تناولت الصحف الصادرة صباح اليوم الإثنين 25 أيلول/سبتمبر 2017 تطورات أزمة تمويل سلسلة الرتب والرواتب التي لم يخرج الاجتماع الوزاري أمس الأحد بحل يضمن تنفيذها وما تستدعيه التطورات في الملف إلى اعلان إضراب عام وشامل اليوم، ولم يغب عن اهتمامات الصحف لقاء وزير الخارجية جبران باسيل بنظيره السوري وليد المعلم، وزيارة رئيس الجمهورية ميشال عون إلى فرنسا.
الأخبار
سعد الحريري: الواقعي الخائف على بقيته
يحار كثيرون في طريقة تعامل الرئيس سعد الحريري مع المطالب الأميركية – السعودية الجديدة في لبنان. البعض يعتقد أن الرجل مغلوب على أمره، فلا هو قادر على رفضها، ولا هو قادر على تلبيتها. بينما يرى آخرون أنه يحاول التفلّت منها في انتظار فرصة لطرحها على جدول الأعمال. لكن قلة تهتم بالتدقيق في أن الحريري قد يكون غير راغب في تلبية هذه المطالب، قبل أن يكون غير قادر على تحقيقها.
أمور كثيرة تغيرت في لبنان هذه السنة، والفصل الأخير من العام سيحمل المزيد من المتغيرات ربطاً بالتطورات الجارية من حولنا. ورغم أن محور المقاومة يسجل تقدماً كبيراً في سوريا والعراق، فإن ذلك لا يعني أن المحور الآخر سيستسلم للأمر الواقع ويقبل به كما هو. والتجارب تدلنا على عنجهية الولايات المتحدة وإسرائيل، وعلى غباء ومكابرة الدول العربية الحليفة لهما. كذلك، فإن التجارب نفسها تدل على قوى كثيرة في لبنان والمنطقة تتمسك بالإنكار، ولا تتوقف عن السعي إلى استجلاب المزيد من العنف. وإن كانت الوقائع الصلبة القائمة اليوم، تقول إن هؤلاء لا يملكون اليوم سوى الدعاء والصلوات ليتدخل الله ويصطفل ببقية عباده. لكن لنحصر النقاش في حالة رئيس الحكومة. ولندقق في أحواله.
يعاني الرجل من ضائقة مالية غير عادية تتقدم أولويتها على ضائقته الشعبية. والحديث، هنا، ليس عمّا يمكنه صرفه على نفسه وعائلته والمقربين. إذ يقول متصلون بالعائلة إن مجموع ما بقي في أيديهم، على شكل حصص وسيولة وعقارات، يساوي تقريباً نحو عشرة مليارات دولار أميركي، وإن لسعد نصيبه الجيد منها. لكن مشكلته تتعلق بتوقف الواردات. فقد توقفت غالبية الأعمال في السعودية وخارجها. وإذا كان لإخوته أعمالهم الرابحة أو الخاسرة، فإنه يواجه مشكلة أنه بات المسؤول – شبه الوحيد – عن تأمين التمويل السياسي للتيار الذي ورثه عن والده، وأنه في كل يوم تتراجع مساهمة الآخرين، سواء في الأنشطة الاجتماعية أو الإعلامية أو حتى في دعم الأذرع القريبة جداً من العائلة في بيروت وخارجها. وهو أمر ينعكس بقوة على أبناء العائلة الأكبر، من العمين شفيق وبهية، إلى الصهر المنكوب نزار دلول. حتى إن نساء العائلة بتن يعتذرن من الأقارب لعدم تمكنهن من مدّهم بالعون المالي كما كان الأمر سابقاً. فكيف والحديث يتحول شماتة إن أشرنا إلى الديون الصغيرة المتراكمة لمصلحة شريحة كبيرة من الناس، من مصارف عالمية وإقليمية ومحلية، إلى شركات كبرى في البلاد وخارجها، وصولاً إلى بائعي الحلوى والأجبان والألبان ومحطات المحروقات، ومستخدمي المؤسسات التي لا تزال عاملة إلى اليوم، ولو أن معظمها لا فائدة منه.
كل ذلك يعني أن مشكلة العائلة تتفاقم. لكن المسؤولية ملقاة على عاتق سعد بصورة خاصة. فهو من يقف في الواجهة، وهو من سُمي وريثاً أول يتقدم على الآخرين، وهو العنوان الرئيسي الذي يتوجه إليه الدائنون، كذلك هو من يملك الموقع والعلاقات التي تتيح له الوصول إلى أماكن يفترض أن تتيح تحريك العجلة من جديد. لكنه لا ينجح في كل جولاته ولقاءاته واتصالاته في تحقيق أكثر من إعادة جدولة لديونه. وهو يضطر إلى التخلي عن مواقع نفوذ داخل مؤسسات كبيرة، إما من طريق الخروج منها بعد بيع حصصه، أو عبر ترك أمر إدارتها إلى من يقدر على الإنفاق، أو عبر بيع مشاريعها بالباطن لمصلحة شركات لا تعاني السيولة التي يعانيها هو. كذلك يعاني الحريري من جحود بعض الأقربين، إذ كلما وجد من يغطي بعض النفقات عنه في لبنان، تراه مضطراً إلى أن يبادلها عقارات وأسهما يتنازل عنها لمصلحة هؤلاء. ويبدو أن الرجل مثل والده، لا يلجأ إلى «تمنين» الناس بدعم سابق لهم.
هذه الأسباب والظروف لعبت دوراً في قرار الحريري تقديم ما يوصف بالتنازلات السياسية لقاء عودته إلى رئاسة الحكومة. إلا أن ما قدّمه لا يعني انكساراً كبيراً له كما يقول له منتقدوه من الأقربين أو الأبعدين. ذلك أن طبيعة التسوية التي رافقت عودته إلى الحكم، تفرض عليه أو على غيره التعامل بواقعية مع الوقائع. ولو حصلت التسوية مع غيره، لربما كان بمقدور الفريق المنتصر بانتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، الحصول على أثمان أكبر.
