شدد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الخميس على أهمية تعزيز التبادل والتنسيق مع مصر، مؤكدا في الوقت نفسه أنه ليس “في وارد إعطاء دروس” الى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي يقوم بزيارة رسمية الى العاصمة الفرنسية، حول مسألة حقوق الانسان.
وتستمر زيارة السيسي حتى الخميس وتم خلالها بحسب ما اعلن السيسي في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الفرنسي في قصر الاليزيه، التوقيع على اتفاقات ومذكرات تفاهم بقيمة تصل الى 400 مليون يورو.
وقال ماكرون في المؤتمر الصحافي ردا على سؤال عما اذا كانت محادثاته مع السيسي تطرقت الى حقوق الانسان، “أنا مدرك للظروف الامنية التي يتحرك فيها الرئيس السيسي، لديه تحدي استقرار بلاده ومكافحة تطرف ديني عنيف، ولا يمكن ان نتجاهل هذا”، مضيفا “أؤمن بسيادة الدول ولا اعطي دروسا للاخرين كما لا احب ان يعطي احد بلادي دروسا”.
لكن ماكرون شدد على أن “فرنسا تدافع عن حقوق الانسان ومن مصلحة الرئيس السيسي ان يسهر على الدفاع عن حقوق الانسان، لكن في اطار تقرره الدولة المصرية وحدها”.
وتدخل السيسي بدوره، قائلا للصحافيين “انا معني بالاجابة عن مسألة حقوق الانسان في مصر”، مضيفا “نحن حريصون على حقوق الانسان لكن يجب ان تأخذوا بالاعتبار أننا في منطقة مضطربة جدا، وهذا الاضطراب كاد يحول المنطقة الى بؤرة تصدر الارهاب الى العالم كله”.
وأكد انه “حريص على إقامة دولة مدنية ديموقراطية حديثة”، مضيفا ان “الشعب المصري لا يقبل بأي شكل من أشكال الممارسة العنيفة والديكتاتورية وعدم احترام حقوق الانسان، لكنني مسؤول عن مئة مليون مواطن” يجب تأمين الحماية لهم.
وقال ماكرون ان بلاده تقف الى جانب مصر “لان أمن هذا البلد الصديق جزء من امننا”، في تاكيد على الموقف الفرنسي الذي ينظر الى مصر على انها من الدعائم الرئيسية في الشرق الاوسط ضد الارهاب.
واستغرق اللقاء بين السيسي والوفد المرافق وماكرون مع مسؤولين فرنسيين آخرين ساعتين وربع الساعة، ضمنها لقاء ثنائي مدته 50 دقيقة.
وقال مصدر في الاليزيه ان ماكرون بحث مع السيسي في حوالى 15 قضية متعلقة بمصريين ناشطين او صحافيين معتقلين، كما تم التطرق الى القانون المصري حول المنظمات غير الحكومية.
وقال ماكرون انه سيتابع هذه القضايا وينتظر “مبادرات” من جانب مصر، مشددا في الوقت ذاته، بحسب المصدر على ثبات موقفه من “عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول”.
وصدر في 24 ايار/مايو قانون في مصر يقضي بانشاء “سلطة وطنية” تضم ممثلين عن الاجهزة الامنية لاتخاذ قرار بكل ما يتعلق بتمويل يأتي من الخارج او بنشاطات منظمات اجنبية تعمل في مصر.
وبحسب القانون، فإن الحصول على موافقة السلطات ضروري لتلقي تمويل من الخارج، كما لن يكون بامكان اي منظمة القيام بدراسة او استطلاع للراي من دون موافقة السلطات.
وتصل العقوبات لمن يخالف هذا القانون الى السجن خمس سنوات وغرامات اقصاها مليون جنيه مصري (59 الف يورو).
ونددت منظمات غير حكومية دولية بالقانون، معتبرة انه “يفتح الطريق امام مستويات من القمع غير مسبوقة، وسيجرم عمل العديد من المنظمات غير الحكومية، كما سيكون من المستحيل على هذه المنظمات العمل بشكل مستقل”.
وتم قبل عقد المؤتمر الصحافي توقيع إعلان حول تعزيز التعاون العلمي والثقافي والفرنكوفوني بين البلدين، ووقع عن الجانبين وزيرا الخارجية المصري سامح شكري والفرنسي وجان ايف لودريان.
وقال الرئيسان ان محادثاتهما تناولت الاوضاع في ليبيا وضرورة العمل معا من اجل ايجاد حل سياسي ودعم جهود الموفد الدولي الخاص الى ليبيا غسان سلامة.
وقال مصدر في الاليزيه ان ماكرون دعا السيسي الى المشاركة في مؤتمر حول تمويل الارهاب سينظمه عام 2018، بينما دعا السيسي أمام الصحافيين الرئيس الفرنسي الى زيارة مصر “في اقرب وقت”.
وأكد ماكرون “تصميم فرنسا على دعم البرنامج الاجتماعي والمالي الذي تقوده مصر منذ سنتين”، مؤكدا استمرار هذا الدعم من خلال مشاريع تمولها الوكالة الفرنسية للتنمية، و”الرغبة في تكثيف التعاون” في المستقبل.
وقال السيسي ان “الشق الاقتصادي حظي بالاولوية”، مشيرا الى انه عرض امام الرئيس الفرنسي “النتائج الايجابية لبرنامج الاصلاح الاقتصادي الذي حقق معدلات نمو مرتفعة وزيادة في الاستثمارات الاجنبية”.
واضاف انه تم التوقيع على “مجموعة من الاتفاقات ومذكرات التفاهم واعلانات النوايا بقيمة تصل الى 400 مليون يورو”، معظمها في مجالات “الطاقة التقليدية والمتجددة والبنى التحتية والنقل، لا سيما مترو الانفاق”.
المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية