الصحافة اليوم 6-11-2017: ماذا بعد الاستقالة ؟ – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

الصحافة اليوم 6-11-2017: ماذا بعد الاستقالة ؟

صحف محلية

تناولت الصحف الصادرة في بيروت يوم الاثنين في 6-11-2017 استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري وما رافقها من تساؤلات في الشكل والمضمون.

الأخبار
الأخبار

الاخبار

الحريري ينتظر الإنقاذ: إلى باريس بلا حكومة

ابراهيم الأمين

دخل لبنان مرحلة جديدة من المواجهة السياسية العاكسة لما يحصل في المنطقة. وإذا كان حكام السعودية قد قدموا خلال الأعوام القليلة الماضية نماذج عدة عن الجنون الذي لا يقف عند مصلحة شعب أو دولة، فإن استقالة غامضة لرئيس الحكومة سعد الحريري جاءت في سياق المستوى الجديد من العبث السعودي بالمنطقة.

الخطوة بدت سريعاً كأنها جزء من عملية حصر إرث مملكة القهر التي قرر وليّ العهد فيها، محمد بن سلمان، السيطرة على كامل مفاصل الدولة في السعودية ومقدراتها وأدواتها في الخارج، ما جعل السؤال الأساسي حول أسباب استقالة الحريري يتراجع أمام سؤال حول مصير الحريري نفسه. ورغم أن ما حكي عن أن السلطات السعودية وضعت رئيس الحكومة في إقامة جبرية بقي في إطار الشائعات، إلا أن المسار السياسي يُثبت أن الحريري بات رهينة ابن سلمان. رهينة، بالمعنى السياسي للكلمة.

وإلى أن يظهر الحريري، خلال وقت قريب، في بيروت أو في أي عاصمة أخرى غير الرياض، فإن القلق حول مصيره لن يتبدد، ليس عند أركان الدولة فقط، بل حتى عند المقربين منه وعند أنصاره. صحيح أن القوى الأكثر نفوذاً ليست في حالة توتر، لكن الوقائع على الأرض تبقى رهن مسارات الأمور الجارية خارجياً، لأن الخطوة السعودية بدت كأنها رد في لبنان على خسائرها في سوريا والعراق واليمن. وما يجري الآن في مملكة القهر يفتح الباب أمام أسئلة حول مستقبل الوضع في الجزيرة العربية نفسها، حيث الجميع غارق في وحل اليمن، وحيث الأزمة مع قطر تربك دول الحصار كما تربك الإمارة المحاصرة، وحيث يستعجل الأميركيون إنجازات ميدانية تتيح استعادة زمام المبادرة بوجه خصوم صاروا أكثر قرباً من بعضهم البعض، من روسيا إلى إيران، إلى العراق وسوريا وقسم كبير من لبنان… وقسم غير قليل من فلسطين.

إعادة تجميع عناصر المشهد تقود إلى حملة بدأتها السعودية قبل مدة على حزب الله في لبنان وعلى نفوذ إيران فيه، توّجتها بارتفاع في حدة المطالب السعودية بعزل حزب الله حكومياً ونيابياً وسياسياً، وإطلاق اتهامات بحق الحكومة «الساكتة عنه». وفجأة، رنّ هاتف الرئيس الحريري يوم 30 تشرين الأول 2017، يبلغه دعوة عاجلة للقاء ولي العهد السعودي، ليعود بعد يومين إلى بيروت، مشيعاً الأجواء الإيجابية عند معظم الحلفاء والسياسيين، وأنه ينتظر اتصالاً لتحديد موعد له مع الملك السعودي سلمان. حصل ذلك بعد يومين، إذ توافقت المصادر على أن الحريري تلقى اتصالاً يوم الجمعة الماضي يفيده بضرورة القدوم فوراً الى الرياض، ومن دون مرافقين، وأن موعده تحدد مع الملك. لكن، خلال ساعات، تبين أن الملك لم يستقبل الحريري، بل خرج الأخير معلناً استقالته من الحكومة، ليقفل بعدها خطوطه الهاتفية، وينشغل الجميع بحملة شائعات كبيرة حول ما يحصل.
وخلال ساعات قليلة تلت بيانه، انتقل الجميع للانشغال بالحدث السعودي الداخلي، حيث بدأت اعتقالات لعدد غير قليل من الأمراء والمسؤولين السعوديين، ليتبيّن أن جميع هؤلاء كانوا قد أبلغوا قبل أسبوع بضرورة وجودهم داخل الرياض، لأن الملك وولي عهده يريدان الاجتماع بهم. اكتشف الجميع أنها مجرد مواعيد وهمية، وهي أقرب الى كمين مكّن السلطات من ضمان وجود هؤلاء داخل المملكة، إذ اتخذت على الفور إجراءات بمنع إقلاع الطائرات الخاصة في كل المطارات، وليتم تعميم لائحة بعشرات الأسماء عند المعابر الحدودية ممن صدر بحقهم قرار منع سفر أو «ترقب وصول» كما هي حال بعض رجال الأعمال اللبنانيين.

وفي وقت لاحق، تبين أنه تم نقل جميع المطلوبين الى المجمع الفندقي الراقي «الريتز كارلتون» قبل أن تطوّقه قوة خاصة من الحرس الأميري التابع لولي العهد. ومُنِحت إجازات لعدد كبير من موظفي الفندق، ليتولى رجال الأمن المهمات اللوجستية، وتعلن أدارة الفندق أنه محجوز حتى نهاية الشهر.

في ما خص الحريري، تسارعت التطورات: إعلان مفاجئ من قناة «العربية» عن رسالة من الحريري، الذي قرأ بيان استقالة ملتبساً. تلا ذلك انقطاع «التواصل الطبيعي» بينه وبين الآخرين. كل ذلك جعل السؤال مشروعاً عما إذا كان الحريري مشمولاً بالإجراءات، وخصوصاً أن مسؤولاً سعودياً بارزاً أبلغ جهة لبنانية أن الحريري موضع «شبهة» في ملف هبة المليار دولار التي خصصها الملك الراحل عبدالله لمساعدة القوى الأمنية اللبنانية، وأن اسمه ورد في التحقيقات الجارية مع خالد التويجري، رئيس الديوان السابق الذي تولى الإشراف على إنفاق الهبة بطلب من الملك.

ومع ذلك، سارع مقربون من الحريري ومن أعضاء في حرسه الخاص الى الاتصال به، لكن الاتصالات بقيت مقتضبة وباردة. وقال أحد مساعدي الحريري إنه لم يرد على مكالمته، بل بعث له رسالة من خلال تطبيق «الواتس آب» قائلاً إنه بخير، ومن ثم نقل المساعد عنه أن كلامه اقتصر على العموميات: «إن شاء الله خير». «نلتقي قريباً». «المهم الاستقرار». وعندما اقترح بعضهم عليه أن يزوروه في السعودية، أجابهم بالقول: «إذا احتجت لأحدكم، فسأطلب حضوره».

ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل تعداه الى توتر أكبر مع إعلان الحريري أنه يملك معلومات عن محاولة لاغتياله. ومع أن الجميع فهم العبارة كتعبير عن قرار بعدم عودته سريعاً الى لبنان، فإن الخبر أثار حفيظة جميع القوى الأمنية في لبنان، التي سارعت الى نفي أن تكون خلف المعلومات، نافية أيضاً وجود مثل هذه المعطيات عند أي منها، فقرر السعوديون إحالة المعلومات الى جهات غربية أو الى حرسه الخاص.