ثم هناك أسباب أخرى. فالحريري يعي، ولو من دون قول، حجم المتغيرات التي حصلت في المنطقة. وهو لا يحتاج إلى من يشرح له حقيقة وضع قيادة السعودية وتركيا والأردن ومصر داخلياً أو على صعيد الإقليم. كذلك يعرف الكثير من تفاصيل الخلافات التي تعصف بالفريق الإقليمي والدولي الداعم لفريقه. وهو يعرف أيضاً، وبصورة جيدة، حجم التراجع الأميركي والأوروبي في العالم والمنطقة. كذلك يعرف أكثر أن القوى الحليفة له في المنطقة العربية، من لبنان إلى سوريا إلى العراق إلى بقية دول المنطقة، ليس فيها من فائض قدرة توزعه على أحد. وعندما يلتقي كل صنوف 14 آذار في لبنان والمنطقة، تراهم في حالة مثيرة للشفقة، أو على ما يقول المثل الشعبي: «المستوي يقصد المهتري» طالباً الدعم.
أكثر من ذلك، يقول الحريري، وهو محق، إن وضعه في لبنان أفضل بكثير من أوضاع كل رفاقه في كل المنطقة العربية. وشرعيته القائمة فعلياً هنا، فعالة ونشطة، فيما لا يقدر معارضو الحكومات في سوريا والعراق على فعل أي شيء، وإنّ من يقف منهم في السلطة، سواء في مصر أو الأردن أو فلسطين أو بعض دول الخليج، يعيش أسوأ مراحل حكمه. أما الحريري فلا يزال شريكاً فعلياً في كل القرارات الأساسية أو التفصيلية التي تصدر عن الحكومة في لبنان. حتى موضوع الحرب والسلم، الذي يستخدم ضد حزب الله، لا يتجاهل أبداً الحسابات المتعلقة بكون الحريري هو رئيس الحكومة في لبنان.
هذه الوضعية تسمح للحريري بأن يدرس جيداً كل ما يطلب منه أميركياً أو سعودياً. وهو يجيد التمييز بين ما هو للاستهلاك وما هو جدي. وفي الحالتين، لم يعد الحريري يخفي ملاحظاته على مواقف وطلبات يعرف أنها غير واقعية. كذلك فإنه لطالما نجح في لفت انتباه الأميركيين والسعوديين، ولو بطرق غير مباشرة، إلى أن ما يحصلون عليه في لبنان اليوم قد يتبخر إن هم قرروا المواجهة الشاملة مع الطرف الآخر. كما أمكن الحريري مراراً تحذير الأميركيين والسعوديين من أن ما يفكرون فيه من عقوبات ضد لبنان، بغية تركيع حزب الله، إنما هي عقوبات ستصيب حلفاء أميركا والسعودية بالقدر نفسه الذي يصيب جمهور حزب الله، وليس الحزب نفسه، الذي يبقى قادراً على المبادرة بما يضعف النفوذ الأميركي والسعودي في لبنان. حتى إن الحريري، المنضوي في حلقة خصوم النظام السوري، في لبنان والمنطقة، قد يكون الوحيد القادر من خلال موقعه في رئاسة الحكومة، وكطرف في التسوية القائمة في لبنان، أن يفتح الطرقات الخلفية التي تسمح بمصالحات تحت مسميات كثيرة، وفي مقدمها أدوار دول المنطقة في عملية إعادة إعمار سوريا.
الحريري اليوم ليس مكبلاً بقيود تجعله ينتظر قرار الوصي في كل خطوة يريد القيام بها. بل هو يعرف أيضاً أن بمقدوره القيام بأدوار يحتاج إليها الحلفاء مع أطراف في لبنان والمنطقة والعالم، مستفيداً من هامشه الناتج من موقعه في المعادلة اللبنانية. وهذا هامش يتيح له انتقاء ما يناسبه من مطالب أميركا والسعودية. وهو هنا يميز بين المواقف السياسية والإعلامية التي يرفع فيها – هو ــــ السقف إلى أعلى من قامتي بن سلمان وبن ترامب، وبين الخطوات العملية التي يبتعد عنها إدراكاً منه بعدم وجود مصلحة بأن يستدرجه إلى مواجهات تكشفه محلياً وإقليمياً.
لكن على الحريري الإقرار أمام حلفائه من الأميركيين والأوروبيين والخليجيين بأن عناصر قوته ليست مستمدة كلها من موقعه هو. لا بل إن قسماً غير قليل منها يعود إلى طبيعة الخصم الذي يواجهه في لبنان والمنطقة. وإذا كان الحريري لا يقدر، أو حتى لا يرغب بالحديث في العلن عن الأمر، إلا أنه يقدر على أن يقول أمام أعضاء فريقه وأمام حلفائه، إن حزب الله خصم ذكي وغير متهور، وإن الحزب يعرف تمييز الحقيقي من الخطوات والوهمي منها. ولولا ذلك، لكان الحريري في أحسن أحواله يرافق رياض حجاب وإياد علاوي إلى جلسة نبيذ وسيكار في أحد فنادق العالم الحر!
البناء
إيران وتركيا تقفلان الأجواء والمعابر مع كردستان… والجيش السوري لإنجازات كبرى
بغداد: البرزاني يتمسّك بالاستفتاء طمعاً بكركوك ونفطها وتهريب عائدات بـ200 مليار
عون لتنسيق مع سورية حول النازحين… والحريري لمعادلة السلسلة مقابل قطع الحساب
حجبت تفاصيل الملف الكردي عشية الاستفتاء على الانفصال لكردستان العراق بعض الأضواء عن الميدان السوري، الذي شهد إنجازت نوعية كبرى للجيش السوري والحلفاء، حيث جبهات حماة وإدلب وريفاهما تشهدان تقهقراً لجبهة النصرة عن قرى وبلدات ومواقع، يماثلها نجاح الجيش السوري والحلفاء ببسط السيطرة على كامل ضفاف نهر الفرات الجنوبية الممتدّة من ريف حلب حتى ريف دير الزور مروراً بريف الرقة بعد السيطرة على مدينة معادان ومعها قرابة خمس وثلاثين بلدة وقرية، تمهيداً لعبور واسع النطاق إلى الضفة الشمالية للفرات من نقاط متعدّدة توفرت تجهيزاتها اللوجستية عبر جسر جوي روسي خلال الأيام الماضية، كما كشفت مصادر متابعة للوضع العسكري في سورية لـ «البناء»، مضيفة انّ الأيام المقبلة ستشهد تحوّلات نوعية شمال الفرات تشارك فيها وحدات دفاع شعبي من العشائر، وأنّ أيّ محاولة لاعتراض الجيش والحلفاء ستواجَه بقسوة بقرار موحّد سوري إيراني روسي عبّر عنه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف. كما أكدت المصادر أنّ واشنطن تبلغت من موسكو هذا القرار، وأنّ أيّ محاولة لفصل مناطق شمال الفرات عن سورية بغطاء كردي ستُقمع، وانّ التدخل الأميركي سيعامَل كقوة غير شرعية، لأنه من دون موافقة قانونية من الدولة السورية، وحدود شرعيته الافتراضية المستمدة بالتغاضي بذريعة قتال الإرهاب تسقط عندما يصير طرفاً في التدخل في شؤون تخصّ السيادة السورية.
في ملف انفصال كردستان، كشفت مصادر مقرّبة من رئيس الحكومة العراقية لـ «البناء» أنّ بغداد تعرف خلفيات توقيت الاستفتاء وسبب الإصرار على إجرائه، فلن يضيف الاستفتاء شيئاً للاستقلال الذي تملكه كردستان اليوم، إلا عبر التسلل لفرض الاستفتاء على كركوك وضمّها عنوة لمناطق سيطرة حكومة كردستان، لأنّ نفط كركوك في أيّ صيغة رضائية للانفصال أو لتطبيق مبادئ النظام الاتحادي القائم سيكون مناصفة بين الحكومة العراقية وحكومة كردستان، وأربيل التي تستولي على كامل عائدات النفط من عشر سنوات تريد استباق نهاية الحرب على داعش، بالتهرّب من أيّ صيغة جدية لحسم أمر هذه العائدات التي لم تدخل لا في موازنة العراق ولا في موازنة كردستان، حيث مجلس نواب الإقليم معطّل منذ سنتين منعاً للمساءلة عن هذه العائدات التي تقدّر فوائضها بمئتي مليار دولار، كما أنّ تنازل بغداد عما يستجدّ من عائدات مستحيل بعد نهاية الحرب على داعش، ولذلك يسارع البرزاني باحتلال كركوك تحت عنوان الاستفتاء وطيّ صفحة الأموال المنهوبة.
في عاصمتي الجوار الأشدّ تأثراً طهران وأنقرة، لا ينطلق الموقف من الحسابات التي توردها حكومة بغداد، وخصوصاً في أنقرة، ففي طهران الحساب هو للعبة أميركية تريد بديلاً يستنزف محور المقاومة مع اقتراب نهاية داعش، لكن في أنقرة شعور بتهديد وجودي يطلق مسار انفصال الأكراد، ولذلك كان التعاون العراقي التركي الإيراني لإجراءات رادعة تطال المعابر البرية وتدفق النفط والمطارات وغلق الأجواء وإغلاق الحسابات المصرفية، وربّما وقف تزويد الكهرباء والمشتقات النفطية، كما قالت مصادر تركية إعلامية.
معادلة البرزاني المالية تشبه وفق مصدر نيابي لبناني معادلة رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة مع الإبطال الدستوري لقانون تمويل سلسلة الرتب والرواتب، حيث سيخرج رابحاً، بعدم فتح باب قطع حساب الموازنات السابقة، وفقاً لما بدا أنه مخرج يطرحه رئيس الحكومة سعد الحريري تحت شعار حماية سلسلة الرتب والرواتب، قالت مصادر متابعة إنه يقوم على تسريع إقرار الموازنة بعد أن تُدمج بها الضرائب التي وردت في القانون موضوع الإبطال. وهذا يعني عملياً إزالة أسباب تأخر الموازنة. وهو الإصرار على إنهاء قطع الحساب، الذي تشكّل مساءلة السنيورة بنده الرئيسي، وما يتضمّنه ذلك من دعوة للمتمسّكين بقطع الحساب والمساءلة من قبول مقايضة السلسلة بالتخلّي عن قطع الحساب.
توجّه الحريري يتمّ في سياق تجاذب بدا واضحاً مع النقابات التي تبدأ إضراباً اليوم في ظلّ التلويح الحكومي بتعليق قانون السلسلة لشهر قد يتجدّد أو السير برفع الضريبة على القيمة المضافة، وإلا فالموازنة فوراً وبلا قطع حساب.
التجاذب مع النقابات ترافق مع تجاذب سياسي على خلفية موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الداعي لتعاون مع الحكومة السورية في ملف النازحين، بعد اللقاء الذي جمع وزير الخارجية جبران باسيل في نيويورك بوزير الخارجية السوري وليد المعلم وتهجّم وزير الداخلية نهاد المشنوق عليه، ووصف اللقاء بالاعتداء على رئيس الحكومة فاتحاً الباب لتغيير التحالفات حول الانتخابات النيابية، بالإشارة إلى عدم السير بالبطاقة الممغنطة أو البيومترية والقبول بالتسجيل المسبق لمكان السكن.
تخبّط حكومي حيال قرار «الدستوري» واتجاه لتعليق «السلسلة» لشهر
لم يخرج مجلس الوزراء في جلسته التي عقدت في السراي الحكومي مساء أمس، بقرار حول موضوع إبطال المجلس الدستوري لقانون الضرائب وقرر عقد جلسة ثانية استثنائية يوم الثلاثاء المقبل لاستكمال البحث والخروج بقرارات مهمة على هذا الصعيد.
وفي وقتٍ أعلن رئيس الحكومة سعد الحريري تصميم الحكومة على تنفيذ سلسلة الرتب والرواتب، تحدثت معلومات «البناء» عن اتجاه حكومي لتعليق العمل بقانون السلسلة لشهرٍ واحد للبحث عن موارد جديدة لتمويل السلسلة. وأشارت مصادر وزارية مطلعة لـ «البناء» أن «البحث جارٍ بين الحكومة والمجلس النيابي والمعنيين في الشأن المالي على ايجاد الحل القانوني والمالي المناسب تدفع بموجبه رواتب الموظفين وفقاً لقانون السلسلة وفي الوقت ذاته لا تخالف الحكومة قرار المجلس الدستوري»، موضحة أن «الحلّ هو بشمولية الموازنة كما ورد في قرار المجلس الدستوري، أي تضمين الضرائب المعدلة في الموازنة، وبالتالي تأجيل دفع السلسلة بانتظار إقرار الموازنة في المجلس النيابي»، لكن المصادر كشفت أن «إقرار الموازنة سيصطدم بعقبة قطع الحساب التي لم يُحسم مصيرها بعد ولا زالت قيد النقاش في لجنة المال والموازنة النيابية».
