الصحافة اليوم 16-11-2017: زيارة الراعي إلى الرياض بين عودة الحريري وقانونية الاستقالة – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

الصحافة اليوم 16-11-2017: زيارة الراعي إلى الرياض بين عودة الحريري وقانونية الاستقالة

صحف محلية

تناولت الصحف الصادرة في بيروت نهار الخميس في 16-11-2017 العديد من الملفات، وجاءت افتتاحياتها على الشكل التالي.

الأخبار
الأخبار

الاخبار

سعيد ينظّر للراعي… نكاية بميشال عون

بالسرعة نفسها التي تتبدّل فيها مواقف الكاردينال بشارة الراعي، تتأثر علاقته بالنائب السابق فارس سعيد. بعد محطات كثيرة من الخلاف السياسي والعتب والقطيعة، التقت مصالح الرجلين، المُتضررين من وصول ميشال عون إلى بعبدا ومن التسوية السياسية في البلد. علاقة جديدة برعاية المملكة العربية السعودية.
ليا القزي

معروف الدواليبي ــ السياسي السوري الراحل الذي استفاد منه الملك فيصل للعب دورٍ ضدّ سوريا ــ بنسخته اللبنانية، ليس إلا النائب السابق فارس سعيد، مع «المُرشد» الجديد ثامر السبهان. حتى ما قبل استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري، لم يكن عددٌ كبير من السياسيين في بيروت، يتعاملون بجدّية مع الأخبار الواردة بأنّ لسعيد والباحث رضوان السيّد دوراً في تنفيذ أجندة السعودية لبنانياً، وأنّ مُنسق الأمانة العامة لتجمع 14 آذار (سابقاً) ساهم في «الحفر» عميقاً للحريري حتى يقع، وتنتهي بالتالي مفاعيل التسوية الرئاسية، حتى لو أدّى ذلك إلى إحراق البلد، اقتصادياً وأمنياً.

ظهر الحديث عن علاقة سعيد بالسعودية، مع إطلاق «حركة المبادرة الوطنية». وبعدها، تحضير سعيد لزيارة الكاردينال بشارة الراعي للسعودية، وتنظيمه الوفد الإعلامي المرافق، بما يوحي كما لو أنّه هو المُخطط لها، علماً بأنّ سعيد سبق الراعي إلى الرياض بيوم، بعدما رفض بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق أن يُرافقه النائب السابق على الطائرة نفسها، حتى لا تظهر الصورة كأنّ سعيد هو «الراعي» الرسمي لـ«الزيارة التاريخية».

تصالح الراعي وسعيد بعد سنواتٍ من المدّ والجزر بينهما، بدأت منذ تسلّم البطريرك منصبه. فسيّد بكركي هو الرجل الذي زار سوريا بعد اندلاع «الثورة»، وشارك في القداس في دمشق في مناسبة تنصيب البطريرك يوحنا العاشر اليازجي، وأعلن أنّ «كلّ ما يُقال ويُطلب من أجل ما يُسمى إصلاحات وحقوق إنسان وديموقراطيات هذه كلها لا تساوي دم إنسان واحد بريء يراق». وهو نفسه أعلن من أمام قصر الإليزيه في باريس، عام 2011، أنّه «طالما هناك أراضٍ لبنانية محتلة فحزب الله سيستمر في القول إنّه يريد أن يحمل السلاح دفاعاً عن أرضه، فماذا نقول له حينذاك؟ ليس معك حق؟». في المرتين، وقبلهما وبعدهما، لم يتأخر سعيد في الهجوم على الراعي. هاجم زيارته لسوريا، لأنها «زيارة سياسية بامتياز.

مشهد الكنائس المشرقية الثلاث: الموارنة، الروم الكاثوليك والروم الأرثوذكس بمشهد رعوي تحت حماية أمن بشار الأسد وأمن النظام يسيء للجماعة المسيحية». سيعود سعيد بعد سنواتٍ لـ«يُبشّر» بالحج إلى الأراضي الفلسطينية المُحتلّة، ويُقنع الراعي بتبني هذا الخطاب، بلا اكتراث إلى أن هذا الخيار هو مطلب إسرائيلي يهدف إلى التطبيع.

كان النائب السابق، في جلساته، يُقارن بين بكركي الراعي وبكركي الكاردينال نصرالله صفير، راعي قرنة شهوان و«المعارضة المسيحية» في وجه الوصاية السورية. وبلغت المواجهة بين «14 آذار» والراعي حدّ القطيعة، لتعود الأمور وتُسوى من جديد. حتى إنّ سعيد وضع نفسه في موقع الحريص على ثوابت بكركي، حين لم تكن مواقفها تتلاءم مع أجندته، فاضطر إلى التوضيح أكثر من مرّة أنّ لقاء سيدة الجبل «لم يكن موجهاً ضد البطريرك الراعي على المستوى الشخصي، بل كان بهدف التصويب والتذكير بالثوابت التاريخية لبكركي، والأدبيات السياسية التي صدرت عن الكنيسة المارونية». ليست مواقف الراعي المتُقلبة وحدها التي كانت تُثير حفيظة سعيد، بل يُضاف إلى ذلك رهان الراعي على رباعي التيار الوطني الحر وحزب الكتائب وتيار المردة والقوات اللبنانية، واعتباره أنّهم يختصرون «الوجود المسيحي». كما أنّه في بداية العهد الجديد للكنيسة المارونية، مُنعت التصاريح السياسية من على درج بكركي، ورفض الراعي إلزامه بأي موقف. ولكن سعيد اليوم، يرى في بكركي «آرمة» عظيمة يحتمي بها للتسويق لمشروعه، ولكسب «شرعية» أكبر، كما يقول أحد أصدقاء «الدكتور».

حالياً، بعدما عزلت بكركي نفسها بنفسها عن المشهد الوطني، وضعف دورها، ولا سيّما بعد وصول «رئيس قوي يملك شرعية التمثيل المسيحي»، تلاقت مصالح الراعي وسعيد. في ما خصّ زيارة السعودية، يقول أحد الذين يحادثون سعيد بشكل شبه يومي إنّه «يوم زار الوزير ثامر السبهان لبنان لأول مرّة، دعا إلى العشاء في منزله عدداً من المطارنة الموارنة وسعيد، ومن هناك انطلقت فكرة فتح خطّ بين بكركي والسعودية». اقتنع الراعي والسعوديون بهذه الفكرة، «وتولّى سعيد قيادة هذا المحور، هو الذي كان دائماً يعتقد بضرورة أن تلعب بكركي دورها». يوم الاثنين، حصلت الزيارة «التاريخية» للراعي للمملكة الوهابية. تاريخية لدرجة أنّ جُلّ ما سيحفظه اللبنانيون عنها هو شائعة إخفاء الراعي لصليبه. وتاريخية ومهمة جداً، لدرجة أنّ الوفد الإعلامي المرافق مُنع من تغطية أي نشاط سياسي «جدّي» للبطريرك الذي طلب إذن لقاء الحريري من السعوديين.