وبرغم الخضة التي شهدها لبنان عموماً، وانشغال المسؤولين اللبنانيين باتصالات لمعرفة خلفية الخطوة وماهية الخطوات اللاحقة، ركز الفريق اللصيق بالرئيس الحريري على معالجة حالة الذهول والحيرة عند جمهوره. وتولى قياديون في «المستقبل» إبلاغ الكوادر أن الحريري عائد الى بيروت في وقت قريب. وذهب النائب عقاب صقر ليل أمس الى إبلاغ إعلاميين أنه تم تحديد موعد عودته خلال 48 ساعة. لكن أي بيان حول هذا الأمر لم يصدر عن أي جهة، بينما تداول الجميع صورة نشرت على صفحة الحريري على موقع «تويتر»، تجمع الحريري مع السفير السعودي المعين في بيروت وليد اليعقوبي. لكن مصدراً قريباً من الحريري قال إن الحريري يربط أي مغادرة له للسعودية بظروف أمنية وسياسية، وإنه قد يسافر الى اليونان للمشاركة في قمة أوروبية – عربية، على أن يعود الى السعودية، وإن مسألة عودته الى بيروت لم تبتّ في كل اتصالاته المقنّنة مع بيروت، رغم أن المصدر نفسه يدعو الى الأخذ بالحسبان أن الحريري قد لا يطلع أحداً في بيروت على برامج تحركاته في العالم. وتجرى اتصالات جدية، تتولاها جهات رسمية فرنسية، لكي ينتقل الحريري إلى باريس، ما يؤدي إلى نزع الكثير من أسباب التوتر الناتجة من الغموض الذي يلف حالة الحريري.

يشار هنا الى أن عنصر المفاجأة يعود الى كون الحريري، إثر زيارته الأولى للرياض الخميس الماضي، أبلغ مساعديه أنه توصل مع القيادة السعودية الى دعم مشروع باريس ــ 4 وأن هناك برامج دعم كبيرة سوف يحصل عليها لبنان لدعم قطاعات عدة؛ بينها الجيش.

أما كتلة «المستقبل» النيابية التي عقدت اجتماعين خلال 24 ساعة، فقد أصدرت موقفاً لم يعالج الغموض بشأن وضع الحريري، مكتفية بتبنّي ما جاء في بيان استقالة الحريري، مع دعوة «جميع الفرقاء اللبنانيين إلى التنبه والتبصر في المخاطر، التي يتعرض لها لبنان نتيجة الاختلال في التوازن الداخلي والمخاطر الخارجية الناتجة من استمرار التورط الإيراني وحزب الله وتصاعده في الصراعات الدائرة في المنطقة».

ومع كل ما سبق، بقي موضوع الاستقالة بشكلها ومضمونها محل متابعة بطرق مختلفة. في بعبدا، قرر الرئيس ميشال عون التريث في الخطوات الدستورية، وبرر الأمر بأنه يريد الاستماع الى الحريري مباشرة ليفهم منه سبب استقالته، وليفهم أكثر إذا كان قراره يتعلق بشخصه أو أن تياره السياسي لا يريد البقاء داخل الحكومة أو داخل أي حكومة جديدة. وعلم أن الرئيس عون اتفق مع الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط وقيادة حزب الله على مبدأ التريث. وقد جاء موقف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، ليل أمس، ليصب في خدمة التهدئة وإبقاء الأبواب مفتوحة أمام المعالجات، مع حرص على الفصل بين مضمون ما أعلنه الحريري في بيانه، وبين تحميل السعودية مسؤولية الموقف التصعيدي، تحت سقف عدم الانجرار الى المواجهة. وجرت اتصالات مباشرة بين مسؤولين في حزب الله ومسؤولين في تيار المستقبل، كما بين التيار الوطني الحر ومساعدي الحريري، ركزت على ضرورة عدم حصول أي تصعيد سياسي أو إعلامي أو في الشارع. وكان حزب الله واضحاً في ردوده على المستفسرين بأنه لا يتصرف على أن كلام الحريري يعبّر عن وجهة نظره، وأن المشكلة هي مع السعودية ولن تكون مع غيرها، إلا إذا قررت جهات لبنانية تبني خطاب الرياض والانخراط في موجة الجنون السعودية.

وبحسب المعلومات، فإن الرئيس عون يركز على ضرورة عودة الحريري الى بيروت كأساس لكل بحث لاحق، وأنه يأخذ الأمر بجدية لناحية أن رئيس حكومة لبنان قد يكون في وضع صعب. وطلب عون في اتصالات خارجية عاجلة، شملت مصر وفرنسا والأردن المساعدة لمعالجة هذه النقطة. لكن زوار عون نقلوا عنه أنه إذا جرى تثبيت استقالة الحريري، فإن البلاد لا يمكن أن تبقى من دون حكومة، وأن الإجراءات السياسية هدفها التمهيد للإجراءات الدستورية الواجب اتخاذها من أجل الشروع في استشارات نيابية ملزمة لتسمية رئيس جديد للحكومة. وأنه إذا قرر تيار «المستقبل» عدم السير في هذه الخطوة، فإن المشكلة ستكون حول من يمكنه قبول هذه المهمة، علماً بأن الرئيس بري والنائب وليد جنبلاط أكدا عدم استعدادهما للسير في مواجهة سياسية مع التيار السياسي والشعبي الذي يمثله الحريري.

وبينما ظل الإرباك مسيطراً على مواقف «المستقبل» وبقايا قوى 14 آذار، كانت لافتةً مسارعة الرئيس السابق للحكومة نجيب ميقاتي الى تحرك هدفه عدم حصر مرجعية هذا الملف بيد تيار «المستقبل». وهو طالب دار الفتوى بتحمل المسؤولية من زاوية أن منصب رئيس الحكومة يخص الطائفة السنية، وأن يصار الى دعوة المجلس الشرعي إلى الاجتماع، وهو الهيئة التي يحضر فيها جميع ممثلي القوى السنية النافذة في البلاد، وأن يكون الاجتماع مناسبة لإعلان موقف لا يمكنُ بقيةَ القوى السياسية تجاوزُه.

البناء
البناء

البناء
مملكة الدم: بن سلمان يصفّي جناحَيْ العائلة ورجال الأعمال… ويستقيل الحريري
نصرالله: لا خطرَ حرب… والحديث عن اغتيالات أكاذيب… ونتريّث وندعو للهدوء
بيان حذر للمستقبل ومبادرة لميقاتي… ومشاورات خارجية وداخلية لعون وبري

كتب المحرّر السياسي

كما بقي الوضع السعودي ومستقبل الانقلاب الذي حدّد ولي العهد محمد بن سلمان الساعة صفر لتنفيذه على توقيت استدعائه لرئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، وإلزامه تلاوة بيان الاستقالة، من دون مقدّمات مستجدّة تستدعي السرعة وتفسّر التوقيت، خارج كونها بعضاً من مفردات إجراءات بن سلمان التي طالت عشرات الأمراء ورجال الأعمال، ومئات الموظفين والعسكريين، وقتل فيها بحوادث غامضة عدد من الأمراء، بقيت كذلك استقالة الحريري غامضة، لا يملك أحد القدرة على تقديم أجوبة غير سجالية على الأسئلة التي تطرحها، أجوبة تردّ بالوقائع على تساؤلات لا يمكن تجاهلها.

يستعيد محمد بن سلمان صورة جدّه المؤسّس عبد العزيز آل سعود، ومشاهد التصفيات والاعتقالات وصورة الدم التي بُنيت عليها المملكة، بعدما صار ضحاياه في يوم واحد عشرات من رموز سياسية وأمنية ومالية ارتبطت بأسمائها صورة المملكة لعقود طويلة ومؤسّساتها.