ونفت مصادر حكومية أن يكون الحل بطلب الحكومة الاستحصال على سلفة مالية من مصرف لبنان لتمويل السلسلة، غير أن مصادر «البناء» لفتت الى أن «السلسلة لن تدفع هذا الشهر بل ستُضاف الى الشهر المقبل عندما يتم التوصل الى حل شامل».
وفي حين تردّدت معلومات عن توجّه حكومي لرفع الضريبة على القيمة المضافة TVA الى 12 في المئة، نفى وزير العدل سليم جريصاتي ذلك، وأكد العمل على تعديل صياغة المادتين 11 و17 ولا تعقيدات أو عراقيل في المسألة».
ورجّح مصدر وزاري أن تسترد الحكومة موضوع السلسلة وتمويلها وقانون الضرائب لتجري إعادة صياغة رؤية مالية واقتصادية جديدة للوضع المالي ولموضوع الضرائب وضمّ السلسلة والضرائب الى الموازنة وتعديل المادتين 11 و17 في قانون الضرائب للمواءمة مع قرار المجلس الدستوري».
واعتبر وزير الدولة لشؤون التخطيط ميشال فرعون بعد انتهاء الجلسة «أن الملاحظات التي تأتي على الحكومة سببها غالباً الملفات التي عولجت باستعجال أو تلك التي طرحت على الحكومة من خارج جدول الأعمال ولم تنل حيزاً واسعاً من النقاش داخلها. وقد شهدنا هذا الأمر في موضوع البطاقة الممغنطة، وفي ملف الكهرباء ويتكرّر الأمر أيضاً في موضوع الأقساط المدرسية والصندوق المرتبط بقانون الإيجارات اللذين لم يبحثا». وشدّد فرعون على «أن قضية الضرائب والسلسلة والموازنة مرتبطة ببعضها، وهذا الأمر سيكون محور البحث، بدءاً من جلسة الحكومة وطيلة الأسبوع المقبل».
وعلقت مصادر وزارية على الجلسة بالقول: «هناك تخبّط وإرباك في التعامل مع الموضوع والحكومة لم تقدم رؤية واضحة خلال الجلسة، بل كانت النقاشات متباعدة»، وكشفت أوساط مطلعة لـ «البناء» أن «وزير المال علي حسن خليل سيعمل خلال الـ 48 ساعة المقبلة على إيجاد تصور متكامل للسلسلة والضرائب والموازنة وعرضه على مجلس الوزراء الثلاثاء المقبل»، وأكد وزير المال بعد خروجه من الجلسة بأن «ليس لديّ أي اقتراح وما يتفق عليه مجلس الوزراء أنفذه كوزير للمال».
وأشار الحريري في مستهل الجلسة التي استمرت حتى الثامنة والنصف أن «الحكومة مصمّمة على تنفيذ سلسلة الرتب والرواتب، فهي مؤتمنة على تنفيذ القوانين والتشريعات التي يسنّها المجلس النيابي، والحكومة مؤتمنة أيضاً على الدستور والمؤسسات، وهي بذلك تحترم قرار المجلس الدستوري إبطال القانون الذي يموّل السلسلة، والحكومة مؤتمنة كذلك على مصالح كل لبناني وكل لبنانية ومن أهمها الاستقرار النقدي والمالي الذي يضمن قيمة مداخيل اللبنانيين ومدخراتهم».
وشدّد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بعد لقائه رئيس الحكومة في السراي قبيل الجلسة، على «ضرورة أن يكون هناك ضرائب لتمويل سلسلة الرتب والرواتب».
لكن أوساط مالية تساءلت: لماذا لا تدفع السلسلة من الوفر الموجود في الخزينة، كما قال عضو المجلس الدستوري القاضي صلاح مخيبر بعد خروجه من جلسة المجلس الدستوري، ريثما يتم تصحيح الخلل في قانون الضرائب والانتهاء من إقرار الموازنة؟ لا سيما وأن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ربط توقيعه على قانونَيْ السلسلة والضرائب بإقرار الموازنة وما تصريحه أمس إلا غطاء سياسي ورئاسي لقرار «الدستوري»، حيث قال عون عبر صفحته الرسمية على تويتر: «إن قرار المجلس الدستوري بإلغاء الجدول الضرائبي هو ممارسة لدوره الطبيعي الذي يشكّل حجراً أساسياً في بناء دولة المؤسسات».
رعد: تمويل السلسلة مسؤولية الحكومة
وأكد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد أن «قانون الرتب والرواتب نافذ يجب على الحكومة ان تنفذه وتبحث عن ضرائب تموّله، لذلك موضوع السلسلة لم يتغير. وهذا الموضوع أحدث إرباكاً للحكومة فمن أين تأتي بالأموال؟ نحن نقول هذه مسؤولية الحكومة، الموظف سيصله حقه وحقه كرِّس بقانون والقانون نافذ غير مطعون به، وعلى الحكومة ان تؤمن حقوق الناس وهي تستطيع ان تؤمنها لو أقفلت مزراباً واحداً للسرقة والهدر، فيتم تمويل السلسلة».
إضراب عام وشامل اليوم
على صعيد التحركات الشعبية والنقابية، أعلنت هيئة التنسيق النقابية في بيان أمس، تنفيذ الإضراب العام والشامل في الإدارات العامة وفي المدارس والثانويات الرسمية والخاصة وفي دور المعلمين والمؤسسات العامة والبلديات، ابتداء من صباح اليوم على أن تبقي اجتماعاتها مفتوحة لاتخاذ الخطوات في ضوء التطورات محتفظة بحقها بأعلى درجات التصعيد بما في ذلك التظاهر والاعتصام وشلّ المرافق العامة.
ولفت نقيب المعلمين رودولف عبود الى أن «الإضراب شامل غداً اليوم في المدارس الخاصة كلها، وبموجب ذلك تتوقف الدروس وأعمال التسجيل في المدارس الرسمية اليوم».
بدوره دعا الاتحاد العمالي العام، الى الاضراب التحذيري والشامل في المؤسسات العامة والمصالح المستقلة والبلديات اليوم، وأصدر بياناً جاء فيه: «بعد عجز الحكومة عن تنفيذ القوانين التي تسنها السلطة التشريعية لا سيما بعد التلويح بتأجيل أو تعليق قانون سلسلة الرتب والرواتب من قبل مجلس الوزراء والانقلاب على الحقوق المكتسبة للموظفين في الإدارات العامة والمؤسسات العامة والمصالح المستقلة».
