تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الثلاثاء 26-09-2017 في بيروت مواضيع عدة كان أبرزها الإضرابات التي عمت مختلف القطاعات النقابية والعمالية والتربوية أمس وتستمر اليوم، والقرارات التي من المتوقع أن يتخذها مجلس الوزراء في جلسته لمواجهة الأزمة التي خلفها قرار المجلس الدستوري إبطال قانون الضرائب، بينما يترقب موظفو القطاع العام مصير سلسلة الرتب والرواتب، بالاضافة إلى زيارة الرئيس العماد ميشال عون إلى باريس..
الأخبار
هل صدر أمر إطاحة الحكومة؟
تناولت الأخبار الشأن المحلي وكتبت تقول “هل صدر أمر عمليات أميركي سعودي لقوى 14 آذار بالعودة إلى توحيد صفوفها، تمهيداً لفتح باب المواجهة مع حزب الله؟ السؤال بات مشروعاً، في ظل التلويح باستقالة رئيس الحكومة سعد الحريري، تارة بذريعة الاحتجاج على اللقاء بين وزير الخارجية جبران باسيل ونظيره السوري وليد المعلم في نيويورك، وما تعتبره هذه القوى «سعياً من رئيس الجمهورية ميشال عون وحلفائه لفرض تطبيع العلاقات مع النظام السوري»، وطوراً بحجة الغضب من قرار المجلس الدستوري الذي أبطل قانون الضرائب، وأشار إلى ضرورة إصدار قطع الحساب عن الأعوام السابقة.
منذ أشهر، بدأت شخصيات بارزة في تيار المستقبل، وأخرى في ما كان يُعرف بفريق 14 آذار، تروّج معلومات تفيد بأن أوان إسقاط الحكومة قد اقترب. وتربط هذه الشخصيات في أحاديثها مصير الحكومة بقرار أميركي ـــ سعودي ـــ إماراتي يقضي بفرض عقوبات على لبنان، بذريعة محاصرة حزب الله. وترى هذه الشخصيات أن القرار الأميركي لن يسمح بأي مهادنة، وسيطلب من الحريري مواجهة حزب الله. وفي هذه الحالة، لن يكون أمام الحريري سوى خيارين: إما مواجهة حزب الله، وبالتالي فرط الحكومة؛ وإما عدم المواجهة، وتالياً التنحي عن رئاسة الحكومة لترك مهمة المواجهة لغيره.
على هذه الخلفية، أتت أزمة قرار المجلس الدستوري، وما تبعها من إعادة فتح النقاش حول ما يوجبه الدستور لجهة تبرئة ذمة الحكومات المتعاقبة لما أنفقته من أموال بلا سند قانوني.
وهذا التوجه يصيب بالدرجة الأولى فريق الحريري، وعلى رأسه الرئيس فؤاد السنيورة. وبحسب مصادر معنية بالأزمة المالية الدائرة حالياً، فإن الحريري يريد حماية فريقه، تماماً كما فعل مع الرئيس تمام سلام والقائد السابق للجيش العماد جان قهوجي، عندما أصرّ رئيس الجمهورية على إجراء تحقيق شامل بأحداث عرسال. وتلفت هذه المصادر إلى أن الحريري يرفع سقف التحدي إلى مداه الأقصى، بهدف حماية السنيورة، عبر تلويح مقرّبين من رئيس الحكومة بإمكان أن يدفعه هذا الأمر إلى الاستقالة.
التصعيد الأبرز يأتي بسبب العلاقة مع سوريا. فقوى 14 آذار عادت في خطابها السياسي في اليومين الماضيين إلى ما كانت تعتمده في سنوات الأزمات، بعد عام 2005، كما لو أن التسوية الرئاسية لم تُعقد، وأن حكومة الحريري الثانية لم تبصر النور. ويبدو واضحاً أن هذه القوى، على رأسها تيار المستقبل والقوات اللبنانية، تهوّل على رئيس الجمهورية ميشال عون، بهدف تطويقه، ومنعه من الالتزام بسياسة فيها الحد الأدنى من الاستقلالية والحرص على مصالح لبنان. فمن جهة، عادت نغمة التحذير من الاغتيالات السياسية إلى التداول في الصالونات السياسية للقوات والمستقبل، لتصوير أن لقاء وزيري خارجية لبنان وسوريا، الهادف إلى البحث عن حل لأزمة النازحين، سيؤدي إلى عودة الاغتيالات! ومن جهة أخرى، ورغم أن الزيارة الخارجية الأولى لعون بعد انتخابه كانت للمملكة العربية السعودية، ورغم إعلانه سابقاً أنه سيلبّي الدعوة الإيرانية التي وجّهت له لزيارة طهران، بدأ القواتيون والمستقبليون التحريض على رئيس الجمهورية، من خلال القول إن تلبيته للدعوة الإيرانية تعني ارتماءه في الحضن الإيراني. كذلك ترفع قوى 14 آذار من صوتها لمنع أي حل لأزمة النازحين السوريين، التزاماً منها بالسياسة السعودية والغربية في هذا المجال، والتي تريد استغلال قضية المهجرين السوريين في أي مفاوضات على مستقبل سوريا. وقد عبّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمس عن هذه السياسة، في المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقده مع عون في باريس. ففي مقابل تأكيد الأخير ضرورة تسهيل العودة الآمنة للنازحين، ربط ماكرون هذه العودة بـ«حل سياسي مقنع»، ما يعني أن على لبنان تأجيل البحث في هذه القضية إلى ما بعد انتهاء الحرب على كامل الأراضي السورية، والتوصل إلى نتيجة يرضى عنها الغرب. وفي هذا الإطار أيضاً، بدا لافتاً تأكيد ماكرون «أن فرنسا اليوم تعتبر أن تمسك الحكومة (اللبنانية) بسياسة النأي بالنفس هو أفضل طريق للحفاظ على استقرار لبنان ومن أجل العمل على معالجة أزمة النازحين والإرهاب». والنأي بالنفس في القاموس الغربي، يعني عدم التواصل الجدي مع دمشق.
خلاصة ما تقدّم أن ثنائي الحريري ــ سمير جعجع بدأ بتنفيذ خطة سياسية تحمل في طياتها عدداً من الأهداف، أبرزها خمسة: محاولة فرض سياسة خارجية على رئيس الجمهورية تراعي مطالب واشنطن والرياض؛ منع أي محاسبة حقيقية، سواء في أحداث عرسال أو في المالية العامة؛ تمهيد الطريق أمام مواجهة حزب الله في الداخل اللبناني؛ بدء التحضير للانتخابات النيابية بخطاب سياسي حاد، بعدما أفقدها التفاهم الرئاسي والحكومي كل أدوات التحريض التي استخدمتها منذ عام 2005؛ أو… تطيير الانتخابات النيابية المقبلة.
الجمهورية
بعبدا وعين التينة: الأجواء ملبّدة… والحكومة تجتمع اليوم على وقع الإضراب
وتناولت الجمهورية الشأن الداخلي وكتبت تقول “الحكومة أمام الخيار الصعب، إمّا ان تكون في قرارها حول سلسلة الرتب والرواتب في مواجهة الناس، وثمّة مقدّمة تمهيدية لهذه المواجهة تجلّت في الاضراب الذي شَلّ الادارات امس، او في مواجهة نفسها، عبر خضوعها لامتحان البحث عن مخرج من المأزق الذي وقعت فيه وأوقعت معها البلد كله، جرّاء خطيئة الضرائب التي ارتكبت بحق اللبنانيين واستسهلت فيها مَد اليد على جيوبهم. واللافت في موازاة هذا المأزق، هو الغيوم السياسية التي تولّدت عن قرار المجلس الدستوري، وتراكمت بشكل كثيف ما بين بعبدا وعين التينة، وترافقت مع تبادل قصف غير مباشر في الاتجاهين. هذا في وقت كان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يقوم بزيارة دولة الى فرنسا ويلتقي الرئيس إيمانويل ماكرون، الذي وعد بتنظيم «مؤتمر للمستثمرين لمساعدة لبنان من أجل اعادة إطلاق الاقتصاد»، وأكد «انّ سياسة النأي بالنفس إزاء النزاعات أفضل وسيلة للحفاظ على استقرار لبنان، ولكن كي نتمكّن من حل مسألة النازحين نحن بحاجة الى حل سياسي».
أوّل ما يتبادر الى الذهن في موازاة المأزق الحكومي ربطاً بإبطال الضرائب، هو السؤال: ماذا أمام الحكومة لتفعله؟ هل ثمة مخرج فعلاً؟ وماذا لو تعذّر الوصول اليه؟
وما العمل في هذه الحالة؟ ثم لنفرض ان وُجد هذا المخرج، فأين يقع؟ وايّ باب يمكن ان تَلج منه الحكومة لتعويض النكسة التي مُنيت بها بتطيير المجلس الدستوري السلة الضريبية، ووضعتها تحت ضغط الناس والموظفين والخزينة العاجزة عن تغطية أكلاف السلسلة؟
هو ثقل إضافي يصيب الحكومة، في وقت هي مأزومة أصلاً في العلاقات المشتعلة بين مكوناتها، وها هي تداعيات اللقاء بين وزير الخارجية جبران باسيل بنظيره السوري وليد المعلّم مستمرة، وتكشف مزيداً من التفسّخ الحكومي ربطاً بالسجال الساخن بين حليفي «التسوية الرئاسية»؛ أي تيار «المستقبل» و«التيار الوطني الحر».
البديهي في هذا الوضع المحيّر سياسياً، والدقيق مالياً وشعبياً، افتراض انّ الحكومة ستدخل الى مجلس الوزراء وفي يدها حبل النجاة من هذا المأزق، الّا انّ هذه الفرضية تندرج في سياق التمنّي لا أكثر، خصوصاً انّ الحكومة نفسها ومنذ تشكيلها الى اليوم لم تقدّم دليلاً واحداً على أنها تملك القدرة على ابتداع الحلول المطلوبة والموضوعية للقضايا الشائكة.
فضلاً عن انّ الاجواء الحكومية السائدة عشيّة جلسة مجلس الوزراء المقررة اليوم، تَشي بارتباك واضح، وضغط كبير تتعرّض له من التحركات المطلبية التي بدأت بإضراب في الادارات أمس، وتستكمل اليوم بإضراب عام. وكذلك ضغط سياسي لبدء السير بقانون السلسلة.
وبرز في هذا السياق مطالبة رئيس مجلس النواب نبيه بري الحكومة بتطبيق القانون، الّا انه غَمز من قناة المجلس الدستوري بطريقة بالغة الدلالة وتنطوي على اتهامات مبطّنة حينما قال: «انّ حكم المجلس الدستوري لم تأت به الملائكة».
إذاً، على قرار الحكومة في شأن السلسلة اليوم، تَتحدّد صورة البلد. وبحسب الاجواء السائدة فإنّ المخرج المتداول عشيّة الجلسة هو عدم التسبّب بإشعال فتيل الشارع الذي يمكن في حال انفجر بتحركات واعتصامات، ان يخلق تطورات غير متوقعة ويمكن ايضاً ان تذهب الامور الى ما لا تحمد عقباه.
وتبعاً لذلك، فإنّ المخرج المرجّح هو التأكيد على تنفيذ قانون السلسلة ودفع الرواتب للموظفين آخر الشهر الجاري على أساسها، خصوصاً انّ وزير المالية علي حسن خليل اكّد انه أعدّ جداول الرواتب وفق السلسلة الجديدة.
امّا الضرائب فيؤخذ شهر تشرين الثاني المقبل فرصة لإيجاد وتحديد مصادر تمويل السلسلة، علماً انّ خبيراً اقتصادياً قال لـ«الجمهورية»: «كل القضايا التي أشار اليها قرار المجلس الدستوري يمكن ان تقارب بموضوعية كلية وتحلّ بـ 48 ساعة في مجلس النواب».
الجرّاح
وتحدث وزير الاتصالات جمال الجرّاح «عن سيناريوهات عدة مطروحة حول قانون السلسلة الذي اصبح نافذاً، وقد اكد الرئيس سعد الحريري على نفاذه وعلى حق الموظفين بالسلسلة».
وقال لـ«الجمهورية»:»يُدرس حالياً إمكانية ان تدفع وزارة المال الرواتب على الاساس الجديد، وما هي انعكاساتها المالية، وان يتم الاخذ في الوقت نفسه بملاحظات المجلس الدستوري ويعاد صياغة القانون ويرسل الى المجلس النيابي.
وهنا يوجد خياران: امّا ان يرسل بقانون منفصل الى المجلس النيابي يأخذ في الاعتبار ملاحظات المجلس الدستوري، او يُضمّن الموازنة ويُقرّ ضمنها. طبعاً كل سيناريو أمامه بعض العقبات التي تجري محاولات لتذليلها».
ولدى سؤاله: هل يمكن القول انّ الحل سيتولّد عن مجلس الوزراء اليوم؟ اجاب الجرّاح: «إن شاء الله».
قانصو لـ«الجمهورية»
وقال الوزير علي قانصو لـ«الجمهورية»: انّ «مجلس الوزراء سيستكمل اليوم النقاش الذي بدأناه في جلسة الاحد، وكان هناك توجّه بأن تصرف وزارة المال رواتب هذا الشهر على أساس السلسلة شرط ان تكون القوى السياسية مستعدة وعندها ارادة بأن تُنجز إعادة صياغة المداخيل على ضوء ملاحظات المجلس الدستوري، وان تنجز الموازنة وقطع الحساب خلال مدة أقصاها شهر.
اي الدولة تستطيع ان تتحمّل تبعات السلسلة لشهر، وبالتالي بتنا معنيين بأن نرتّب المسائل التي اثارها المجلس الدستوري خلال شهر اذا شئنا التمكّن من الصرف بشكل دائم تبعات السلسلة، والّا تكون الحكومة استطاعت ان تصرف شهراً لا غير».
«التيار»
وأكدت مصادر «التيار الوطني الحر» لـ»الجمهورية» على ضرورة «وضع قطع الحساب والموازنة أولاً، والتي يجب ان تتضمّن كل الايرادات والنفقات بما فيها أي مواد ضريبية يتمّ التوافق عليها والاعتماد على الوَفر المحقق في لجنة المال والموازنة من ضمن الايرادات المطلوبة لتمويل السلسلة».
وشدّدت المصادر على «احترام مبدأ شمولية الموازنة وقطع الحساب المدقّق حسب الأصول من ديوان المحاسبة بموجب المادة ١٩٥ من قانون المحاسبة العمومية، وذلك وفقاً لِما جاء ايضاً في متن قرار المجلس الدستوري، على ان يطرح ايّ تعديل على المواد الضريبية من ضمن الموازنة وليس من خلال قانون مستقلّ، لأنه لا حاجة لذلك طالما أنّ مشروع الموازنة موجود في المجلس النيابي».
السراي
وقالت مصادرالسراي الحكومي لـ«الجمهورية»: «الإتصالات التي تكثّفت على أكثر من مستوى انتهت الى عدد من المخارج التي يمكن القيام بها حكومياً ونيابياً، بعدما سقطت بعض النظريات التي قادت الى سجالات متناقضة في جلسة الأحد الفائت».
وأشارت الى «انّ المساعي التي بذلت وشارك فيها عدد من الخبراء الدستوريين والاقتصاديين، قَلّصت هوامش الخلافات وباتت المخارج المطروحة أقرب الى الواقع».
وأكدت «انّ الحديث عن تجميد تطبيق القانون 46 الخاص بالسلسلة لشهر او شهرين تمّ تجاوزه، والحكومة لن تقدم على هذه الخطوة لأنها ليست هي من تمتلك الصلاحية بذلك، بل مجلس النواب».
البلد مشلول
وحذّر خبير اقتصادي من لجوء الحكومة الى المماطلة، أو ذهابها الى خطوات غير مدروسة لأنها قد تستولد ردود فعل سلبية. وقال لـ«الجمهورية»: «الحلول لا يمكن ان تنتظر اياماً او اسابيع، والحاجة ماسّة للبَتّ بها اليوم قبل الغد، خصوصاً انّ الحكومة ومعها الأجهزة الأمنية المختصة اختبرت رَدّ فعل الشارع والنقابات حتى تلك التي تجاري السلطة سياسياً وحزبياً، وها هي امام جولة جديدة اليوم مع إضراب شامل بالتزامن مع جلسة مجلس الوزراء قبل ظهر اليوم».
ومن المتوقع ان تشهد ساحة رياض الصلح تحركات شعبية، ويستمر الاضراب في الادارات العامة والمدارس الخاصة والرسمية والمصالح المستقلة، علماً انّ يوم أمس شهد التزام الادارات العامة والمستشفيات والمدارس الحكومية وبعض المدارس الخاصة بقرار الاضراب الصادر عن الاتحاد العمالي العام وهيئة التنسيق النقابية.
وسُجّل أمس اكثر من موقف من الهيئات النقابية في القطاعات كافة، يدعو الى الاستمرار في الاضراب ويرفض اقتراح تعليق العمل بالسلسلة لمدة شهر.
الضرائب موضع نزاع
وبرزت مواقف متناقضة لطرفي الانتاج والعمّال وأرباب العمل حيال الضرائب. واذا كان الطرفان سلّما بضرورة وجود ضرائب لتغذية الخزينة، فإنّ لكلّ طرف لاءاته في نوعية الضرائب المطلوبة.
وفي حين تطالب الهيئات الاقتصادية بضرائب لا تؤذي الدورة الاقتصادية، ولا تتضمّن ازدواجاً ضريبياً، يصرّ الاتحاد العمالي على عدم المساس بالفئات الشعبية التي طالبت بإلغاء كل الضرائب التي طالتها في المشروع السابق، بما فيها ضريبة القيمة المضافة.
وقال رئيس الاتحاد العمالي بشارة الاسمر لـ«الجمهورية» انّ الاتحاد «يؤيّد فرض الضرائب على الفئات المقتدرة وعلى الريوع الكبيرة من مصارف وشركات مالية وعقارية ورؤوس الاموال التي سَطت على الأملاك البحرية والنهرية».
ورفض رفضاً قاطعاً ما يتمّ اقتراحه حالياً حول رفع الضريبة على القيمة المضافة الى 12 في المئة، معتبراً انّ النقاش حول الضرائب اليوم هو تهرّب من دفع السلسلة هذا الشهر.
عون في الايليزيه
من جهة ثانية، بدأ الرئيس عون زيارة دولة الى فرنسا إلتقى في مستهلّها الرئيس الفرنسي في قصر الايليزيه، وأجريا محادثات عقدا بعدها مؤتمراً صحافياً مشتركاً، شدّد خلاله ماكرون على انّ «لبنان يجب أن يبقى نموذجاً للتعددية والديموقراطية»، ونَوّه بـ»التقدم الذي أنجز في لبنان منذ انتخاب رئيس».
