حذر رئيس حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار بأن ما ينتظر القضية الفلسطينية “خطير”، مشيرًا إلى أنه ما يجري الحديث عنه عبر وسائل الإعلام “هو قطرة من بحر من المؤامرة حول تصفية القضية الفلسطينية”، وشدد على أن “صفقة القرن” تعني تصفية القضية الفلسطينية وألاّ يكون لها وجود”، مبينًا أن أول علامة من علاماتها هو اعتبار القدس “عاصمة إسرائيل”.
السنوار وفي لقاء مع الشباب في مدينة غزة يوم الخميس، رد على تصريحات وزير خارجية البحرين حول أن موضوع القدس “جانبي”، وأنه لا يمكن أن نعادي أمريكا من أجلها، أكد السنوار أن ذلك هو “محاولة للتنصل من القضية الفلسطينية، وتهيئة الأرض للمشاريع التصفوية للقضية”.
وعرّج السنوار على التضحيات التي يقدّمها الشباب الفلسطيني في مواجهاته مع الاحتلال الإسرائيلي ونقاط التماس في الضفة وقطاع غزة، مشيدًا بالشهيد المقعد إبراهيم أبو ثريّا والفتاة المعتقلة عهد التميمي.
وقال: “الشهيد أبو ثريا سجّل المعنى الذي سجله من قبل الشيخ أحمد ياسين؛ فإذا ما توفرت الإرادة لا يعدم الانسان الوسيلة؛ وصفعة التميمي تُسجل شهادة للتاريخ وتذكرنا بأخواتنا الذي مضين على الطريق”. وأشاد السنوار بالحراك الشعبي الذي خرج رفضاً لقرار الرئيس الأمريكي ترمب، مثمّنا في ذات الوقت الحراكات العالمية والتظاهرات التي خرجت نصرة للشعب الفلسطيني.
وحول تواصل قائد فيلق القدس اللواء قاسم سليماني مع المقاومة، بيّن أنه تواصل مع قيادتي القسام والسرايا؛ وأشار إلى أنه أبدى وقوف إيران والحرس الثوري والفيلق بكل ما يملك مع شعبنا من أجل الدفاع عن القدس وبقاء القدس عاصمة لفلسطين. وأضاف: “سليماني قال إن كل مقدراتنا وإمكاناتنا تحت تصرفكم في الدفاع عن القدس ولم يشترط على المقاومة”.
المقاومة بخير
وردًا على تصريحات وزير جيش الاحتلال افيغدور ليبرمان أن “حماس باتت مردوعة”، قال السنوار إن “صمتنا ليس معناه أننا مردوعين أو مرعوبين، ومن يظن ذلك فهو خاطئ”. وأوضح أن “صمتنا هو أن فلذات كبد غزة تُعدّ الموت الزؤام لك، ووالله تغلي الدماء في عروقنا وأدمغتنا حينما نرى جنديًا يركل واحدة من خنساوات الأقصى؛ ولولا أننا نعد العدة لما انتظرنا لحظة”. وأكد السنوار أن المقاومة الفلسطينية وكتائب القسام بـ “ألف خير”، وهي تعد العدة ليلًا ونهارًا، مهددًا ليبرمان “إذا ما ارتكبت أي حماقة سنجعل شعبك يلعنك لعنة على مدار التاريخ”. وأضاف: “لدى شعبنا وفصائله وقواه من مواطن القوة ما لو اجتمعت سنستطيع اسقاط قرار ترمب، ومطلوب منا كفلسطينيين أن نتوحد معًا تحت مظلة وطنية جامعة لنستطيع أن نحبط القرار وصفقة القرن”.
قضية القدس
وعلى صعيد قضية القدس والقرار الأمريكي، قال: “يقف اليوم شعبنا وأمتنا العربية والإسلامية أمام اختبار صعب وتحدي كبير ليس على مدينة القدس وحدها”، مؤكدًا أنه “إذا ما نجحت إدارة ترمب في تمرير هذا القرار؛ فلن يقف أمامها أي أحد بالكون”. واستهجن السنوار التهديد الأمريكي في الأمم المتحدة الذي أطلقته مندوبة أمريكا من تسجيل أسماء الدول التي تعترض على القرار الأمريكي، قائلًا: “هذه عربدة وبلطجة علنية”.
ودعا رئيس حماس بغزة الشباب لتحريك “الهبة الشعبية بالقطاع والضفة والقدس والدول العربية والإسلامية ومعظم عواصم الكون؛ وصبّ الزيت في سراجها؛ وإلا ستنطفئ وستنجح العربدة والبلطجة الامريكية في فرض سياساتها”. وطالب الشباب الفلسطيني في قطاع غزة وأرجاء الوطن والشتات كافة، بتلبية نداء القيادة الفلسطينية بتحويل الجمعة المقبلة؛ جمعة غضب والنزول لنقاط التماس والاحتكاك مع المستوطنين لإسقاط ما أسماه “القرار الأحمق”. وتابع بالقول: “لا يمكن لهذا الجيل أن يسمح بأن يلحقَ بنا العار الذي لحق بمن مرّورا ببساطتهم وقلة حيلتهم وعد بلفور، ولا يمكن لهذا الجيل أيضًا أن يسمحوا بعار قرار ترمب.
يلّزمُنا أن نكون حكماء
وحول اعتداءات الاحتلال المتكررة بحق الشعب الفلسطيني ولا سيما على حدود قطاع غزة، قال السنوار: “ليس هناك أسهل من قرارات بدء عمليات ذات طابع عسكري مع الاحتلال؛ لكن هناك فرق كبير من أن تكون صاحب حق وحكيم”.وذكر أن المقاومة الشعبية في مدينة القدس المحتلة صدّت الاحتلال ودفعته للتراجع عن نصب البوابات الالكترونية في الأقصى، لافتًا إلى أنه “إذا صعّدت المقاومة حينها فإن الأنظار ستتجه إلى غزة وستبقى البوابات واقعًا”. وأضاف: “هناك بعض المعارك يلّزمُنا أن نكون حكماء؛ لكن هذا لا يعني أن تسقط حماس الخيار العسكري لها”.
وبيّن السنوار إنه “إذا ما فشلت كل الوسائل في حل موضوع القدس، ولم تنجح الانتفاضة الشعبية فنحن جاهزون للرد عسكريًا على الاحتلال”. وأوضح أن حركته لا تتمنى أي حرب قريبة، وقال: “نسعى بكل جهد لتجنيب شعبنا ويلات الحرب والدمار؛ لكن إذا ما فرضت علينا الحرب فنحن جاهزون لها وكل مقاومتنا”.
قوة لحماية المتظاهرين
وحول حماية الشبان أثناء تظاهرهم على حدود غزة، أكد السنوار أن المقاومة ستدرس تشكيل قوة عسكرية لحماية المتظاهرين في أقرب وقت. وأكد السنوار أن حركته مع أي تحالف يخدم القضية الفلسطينية وانتفاضة شعبنا ومقاومته، وقال: “لن يقف أمامنا أي عوائق مما يمكن أي يثار حول الصراعات الطائفية أو الحزبية”. وأضاف: “نحن جاهزون ونمد أيدينا لكل عربي ومسلم ولكل إنسان يريد أن يمد يده لتحقيق طموح شعبنا وتخفيف معاناته”.
ودعا السنوار الشعب الفلسطيني لإنقاذ مشروع المصالحة من الانهيار، مؤكدًا أنه ما لم تتقدم الشرائح الوطنية المختلفة لحماية المصالحة وإنهاء الانقسام؛ “فجميعنا سيعض أصابع الندم”. وقال إنه “من لا يرى أن المصالحة تنهار فهو أعمى، وإذا لم تهبّ القطاعات الشبابية والفصائل ومنظمات المجتمع المدني، والاتحادات النقابية والعمالية والنسائية في الداخل والخارج لإنقاذ مشروع المصالحة فإنها ستنهار”.
وجدد رئيس الحركة بغزة تأكيد حركته على أنها خطّت خطوات كبيرة نحو تحقيق المصالحة، وقدمت الكثير من التنازلات حول ذلك؛ “لكن للأسف الشديد لا زلنا نراوح مكاننا” وفق تعبيره. ونوه إلى أنه يوجد نوعين من المصالحة؛ الأولى “على مقّاس الأمريكان واليهود، وهم يريدون من المصالحة أن يصبح القطاع مُجرّد من المقاومة”، والثانية: ” وفق الرؤية الوطنية كما نصّت اتفاقية القاهرة عام 2011 على مبدأ التوافق الوطني والشراكة”. وتساءل السنوار: “أي مصالحة نريدها نحن، أي مصالحة يريدها شبابنا؟، وأجاب: “نريد شعبًا موحدًا تحت قيادة وطنية جامعة تمثل كل الفلسطينيين ببرنامج موحد تسعى لتحقيق الأهداف الوطنية”.
