لم تفلح سياسة إنجاب الطفل الواحد التي عملت بها الحكومة الصينية على مدار 40 عامًا، من الهروب من شيخوخة مجتمع بات في مصاف القوى الاقتصادية العظمى، الأمر الذي دفع بكين الإعلان عن اعتماد سياسة إنجاب طفلين بدلا من واحد، لاستعادة الحيوية المجتمعية، وتعويض نقص العمالة.
وبالرغم من أن البعض يرى أن السياسة الجديدة غير كافية لحل تلك المشاكل، إلا أن الحكومة ترى أنها بدأت تحقق “نتائج ملموسة”.
وقال وانغ بي آن، نائب رئيس اللجنة الوطنية للصحة وتنظيم الأسرة في الصين، إن أكثر من نصف المواليد الجدد خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2017 يمثلون الطفل الثاني لآبائهم، بحسب وكالة أنباء الصين (شينخوا)، وأضاف وانغ في كلمة له بمنتدى ديموغراقي عقد في بكين، الأسبوع الحالي، إن حوالي 52 في المائة من 11.6 مليون طفل ولدوا خلال الفترة من يناير/كانون ثان إلى أغسطس/آب من هذا العام، لديهم أخ أو أخت.
وأشارت الأرقام التي قدمتها اللجنة إلى أن 18.5 مليون طفل ولدوا في المستشفيات في عام 2016، وهو العدد الأكبر منذ عام 2000 بزيادة 1.3 مليون طفل عن عام 2015، كما أن حوالي 45 في المائة منهم لديهم أخ أو أخت. ولمعالجة مشكلة شيخوخة المجتمع، بات يسمح للأزواج منذ أواخر 2015 بولادة طفلين، ما وضع حد لسياسة الطفل الواحد بعد 40 عاما تقريبا من إطلاقها في الصين.
ومع تطبيق سياسة إنجاب الطفلين، تشير توقعات إلى أن يصل العدد الإجمالي للسكان إلى مليار و450 مليون نسمة بحلول 2029.
ويبلغ عدد سكان الصين حاليا مليارا و179 مليون نسمة، وسياسة الطفل الواحد كانت تفرض على سكان المدن لإنجاب طفل واحد، مقابل طفلين إذا كان المولود الأول أنثى في الأرياف. وبدأت الحكومة بتطبيق هذه السياسة في 1979، بهدف الحد من تزايد السكان وتحقيق التنمية الاقتصادية. وعلى مدى نحو 40 عامًا عامًا، تسببت سياسة الطفل الواحد بارتفاع نسبة الذكور على الإناث، نتيجة حالات الإجهاض للأجنة الإناث، فضلا عن تفضيل النسل الذكوري.
وكخطوة لتشجيع سكان الصين ممن لديهم طفل واحد على اتباع سياسة إنجاب الطفل الثاني، قالت الحكومة الصينية، مارس آذار الماضي، إنها تدرس تخفيض الضرائب على الأسر التي تنجب طفلين، ونقلت “شينخوا” عن وزير المالية، شياو جيه، قوله اليوم، إن الصين تفكر في تخفيض الضرائب للأسر التي تنجب طفلين.
في أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي، أظهرت دراسة نشرتها مجلة “لانسيت” الطبية البريطانية أن تخفيف قيود تحديد النسل، التي أعلنت عنها السلطات الصينية، أواخر 2015، لن تسهم بشكل كافٍ في معالجة نقص العمالة ومشاكل الشيخوخة، ويوصي باحثون الحكومة “برفع سن التقاعد الإلزامي المنخفض، ورفع سقف المعاشات التقاعدية”، حتى تتمكن من مواجهة تلك المشاكل.
وبفرض استمرار الحكومة بسياسة إنجاب الطفل الواحد، لوصل العدد إلى مليار و400 مليون نسمة بحلول 2023، بفارق بسيط جدًا مقارنة بالعدد السابق، وليس من شأنه معالجة مشاكل النمو السكاني التي تواجهها الصين، بحسب الدراسة.
وتفترض الدراسة أن معدل الخصوبة الكلي، أو معدل الولادات عند كل امرأة، سوف يرتفع من 2.1 طفل لكل امرأة في المناطق الريفية، و1.24 طفل في المناطق الحضرية، ليصل إلى 2.15 و1.67 طفل على التوالي، خلال السنوات العشر المقبلة، وتتوقع أن يصل معدل الخصوبة الكلي إلى 1.81 لكل أسرة بحلول 2030.
من جانبه، اعتبر تساي يونغ، خبير ديموغرافي في جامعة “نورث كارولينا” بتشابل هيل (لم يشترك في إعداد الدراسة)، أن تقدير معدل الخصوبة الكلي ليصل إلى 1.81 بحلول عام 2030 “فيه إفراط من التفاؤل”.
ويرجح باحثون بريطانيون وصينيون في مجلة “لانسيت” أن آثار السياسة الجديدة (سياسة إنجاب الطفلين)، في معالجة مشاكل الشيخوخة ونقص العمالة، لن تظهر في أقل من عقدين.
ولمواجهة تلك المشاكل، أوصى الباحثون أن تقدم الحكومة على رفع سن التقاعد الإلزامي المنخفض، للنساء إلى حد 50 أو 55 سنة، وللرجال إلى 60 سنة، ورفع سقف المعاشات التقاعدية، وغيرها من الإجراءات.
المصدر: وكالة الاناضول