السؤال الجوهري حول الإصرار السعودي على استدعاء الحريري قبل بدء انقلاب بن سلمان بساعات قليلة، وهل يتسع وقت الذين يستعدّون ويتابعون قرارات وإجراءات بحجم اعتقال عشرات الأمراء ورجال الأعمال ومئات المسؤولين السابقين من مدراء وموظفين كبار، وصولاً لتصفية عشرات الأمراء والضباط برحلات مدبّرة بطائرات مروحية، عُرف منهم فيصل بن مقرن ولي العهد السابق، للتفكير بما يفعله الحريري في هذا الوقت العصيب، وإن لم يكن الاستدعاء بعضاً من الحملة التي شملت أمراء كانوا في الخارج استدعي بعضهم بداعي دعوة عشاء من ولي العهد، وبعضهم بعروض مستعجلة لصفقات من الديوان الملكي ستمنح لشركاتهم وتستدعي حضورهم، كما استدعي الحريري بداعي وجود تصوّر لما يجب فعله في لبنان، تجاه العلاقة بحزب الله، التي سبق وطرح الحريري تصوّراً للتهدئة حولها في زيارته للرياض قبل يومين من استدعائه العاجل؟

لا أحد يملك جواباً على السؤال، ولا على السؤال حول سبب ظهور الحريري على شريط مسجّل، كما يظهر المنشقون والأسرى لدى داعش، يقولون ما يطلب منهم، وكان ممكناً للحريري أن يخرج على الهواء مباشرة على عدد من الأقنية اللبنانية ببث مباشر ويترك مجالاً للأسئلة والأجوبة والحوار حول موقفه وخلفياته، ويعلم كلّ المعنيين، أنه كان يكفي أن يطلب الحريري من مكتبه في بيروت الاتصال بالقنوات التلفزيونية اللبنانية وحجز الهواء لبث مباشر لمؤتمر صحافي لرئيس الحكومة، يليه حوار مباشر مع الصحافيين من قاعة نقابة الصحافة، أو استديوات تلفزيون المستقبل لمن يرغب؟ الحديث عن عودة قريبة للحريري وبالوقت نفسه خطر على حياة الحريري، يتناقضان، كما يتناقض كلام الحريري في بيان الاستقالة مع كلامه قبل سفره إلى الرياض.

الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي أطلّ خصيصاً للحديث عن استقالة الحريري، دعا للتريّث والهدوء وطمأن اللبنانيين إلى أن لا حروب أميركية و»إسرائيلية» أو «عواصف حزم» سعودية، واضعاً الأولوية لفهم ما جرى في السعودية وما يجري فيها وعلاقته بالاستقالة، مستعرضاً الفوارق بين مفردات بيان الاستقالة والمفردات التقليدية لخطاب الحريري، وانتماء مفردات البيان لخطاب ينتمي في بنيته اللغوية للخطاب السعودي، وقد ترك كلام السيد نصرالله أثراً كبيراً في خلق مناخ من التهدئة وإزالة الكثير من المخاوف وعناصر القلق.

رئيس الجمهورية العماد ميشال عون متريّث بقبول الاستقالة، وعلى تشاور مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وكلّ منهما طرف في مشاورات متعدّدة داخلية وخارجية، بينما البارز كان بيان مقتضب لكتلة المستقبل النيابية حذر وباهت يعبّر عن حال ذهول، مقابل مسارعة الرئيس السابق للحكومة نجيب ميقاتي للإعلان عن مبادرة وضعها بتصرّف مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان.

نصر الله حذّر من الشارع: أين الحريري؟

بنبرةٍ هادئة وكلمات موزونة وبحكمة نادرة، تمكّن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله من استيعاب وامتصاص الصدمة الداخلية التي أعقبت إقالة رئيس الحكومة سعد الحريري من رئاسة الحكومة اللبنانية من الرياض، كما طمأن اللبنانيين الذين شعروا بالقلق حيال تداعيات التطوّر السياسي المستجدّ على الوضعين الأمني والاقتصادي في البلد، ناصحاً الإعلاميين والسياسيين وبعض المنتفعين بالهدوء وعدم التوتير والابتعاد عن اللعب بورقة الشارع التي «لن تؤدي إلى أي نتيجة سوى التأثير على الوضع الاقتصادي والهدوء العام الذي ساد البلاد»، داعياً الى «البحث عن السبب الحقيقي لاستقالة الحريري لأنها خطوة سعودية».

ودعا السيد نصر الله الى التحلي بالصبر والتريث وانتظار توضيح سبب الاستقالة وعودة الرئيس الحريري إن سمح له ليبنى على الشيء مقتضاه، وقال: «لدينا رئيس للجمهورية ورئيس لمجلس النواب والتواصل قائم بين مختلف المكوّنات، ولنترك الآليات الدستورية تأخذ مجراها». وأكد أن «حزب الله سيتصرّف بكامل المسؤولية والهدوء والحفاظ على أغلى ما عندنا في لبنان هو الأمن»، مؤكداً «حرصنا على الامن والاستقرار والسلم الأهلي في لبنان». وبدّد السيد نصر الله أوهام عاصفة الحزم التي هدّد السعوديون بهبوب رياحها الى لبنان، في ظل الصراع الداخلي المحموم بين «أمراء المملكة» والمأزق الذي وضعت «المملكة» نفسها أو وُضِعت فيه بعد هزائمها المتتالية على مساحة المنطقة، لا سيما في اليمن على وقع تطورٍ ميداني نوعي خطير يتعلق باستهداف الجيش اليمني واللجان الشعبية مطار الرياض بصاروخ باليستي، رأى فيه ما يُسمّى بـ «التحالف العربي» أنه «عمل همجي من الجماعة الحوثية»، متهماً إيران بتزويد حزب الله والحوثيين بالصواريخ الباليستية والتقنيات.

وطمأن الأمين العام لحزب الله أن لا أخطار أمنية بحجم الإشاعات التي بثت في لبنان، وأن «الإسرائيلي» لن يقدم على حرب وفق أجندة السعودي، بل ينظر للتطورات الإقليمية والدولية، ولن يخوض حرباً ما لم يكن المؤكد فيها أنها سريعة وحاسمة وذات تكلفة قليلة. وهذا غير متوفر، بحسب إجماع قادته السياسيين والأمنيين. ودعا السيد نصر الله الى الكشف عن مصير الحريري، متخوّفاً من أن يكون قد زُجّ به في صراعات شخصية سعودية سياسية واقتصادية! وتساءل أين هو؟ ولماذا لم يأت ليعلن استقالته من لبنان، أم أن السعودية تريد استبدال الرئيس الحريري بأحد الصقور الذي يتمادى بمشروعها إلى الأخير؟

وغرّد رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، على «تويتر»، قائلاً: «أكثر من أي وقت مضى فإن المرحلة تتطلب الهدوء واحترام الدستور والمؤسسات. إن كلام السيد حسن في غاية المسؤولية وإن كنتُ لا أشارك بعضاً من مضمونه».

.. والحريري يغرّد من مكان إقامته الجبرية!

وفي حين تضاربت الأنباء عن مصير الحريري الذي بقي مجهولاً حتى مساء أمس، حيث أطلّ من مكان اقامته الجبرية في السعودية كما أُشِيع بتغريدة على تويتر للمرة الأولى بعد إعلان استقالته، وقال: «بعد أدائه للقسم أمام خادم الحرمين الشريفين سررتُ بلقاء سعادة السفير السعودي وليد اليعقوب». وأرفق التغريدة بصورة مع السفير. بينما تساءلت مصادر: هل الحريري هو الذي يُشغّل حسابة التويتري أم أن هناك مَن في المملكة يقوم بذلك؟

وتوالى المسؤولون في تيار المستقبل على نفي أخبار وضع رئيس الحكومة في الإقامة الجبرية في السعودية، فأكد رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، أنه على تواصل مع الحريري وأن الحديث عن توقيفه هو من الخيال الجموح للذي فبركه، بينما تحدثت مصادر إعلامية عن أن الحريري سيعود الى بيروت خلال 48 ساعة المقبلة. لكن في حال لم يكن الحريري محتجزاً ولديه الحرية التاملة للتجول خارج المملكة، فلماذا لم يأت ويعلن استقالته من لبنان؟ وإذا كان فعلاً خائفاً على حياته من محاولة اغتيال كما ادعى وبرر بذلك استقالته، فلماذا يعود الى لبنان، حيث مكان اغتياله المفترض؟ وقد سارع كل من قوى الأمن الداخلي وقيادة الجيش والأمن العام، الى نفي مزاعم الحريري عن تعرّضه لمحاولة اغتيال، مشيرين الى أنهم لم يلمسوا أي مؤشرات أمنية تدلّ على حصول عمليات اغتيال في البلد.