واذ لفت الى انّ «رئيس الحكومة سعد الحريري يعمل بشكل فعّال لإعادة إطلاق الاقتصاد اللبناني»، أشار الى انّ «لبنان واجه مثل فرنسا ضربات كبيرة من الارهاب»، وحَيّا صمود الجيش اللبناني، مُعلناً عن قرار فرنسي بـ«تعزيز وتقوية الدعم للبنان»، قائلاً: «سنستجيب لحاجات الاجهزة الامنية اللبنانية من أجل تقديم معرفتنا وخبرتنا في مكافحة الارهاب».
وتوجّه ماكرون الى عون بالقول: «فرنسا بحاجة الى دولة قوية في لبنان وهي تشجّع ذلك، وانتخابكم في هذا الخصوص مهم»، وتابع: «لبنان يحمل اليوم عبئاً كبيراً وثقيلاً بسبب أزمة النازحين ونريد العمل بشكل فعّال حول هذه المسألة، والسلطات اللبنانية تثبت عن التزام وشعور أخلاقي كبير، لكن نريد إيجاد حل سياسي للأزمة السورية».
وقال: «نودّ أن نعمل لتنظيم مؤتمر للمستثمرين لمساعدة لبنان من أجل اعادة إطلاق الاقتصاد»، مشدداً على انّ «الحفاظ على سياسة النأي بالنفس إزاء النزاعات أفضل وسيلة للحفاظ على استقرار لبنان، ولكن كي نتمكن من حل مسألة النازحين نحن بحاجة الى حل سياسي».
من ناحيته، أعلن الرئيس عون انّ «الجيش الاسرائيلي يستمرّ في انتهاك الاراضي اللبنانية»، لافتاً الى انّ «تطبيق القرار 1701 أولوية بالنسبة للبنان للحفاظ على السلام في المنطقة». وأكّد «ضرورة تنظيم عودة النازحين الى بلادهم لا سيما أنّ معظم المناطق في بلادهم أصبحت آمنة»، لافتاً الى انه «يجب أن تتمكن الأمم المتحدة من الوصول الى حلّ والعمل على عودة النازحين الى بلادهم إبتداءً من الآن». وأعلن الرئيس عون أنه وجّه دعوة الى الرئيس الفرنسي وزوجته لزيارة لبنان في الربيع المقبل.
اللواء
برّي يعارض تعليق السلسلة.. والقرارات تتأرجح بين الدفع والتأجيل
خلاف لبناني – فرنسي حول التطبيع مع النظام وعودة النازحين السوريين.. واتفاق على تنشيط الشراكة
بدورها تناولت اللواء الشأن الداخلي وكتبت تقول “على طاولة مجلس الوزراء قبل ظهر اليوم قرارات مهمة تتعلق برواتب موظفي القطاع العام، سيعرضها ويطالب بها وزير المال علي حسن خليل.
فقد علمت «اللواء» ان من أبرز هذه القرارات:
1- دفع الرواتب وفقاً للجداول الجديدة على أساس سلسلة الرتب والرواتب التي تضمنها القانون رقم 46.
2- طلب سلفة خزينة، توفّر التغطية المالية للسلسلة، ريثما يعاد النظر بقانون الضرائب المبطل..
3- ويأتي هذان الاجراءان أو القراران في ضوء حزمة إجراءات أخرى تلي ذلك، وتتصل بالعمل المشترك بين الحكومة والمجلس النيابي، في ضوء تأكيد رئيس المجلس النيابي نبيه برّي ان قانون السلسلة صدر وينبغي ان تنفذه الحكومة وتوفير التمويل اللازم لذلك.
وفي ضوء القرارات اليوم، يمكن لوزارة المال إصدار تحويلات صرف الرواتب، إلى المصارف بدءاً من اليوم أو غداً، مما يجنب تأخير الرواتب وتفاقم الوضع. وإذا ما سارت الأمور على هذا النحو، فإن اقتراح تعليق السلسلة لمدة شهر أو شهرين يكون سحب من التداول.
وأبدت مصادر سياسية رفيعة المستوى ارتياحها لخطوة وزير المال علي حسن خليل بدفع رواتب الموظفين على اساس سلسلة الرتب والرواتب الجديدة، وتوقعت المصادر ان يتخذ مجلس الوزراء اليوم قرارا ضمن هذه الروحية تريح الشارع، وكشفت هذه المصادر عن حركة اتصالات ومشاورات كثيفة جرت بعيدا عن الاعلام من اجل الوصول الى حل للمأزق المالي.
وتساءلت المصادر عن سبب تمسك واصرار النقابات النقابية بالنزول الى الشارع والقيام باعتصامات وتظاهرات قبل معرفة القرار الذي سيتم اتخاذه خلال جلسة مجلس الوزراء ودعت الى التروي وعدم التصعيد وعدم استغلال الشارع.
الا ان مصادر أخرى، اشارت إلى ان خيار تعليق السلسلة إلى وقت محدود جداً، وإرسال مشروع قانون جديد للضرائب معدلة، ريثما يتوفر التمويل للسلسلة بصورة دائمة، لتجنب الخطر اليوناني.
ومن شأن القرارات المتوقعة اليوم ضمن المسار الإيجابي ان تنهي الحراك الوظيفي – النقابي في الشارع، وتعدل هيئة التنسيق النقابية عن الإضراب المفتوح الذي تزمع تنفيذه، في حال كان مسار مجلس الوزراء سلبياً، أو تأجيلياً، وهي تعتصم اليوم، بدعم من الاتحاد العمالي العام قبالة السراي الكبير حيث يجتمع مجلس الوزراء.
أزمة السلسلة
سياسياً، عدا عن اللقاءات القليلة التي عقدها في السراي الحكومي، بقي الرئيس الحريري متابعاً للاتصالات الجارية لمعالجة تداعيات قرار المجلس الدستوري بوقف تنفيذ قانون الضرائب الممولة لسلسلة الرتب والرواتب، على إيقاع أصداء الاعتصامات والاضرابات التي عمت مختلف القطاعات النقابية والعمالية والتربوية، ومعلومات الأجهزة الأمنية التي توقعت احتمال تحريك الشارع بموجة من التظاهرات اليوم بالتزامن مع جلسة مجلس الوزراء، وهو أكّد لزواره أمس، ان الأولوية لديه هي لإقرار الموازنة وتمويل السلسلة لضمان الاستقرار المالي والنقدي في لبنان.
