالتصدي لهجوم كبير للمسلحين مستخدماً الأسلحة الخفيفة والثقيلة فيما يشن سلاح الجو في الجيش السوري غارات مستهدفاً تجمعاتهم ويوقع في صفوفهم قتلى وجرحى، بينما كانت منطقة إدلب تهتز تحت تأثير أصوات انفجارات ضخمة. وقالت مصادر عسكرية إن لا داعي للقلق من أصوات الانفجارات التي سمعت في إدلب وأجزاء من محافظة حماة واهتزت الأرض من شدّتها، فهي صادرة عن تفجير وتدمير كامل مستودعات جبهة النصرة تحت الأرض في معسكر بلشون.

في غوطة دمشق، كان الجيش السوري يواصل تقدمه على عدد من المحاور بينما سجلت مظاهرات احتجاجية بوجه الجماعات المسلحة في بلدات عدة في الغوطة كانت أضخمها في بلدة حمورية، وقد طالبت علناً بخروج فيلق الرحمن وجيش الإسلام من الغوطة وتنحي المسؤول الأول محمد علوش من منصبه لبلوغ الوضع في الغوطة درجة لا تحتمل بسبب الاقتتال الدائر بين الفصيلين وإلحاق الأذى الكبير بالمدنيين في الاقتتال الدائر، الذي استؤنف مجدداً بعدما كان قد توقف لأيام قليلة منذ أسبوع.

على صعيد البعد الإنساني مع مواصلة حملات المتاجرة بالمساعدات في اللعبة الإعلامية والدبلوماسية، حيث شهد مجلس الأمن الدولي جلسة مناقشة مخصصة لتأمين المساعدات للمناطق المحاصرة بواسطة إلقائها من الجو، لتبرير استعانة الأمم المتحدة بطيران التحالف، وبعد جلسة مطولة فشلت مساعي استصدار قرار يتخطى السيادة السورية، وربط الأمر بموافقة الدولة السورية على التفاصيل ومنح الإذن بذلك، وقال مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري إن الدول الأعضاء في مجلس الأمن جزء أساسي من المشكلة الإنسانية في سورية، وتلك الدول رعت بعض المجموعات الإرهابية وسهلت تسلل الإرهابيين إليها.

وأضاف أن إثارة الوضع الإنساني في سورية له هدف واحد وهو استخدام هذا الملف للضغط على الحكومة السورية في الجولة التالية من الحوار السوري السوري. وقال إنه خلال سنوات الأزمة تعاونت الحكومة السورية بالكامل مع الأمم المتحدة بشأن إيصال المساعدات الإنسانية ويثبت ذلك حصول ملايين الناس المحتاجين عليها، مصراً على تثبيت أن التعامل مع الوضع الإنساني في سورية يجب أن يمر عبر الحكومة السورية، مؤكداً أن سورية تحرص على إيصال المساعدات الإنسانية إلى محتاجيها وليس إلى الإرهابيين.

لبنانياً، بقيت المواقف والتحليلات التي أدلى بها وزير الداخلية نهاد المشنوق في تقييم وضع تيار المستقبل والرئيس سعد الحريري من بوابة تفسير المشهد البلدي في طرابلس وحالة الوزير أشرف ريفي، عنوان التداول السياسي والإعلامي، الذي بلغ الذروة بتغريدة للنائب وليد جنبلاط سخر فيها من كلام المشنوق، قائلاً إن المشنوقيات تشبه التانغو، وفيها رشاقة فكرية تحاكي الرشاقة البدنية، بينما كان الانطباع الغالب على كلام المشنوق أنه أضعف الحريري بدلاً من أن يقوّيه، وأنه ربما تقصّد الإفادة من الأزمة لنيل نصيبه من الميراث المستقبلي مقابل ما ناله ريفي.

في شأن قانون الانتخابات النيابية لم يطرأ جديد بعدما بدا أن مشروع القانون على المختلط بين النسبي والأكثري يوشك أن يُسحب من التداول، بينما يتقدم مشروع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي القائم على النسبية وتقسيم الدوائر إلى ثلاث عشرة دائرة.

