آخر المعارك مع تنظيم داعش الإرهابي كانت “أم المعارك” كما أطلقوا عليها، وهناك في البوكمال شارة الانتصار التي رفعها الجيش السوري أعلنت انتهاء الحلقة الأخيرة من مسلسل الإجرام التكفيري الداعشي إلى غير عودة.
وعلى ضوء هذا الانتصار المدوي المصنوع بسلاح محور المقاومة، كان لا بد من الوقوف على أهم ما ميز هذه المعركة، وكيف انتهى التنظيم الإرهابي في معركته الأخيرة، حيث استضاف موقع قناة المنار الخبير الاستراتيجي الدكتور قاسم قنبر للحديث عن معركة تحرير البوكمال.
أهمية موقع المعركة الفاصلة
المعركة الأخيرة للتنظيم، أو كما أسماها الدكتور قنبر “معركة الحصون المتأخرة” إضافة لما حملت من أسماء كثيرة منها “أم المعارك”، كانت أيضاً معركة كسر الإرادات، كل ذلك لما يتمتع به موقع مدينة البوكمال من استراتيجية، وقد وضع قنبر أسباب هذه الأهمية من خلال كون مدينة البوكمال واحدة من أهم نقاط التقاء الحشد الشعبي العراقي والجيش السوري والقوى الرديفة له، فهو من أهم خطوط الإمداد بين الطرفين السوري والعراقي، إضافة لكونها ممراً لخطوط الغاز والنفط التي تعبر من العراق إلى سورية ومنها إلى البحر المتوسط، وفي هذه المدينة أيضا أي شرقي سورية عند محافظة دير الزور، تحديداً في نقطة البوكمال، تتمركز خطوط وطرق الاتصال المباشر بين دول محور المقاومة من طهران إلى بغداد فدمشق ومنها إلى جنوب لبنان.
لمحة عن سير المعركة في البوكمال..
يوضع قنبر من خلال متابعته للميدان، أنه أثناء تقدم القوات المهاجمة في الجيش السوري والقوات الحليفة من الحرس الثوري وحزب الله والفاطميون والزينبيون والحيدريون والنجباء، حاولت اميركا التشويش عليهم، بغرض تأخير تقدم قوات الجيش السوري وحلفائه، إلى البوكمال، لكن الخبرة التي امتلكها الجيش السوري، حالت دون ذلك، وتجاوزت المعوقات في سير المعركة، من خلال تقسيم المهاجمين إلى ثلاث فصائل تقود نفسها بنفسها مع التنسيق المسبق حيال الوجهة وطريقة العمل، فتم كسر الخطوط الدفاعية لداعش وأُفشل كل ما اتبعه التنظيم الإهابي من ألغام وسيارات مفخخة يقودها انتحاريون، إضافة للعبوات والتحصينات.
من جانب موازٍ كان سلاح الجو يقوم بدوره على أعلى مستوى من خلال الطائرات الروسية ، إضافة لسلاح الصواريخ، والتي كانت من طرازات متطورة وموجهة بدقة عالية ومنها ما كان مضاداً للتحصينات والانفاق.
محاور ثلاثة كان الجيش السوري وحلفاؤه قد قصدوا المدينة من خلالها، أولاً من جهة محور الT2 ومن الجهة الشرقية من نقطة السكرية، ومن الجهة الشمالية الشرقية، حيث استطاع الجيش السوري كسر إرادة أميركا وحلفائها في المنطقة، من خلال تحطيم آخر معاقل أدواتها في البوكمال.
ما جرى أيضا خلال المعركة لم يكن فقط مجرد استهدافات بعيدة برميات صاروخية أو إغارات جوية، إنما وصلت المعركة إلى مراحل الالتحام المباشر بين المقاتلين والتطهير التدريجي داخل المدينة، بين الكتل العمرانية والمباني، والأنفاق.
الخطوة المرحلية الآن إلى أين تسير بعد البوكمال..
بعد معركة البوكمال وحسمها النهائي، وأيضا خلالها، هربت فلول من داعش إلى ومنهم مناطق بين البوكمال والميادين لتشكل جيوبا صغيرة تتم مطاردها، وهناك من سلم نفسه إلى قوات “قسد”، من هذه الجملة يوضح قنبر أن اميركا تحاول استخدام هؤلاء في مهام أُخرى، بعد انتهاء مهمة داعش، وبالتالي أميركا قد أفلست لجهة داعش، فلا بد لها أن تعتمد على مجموعات أخرى لتحاول ان تحافظ على ما تبقى من مساحات لمّا يحررها الجيش السوري بعد. وهذه المجموعات حسب قنبر تتمركز بين قسمين، “قسد” التي انضم إليها الدواعش الفارون من جهة، والقسم الآخر من القيادات الداعشية الذين تم نقلهم عبر الحوامات الأمريكية إلى الحدود التركية ومنها إلى الخارج.
إلى هذا ورغم انتهاء داعش، فإن المعركة الكاملة لمحور المقاومة في سورية لم تنته بعد، وما زال أمام الدولة السورية خط سير عسكري باتجاه مدن ما زالت خارج سيطرتها في الشمال السوري، وإلى هناك تتجه أنظار المراقبين والمترقبين وتدور احتمالات باتت محدودة حيال الوجهة الجديدة .
المصدر: موقع المنار