ننتظر فتح
وعلى صعيد تسليم حماس للوزارات في قطاع غزة، أوضح السنوار أن حركته قدّمت “كل التسهيلات اللازمة لذلك؛ من أجل تحقيق المصالحة وتذليل العقبات في طريقها”. وأضاف: “كانت هناك تصريحات أنه بحل اللجنة الإدارية ستُرفع العقوبات، وحُلّت منذ أشهر ولم ترفع العقوبات؛ واستقبلنا حكومة (رئيس الوزراء) الحمد الله والتزاما بالاتفاقات، وسلمنا المعابر والجباية كاملة ولسنا نادمين”. وتابع: “لا زلنا حتى اللحظة ننتظر الخطوة الأولى من حركة فتح والسلطة، ولو قرار بعودة 50 ميغاوات من كهرباء قطاع غزة التي تم قطعها”.
وأكد السنوار أن الكثير من الفصائل الوطنية والنخب وأساتذة الجامعات ومنظمات المجتمع المدني لامت حركته على التنازلات التي قدّمتها، مضيفًا: “أخذنا على عاتقنا مسؤولية تذليل أي عقبات من جانب حماس”. وتابع حديثه: “للأسف الشديد اليوم المصالحة ملخصها عند البعض هو تمكين الحكومة؛ وأقول لكم إن بيان الفصائل في لقائها الأخير في القاهرة الذي عُقد في 21 نوفمبر هو بيان منع فشل المصالحة”. ولفت إلى أن الفصائل في لقائها الأخير بالقاهرة عقدت مباحثات لساعات طويلة في القاهرة لعودة كهرباء غزة؛ “للأسف تركنا القضايا الوطنية الجامعة (منظمة التحرير، الانتخابات العامة، المجلس الوطني)، وهذا شيء مؤسف ومخجل”.
لجنة شبابية
وطالب السنوار الأطر الشبابية أن تجد طريقة ما لتشكيل “لجنة لمتابعة المصالحة”؛ للتأكد من سيرها ومراقبة عملها؛ لمحاسبة من يقصر بذلك، مؤكدًا جهوزية مكاتب حماس لاستقبال اللجنة المُعتزم تشكيلها لمتابعة المصالحة الوطنية. وشدد على أنه “لن يكون أمامها (اللجنة) أي خط أحمر”، وقال: “سنسهل مهماتها وسنسخر لها كل مقدراتنا لأجل إنجاح مسعاها”. وأضاف: “مشروعنا الوطني في خطر مالم نطوي صفحة المصالحة ونعيد ترتيب بيتنا الفلسطيني بصورة تمكنا من أن نعمل جميعًا لتحقيق اهدافنا الوطنية”. وتابع: “المطلوب اليوم من الشباب أن يكون لهم دور في صيانة المصالحة وتحقيق هذا الهدف الوطني الكبير”.
وحول الاحباط الشعبي من قضية فشل المصالحة، قال السنوار: “غير مسموح لنا أن نُحبطّ أو نَفشل بموضوع المصالحة”، وأضاف: “نحن على مدار الفترة الماضية خلال تسلم الوزارات شكلنا غرفة عمليات لحل جميع الإشكاليات، ونجحنا بذلك”.
الجباية والوزارات
ولفت السنوار أنه خلال لقائه الأخير مع (عضو اللجنة المركزية لفتح) عزام الأحمد في القاهرة “اتفقنا على عودة عدد محدود من الموظفين إلى الوزارات؛ لكن من عاد كان أكثر بكثير؛ فمن عاد كان 1600 موظف ونحن قبلنا بذلك”. وأكد السنوار أن حركته “سلّمت الجباية على المعابر بالكامل؛ لكن الجباية داخل البلد لم تُسلم؛ لأن وكيل وزارة المالية في رام الله رفض استلامها بحجة وجود مرسوم للرئيس محمود عباس يعفي المواطنين بغزة من أي جباية داخلية”.
وأضاف: “لا يوجد أي إشكالية بموضوع الجباية الداخلية؛ وكانت هناك اتصالات خلال اليومين الماضيين بين وزارة المالية في رام الله وغزة، ونأمل أن يتسلّم الموظفين الرواتب، وتستلم مالية رام الله كامل الجباية”.
المصدر: وكالة صفا