ما علاقة الحريري بالأمراء المعتقلين؟

وكان الحريري قد قدّم استقالته ظهر السبت الماضي في بيان تلاه كُتِب بالحبر السعودي في خطوة لا يمكن تفسيرها في إطار المنطق السياسي الداخلي، بل تتعلق بأسباب سعودية بحتة، حيث جاءت بالتزامن مع حملة الاعتقالات غير المسبوقة في تاريخ المملكة والتي طاولت مجموعة من الأمراء السعوديين ممن يشغلون مناصب سياسية ومالية وأمنية عليا في النظام السعودي منذ عقود، حيث يستكمل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بحسب مصادر سعودية الفصل الأخير الممهّد لتوليه العرش من خلال حملة التطهير لجميع مراكز القوة المنافسة له والتي تزامنت مع إغلاق المطارات السعودية، وأنباء تواترت عن وفاة عدد من كبار المسؤولين السعوديين كانوا برفقة الأمير منصور بن مقرن على متن مروحية. وتوجّه الحريري إلى اللبنانيين في كلمة مكتوبة من الرياض حمل فيها بشدّة على حزب الله، متحدثاً أيضاً عن محاولات لاغتياله، ختمها بإعلان استقالته.

ونقلت مصادر لـ «البناء» أن «الحريري وبعد اجتماعه الأخير مع الأمير محمد بن سلمان ووزير شؤون الخليج ثامر السبهان بدت علامات الذهول واضحة على وجهه، وقد عاد الى قصره في السعودية وأخرج من جيبه ورقة كتب عليها أفكاراً وطلب من أحد مستشاريه الشخصيين وأحد الوزراء السابقين المقرّبين منه، وهما هاني حمود وباسم السبع بأن يصيغا له من هذه الأفكار بيان استقالته، وقد فوجئ الحاضرون بذلك. وقد وُوجِه الحريري من قبل القيادة السعودية بتهم الفساد وبعلاقاته المشبوهة مع بعض الأمراء المتورطين بأعمال فساد أيضاً، أبرزهم رئيس الديوان الملكي السابق خالد التويجري والأمير الوليد بن طلال، فتم تخييره بين جنسيته السعودية ورئاسة الحكومة، فقال الحريري للمقرّبين بأن جنسيته السعودية أهم بكثير من موقعه في رئاسة الحكومة، فاختار تقديم الاستقالة.

ودعت كتلة المستقبل التي عقدت اجتماعاً استثنائياً أمس في بيت الوسط، «جميع الفرقاء اللبنانيين للتنبّه والتبصّر في المخاطر التي يتعرّض لها لبنان نتيجة الاختلال في التوازن الداخلي والمخاطر الخارجية الناتجة عن استمرار وتصاعد التورّط الإيراني وحزب الله في الصراعات الدائرة في المنطقة». وقد زار وزير الخارجية جبران باسيل بيت الوسط حيث التقى نادر الحريري والنائب بهية الحريري معرباً عن وقوفه إلى جانبهم، ومؤكداً أنهم حال واحد، وكان باسيل قد أكد أن لا أزمة سياسية في البلد بعد استقالة الحريري.

تريّث في بعبدا واتصالات داخلية وخارجية

وقد أحدث القرار السعودي، إرباكاً سياسياً استدعى اتصالات تشاورية وتنسيقية واحتوائية على مستوى الرئاستين الأولى والثانية، وفتح رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قنوات الاتصال الخارجي لمواكبة ما يجري في السعودية ارتباطاً بما يحصل مع الرئيس الحريري، ما يبقي الاحتمالات مفتوحة على مصراعيها لتعامل بعبدا مع التطوّر السياسي الطارئ، وقد أفادت قناة «أو تي في» بأن «رئيس الجمهورية يحاول التريث في التعامل مع استقالة الحريري، رغم انه من الناحية الدستورية لا شيء اسمه قبول أو رفض الاستقالة إلا أن الرئيس يتريث في اتخاذ الإجراءات التنفيذية المنبثقة من إعلان الاستقالة وعليه لن يصدر أي بيان عن رئاسة الجمهورية يعتبر الحكومة مستقيلة ويطلب منها تصريف الأعمال». وأشارت المعلومات الى أن «الرئيس عون سيشدّد على الوحدة الوطنية في هذا الظرف العصيب والدقيق. وهو لهذه الغاية أجرى اتصالاً بالنائب بهية الحريري»، ولفتت الى حرص الرئيس عون على الاستقرار بكل أبعاده، وأجرى ويجري اتصالات بجميع المسؤولين الأمنيين والعسكريين وستكون له لقاءات أمنية وغير أمنية في الأيام المقبلة.

كما أجرى الرئيس عون اتصالاً هاتفياً بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وتداول معه في المستجدات الراهنة، حيث أكد الرئيس المصري وقوف جمهورية مصر العربية الى جانب لبنان رئيساً وشعباً ودعمها سيادة لبنان وسلامة أراضيه ووحدة شعبه. كذلك، أجرى عون اتصالاً بالعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بن الحسين وتداول معه في الأوضاع الراهنة، حيث أكد العاهل الأردني دعم بلاده وحدة اللبنانيين ووفاقهم الوطني وكل ما يحفظ استقرار لبنان.

هل يتجه عون لتسمية رئيس من 8 آذار؟

وأشارت مصادر نيابية مطلعة لـ «البناء» الى أن «الرئيسين عون وبري اتفقا خلال الاتصال الهاتفي الذي جرى بينهما أمس على التريث بضعة أيام لتبيان الخيط الأبيض من الأسود وبانتظار عودة الحريري الى بيروت، ولم تتبلور رؤية مشتركة حول طريقة التعامل ولا صورة واضحة عن المشهد المقبل، بل ستشهد الساحة خلال الأيام المقبلة اتصالات مكثفة مع مختلف الأطراف لاتخاذ القرار المناسب»، غير أنه في حال لم يحصل ذلك، سيبادر عون «وفقاً للآليات الدستورية المعتمدة الى قبول استقالة الحريري واعتبار الحكومة مستقيلة والطلب منها تصريف الأعمال ريثما يتمّ تشكيل حكومة جديدة، ثم يعقد اجتماعاً مع رئيس المجلس النيابي في قصر بعبدا للتشاور معه حول تحديد موعد لاستشارات نيابية جديدة». واستبعدت أوساط 8 آذار لـ «البناء» أن «يعود فريق 8 آذار الى تسمية رئيس حكومة من تيار المستقبل أو موالٍ للسعودية إذا أصرّ التيار على التصرّف بروحية النص المكتوب الذي تلاه الحريري»، مرجّحاً الذهاب الى تسمية رئيس من 8 آذار والوزير السابق عبد الرحيم مراد الأوفر حظاً».

برّي: للتنبّه لما يُحاك للبنان

وأبدى الرئيس نبيه بري الموجود في مصر استغرابه وتفاجؤه الشديد إزاء الخطوة الحريرية، بحسب ما نقلت عنه مصادر لـ «البناء» ودعوته الى التريث والانتظار والتنبّه لما يُحاك للبنان والتسمك بالوحدة الوطنية. وعقد الرئيس بري أمس، لقاءً مطولاً مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي استغرق قرابة الساعة، وجرى عرض وشرح لوضع المنطقة ولبنان وما استجدّ فيه من أخطار محدقة. وبعد اللقاء اكتفى الرئيس بري بالقول: «لقائي مع سيادة الرئيس السيسي رغم كل الصعوبات يفتح باباً كبيراً للانفراج، وآمل من أهلنا في لبنان تهدئة النفوس كما آمل من الإعلام التحلي بالمسؤولية الوطنية والمهنية». كما أجرى بري اتصالاً برئيس الجمهورية أطلعه فيه على أجواء لقائه مع الرئيس السيسي.

