خلصت دراسة استقصائية أعدّها “المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية” في لندن، وصدرت يوم الأربعاء الماضي، إلى أنّ مجلس التعاون الخليجي بدأ “يفكّك نفسه” نتيجة للصدع الذي حدثته الأزمة الخليجية، مفيداً أن الإجراءات التي اتخذتها كل من الرياض وأبوظبي والمنامة تجاه الدوحة قد تفضي به إلى “التلاشي”. وأشارت الورقة البحثية، على وجه التحديد، إلى أن الإمارات طرحت علنًا مسألة مغادرة قطر مجلس التعاون.
ومن ضمن السيناريوهات التي يمكن أن تنطوي على ذلك، التفكك، كما تستشرف الدراسة، احتمالَ خروج قطر من المجلس الذي يضمّ، حتّى الآن، ستّ دول خليجية، وهو ما أشارت إليه الدراسة بمصطلح “كويكست”، على غرار مصطلح “بريكست” الذي يحيل إلى مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي. أمّا السيناريو الثاني فيتمثّل في إمكانية انهيار ما وصفته الورقة بـ”المؤسسة الإقليمية الوحيدة التي بدت على الأقل مستقرّة بصورة معقولة”.
لكن في مقابل ذلك كله، فإنّ المستقبل الغامض بالنسبة لمجلس التعاون الخليجي هو ما احتلّ الجزء الأبرز من الدراسة، لا سيما أنّ مصيره يشغل الدول الغربية التي لها علاقات اقتصادية واستراتيجية راسخة في المنطقة. وفي هذا السياق تحديدًا، تبرز الدراسة أن المجلس بدأ “يفكك نفسه” بعد أن قدّمت السعودية والإمارات والبحرين قائمة مطالب لقطر، بالتزامن مع إغلاق حدودها المشتركة معها وقطع العلاقات.
وتلفت إلى أن الكويت، وهي العضو في المجلس أيضًا، قدّمت نفسها وسيطًا في الأزمة، بينما حافظت عُمان، العضو الآخر، على علاقاتها مع الدوحة.
وتتابع الوثيقة مستدركة بأن مصطلح “كويكست لم يتحوّل بعد إلى لفظ تعبيري مقبول، غير أنّ هذا المفهوم كان أحد الاحتمالات التي تمّت مناقشتها بشكل موسّع من قبل العديد من الشخصيات المؤثرة”.
تحالفات جديدة
عطفًا على ما سبق، يقول المدير العام للمعهد البحثي، جون شيبمان، إن دولة الإمارات كانت تناقش علنًا مسألة مغادرة قطر مجلس التعاون الخليجي، وتجادل في تأليف “مجموعة جديدة من التحالفات”، معقبًا على ذلك بأن “الأضرار التي ستلحق بمجلس التعاون (من جرّاء ذلك) قد تكون دائمة، وربّما تؤدي إلى تلاشي المجلس”.
لكن الدراسة تشير أيضًا إلى أنّ المنظمات الإقليمية عادة ما تكون مدعومة بقوّة من أعضائها الأكثر قوّة، والسعودية “قد تخلص إلى الرأي القائل بأن تمزيق مجلس التعاون ليس فكرة ذكية من الناحية الاستراتيجية”.
هذا هو الرأي السائد في واشنطن ولندن، كما يعقّب موقع “ميدل إيست آي”، فالعاصمتان “القلقتان” تربطهما مصالح استراتيجيّة بدول الخليج كافة. فالسعوديّة، على سبيل المثال، هي سوق الأسلحة الأكثر تحقيقًا للأرباح بالنسبة للمملكة المتّحدة، غير أنّ هذه الأخيرة لا تزال تطمح إلى تطوير علاقات دفاعية وأمنية أكثر قربًا مع دول الخليج الأخرى، بما فيها قطر، بما يشمل أيضًا مبيعات أسلحة.
ويبرز الموقع، في هذا السياق، أن قطر وبريطانيا وقّعتا قبل ثلاث سنوات على اتفاقية أمنية لمواجهة التنظيمات المتطرّفة، بالإضافة إلى مكافحة الهجمات الإلكترونية.
وأخيرًا في هذا الشهر أيضًا، وقّع وزير الدفاع البريطاني، مايكل فالون، مع نظيره القطري، خالد العطية، على “خطاب نوايا” مع قطر، والذي أعلنته المملكة المتّحدة باعتباره أول عقد رئيسي للأسلحة بين الدولتين، ويقتضي شراء 24 من طائرات “تايفون” القتالية التي تصنّعها بريطانيا، وكانت قد أقنعت بالفعل كلًّا من السعودية وعمان والكويت بشرائها. تلك الاتفاقية، بحسب تصريح فالون، ستوفّر “فرصة لتعزيز أمن كافة الشركاء في مجلس التعاون الخليجي”.
المصدر: العربي الجديد