وأكد رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الاسمر، بعد لقائه رئيس الحكومة في السراي الحكومي، أن «الإضراب مستمر». وأشار الى «اننا قد نلجأ الى التصعيد ونؤكد موقفنا الثابت من المضي قدماً بالسلسلة».
وقالت أوساط نقابية لـ «البناء» إن «الحريري طرح خلال اللقاء تعليق العمل بقانون السلسلة لمدة شهر واحد للبحث عن سلة ضرائبية جديدة، ورفضت الأوساط اقتراحاً حكومياً بزيادة الضريبة على القيمة المضافة الى 12 في المئة».
المشنوق: لقاء باسيل ـ المعلّم اعتداء على الحريري
ولم يكن الوضع المعيشي والمالي أفضل حالاً من الواقع السياسي الذي انفجر بين التيار الوطني الحر والرئيس سعد الحريري على خلفية لقاء وزير الخارجية جبران باسيل ووزير الخارجية السوري وليد المعلم في الأمم المتحدة، فقد شن وزير الداخلية والبلديات نهاد المنشوق هجوماً على اللقاء واعتبر أنه «يشكل اعتداءً سياسياً على موقع رئاسة الحكومة»، ووصفه بأنه «مخالفة للتسوية السياسية وللبيان الوزاري الذي نص على النأي بالنفس»، مشدداً على «أننا لن نقبل به في أي ظرف من الظروف وسنواجهه بكل الوسائل».
وفي ملف الانتخابات النيابية أكد المشنوق أن «الانتخابات النيابية المقبلة ستجري في موعدها، لكن بالتسجيل المسبق في مكان السكن، لأن الوقت ما عاد يسمح بإنتاج بطاقة ممغنطة ولا هوية بيومترية في الأشهر القليلة المتبقية».
وفي وقتٍ لم يخرج أي رد من الوزير باسيل ولا من التيار الوطني الحر حيال تصريحات المشنوق، أبدت مصادر مراقبة استغرابها لتصريحات وزير الداخلية، واضعة إياها في اطار استمرار سياسة فريق المستقبل بعرقلة الحلول لإعادة النازحين السوريين الى بلدهم لا سيما وأن الممر الوحيد لذلك هو التواصل والتنسيق مع الحكومة الحالية في سورية، محذّرة من «الإصرار على رفض التواصل مع سورية ما يبقي الأزمة قائمة ويهدد الوضع الاجتماعي والأمني والسياسي للحكومة وللبلاد برمّتها».
ودعت المصادر الحريري وفريقه السياسي لتجاوز الاعتبارات الخارجية والبحث عن مصلحة لبنان التي تتمثل بحل سريع ومتكامل لأزمة النازحين السوريين، لا سيما بعد كلام الرئيس الاميركي في الامم المتحدة عن توطين اللاجئين في الدول التي تستضيفهم وبعد تنصّل الامم المتحدة من التزاماتها بدعم لبنان المالي لإيواء النازحين ما يلقي المسؤولية على كاهل المؤسسات اللبنانية التي لم تعد تستوعب تأمين الخدمات للنازحين».
ورأى رئيس الجمهورية أن «الحل لأزمة النازحين يكون من خلال عودتهم، فهؤلاء قدموا الى لبنان بأعداد كبيرة بطريقة غير شرعية، وهم باتوا يشكلون 50 في المئة من مجمل سكاننا». وأكد عون في معرض رده على سؤال عن إمكان التعاون مع الحكومة السورية لمعالجة الأزمة أن «لبنان سيبحث مع سورية مسألة عودة النازحين، وهنالك مشاورات قيد البحث، والحكومة السورية أعادت السيطرة على 82 في المئة من المساحة الجغرافية للدولة السورية وحتى المعارضون القدامى تصالحوا مع الحكومة»..
مواقف عون جاءت عشية زيارته الى فرنسا التي تبدأ اليوم ويتوّجها بلقاء قمة مع نظيره ايمانويل ماكرون إضافةً الى مسؤولين فرنسيين آخرين. بينما أعلن الوزير المشنوق مقاطعته للزيارة.
الجمهورية
عواصف سياسية ومطلبيَّة تُحاصِر الحكومة
برزت أمس مؤشرات جدية الى اشتباك رئاسي، وتحديداً بين رئاستي الجمهورية والحكومة لسببين: الأول، رفض رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ترؤس جلسة مجلس الوزراء الاستثنائية أمس للبحث في مصير سلسلة الرتب والرواتب بعد إبطال قانون الواردات الضريبية، ما أعطى انطباعاً بأنّ الرئاسة الأولى ترمي كرة النار في ملعب الرئاسة الثالثة. والثاني لقاء وزير الخارجية جبران باسيل بنظيره السوري وليد المعلّم الذي اعتبره وزير الداخلية نهاد المشنوق «اعتداء صريحاً على مقام رئاسة الحكومة». ويأتي هذا الاشتباك عشيّة غليان الشارع والإضراب العام والشامل الذي ستشهده البلاد اليوم لفَرض دفع الرواتب على أساس السلسلة وعدم ربطها بإقرار قانون جديد للضرائب. وقد إستبق مجلس الوزراء هذا الحراك المطلبي بجلسة استثنائية مسائية في السراي الحكومي برئاسة الرئيس سعد الحريري، إنتهت الى تأجيل القرار في شأن مصير السلسلة الى جلسة جديدة تعقد غداً، وذلك نتيجة تخبّط المجلس في معالجة تداعيات قرار المجلس الدستوري، فانقسم في أكثر من اتجاه وتناقَضَت غايات الافرقاء السياسيين، وكانت النتيجة لا قرار، مُرحّلاً الازمة الى يومين إضافيين، في وقت عَزت مصادر وزارية هذا الترحيل الى مزيد من المشاورات لاتخاذ قرار بالإجماع الذي افتُقِد في جلسة أمس.
بَدت الدولة أمس مُربكة بكل مفاصلها حيال ملف السلسلة، وما زاد في الارباك، الموقف التصعيدي السريع والاستباقي الذي اتخذته الأطراف المعنية بهذا الملف، ما أظهر انّ البلاد تعيش نزاعاً متعدد الوجوه والمستويات:
1 ـ نزاع قانوني بين السلطتين التنفيذية والتشريعية (مجلسا الوزراء والنواب) وبين المجلس الدستوري.
2 ـ نزاع بين مجلس الوزراء ومجلس النواب حول مرجعية تقرير مصير الضرائب وسلسلة الرتب والرواتب.
3 ـ نزاع بين الدولة والنقابات الداعية الى الاضراب.
4 ـ نزاع بين نقابات المعلمين والأهل.
وفي ظل أجواء التخبّط والبلبلة والضياع هذه، إنعقد مجلس الوزراء مساء امس، وتبنّى مجتمِعاً كلام الحريري الذي أكد في بداية الجلسة تصميم الحكومة على تنفيذ السلسلة «فهي مؤتمنة على تنفيذ القوانين والتشريعات التي يسنّها المجلس النيابي، والحكومة مؤتمنة أيضاً على الدستور والمؤسسات، وهي بذلك تحترم قرار المجلس الدستوري بإبطال القانون الذي يموّل السلسلة، والحكومة مؤتمنة كذلك على مصالح كل لبناني وكل لبنانية، ومن أهمها الاستقرار النقدي والمالي الذي يضمن قيمة مداخيل اللبنانيين ومدّخراتهم».
واضاف الحريري: «ضمن هذه المعادلة، نجتمع اليوم (أمس) في جلسة استثنائية لمجلس الوزراء، لوضع خريطة طريق تحلّ المسألة في أسرع وقت ممكن بالتعاون مع المجلس النيابي الكريم».
ورفع الحريري الجلسة لتُعقد جلسة ثانية استثنائية الحادية عشرة والنصف قبل ظهر غد «إستكمالاً للبحث والخروج بقرارات مهمة على هذا الصعيد»، على ما أكّدت المقررات الرسمية التي أُذيعت بعد الجلسة وأشارت الى انّ «الحل سيصدر» إثر جلسة غد.
لا تراجع
وأكدت مصادر وزارية «انّ أجواء الجلسة كانت ايجابية لناحية التفاهم لإيجاد حلول». وقالت لـ«الجمهورية»: «الأهمّ هو انّ كل القوى السياسية أقرّت أن لا تراجع عن دفع السلسلة، لكن من دون ان تهدد المالية العامة». واشارت الى «وجود توافق بين غالبية القوى السياسية على رفض مصادرة صلاحيات المجلس النيابي ودوره في التشريع ودستورية القوانين التي يصدرها».
وأوضحت انه «لم تتخذ قرارات في الجلسة إفساحاً في المجال امام مشاورات جديدة ستشمل الرؤساء الثلاثة ومختلف الكتل النيابية، علماً انّ هناك توجّهاً لدى الحكومة الى إحالة مشروع قانون الى المجلس النيابي يطلب تجميد دفع الرواتب على اساس السلسلة لمدة شهر يُصار في خلاله الى إقرار الموازنة وتأمين الايرادات، إمّا من ضمن الموازنة، وإمّا عبر قانون جديد مع التعديلات تأخذ برأي المجلس الدستوري».
وعلمت «الجمهورية» انّ النقطة الاساس التي انقسم مجلس الوزراء حولها هي، هل تشمل الموازنة قانون الضرائب في اعتبار انّ التفسير الدستوري للمواد 81 و82 و83 لا يفرض ان تكون الضرائب ضمن الموازنة العامة؟
خليل يغرِّد
وبعد جلسة مجلس الوزراء غرّد وزير المال علي حسن خليل عبر «تويتر»، فقال: «السلسلة حق مشروع لكلّ مستحقيها، وعلى الدولة والوزارات المعنية، ونحن منها، أن تنفّذ وتحقّق هذا الحق، إلتزاماً بالمسؤولية تجاه الناس وبنص القانون». وأضاف: «ليسمع الجميع، لن نحيد عن هذا الالتزام. واجبنا أن ندافع عن حقوق الناس وسندافع عنها».
إضرابات
وكان كل من الاتحاد العمالي العام، و»هيئة التنسيق» النقابية، ونقابات المعلمين وروابط الاساتذة أعلنوا الاضراب العام اليوم اعتراضاً على ما وصفوه بتوجّه لدى السلطة لتأجيل تنفيذ قانون سلسلة الرتب والرواتب.
كذلك، باشرت بعض القوى المعترضة تحركاتها مساء أمس لمواكبة جلسة مجلس الوزراء المسائية الطارئة في السراي الحكومي. واعتصم المعترضون في ساحة رياض الصلح.
وقبَيل الجلسة، إلتقى الحريري حاكم مصرف لبنان رياض سلامة للوقوف على رأيه في الخطوات التي يجب على الدولة ان تتّخذها، فأكّد سلامة بعد اللقاء انه «يجب أن تكون هناك ضرائب لتمويل سلسلة الرتب والرواتب».
كذلك اجتمع الحريري الى ممثلي طرفي الانتاج، فالتقى كلّاً من رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان للزراعة والتجارة والصناعة محمد شقير، ورئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر.
وتبيّن انّ الحريري اقترح تأجيل تنفيذ السلسلة لشهر واحد يكون كافياً لتضمين الضرائب في الموازنة. لكنّ الاتحاد العمالي و»هيئة التنسيق» رفضا أي تأجيل، وقررا مواصلة الاضراب المقرّر اليوم، وهددا بمزيد من التصعيد في الايام المقبلة، والبدء بإضراب مفتوح.
عون الى باريس
وإزاء المشهد في الداخل يرتسم السؤال الكبير: أيّ سلطة سيقدّم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لفرنسا التي يستعدّ للسفر اليها اليوم في «زيارة دولة» يرافقه فيها، الى اللبنانية الاولى السيدة ناديا، وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، ووزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية بيار رفول وسفير لبنان لدى فرنسا رامي عدوان ومدير الشؤون السياسية في وزارة الخارجية والمغتربين السفير غادي الخوري، إضافة الى وفد إداري وإعلامي.
ويلتقي عون في باريس الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ورئيس مجلس الشيوخ جيرار لارشيه ورئيس الحكومة ادوارد فيليب ورئيس الجمعية الوطنية الفرنسية فرنسوا دو روجي وأركان الجالية اللبنانية.
وعلمت «الجمهورية» انّ المحادثات اللبنانية ـ الفرنسية ستتناول مواضيع عدة، أبرزها:
• إستعراض العلاقات التاريخية والتقليدية بين لبنان وفرنسا وسبل تعزيزها في المجالات السياسية والديبلوماسية والامنية والاقتصادية الثقافية.
• وضع المؤسسات الفرنسية والفرنكوفونية العاملة في لبنان.