من جهته، أعرب السيسي عن اهتمام مصر بالحفاظ على أمن واستقرار لبنان، ووقوفها إلى جانبه ودعمه في مواجهة التحديات الراهنة، مؤكداً أهمية تجنب جميع أشكال التوتر والتطرف المذهبي والديني، ورفض مساعي التدخل في الشؤون الداخلية للبنان.

سلامة: الليرة مستقرة

وبعد أن طمأن وزير المال علي حسن خليل الى الوضع المالي والاقتصادي والنقدي في لبنان وأنه لن يتأثر بخطوة استقالة الحريري، أشار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أمس، الى أن «الليرة اللبنانية ستبقى مستقرة والأمر مرتكز على الامكانيات الموجودة للبنك المركزي». وتابع: «إن مصرف لبنان بنى نموذجاً نقدياً يأخذ بعين الاعتبار المعطيات المالية والاقتصادية للبلد والمفاجآت السلبية التي تحصل احترازياً، وقمنا بهندسات مالية حمت الوضع النقدي والمالي».

ومواكبة وتماهياً مع التصعيد السعودي على لبنان، طلبت وزارة الخارجية البحرينية، في بيان عاجل صدر عنها أمس، من جميع رعايا المملكة الموجودين حالياً في لبنان مغادرة هذه البلاد فوراً. غير أن السفارة الأميركية في لبنان نفت الإشاعات عن دعوة الأميركيين الى مغادرة لبنان.

إيران ترفض قيادة أميركا

التطورات الداخلية استدعت جملة من المواقف الإقليمية والدولية، أشّرت الى المظلة الامنية والسياسية الخارجية فوق لبنان لا زالت موجودة، والى جانب الموقفين المصري والأردني، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة عن قلقه من استقالة الحريري، لكنه تمنّى من الجميع التركيز على دعم استقرار لبنان وأمنه. بدوره اعتبر أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني أن «الرئيس سعد الحريري فعل ما يفعله محمد بن سلمان تماماً»، لافتاً الى أن «ما يقوله الرئيس الأميركي دونالد ترامب لـ بن سلمان ينقله بن سلمان إلى الحريري وعلى الحريري تنفيذ الأوامر حرفياً». وأشار شمخاني، في تصريح الى أن «الحريري وبن سلمان وترامب ونتنياهو لهم مطلب واحد هو قيادة أميركا لشعوب المنطقة وإيران ترفض ذلك». وقد لوحظ الدخول «الإسرائيلي» المشبوه واللافت على خط الأزمة الحكومية، من خلال تصريحات متتالية لعدد من المسؤولين في كيان العدو، فوصف وزير شؤون الاستخبارات «الإسرائيلي»، يسرائيل كاتس، استقالة رئيس الوزراء اللبناني، بنقطة تحوّل، معتبراً أن الوقت حان لعزل حزب الله وإضعافه وتجريده من السلاح.

اللواءاللواء

إستقالة الحريري تهز لبنان: تريُّث والأولوية للأمن وحماية الليرة
دعوات للتهدئة والوحدة.. و«المستقبل» لتصحيح الإختلال بالتوازن وتورُّط حزب الله بصراعات المنطقة

احدثت استقالة الرئيس سعد الحريري من رئاسة الحكومة ارتجاجات سياسية كبيرة، تكاد تلامس بقوتها الزلزال السياسي، الذي من شأنه ان يُعيد ترتيب الوقائع السياسية في لبنان، وسط احتدام المواجهة العربية – الإيرانية، والمواجهة الأميركية – الإيرانية على خلفية البرنامج النووي ودعم جماعات مسلحة، من بينها حزب الله، متهمة بالقيام بأنشطة ليست خفية في سوريا والعراق واليمن وصولاً إلى بلدان الخليج.

ومنذ اللحظة الأولى لبيان الاستقالة السبت الماضي، تبدّل الموقف رأساً على عقب، وارتفعت أسهم القلق، وتطايرت الأسئلة عمّا جرى، ولماذا وكيف؟ وتتالت الاتصالات والاستفسارات والتعليقات والدعوات إلى التهدئة والتزام عدم التصعد، بانتظار جلاء الموقف، وعودة الرئيس الحريري إلى بيروت، والتي لا تبدو انها قريبة. ومع ان الخطوة لم تكن مرتقبة، أو في الوارد أقله في المدى المنظور، الا ان حدوثها لم يُشكّل مفاجأة وحسب، بل صدمة قوية، فرضت على اللاعبين تحدياً ليس سهلاً، بأن قواعد اللعبة تغيّرت في لبنان، وربما في المنطقة، في سياق استعار المواجهة بين إيران والعرب، وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية.

في الأسباب، بعض مما ذكره الرئيس الحريري في كتاب الاستقالة من أن «فئات لا تريد الخير للبنان دعمت من الخارج وأنشأت دولة داخل الدولة، مشيراً إلى إيران التي ما تحل في مكان إلا وتزرع فيه الفتن والدمار والخراب، يشهد على ذلك تدخلها في الشؤون الداخلية للبلدان العربية في لبنان وسوريا والعراق والبحرين واليمن». وأشار الرئيس الحريري في كتاب الاستقالة إلى اننا «نعيش أجواء شبيهة بالاجواء التي سادت قبيل اغتيال الشهيد رفيق الحريري، وقد لمست ما يحاك في الخفاء لاستهداف حياتي».

وجاء في حيثية الاستقالة «ولأنني لا ارضى ان اخذل اللبنانيين أو اقبل بما يخالف مبادئ ورثتها عن والدي ومبادئ ثورة الأرز العظيمة، فإني أعلن استقالتي من رئاسة الحكومة، مع يقيني ان اللبنانيين سيكونون قادرين برجالهم ونسائهم على التغلب على الوصاية من الداخل أو الخارج».. مختتماً: «أشكر كل من تعاون معي ومنحني الثقة». وهكذا وجد لبنان نفسه امام أزمة كبيرة، ووسط تحديات إضافية سواء في الأمن وحماية استقرار الليرة والنقد والحفاظ على الاستقرار والانتظام العام الذي كانت توفّره حكومة الرئيس الحريري، على الرغم من الانقلابات المتتالية على التسوية السياسية، التي أنجزها الرئيس المستقيل، واحترمها، وسط ظروف صعبة، لم يحترمها شركاؤه من اللبنانيين لا في الداخل ولا في الخارج.

وإذ سارعت كتلة «المستقبل» إلى عقد اجتماعات مفتوحة لمتابعة الموقف، معلنة تأييدها ودعمها الكاملين للرئيس الحريري ومواقفه، أشار رئيس الكتلة الرئيس فؤاد السنيورة الذي تحدث مع رئيس الحكومة المستقيل، ان هناك «في الأساس مشكلة، وهي العبء الكبير الذي تحمله الرئيس الحريري على مدى الأشهر الـ12، لذلك وصلنا إلى ما وصلنا اليه». ودعت كتلة «المستقبل» في اجتماعها الثاني أمس اللبنانيين إلى «التنبه والتبصر في المخاطر التي يتعرّض لها لبنان نتيجة الاختلال في التوازن الداخلي والمخاطر الخارجية الناتجة عن استمرار وتصاعد التورط الإيراني وحزب الله في الصراعات الدائرة في المنطقة».