وفي الاطار نفسه، دعت مصادر وزارية متابعة للموضوع الى «الانتظار ساعات قليلة ليتبين الخيط الابيض من الخيط الاسود، حول الاجراءالذي ستتخذه الحكومة والكتل النيابية لايجاد البدائل القانونية والدستورية للقانون الذي أبطله المجلس الدستوري، واكدت ان اي طرف في الحكومة ليس ضد تنفيذ السلسلة لأنهاحق لا يستطيع احد الخروج عنه، وما أعلن بعد جلسة الحكومة الاحد هو التوجه والقرار الذي اتخذناه بالاجماع، ولننتظر الى جلسة الغد (اليوم) لنعرف الوجهة التي ستتخذ».
وقال الوزير محمد فنيش لـ»اللواء» ردا على سؤال حول متى وكيف سيتم دفع الرواتب وفق مترتبات السلسلة؟: لا جواب حتى الان قبل تعديل قانون الضرائب، وهناك امور كثيرة بحاجة الى بحث ولن ندخل في التفاصيل، المهم ان رواتب السلسلة ستدفع بمفعول رجعي من تاريخ اقرارها في 21 اب ولو تأخر الدفع قليلاً، وقال: هناك من يعمل في وزارة المالية على وضع التعديلات على قانون الضرائب ليكون منجزا في اقرب وقت، وربما يعرضه علينا وزير المال في الجلسة اذا تم الانتهاء منه.
وبالفعل، أعلن المكتب الاعلامي لوزير المالية علي حسن خليل عصر امس، «أن الوزارة حضرت جداول دفع الرواتب وفق السلسلة الجديدة التزاما منها بالقانون النافذ، وانه سيؤكد هذا الأمر في جلسة مجلس الوزراء غدا(اليوم).كما أنجز وزير المالية التعديلات المتعلقة بالضرائب التي أشار اليها قرار المجلس الدستوري تمهيدا لإقرارها وفق الاصول.
وقال نائب رئيس الحكومة وزير الصحة غسان حاصباني لـ«اللواء»: سننتظر ما سيتم عرضه علينا في جلسة مجلس الوزراء، لكني ارى ان حل المشكلة هو بيد مجلس النواب لا الحكومة، فهومن يجب ان يضع قانون الضرائب من ضمن الموازنة، حتى لا يحصل طعن مجددا بالقانون، عدا عن ان المشكلة الاكبر التي تعيق إقرار الموازنة هي موضوع قطع الحساب للموازنات القديمة وما لم يجرِ حل هذا الموضوع فمن الصعب ان تمرالموازنة. واضاف: لذلك نقول انه كان من الافضل لواننا عملنا منذ البداية وفق الدستور والقانون بدل التوافق السياسي الذي قد لا يدوم ويكون عرضة للطعن او المساءلة.فلنطبق الدستور اولاً.
في هذا الوقت، برز إلى الواجهة السياسية ما يشبه «الكباش» بين الرئاستين الأولى والثانية، أعطى انطباعاً للبعد السياسي للطعن بالقانون الضريبي، فيما أعلن الرئيس ميشال عون في الطائرة التي اقلته من بيروت إلى باريس، ان السلسلة ستطبق، وإذا حصل بعض التأخير التقني فيها سيتم استدراكه في وقت لاحق من خلال الاعتمادات المتوافرة لدى وزارة المال، ألمح الرئيس نبيه برّي إلى تسييس المجلس الدستوري، بقوله ان «حكم الدستوري لم تأتي به الملائكة»، مشيرا إلى ان المجلس النيابي هو الذي يسن القيود دستوريا وليس من يشن عليه القيود، الا إذا أصبحت مخالفة الدستور قضية فيها نظر».
وكشف موقف الرئيس برّي ميلا صريحا إلى معارضة توجه الحكومة إلى تعليق العمل بقانون السلسلة باعتبار ذلك خروجاً على النظام الدستوري، وكذلك إلى الربط بين قانون السلسلة والموازنة العامة، مثلما يرى ذلك الرئيس عون ومعه المجلس الدستوري بينما يراه برّي من قبيل التعمد لوضع العراقيل امام تنفيذ قانون نافذ، لا يمكن إيقاف تنفيذه الا بقانون.
عون في باريس: ذكريات المنفى
وكان الرئيس عون، وصل إلى باريس ظهر أمس، بادئاً زيارة دولة تستغرق أربعة أيام، أعادت إلى الأذهان، ذكريات المرحلة التي امضاها في المنفى الباريسي قبل 26 عاما، وما تخللها من محطات وعلاقات مع الرؤساء الفرنسيين السابقين، إلى ان تكرست في 25 أيلول 2017 بين رئيسين للجمهورية بين البلدين الصديقين.
وبدا الرئيس عون، في اليوم الأوّل من الزيارة والذي كان حافلا بمحطات الاستقبال الرسمي والتكريم مرتاحا لحفاوة الاستقبال، بما يتلاءم مع عنوان الزيارة ومع المحادثات التي أجراها مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في قصر الاليزيه، سواء الثنائية حيث امتدت الخلوة لنحو ساعة ووصفت بأنها «ممتازة» أو الموسعة والتي شارك فيها وزير الخارجية جبران باسيل لدى وصوله مباشرة من لاس فيغاس في الولايات المتحدة، إلى جانب أعضاء الوفد المرافق.
وكشف مصادر الوفد لمندوبة «اللواء» ان موضوع النازحين السوريين تصدّر هذه المحادثات إلى جانب الوضع في الشرق الأوسط، والعلاقات الثنائية. واتفق على متابعة موضوع النازحين بين وزيري خارجية البلدين لوضع خطة عمل مشتركة مع المنظمات الدولية التي تُعنى بشؤون هؤلاء.
وفهم ان الجانب الفرنسي الذي يتفهم هواجس لبنان الرسمي من تداعيات استمرار هذا النزوح، يرى انه بإمكان لبنان الاستمرار في استضافة النازحين إلى حين توفّر الظروف السياسية والأمنية الضرورية لكي تكون عودة النازحين آمنة. ومعلوم ان الفرنسيين ليس لديهم مبادرة في هذا الشأن باستثناء رعايتهم بمجموعة الاتصال التي أجتمعت في نيويورك وزكت دخول ايران على خط هذا ا لملف، وهم يأملون ان يكون للبنان دور لاقناع الدول المناوئة لإيران بدورها التنسيقي في مجموعة الاتصال، بما يؤدي إلى شبه عملية دمج بين هذه المجموعة والعملية الجارية في استانة، خاصة وأن لبنان مدعو إلى هذا المؤتمر كمراقب.