من جهته، يقول سعيد إنّ الأمور «في هذه اللحظة لا تنحصر بسلاح حزب الله، أو إذا كان الحريري مُحتجزاً أو لا، بل هي لحظة الخيار». وكعادته، يلجأ إلى «نظرية» جديدة، يربط فيها الواقع اليومي بالمحطات التاريخية. فبرأيه، أنّه كما «اختار المسيحيون في العشرينيات دولة لبنان الكبير، وفي الـ 1943 الاستقلال، وفي الـ 1989 اتفاق الطائف، وفي الـ 2000 طالبوا بخروج الجيش السوري، اليوم هناك بطريرك يتكلم عن العيش المشترك والحوار الإسلامي ــ المسيحي، ويرفض تحالف الأقليات». هل تضمن أن لا ينقلب الراعي على مواقفه، كما حصل سابقاً؟ «هذا ليس تكتيكاً سياسياً، بل هو خيار».

البناء
البناء

البناء
واشنطن ورّطت الرياض وانكفأت بعد تفاهم ترامب بوتين… كما فعلت في أزمة قطر
ماكرون ينقذ السعودية بنقاهة للحريري قبل العودة بعد تهديد عون بمجلس الأمن
«القومي» في تأسيسه: تمسّك بعناصر القوة والوحدة… ونبقى حزب المقاومة وفلسطين

خرج الرئيس الأميركي متحدّثاً عن إنجازاته في زيارة دول شرق آسيا، خصوصاً ما يتصل بالعمل لإنهاء تحدّي السلاح النووي لكوريا الشمالية، وتصحيح المسارات المالية لكلفة القوات الأميركية في كوريا الجنوبية واليابان وتصحيح الميزان التجاري معهما، فلم يقع السعوديون في خطابه ليل أمس، إلا انتقاده للاتفاق النووي مع إيران عرضاً ما يتعلقون به في إشارة دعم مفترض لهم، تماماً كما حدث معهم بعدما ظنّوا أنّ واشنطن ستخوض حربهم مع قطر، واكتشفوا أنهم وحدهم، وأنّ واشنطن تتحوّل إلى وسيط، وفي الأزمة التي لعب دوراً في تفجيرها صهر الرئيس ترامب جاريد كوشنير، وكان احتجاز رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري أحد ترجماتها، تقدّمت باريس بعدما اطمأنت إلى حياد واشنطن، وأكدت لوزير الخارجية اللبناني جبران باسيل وقوفها مع لبنان بوجه احتجاز الحريري، وسعيها لحلّ وسط يفترض أن يبصر النور قبل الأحد المقبل، قبل الذهاب إلى مجلس الأمن الدولي في ترجمة لتوجّه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون باعتبار السلوك السعودي تجاه لبنان عدائياً. وهو ما حاز لبنان عليه دعم الأوروبيين، ومن بينهم فرنسا ما لم تتوصّل المساعي لحلحلة تبصر النور قبل الأحد.

ليل أمس، كشفت الرئاسة الفرنسية بلسان الرئيس إيمانويل ماكرون عن تسوية سيصل بموجبها الحريري إلى باريس برفقة عائلته، لإقامة مؤقتة، قال ماركون إنها شخصية وغير سياسية، بينما كان وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الذي صاغ الاتفاق في الرياض يضع اللمسات الأخيرة على مذكرة الشروط التي تمّ بموجبها الاتفاق على السماح السعودي بسفر الحريري إلى باريس، ولاحقاً بضمانة باريس إلى بيروت.

مصادر مطلعة قالت لـ «البناء» إنّ الاتفاق الفرنسي السعودي يضمن تجنيب السعودية مواجهة بيان رئاسي يصدر عن مجلس الأمن الدولي يطالب بعودة الحريري إلى لبنان وحفظ الاستقرار اللبناني ودعم مؤسسات الدولة الدستورية، وفي المقابل يضمن تراجعاً سعودياً عن احتجاز الحريري وتراجعاً عن سقف التصعيد وفقاً لبيان الاستقالة، وفتحاً لحوار لبناني لبناني لا يزعزع الاستقرار، ويقدّم الفرنسيون ضمانتهم بعدم توصل الحريري لتفاهمات لا تحظى برضاهم، وعدم إفصاحه عن تعرّضه للتهديد والاحتجاز، وانضباطه بسقف سعودي فرنسي مشترك في تحرّكه السياسي.

الانكفاء الأميركي عن تقديم التغطية للسعودية تزامن مع التفاهم الذي صاغه الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترامب، والذي ضمنت عبره واشنطن مساراً ينتهي بحلّ سياسي للأزمة الكورية، وتقدّم في المقابل لموسكو دعماً لمسارها للحلّ السياسي في سورية، وهو تفاهم لا تلغي مفاعيله السجالات العلنية التي لا تتوقف بين العاصمتين بينما تجد التفاهمات سبيلها للتنفيذ كما تقول الصحافة الأميركية.

لبنانياً، كانت تحركات رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وحديثه عن تعرّض لبنان للاعتداء على سيادته من الجانب السعودي، باحتجاز رئيس حكومته، تتصدّر الأحداث ومعها وقائع اللقاءات التي أجراها وزير الخارجية جبران باسيل، وحصد فيها دعماً لموقف لبنان من العواصم الأوروبية، بينما كان رئيس المجلس النيابي نبيه بري يضع التطورات المتوقعة بعد عودة الحريري وقفاً على تصرّف الحريري تجاه إعادة تكليفه بتشكيل الحكومة بعد الاستقالة، فقبوله مؤشر انفراج ورفضه علامة تأزّم.

الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي يحتفل بذكرى تاسيسه أيّد في بيان بالمناسبة مواقف الرئيسين عون وبري وتمسكه بالسلم الأهلي والاستقرار في لبنان، مؤكداً ثقته بنصر سورية والعراق على الإرهاب وخطر التقسيم، داعياً للتمسّك بعناصر القوة والوحدة، لتكون فلسطين هي البوصلة دائماً، فالحزب هو حزب فلسطين والمقاومة أولاً وأخيراً.

«القومي»: تحصين الوحدة الداخلية أولوية

أكدت عمدة الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي أنّ ما يحاول البعض اليوم فرضه على لبنان، بمخططات خبيثة، تكشّفت خيوطها بفرض استقالة جبرية على رئيس حكومة لبنان، لا يمكن لأحد قبوله أو الموافقة عليه، لأنّ من شأن ذلك تغيير وجه لبنان الذي غيّر وجه التاريخ وألحق الهزيمة بالعدو الصهيوني وحرّر جلّ أرضه وكلّ قراره. وأكدت عمدة الإعلام في بيان أصدرته بمناسبة الذكرى الـ 85 لتأسيس الحزب على الموقف الذي أعلنه رئيس الحزب، بتأييد مواقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، وبطبيعة الحال للحلفاء في المقاومة، وذلك برفض أيّ بحث بشأن استقالة رئيس الحكومة قبل عودته حراً إلى بيروت، حيث يمكنه اتخاذ الموقف الذي يشاء وعندها لكلّ حادث حديث».

