ما تزال أروقة دمشق بفعالياتها الوطنية والقومية مستمرة بالنظر تجاه فلسطين هدفاً واضحاً. وفي دمشق وباقي المدن السورية ما يزال صدى مرور مئة عام على وعد بلفور المشؤوم، يحكي قصة شعب صمد وقاوم بكل الأشكال. في مكتبة الأسد الوطنية وسط العاصمة السورية، أقيم مؤتمر من الفعاليات المتتالية لتجديد عهد الاستمرار بالنضال نحو إحراق هذا الاتفاق وإزالته من الوجود .
خلال المؤتمر الذي حضره عدد من السفراء وممثلون عن الفصائل الفلسطينية والفعاليات الشعبية السورية تم إلقاء عدد من المحاضرات تضمنت المواقف الأخيرة لما يحاك للقضية الفلسطينية، واتى المحاضرون على تاريخ القضية ووعد بلفور وما تعرضت له فلسطين من مؤامرات أحيكت عبر سنوات الصراع مع الكيان الصهيوني.
في اطار هذه الفعالية أجرى موقع قناة المنار لقاءً مع الدكتور محمد البحيصي رئيس جمعية الصداقة الفلسطينية الإيرانية أكد فيه أن وعد بلفور هو حصيلة الصراع الدامي بين الغرب الصليبي والغرب الاستكباري والامبريالي، حيث تفتّقَ الذهن الغربي منذ ما قبل وعد بلفور عن الرغبة الجامحة للاستيطان في هذه المنطقة، ونقل فكرة الاستيطان الاوروبي في أميركا لاستثمارها في منطقتنا للتسلط والهينة على قرارها، ليصل بنا البحيصي إلى ان وعد بلفور هو المقدمة الطبيعية لإنشاء هذا الكيان.
يتابع البحيصي أن هذا الوعد المشؤوم لو أنه لم يجد حاضنة أوروبية، ولو لم يكن له قابلية في المنطقة من خلال أنظمة تأسست أكانت في طور الجنين المؤسس للكيانات فيما بعد، لما كانت قد تأسست هذه الخطوة التي مهدت فيما بعد لمشروع الانتداب وبعدها لتأسيس الكيان الصهيوني المسخ في جديد ما وصلت إليه القضية.
مفارقة كبيرة يطرحها البحيصي، بين فترة وعد بلفور وما تلاها، والفترة الحالية أي بعد مئة عام على التأسيس، حيث لم يكن في تلك الفترة أي محور مقاومة يدافع عن فلسطين وحقوق الشعب الفلسطيني، أما اليوم فإن المعادلة قد تغيرت وهذا الكيان بات يواجه رجالاً في إطار محور المقاومة الذي استطاع أن يوقف الزحف الصهيوني يكسر معادلة القوة ومعادلة الرعب والردع وبات قريبا من أبواب النصر، وهذا ما يوقن به الدكتور البحيصي ويشهد عليه.
واقع جديد تحاول فئة من الأنظمة العربية تكريسه، وهذا الواقع يمهد لما هو أشد من وعد بلفور، تقوده السعودية عبر ولي عهدها بن سلمان، يقول فيه الدكتور سمير أبو صالح الباحث في الشؤون الفلسطينية، أننا أمام حلف أشد من حلف بلفور وما جلبه خلال مئة عام منصرمة، وهذه الدول حسب أبو صالح باعت فلسطين وتآمرت عليها، وهي ذاتها الدول التي تتآمر على الدول والقضايا العربية عامة، وهي عينها ايضاً التي تحاول تأسيس ما هو أخطر من وعد بلفور المنصرم، لذلك لا بد من مواجهتها بقوة، وهذه القوة المضادة تتكرس بوجود محور المقاومة الذي يقف بثبات في وجه ما هو جديد من تآمر على القضايا العربية العادلة، وكما وقف في وجه الكيان الصهيوني، هو ذاته يقف في وجه من يدعمونه من بني سعود ومن لف لفهم.
المصدر: موقع المنار
