محرر الموقع
ما اشبه اليوم بالامس حين اجتمع “الزعماء” العرب في قمة شرم الشيخ عام 1996 بغياب سوريا واتفقوا على التخلص من المقاومة اللبنانية والفلسطينية (حزب الله وحماس والجهاد) باعتبارها عائقا امام التسوية السياسية بين “اسرائيل” والسلطة الفلسطينية واليوم ايضا يجتمع الفريق ذاته للاهداف ذاتها وان اختلفت المسميات.
ولمن خانته الذاكرة او لم يكن قد اكتمل وعيه الطبيعي او السياسي بعد ، فان قمة شرم الشيخ انعقدت حينها في شهر آذار برعاية اميركية مباشرة وخلصت الى مجموعة مقررات انتجت بعد اقل من شهر عدوان على لبنان عرف بعدوان نيسان عام 1996 .
الى جانب الرؤساء وقادة الدول الذين حضروا القمة حضرها ايضا قادة اجهزة الاستخبارات ومنها رئيس الاستخبارات الاميركية “سي آي اي” وتم اتخاذ القرار بالقضاء على حزب الله عبر شن عدوان واسع على لبنان تحت اسم ” عناقيد الغضب” حيث تم استهداف الضاحية الجنوبية لبيروت لاول مرة.
ما الذي حصل؟ لو عدنا بشريط ذاكرة الأحداث فإن، اسرائيل خاضت الحرب باقصى ما لديها من جبروت وارهاب مدعومة من القوى الدولية ومن قمة شرم الشيخ و”الزعماء” العرب وقامت بتدمير البنى التحتية اللبنانية وقصفت بوحشية اهدافا عسكرية ومدنية وقطعت اوصال البلدات الجنوبية وارتكبت مجزرة قانا الاولى، لكن صواريخ المقاومة لم تتوقف على مدى 16 يوما وأدار الرئيس الراحل حافظ الاسد المفاوضات بعد ان عجز الاميركي والاسرائيلي ومن خلفهما بعض “زعماء” العرب من تحقيق اهدافهم بالقضاء على المقاومة .
فماذا كانت نتيجة هذا العدوان؟ كانت نتيجته تفاهم نيسان الذي كان انجازا جديدا للمقاومة ونصرا سياسيا بعد النصر العسكري والميداني الذي تُوج باعلان وقف الحرب ، واخذت المقاومة مذاك التاريخ منحىً تصاعديا في الاعداد والاستعداد لطرد الاسرائيلي من لبنان حيث كان ذلك في ايار عام 2000. اذا انقلب السحر على الساحر فبدل ان يتم القضاء على المقاومة قضت المقاومة على احلامهم وطردت المحتل من الارض.
ما اشبه اليوم بالامس حيث كانت المنطقة حينها على مفترق طرق بين دعاة التسوية (الاستسلام للعدو الصهيوني) من جهة وبين اصحاب الحق (المقاومة اللبنانية والفلسطينية مدعومة من سوريا وايران) من جهة ثانية. وكان المشروع حينها يقضي بولادة شرق اوسط جديد اميركي على وعود التسوية مع اسرائيل .
هذا ما حصل في العام 1996 ، اما اليوم فان المنطقة تعيش ايضا على مفترق طرق بين مشروع الارهاب والقتل والذبح والتدمير وبين مشروع العيش المشترك ومحاربة الارهاب، يجتمع ايضا القوم ( بعض العرب وخلفهم اسرائيل واميركا في مجالس هنا وهناك وبغياب سوريا ايضاً) لصياغة مقررات ليست بعيدة عن تلك التي خرجت بها قمة شرم الشيخ ولمصلحة العدو ذاته اي اسرائيل يُضاف اليهم التكفيريون،ويتهمون المقاومة بالارهاب خدمة للعدو الذي كان في العام 1996 على علاقة ببعضهم اصبحت اكثر علانية اليوم .
لكن النتيجة لن تكون افضل من سابقاتها ، فكما حصل عقب قمة شرم الشيخ اذ انهزم الجمع مرة جديدة سينهزم الجمع اليوم امام اصرار وأحقية منطق المقاومة . وخلص عدوان “عناقيد الغضب” المدفوع ثمنه في قمة “شرم الشيخ ” بعد سنوات قليلة الى هزيمة اسرائيل في لبنان واندحارها عن معظم اراضيه عام 2000 مع العلم ان مقدرات المقاومة حينها كانت متواضعة بالمقارنة مع مقدراتها اليوم وجهوزيتها وتجربتها، فهل قرأ الممسكون على السلطة في السعودية ومن خلفهم وبجانبهم التاريخ وعبره؟ وهل يدركون ان وجه المنطقة قد تغير وان الكثير من المتغيرات الدولية لم تعد لصالحهم وايضا الظروف الميدانية.
فحتما لن يكون حالهم افضل مما كان عليه عقب قمة شرم الشيخ عام 1996.
المصدر: موقع المنار