كما شدّدت على أولوية تحصين الوحدة الداخلية في لبنان، وحماية الاستقرار والسلم الأهلي، باعتبارها عوامل أساسية تضاف إلى عناصر القوة التي يمتلكها لبنان في مواجهة أيّ عدوان على لبنان.

الحريري إلى فرنسا خلال 48 ساعة

يبدو أنّ المفاوضات التي يخوضها وزير الخارجية الفرنسي مع النظام السعودي أفضت الى تسوية تقضي بانتقال رئيس الحكومة سعد الحريري الى فرنسا في زيارة خاصة خلال 48 ساعة، كما أكد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، بأنّ «الدعوة للحريري الى فرنسا ليست إلى المنفى بل زيارة لأيام»، ما يعني أنه سيعود الى لبنان في وقتٍ قريب، وكشفت مصادر الإليزيه أن الحريري سيتوجّه اليوم الى فرنسا.

وقال ماكرون في بيان نشره قصر الإليزيه: «بعد التحادث مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ورئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، دعا الرئيس ماكرون، الرئيس الحريري وأسرته إلى فرنسا». وقد خاض وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان الموجود في الرياض مشاورات مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للتوصل الى حلّ لقضية الحريري، بالتزامن مع اتصالات جرت بين ماكرون وبن سلمان. كما أكدت الأوساط قبول الرياض بالعرض الفرنسي الذي جاء في ضوء تهديدات بعبدا بالذهاب الى مجلس الأمن الدولي.

من جهة أخرى، كشفت صحيفة «لوموند» الفرنسية أنّ «السفير الفرنسي في السعودية زار الحريري في منزله في الرياض وأرسل تقريراً الى الرئاسة ووزارة الخارجية الفرنسية يتضمّن تأكيدات بأنّ «الحريري محتجز وأنه لم يُسمح لها بلقاء الحريري على انفراد بل بحضور عناصر وضباط أمنيين». ورجّحت مصادر أن ينجلي مشهد اعتقال الحريري قبل اجتماع وزراء الخارجية العرب الأحد المقبل.

عون يرفع السقف: «المملكة» تعتدي على لبنان

وكان رئيس الجمهورية قد رفع سقف موقفه نتيجة تجاهل النظام السعودي المطالبات والمناشدات والمراسلات اللبنانية وحتى الدولية والمماطلة في إطلاق سراح الحريري من معتقله السياسي، حيث أعلنها عون بوضوح أنّ احتجاز المملكة لرئيس الحكومة عمل عدائي ضدّ لبنان وعلى استقلاله وكرامته، وعلى العلاقات التي تربط بين لبنان والسعودية»، مشدّداً على أنّ «استمرار احتجازه في المملكة يشكل انتهاكاً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، لأنّ رئيس مجلس الوزراء محتجز من دون سبب وتجب عودته معزّزاً مكرّماً». ولفت عون الى أنّ «دولاً عربية تدخلت من أجل عودة الرئيس الحريري إلا أنه لم يحصل معها أيّ تجاوب، لذلك توجّهنا الى المراجع الدولية». غير أنّ مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الدولية الوزير السابق الياس بو صعب نقل عن عون بعد لقائه به حرصه على متانة العلاقات اللبنانية السعودية ولا يريد أن يستغلّ أحد غموض وضع الرئيس الحريري للإساءة إليها. وقد أفادت معلومات صحافية، أنّ المجلس الأعلى الأمني السياسي السعودي سيجتمع، وسيكون له ردّ قاسٍ على مواقف الرئيس عون.

في حين أعرب دبلوماسي رفيع في مجلس الأمن عن قلقه من الوضع في لبنان، وقال في حديث صحافي: «نريد أن يعود الحريري إلى لبنان من دون أي تأخير». وأضاف: أرى بعض المنفعة في مناقشة الأمر في مجلس الأمن، لا سيما أنّ الأوضاع تدعو الى القلق، ليس فقط الأوضاع في لبنان بل في المنطقة كلها».

بري يتحدّث عن احتمالين لما بعد العودة!

وكرّر رئيس المجلس النيابي نبيه بري أمس، في لقاء الأربعاء النيابي، دعوته الرئيس الحريري الى العودة عن قرار الاستقالة، فقال: «حتى بعد عودة الرئيس الحريري فإنه امام السيناريوات المرتقبة أكرّر أنّ العودة عن الاستقالة فيها عدالة واستقرار، لبنانياً وعربياً، وليس فيها استفزاز لأحد».

وتحدث رئيس المجلس بحسب ما نقل زواره لـ «البناء» عن احتمالين لما بعد عودة الحريري: الأول هو تقديم الحريري استقالته الى رئيس الجمهورية واستشارات نيابية جديدة تفضي الى اعادة تكليف الحريري، لكن من دون تشكيل حكومة حتى الانتخابات النيابية ما يُبقي على الحكومة الحالية كتصريف أعمال، أما الاحتمال الثاني والأقلّ ترجيحاً فهو تقديم الحريري استقالته ورفضه إعادة تكليفه، الأمر الذي سيتسبّب بأزمة سياسية وحكومية».

وفي حين أشارت مصادر «البناء» الى أن الحريري قد يحاول بعد عودته الى لبنان إقناع الرئيس عون قبل تقديم استقالته بتعديل شروط التسوية السياسية لجهة تدخل حزب الله في شؤون الدول العربية وموقف وسياسة لبنان الخارجية تجاه إيران والنظام في سورية». لفتت المصادر الى أنّ أيّ تعديل على هذه التسوية بناء على شروط السعودية لن يقبل به الرئيس عون ولا حزب الله وإنْ أدّى ذلك الى تقديم الاستقالة وإعادة تكليفه تصريف الأعمال، لأن لا يمكن للبنان أن يتحمّل إدخاله في المحور السعودي المعادي لسورية وإيران وهذا ما يخالف بيان الحكومة الوزاري لجهة الابتعاد عن صراع المحاور». من جهته، اعتبر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط أنّ «ما حدث مع الحريري استثنائي وغير مألوف والمعالجة برأيي يجب أن تكون هادئة ضمن الأصول وهو عائد كما أكد، لكن لا لإعلان الحرب على المملكة».

«المملكة» تدفع بالعلاقة مع لبنان إلى حافة الهاوية

وتوقّع دبلوماسي سابق في واشنطن مزيداً من التوتر في العلاقات اللبنانية السعودية وأن تنتقل المواجهة الى المحافل الدولية، إذا استمرت الازمة على حالها، وأوضح المصدر الدبلوماسي لـ«البناء» أنّ «المملكة تدفع بالعلاقة مع لبنان الى حافة الهاوية، إما يتمّ إنقاذها وإعادتها الى مجاريها وإما سقوطها في الهاوية».

لكن الدبلوماسي أكد أنّ «القرار في السعودية اتخذ بعودة الحريري لكن ما يتمّ التفاهم عليه هو ترتيبات تتمحور حول أسس العودة والاتفاق على تحديد المرحلة المقبلة ووظيفة الحريري بعد عودته لا سيما النأي بالنفس وحدوده وآليات تطبيقه، وإذا ما كان يستطيع رئيس الحكومة الفرض على الدولة اللبنانية تقليص تمدّد حزب الله في المنطقة». ولفت المصدر الى أنّ «الخطوات السعودية تجاه لبنان غير طبيعية متوقعاً مزيداً من الضغوط الدولية على السعودية لأنّ اسقرار لبنان الأمني والاقتصادي أولوية لدى الغرب الأميركي والأوروبي»، مشيراً إلى «العمل الأميركي الدؤوب كي لا يطال قرار العقوبات على حزب الله النظام المصرفي اللبناني». واستبعد الدبلوماسي شنّ حرب سعودية على لبنان، لأن لا أسباب موضوعية لهذه الحرب، وأشار إلى أنّ «تصاعد وتيرة التصعيد بين طهران والرياض نتيجة السياسات الأميركية الجديدة التي وضعت المواجهة مع إيران وضرب حلفائها في المنطقة أولوية كبديل عن عجز الرئيس الأميركي عن نسف الاتفاق النووي». ولفت الى أنّ «ما يحدث في السعودية من أحداثٍ داخلية وتغييرات في الحكم يشير الى ترهّل وضعف السعودية بعد توسيع نطاق مواجهاتها وتدخلاتها في الخليج والشرق الأوسط وخرجت أضعف من حرب سورية والعراق واليمن ودول أخرى والآن وضعتها الأزمة اللبنانية في إحراج شديد أمام العالم». واعتبر أنّ «القيادة السعودية الحالية أقلّ خبرة وحنكة وحكمة بكثير من الحكام والملوك والأمراء السعوديين السابقين»، ولفت الى أنّ «مستقبل الوضع في السعودية مجهول، لأنه مرتبط بسياسات الولايات المتحدة والوضع في الخليج والمنطقة والتسويات التي لم تتضح بعد بين موسكو وواشنطن».

روحاني: التدخل السعودي السافر غير مسبوق

وردّت إيران أمس، بقوة على الرياض على لسان رئيسها الشيخ حسن روحاني الذي اعتبر أنّ «التدخل السعودي السافر في بلد كلبنان ودفع رئيس حكومته للاستقالة أمر غير مسبوق في التاريخ… ومن المعيب والمخجل أن يترجّى بلد مسلم الكيان الصهيوني لكي يقوم بقصف الشعب اللبناني».

باسيل: فلتحلّ السعودية مشكلتها مع إيران

وعشية اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب الأحد المقبل، زخّم وزير الخارجية جبران باسيل من حركته الدبلوماسية في عواصم دول القرار في العالم، لنقل موقف لبنان الرسمي من قضية احتجاز الحريري، وانتقل أمس الى روما حيث التقى نظيره انجيلينو الفانو، وقال بعد اللقاء: «الحريري ليس حزب الله وأنا واللبنانيون لسنا حزب الله، واذا كانت لدى السعودية مشكلة مع إيران وحزب الله فلتحلها معه أو مع إيران لا مع اللبنانيين». وكان باسيل زار بريطانيا والتقى وزير خارجيتها بوريس جونسون الذي أكد «حرص بلاده على استقرار لبنان وإبعاده عن ايّ تصفية حسابات إقليمية». كما التقى وزير خارجية الفاتيكان بول ريتشارد غلاغير . ويتوجّه باسيل الى موسكو غداً الجمعة، للقاء نظيره الروسي سيرغي لافروف الذي أكد «ضرورة تسوية القضايا الحساسة في لبنان من دون تدخل خارجي». كما التقى باسيل في روما البطريرك مار بشارة الراعي الذي حمّله رسالة الى الرئيس عون.

توقيف «أبو طاقية»

أمنياً، وبعد توقيف الإرهابي الفلسطيني يحيى عماد ياسين، نجل الموقوف الفلسطيني البارز عماد ياسين، أوقفت قوة من مديرية المخابرات أمس في بلدة عرسال، المدعو مصطفى الحجيري الملقب بـ «أبو طاقية». وقد «بوشر التحقيق معه بإشراف القضاء المختص».

الجمهورية
الجمهورية

الجمهورية

المأزق يتفاقم… وأفق المخارج مسدود… وباريس تفعِّل وساطاتها
ترقّب داخلي لمسار الأزمة

لبنان عالق في عنق زجاجة استقالة الرئيس سعد الحريري، وتائه داخلياً في دوامة العودة، وعاجز عن تحديد وجهة مسار الرئيس المستقيل، وهل سيبقى في السعودية؟ ام سيعود الى لبنان ومتى؟ ام سينتقل من الرياض الى باريس التي دعاه اليها وعائلته، الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، وفق بيان لقصر الايليزيه امس، جاء فيه «بعد الحديث مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والحريري، دعا ماكرون الحريري وأسرته إلى فرنسا» وأعلن الايليزيه انّ الحريري سيصل اليها في الايام المقبلة، موضحاً انّ هذه الدعوة ليست لـ«منفى سياسي».

وفي سياق متصل بالازمة التقى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز في الرياض بوزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان. وافادت وكالة الانباء السعودية الرسمية (واس) أنه «جرى خلال الاجتماع استعراض آفاق التعاون السعودي الفرنسي في مختلف المجالات، بالإضافة إلى البحث في تطورات الأحداث في منطقة الشرق الأوسط وتنسيق الجهود تجاهها بما يعزز الأمن والاستقرار في المنطقة.» يأتي ذلك في وقت دخلت العلاقة بين لبنان والسعودية في مرحلة شديدة الحساسية على خلفية قضية الحريري وما يحوط بها، وعكستها المواقف العالية النبرة لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون وتأكيده انّ الرئيس المستقيل مُحتجز الحرية.لا معطيات أكيدة تخرق الغموض الشديد الذي يكتنف قضية استقالة الحريري وكل ما ستتبعها، وما يعزّزه التأكيد السعودي المتكرر بأنّ الرئيس المستقيل حرّ في حركته ولا قيود عليها، وكذلك إعلان الحريري نفسه انه عائد قريباً، وكذلك تعزّزه المواقف الغربية المتتالية التي تنادي بالسماح له بالعودة الى لبنان وتقديم استقالته وفق الأصول.

في هذا الجو، تسير عقارب ساعة عودة الحريري ببطء، الّا انّ هذا البطء وَسّع دائرة القلق الداخلي، وأرخى ترقباً حذًراً لِما سيؤول اليه وضع البلد، وسط خشية واضحة من تدحرج الامور الى الاسوأ، وكذلك من ان يدفع التصعيد السياسي بلبنان نحو ازمة كبرى، سواء في الداخل، او على صعيد علاقاته العربية وخصوصاً بعدما غادر الخطاب لغة الديبلوماسية وارتفع الى مستوى غير مسبوق.

وعلى رغم الحركة الخارجية المندرجة تحت عنوان عودة الحريري، الّا انها لم تطلق في اتجاه الداخل أي إشارات تحمل وَمَضات إيجابية تجاه هذه المسألة، ما خلا تعبير عن تضامن مع لبنان، يُستنتج منها انّ هذه الحركة لم تصل الى اي نتيجة ملموسة، لا بل توحي بأنّ الامور معقدة. واذا كان لبنان ينظر بإيجابية الى الحركة الدولية لعلّها تتمكن من كسر حلقة التعقيدات وتسريع عودة الحريري التي من شأنها ان تخرج لبنان من الغموض، فالأجواء الداخلية تنحى في اتجاه التشاؤم. وانتقل الطاقم السياسي والرسمي الى استعراض السيناريوهات المحتملة سواء على صعيد الاستقالة ومستقبل الوضع الحكومي، او ما يتصل بمستقبل العلاقات اللبنانية ـ العربية والخليجية تحديداً، والآثار التي يمكن ان تتأتّى على لبنان وسبل مواجهته لها او احتوائها.

ولعلّ الايام المقبلة تحمل ما يمكن ان يحدّد الوجهة التي سيسلكها لبنان، وإن كانت مراجع سياسية تتحدث عن «مرحلة قاتمة لا سقف زمنياً لها، في حال استمر المنحى التصاعدي للأحداث على خط السخونة التي هو عليها في هذا الوقت، وظلت أجواء التشنّج هي الآسرة للوضع العام».

وعلى ما يقول احد المراجع لـ«الجمهورية»: «الوضع حسّاس ودقيق جداً لا بل خطير، وهو ما يوجِب التحَلّي بالحكمة والمرونة وبتغليب لغة العقل على ايّ انفعال تجنّباً لبلوغ الامور الحد الذي يصعب احتواؤه ولا تحمد عقباه».

عون

وارتفعت النبرة الرئاسية حيال قضية الحريري، وقال عون امس ان لا شيء يبرّر عدم عودته بعد مرور 12 يوماً على إعلانه من الرياض استقالته، واتهم السعودية باحتجازه. وقال: «إنّ هذا الاحتجاز هو عمل عدائي ضد لبنان لا سيما أنّ رئيس الحكومة يتمتع بحصانة ديبلوماسية وفق ما تنصّ عليه اتفاقية فيينا». أضاف: «إنّ وضع عائلة الحريري مماثِل لوضعه، ولم نطالب بعودتها في السابق لكننا تأكدنا أنها محتجزة أيضاً ويتمّ تفتيشها عند الدخول إلى المنزل والخروج منه». وأوضحت دوائر القصر الجمهوري لـ«الجمهورية» انّ عون رفعَ سقفه «بهدف الإسراع في تأمين خروجه وعودته الى بيروت في أسرع وقت». وقالت: «لقد هالَ الرئيس عون حديث عدد من وزراء الخارجية في اوروبا والعالم عن «احتجاز الحريري وعائلته»، ما دفعه الى رفع الصوت عالياً لتوفير أفضل الظروف للعودة».

وفيما لوحظ غياب ايّ رد رسمي سعودي على ما قاله عون، عكست وسائل الاعلام السعودية استياء الجانب السعودي من اتهامات رئيس الجمهورية واتهمته بأنه «يقود حملة على السعودية نيابة عن «حزب الله»، وبرزت في السياق تغريدة جديدة للحريري أدرجت في سياق الرد على عون، وقال: «أنا بخير وسأعود الى لبنان قريباً كما وعدتكم». كما نفى النائب عقاب صقر ان يكون الحريري مُحتجزاً وأسرته في الرياض. وقال لـ«رويترز» انه تحدث مع الحريري الذي كلّفه «أن يُعلن تقديره العالي لحرص الرئيس عليه… وكل الحريصين… والقلقين عليه ويتَفهّم قلقهم. لكنه يؤكد للجميع أنه ليس محتجزاً… وعائلته ليست محتجزة، والسعودية لا تكنّ أيّ عدائية للبنان ولا تكنّ للبنان إلّا كل الخير».

المصري

وأحدثَ موقف عون من السعودية مفاجأة داخلية، وحَرّك كل ماكينات الرصد لقياس رد الفعل السعودي فيما رسَمت التكهنات صورة قاتمة حيال شكل العلاقة المستقبلية بين البلدين. وفي هذا السياق، توقف الاستاذ في القانون الدولي الدكتور شفيق المصري عند هذا المستجد، وقال لـ«الجمهورية»: «الخلاف، إن وقع، هو بين دولتين عربيتين شقيقتين. وبالتالي يمكن ان يكون حلّه إمّا باتصالات مباشرة او بتكليف فريق عربي ثالث القيام بوساطة (مصر او الكويت او الامارات، او جامعة الدول العربية).

هكذا تتدرّج المعالجة، الّا انّ ذلك لم يحدث، فلم يحصل لا اتصال مباشر ولا توسيط فريق عربي ثالث او الجامعة العربية، بل قفزوا الى التدويل مباشرة، ولنا في لبنان تجربة مريرة مع التدويل إذ لم يستفد منها مرة. حتى انّ اتفاق الطائف جاء ثمرة جهود لجنة عربية، وبالتالي يمكن ان يكون ذلك أجدى. فلتُحصر المعالجة إذاً بالاطار العربي «ولاحقين على التدويل بعدين»، على رغم انّ نتائجه غير معروفة».

سعيد

وقال النائب السابق فارس سعيد لـ«الجمهورية»: «للمرة الاولى في تاريخ لبنان المعاصر الإدارة اللبنانية السياسية في مواجهة العالم العربي. رئيس جمهورية لبنان الماروني يتحدى العالم العربي ويدافع عن وجهة نظر ايران، وهذا لم يحصل حتى إبّان الحرب الاهلية، حين اختلط الحابل بالنابل ظلّت العلاقات مع العالم العربي ممتازة، وتحديداً مع السعودية». وسأل: «لمصلحة من تعكير هذه العلاقة اليوم؟ هل لمصلحة لبنان والعاملين في العالم العربي؟» كذلك سأل: «هل إنّ القول انّ الحريري سجين وانّ السعودية السجّان هو لمصلحة الرئيس الحريري؟ وهل خَوضنا معركة ايران في المنطقة لمصلحتنا؟». أضاف: «يقول العرب انّ ايران تتدخل في شأن لبنان الداخلي وشؤون العرب، فالسعودية «تدَبّر» نفسها هي وإيران، لكن كلبناني، من يدبّرني؟ مئة ألف صاروخ تنتشر على الاراضي اللبنانية وهناك جيشان في لبنان وقرار الدولة في يد ايران، وتسوية أعطَت للبنانيين الكراسي ولإيران النفوذ، وباتت الدولة غير مستقيمة تتشكّل بشروط فريق لا بشروطها.