وفي إطار مرحلة ما بعد الاستقالة، كشف القصر الرئاسي ان الرئيس ميشال عون تلقى اتصالاً من الرئيس الحريري واعلمه باستقالة حكومته، على ان يبني الرئيس على الشيء مقتضاه بعد عودة الرئيس الحريري.
وبعد الظهر، نشر رئيس الحكومة المستقيل صورة على صفحته على «تويتر» تجمعه إلى السفير السعودي المعيّن في بيروت وليد اليعقوب. وارفق الصورة بالتعليق التالي: «بعد ادائه للقسم امام خادم الحرمين الشريفين سررت بلقاء سعادة السفير السعودي». وقد اشاعت هذه الصورة ارتياحاً في أوساط تيّار المستقبل.

دار الفتوى

وعلى خط مواز، أكّد مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، بعد استقباله أمس في دار الفتوى القائم باعمال السفارة السعودية في لبنان الوزير المفوض وليد بخاري ان استقالة الحريري لم تأتِ من فراغ وهي شكلت صدمة ونحن نؤيده وندعمه ونتفهم هذه الاستقالة، وينبغي ان نعالجها بالروية والحوار، مشيراً إلى ان السعودية حريصة على أمن واستقرار لبنان وتريد له الخير كما تريده لسائر البلدان العربية.

وشكلت زيارة الرئيس نجيب ميقاتي لدار الفتوى أمس حدثاً، خاصة وانه طرح على المفتي دريان مبادرة للخروج من الأزمة الحالية، فضل عدم الإعلان عن تفاصيلها، لكنه علم ان إحدى بنودها تقضي بعقد اجتماع للمجلس الإسلامي الشرعي الأعلى بكل أعضائه، بمن فيهم رؤساء الحكومة السابقون لتجديد الالتزام بوثيقة الثوابت الوطنية لدار الفتوى. ونفى الرئيس ميقاتي ان يكون موضوع ترشحه لرئاسة الحكومة وارداً لا من قريب ولا من بعيد، كاشفاً بأن مبادرته لا تتضمن ان يكون مرشحاً لرئاسة الحكومة في الوقت الراهن، داعياً إلى الاتفاق على الشخصية السنية المناسبة تحت سقف دار الفتوى.

بعبدا

في غضون ذلك، واصلت مصادر رئاسة الجمهورية رفضها لليوم الثاني، التعليق على موضوع استقالة الرئيس الحريري من الخارج، بانتظار الاطلاع منه شخصياً على ظروف الاستقالة، لتبني على الشيء مقتضاه.
وفهم من المصادر نفسها ان أي كلام آخر لا يقع الا من باب التكهن، وانه في انتظار تبيان حقيقة الأمور لن يصدر بيان قبول الاستقالة أو رفضها، ولا بيان استشارات التكليف.

وأكدت مصادر الرئاسة، ان الاتصالات والاجتماعات التي أجراها الرئيس عون داخلياً وخارجياً، منذ الاتصال الوحيد الذي تلقاه من الرئيس الحريري، وابلغه باستقالة حكومته، صبّت كلها في إطار تحصين الوضع اللبناني والمحافظة على الوحدة الوطنية والاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي بما في ذلك الاتصال بالرئيس المصري عبد الفتاح السياسي حيث تبلغ منه وقوف مصر إلى جانب لبنان، ومع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، الذي أكّد له دعم الأردن لكل ما يحفظ استقرار لبنان، فيما كانت الاتصالات مع عدد من الأقطاب السياسيين والقيادات العسكرية والأمنية والروحية والمالية بهدف ضبط الوضع الامني والمالي والاقتصادي ومنع أي خلل.
وأفادت انه منذ شيوع نبأ الاستقالة لم تهدأ اجتماعات الرئيس عون التي انعقدت بعيداً عن الأضواء بهدف التشاور لتقرير ما يمكن عمله فيما كان البارز التروي في إطلاق المواقف.

وعلمت «اللواء» ان هناك اجتماعات سيترأسها الرئيس عون اليوم تباعاً، وتصب كلها في الإطار عينه, ويعقد اجتماع أمني موسع برئاسة الرئيس عون في قصر بعبدا، يحضره قائد الجيش العماد جوزيف عون وقادة الأجهزة الأمنية للتباحث في التنسيق واتخاذ الاجراءات اللازمة لحماية لبنان من أي اهتزازات.

اقتصادياً، أكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أن المصرف أصدر بياناً شدّد فيه على أهمية أن تبقى الليرة مستقرة، مؤكداً ان الأزمة سياسية وحكومية، وليست نقدية، كاشفاً عن إجراءات اتخذت لتجاوز أزمات سابقة..

سياسياً تحدثت مصادر مطلعة أن الرئيس عون، سيتريث في بت موضوع الاستقالة، وانتظار عودة الرئيس الحريري والوقوف على الأسباب التي أدت إلى الاستقالة، ولم يعلنها صراحة في بيان الاستقالة. أما الرئيس نبيه برّي الذي التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في شرم الشيخ، فدعا إلى تهدئة النفوس، واصفاً لقاءه مع الرئيس المصري بأنه يفتح بابا كبيراً للإنفراج. وهو اتصل بالرئيس عون ووضعه في أجواء اللقاء.

وفي إطار المواقف، دعا الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله إلى الهدوء وعدم القلق، مؤكداً حرصه على الأمن والاستقرار، نافياً أن يكون هناك أي سبب داخلي للاستقالة. وغرّد النائب وليد جنبلاط، عبر حسابه الخاص على موقع التواصّل الاجتماعي «تويتر»، قائلاً «أكثر من أي وقت مضى فإن لمرحلة تتطلب الهدوء واحترام الدستور واحترام والمؤسسات وكلام السيّد حسن في غاية المسؤولية وان كنت لا اشارك بعضاً من مضمونه».

ومن جهته، أسف البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي «لاستقالة الرئيس الحريري، وللظروف التي قادته إليها، معرباً عن خشيته من «تداعياتها على الاستقرار السياسي وما يرتبط به من نتائج». ونبّه إلى أية مكيدة أو أي مخطط تخريبي يهدف إلى ضرب الاستقرار في الوطن، أو إلى استدراجه للإنخراط في محاور اقليمية أو دولية لا تتلاءم وطبيعته وقيمه ودوره كعنصر تعاون واسقرار وعيش مشترك في محيطه الشرق أوسطي.

دولياً وعلى وقع دعوات سفارات ودول رعاياها لمغادرة لبنان، أعلن المتحدث باسم الأمم المتحدة أمس أن الأمين العام انطونيو غوتيريش عبر عن القلق حيّال إعلان الرئيس الحريري استقالته، داعياً للحفاظ على «مؤسسات الدولية اللبنانية واستقرارها، معلناً التزام الأمم المتحدة» أمن لبنان وسيادته ووحدة أراضيه.

الجمهورية
الجمهورية

الجمهورية

غموض ما بعد الإستقالة… وطمأنة إلى وضع الليرة

لم يحمل اليوم الثاني على استقالة الرئيس سعد الحريري من الرياض، والتي هزّت الوسطَ السياسي وفاجأته، أيَّ مؤشّرات جديدة على طبيعتها وظروفها وأسبابِ توقيتها، ويبقى السؤال الكبير: ماذا بعد الاستقالة؟ مواقفُ القوى السياسية في لبنان، المؤثّرة على الوضع الأمني، تعاطت مع هذه الاستقالة بحذرٍ شديد، فيما أكّد بيان لحاكِم مصرف لبنان رياض سلامة ثباتَ النقدِ اللبناني وطمأنَ إلى وضعِ الليرة.كشَفت مصادر قريبة من الحريري أنّ المعلومات عن محاولة اغتياله أتت من جهة خارجية موثوقٍ بها، وهذا ما يفسّر نفيَ عددٍ من الأجهزة الأمنية اللبنانية امتلاكَها أيّ معلومة في هذا الصَدد.

وعلمت «الجمهورية» أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري والحريري كانا قد اتّفقا على اللقاء في مصر أمس، وأنّ الرئيس المصري عبد الفتّاح السيسي كان قد حدَّد موعداً للحريري في نهاية الأسبوع، إلّا أنّ اتّصالاً ورَد إلى مكتب السيسي معتذِراً عن عدمِ تمكّنِ الحريري من الحضور، ما زاد مِن الغموض والتساؤلات. وذكرَت المصادر أنّ الحريري في صحّة جيّدة وقد تواصَل السبت مع بعض القريبين منه ولكنّه لا يدري متى تسنَح الظروف لعودته.

وعن موعد عودته قالت المصادر لـ»الجمهورية»: «قبل أن يكون هناك محاولة اغتيال لم يكن أحد يُعلن عن تحرّكاته، فهل تريدون اليوم بعد انكشاف محاولةٍ لاغتياله أن يفعل ذلك، ويعلنَ موعد عودتِه»؟ ووصَفت مصادر «المستقبل» الكلامَ عن وجود الحريري في الإقامة الجبرية بأنّه إشاعات، وأكّدت أنّ كلّ ما يقال لا أساس له من الصحة.

وعن نفيِ شعبةِ المعلومات والجيش والامن العام وجودَ أيّ مخطط لوقوع عمليات اغتيال، أجابَت المصادر:»الأجهزة تنفي أن تكون هي مصدر المعلومات، ما يَعني أنّ كشفَ مخططِ اغتيال الرئيس الحريري مصدرُه أجهزة غير لبنانية». لكنّ الحريري، وفي أوّلِ إطلالةٍ له بعد إعلان استقالته، نشَر مساء أمس صورةً عبر «تويتر»، معلّقاً: «بعد أدائه للقسَم أمام خادم الحرمين الشريفين، سررتُ بلقاء سعادة السفير السعودي وليد اليعقوب».

إحتواء الاستقالة

وبَرزت مواقف احتواء الاستقالة من خلال تحرّكٍ سريع لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي اتّصَل بكلّ القيادات اللبنانية ودعاها إلى وقفةٍ مسؤولة، كما اتّصَل بالسيسي وبالعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في قضية الحريري. كما بَرزت مواقف الاحتواء من خلال تريّثِ المسؤولين في 8 و14 آذار في إبداء آراء حاسمة قبل انبلاج خيوطِ هذه الاستقالة وملابساتِها، حيث إنّ مصادر رسمية مطّلعة تؤكّد أنّ الحريري ما كان ليقدّمَ استقالته لو كان في ظروف اخرى لا سيّما وأنّه اكّد قبل ساعات قليلة من سفره الأخير الى السعودية بأنّ الحكومة باقية والاستقرارَ متين، وهاجَم الذين لا يعترفون بإنجازات حكومته، واعتبَر ذلك «قرصَنة».

وكانت قيادة الجيش قد اوضَحت «أنه بنتيجة التوقيفات والتحقيقات والتقصّيات، بالإضافة إلى المعطيات والمعلومات المتوافرة لديها، لم يتبيّن لها وجود أيّ مخطط لوقوع عمليات اغتيال»، كما اكّد مصدر أمني لـ«الجمهورية» أن «لا خوف مِن حصول أيّ اهتزازات في الوضع الأمني، وأنّ كلّ ما يُشاع عن عمليات اغتيال أو عمليات إرهابية لا يَستند إلى أيّ وقائع جدّية أو تقارير متوافرة لدى الأجهزة الأمنية والعسكرية اللبنانية، وأنّ الأجهزة المعنية تتابع إجراءاتها العادية متخذةً كافّة التدابير الضرورية لحفظِ الأمن وحماية مصالح المواطنين».

وضعٌ سعودي جديد

وحول أبعادِ الاستقالة، تشير المعلومات التي حصلت عليها مرجعيات لبنانية على صِلة بدوائرعربية وخليجية مطّلعة الى أنّ الاستقالة المفاجئة لا تأتي في سياقِ الاوضاع اللبنانية، إنّما في سياق نزاعات المنطقة والأنظمة، بدليل أنّ قوى 8 آذار أعلنَت قبل يوم واحد من إعلان الاستقالة تمسُّكَها بالحكومة، كما لم يصدر أيّ موقف من قوى 14 آذار يَدعو إلى استقالة أو إلى أزمة حكومة. وتَرافقت الاستقالة مع وضعٍ سعودي جديد أعلنَت عنه الحكومة السعودية، حيث تمّ القبض على عدد من الأمراء البارزين والأقوياء من أبناء عمّ ولي العهد الامير محمد بن سلمان ومجموعة رجال اعمال تُمثّل الثقلَ الماليّ والاقتصادي في المملكة.

وقد نشَرت وكالة «رويترز»، نقلاً عن «مسؤول سعودي كبير» أسماءَ 17 شخصاً قالت إنّهم احتُجزوا السبت في إطار تحقيق تجريهِ لجنة عليا لمكافحة الفساد تشكّلت برئاسة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. ومِن المحتجزين الأمير الوليد بن طلال، رئيس شركة المملكة القابضة والأمير متعب بن عبد الله، وزير الحرس الوطني، وخالد التويجري، الرئيس السابق للديوان الملكي. كذلك ترافقت استقالة الحريري مع تطوّرات في المنطقة، ابرزُها ارتفاع منسوبِ النزاع السعودي ـ الايراني وصدورُ العقوبات الاميركية على «الحرس الثوري» في ايران و»حزب الله» في لبنان. كلّ ذلك في موازاة مناورات اسرائيلية عسكرية في الجنوب تتلازم مع تهديدات المسؤولين الاسرائيليين للبنان، ولـ»حزب الله» تحديداً.

3 قضايا

تجاه هذه المعطيات، يواجه لبنان 3 قضايا وجب معالجتُها، وهي:

1 ـ قضية دستورية تقضي بكيفية التعامل مع استقالة الحريري، فهل تُقبَل من خلال «الفضائيات» أم ينتظر رئيس الجمهورية إمكانية عودةِ الحريري ليقدّمها اليه حسب الاصول الدستورية في قصر بعبدا.
2 ـ ضبطُ الوضعِ السياسي لكي لا يحصل تصعيد يؤدّي الى نتائج غير محمودة.
3 ـ الإمساك بالوضع الامني لأنه في مِثل هذه الظروف تتحرّك الطوابير الخامسة.

لذلك، دعا عون إلى اجتماع امنيّ يُعقَد في العاشرة صباح اليوم في بعبدا، دُعيَ اليه وزراء الداخلية والدفاع والعدلية وقادةُ الجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام ومدير المخابرات في الجيش ورئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي ومدّعي عام التمييز ومفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية، وسيخصّص لتقويم الوضع الأمني في البلاد وتداعيات الاستقالىة على الوضع. كذلك دعا عون إلى اجتماعٍ وزاري ومالي يُعقد بعد الظهر، دُعيَ إليه وزير المال وحاكم مصرف لبنان ورئيس جمعية المصارف، لتقويم الحركة المالية في ضوء ما ستَشهده الأسواق المالية في اليوم الأوّل من العمل بعد الاستقالة.

وتشير آخِر المعلومات الى انّ عون يفضّل التريّثَ في قبول الاستقالة مع انّها اصبَحت نافذةً سياسياً، اوّلاً لتقصّي ملابساتِها والتأكّد من وضعِ الحريري في منزله في الرياض. ثانياً، لرصدِ كلّ ردّات الفعل الاقليمية والدولية ولا سيّما الاميركية. وثالثاً، لإجراء اتصالات في الكواليس لمعرفة مدى استعداد بعض الشخصيات السنّية لتولي رئاسة الحكومة في حال اصبَحت نافذةً، إذ إنّ رئيس الجمهورية ملزَم بحكمِ الدستور إجراءَ استشارات لتسمية رئيس جديد للحكومة في فترة قصيرة.