• وضع الجالية اللبنانية في باريس.
• دور القوات الفرنسية العاملة في إطار «اليونيفيل» وما أثير أخيراً حول الدور الأميركي لتعديل القرار 1701 ومواجهة فرنسا لهذا الأمر.
• دعم لبنان في موضوع إعادة النازحين السوريين الى بلادهم. وحسب معلومات لـ«الجمهورية»، سيشير الرئيس الفرنسي الى موقف ايجابي حيال موضوع النازحين خلافاً لموقف الرئيس الاميركي دونالد ترامب.
وكان عون أعلن في حديث الى مجلة Valeurs Actuelles الفرنسية انّ لبنان سيبحث مع سوريا في مسألة عودة النازحين، وهناك مشاورات قيد البحث. وأشار الى «انّ أزمة النازحين السوريين يمكن ان تحلّ قبل العام 2018، وهو الموعد الذي حدّده الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون للمؤتمر الدولي حول أزمة النازحين».
وستتركّز المحادثات الثنائية ايضاً على دور فرنسا في تزويد الجيش اللبناني والمؤسسات الأمنية عموماً بالسلاح. وهناك إشكالية في هذا المجال، لأنّ فرنسا كانت تقدّم للبنان قليلاً من المساعدات العسكرية في شكل هِبات، وكثيراً بموجب عقود طويلة الأمد.
لكن منذ نحو 3 سنوات ونصف السنة، تعقّد موضوع التزويد الفرنسي للجيش اللبناني كونه ارتبط بهبة المليارات الثلاثة من الدولارات السعودية، ومع سحب السعودية هذه الهبة توقّف التزويد الفرنسي للبنان وعوّضه الأميركيون.
وخلال زيارة عون لباريس سيُبحث في هذا الموضوع من زاويتين:
• اولاً، مدى قدرة فرنسا على تزويد الجيش أسلحة في وقت تبقى إمكانات الموازنة اللبنانية محدودة.
• ثانياً، مدى قدرة فرنسا ولبنان معاً على التعاون لإقناع السعودية بإعادة العمل بهبة الثلاثة مليارات. لكن وبحسب المعلومات، لا توجد بعد مؤشرات الى إمكان ذلك طالما انّ ميزان القوى في لبنان «طابِش» لمصلحة المحور السوري ـ الإيراني، وطالما انّ الموقف السعودي حيال «حزب الله» معروف.
باسيل ـ المعلم
من جهة ثانية ظل لقاء نيويورك بين وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل ونظيره السوري وليد المعلّم يتفاعل في بيروت، وشنّ وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق هجوماً عنيفاً على باسيل، واعتبر أنّ لقاءه بالمعلّم «اعتداء صريح على مقام رئاسة الحكومة، ومخالف لاتفاق وعهد ووعد لم يلتزم به باسيل الذي كان جزءاً أساسياً من التسوية التي أُبرمت». واكّد «أنّ هذا الأمر لن نقبل به في أي ظرف من الظروف ولن يمر بسهولة، وهذا خطّ أحمر لا يمكن تجاوزه».
واعتبر «أنّ هذا الوضع المستجد يتطلّب قراراً سياسياً مماثلاً لمواجهة ما تمّ، وهو موضع تشاور بغية اتخاذ الموقف المناسب خلال أيام قليلة». وقال: «لن نتّخذ قرارات انفعالیة، ونحن حریصون على الكرامة السیاسیة لرئاسة الحكومة أیّاً كان من یشغل منصب رئاسة الحكومة».
وقالت مصادر مراقبة لـ«الجمهورية»: «انّ الامتعاض من لقاء باسيل ـ المعلم جدّي لأسباب عدة، أبرزها انّ باسيل ليس بوزير عادي، بل لديه صفة سياسية وديبلوماسية وليس صفة تقنية. ولقاؤه المعلّم «شرعي» حَظي بغطاء عمّه رئيس الجمهورية المشرف العام على السياسة الخارجية، خلافاً لزيارة وزراء الى دمشق التي سَحب مجلس الوزراء الغطاء الرسمي عنها».
من جهته، ردّ باسيل على منتقدي لقائه مع المعلم من دون أن يسمّيهم، قائلاً عبر «تويتر»: «أيّ لقاء فردي أو ثنائي أو جماعي نقوم به يكون لمصلحة لبنان، ومَن يعتدي على مصلحة لبنان هو من يرفض إخراج النازحين منه».
الإنتخابات
وفي ملف الانتخابات النيابية، أكّد وزير الداخلية أنّ «الانتخابات النيابية المقبلة ستجرى في موعدها، لكن بالتسجيل المُسبق في مكان السكن، لأنّ الوقت ما عاد يسمح بإنتاج بطاقة ممغنطة ولا هوية بيومترية في الأشهر القليلة المتبقية». وقال: «بكل صراحة، بعد أيّام لن يعود من الممكن تنفيذ آلية الهوية البيومترية، لأنّ الوقت القصيرالفاصل لم يعد يسمح، وهناك خلافات بين القوى السياسية لا يبدو أنّها ستنتهي قريباً».
«القوات»
وأكدت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية» انّ «اعتماد البطاقة البيومترية في الانتخابات الحالية شبه مستحيل»، وكررت «انّ «القوات» ستتصدى لأيّ تلزيم بالتراضي كما فعلت في جلسة مجلس الوزراء قبل الأخيرة، كذلك ستتصدى لأيّ محاولات تمديدية»، ورأت «انّ التسجيل المسبق يشكّل البديل عن البطاقة التي يجب اعتمادها في انتخابات العام ٢٠٢٢».
المستقبل
اجتماع غداً لوضع خريطة طريق للحل المناسب
مجلس الوزراء مصمّم على تنفيذ «السلسلة» مع احترام قرار «الدستوري»
جلسة مجلس الوزراء الاستثنائية والمخصّصة لمناقشة موضوع إبطال المجلس الدستوري لقانون الضرائب والتي عقدت مساء أمس الأحد في السراي الحكومي برئاسة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، لم تصل الى نتيجة بالنسبة لسلسلة الرتب والرواتب، إلا أنّ المجلس أكد تصميمه على تنفيذ السلسلة لأن الحكومة مؤتمنة على تنفيذ القوانين، وهي مؤتمنة أيضاً على الدستور وتحترم قرار المجلس الدستوري إبطال القانون الذي يموّل السلسلة، كما أن الحكومة مؤتمنة على الاستقرار النقدي والمالي، وهي ضمن هذه المعادلة تعمل لوضع خريطة طريق تحل المسألة بأسرع وقت، وممكن أن يكون ذلك غداً الثلاثاء.