فهل ممنوع علينا ان نتكلم؟ ثم ليس مطلوب أن نزيل «حزب الله» من لبنان، لكن أقله ألّا ندافع عنه في لبنان وألّا نقول انّ سلاحه ضروري والجيش ضعيف والسلاح سيبقى طالما هناك أزمة في الشرق الاوسط»؟

بهاء الحريري

وبَدا انّ الاستقالة ما زالت متأرجحة بين قائل بنهائيتها وسريانها بمجرد إعلانها، وبين قائل بلا قانونيتها وضرورة تقديمها خطياً، وبين قائل بضرورة العودة عنها على ما أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري مجدداً «بأنّ العودة عن الإستقالة فيها عدالة واستقرار لبناني وعربي وليس فيها استفزاز لأحد». الّا انّ اللافت كان دخول بهاء الحريري على خط استقالة شقيقه، حيث نقلت وكالة «اسوشيتد برس» عنه قوله إنه يدعم قرار أخيه، واتهم «حزب الله» بالسعي إلى «السيطرة على لبنان»، مؤكداً امتنانه للمملكة العربية السعودية على «عقود من الدعم» للمؤسسات الوطنية في لبنان».

الراعي ـ باسيل

وتحت عنوان أولوية عودة الحريري، تابع وزير الخارجية جبران باسيل جولته الخارجية التي شملت حتى الآن بلجيكا وفرنسا وبريطانيا وروما، ولمس حرص هذه الدول على لبنان وإبعاده عن أي تصفية حسابات اقليمية. وبرز لقاؤه في روما مساء أمس مع البطريرك الماروني الكاردينال ما بشارة بطرس الراعي، الذي كان اتّصل بعد مغادرته الرياض بالحريري، وأكّدا «على التواصل بانتظار العودة السريعة الى لبنان من أجل عودة الحياة السياسية الطبيعية اليه». وعرض الراعي وباسيل لآخر التطورات في ظل زيارة الراعي الى الرياض «كما تمّ استعراض نتائج لقاءات الراعي مع الملك السعودي وولي العهد ومع الحريري.

وكان توافق على انّ الامور الوطنية والسياسية لن تستقيم الّا بعودة الحريري الى لبنان، مع التنويه بوحدة الموقف اللبناني حيال المطالبة بالعودة. وحَمّل الراعي باسيل رسالة الى رئيس الجمهورية قبل أن يُجرى الراعي ليلاً إتصالاً هاتفياً من روما بعون ويعرض معه لنتائج زيارته الى السعودية.

«14 آذار»

وقالت مصادر 14 آذار لـ«الجمهورية» انّ باسيل «ينفذ خريطة طريق بالتنسيق بين العهد و«حزب الله»، وتقضي بإطلاق معركة داخلية سياسية إعلامية لتأليب الرأي العام اللبناني عموماً والطائفة السنية خصوصاً ضد السعودية، ومعركة دولية ديبلوماسية موازية تحت عنوان «احتجاز» رئيس الحكومة، وكل ذلك بهدف إجهاض الاهداف التي سَعت الاستقالة الى تحقيقها لا سيما لناحية حشر «حزب الله» وايران وإجبارهما على تقديم تنازلات سياسية لمصلحة الدولة ومؤسساتها الدستورية ولمصلحة الدول العربية على مستوى الاقليم». واضافت: «مع تبلور قرار سعودي واضح بالمضي في المواجهة من خلال القرار الصادر عن الجمعية العامة للامم المتحدة (إدانة سوريا وايران بخرق حقوق الانسان وتصنيف منظمات ارهابية بينها «حزب الله» ودعوته للانسحاب من سوريا) والشكوى التي رفعتها المملكة الى الجامعة العربية ضد ايران و«حزب الله» والحوثيين بتهمة إطلاق الصاروخ على الرياض، بدأ باسيل تحركه الخارجي لنقل المعركة ضد السعودية مع التهديد برفع شكوى الى مجلس الامن الدولي»، ورأت انّ «باسيل ومعه الحكم و«حزب الله» يجرّون لبنان الى مأزق أين منه حرب تموز ٢٠٠٦ بنتائجها الاقتصادية والاجتماعية والديبلوماسية. وهو ما لن ينفع معه القول هذه المرة: «لو كنت أعلم»، لأنّ المملكة أبلغت لبنان عبر الرئيس الحريري بما تنوي القيام به للدفاع عن نفسها وعن مصالحها».

وأكدت انه «اذا كان الحكم فعلاً مقتنعاً بمرجعية الامم المتحدة فليُطلق قراراتها الخاصة بالسلاح غير الشرعي والسيادة، وعندها لن تكون حاجة لاستقالة الحريري ولا لشكاوى ضد المملكة».

اللواءاللواء
ترتيبات عودة الحريري في المراحل الأخيرة
قلق من تصعيد عون.. ومحمّد بن سلمان يستقبل موفد ماكرون

بقي السؤال الكبير: ماذا وراء جرّ لبنان إلى اشتباك دبلوماسي، سواء في العواصم الأوروبية، عبر جولة وزير الخارجية جبران باسيل الذي انتقل من بلجيكا إلى باريس إلى لندن فروما، أو اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة الأحد، وصولاً إلى مجلس الأمن، أو عبر الاعلان من بعبدا على لسان الرئيس ميشال عون ان الرئيس سعد الحريري «محتجز في المملكة العربية السعودية»، مشيراً إلى ان «لا شيء يبرّر عدم عودة الرئيس الحريري بعد مضي 12 يوماً»، مؤكداً «لن نقبل بأن يبقى رهينة ولا نعلم سبب احتجازه».

بدا الموقف، وفقاً لدبلوماسي في مجلس الأمن الدولي ان «الاوضاع في لبنان تدعو إلى القلق، ليس فقط الأوضاع في لبنان بل في المنطقة كلها»، مشيراً إلى انه يرى فائدة من مناقشة الأمر في مجلس الأمن..».

بقيت عودة الرئيس الحريري محور الاهتمام المحلي، والانشغال الدولي، وحضرت في استقبال ولي والعهد السعودي محمّد بن سلمان وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان الموفد من الرئيس ايمانويل ماكرون، الذي قال على هامش زيارة إلى بون للمشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة حول المناخ، انه اتصل بولي العهد السعودي «واتفقنا على انني سأدعوه (أي الرئيس الحريري) لبضعة أيام إلى فرنسا مع عائلته».

وذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس) انه جرى خلال الاجتماع استعراض آفاق التعاون السعودي الفرنسي في مختلف المجالات، بالإضافة إلى بحث تطورات الأحداث في منطقة الشرق الأوسط وتنسيق الجهود تجاهها بما يُعزّز الأمن والاستقرار في المنطقة.

وأشارت إلى ان الاجتماع حضره الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية، ووزير الدولة عضو مجلس الوزراء الدكتور مساعد بن محمّد العيبان، ووزير الخارجية عادل الجيبر، والمستشار بالأمانة العامة لمجلس الوزراء أحمد الخطيب، ومساعد وزير الدفاع محمّد العايش، والمستشار بالديوان الملكي رأفت الصباغ، والسفير الفرنسي لدى المملكة فرانسوا غويات، وعدد من المسؤولين الفرنسيين.

وفيما أشار النائب عقاب صقر إلى ان الرئيس الحريري سيغادر الرياض خلال 48 ساعة، وهو بالتأكيد سيعود إلى لبنان، كاشفاً عن جولة لديه إلى باريس، وبالتالي لا مشكلة مع المملكة على هذا الصعيد، قالت مصادر واسعة الاطلاع لـ«اللواء» ان عودة الرئيس الحريري باتت في مراحلها الأخيرة، وأن الأمور تسير بالاتجاه الصحيح.. مشيرة إلى ان الرئيس الحريري طمأن في تغريدة له انه بألف خير» وأنا راجع إن شاء الله على لبنان الحبيب مثل ما وعدتكم وحاتشوفو». وبعد التغريدة قال المكتب الإعلامي للرئيس الحريري انه تلقى «اتصالاً هاتفياً من الرئيس القبرصي نيكوس اناستاسياديس..».

وتساءلت أوساط نيابية عن سبب تصعيد الرئيس عون، لجهة وصف تأخر عودة الحريري «بالاحتجاز» والعمل «العدائي»، معتبرة هذا التصعيد بأنه لم يكن لازماً، خصوصاً ان الرئيس الحريري آتٍ إلى بيروت، وهو لم يوقف لا اتصالاته ولا تحركاته. وأعربت الأوساط عن خشيتها من ان يكون موقف بعبدا له علاقة باجتماع وزراء الخارجية العرب، واستباق لعودة الحريري، وبحث موضوع الحكومة ككل، والشروط التي وضعها الرئيس المستقيل في المقابلة التلفزيونية للعودة عنها، أو مناقشة ما يمكن فعله.

دعوة فرنسية للحريري

وفي تقدير مصدر دبلوماسي مطلع ان دعوة الرئيس الفرنسي للرئيس الحريري بزيارة فرنسا مع أفراد عائلته، متفاهم عليها مع الولايات المتحدة والاوروبيين، باعتبارها مخرجاً فرنسياً للأزمة السياسية التي فجرتها الاستقالة كعنوان للصراع الإقليمي. وحرص الرئيس ماكرون على التأكيد، على هامش زيارته لبون للمشاركة في مؤتمر حول المناخ، بأن زيارة الرئيس الحريري لفرنسا ستكون لبضعة أيام، ولا تتعلق بتاتاً باللجوء إلى فرنسا، أو بمعنى آخر، بحسب توضيحات ماكرون فإن الدعوة للحريري ليست عرضاً لمنفى سياسي، بل مجرّد زيارة، وهذا يعني ان الحريري بمقدوره العودة بعد ذلك إلى بيروت إذا شاء ذلك. وكشف ماكرون انه اتصل بالامير محمّد بن سلمان وبالرئيس الحريري، واتفقنا على ان ادعوه لزيارة فرنسا لبضعة أيام مع عائلته.

وكشف مصدر في الاليزيه ان الحريري واسرته سيصلون إلى فرنسا في الأيام المقبلة، وضمن فترة لا تتجاوز الأحد المقبل، على ان يعود إلى بيروت قبل الأربعاء الذي يصادف عيد الاستقلال.

وجاء هذا التطور الذي اعتبرته مصادر سياسية مطلعة بأنه يُشكّل جزءاً من حل المشكلة، في وقت يجري فيه وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان محادثات في الرياض، ويفترض ان يلتقي الرئيس الحريري اليوم لوضع اللمسات أو ترتيبات المخرج الفرنسي. وبحسب هذه المصادر، فإن الدعوة الفرنسية للحريري جاءت نتيجة التحرّك الدولي الذي تولاه الرئيس ميشال عون في موازاة تحرك وزير الخارجية جبران باسيل، كما جاءت نتيجة الاتصال الذي جرى بين الرئيس عون والرئيس ماكرون والمواقف المتقدمة التي أطلقت حول ضرورة إعطاء الحرية للرئيس الحريري والعودة بالتالي إلى بيروت.

اما ماذا بعد الحل الجزئي لازمة استقالة الرئيس الحريري، فتؤكد المصادر ذاتها لـ«اللواء» انه إذا عاد الرئيس الحريري إلى بيروت فبإمكانه ان يقدم استقالته ضمن الأصول الدستورية وتأخذ الأمور مسارها الطبيعي مثل اجراء استشارات نيابية ملزمة وتكليف، اما إذا تراجع عن الاستقالة، فهذا قرار يعود له، وقد لا يكون فيه استفزاز لأحد، بحسب اعتقاد الرئيس نبيه برّي الذي كرّر امام نواب الأربعاء بأنه «امام السيناريوهات المرتقبة، فإن العودة عن الاستقالة فيها عدالة واستقرار لبنانياً وعربياً.

وقالت المصادر الرئاسية، ان أي كلام آخر حول الاستقالة وملابساتها وأسبابها هو سابق لاوانه، وأن رئيس الجمهورية ما يزال ينتظر العودة، مشيرة إلى ان لبنان سيشارك في اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة الأحد، ويبدي رأيه وفقا للمداولات التي ستحصل في حينه، وبالتالي لا يمكن استباق أي شيء، الا انها لم تشأ الكشف عمّا إذا كان باسيل سيمثل لبنان في هذا الاجتماع الوزاري العربي، أم سيمثله السفير في القاهرة، الا ان معلومات خاصة بـ «اللواء» أكدت ان باسيل سيحضر الاجتماع في موعده وانه يحرص على إنهاء جولته الأوروبية غدا الجمعة بزيارة موسكو، لكي يتمكن لأن يكون في القاهرة الأحد.