وفي المؤتمر الصحفي المشترك الذي اعقب المحادثات الموسعة، لفت الرئيس عون الىان الحرب في سوريا باتت قريبة من وضع اوزارها، وأن بوادر الحل السلمي بدأت تلوح في الأفق، مشددا على ضرورة تنظيم عودة النازحين السوريين إلى بلادهم لا سيما وأن مناطقهم باتت آمنة وعلى الأمم المتحدة العمل على ذلك.
لكن مصدرا سياسيا في الوفد المرافق لعون، دافع بشدة عن سياسة تطبيع العلاقة مع النظام السوري، في سياق تبرير اللقاء الذي عقده الوزير باسيل مع نظيره السوري وليد المعلم في نيويورك، وقال هذا المصدر: «انتظروا عدّة أسابيع، فالامور إقليمياً ودوليا قابلة للتغيير، والجميع سيتهافت للتنسيق مع النظام السوري.
المشنوق: تحول سياسي
وبطبيعة الحال، فإن موقف الوفد المرافق للرئيس عون، سيكون له صدى سلبي في بيروت متصل بصدى لقاء باسيل – المعلم، والذي اعتبره وزير الداخلية نهاد المشنوق، بدّ زيارته لمفتي الشيخ عبد اللطيف دريان في دار الفتوى، بأنه «يشكل تحولا سياسيا كبيرا وليس خلافا عابرا، مشددا، بما يشبه الرد الضمني على الوزير باسيل، بأن «المصلحة الوطنية يحققها التضامن الحكومي ولا يحققها وزير لوحده، ايا كان هذا الوزير.
الإضراب
نقابيا، شل الإضراب العام البلاد وعطل انطلاقة العام الدراسي الجديد، بالإضافة إلى المدارس الخاصة، بدعوة من هيئة التنسيق النقابية، التي عقدت مؤتمرا صحافيا في مقر نقابة المعلمين، بمشاركة قيادة «العمالي» أعلنت خلاله عن اعتصام اليوم امام القصر الحكومي.
وحذرت الهيئة الحكومة من عدم تنفيذ قانون السلسلة ودفع مستحقات المستفيدين نهاية هذا الشهر على أساس الراتب الجديد. كما حذروا من ان عدم تنفيذ القانون سوف يؤدي إلى إضراب مفتوح يشل جميع القطاعات ومرافق الدولة والمصالح المستقلة وتعطيل العام الدراسي حتى يتم دفع المستحقات كاملة على أساس الراتب الجديد.
البناء
أردوغان يُعلن وقف تصدير نفط كردستان… ومناورات عسكرية لبغداد وأنقرة وطهران
«فَعَلَها» البرزاني فصفّقت «إسرائيل»… وبدأ إقفال الحدود العراقية التركية الإيرانية
عون من الأليزيه: أولويتنا عودة النازحين… وارتباك حريري بالسلسلة… وباسيل
صحيفة البناء كتبت تقول “الحدث في كردستان والمنطقة برمّتها تحبس أنفاسها وترقص على صفيح ساخن. فالخطوة التي عزم رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني على المضيّ فيها حتى النهاية، رغم كلّ التحذيرات والنصائح تذهب بلعبة العبث بالجغرافيا والاستقرار في المنطقة إلى حافة الهاوية، وتضع أكراد العراق في مقدّمة المعرّضين لخطر خسارة ميزات استقلال فعلي كان لهم فيه برلمان وحكومة وجيش ومالية، وسيطرة غير شرعية على موارد النفط، وانتعاش اقتصادي وعمران وازدهار سياحي واستثماري حتى قورنت أربيل بدبي، ليحلّ مكان كلّ ذلك قطع موارد النفط، وإغلاق أجواء ومعابر برية ومناورات عسكريةز والمشهد الذي لم يجد له مصفقاً إلا «إسرائيل»، وجد دعماً إعلامياً غير ظاهر من القنوات السعودية والإماراتية، بينما تلاعبت واشنطن بالأكراد بإيفاد شخصيات مثل زلماي خليل زادة وسفراء سابقين يرافقونه لمشاركة البرزاني احتفالات الاستفتاء، وبقيت التصريحات الرسمية تراعي عدم القطيعة مع العراق وتركيا، فيما لو تمّت المجاهرة بالتأييد للانفصال، لتكون مقامرة بالأكراد يدفعون ثمنها، والأميركي و»الإسرائيلي» يلعبان بالوقت الذي ينفد من صندوق داعش ويراد استبداله بصندوق الأكراد لإرباك المنطقة وقواها، خصوصاً محور المقاومة وانتصاراته، وضمان بعض الطمأنينة للقلق «الإسرائيلي».
فعلها البرزاني، وصفقت «إسرائيل»، وبدأت الخطوات التي تضمّنتها الخطة العراقية التركية الإيرانية تسلك طريقها، فأعلن الرئيس التركي رجب أردوغان إقفالاً متدرّجاً للمعابر البرية والجوية ولبيع النفط المتدفق من كردستان، وبدأت إيران بإقفال الأجواء وأطلقت مناورات عسكرية على الحدود، ومثلها فعل الجيشان التركي والعراقي، ودخلت المنطقة في شدّ حبال قال الرئيس التركي إنّ الخيار العسكري فيه موضوع على الطاولة عند الضرورة.
في سورية ميدان يحقق المزيد من الانتصارات، خصوصاً في ريفي إدلب والرقة ودير الزور لحساب الجيش السوري والحلفاء، ومواقف سياسية لوزير الخارجية السوري وليد المعلم، تضع تركيا في امتحان إثبات النية بتصحيح المواقف عبر بوابة أستانة والمسؤوليات التركية في إدلب، وتؤكد الحلف المتين مع روسيا وإيران والمقاومة، مشيراً إلى أن سورية دخلت مرحلة كتابة الفصل الأخير من الحرب، وأن تغيّر مواقف الدول التي شاركت في الحرب بات ملموساً، مؤكداً أنّ مشاركة الأوروبيين في إعمار سورية مشروط برفعهم للعقوبات الظالمة التي فرضوها على سورية، مشيراً إلى لقائه بوزير الخارجية جبران باسيل كتعبير طبيعي عن علاقات البلدين، معبّراً عن راحته لمضمون اللقاء.