في غضون ذلك، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس عن قلقِه «من استقالة الحريري»، آملاً في أن «تركّز كلّ الأطراف جهودَها على دعمِ استمرارية مؤسسات الدولة اللبنانية». من جهتِه، قال المتحدّث باسم وزارة أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية إنّ فرنسا تحترم قرار الحريري، وتدعو جميعَ الأطراف اللبنانيين إلى العمل بروحٍ مِن المسؤولية والتوفيق. ومن مصلحة الجميع أن لا يدخلَ لبنان مرحلةً جديدة من عدم الاستقرار.

التحالف العربي

وقال المتحدّث باسمِ التحالف العربي لدعمِ الشرعية في اليمن العقيد الركن تركي المالكي «إنّ إطلاق صاروخ باليستي على الرياض عملٌ همجيّ من الجماعة الحوثية ومَن وراءَها»، مؤكّداً أنّ صواريخ الحوثيين لم تكن في ترسانة الجيش اليمني. وأشار الى» أنّ «حزب الله» يُهرّب الأسلحة من لبنان إلى سوريا ثمّ إيران فاليَمن.

«المستقبل»

وأكّدت كتلة «المستقبل» بعد اجتماع استثنائي برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة دعمَها الموقفَ الذي اتّخَذه الحريري من الاستقالة. ودعَت جميعَ الفرَقاء اللبنانيين للتنبهِ والتبصّرِ في المخاطر، التي يتعرّض لها لبنان نتيجة الاختلال في التوازن الداخلي والمخاطر الخارجية الناتجة عن استمرار وتصاعدِ التورّط الإيراني و»حزب الله» في الصراعات الدائرة في المنطقة. وأضافت: «لقد واجَه لبنان والشعب اللبناني سابقاً وخلال السنوات الماضية القريبة ظروفاً بالغة الصعوبة، وهو اليوم في مواجهة مماثلة، ولن يتراجعَ ويقبلَ بمحاولات السيطرة والإخضاع».

وهبي

وأكّد عضو الكتلة النائب أمين وهبي لـ«الجمهورية» أنّ تَواصُل الكتلة مع الحريري مستمر، ووصَف الاستقالة بأنّها» خطوة سِلمية دستورية، فعندما لا تسير الامور في الاتجاه الذي يَستجيب لمصلحة البلد وعندما يَطغى تصرّفُ الدويلة على الدولة اللبنانية، مِن حقّه ان يستقيل وأن يُعبّر عن امتعاضه، إذ لا بدّ مِن صرخةٍ ليسمعَها جميع اللبنانيين». وأضاف: «نصِرّ على سِلمية المواقف والتحرّك، ولكنْ علينا واجبٌ وطنيّ هو ان نوضحَ لجميع اللبنانيين خطورةَ التدخّلِ الايراني في الشأن اللبناني والعربي». واعتبَر وهبي أنّ الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصرالله «بذلَ جهداً أمس لوضعِ الأمور في غير موضعِها، وهو معنيّ بالهدوء لكي يبقى متفرّغاً للمهمّات التي أنيطَت به على الساحة السورية والإيرانية واليمنية». وقال: «نحن معنيّون جداً باستمرار الهدوء وبتهدئة النفوس والتعاطي مع هذا الحدثِ تعاطياً سياسيا».

نصرالله

وكان نصرالله قد دعا إلى الابتعاد عن التصعيد السياسي والإعلامي وعن الشارع والتحريض الطائفي، واعتبَر انّ استقالة الحريري «كانت قراراً سعودياً أجبِر عليه، ولم تكن نيتَه ولا رغبته ولا قرارَه». وأشار الى أن ليس هناك ما يدعو إلى القلق، مشدّداً على ضرورة التريّثِ وعدمِ الاستعجال في التحليل.

بري

ومِن مِصر، قال بري الذي التقى السيسي، «لستُ مصَدّقاً ما جرى. فالحريري لم يكن في هذا الوارد على الإطلاق، بل على العكس، كان أداؤه حتى ما قبل سفرِه يَسير على خطّ الحفاظ على الحكومة». ورأى أنّ «المسألة ليست سهلة، ولا أحد يستطيع ان يقدّر ماذا يمكن ان يحصل وإلى أين يمكن ان تصل هذه المسألة، لا أحد يعرف». واعتبَر أنّ «أولى تداعيات الاستقالة تعطيلُ الدولة، وخسارات كبرى». وكشَف أنّ لديه معلومات أكيدة «أنّ الولايات المتحدة وروسيا تمنَعان إسرائيل من أيّ عملٍ عدواني، وهذا الذي يَجري يُمكن أن يشقَّ الداخل، وشَقُّ الداخلِ يَستدعي إسرائيل وعدوانها». ونفى بري احتمالَ تطييرِ الانتخابات النيابية «فحكومة تصريفِ الأعمال تستطيع إجراءَها».(تفاصيل ص 5)

سعَيد

وقال النائب السابق الدكتور فارس سعَيد لـ»الجمهورية»: «14 آذار تقوم من إرادة وطنية وليس من إرادة سعودية، والإرادة الوطنية غيرُ موجودة اليوم وإلّا لَما اضطرّت السعودية للتدخّلِ مباشرةً لانتزاع ورقةِ الحكومة من يد ايران، والسؤال اليوم: كيف ستردّ طهران على ذلك؟ ومِن هنا كنّا ولا نزال ننادي بمبادرة وطنية». واعتبَر سعَيد «أنّ الدوَل لا تتعامل بسياسة النكايات، فهناك أمرٌ حصَل في المنطقة سواء على المستوى المالي أو العسكري، وباستقالة الرئيس الحريري رُسِمت حدود بين الدولة اللبنانية و»حزب الله»، وأيّ شيءٍ يقوم به الحزب اليوم أو يتعرّض له الحزب، يتحمّل مسؤوليته هو وحده وليس كلّ لبنان».

رزق لـ«الجمهورية»

وأكّد الوزير السابق إدمون رزق لـ«الجمهورية»: «أنّه بموجب المادة 53 من الدستور الفقرة 5، رئيس الجمهورية هو الذي يُصدِر منفرداً مرسومَ قبولِ استقالةِ الحكومة أو اعتبارها مستقيلة، والحالات التي تُعتبر فيها مستقيلة محدّدة في المادة 69 فقرتُها الاولى: تقديم رئيسها استقالته. وليس هناك شكلٌ معيّن لتقديم الاستقالة، لكنّ التقليد المعتمد غالباً هو أن تُقدَّم الاستقالة الى رئيس الجمهورية بالتفاهم مع رئيس الحكومة، ويتمّ ذلك بزيارة رئيس الحكومة لرئيس الجمهورية وتقديم الاستقالة شفهياً أو خطّياً ويمكن الإدلاء من على منبر القصر الجمهوري بتصريح. إذاً، ليس هناك أيّ نصّ يُحدّد شكلَ الاستقالة وكيفية تقديمِها وموضعَ تقديمِها، لكنْ بالنتيجة المرجع هو رئيس الجمهورية الذي وحده يقرّر موقفَه من الاستقالة ويُصدر منفرداً مرسوم قبولها. وأشار رزق إلى أنه لا توجد مهَلٌ لإصدار مرسوم قبول الاستقالة، لأنه مرتبط بتأليف الحكومة التالية. ولكن يمكنه إعلان قبولها والبدءُ بالاستشارات، لكن في هذه الحالة بالذات رئيسُ الجمهورية تريَّثَ في القبول، بانتظار لقاءِ الرئيس المستقيل، وحسَناً فعلَ لأنّه تبَصّرَ في الوضع قبل أن يقبلَ الاستقالة أو يرفضَ، ريثما يطّلع على الملابسات التي أدّت إليها.

المصدر: صحف