ردود على كلام المشنوق

لم يكد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق ينهي مقابلته التلفزيونية أول من أمس، حتى سارعت الدول المعنية للردّ على مواقفه الذي أشار خلالها إلى دور بريطاني في ترشيح رئيس تيار المرده النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية وموافقة واشنطن والرياض، وأول الردود جاء من بريطانيا، حيث أكدت سفارتها في بيان، أن «بريطانيا لا تدعم أو تعارض أي مرشح محدد لرئاسة الجمهورية وأن انتخاب رئيس للجمهورية هو قرار اللبنانيين ومسؤوليتهم ونحن مستعدّون للعمل مع رئيس جمهورية لبنان المقبل أياً يكن، كما وما زلنا ندعو لانتخاب رئيس في أقرب وقت».
وأكد السفير السعودي علي عواض عسيري في بيان «أن المملكة العربية السعودية لم ولن تتدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية ولا سيما ملف رئاسة الجمهورية الذي تعتبره ملفاً سيادياً يعود للأشقاء اللبنانيين وحدهم حق القرار فيه»، موضحاً أن «دور المملكة يقتصر على تشجيع المسؤولين اللبنانيين على إيجاد حل للأزمة السياسية وإنهاء الشغور الرئاسي لينتظم عمل مؤسسات الدولة ويعبر لبنان إلى مرحلة من الاستقرار والازدهار الاقتصادي بمعزل عمن يكون الرئيس الجديد».

فتحعلي: وحدة لبنان جوهر وجوده

وأعرب السفير الإيراني في لبنان محمد فتحعلي عن أمله في أن «نشهد في القريب العاجل انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية بما يحقق للبنان مزيداً من الاستقرار والأمن والثبات». وفي كلمة له خلال إحياء الذكرى الـ27 لرحيل قائد الثورة الإيرانية الإمام الخميني، في قصر الأونيسكو، شدد على دعم «ما يجمع اللبنانيين على قاعدة وحدة لبنان لأن جوهر وجود لبنان هو بوحدته».
جنبلاط: الطرب المشنوقي يشبه رقص التانغو

وغرّد رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط على «تويتر»، قائلاً: «الطرب المشنوقي في الصباح وقد يسمّى بالمشنوقيات، يكاد يشبه رقص التانغو، والرشاقة الفكرية تلاقي الرشاقة البدنية».
عون بات خيار الحريري الوحيد

واستغربت مصادر مطلعة لـ «البناء» كلام الوزير المشنوق، ووضعته في خانة أمر من اثنين، «إما الغباء السياسي وهذا مستبعَد من المشنوق وإما يعبّر عن الخبث السياسي لا سيما لناحية تصويره الحريري على أنه ليس صاحب قرار وتأتيه التعليمات من الخارج»، وسألت المصادر: «هل كان المشنوق ليحظى بكل هذا الحضور والمكانة داخل تيار المستقبل والموقع الوزاري لولا الحريري وتيار المستقبل؟». مضيفة: «يبدو أن الحريري يأكل الطعنة تلو الأخرى التي بدأها وزير العدل المستقيل أشرف ريفي والآن من المشنوق»، معتبرة أن «كلام ريفي لا يحمل الخبث السياسي بقدر ما حمله كلام المشنوق عن الحريري». ولفتت المصادر إلى أنه «أمام هذا الانقسام وانتهاء الأحادية في المستقبل لم يعد أمام الحريري للعودة إلى السلطة إلا انتخاب رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية»، وأكدت أن «الحريري بات مقتنعاً أكثر من أي وقت مضى بأن وصوله إلى رئاسة الحكومة مرهون بوصول عون إلى رئاسة الجمهورية». ولفتت إلى أن «المشنوق يعمل للوصول إلى رئاسة الحكومة، وكلامه الأخير رسائل إلى حزب الله أولاً وإلى القيادة السعودية الجديدة والأميركيين ثانياً».
الأمور لم تنضج بعد

وعلمت «البناء» من مصادر «قواتية» أن «تعليمات صدرت من رئيس القوات سمير جعجع إلى النواب والمسؤولين في القوات تقضي بوقف كل السجالات مع تيار المستقبل والعمل على تهدئة الجبهة بين معراب وبين بيت الوسط».