لقاء المعلم – باسيل لا يزال مصدر ارتباك لتيار المستقبل ورئيسه رئيس الحكومة سعد الحريري، الذي أوكل مهمة تناول اللقاء لوزير الداخلية نهاد المشنوق منعاً لتصعيد العلاقة مع باسيل والتيار الوطني الحرّ، ومع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على وجه الخصوص، الذي فتح من باريس ملف عودة النازحين، مؤكداً أن هذا الملف أولوية للعهد، فيما قالت مصادر مطلعة إن رئيس الجمهورية سيحمل إلى الحكومة بعد عودته من باريس مخارج جدية لارتباكها في قضيتي النازحين ومن خلالها العلاقة مع سوريا من جهة، وسلسلة الرتب والرواتب ومن خلالها قضية الموازنة والضرائب من جهة ثانية، وأن المخارج ستراعي بعضاً من إحراج رئيس الحكومة، لكنها لن تساوم على الثوابت، كدفع الرواتب وفقاً لقانون السلسلة، وضمّ الضرائب للموازنة، أو كفتح قناة التنسيق الحكومية الرسمية مع الحكومة السورية في ملف النازحين، ولم تستبعد أن يستخدم رئيس الجمهورية صلاحية توجيه رسالة للمجلس النيابي بصدد ملف الضرائب والموازنة، أو أن يستخدم حقه بإيفاد وزير الخارجية كمبعوث رئاسي إلى دمشق.
اتجاه حكومي الى دفع السلسلة وتعليق المادة 87
على وقع الإضرابات التي عمت مختلف القطاعات النقابية والعمالية والتربوية أمس وتستمر اليوم، تتجه الأنظار الى السراي الحكومي والى القرارات التي من المتوقع أن يتخذها مجلس الوزراء في جلسته برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري لمواجهة الأزمة التي خلفها قرار المجلس الدستوري إبطال قانون الضرائب، بينما يترقب موظفو القطاع العام مصير سلسلة الرتب والرواتب التي أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمس، بأنها «ستُطبق واذا حصل بعض التأخير التقني فيها سيتم استدراكه في وقت لاحق من خلال الاعتمادات المتوافرة لدى وزارة المال». بينما قال رئيس المجلس النيابي نبيه بري إن «حكم» «الدستوري» لم تأت به الملائكة»، مشيراً إلى أن «المجلس النيابي هو الذي يسنّ القيود دستورياً وليس مَن تُسنّ عليه القيود».
فما هي خطوات مجلس الوزراء التي ستسمح بصرف الرواتب وتراعي الثغرات التي حدّدها المجلس الدستوري في قراره؟ وهل سيتّجه مجلس الوزراء الى تعليق المادة 87 من الدستور لتسهيل إقرار الموازنة وضمّ الضرائب الجديدة إليها، كما أوصى الدستوري؟
مصادر وزارية مطلعة قالت لـ «البناء» إن مجلس الوزراء سيتخذ إجراءات طارئة اليوم للخروج من الأزمة، وأبرزها:
تعليق المادة 87 من الدستور لثلاثة أو أربعة أشهر لتسهيل إقرار الموازنة، وبالتالي ضم الضرائب الجديدة الى الموازنة، والمادة المذكورة تلزم الحكومة بقطع حساب الموازنات السابقة قبل إقرار الموازنة. وبرأي المصادر تكون الحكومة بذلك قد خطت الخطوة الأولى على طريق تنفيذ قرار المجلس الدستوري.
ثانياً: سيعلن مجلس الوزراء التزامه بتنفيذ سلسلة الرتب والرواتب لوجود قانون من المجلس النيابي، وبالتالي لا تستطيع الحكومة إيقاف العمل بالقانون إلا بقانون وليس بمرسوم.
ثالثاً: البحث عن إيرادات ضريبية جديدة لصرف الموازنة والسلسلة وتعديل الأخطاء الواردة في قانون الضرائب، كما ورد في قرار الدستوري المتعلّقة بالضرائب على الأملاك البحرية وعلى مداخيل الشركات الكبرى.
وأكدت المصادر أن «السلسلة ستدفع هذا الشهر، وأن الرئيس عون مصرّ على تنفيذ قانون السلسلة بعد الأخذ بتعديلات المجلس الدستوري».
وعلمت «البناء» أن «اتصالات ولقاءات مكثفة تمت خلال اليومين الماضيين على خط بعبدا عين التينة بيت الوسط وبين رئيس الحكومة ووزير المالي علي حسن خليل، لتدارك الأزمة واحتواء الغضب الشعبي الذي يتّسع في الشارع، لا سيما بعد أن شاهد المعنيون حجم المشاركة الواسعة في إضراب أمس».
لكن ماذا لو لجأ عشرة نواب الى الطعن بتعديل المادة 87 أو بالتعديلات الجديدة على الضرائب؟ فهل ستتجدّد الأزمة الشهر المقبل؟
خبراء ماليون أوضحوا لـ «البناء» أن «مسألة تعديل أو تعليق الدستور ليست سهلة في ظل التجاذبات السياسية في البلد، ويشكّل سابقة قد تتكرّر في أي أزمة مالية أو سياسية في المستقبل». وأشاروا إلى أن «تعليق العمل بمادة في الدستور تشوبها بعض الإشكالات القانونية وتفتح المجال أمام تقديم طعن جديد إلى المجلس الدستوري، الأمر الذي سيخلق ازمة جديدة».
وتساءل الخبراء: ماذا لو استمر تعليق المادة 87 إلى وقت طويل وأُقرت الموازنة من دون قطع الحساب؟ فماذا عن مصير مبلغ الـ11 مليار دولار التي صرفت من خارج الموازنة في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة؟ وكيف سيُستردّ المال العام الى خزينة الدولة ومَن سيحاسب على هذا الهدر؟
ولفت الخبراء الى أن «مجلس الوزراء بات ملزماً دفع السلسلة بموجب القانون الجديد الذي تمّ نشره في الجريدة الرسمية»، ورجحوا أن يلجأ المجلس في جلسته اليوم الى اتخاذ قرارات تخفيض الإنفاق كتمويل جمعيات وهمية وإيجارات مبانٍ لحساب الدولة ومستشارين لا عمل لهم في الوزارات».
ولفتوا إلى أن «الحكومة تحاول تمرير ضرائب جديدة على المواطنين بحجة دفع سلسلة الرتب والرواتب من دون اعتماد سياسة الإنفاق، حيث يذهب جزء كبير من موازنات الوزارات كإنفاق على المقرّبين من الوزراء والنواب والسياسيين».