توضيحات رئاسية

اما بالنسبة للمواقف التي أطلقها الرئيس عون أمس، والتي وصفت بالتصعيدية، بعد ان فتحت أبواب لبنان الرسمي امام مواجهة مع العرب، باتهام المملكة العربية السعودية باحتجاز الرئيس الحريري وعائلته، فقد أوضحت مصادر رئاسية مطلعة في بعبدا على مواقف رئيس الجمهورية، بأن الرئيس عون يريد أفضل العلاقات مع السعودية، وأن هدفه ليس التصعيد أو آخذ العلاقات اللبنانية – السعودية إلى أمكنة غير سوية، مشيرة إلى انه سبق خلال اللقاء الذي جمعه مع القائم بأعمال السفارة السعودية في بيروت وليد بخاري طلب ايضاحات عن وضع الرئيس الحريري وماذا يحصل معه، وانتظر ان تأتي أجوبة لكنها لم ترد.

وأشارت هذه المصادر إلى ان الرئيس عون قال ما قاله امام الإعلام المرئي والمسموع بعد أمور توافرت من محاولات لاستهداف لبنان، وبعد الحملة الدولية التي قامت ومطالبات خارجية من كبار المسؤولين ورؤساء الدول بمنح الحرية للرئيس الحريري لتقديم استقالته في بيروت اذا رغب كي تستقيم الأمور الدستورية.

وقالت إن الكل تحدث عن وضع غامض يتعلق بمصير الرئيس الحريري، وبالتالي حرصا على عدم استغلال أو استثمار الموضوع بشكل يسيء إلى العلاقات بين المملكة ولبنان طالب الرئيس عون بالتوضيح، خصوصاً أن رئيس الجمهورية حريص على عدم استغلال الأمر واللعب على وتر الخلاف اللبناني السعودي من خلال موضوع الرئيس الحريري.  وقالت إن الرئيس قال ما قاله بعد مرور 12 يوما وتحدث عن حجز رئيس الحكومة.

وكررت المصادر القول أن الرئيس عون لا يرغب إلا بأفضل العلاقات مع المملكة التي قصدها الرئيس عون في بداية جولاته الخارجية في عهده، مؤكدة أن ما دخل على خط الموضوع هي المعطيات والمعلومات التي توافرت عن وضع عائلة الحريري إلى أن دعوة الرئيس الفرنسي للحريري وعائلته للمجيء إلى فرنسا.

غير ان مصادر سياسية وصفت «بالوازنة» في فريق 8 آذار، كشفت عن توجه الرئيس عون لاستعمال الخطة «ب» والتي تتمثل بقطع العلاقات الدبلوماسية مع السعودية في حال لم يعد الحريري إلى بيروت خلال مُـدّة أقصاها أسبوعين، مشيرة إلى ان عون يلتزم القيام بخطوتين في المرحلة القادمة، احداها إعادة النظر باتفاق الطائف وأخذ ضمانات دولية لمنع السعودية من التدخل مجددا في الشؤون اللبنانية الداخلية، والدعوة إلى حوار وطني موسع لإعادة النظر ببعض المواضيع الخلافية وإعادة ترتيب الأولويات اللبنانية.

وفي سياق مفاعيل الأزمة السياسية، كشفت المصادر ذاتها، بأن المخابرات التركية روّجت في الأيام الماضية معلومة أمنية، بأن هناك ضربة عسكرية ضد «حزب الله» بين الخامس والعاشر من كانون الأوّل المقبل، لكن المعلومات التي تملكها جهات لبنانية نافذة نفت مثل هذه الضربة المحتملة أقله في المرحلة المقبلة.

وكان الرئيس عون اعتبر امام رئيس وأعضاء المجلس الوطني للاعلام المرئي والمسموع وأصحاب المؤسسات الإعلامية المرئية والمسموعة الذين استقبلهم في إطار لقاءات التشاور التي يجريها مع الفعاليات السياسية والوطنية والاقتصادية، ان لا شيء يُبرّر عدم عودة الحريري إلى بيروت بعد مرور 12 يوما على إعلانه من الرياض استقالته، وعليه فاننا نعتبره محتجزاً وموقوفاً وحريته محددة في مقر احتجازه، مشيرا إلى ان هذا الاحتجاز هو «عمل عدائي ضد لبنان لا سيما وأن رئيس الحكومة يتمتع بحصانة ديبلوماسية وفق ما تنص عليه اتفاقية فيينا».

وقال ان استمرار احتجاز الرئيس الحريري في المملكة العربية السعودية يُشكّل اتهاماً للاعلان العالمي لحقوق الإنسان. كاشفا بأن ما حدث ليس استقالة حكومة بل اعتداء على لبنان وعلى استقلاله وكرامته وعلى العلاقات التي تربط بين لبنان والسعودية، لافتا إلى ان دولا عربية تدخلت من أجل عودة الحريري الا لم يحصل معها أي تجاوب ولذلك توجهنا إلى المراجع الدولية.

اللافت ان الرئيس الحريري، الذي تلقى أمس اتصالا هاتفيا من الرئيس القبرصي نيكوس اناستاسياديس ردّ على الرئيس عون عبر «تويتر» مؤكدا انه بألف خير وانه راجع إلى لبنان، مثل ما سبق ووعد.
ثم كلف عضو كتلة «المستقبل» النائب عقاب صقر بأن يدلي بتصريح جاء فيه: ان الرئيس الحريري يقدر غيرة الرئيس عون تجاهه، وانه وعائلته غير محتجزين وان السعودية لا تكن أي حالة عدائية للبنان.

ولاحظ مصدر نيابي في كتلة «المستقبل» لـ«اللــواء» أن كلام عون تزامن مع كلام مماثل أطلقه الرئيس الإيراني حسن روحاني الذي اعتبر ان «التدخل الصارخ في شؤون دولة مستقلة كلبنان وفرض الاستقالة علی شخص وتقديم شخص آخر بدلاً عنه، حدث نادر في التاريخ، وأشار المصدر إلى أن هذا الكلام ومثله أيضاً تصريحات الوزير باسيل لا يصب في مصلحة عودة الرئيس عون، بل يُؤكّد على تماشي هذه المواقف مع المواقف الإيرانية، لافتاً إلى ان الأمور لا تعالج بهذه الطريقة التي تسيء إلى العلاقة الأخوية التاريخية بين لبنان والسعودية.

في مجال آخر، أعلن بهاء الحريري شقيق الرئيس الحريري أنه «يدعم قرار أخيه»، وانتقد سعي إيران وحزب الله للسيطرة على لبنان، معرباً عن «امتنانه للسعودية على عقود من الدعم للمؤسسات الوطنية في لبنان، فيما رفض النائب وليد جنبلاط إعلان الحرب على المملكة، وقال الحريري عائد.

أمنياً، تمّ الافراج عن المواطن السعودي علي البشراوي الذي كان خُطف قبل أيام من قبل عصابة، وقد تسلمته مخابرات الجيش اللبناني، بعد أن تُرك بمفرده في منطقة مهجورة في حوش السيّد علي البقاعية.

المصدر: صحف