ورأت المصادر أن «كلام المشنوق سيجعل الحريري أقرب إلى تبني خيار ترشيح عون رئيساً للجمهورية، لكنها استبعدت ذلك في القريب العاجل والظروف لم تنضج بعد، لأن المسألة ليست داخلية بقدر ما هي مرتبطة بالوضع الإقليمي والتجاذبات بين القوى الكبرى في المنطقة».

ولفتت المصادر إلى أن «كلام المشنوق والوضع الحالي للحريري وداخل المستقبل يجعلان حظوظ عون أكثر وحظوظ رئيس المردة النائب سليمان فرنجية أقل، وتمنّت المصادر انتخاب رئيس للجمهورية، لأن لبنان لم يعُد يحتمل الواقع الحالي».

مشروع الحكومة على طاولة الحوار

إلى ذلك بقيت الانتخابات النيابية المتوقّع حصولها في العام 2017 في صدارة الاهتمام المحلي، خصوصاً قانون الانتخابات في ظل فشل التوافق حول قانون بعد سقوط القانون المختلط في جلسة اللجان المشتركة الأخيرة. وعلمت «البناء» أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري سيطرح مشروع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي على طاولة الحوار الوطني المقبلة».
فنيش: النسبية يُخرج البلد من أزمته

ورأى وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش أن «المشروع الذي أحالته حكومة ميقاتي إلى مجلس النواب شارك في إعداده ومناقشته معظم القوى السياسية انطلاقاً من ضرورة أن يلبي قانون الانتخاب تطلّعات اللبنانيين وليس مصلحة فريق دون الآخر».

ولفت فنيش إلى أن «تقسيم لبنان إلى 13 دائرة على أساس النسبية يعتبر الحل المطلوب لإخراج البلد من أزمته السياسية. فهذا المشروع يتيح إمكانية معالجة الخلل في التمثيل، وشكوى القوى أساسية في المجتمع من عدم عدالة التمثيل أو مصادرته من آخرين أكانوا أطرافاً سياسية أو طائفية». واعتبر فنيش أن «هذا المشروع ينسجم مع اتفاق الطائف والميثاق الوطني».

والكتائب: ندعم الدائرة الفردية

وأكدت مصادر نيابية في حزب الكتائب لـ «البناء» أن «الكتائب تؤيد قانون بكركي الأكثري الدائرة الفردية 128 دائرة وعلى الذي نرى فيه أنه يعبّر عن التمثيل الصحيح للشعب اللبناني ويمنع ابتلاع القوى الكبيرة للقوى الصغيرة في ظل الوضع الحالي والحرب الباردة في الداخل، حيث كل طرف خائف على طائفته ومكوّنه، وخصوصاً المسيحيين، وفي هذه الحالة كلما كان عدد الدوائر أكثر كان أفضل»، لكن المصادر أكدت أن «الكتائب توافق على القانون المختلط إلا أنها استبعَدت التوصل إلى قانون انتخاب في ظل غياب الوفاق في لبنان والصراع المذهبي وربما العودة إلى قانون الستين هو الخيار الأخير والمرجح».
سلامة: الوضع النقدي مطمئن وقويّ

على صعيد آخر، طمأن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إلى أن «الوضع المالي والنقدي في لبنان قوي ومتين، وأن قطاعنا المصرفي في وضع صحي وسليم والليرة اللبنانية مستقرة والفوائد كذلك»، مشيراً إلى أن «التزام مصرف لبنان بالمصلحة الوطنية العليا هو التزام أيضاً بالقرارات والاتفاقات الدولية وتطبيق المعايير التي تحكم عمل المصارف والنظام المالي العام».

المصدر: صحف