ورجّحت المصادر أن تعمل الحكومة على تصحيح قانون الضرائب وضمّها إلى مشروع الموازنة. وفي السياق كشف وزير العدل سليم جريصاتي لقناة «أو تي في»: أن العمل بدأ على صياغة جديدة للضرائب لإقرارها مجدداً».
وأعلن وزير المالية علي حسن خليل أن الوزارة حضّرت جداول دفع الرواتب وفق السلسلة الجديدة التزاماً منها بالقانون النافذ، وأنه سيؤكد على هذا الأمر في جلسة مجلس الوزراء اليوم، كما أنجز الوزير خليل التعديلات المتعلقة بالضرائب التي أشار إليها قرار المجلس الدستوري تمهيداً لإقرارها وفق الأصول.
.. والإضراب مستمرّ
ويبدو أن الإضرابات والاعتصامات آخذة في التوسّع بعد انضمام الكثير من نقابات العمال والمؤسسات التربوية الخاصة والرسمية، ونفذ الاتحاد العمالي العام وموظفو الإدارة العامة وهيئة التنسيق النقابية إضراباً عاماً أمس، مطالبين السلطة بصرف الرواتب الجديدة، كما أقرّت في سلسلة الرتب والرواتب، وأعلنوا استمرار تنفيذه تحذيرياً غداً اليوم.
وأعلنت رابطة موظفي الإدارة العامة، الإضراب المفتوح في الإدارات كلها ابتداء من اليوم، الى حين اتخاذ القرار بتحويل رواتب موظفي القطاع العام على أساس القانون رقم 46.
تفاعل سجال باسيل – المشنوق
على صعيد آخر، تفاعل الاشتباك السياسي بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل على خلفية لقاء وزير الخارجية جبران باسيل ووزير الخارجية السوري وليد المعلم. وبعد أن ردّ الوزير باسيل على تصريحات وزير الداخلية نهاد المشنوق بأنها «تندرج في إطار الصوت التفضيلي لا أكثر ولا أقل»، اتخذ وزير الداخلية من دار الفتوى منبراً للتصويب على باسيل وعلى رئيس الجمهورية، حيث أكد أن لقاء باسيل – المعلم «يضرّ بالتضامن الحكومي، ويخالف التسوية السياسية التي قامت عليها الحكومة».
وقال بعد لقائه مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان: «ما جرى يعبّر عن تحوّل سياسي كبير وليس عن خلاف صغير داخل الحكومة»، في حين أوضح عضو كتلة المستقبل النائب أحمد فتفت من وزارة الداخلية «أن أحداً لن يجرّنا إلى المحور السوري – الإيراني».
وقالت مصادر حكومية لـ «البناء» إن السجال حول لقاء باسيل – المعلم وملف النازحين لن يطرح في جلسة مجلس الوزراء اليوم، وأشارت الى أن «هذا الملف سيبحث في جلسة مقبلة في بعبدا بعد عودة رئيس الجمهورية من فرنسا»، غير أن مصادر بعبدا أشارت لـ «البناء» الى أن «الرئيس عون مصرّ على التنسيق بين الحكومتين اللبنانية والسورية في ملف النازحين ولن يتراجع في هذا الملف لإعادة آخر نازح سوري الى سورية في أقرب وقت». ويأتي موقف عون هذا بعد أن استشعر خطراً خلال وجوده في الأمم المتحدة من مشروع أميركي «إسرائيلي» لتوطين اللاجئين في الدولة المضيفة. الأمر الذي أعلنه الرئيس الأميركي بوضوح»، ولفتت المصادر الى أن «الرئيس عون مصرّ رغم اعتراض بعض القوى السياسية التي ستقر في النهاية بصوابية رؤيته، فلا يمكن اللعب في هذا الملف»، مؤكدة أن «الرئيس عون سيتوصل مع الرئيس الحريري الى صيغة للتنسيق مع الحكومة السورية رسمياً»، مستبعدة «سقوط الحكومة او اهتزازها، فلا مصلحة لأحد بذلك».
عون من الاليزيه: لبنان لن يقبل التوطين
واعتبر الرئيس عون أن «عودة النازحين تكون في عدم تحويل القضية أمراً واقعاً للتوطين، لأن لبنان لا يمكن أن يقبل بهذا الأمر تحت أي ظرف كان»، لافتاً الى «أن الهدف من عودة النازحين يكمن في إنهاء معاناتهم الإنسانية، خصوصاً أن لا قدرة للبنان على تأمين متطلباتهم».
وأكد عون بعد لقائه نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون من الإليزيه أن «تطبيق القرار 1701 هو أولويتنا للحفاظ على السلام في المنطقة ونحيي الدور الهام الذي تلعبه القوات الفرنسية ضمن قوات اليونيفيل»، مشيراً إلى «أننا توقفنا سوياً عند أهمية عودة النازحين السوريين إلى بلادهم وأبلغت الرئيس ماكرون أننا مع العودة الآمنة لهم».
وأشار الى أن «الحرب في سورية باتت قريبة من وضع أوزارها، وبوادر الحل السلمي بدأت تلوح في الأفق، وننتظر نجاح المفاوضات، كاشفاً أنه أثار موضوع الصراع العربي الإسرائيلي، حيث لا زالت «إسرائيل» تخرق السيادة اللبنانية في تحدٍّ فاضح للقرارات الدولية.
من جانبه أعلن ماكرون «اننا سنعمل مع لبنان والأمم المتحدة على مواجهة أزمة اللجوء السوري»، لافتاً الى «ان لبنان عانى كثيراً ونحن سنعمل للتوفير عليه الدخول في الأزمات المحيطة به».
وأكد «أننا سنعمل من اجل حل سياسي للأزمة السورية وعلى مواجهة أزمة اللجوء السوري ونشيد بجهود لبنان في استقباله للنازحين»، معتبراً أن «لبنان يحمل اليوم عبئا ثقيلاً من خلال استقبال النازحين السوريين وغياب أي حل في سورية يمنع عودتهم ونتمنى أن نجد حلاً سياسياً للازمة».
وأشار ماكرون الى «أن سياسة النأي بالنفس التي تتبعها الحكومة اللبنانية هي أفضل وسيلة للمحافظة على الاستقرار». وكشف «أننا سنعمل على إقامة مؤتمر جديد لدعم لبنان لتشجيع المستثمرين وتحريك العجلة الاقتصادية في البلاد».
المصدر: صحف