القرار والثقة والاستثمار
وكان لعدد من الوزراء آراء في قرار مجلس الدستوري والوضع المالي بشكل عام، فقال وزير الاتصالات جمال الجراح لدى وصوله إن مجلس الوزراء سيدرس خلال الجلسة في افتراضين لتأمين أموال السلسلة.
وأوضح وزير شؤون المهجرين طلال أرسلان رداً على سؤال حول لقاء وزير الخارجية جبران باسيل بوزير الخارجية السورية وليد المعلم، انه «طالما هناك سفارة بين البلدين، وسوريا دولة سورية معترف بها في لبنان فلا مجال للاحتجاج على هكذا لقاءات فإما إلغاء السفارة أو القبول بمثل هذه اللقاءات، أما على صعيد سياسة النأي بالنفس فالكل يعرف أنه تم التوافق على حكومة ائتلاف وطني مع احترام خصوصية كل طرف وتحالفاته، والحكومة قائمة دون اتفاق شامل على كل الأمور».
ولفت وزير العدل سليم جريصاتي الى أن «الحفاظ على سلسلة الرتب والرواتب همّ أساسي ويجب اتخاذ الطرق الكفيلة بالحفاظ على السلسلة واستقرار المال العام».
وأشار وزير العمل محمد كبارة الى أن «القرار الذي أخذه المجلس الدستوري هو أهم قرار اتخذ في الجمهورية اللبنانية، قرار جريء ويعيد ثقة العالم بلبنان ويعيد المستثمرين الى لبنان لأنهم يعرفون ان هناك قراراً ودستوراً يطبّق».
ورأى وزير الاعلام ملحم الرياشي أن «هناك تعليقاً للسلسلة على عدة أيام حتى بت موضوع الموازنة».
وأوضح وزير التربية مروان حماده أن «قراراً سيصدر عن الحزب التقدمي الاشتراكي حول المأزق الذي وضعت الدولة نفسها فيه، ان المجلس الدستوري على حق، والسلسلة حق، ولكن معالجة الوضع المالي للدولة والاقتصادي بصورة عامة واجب وبعيداً عن كل الصفقات المتتالية التي عشناها منذ بداية العهد».
الأمور مرتبطة ببعضها
ولدى مغادرة الوزراء الجلسة في الثامنة والنصف امتنعوا عن الحديث مع الصحافيين.
وقال وزير الدولة لشؤون مجلس النواب علي قانصوه: «سنتابع النقاش في جلسة ستعقد الثلاثاء المقبل (غداً)».
فيما أردف وزير الزراعة غازي زعيتر: «تفاءلوا بالخير تجدوه».
وأوضحت مصادر وزارية لـ«المستقبل» أن «المشاورات والاتصالات التي ستدور اليوم ستتمحور حول اتخاذ قرار لا يصطدم بقرار المجلس الدستوري، وتصل الى إقرار دفع سلسلة الرتب والرواتب». ولفت الى أن «كل الأمور مرتبطة ببعضها البعض والتركيز هو هل سيتم إرسال اقتراح قانون بدون موازنة أم لا، لأن المجلس الدستوري تكلم عن شمولية الموازنة، والتفكير الآن هو أن الآلية تتغيّر مع موازنة أو من دون موازنة، ولكن عملياً السلسلة ستُدفع ولو تأخر ذلك قليلاً. الآن يتم التركيز على الآلية القانونية وإذا تم التوصل الى حلول فسيتم دفع السلسلة عن شهر أيلول أيضاً. والمفروض هو التشاور بين الرئاسات الثلاث فرئيس الجمهورية معني وكذلك رئيس مجلس النواب والحكومة، والحكومة لا تستطيع التوصل الى حلول نهائية دون موافقة رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب».
المقررات الرسمية
ترأس الرئيس الحريري عند السادسة والنصف من مساء أمس في السراي الحكومي الجلسة الاستثنائية لمجلس الوزراء المخصصة لمناقشة موضوع إبطال المجلس الدستوري لقانون الضرائب.
بعد الجلسة التي انتهت عند الثامنة والنصف مساء، تلا الوزير الرياشي المقررات كالآتي:
عقد مجلس الوزراء جلسة استثنائية مساء اليوم (أمس) في السراي الحكومي برئاسة دولة الرئيس سعد الحريري، وتبنى مجلس الوزراء مجتمعاً كلام رئيس الحكومة الذي قال في بداية الجلسة ما يلي: «الحكومة مصممة على تنفيذ سلسلة الرتب والرواتب، فهي مؤتمنة على تنفيذ القوانين والتشريعات التي يسنها المجلس النيابي، والحكومة مؤتمنة أيضاً على الدستور والمؤسسات، وهي بذلك تحترم قرار المجلس الدستوري إبطال القانون الذي يمول السلسلة، والحكومة مؤتمنة كذلك على مصالح كل لبناني وكل لبنانية، ومن أهمها الاستقرار النقدي والمالي الذي يضمن قيمة مداخيل اللبنانيين ومدخراتهم».
وتابع الرئيس الحريري: «ضمن هذه المعادلة، نجتمع اليوم في جلسة استثنائية لمجلس الوزراء لوضع خريطة طريق تحل المسألة بأسرع وقت ممكن بالتعاون مع المجلس النيابي الكريم».
وبعد المداولات، رفع رئيس الحكومة «الجلسة لتعقد جلسة ثانية استثنائية يوم الثلاثاء (غداً) الساعة الحادية عشرة والنصف صباحا، استكمالا للبحث والخروج بقرارات مهمة على هذا الصعيد».
سئل: كيف كانت النقاشات داخل الجلسة، هل كانت هناك وجهات نظر مختلفة؟.
أجاب: «الاتجاه واحد بين كل الوزراء، هناك تضامن وزاري ظهر واضحاً وجلياً للغاية من أجل الوصول إلى حل لمسألة تمويل السلسلة والإصرار عليها. وانتظروا قرارات مهمة يوم الثلاثاء بإذن الله».
سئل: هل سيكون الحل بتعليق العمل بالسلسلة لمدة شهر؟.
أجاب: «الحل سيصدر يوم الثلاثاء (غداً) بعد جلسة مجلس الوزراء».
المصدر: صحف